التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

بيئة غرفة الصف وسلوك التلاميذ

فكر بالطريقة التي تؤثر بها الأماكن التي نعيش فيها على أحاسيسنا. فإن كنت تعيش مثلا في شقة صغيرة مع عدد من الأشخاص الآخرين، قد تبدأ بالشعور بالتوتر وتفقد أعصابك بسهولة. كذلك، إن كنت تعيش أو تعمل في مكان قذر تعمه الفوضى، ستشعر على الأرجح بالاكتئاب وبالفوضى الذهنية أيضا. أما إن كنت محظوظا بما يكفي لتقطن أو تعمل في مكان مفتوح، واسع، مشرق، وجيد التهوئة، يطل على منظر رائع، فستمضي وقتك فيه بمزاج إيجابي أكثر، وتعيش أو تعمل على نحو أكثر فاعلية واسترخاء.

للطريقة التي يستخدم بها المعلم المكان، فضلا عن تصميم الصف، تأثير كبير على سلوك التلاميذ. وقد ذكرت في الفصل الخامس “أساليب التعليم” الطرق التي يمكن للمعلم فيها استعمال المكان من أجل تحسين السلوك. ويبحث هذا الفصل في كيفية استخدام البيئة الفيزيائية للصف وتحسينها ليكون لها تأثير إيجابي على السلوك. إضافة إلى المساعدة في السيطرة على سلوك الأولاد، ينبغي أن تساعدك غرفة الصف في الحفاظ على هدوئك وسرورك واسترخائك.

في الواقع، منذ اللحظة التي يدخل فيها التلاميذ إلى صفك، يبدأون بإصدار الأحكام (من دون وعي على الأرجح) لما سيتوقعونه منك كمعلم، وذلك من خلال ما يرونه منك، ومن كيفية استخدامك للمكان للمرة الأولى. ينبغي عليك أن تعطيهم إحساسا بأنك تمسك زمام السيطرة على هذه البيئة. ومع أنه ثمة الكثير مما لا نستطيع تغييره في صفوفنا، كشكلها وحجمها ووضعها العام غالبا، إلا أننا نستطيع تحسين مظهر الصف وبالتالي سلوك تلاميذنا فيه.

ملاحظة: يشتمل استعمالي لكلمة صف في هذا الفصل على مختلف الأماكن التعليمية، من الغرف إلى القاعات، ومن أستوديوهات الدراما إلى القاعات الرياضية.

تحسين بيئة الصف

يحتاج تلاميذك إلى أن يروا في صفك مكانا آمنا وهادئا يتعلمون فيه. فإن كنت تدرس في الصفوف الابتدائية، فهذا هو المكان الذي سيمضي فيه الأولاد معظم اليوم، لذا يجب أن يكون سارا، مريحا ومرتبا قدر الإمكان. كذلك، إن كنت تدرس في الصفوف الثانوية، فإنه المكان الذي ستمضي فيه أنت معظم نهارك، وكل صف يمر عليك، ينبغي أن يجدك تسيطر على غرفة أشبه بجنة تعليمية. إليك بعض الأفكار عن كيفية تحسين بيئة صفك:

■ حافظ على ترتيبه: يساعد الصف المرتب على اتباع أسلوب تعليم منظم. كما أنه يعطي التلاميذ إحساسا بالنظام والتماسك. فحين نكون محاطين بالفوضى، يصعب علينا العمل إن احتجنا مثلا إلى إيجاد أداة معينة. حاول إبقاء جميع الموارد التي تستخدمها، كالملفات والأقلام وما إلى ذلك في مكان واحد بحيث تبدو الغرفة مرتبة لمن يراها.

■ أبقه منظما: في الصفوف الابتدائية، ينبغي تخزين الموارد المستخدمة لمختلف المواد. ومن المفيد تحديد أماكن معينة لمختلف تلك الموارد، وتدريب الأولاد ليعرفوا إلى أين يذهبون كلما احتاجوا إلى شيء منها. في الصفوف الثانوية، قد يكون ثمة مكان معين يخزن فيه التلاميذ كتبهم ودفاترهم. ويمكن أن تبدأ الحصة بإحضار التلاميذ لأغراضهم أو بقيام متطوعين من الصف بذلك.

