استشارة طبية رقم 76446
زائر
تشمل الحبوب كل من الشعير والقمح والذرة، وتكتسي نفس الأهمية من الناحية الغذائية، كما تدخل في إطار التنوع والتكامل الغذائي. والحبوب هي الأًصل في التغذية بالنسبة للإنسان وليست اللحوم، كما قد يزعم الطب الحديث. ولم تظهر الأمراض المزمنة المستعصية على العلاج الطبي إلا مؤخرا، لما اختل ميزان التغذية، وكان هذا الاختلال أن بطل الناس الحبوب، وأصبحوا يتغذوا على اللحوم. والرجوع إلى الحبوب ربما يعود بالأمور إلى أصلها، والأكيد أن لا علاج مع التمادي في عدم احترام ميزان التغذية. وربما يكون العلاج أحسن بالنسبة للذين أصيبوا بهذه الأمراض، لو يرجعوا للنظام الغذائي السليم، الذي يرتكز على الحبوب وزيت الزيتون والفواكه وكذلك بعض الخضر.
وتناول الشعير ضروري للجسم لكن الناس يهملونه، وكذلك تناول الذرة، لكن الذرة البلدية المحلية وليست الذرة المستوردة، والذرة تستهلك كما تستهلك الحبوب، أي إما على شكل خبز أو حساء أو كسكس. ولا يقبل استهلاك الذرة المشوية على شكل بوب كورن. أما بالنسبة للمصابين بأمراض مزمنة، فالشعير هو المادة الوحيدة التي توافق كل الأمراض، ما عدا المصابين بإسهال سيلياك. أما أصحاب السكري والسرطان فالشعير يصبح من الضروريات التي تساعد على عدم تقدم المرض.
والشعير يستهلك على عدة أشكال، إما خبز مخمر، أو كسكس، أو حساء مع الحليب والسمن، أو الزبدة البلدية الطبيعية، أو لمن لا يجد هذه المواد زيت الزيتون. ونلاحظ أن النظام الغذائي، الذي كان يتبعه أجدادنا يوافق النظام السليم في التغذية. ونلاحظ كذلك أن ظهور الأنيميا أو نقص في الفايتمينات و الأملاح المعدنية، لم يكن معروفا بتاتا من قبل. ويرجع ذلك لتنوع الأغذية وتكاملها. والشعير قد يستهلك مع لبن الخض - اللبن المخمر- وهي أسمى وجبة غذائية في علم الحمية، ويطلق عليها اسم السيكوك في المغرب، ولا ندري من أين أتى هذا المصطلح رغم بحثنا في الموضوع. والسيكوك هو كسكس الشعير المطهي بالبخار بنفس الطريقة التي يحضر بها الكسكس العادي، لكن عوض المرق، يصب عليه لبن الخض المخمر ويؤكل. وهي الوجبة التي كانت أكثر استهلاكا في السنة، لأنها موسمية وتكون في فصل الربيع وبداية فصل الصيف حيث يكثر اللبن، وتمتد الفترة من شهر مارس تقريبا إلى شهر يوليوز، وفي هذه الفترة تكون الحرارة مرتفعة، ويكون العمل شاقا، لأنه فصل الاعتناء بالحقول وجمع الغلة، ويحتاج الناس إلى منعشات ومغذيات في نفس الوقت، وهو ما كانوا يجدونه في وجبة السيكوك.
ونفس الأشكال كانت تستهلك عليها الذرة البلدية، التي كانت تسد حاجة جل سكان البادية، واستهلاك الذرة كان يبدأ من شهر شتنبر إلى شهر ابريل، بعده يبدأ استهلاك الشعير، والذرة كانت طعام المؤنة في البادية، وكذلك الشعير، والمؤنة هي إطعام الشغالين في الحقول أثناء موسم الحصاد على الخصوص، لما كانت تستعمل اليد العاملة بدل الآلات الفلاحية، ولم يكن معروفا طعام غير وجبة السيكوك، وغالبا ما يكون بالذرة، وفي غياب الذرة يستعمل الشعير. واستهلاك الذرة بالنسبة للأطفال كان جاريا وعاديا. ولذلك لم تكن الأمراض المترتبة عن التغذية كالأنيميا والسيلياك والحساسية ونقص النمو ونقص التركيز معروفة. والذرة تحتوي على عوامل النمو بالنسبة للأطفال، وهناك مكونات غذائية للطفل لا يمكن الاستغناء عنها.
