خوف الطفل الرضيع من الغرباء

Dr. Samir A

طبيب ممارس عام
خوف الطفل الرضيع من الغرباء Strangers Fear

يتعلق الرضيع تعلقاً وثيقاً بالأشخاص الذين يحققون له حاجاته الغذائية الأساسية، ولكن يستحوذ الخوف على الطفل بعد شهر واحد من ظهور هذه العلاقة، فيبدأ يخشى من الأشخاص الذين يقتربون منه مع أنه كان يقبلهم سابقاً، ونقصد بذلك خوف الطفل من الغرباء.

ففي أثناء الأسابيع الأولى يتجاوب الطفل بالطريقة نفسها مع جميع الأشخاص الذين يتعاملون معه، ولكنه يشرع منذ الشهر الثالث بعملية اختيار الناس الذين يحيطون به. وتتمثل النتيجة الأولى من خوف الطفل هذا في تجاوبه البطيء مع ابتسامة الغريب. ومع مرور الزمن يبطئ الطفل في التجاوب حتى يصل إلى حد يكف فيه عن هذا التجاوب، ويستبدل به خوفاً شديداً من الغرباء بين الشهرين الثامن والثاني عشر. وإن هذا النوع من عملية الاختيار الاجتماعي يدفع الطفل إلى مزيد من التعلق بأسرته وبالناس الذين يحيطون به كل يوم.

وواقع الأمر أن رفض الطفل أو قبوله للناس، وقدرته على التمييز بين الأشخاص، كل ذلك يعتمد على استجابته للمعلومات المتوافرة لديه عنهم. ومهما يكن من أمر فيجب ألا نتوقع من الأطفال جميعا أن يكون لديهم رد فعل واحد، فبعضهم يبتسم في وجه الغرباء من دون إبطاء. ورفض الطفل لهذا الاتصال بالناس لا يدل على موقف ثابت من جانبه، إذ يتغير هذا الموقف في البيئة أو الوسط الذي يعيش فيه، وذلك بحسب الأشخاص والأشياء التي يتصل بها.

كما أن الناس الذين يتصلون بالطفل أو يرعونه قد يسرعون أو يؤخرون تماسه ودخوله إلى العالم الخارجي من خلال دمجه أو عزله عن البيئة المحيطة. وتعد هذه قاعدة أساسية تؤثر في مراحل التعليم كافة التي يمر بها الطفل، فقدرة الطفل على النمو وتصور الأشخاص الذين اعتاد التعلق بهم حتى في أثناء غيابهم، والأمان الذي يستمده من هذا التعلق، وكذلك محاولاته الأولى للاستقلال الذاتي، كل ذلك يقربه بصورة متزايدة من مواقف جديدة، ومن أناس لا يعرفهم.

إن الأم هي التي تستطيع إرشاد طفلها ودفعه إلى خبرة اجتماعية أكثر نضجاً، وهي التي تعرفه أيضاً على خبرات عاطفية جديدة تساعده على الاختيار، وتمنحه الثقة اللازمة لتنفيذ المحاولات الأولى في التكيف الاجتماعي . ونتيجةً لذلك يتناقص خوف الطفل من الغرباء بصورة طبيعية، وتستمر أمه بأداء دور جوهري خلال هذه المرحلة من الخوف والعداء نحو الغرباء.