■ وضح مختلف الأماكن: يتم في الصفوف الابتدائية تدريس مواد مختلفة في مناطق مختلفة من الغرفة (بقعة للموسيقى وأخرى للفنون ومكان لتأدية الأدوار… إلخ). ضع فواصل واضحة بين مختلف هذه المناطق للمساعدة على ضبط التلاميذ، لا سيما إن تم العمل على مواد مختلفة في الوقت نفسه. يمكن للفاصل أن يكون ملموسا، كاستعمال ألوان أو أنواع مختلفة من المفارش على الأرض أو حواجب فاصلة. كما يمكنك استعمال إشارات وصور للدلالة على مختلف النشاطات التي تتم، والمكان الذي تخزن فيه الموارد المرتبطة فيها. إن كان ثمة مجال في الصفوف الثانوية، من الممكن استعمال فكرة المناطق فيها أيضا. على سبيل المثال، يمكن تخصيص مجال في صف اللغة الإنكليزية للقراءة الصامتة وآخر للعمل على القواميس والتهجئة، ومكان للكتابة، وهكذا دواليك.

■ أبقه آمنا: اضمن سلامة بيئة الصف لا سيما إن كنت تعمل مع تلاميذ مشاكسين. أبعد المواد الكيميائية الخطيرة أو المقصات ذات الشفرات الحادة عن متناولهم. ضع أنظمة واضحة عن الحقائب وغيرها من الأغراض في بداية الحصص، وهو الوقت الذي تطرأ فيه مسائل الأمان غالبا. وشرط الأمان في بيئة الصف أساسي بالنسبة إليك أنت أيضا. وإن كانت لديك أية مخاوف في هذا الخصوص، يمكنك اللجوء إلى ممثل الصحة والأمان في مدرستك.

■ اجعله مرحا ونابضا بالألوان: من شأن المعروضات الجذابة التي تعلق على الجدران أن تضفي جمالا وإيجابية على بيئة الصف. كما أنها تشكل أداة تعليمية فعالة جدا وطريقة جيدة للاحتفاء بإنجازات التلاميذ. انظر القسم التالي – بعض الأفكار عن المعروضات – لنصائح إضافية.

■ أحدث جوا جذابا: من شأن الموسيقى والأضواء والأصوات والأزياء أن تضفي جوا جذابا على الصف. فالأولاد يذهبون إلى المدرسة مع شعور بأنه ثمة مكان باهت وغير جميل يتحتم عليهم العمل فيه. ولو غيرنا هذا الانطباع من وقت إلى آخر، سنشجعهم على الاهتمام والتركيز، وعلى الانجذاب أكثر إلى العمل.

■ أضف إلى المكان ملامح شخصية: أنت تمضي وقتا طويلا في صفك وتريد من التلاميذ أن يروا فيه مكانك الخاص. لم لا تضيف إليه إذا بعض اللمسات الشخصية؟ فإن كنت تحب النباتات، أضف إليه شيئا من الخضرة، وإن كنت تحب الحيوانات، أحضر حيوانا أليفا إلى الصف. فتلك طريقة ممتازة لتعليم الأولاد تحمل المسؤولية ويمكن استعمالها كمكافأة على حسن السلوك.

■ فكر جيدا بتصميم الصف: فالطريقة التي توزع بها المقاعد في الصف تكشف الكثير عن أسلوبك التعليمي وتترك أثرا كبيرا على سلوك التلاميذ.

بعض الأفكار عن المعروضات

مهما بلغ سوء الحالة العامة للصف، يمكن تحسينها بواسطة المعروضات التي تعلق على جدرانها. فمن الممكن استعمال المعروضات لتغطية الجدران المتسخة أو المساحات التي زال عنها الطلاء. ولكن، لا تعتبر المعروضات مجرد أوراق جدران، بل يجب أن تستحق مكانها على الحائط. فهي تساعد الأولاد على التعلم كما تشكل مكافأة ممتازة لحسن السلوك. إليك بعض الأفكار عن استعمال المعروضات على نحو مفيد.

