التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

رأي التلاميذ بسوء السلوك في المدرسة

أجريت مقابلات مع مجموعة منوعة من التلاميذ لمعرفة آرائهم بالسلوك. وكان التلاميذ غالبا شديدي الوضوح والإدراك للسلوك الذي يجعلهم يتبعون معلميهم. وقد أذهلتني بعض التعليقات التي تعكس ربما وجود هوة بين رأي المعلم والتلميذ بسوء السلوك.

يمثل التلاميذ عينة نموذجية من الصفوف الثانوية، وينتمون إلى أعمار مختلفة وخلفية ثقافية واجتماعية منوعة. وقد تحدثت إلى تلاميذ منضبطين عموما في صفوفهم وإلى آخرين سيئي السلوك. وكانوا يتمتعون بقدرات متفاوتة، من الكفوئين إلى ذوي الحاجات الخاصة.

السيطرة على الصف

ما الذي يجعل المعلم بارعا في السيطرة على الصف؟

حدد التلاميذ نوعين من المعلمين البارعين في ضبط الصف. وصفوا النوع الأول بأنه حازم ومرح: وهم يحبون هذا المعلم القادر في الوقت نفسه على ضبط سلوكهم، ومعاملتهم بمرح. ويمكن وصف النوع الثاني بأنه صارم ومخيف على الرغم من انضباطهم بوجوده، إلا أنهم لا يستمتعون بحصصه، كما يشعرون بأنه لا يحبهم في الواقع. وفي ما يلي بعض نواحي هذين الأسلوبين كما وصفهما التلاميذ:

المعلم الحازم والمرح

■ الأسلوب التعليمي: كان هذا المعلم حازما مع الصف منذ الحصة الأولى، فأخبر الصف بما يتوقعه من دون سؤالهم. (وهنا ذكر التلاميذ كيف أن بعض المعلمين يطلبون منهم حسن التصرف). وهو يبين توقعاته على الدوام، كأن يتحقق من ارتداء التلاميذ لزيهم المدرسي قبل السماح لهم بدخول الصف. وعند الضرورة، لا يتردد بالصراخ إلا أنه قادر على أن يكون لطيفا، ومضحكا وحنونا.

■ العمل: يجعل هذا المعلم الدروس تبدو مثيرة للاهتمام بحيث يستمتع التلاميذ أثناء التعلم. فقد يقوم المعلم ببعض الألعاب في بداية الحصة أو نهايتها، كما أنه ينوع أسلوب التدريس ولا يطلب من التلاميذ العمل بصمت تام. فهم يعرفون بوضوح كمية العمل المتوجبة عليهم لإرضاء هذا المعلم. وإن كان الدرس صعبا، يقوم بمكافأتهم على المجهود الإضافي الذي بذلوه ولا يطلب منهم القيام بأعمال تفوق قدراتهم. وثمة علاقة واضحة جدا بين حب التلاميذ لمعلمهم وحبهم للمادة التي يدرسها.

■ الانضباط: يعرف الأولاد جيدا أن هذا النوع من المعلمين يعاقب التلميذ، إلا أنه يقوم بذلك بهدوء وسيطرة على النفس. وإن كان من الضروري فرض عقاب على الصف بأكمله، كالاحتجاز مثلا، فإنه يسمح لذوي السلوك الحسن بالمغادرة أولا لكي لا يعاقبوا على خطأ الآخرين.

■ العلاقة مع التلاميذ: يحب التلاميذ هذا المعلم ويحترمونه، ويصفونه بأنه سعيد ومليء بالحياة. وبإمكانهم إقامة علاقة معه لأنه يمثل العمل ويبدي سروره للتحدث معهم بلا تحفظ. كما يشعرون بأنه يحبهم فعلا، ويسر دوما للقائهم.

■ رأي التلاميذ بالمعلم: يتمتع هذا المعلم بسمعة طيبة في المدرسة، وهذا عامل مهم على الأرجح بالنسبة إلى توقعات التلميذ وسلوكه. فهم يدركون بأنه يملك وجها جيدا وآخر سيئا ويحذرون من إثارة المشاكل معه.

المعلم الصارم والمخيف

■ الأسلوب التعليمي: يرى التلاميذ بأن المعلمين الذكور يميلون إلى اعتماد هذا الأسلوب أكثر من الإناث، ويتمتعون بصوت قوي وعميق. وقد علق أحد التلاميذ بأن “الجميع ينجز عمله ولكنهم لا يحبونه”.