ولم تعد جودة القمح كما يعلمها الناس، أو كما قد ينصح بها بعض المهتمين بالتغذية الطبيعية. فالبلدان العربية على الخصوص تستورد القمح بنوعيه الطري والصلب، ويعتبر القمح الصلب أعلى درجة من القمح الطري، وترتفع نسبة البروتينات بالقمح الصلب بالمقارنة مع القمح الطري، بينما يرتفع النشا في هذا الأخير. والقمح يستهلك لأن لا غنى عنه، وجودة القمح المستورد ليست عالية، ولذلك نتحفظ عن استخراج نبتة القمح من هذا النوع من القمح. ويجب ألا يكون هناك تسرع لأن هذا التسرع هو الذي أدى إلى بعض الكوارث، ومنها الضجة التي أحدثها الاسبانخ كمصدر للحديد، حتى بلغ الأمر إلى بعض الكرتونات للأطفال في السينما، لحت الأطفال على تناول الإسبانخ، ولو نصحوا الناس بتناول البطاطا الحلوة لكان أحسن. ولو كان القمح طبيعيا كما كان من قبل، لنصحنا بنبتة القمح، واستعمالها لأغراض علاجية. والقمح المحلي أصابه كذلك تغيير لأن البذور مستوردة، ولا نأمن هذه الحبوب بالنسبة لنبتة القمح، لأن هذه النبتة يجب أن تكون من حبوب خالية من المبيدات، ولم يصبها انتقاء جيني أو تغيير وراثي. وكل من يتكلم عن علم التغذية يجب أن يكون باحثا في الميدان، وليس باحثا في المعطيات، فربما كانت بعض المواد سامة ومضرة بسبب تقنيات الإنتاج، لكنها تظهر مفيدة في الكتب أو المنشورات.
واستهلاك القمح المعهود هو على شكل خبائز أو كسكس، وربما يكون على شكل مكرونات. وكانت بعض الأشكال الأخرى التي أخذت تندثر وهي أرقى الأشكال التي يجب أن يستهلك عليها القمح، وهذه الأشكال كانت في كل الدول العربية، لأن التغذية العربية كانت موحدة وموروثة ونابعة من أصل واحد. ونستسمح لكل الإخوة في البلدان العربية على إعطاء بعض المصطلحات المحلية. ونذكر من بين الوجبات التي كانت تحضر من القمح الصلب على الخصوص لأنه كان موجودا بكثرة وبشتى أنواعه، إذ كان هناك خمسة وستون نوعا من القمح إبان فترة الاستعمار، ويوجد منها عينات بالمتحف الفرنسي بباريس. وقد أصبح تحضير هذه الوجبات ناذرا إلا في الأرياف المغربية والمناطق الجبلية على الخصوص. وهذه الوجبات هي الحساء، والكسكس والخبز. وقد كان القمح يستهلك على أشكال عديدة من ذي قبل. وأهم الأشكال التي كان يستهلك عليها القمح، والتي كانت سائدة في المجتمعات القديمة، نجد القمح المنقوع في الماء ونبتة القمح، وهذا الشكل من أسمى ما يمكن أن يستهلك عليه القمح، لأن نقع الحبوب في الماء لمدة تفوق اليومين، يجعل القمح ينتفخ ويمتص الماء من حيث تبدأ الأنزيمات في نشاطها، نظرا لوجود النشاط المائي الملائم، وحيث تبدأ الأنزيمات في النشاط، تأخذ المكونات في التحول، من حيث تعمل المالطيز على حل النشا، والليبيز على حل الدهنبات الموجودة في النبتة، وكذلك الأكسيديز والكطليز، وترتفع الفايتمينات، وتحرر الأملاح المعدنية تحت تأثير الفيتاز. وكل هذه التحولات تجعل القمح يتحول من غذاء إلى غذاء ودواء. وقد تطهى الحبوب بعدما تنتفخ، أو قد تبقى لمدة أطول لتنبت وتخرج الأوراق الأولى والجذور، وهذه المرحلة تجعل القمح يتحول من حبوب عادية إلى منتج من جودة عالية من حيث المغذيات، وهذا الشكل يجعل من الحبوب أهم مادة غذائية. ولكن لا نجد هذه الأشكال حاليا لأن الخبرة تلاشت، ومع التحول الاجتماعي والموضة التي قضت على كل شيء، فإن القمح المنقوع ونبتة القمح باتوا في خبر كان.