■ اجعلها مثيرة للاهتمام: يمكنك استعمال مجموعة من الألوان الزاهية لكل لوحة، أو لونين متضاربين. كما يمكن صنع لوحة ثلاثية الأبعاد ترتبط بالموضوع الذي تعمل عليه، على سبيل المثال، ألعاب نارية ثلاثية الأبعاد تتطاير على الجدار ليلة إطلاق ألعاب نارية. ولا تنس استعمال السقف أيضا، علق أعمال الأولاد بخيطان تتدلى من سقف الغرفة.

■ اجعلها تفاعلية: شجع التلاميذ على التفاعل مع المعروضات. يمكنك تعليق سؤال كبير على الجدار يرتبط بالموضوع الذي تدرسه وإعطاء التلاميذ أوراقا لاصقة لكتابة إجاباتهم. كما يمكن تعليق أوراق يستطيع الأولاد رفعها ورؤية ما تحتها.

■ حافظ على ترتيبها: إن العناية بالمعروضات تظهر احتراما للتلاميذ وعملهم. أعد وضع المسامير بانتظام ورتب الأطراف الممزقة، أو غير اللوحة حين تصبح بالية.

■ غيرها بانتظام: إن اكتفيت بتعليق كثير من اللوحات في بداية السنة، وفقدت حماسك لها لاحقا، سيتوقف الأولاد عن ملاحظتها. حاول إيجاد وقت لتجديدها كل بضعة أسابيع.

■ اربطها بالدروس: استعمل المعروضات كثناء على إنجازات التلاميذ الحالية والعمل الذي تقومون به. فمن شأن ذلك أن يساعد على تعزيز العمل والتعلم الإيجابي الذي يتم في صفك كما يشجع بالتالي على حسن السلوك.

■ تعلم انتداب التلاميذ لذلك: في بعض المدارس، يوجد موظفون إضافيون يعملون على ابتكار المعروضات. غير أنه من الممكن أيضا إشراك التلاميذ فيها، فمن شأن ذلك أن يخفف الحمل عن المعلم. كما أن الأولاد يميلون إلى إبداء احترام أكبر للعمل الذي قام به زملاؤهم وسيولون عناية أكبر على الأرجح للمعروضات التي ابتكرها أصدقاؤهم. ويمكنك في هذه الحالة تأدية دور الموجه الفني.

تصميم الصف

لتصميم الصف تأثير كبير على سلوك التلاميذ وتعلمهم ورؤيتهم لما يحدث داخل الغرفة. فاعتمادا على سن تلاميذك والمادة التي تدرسها، عليك أن تقرر كيفية توزيع المقاعد والطاولات، أو المساند وطاولات المختبر أو ربما مجموعة كاملة من الأثاث في الصف الابتدائي. إليك بعض الأفكار عن كيفية رؤية التلاميذ لمختلف التصاميم وأثرها المحتمل على التعلم والسلوك. وتستعمل الأمثلة المعطاة النوع الأكثر شيوعا لأثاث الصف، أي الطاولات والمقاعد.

ترتيب الطاولات في صفوف

يعتبرها التلاميذ والمعلمون على حد سواء الطريقة التقليدية لترتيب الصف. وقد تبدو خيارا آمنا بالنسبة إلى المعلم الذي يواجه متاعب في ضبط الصف.

إيجابياته: جميع التلاميذ متجهون إلى الأمام، ما يجعل من السهل على المعلم ضبطهم وهم يثرثرون خارج الدرس أو يسيئون التصرف. بإمكان الجميع رؤية اللوح كما يسهل تمرير الموارد والكتب بينهم. ويسهل هذا التصميم أيضا وضع خريطة جلوس.

سلبياته: يصعب القيام بأعمال جماعية عند ترتيب المقاعد بهذا الشكل. وقد يميل بعض المعلمين إلى تجاهل التلاميذ الجالسين في الصف الخلفي لمجرد كونهم خارج خط بصرهم. يسهل هذا التصميم أسلوب التعليم الذي يديره المعلم بحيث يكتفي بالتحدث والمتابعة على اللوح. وحين يتنقل في أرجاء الصف لا يمكنه العمل سوى مع تلميذين في الوقت نفسه.