■ العمل: على الأولاد إتمام عملهم قبل أن يسمح لهم بمغادرة الصف. وفي بعض الأحيان، يشعر التلاميذ بالخوف من هذا المعلم إلى حد أنهم يمتنعون عن طلب المساعدة.

■ الانضباط: يستعمل هذا المعلم تهديد القصاص لضبط الصف، كما أنه لا يتورع عن حجز التلاميذ. وهو ينفذ عقوبة الاحتجاز دوما ولا يتردد في جلب التلميذ للتأكد من أنه أتم عقابه. على التلاميذ الاصطفاف بصمت قبل دخول الصف. كما أنه غالبا ما يستخدم خريطة لتوزيع الأماكن كشكل من أشكال السيطرة.

■ العلاقة مع التلاميذ: استعمل التلاميذ كلمة تهديد تكرارا في وصفهم لهذا المعلم. ولم يشعروا أن بإمكانهم إقامة علاقة وثيقة معه.

■ رأي التلاميذ بالمعلم: في الظاهر، “يبدو هذا المعلم بأنه غير خائف من التلاميذ”. والاحترام الذي يناله من تلاميذه ناتج عن الخوف وليس عن الإعجاب بشخصه.

ما الذي بجعل المعلم سيئا في ضبط الصف

هنا أيضا، كان التلاميذ شديدي الوضوح حول ما يمكن للمعلم فعله أو عدم فعله لجعل الصف يسيء التصرف. معظم ما قالوه يرجع إلى رأي التلاميذ بحالة المعلم الذهنية. وقد بدا أن هناك هوة عميقة بين ما قال هذا النوع من المعلمين بأنهم سيفعلونه وما فعلوه في الواقع.

■ الأسلوب التعليمي: يتصرف هذا النوع من المعلمين وكأنه خائف من الأولاد. وقد وجد التلاميذ صعوبة في شرح ذلك، إلا أنهم يعرفون بالتأكيد متى يحدث ذلك. كما أنهم يعرفون متى يكون المعلم غير راغب بالتصادم معهم. وكثيرون منهم وصفوا هذا النوع بأنه “يصرخ ولكنه غير حازم” أو أنه “يصرخ على الدوام” و”يتقصدك”.

■ العمل: يسيء الأولاد التصرف إن لم يكن العمل ممتعا وإن لم يشرح المعلم الدرس بوضوح. وهم يقومون مع بعض المعلمين بالعمل نفسه طيلة الوقت، وهذا ما يشعرهم بالملل ويدفعهم لاحقا إلى إساءة التصرف.

■ الانضباط: يهدد هذا المعلم بالعقاب ولكنه لا يتابع تطبيقه. من الممكن أيضا أن يستعمل العقاب الأقصى في كل حصة (كطرد التلميذ من الصف)، أو يتخذ موقفا دفاعيا بشكل مبالغ فيه أو يفرط في فرض العقوبات، وهذا ما يعتبره التلاميذ أمرا غير عادل أبدا.

ويشرح الأولاد بأن بعض المعلمين بدأوا بتساهل مع الصف، وحين أخذ التلاميذ يسيئون السلوك رجوهم حسن التصرف عوضا عن أمرهم بذلك. كما أنهم يسمحون عادة للتلاميذ بالجلوس أينما شاؤوا عوضا عن استعمال خريطة لتوزيع الأماكن. كما أنهم دفاعيون ويميلون إلى الصراخ في وجه الأولاد قبل إعطائهم فرصة شرح ما يجري.

■ العلاقة مع التلاميذ: يحب التلاميذ أن يعاملوا باحترام، ويكرهون المعلم الذي يعاملهم بفوقية أو يعطيهم الانطباع بأنه أفضل منهم.

■ رأي التلاميذ بالمعلم: يشعر التلاميذ بالإحباط من المعلم الذي لا يستطيع ضبطهم. وقد علق أحدهم بأن “بعض المعلمين يجنون على أنفسهم”. فيما قال آخر “بأن الصف لا يعطي المعلم الفرصة في بعض الأحيان حين يكون جديدا، وصغير السن أو يفتقد إلى الخبرة”. وكان ثمة أيضا شعور قوي بأن بعض المعلمين غير الناجحين لديهم تلاميذ مميزون، أو أنهم لا يعاملون الفتيات والصبيان على قدم المساواة. فيما شعر بعض التلاميذ الأقل انضباطا بأن هذا المعلم يتقصدهم ويوجه غضبه على تلميذ واحد دون غيره.

