استشارة طبية رقم 78903
زائر
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :«يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ». فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ، فَقَالَ : أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَفَعَلَ([1]). وفي رواية «ذاق طعم الإيمان» .
سبحانك اللهم وبحمدك
تبارك اسمك وتعالى جدك و لا إله غيرك
قال الله سبحانه و تعالى:
((مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم
بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )) [النحل: 97].
من أراد السعادة والهناء فعليه بهذه المعادلة:
العمل الصالح + الإيمان = الحياة الطيبة
هذا هو طريق الحياة السعيدة الهانئة، القانعة المطمئنة، التي هي مطلب الناس أجمعين، وقد أوجزت هذه الآية مقومات هذه الحياة، ورسمت معالمها، في إيجاز معجز، مع وفاء كامل بالمعنى ..
وبالتأمل نجد هذه الآية قد جاءت بين آيتين أولاهما : تتحدث عن الدنيا وحقارتها، وأنها فانية زائلة، وأن ما عند الله خير وأبقى، قال تعالى: (( مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ))[النحل96]،
وتلتها آية تتحدث عن الشيطان، وتأثيره على الإنسان وصده عن سبيل الهداية القرآن، وتبين الطريق للخلاص من شره، قال تعالى: (( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ))[النحل98]،
وكأن موانع الحياة الطيبة تكمن في حب الدنيا ومغرياتها وشهواتها، واتباع الشيطان وشبهاته وتسويلاته، وبالسلامة من هذين المرضين تكون السعادة، والحياة الطيبة، التي جمعت هذه الآية أطرافها ورسمت للسالكين طريقها.
وقد اشتملت هذه الآية على مقومات الحياة الطيبة موجزةً في أمرين، هما:
1-العمل الصالح
2-الإيمان
وقد جاء عرض هذه المقومات على النحو التالي:
(مَنْ عمل)، (مَنْ) اسم موصول مشترك، يُلمح فيه الشرط، ويدخل في حيزه الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والقليل والكثير، ولو قيل: (الذي) لاقتصر على الذكر الواحد، أو قيل: (التي) لكان للمؤنثة الواحدة، أو قيل: (اللذين) لكان لجماعة الذكور، أو قيل: (اللاتي) لكان لمجموع الإناث، وهكذا، فكان هذا الموصول ( مَنْ) يشمل كل ذلك مع فضيلة الإيجاز، زيادة على ما فيه من خصوصية التساوي وعدم التمايز إلا بالعمل الصالح لا بالنوع، أو السن، أو العدد.
( عَمِل ) التعبير هنا بالفعل الماضي، دلالة على سبق العمل لاستحقاق الحياة الطيبة، وهذا يعني أنه لابد من العمل والصبر عليه والمداومة على فعله، حتى يحسن وصف صاحبه بأنه (عمل صالحاً)، ولو قيل بالمضارع: (يعمل صالحاً )، لأفهم ذلك أن الموصوف به كان خاليا من العمل الصالح فيما مضى، وأنه سيبدأ من ساعته هذه، ويستمر.
(صالحاً) وصف لكلمة (عملاً) المحذوفة المدلول عليها بالفعل (عمل)، وفي حذف هذه الكلمة إيماء إلى أن الاهتمام متوجه إلى الصفة (صالحاً)، أكثر من الموصوف(عملاً) لأن كل الناس يعملون، والعبرة ليست بالعمل، بل بكونه صالحا،لأنه هو المثمر للحياة الطيبة والمؤثر فيها.
وصلاح العمل وصف له ممن شرعه سبحانه، فلابد-إذا- أن يكون مطابقاً لما أمر به الشرع من جهتين: الإخلاص، بأن يكون لله وحده، والمتابعة: بأن يكون على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه أفهم الخلق لمراد الله عز وجل، وبهذا يكون العمل صالحاً، وبالتالي يكون مقبولاً، ومن ثَمّ يكون سبباً في سعادة الإنسان.
( مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى ) هذا تخصيص للتعميم الوارد في (مَنْ عمل) لدخوله في عموم الاسم الموصول، وذكر الخاص بعد العام يعني الاهتمام بذلك الخاص والعناية بشأنه، فكان في ذكر (الذكر والأنثى) اهتمام بالنوع من حيث (الذكورة والأنوثة)، لأن الرجال قد يكونون أظهر حالاً من النساء في الأعمال الصالحة في الجملة، فالمرأة أحياناً لا تصوم ولا تصلي، وقد لا يكون مجال العمل الصالح أمامها متاحا بالقدر الذي يكون للرجل، وخصوصا في مثل: الجهاد والعلم والكسب، لهذا نُص هنا على النوع لبيان أن الأعمال المطلوبة منها كافية للحصول على الحياة الطيبة إذا قامت بها.