ترتيب المقاعد في مجموعات

يشجع هذا التصميم عموما على اتباع أسلوب تعليم أكثر حداثة، يسهل فيه البحث والعمل الجماعي بين التلاميذ. لكن بالنسبة إلى المعلم الذي يتعامل مع صف مشاكس، قد يشكل هذا الترتيب مصدرا للمتاعب لأنه يصعب عملية ضبط السلوك.

إيجابياته: من السهل القيام بالعمل الجماعي، كما يمكن للتعليم أن يرتكز أكثر على التلميذ. وبوسع المعلم التحدث مع مجموعة كاملة في الوقت نفسه والتجول بحرية أكبر خلال الحصة.

سلبياته: إن لم يتمكن المعلم من رؤية جميع الوجوه، سيتسنى للتلاميذ الثرثرة وحياكة مؤامراتهم بسهولة أكبر. كما أنه من الأصعب عليهم رؤية اللوح. ومن شأنهم أن يروا المعلم أقل تقليدية أو حزما، ما قد يؤدي أيضا إلى مشاكل سلوكية.

بعض الأفكار عن مختلف الأماكن

يعمل المعلمون ضمن مجموعة واسعة من الأماكن المختلفة، اعتمادا على سن تلاميذهم والمواد التي يتخصصون فيها. فمعلمو الصفوف الابتدائية أو المتوسطة يعملون أساسا في مكان واحد (هو الصف)، ولكن من شأنهم أن يمضوا بعض الوقت أيضا في أماكن أخرى داخل المدرسة. فيذهبون إلى القاعة الرياضية لتعليم التربية البدنية أو إلى الطبيعة لإعطاء درس في العلوم. أما معلمو الصفوف الثانوية فعملهم محصور أكثر في غرفة واحدة (أو عدة غرف إن لم يتسن لهم الحصول على صف خاص بهم). ولكن، بإمكان معلمي الصفوف الثانوية أيضا الخروج أحيانا من مكانهم المعتاد، كالنزول إلى ملعب المدرسة وقياسه في درس رياضيات.

لكل مكان في المدرسة إيجابياته وسلبياته الطبيعية الخاصة به حين يتعلق الأمر بضبط السلوك. فلو أردنا مضاعفة سيطرتنا على سلوك تلاميذنا، علينا أن نكون واعين لتلك النواحي السلبية والإيجابية للأماكن التي ندرس فيها. وينبغي أن تساعدك الأفكار التالية على فهم هذه الأمور واستغلال إيجابيات مكانك وتقليص المصاعب التي قد تواجهك فيه.

الصف

للصف حسنات كثيرة حين نتعامل مع المشاكل السلوكية. فالطبيعة الثابتة للمقاعد والطاولات (والسجادات في الصفوف الابتدائية) تمنح المعلم والتلاميذ حسا قويا بالسيطرة. فما إن يأخذ التلاميذ أماكنهم، حتى يصبح من الصعب عليهم التجول في المكان، وتقل فرص الإزعاج الجسدي. وبإمكان المعلم عموما رؤية وجوه جميع التلاميذ من مقدمة الغرفة فيتأكد من تركيزهم الكامل على الدرس وحسن تصرفهم.

غير أن التلاميذ المحصورين في مقاعدهم قد يبحثون عن بديل لتحرير طاقتهم، لا سيما إن كانوا من النوع الذي لا يهدأ وميالين إلى الحركة أو إن كانوا يفتقدون إلى التركيز والانضباط الذاتي. فيعمد بعضهم إلى التأرجح على كرسيه أو تسبيب الإزعاج من خلال الضجيج أو سوء السلوك. والأولاد الذين يجدون صعوبة في الجلوس، قد ينهضون ويتجولون في الغرفة. ومن شأن الصف أن يقيدهم أكثر، إن كان صغيرا ويحتوي على عدد كبير من المقاعد.

مضاعفة الحسنات

اجعل بقاء التلاميذ في أماكنهم من أولوياتك، لا سيما إن كانت لديهم مشاكل مع السلوك. وضح لهم أن ملازمة الأماكن على الدوام هي قاعدة في غاية الأهمية. ودربهم على رفع أيديهم والانتظار إن احتاجوا إلى المساعدة وتوجه إليهم بحسب من رفع يده أولا. وإن احتاج أحد التلاميذ إلى مغادرة مكانه، أصر على أن يطلب الإذن أولا.