من هو المعلم المثالي برأيك

بالطبع، ليس من علاقة بالضرورة بين ما يراه التلاميذ معلما مثاليا والمعلم البارع في ضبط السلوك. مع ذلك، كان التلاميذ في غاية الوضوح حول رغبتهم بأن يكون المعلم قادرا على ضبط الصف، إلا أنهم يريدون أن يتم ذلك بطريقة معينة. وحين سئلوا عن معلمهم المثالي، وصفوا جميعا شخصا ينسجم كثيرا مع أسلوب التعليم الحازم والمرح.

■ الأسلوب التعليمي: تكررت عبارات على غرار مضحك ولطيف. يتمتع المعلم المثالي بشخصية محببة ويجعل كل شيء ممتعا، كاللعب على الكلام لجعل العمل أكثر متعة. ومن المهم بالنسبة إليهم أن يكون المعلمون سعداء وغير كئيبين، وألا يكون مزاجهم متعكرا على الدوام. بالنسبة إليهم، المعلم المثالي حازم باعتدال مع القدرة على أن يكون جديا عند الضرورة.

■ العمل: العمل معه ممتع ومثير للاهتمام مع كثير من المكافآت. والدروس منوعة، سهلة أحيانا ولا تشتمل حتما على الكتابة دوما، بل تتخللها الألعاب أحيانا. والمعلم جاهز دائما لمساعدة التلاميذ عند الحاجة.

■ الانضباط: على الرغم من أن هذا المعلم الأسطوري في كماله يمكنه أن يكون حازما حين يسيء التلاميذ التصرف، إلا أنه لا يصرخ. ويقول التلاميذ إن على المعلم أن يرد على الطريقة التي يتصرفون فيها وأن يكون حازما عند الحاجة، ولكنه يبقى مرحا في الحالات الأخرى. كما ينبغي عليه إعطاء التلميذ فرصة قبل أن يفرض عليه حجزا.

■ العلاقة مع التلاميذ: هنا أيضا، أكد التلاميذ عن رغبتهم بأن يعاملوا على قدم المساواة مع المعلم. كما أرادوا أن يتحدث معهم بشكل ملائم.

■ رأي التلاميذ بالمعلم: شعر التلاميذ بأنهم يودون التقرب أكثر من هذا النوع من المعلمين. فبرأيهم، المعلم المثالي حازم، ولكنه مرح وسرعان ما يقيمون معه علاقة طيبة على الصعيد الشخصي.

المكافآت والعقوبات

ما هي المكافآت المجدية ولماذا؟

ما أثار استغرابي أن التلاميذ لا تؤثر فيهم أغلب المكافآت المعطاة في المدرسة. وعلى الأرجح، فإن “المكافأة” الأساسية التي حصلوا عليها، وربما من دون أن يدركوا، هي الثناء الشفهي أو الخطي من قبل معلم يحترمونه. كان التلاميذ ماديين جدا بهذا الشأن، وأشاروا إلى أن المكافآت المحترمة والمحسوسة تجعلهم يحسنون السلوك أكثر! ومن دواعي السرور أن بعضا من التلاميذ الذين يتمتعون بحوافز أقوى ذكروا المكافأة الأكثر قيمة للتعليم الجيد.

الجدارات/التنويهات

أبدى التلاميذ الصغار في السن حماسهم للحصول على الجدارات، ولكنهم أشاروا إلى أن “الأولاد المجتهدين” أساسا هم الذين يريدونها، وأنها ليست فعالة جدا كوسيلة لضبط الصف. وكان بعض التلاميذ الأقل انضباطا صريحين بما يكفي للإقرار أنهم ما داموا يضيعون يومياتهم (التي يدون عليها التنويه) باستمرار، فلا جدوى من جمعها.