كما أن دخول (مِِنْ) الجارة دون أن يقال: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً ذَكَرا أَوْ أُنثَى )، فيه عناية بأبعاض هذين النوعين (الذكور والإناث) أي: أي أحد منهم، وفيه أيضا بيان أن مصدر ومبدأ العمل يكون منهما على حد سواء، فليس الأمر هنا منصرفاً إلى العدد وكثرته، ولا إلى جنس القائم به، بل إلى صلاح العمل، وقيام المكلف به على الوجه المطلوب منه، وفي هذا إيقاظ للمسئولية الفردية، وتنويه بشأنها في إسعاد المجتمع كله، وإلماح إلى أن سعادة الفرد هي لبنة في سعادة الكل.
وقيل بل (مَنْ) الموصولة غالباً ما يُقصد بها ذكور، لأجل هذا تم النص على الإناث هنا.
ومجيء (أو) دون الواو في قوله تعالى
مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى ) بأن يقال: ( مِّن ذَكَرٍ و أُنثَى ) ؛ لبيان أن حصول ذلك من أحدهما ليس مربوطاً بحصوله من الآخر، فقد تحصل المرأة على تلك الحياة، ولا يحصل عليها الرجل، أو العكس وهكذا، ولو قيل بالواو (مِّن ذَكَرٍ وأُنثَى) لربما أوهم ذلك ضرورة الاشتراك بينهما في فعل العمل الصالح، وقد يكون في هذا من إشعال المنافسة في كسب تلك الحياة ما يدفع إلى مزيد من العمل الصالح الحرص على حسنه وقبوله.
وذكر الرجل والمرأة بعنوان الذكورة والأنوثة(ذكر، أنثى) دون أن يكون الكلام: (من رجل وامرأة) ؛ لأن الذكورة والأنوثة أظهر في تمييز هذين الجنسين من حيث الأصل، والأوصاف الأخرى تأتي للتمييز بينهما في مراحل لاحقة، كما أن هذين الوصفين يحققان التمييز المذكور المربي للمسؤولية الفردية من غير إشعار بمدحٍ أو ذم، وهذا هو المراد هنا، والله أعلم.
( وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) هذه جملة حالية وقعت قيداً لما سبق،وهذه الجملة مكونة من ضمير الغائب المنفصل
هو) العائد على (مَنْ عمل) باعتبار الجنس، أي جنس من يعمل ذلك، وهو مبتدأ و (مؤمن) خبر، وهذا التركيب (وهو مؤمن) فيه توكيد بسبب تكرار الإسناد، فالإيمان فيه مسند إلى فاعله المعنوي مرتين: مرة على أنه خبره، ومرة على أنه فاعله؛ لأن اسم الفاعل يعمل عمل فعله، فهذا التركيب في قوة (مؤمنا مؤمنا)، وقد يقال لماذا جاءت الحال جملة ولم تكن (من ذكر أو أنثى مؤمنين)، أو (مؤمناً، ومؤمنة) ؟ لو قيل ذلك ؛ لأنصرف الحال إلى واحد من الذكر أو الأنثى، والمراد أن ينصرف إلى (مَنْ عمل) لأنه الأعم والأشمل، ولا يقوم بذلك إلا الجملة ( وهو مؤمن )، وإنما قيل (مؤمن) بالاسم دون (يؤمن) بالفعل لبيان أن المطلوب أن يكون الإيمان صفة ثابتة فيه، مستقرة في قلبه، لا أنه متغير متحول.
إلى هذا الحد انتهى ما يخص مقومات الحياة الطيبة، انتهى ما يخص الشرط المفهوم من الموصول ( مَنْ)، انتهى ما يخص المطلوب من المخلوق وبقي الجزاء والجواب والعطاء الرباني:
..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :«يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ». فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ، فَقَالَ : أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَفَعَلَ([1]). وفي رواية «ذاق طعم الإيمان» .
سبحانك اللهم وبحمدك
تبارك اسمك وتعالى جدك و لا إله غيرك
قال الله سبحانه و تعالى:
((مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم
بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )) [النحل: 97].
من أراد السعادة والهناء فعليه بهذه المعادلة:
العمل الصالح + الإيمان = الحياة الطيبة
هذا هو طريق الحياة السعيدة الهانئة، القانعة المطمئنة، التي هي مطلب الناس أجمعين، وقد أوجزت هذه الآية مقومات هذه الحياة، ورسمت معالمها، في إيجاز معجز، مع وفاء كامل بالمعنى ..
وبالتأمل نجد هذه الآية قد جاءت بين آيتين أولاهما : تتحدث عن الدنيا وحقارتها، وأنها فانية زائلة، وأن ما عند الله خير وأبقى، قال تعالى: (( مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ))[النحل96]،
وتلتها آية تتحدث عن الشيطان، وتأثيره على الإنسان وصده عن سبيل الهداية القرآن، وتبين الطريق للخلاص من شره، قال تعالى: (( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ))[النحل98]،
وكأن موانع الحياة الطيبة تكمن في حب الدنيا ومغرياتها وشهواتها، واتباع الشيطان وشبهاته وتسويلاته، وبالسلامة من هذين المرضين تكون السعادة، والحياة الطيبة، التي جمعت هذه الآية أطرافها ورسمت للسالكين طريقها.