أخبر التلاميذ بالطريقة التي تريدهم أن يجلسوا فيها (إما على الكرسي أو السجادة). ولا شك بأن الأولاد الذين يعجزون عن الجلوس بهدوء يسببون التوتر والإزعاج للمعلم.

فكر بطريقة توزيع المقاعد. فترتيبها في صفوف مواجهة للمعلم، هي على الأرجح الطريقة المثلى لضبط صف مشاكس. وحين تتوجه إلى الصف بأكمله، تأكد من أن جميع الوجوه تنظر نحوك وأن كل الأولاد منتبهون وجاهزون للإصغاء.

تقليص المصاعب

إن كنت تدرس تلميذا كثير الحركة، اجعل ملازمة الأماكن هدفا، وكافئ التلميذ إن تمكن من تحقيقه خلال الحصة. أعطهم أدوات أخرى لتنفيس طاقتهم الجسدية، كمنظفات الغليون التي يمكنهم فتلها في أشكال. واحرص على تضمين الدرس نشاطات عملية بالإضافة إلى العمل الهادئ.

إن تضمنت الحصة وقتا قصيرا من الحركة، عند جمع أدوات العمل مثلا، اتفق معهم على إشارة، كالتصفيق، تطلب منهم بواسطتها العودة إلى أماكنهم. وإن استعملت وقت الحركة مع صف صعب، حاول أن تسمح لمجموعة واحدة أو اثنتين فقط في كل مرة، بمغادرة أماكنها. أما حين يكون وقت الدرس طويلا، فأعطهم استراحات متكررة.

المختبر

من شأن غرف تدريس العلوم أن تشكل أماكن مثيرة بالنسبة إلى التلاميذ، لما تحتويه من معدات مثيرة للاهتمام واختبارات مذهلة. وغالبا ما يستعين معلمو العلوم في الصفوف الثانوية بتقني مختبر لمساعدتهم في تحضير مواد الدرس. وعادة تكون المقاعد ثابتة (ومواجهة لمقدمة الصف) بحيث لا يتسنى للأولاد تسبيب الإزعاج عبر تحريك المقاعد. كما أن هذا التصميم يسهل على المعلم شرح الاختبارات العملية للتلاميذ.

بالمقابل، تشتمل المختبرات العلمية على مخاطر كثيرة. لذلك، ينبغي أن تكون مسائل الأمان من أولوياتك. وإن كنت تدرس صفا مشاكسا، من الأفضل ربما تجنب العمل المخبري نظرا للمخاطر المحتملة. كما تحتوي المختبرات على مغاسل وحنفيات ومواقد قد تغري الأولاد المتهورين للعبث بها.

مضاعفة الإيجابيات

لا تخش العمل المخبري إن كنت تدرس في مختبر. فهذا هو بالضبط نوع الدروس التي يراها التلاميذ ممتعة ومثيرة للاهتمام. فالتجربة وحدها تعلمهم كيف يجرون الاختبارات بطريقة آمنة وصحيحة. كل ما في الأمر أنك قد تواجه بعض الأوقات الصعبة في البداية إلى أن يعتاد التلاميذ على استعمال المعدات. احرص على أن يجلس الأولاد بشكل مواجه لمقدمة الغرفة وأن ينظروا إليك ويركزوا تماما قبل أن تتوجه إليهم بالحديث. ويمكنك أن تستعمل مكافأة السماح بإجراء تجربة عملية لتضمن الحصول على انتباههم الكامل وأنت تشرح لهم ما عليهم فعله.

تقليص المصاعب

أبعد الأدوات الخطرة عن متناول التلاميذ. احتفظ بالكيميائيات والأدوات الخطرة في خزانة مقفلة أو في غرفة أخرى. ووضح لهم منذ البداية أنك لن تسمح بأي عبث بالحنفيات والمواقد، وأن عملا كهذا لن يمر من دون عقاب فوري. ويستحسن تخصيص الحصص الأولى لتدريب التلاميذ على العمل المخبري الآمن وتعليق ملصقات على الجدران لتذكيرهم بالأنظمة.