وبعض الأشكال التي كانت سائدة في كل البلدان العربية، وهي حساء القمح في الحليب، وكذلك مزج سميد القمح المطهي بالبخار بلبن الخض. وهذه الوجبة لا تضاهيها أية وجبة غذائية، وهي كذلك في غاية ما يمكن أن يوصف أو ينصح به كوجبة للأطفال من الناحية العلمية. فالوجبة بسيطة لكنها تتطلب خبرة جيدة، لأن الصعوبة تكمن في تهييء كسكس القمح، ويجب أن يكون طريا، من حيث لا يمكن أن يستعمل الكسكس المجفف.
يتبع
وتناول الشعير ضروري للجسم لكن الناس يهملونه، وكذلك تناول الذرة، لكن الذرة البلدية المحلية وليست الذرة المستوردة، والذرة تستهلك كما تستهلك الحبوب، أي إما على شكل خبز أو حساء أو كسكس. ولا يقبل استهلاك الذرة المشوية على شكل بوب كورن. أما بالنسبة للمصابين بأمراض مزمنة، فالشعير هو المادة الوحيدة التي توافق كل الأمراض، ما عدا المصابين بإسهال سيلياك. أما أصحاب السكري والسرطان فالشعير يصبح من الضروريات التي تساعد على عدم تقدم المرض.
والشعير يستهلك على عدة أشكال، إما خبز مخمر، أو كسكس، أو حساء مع الحليب والسمن، أو الزبدة البلدية الطبيعية، أو لمن لا يجد هذه المواد زيت الزيتون. ونلاحظ أن النظام الغذائي، الذي كان يتبعه أجدادنا يوافق النظام السليم في التغذية. ونلاحظ كذلك أن ظهور الأنيميا أو نقص في الفايتمينات و الأملاح المعدنية، لم يكن معروفا بتاتا من قبل. ويرجع ذلك لتنوع الأغذية وتكاملها. والشعير قد يستهلك مع لبن الخض - اللبن المخمر- وهي أسمى وجبة غذائية في علم الحمية، ويطلق عليها اسم السيكوك في المغرب، ولا ندري من أين أتى هذا المصطلح رغم بحثنا في الموضوع. والسيكوك هو كسكس الشعير المطهي بالبخار بنفس الطريقة التي يحضر بها الكسكس العادي، لكن عوض المرق، يصب عليه لبن الخض المخمر ويؤكل. وهي الوجبة التي كانت أكثر استهلاكا في السنة، لأنها موسمية وتكون في فصل الربيع وبداية فصل الصيف حيث يكثر اللبن، وتمتد الفترة من شهر مارس تقريبا إلى شهر يوليوز، وفي هذه الفترة تكون الحرارة مرتفعة، ويكون العمل شاقا، لأنه فصل الاعتناء بالحقول وجمع الغلة، ويحتاج الناس إلى منعشات ومغذيات في نفس الوقت، وهو ما كانوا يجدونه في وجبة السيكوك.
ونفس الأشكال كانت تستهلك عليها الذرة البلدية، التي كانت تسد حاجة جل سكان البادية، واستهلاك الذرة كان يبدأ من شهر شتنبر إلى شهر ابريل، بعده يبدأ استهلاك الشعير، والذرة كانت طعام المؤنة في البادية، وكذلك الشعير، والمؤنة هي إطعام الشغالين في الحقول أثناء موسم الحصاد على الخصوص، لما كانت تستعمل اليد العاملة بدل الآلات الفلاحية، ولم يكن معروفا طعام غير وجبة السيكوك، وغالبا ما يكون بالذرة، وفي غياب الذرة يستعمل الشعير. واستهلاك الذرة بالنسبة للأطفال كان جاريا وعاديا. ولذلك لم تكن الأمراض المترتبة عن التغذية كالأنيميا والسيلياك والحساسية ونقص النمو ونقص التركيز معروفة. والذرة تحتوي على عوامل النمو بالنسبة للأطفال، وهناك مكونات غذائية للطفل لا يمكن الاستغناء عنها.