وبدت الجدارات أقل فاعلية ما لم تحصل على شيء بالمقابل. فقد اقترح التلاميذ أنهم إن حصلوا على نقاط مقابل الجدارات يمكن “صرفها” على شكل جوائز، لكانت أكثر فاعلية. كما أشار الأولاد أن بعض المعلمين ينسون إعطاء الجدارة، فيما يتجاهل آخرون الأولاد الهادئين والمجتهدين ولا يعطونها سوى لزملائهم الصاخبين.

حفلات توزيع الجوائز/شهادات التقدير

بالنسبة إلى التلاميذ الذين لديهم آباء يدعمونهم ويفخرون بنجاحهم، تشكل شهادات التقدير مكافأة واسعة الشعبية. وقد اقترح الأولاد إعطاء الشهادات بشكل علني قدر الإمكان، كتجمع مثلا، لتبدو المكافأة محسوسة أكثر.

اقتراحات أخرى للمكافآت

يرغب التلاميذ بالحصول على مكافآت محسوسة على حسن سلوكهم. وقد أحبوا فكرة إيصال الرسائل الشفهية إلى النظار أو المعلمين (وإضاعة جزء من الحصة بالنتيجة؛ وهو خيار شعبي جدا). ومن المكافآت المحسوسة الأخرى التي تلقى استحسانهم، الشارات أو الجوائز، كألواح الشوكولاته والعصير. يا لهم من أولاد ماديين!

ما هي العقوبات المجدية ولماذا؟

كان للتلاميذ آراء قوية حول مدى فاعلية مختلف العقوبات في جعلهم (هم وزملاؤهم) يحسنون السلوك. وقد شعروا عموما بأن معظم العقوبات كانت فعالة بالنسبة إلى التلاميذ “الجيدين”، الذين أرادوا النجاح فعلا. ولكنهم رأوا بأن كثيرا من العقوبات لم تجد نفعا مع التلاميذ “السيئين” لأنهم لا يكترثون (أو يتظاهرون بعدم الاكتراث) للعقاب.

الاحتجاز

تتضارب مشاعر التلاميذ حول هذا القصاص. فاعتمادا على سبب فرض الاحتجاز وكيفية تطبيقه، وجدوا إما أنه عقاب فعال أو مضيعة تامة للوقت. وقد قال بعضهم إنهم لم يحضروا إلى الاحتجاز لعدم وجود ضغط حقيقي لفعل ذلك. وقال آخرون إنهم لو فهموا سبب إعطائهم الاحتجاز لحضروا إليه.

كما ذكر التلاميذ أنهم احتجزوا أحيانا عقابا على حاجتهم إلى المساعدة. ومن الواضح أنه في إحدى الحالات، حجزهم المعلم لعدم إتمامهم العمل خلال الوقت المحدد، إلا أن التلميذ اعتبره عقابا على ضعفه. أما احتجاز الصف كله فاعتبروه قصاصا بالغ الظلم.

وبالنسبة إلى الاحتجاز القصير، فهو طريقة فعالة للعقاب برأيهم، إلا أن الاحتجاز الطويل غير مستحب عموما. ومن شأن الاحتجاز المعطى في وقت الاستراحة والغداء أن يسبب المشاكل للتلاميذ، لأنهم لا يحصلون على وقت للأكل. وفي الواقع، اختبرت الصعوبات الناتجة عن ذلك بنفسي، حين يسيء التلميذ السلوك بعد احتجاز خضع له في فترة الاستراحة، بسبب الجوع أو قلة الطاقة. ويرى التلاميذ أنه يجب على المعلم منحهم عملا يقومون به خلال الاحتجاز، أو عقابا جماعيا كجمع القمامة. فذلك قد يؤدي برأيهم إلى تقليص وقت الاحتجاز.

الطرد/إخراج التلميذ من جدول العمل

اعتبر التلاميذ نظام “البطاقة الحمراء”، الذي يتم بموجبه إخراج أحد التلاميذ من الصف، عقابا جيدا لأنه يبعد الأولاد المشاكسين ويتيح للباقين متابعة العمل من دون مقاطعة. وقد أدرك التلاميذ بأن هذا العقاب المتقدم يدون في سجلات المدرسة. إلا أنهم يرون بأن الطرد من الحصة ليس له تأثير كبير على الانضباط بالنسبة إلى التلاميذ “السيئين”، لأنهم يعتبرونه مزحة كبيرة. (وربما كان التلاميذ يحاولون التغطية على إحراجهم من الحصول على عقاب شديد بالسخرية منه). أما إخراج التلميذ من جدول العمل المعتاد فاعتبره الأولاد قصاصا لا يخلو من “الغباء”. إذ يكون التلميذ قد حقق بذلك النتيجة المرغوبة، وهي الخروج من الحصة وتجنب العمل.