الأماكن المفتوحة

من شأن الأماكن المفتوحة، كاستوديو الدراما أو القاعة الرياضية أو قاعة المحاضرات أن تشكل مكانا رائعا للتعلم. إذ يملك فيها الأولاد حرية أكبر للتنقل، ويشعرون فيها بتقييد وتململ أقل. والدروس التي تعطى في تلك الأماكن يستمتع بها التلاميذ عموما. فهي عادة من مواضيع المنهاج الأقل أكاديمية، وفيها تركيز أقل على الكتابة والقراءة اللتين تقودان أحيانا إلى سوء السلوك.

غير أن المكان الكبير والمفتوح قد يغري التلاميذ بالركض والحركة. وقد يصعب عليك جمعهم في مكان واحد. كما أن الضجيج قد يتعالى خلال الدرس فيصبح من الصعب على المعلم الاستحواذ على انتباه تلاميذه. في حال أراد المعلم منهم القيام ببعض العمل الكتابي، قد يتعذر عليهم الوصول إلى الكراسي والمكاتب والأدوات. كما من شأن التلاميذ أن يستاؤوا من الكتابة في المواد العملية لأنها لا ينبغي أن تشتمل على هذا النوع من العمل برأيهم.

مضاعفة الإيجابيات

حين تصطحب تلاميذك للمرة الأولى إلى مكان مفتوح، وضح لهم بأن العمل سيكون مسليا ومليئا بالإثارة. ولكن أظهر لهم أيضا أن عليهم الالتزام بقدر عال من الانضباط الذاتي للاستمتاع بدروسك. ويمكنك استخدام تهديد عدم القيام بدرس عملي كوسيلة لضبط تلاميذك الذين يفتقدون إلى الانضباط. في حال أرادوا التسلية، يتحتم عليهم أن يتعلموا العمل معك واحترام الأنظمة.

تقليص المصاعب

كن واضحا بخصوص السلوك المتوقع منهم في ذلك المكان منذ البداية. يمكنك مثلا صف الأولاد خارج الغرفة وإخبارهم مثلا أنه ينبغي عليهم عند الدخول الجلوس فورا في دائرة أو مجموعة على الأرض لكي تبدأ الدرس. وفي حال لم يفعلوا، أخرجهم واجعلهم يصطفون مجددا وقل لهم إنهم يضيعون وقت هذا الدرس المسلي. واعتمد طريقة للحصول على انتباه الصف في ذاك المكان، كأحد أوامر الصمت المذكورة في الفصل الثالث (انظر فقرة انتظر حتى يسود الصمت).

أما بالنسبة إلى العمل الكتابي، فيمكنك إعطاؤه كواجب منزلي، وعدم السماح للتلميذ بالمشاركة في الدرس العملي ما لم يتم الواجب المنزلي. كما يمكن تقسيم الحصة إلى درس عملي يتبعه عمل كتابي. وإن لم يكن ثمة كراس أو مكاتب في الغرفة، اطلب منهم الجلوس على الأرض والكتابة على ألواح مشبكية أو اعثر على صف فارغ مناسب للكتابة.

التعليم في الهواء الطلق

يوفر التعليم في الهواء الطلق إحساسا رائعا بالحرية بالنسبة إلى التلاميذ، شأنه في ذلك شأن الأماكن المفتوحة. كما أنهم يجدون فيه مكانا خارجا عن المألوف، وفرصة للهرب من مبنى المدرسة واكتشاف العالم الأوسع. وحتى إن كنت تدرس مادة أكاديمية، حاول إيجاد فرص لاصطحاب تلاميذك إلى الخارج.

تعتبر إيجابيات وسلبيات العمل في الهواء الطلق شبيهة جدا بالأماكن المفتوحة المذكورة أعلاه. احرص على شرح السلوك الذي تريده من الصف قبل الخروج، وإلا فستجد صعوبة في الحصول على انتباههم مجددا. واتفق معهم أيضا على طريقة معينة لإعطائهم الأمر بالصمت.