ولم تعد جودة القمح كما يعلمها الناس، أو كما قد ينصح بها بعض المهتمين بالتغذية الطبيعية. فالبلدان العربية على الخصوص تستورد القمح بنوعيه الطري والصلب، ويعتبر القمح الصلب أعلى درجة من القمح الطري، وترتفع نسبة البروتينات بالقمح الصلب بالمقارنة مع القمح الطري، بينما يرتفع النشا في هذا الأخير. والقمح يستهلك لأن لا غنى عنه، وجودة القمح المستورد ليست عالية، ولذلك نتحفظ عن استخراج نبتة القمح من هذا النوع من القمح. ويجب ألا يكون هناك تسرع لأن هذا التسرع هو الذي أدى إلى بعض الكوارث، ومنها الضجة التي أحدثها الاسبانخ كمصدر للحديد، حتى بلغ الأمر إلى بعض الكرتونات للأطفال في السينما، لحت الأطفال على تناول الإسبانخ، ولو نصحوا الناس بتناول البطاطا الحلوة لكان أحسن. ولو كان القمح طبيعيا كما كان من قبل، لنصحنا بنبتة القمح، واستعمالها لأغراض علاجية. والقمح المحلي أصابه كذلك تغيير لأن البذور مستوردة، ولا نأمن هذه الحبوب بالنسبة لنبتة القمح، لأن هذه النبتة يجب أن تكون من حبوب خالية من المبيدات، ولم يصبها انتقاء جيني أو تغيير وراثي. وكل من يتكلم عن علم التغذية يجب أن يكون باحثا في الميدان، وليس باحثا في المعطيات، فربما كانت بعض المواد سامة ومضرة بسبب تقنيات الإنتاج، لكنها تظهر مفيدة في الكتب أو المنشورات.
واستهلاك القمح المعهود هو على شكل خبائز أو كسكس، وربما يكون على شكل مكرونات. وكانت بعض الأشكال الأخرى التي أخذت تندثر وهي أرقى الأشكال التي يجب أن يستهلك عليها القمح، وهذه الأشكال كانت في كل الدول العربية، لأن التغذية العربية كانت موحدة وموروثة ونابعة من أصل واحد. ونستسمح لكل الإخوة في البلدان العربية على إعطاء بعض المصطلحات المحلية. ونذكر من بين الوجبات التي كانت تحضر من القمح الصلب على الخصوص لأنه كان موجودا بكثرة وبشتى أنواعه، إذ كان هناك خمسة وستون نوعا من القمح إبان فترة الاستعمار، ويوجد منها عينات بالمتحف الفرنسي بباريس. وقد أصبح تحضير هذه الوجبات ناذرا إلا في الأرياف المغربية والمناطق الجبلية على الخصوص. وهذه الوجبات هي الحساء، والكسكس والخبز. وقد كان القمح يستهلك على أشكال عديدة من ذي قبل. وأهم الأشكال التي كان يستهلك عليها القمح، والتي كانت سائدة في المجتمعات القديمة، نجد القمح المنقوع في الماء ونبتة القمح، وهذا الشكل من أسمى ما يمكن أن يستهلك عليه القمح، لأن نقع الحبوب في الماء لمدة تفوق اليومين، يجعل القمح ينتفخ ويمتص الماء من حيث تبدأ الأنزيمات في نشاطها، نظرا لوجود النشاط المائي الملائم، وحيث تبدأ الأنزيمات في النشاط، تأخذ المكونات في التحول، من حيث تعمل المالطيز على حل النشا، والليبيز على حل الدهنبات الموجودة في النبتة، وكذلك الأكسيديز والكطليز، وترتفع الفايتمينات، وتحرر الأملاح المعدنية تحت تأثير الفيتاز. وكل هذه التحولات تجعل القمح يتحول من غذاء إلى غذاء ودواء. وقد تطهى الحبوب بعدما تنتفخ، أو قد تبقى لمدة أطول لتنبت وتخرج الأوراق الأولى والجذور، وهذه المرحلة تجعل القمح يتحول من حبوب عادية إلى منتج من جودة عالية من حيث المغذيات، وهذا الشكل يجعل من الحبوب أهم مادة غذائية. ولكن لا نجد هذه الأشكال حاليا لأن الخبرة تلاشت، ومع التحول الاجتماعي والموضة التي قضت على كل شيء، فإن القمح المنقوع ونبتة القمح باتوا في خبر كان.
وبعض الأشكال التي كانت سائدة في كل البلدان العربية، وهي حساء القمح في الحليب، وكذلك مزج سميد القمح المطهي بالبخار بلبن الخض. وهذه الوجبة لا تضاهيها أية وجبة غذائية، وهي كذلك في غاية ما يمكن أن يوصف أو ينصح به كوجبة للأطفال من الناحية العلمية. فالوجبة بسيطة لكنها تتطلب خبرة جيدة، لأن الصعوبة تكمن في تهييء كسكس القمح، ويجب أن يكون طريا، من حيث لا يمكن أن يستعمل الكسكس المجفف.
يتبع
بيانات الاستشارة