استشارة طبية رقم 78917
زائر
الخوف من زيارة الطبيب النفسي
الخوف من زيارة الطبيب النفسي لا يزال واسع الانتشار في مجتمعنا ..على الرغم من التطورات والتغيرات الايجابية في ميدان الوعي الطبي والصحي العام، وتطور الخدمات الصحية والطبية في مختلف الفروع الطبية غير النفسية..
وفي تحليل هذه الظاهرة لابد من التطرق إلى عدة أمور..
الخوف من نظرة المجتمع ونظرة الآخرين..
ويتمثل ذلك بالكتمان والسرية والتحفظ وتحمل المعاناة النفسية من قبل المريض نفسه أو أهله المقربين. ويرتبط ذلك بالطبع بالنظرات السلبية في المجتمع للمعاناة النفسية وأنها مرادفة " لفقدان العقل ". ويبرز ذلك بشكل أوضح في البيئات الريفية حيث يعرف الناس بعضهم بعضاً عن قرب.. وربما كان الوضع أفضل في بيئة المدينة الواسعة حيث يقل الترابط الاجتماعي. ويبدو أن المرآة تتعرض للمزيد من الضغوط في حال معاناتها النفسية لاعتبارات تتعلق بمستقبلها في الزواج، حيث يبذل الأهل جهوداً كبيرة لإخفاء المرض أو تلفيق الأعذار لها عن معاناتها.
وينتج عن المبالغة في الخوف من نظرة المجتمع ونظرة الآخرين التأخير في عرض الحالة على الطبيب النفسي.. وبعضهم يراجع الطبيب بعد عشر سنوات على ظهور المرض.. ويؤدي ذلك إلى أزمان المرض وصعوبات علاجه، إضافة للمعاناة والألم دون داع مقبول، ولابد هنا من التأكيد على القاعدة الذهبية العامة في كل فروع الطب " أن العلاج المبكر هو الأفضل دائماً ".
وكثير من الأمراض أصبحت مقبولة اجتماعياً مثل السكري وارتفاع الضغط وقرحة المعدة وغيرها.. ولا يشعر المصاب بها بالعيب والعار وضرورة كتمان أعراضه ومعاناته.. ويعتبر نفسه غير مدان أخلاقياً إذا كانت معدته تتقرح.. بينما إذا تعبت أعصابه وقدراته على الاحتمال وصار مكتئباً فهو مدان.. وهذا غير منطقي وغير مقبولا بالطبع.. وجسد الإنسان وأعضائه وأمراضه موضوع شخصي وليس اجتماعي.. وهو يمر بأوقات صحة ومرض وهو يسعى نحو الصحة باستمرار وهذا حقه الطبيعي ولا يجوز أن يرتبط ذلك بالعيب والعار.. وعلى المجتمع أن يعينه من خلال مؤسساته الصحية المتنوعة، وعندما يعاني ويتألم ويمرض فهو يحتاج إلى العلاج الطبي المناسب، وإلى العون والمواساة والدعاء للتخفيف من مرضه ومعاناته من قبل الأهل والأصدقاء والزملاء.
الجهل
يلعب الجهل دوراً واضحاً في الخوف من كل ما هو نفساني.. وهنا يأتي دور المعلومات الخاطئة الشائعة المرتبطة بالأمور النفسية والتي تحتاج إلى تصحيح وتعديل.. وكلما ازدادت الثقافة العامة والثقافة الصحية والنفسية كلما كان الوضع أفضل. وتتعدد المعلومات الخاطئة الشائعة حول الأمور النفسية وبعضها يتعلق بتحديد المرض النفسي وميدان الطب النفسي وأنه يرتبط بالجنون أو التخلف العقلي أو إدمان المواد الإدمانية.. وفي ذلك نظرة ضيقة وقديمة ولا تتناسب مع واقع الطب النفسي والتطور الكبير الذي حدث فيه خلال العقود الماضية من حيث الاهتمام بالاضطرابات النفسية الصغرى مثل القلق ونوبات الهلع والإكتئاب والوسواس القهري والمخاوف المرضية واضطرابات التكيف وغيرها.. والتي لا علاقة لها بالاضطرابات النفسية الكبرى مثل الفصام والهوس الشديد والاضطراب الذهاني ( والتي تصل في شدتها إلى ما يسمى خطأ بالجنون ).
وبعض المعلومات الخاطئة يرتبط بالنظرة إلى الأدوية النفسية وأنها تسبب الإدمان أو أنها تستعمل مدى الحياة في كل الحالات.. وبالطبع هذه النظرة خاطئة وهناك أكثر من 150 دواءً نفسياً وعدداً من الزمر الدوائية العلاجية لا تنطبق مسألة الإدمان إلا على زمرة المهدئات الصغرى ( أو المنومات ) إذا استعملت فترات طويلة ودون متابعة الطبيب.. وعلى أية حال هناك تضخيم واضح لهذه المسألة في أذهان العامة والخاصة.. والتعود الذي يحدث من استعمال المنومات يمكن التعامل معه بتخفيف الجرعات تدريجياً ولا يقارن بمشكلاته مع إدمان المواد المحظورة عالمياً.. وتبقى المشكلة وهي محدودة بالطبع عند من يدمن على المواد المحظرة عالمياً ويستعمل إضافة لها المنومات.
بيانات الاستشارة