الطرد من المدرسة

لم يتوقع أغلب التلاميذ أن يطردوا يوما من المدرسة. غير أن رأيهم كان حازما بالنسبة إلى وجهة نظر التلاميذ الذين استحقوا هذا العقاب القاسي. فمع أنهم شعروا بأن الطرد من المدرسة يساعد على توفير أجواء لسلوك أفضل، إلا أنني فوجئت لاعتبارهم أن الطرد يعني أيضا بالنسبة إلى كثير من التلاميذ القليلي الانضباط “يوم عطلة لفعل ما تشاء”.

أشكال العقاب الأخرى

شعر التلاميذ بأن طلب التحدث مع التلميذ هو عقاب مفيد جدا، لا سيما إن كان في وقت الغداء. كما اقترحوا أن يجتمع التلميذ مع المعلم والأبوين والمسؤول إن كان يسيء السلوك باستمرار. كما رأوا بأن الاتصالات الهاتفية وتوجيه الرسائل إلى المنزل تساعد أيضا إن كان والدا التلميذ متعاونين. وقال كثير من الأولاد بأنهم حاولوا فعلا تجنب هذا العقاب بالذات.

العوامل الأخرى التي تؤثر على السلوك

“ما هو تأثير بيئة الصف على سلوكك؟”

يرى التلاميذ أنه حين يكون الصف قذرا بالأساس، سيميلون أكثر إلى رمي النفايات على الأرض. ولكن، إن كان الصف نظيفا ونابضا بالألوان، فسوف يرغبون بالمحافظة عليه كما هو. وشعر بعض الأولاد بأن الصفوف التي يتعلمون فيها “باهتة” و”باردة”. إن كانت الحالة كذلك، لن يسروا للعمل فيها وسيكونون أكثر ميلا لإساءة التصرف نتيجة لذلك.

“ما هي المواد التي يسهل عليكم الانضباط فيها؟”

لا عجب ربما أن يشعر التلاميذ بأنه من الأسهل عليهم الانضباط في المواد غير الأكاديمية، كالفنون والموسيقى والتربية البدنية. وقد فسروا ذلك بأن تلك المواد لا تحتاج إلى كثير من التركيز وهم يشعرون باسترخاء أكبر فيها. ويعتبرون مادة التربية البدنية على أنها حصة مرح لا حصة عمل.

آراء التلاميذ بسوء السلوك

“ما رأيكم بالتلاميذ ذوي السلوك السيئ جدا؟”

كان للتلاميذ مشاعر متضاربة إزاء التلاميذ السيئي السلوك. فقالوا عنهم بأنهم مضحكون ويضفون متعة على الدرس. ولكن المثير للقلق، أنهم رأوا أيضا وجود علاقة بين سوء السلوك والشعبية. ومعظمهم لم يشعر بأنه مهدد شخصيا من قبل الأولاد السيئي السلوك في مدرسته.

غير أن البعض عبر أيضا عن انزعاجه. فقد شعروا أن هؤلاء التلاميذ يستحوذون على اهتمام المعلم، وهو أمر غير عادل. كما عبروا عن تعاطفهم مع المعلمين الذين يتعاملون مع مشاكل سوء التصرف. وكان ثمة إحساس قوي بأنه ينبغي عدم السماح لهؤلاء التلاميذ بالتأثير سلبا على تعليم الآخرين.

وذكر بعض هؤلاء التلاميذ أن زملاءهم المشاكسين دعوهم بالمتملقين لأنهم رغبوا بإحسان السلوك. غير أنهم سخروا من هذا النعت، لاسيما الأكبر سنا بينهم. وقالوا بأن تلك الإهانات نابعة من الغيرة لأنهم يريدون العمل بجهد للحصول على وظيفة جيدة. وقالوا أيضا إن الذكور يميلون إلى نعت الإناث بالمتملقات.