المعلم في المكان

للطريقة التي يستعمل فيها المعلم مجال التعليم دور هام في التوصل إلى ضبط السلوك. فالتلاميذ ينظرون إلى طريقة ترتيبك للغرفة وتحركك فيها لكي يتخذوا قرارات حول السلوك الذي سيتبعونه. استعمل كثيرا من الوسائل لتظهر لهم بأن هذا المكان هو أرضك، وأنك أنت صاحب السلطة فيه كما أن أمورا إيجابية ومثيرة ستحدث هنا. فإعطاؤهم هذا الإحساس هو أمر في غاية الأهمية في الدروس الأولى. إليك بعض المقترحات عن كيفية ذلك:

■ التق بالتلاميذ خارج المكان، حيهم على طريقتك لا على طريقتهم.

■ ضع حاجزا جسديا بين الصف والغرفة عبر وقوفك أمام الباب.

■ اضمن حسن السلوك قبل السماح لهم بدخول الغرفة، موضحا لهم توقعاتك.

■ عند السماح للتلاميذ بالدخول، حيهم بشكل إيجابي، مستخدما أسماءهم الأولى إن أمكن.

■ إن كان قد سبق أن استخدم الغرفة معلم آخر، أعطهم إشارات بصرية واضحة بأن المكان هو لك الآن. علق مثلا لوحات ملفتة تخصك أو غير تصميم الصف.

■ لا تبق واقفا في مقدمة الغرفة، بل تحرك بطريقة ديناميكية، وقم بزيارة جميع التلاميذ خلال الحصة.

■ غير من وقت إلى آخر تصميم الغرفة، عبر ترتيب المقاعد مثلا على شكل U لإقامة حوار. فعنصر المفاجأة مفيد لإبقاء الصف تحت السيطرة.

■ استعمل المكان أحيانا على نحو غير اعتيادي. اجلس على المكتب مثلا عوضا عن الجلوس أمامه، أو قف في الجزء الخلفي من الغرفة لقراءة نص ما.

■ احذر من توجيه حديثك لجهة واحدة من الغرفة (عادة إلى اليمين إن كنت أيمنا).

■ استعمل المجال الأفقي والعمودي، تنقل من الأعلى إلى الأسفل ومن جهة إلى أخرى. انحن بقرب التلاميذ للتحدث معهم، اطلب منهم الجلوس على الأرض لسماع قصة، أو قف على المكتب لإلقاء قصيدة.

التعامل مع الأماكن الصعبة

غالبا ما يضطر المعلمون إلى التعليم في مكان يصعب العمل فيه ويؤثر على سلوك التلاميذ. فقد تعلم في مدرسة قديمة متهالكة زال الطلاء عن جدرانها، أو في قاعة رياضية قسمت إلى نصفين، لا يفصل بينك وبين الصف الثاني سوى فاصل رقيق. وقد يحتوي صفك على نافذة كبيرة ممتدة على طول الجدار، ما يجعل المكان شديد البرودة شتاء وخانقا في أشهر الصيف.

كان الصف الأول الذي علمت فيه صفا صعبا من النوع الكلاسيكي. غرفة صغيرة أدرس فيها صفوف السنة الحادية عشرة الذين يملأون الغرفة بأعدادهم الكبيرة إلى حد الانفجار، مع أبواب من جهتي الصف. وبما أن الغرفة تربط بين منطقتين من المدرسة، كان الرواق يشهد حركة دائمة. وكانت الغرفة طويلة وضيقة إلى حد أن بعض الأولاد وجد صعوبة في رؤية اللوح. ولم يكن ثمة مجال للحركة بعد امتلاء الصف. كما كانت حرارة الغرفة تتصاعد مع مرور الوقت خلال الحصة، لا سيما بعد ظهيرة أيام الصيف، حين تدخل أشعة الشمس إلى الغرفة من النوافذ العارية.

وعلمت أيضا في قاعة دراما مفتوحة وكبيرة سببت لي المشاكل أيضا. فقد كانت مواصفاتها السمعية رهيبة بسبب السقف المرتفع جدا والذي يضاعف أقل ضجة يصدرها التلاميذ عشر مرات، ونظرا إلى حجم القاعة، لم يكن من الممكن تقييد حركة التلاميذ إطلاقا، فواجهت مشاكل في ضبطهم وهم يركضون في أنحاء المكان. وكانت القاعة مؤلفة من طابقين، مع مسرح يمكن للتلاميذ القفز منه.