وقد اشتملت هذه الآية على مقومات الحياة الطيبة موجزةً في أمرين، هما:
1-العمل الصالح
2-الإيمان
وقد جاء عرض هذه المقومات على النحو التالي:
(مَنْ عمل)، (مَنْ) اسم موصول مشترك، يُلمح فيه الشرط، ويدخل في حيزه الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والقليل والكثير، ولو قيل: (الذي) لاقتصر على الذكر الواحد، أو قيل: (التي) لكان للمؤنثة الواحدة، أو قيل: (اللذين) لكان لجماعة الذكور، أو قيل: (اللاتي) لكان لمجموع الإناث، وهكذا، فكان هذا الموصول ( مَنْ) يشمل كل ذلك مع فضيلة الإيجاز، زيادة على ما فيه من خصوصية التساوي وعدم التمايز إلا بالعمل الصالح لا بالنوع، أو السن، أو العدد.
( عَمِل ) التعبير هنا بالفعل الماضي، دلالة على سبق العمل لاستحقاق الحياة الطيبة، وهذا يعني أنه لابد من العمل والصبر عليه والمداومة على فعله، حتى يحسن وصف صاحبه بأنه (عمل صالحاً)، ولو قيل بالمضارع: (يعمل صالحاً )، لأفهم ذلك أن الموصوف به كان خاليا من العمل الصالح فيما مضى، وأنه سيبدأ من ساعته هذه، ويستمر.
(صالحاً) وصف لكلمة (عملاً) المحذوفة المدلول عليها بالفعل (عمل)، وفي حذف هذه الكلمة إيماء إلى أن الاهتمام متوجه إلى الصفة (صالحاً)، أكثر من الموصوف(عملاً) لأن كل الناس يعملون، والعبرة ليست بالعمل، بل بكونه صالحا،لأنه هو المثمر للحياة الطيبة والمؤثر فيها.
وصلاح العمل وصف له ممن شرعه سبحانه، فلابد-إذا- أن يكون مطابقاً لما أمر به الشرع من جهتين: الإخلاص، بأن يكون لله وحده، والمتابعة: بأن يكون على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه أفهم الخلق لمراد الله عز وجل، وبهذا يكون العمل صالحاً، وبالتالي يكون مقبولاً، ومن ثَمّ يكون سبباً في سعادة الإنسان.
( مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى ) هذا تخصيص للتعميم الوارد في (مَنْ عمل) لدخوله في عموم الاسم الموصول، وذكر الخاص بعد العام يعني الاهتمام بذلك الخاص والعناية بشأنه، فكان في ذكر (الذكر والأنثى) اهتمام بالنوع من حيث (الذكورة والأنوثة)، لأن الرجال قد يكونون أظهر حالاً من النساء في الأعمال الصالحة في الجملة، فالمرأة أحياناً لا تصوم ولا تصلي، وقد لا يكون مجال العمل الصالح أمامها متاحا بالقدر الذي يكون للرجل، وخصوصا في مثل: الجهاد والعلم والكسب، لهذا نُص هنا على النوع لبيان أن الأعمال المطلوبة منها كافية للحصول على الحياة الطيبة إذا قامت بها.
كما أن دخول (مِِنْ) الجارة دون أن يقال: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً ذَكَرا أَوْ أُنثَى )، فيه عناية بأبعاض هذين النوعين (الذكور والإناث) أي: أي أحد منهم، وفيه أيضا بيان أن مصدر ومبدأ العمل يكون منهما على حد سواء، فليس الأمر هنا منصرفاً إلى العدد وكثرته، ولا إلى جنس القائم به، بل إلى صلاح العمل، وقيام المكلف به على الوجه المطلوب منه، وفي هذا إيقاظ للمسئولية الفردية، وتنويه بشأنها في إسعاد المجتمع كله، وإلماح إلى أن سعادة الفرد هي لبنة في سعادة الكل.
وقيل بل (مَنْ) الموصولة غالباً ما يُقصد بها ذكور، لأجل هذا تم النص على الإناث هنا.
ومجيء (أو) دون الواو في قوله تعالى

وذكر الرجل والمرأة بعنوان الذكورة والأنوثة(ذكر، أنثى) دون أن يكون الكلام: (من رجل وامرأة) ؛ لأن الذكورة والأنوثة أظهر في تمييز هذين الجنسين من حيث الأصل، والأوصاف الأخرى تأتي للتمييز بينهما في مراحل لاحقة، كما أن هذين الوصفين يحققان التمييز المذكور المربي للمسؤولية الفردية من غير إشعار بمدحٍ أو ذم، وهذا هو المراد هنا، والله أعلم.
( وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) هذه جملة حالية وقعت قيداً لما سبق،وهذه الجملة مكونة من ضمير الغائب المنفصل

إلى هذا الحد انتهى ما يخص مقومات الحياة الطيبة، انتهى ما يخص الشرط المفهوم من الموصول ( مَنْ)، انتهى ما يخص المطلوب من المخلوق وبقي الجزاء والجواب والعطاء الرباني:
..
بيانات الاستشارة