“لم يسيء التلاميذ السلوك”؟

كان التلاميذ واعين جدا للأسباب التي تدفع زملاءهم إلى إساءة السلوك. فذكروا “الزعماء” الذين يضطرون إلى اتباعهم خوفا منهم. ناهيك عن أن للزعماء شعبيتهم في الصف، وهو أمر في غاية الأهمية بالنسبة إليهم. ويفسر الأولاد أنهم يتبعون التلاميذ “المشاغبين” لأنهم جريئون ولا يخافون من تحدي المعلمين. وغالبا ما يبدو سلوكهم مضحكا بالنسبة إلى الصف، وهم يرغبون بتقليدهم ليروا التأثير الذي سيحدثونه. وإن أطلق أصدقاؤهم التعليقات السيئة، يشعرون بثقة أكبر للانضمام إليهم، على حد قولهم.

وأشار التلاميذ إلى أن الملل هو عامل أساسي في توليد سوء السلوك. فإثارة الفوضى تلفت إليهم انتباه المعلم وبقية الصف على حد سواء. وبذلك يكونون “شجعانا” في نظر الباقين ويأتون بشيء من اللهو عن العمل المضجر. ومن المشاكل الأخرى، عجزهم عن ضبط أنفسهم. وقلة الانضباط هذه تكون أقوى في أوقات معينة من النهار أو الأسبوع، أو بعد حصص معينة، كحصة التربية البدنية مثلا. وبرزت أيضا فكرة “العصابات”. فأشاروا إلى أن التلاميذ الذين يرفضون الانضمام إلى عصابة سيئة السلوك يخافون من أن يعاملهم أفرادها بعنف أو ينقلبوا عليهم.

صف تلميذا سيئ السلوك

حين طلب من التلاميذ وصف تلاميذ سيئي السلوك، ذكروا عددا من الخصائص:

■ يستغيبون المعلمين، ويتحدثون بفظاظة عند الاعتراض على سلوكهم.

■ يعترضون بشدة على العقاب، حتى إن كانوا يستحقونه.

■ يستمتعون بالتباهي ويريدون أن تسير الأمور حسب هواهم طيلة الوقت.

■ إن لم يحصلوا على ما يريدون، قد يغادرون الصف.

■ يتظاهرون بالاجتهاد خلال الحصص.

■ لا يترددون بشتم التلاميذ الآخرين والمعلم على حد سواء.

■ لا يهتمون بالتعلم، وربما لا يكترثون لا هم ولا آباؤهم بالحصول على مؤهلات جيدة.

■ يعمدون أحيانا إلى التدخين خارج وقت الدرس.

■ يصفهم باقي التلاميذ بأنهم يميلون إلى الاستقواء عليهم.

بالإضافة إلى ذلك، ذكر التلاميذ صفات أكثر إيجابية:

■ يتمتعون باحترام زملائهم.

■ يلفتون انتباه المعلم أكثر من غيرهم.

■ يتمتعون بشعبية أكبر بين زملائهم.

“ما الذي ينبغي فعله بخصوص التلاميذ السيئي السلوك؟”

لم يتمكن التلاميذ من الإجابة بسهولة عن هذا السؤال. اقترح بعضهم تخصيص مدارس للأولاد المشاكسين. وقالوا إنها فكرة جيدة لأنها تسمح للأشخاص الذين يرغبون بالتعلم بالعمل من دون إزعاج. (من الواضح أن هؤلاء التلاميذ لا يملكون أي فكرة عن مبدأ الدمج!) ومن الأفكار الأخرى التي طرحوها، إخراج الزعماء (بأي طريقة كانت) باكرا. فلو حدث ذلك في السنة الأولى من المدرسة، سيتصرف بقية الصف على نحو أفضل خشية أن يلاقوا المصير نفسه.

هل تحسن التصرف؟ ولماذا؟

كان للتلاميذ الذين أجابوا بنعم حافز قوي للنجاح (مصدره المنزل عادة). فقد ذكروا بأن تأثير الأهل هو عامل في غاية الأهمية، وكذلك الإخوة والأخوات الأكبر سنا الذين دخلوا الجامعة. فهؤلاء لا يخشون الابتعاد عن المجموعة أو أن تطلق عليهم صفة المتملقين لأنهم يعرفون أنه لا بأس في أن يكون المرء ذكيا. فقد أرادوا الاجتهاد لأنهم بتلك الطريقة سيحصلون على المهنة التي يرغبون بممارستها في المستقبل.

تأليف سو كولي