لسوء الحظ، يضطر كثير منا إلى تحمل مشاكل صفه طيلة السنة وحتى أكثر. وأفضل ما يمكن القيام به في أغلب الأحيان هو إيجاد طرق لتقليص أثر هذه المشاكل فينعم التلاميذ بأكبر قدر ممكن من الراحة والانضباط ونشعر نحن أيضا بالاسترخاء. وفي ما يلي بعض الأفكار والمقترحات بهذا الشأن.

التعامل مع الضجيج

فكر بطريقة لتخفيف الضجة العامة خلال حصصك. أبق صوتك منخفضا ومضبوطا أثناء التدريس لتشجيع تلاميذك على الحفاظ على هدوئهم ليتمكنوا من سماعك. استعمل طريقة لأمرهم بالصمت للحصول على انتباه الصف بأكمله. ولكن، اختر طريقة تشتمل على أقل قدر من الضجة، كرفع اليد. من جهة أخرى، شجع تلاميذك على السيطرة على مستوى الضجيج الصادر عنهم. على سبيل المثال، حين ترغب بفتح نقاش، صمم مقياسا للضجيج مع الصف، بحيث تتمكن من تحذيرهم حين يتعالى الضجيج.

لتقليص مستوى التوتر، يمكنك تقسيم دروسك إلى أوقات صاخبة وأوقات هادئة. أتبع مثلا وقت العمل الجماعي بفترة من التفكير الهادئ، كمراقبة أفراد المجموعات وهم يعرضون أفكارهم على الصف، وإصغاء الباقين لهم بصمت. يمكنك أخذ استراحة من الضجيج بالطلب من الصف العمل بصمت تام لخمس دقائق، بحيث يحصل الجميع على استراحة هادئة.

التعامل مع الحرارة

ثمة حد أعلى وأدنى للحرارة في الصفوف المدرسية. فإن شعرت بأن حرارة صفك تخالف هذه الأنظمة، أحضر ميزان حرارة وتحقق من الأمر. فالمعلمون يعانون بصمت أحيانا، إلا أن أنظمة الصحة والأمان موجودة لضمان راحة وسلامة المعلمين والتلاميذ على حد سواء. تحدث إلى ممثل أو مدير النقابة لحل مشكلة الصف الشديد الحرارة أو البرودة.

أما إن كانت أشعة الشمس ترفع من حرارة الغرفة، فاطلب وضع ستائر على النوافذ. فالجو الحار يؤثر بسهولة على مزاج التلاميذ والمعلم على حد سواء. واحرص على ارتداء ملابس مناسبة لجو الصف واطلب من التلاميذ القيام بالمثل. إن كانت أنظمة المدرسة تنص على خلع المعاطف في الصف، وغرفتك شديدة البرودة، من شأن ذلك أن يؤدي إلى مواجهات مع التلاميذ. ناقش المسألة مع أحد المسؤولين في المدرسة، واقترح عليهم اعتماد شيء من التساهل إن كانت برودة الغرفة تتجاوز حدا معينا.

التعامل مع ضيق المكان

انظر إلى طريقة ترتيب الصف، وجرب مختلف الخيارات. يستحسن القيام بذلك قبل وصول التلاميذ في بداية العام الدراسي. جرب وضع الطاولات في مجموعات عوضا عن الصفوف، فهذا التصميم يأخذ مجالا أقل عموما. فكر بالترتيب الجانبي أيضا، فقد يكون من المفيد تغيير التصميم جذريا بحيث ترتب المقاعد باتجاه مختلف تماما. وإن احتجت إلى تخزين الموارد في مكان ضيق، اطلب تثبيت رفوف على الجدار لكي لا تحتل مجالا على الأرض، وتخلص من جميع الأغراض غير اللازمة. من جهة أخرى، فكر بطرق لاصطحاب تلاميذك للعمل خارج الصف بانتظام، في الملعب مثلا أو الرواق أو المكتبة أو غرفة الكومبيوتر.

تأليف سو كولي