التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

حل المواجهات حين تتأزم الأمور مع سلوك التلاميذ

ثمة أسباب عديدة ومعقدة لنشوء المواجهات. ويكون السبب في بعض الأحيان خارجا تماما عن سيطرتك، كأن يصل أحد الأولاد إلى صفك في حالة من التوتر والإجهاد بحيث لا يمكنك فعل شيء أكثر من احتواء المشكلة. فبعض الأولاد يحملون على كاهلهم هموما ثقيلة؛ حالات وحوادث رهيبة يعانون منها خارج إطار المدرسة وتجعلهم أكثر قابلية للانفجار. بعضهم تأثر بأهله أو أولياء أمره الذين يستجيبون للمشاكل على نحو انفعالي. لذا من الأهمية بمكان عند الإمكان، وضمن حدود السرية، أن تكون فكرة عن نوع الحياة المنزلية التي يعيشها تلاميذك. هكذا تصبح أكثر إدراكا لظروفهم الخاصة بحيث تستخدم المرونة التي تحدثنا عنها في البداية.

في بعض الأوقات، يساهم المعلم مباشرة في المواجهة. ومع أنه ليس المذنب إن فقد التلميذ السيطرة على نفسه، إلى أن تصرفه يساعد على تفاقم المشكلة أحيانا. بالتالي، أثناء سعيك لتحسين سلوك تلاميذك، من الأهمية بمكان أن تفهم كيف تساهم في نشوء المواجهات، لكي تتمكن من تفاديها عند الإمكان. وفي ما يلي بعض الطرق التي يساهم فيها المعلم في نشوء المواجهة.

■ مزاج المعلم: حين تكون سيئ المزاج، من شأن مزاجك أن يتسرب إلى جميع من في الغرفة ويضعهم في حالة ذهنية سلبية. وقد تكون صعب الإرضاء أو عنيدا مع تلاميذك وتنتج بذلك جوا من التوتر والغضب.

■ شعور بالظلم: الأولاد حساسون جدا تجاه تعرضهم للظلم الفعلي أو غير المقصود. أنت تشعر على الأرجح بأنك عادل تماما. ولكن من السهل لمشاعرك الشخصية تجاه تلاميذك أن تنعكس بشكل لا واع على طريقة تعاملك معهم.

■ سوء التفاهم: في بعض الأحيان، نتهم الولد أو الصف بسوء السلوك خطأ. على سبيل المثال، رأيت مرة بعض التلاميذ يمررون ورقة لبعضهم في آخر الصف. وحين طلبت رؤيتها، رفضوا إعطائي إياها. ثم تبين لاحقا أنهم يوقعون على بطاقة شكر لي.

■ حدوث المواجهات أمام الصف: حين يتحدث المعلم إلى تلميذ فظ أمام الصف بأكمله، فهو يهيئ لحدوث مواجهة معه. فبينما يتراجع بعض التلاميذ في هذه الحالة، ثمة من يعجز عن التراجع أو يرفضه، فيتورط في مشادة كلامية مع المعلم.

■ عدم الثبات: حين يكون المعلم غير ثابت فإنه ينتج شعورا بالظلم لدى تلاميذه وتتوتر علاقتهم به. فربما كان يطبق الأنظمة بطريقة مختلفة عن الباقين أو يغير توقعاته بين يوم وآخر.

■ الحكم المسبق على التلميذ أو الصف: ما إن يكسب التلميذ سمعة معينة حتى يصبح من الصعب تغييرها. وقد يصف بعض المعلمين صفا ما بأنه صعب المراس. ولكن حين يقابل المعلم التلميذ أو الصف ولديه أحكام وتوقعات مسبقة، فهو لا يعطي التلاميذ الفرصة لإثبات أنفسهم. ومن شأن هذا أيضا أن يوجد شعورا بالظلم وأن يؤدي إلى توتير العلاقة بالمعلم ووقوع المواجهات.

كيف تتجنب المواجهات

من المستحسن عند الإمكان تجنب الدخول في مواجهات مع التلميذ من الأساس، فهي لا تؤدي سوى إلى الإضرار بعلاقة المعلم بتلاميذه. إضافة إلى ذلك، ثمة دوما احتمال خروج المواجهة السلبية عن السيطرة وتحولها إلى مواجهة جسدية.

تطرأ المشاكل خصوصا حين يكون المعلم متعبا ومتوترا. وحين يتلفظ التلميذ بالشتائم أو يتصرف على نحو غير لائق على الإطلاق، من السهل مواجهة سلوكه بالطريقة العدائية نفسها، فتتصاعد المشكلة. وتجنب المواجهة لا يعني بأنك تتهرب من التعامل مع المسألة، بل أنك تقاربها بطريقة عقلانية. عندما تتعامل مع تلميذ ميال إلى المواجهة، حاول استعمال التقنيات التالية.

■ كن معلما تأكيديا، واثقا وثابتا: حين يتعامل المعلم مع تلاميذه على نحو فاعل وتأكيدي طيلة أو معظم الوقت، سيكون مستوى التوتر لديه منخفضا.

■ كن مدركا لحالتك النفسية: حين تكون متعبا أو متوترا، كن واعيا لمدى تأثير ذلك على طريقة تعاملك مع الصف. قلص من مستوى التوتر المحتمل عبر جعل النشاطات الدراسية بسيطة ومراقبة. واحرص على أخذ استراحات، ومغادرة المدرسة في الوقت المحدد للحصول على الراحة.

■ أجر المحادثات الصعبة على انفراد: تعلم التحدث مع التلاميذ ومعاقبتهم على انفراد لكي لا تعطيهم فرصة استغلال الجمهور.

■ تدخل باكرا: كن مستعدا للتدخل عند أولى إشارات المشاكل، حالما يبدأ الجدال أو تشعر بأن أحد التلاميذ مستاء.

■ تعلم متى تتجاهل سوء السلوك الطفيف: تعلم بالمقابل متى تتجاهل بكل بساطة السخافات عوضا عن السماح للتلميذ الذي يسعى إلى جذب الانتباه بأن يحقق مبتغاه.

■ ارفض الدخول في جدال عقيم مع التلاميذ: يحب بعض التلاميذ جر المعلمين في جدالات عقيمة بهدف إضاعة الوقت أو تبرئة أنفسهم من ذنب معين. احرص على عدم الانجرار إلى ذلك لأنه من دون جدوى ولا يؤدي سوى إلى توتر غير ضروري. تذكر: “كن منطقيا ولكن لا تتبع منطقهم”.

■ غير الموضوع: استعمل تقنية صرف الانتباه لتجنب المواجهات المحتملة. فحين يبكي الولد نحاول إلهاءه بما يضحكه أو بالألعاب، وكذلك بتغيير الموضوع تحولهم عن أفكارهم العدوانية.

■ أجل حل المسألة لوقت آخر: في بعض الأحيان يتورط المعلم في جدال ويبدو واضحا بأن التلميذ لن ينصاع لقوله، بل يزداد هياجا أو عدائية. في هذه الحالة، من الأفضل تأجيل النقاش إلى وقت آخر، كأن تقول للولد، سنناقش الأمر بعد انتهاء الحصة.

■ لا تتردد في الاعتذار حين تخطئ: إن ارتكبت خطأ، كالتحدث مع الولد بفظاظة أو عدائية لا ضرورة لها، كن متواضعا ولا تتردد في الاعتذار. وستحصل بالمقابل على احترام كبير.

كيف تتعامل مع المواجهات

حين تقع المواجهة، يجد بعض التلاميذ صعوبة كبيرة في التراجع. وتقع مسؤولية التعامل مع الوضع بأفضل طريقة ممكنة على عاتق المعلم. والحل المثالي هو بحل المسألة بحيث تلحق أقل ضرر ممكن بعلاقتك بالتلاميذ، وتضمن في الوقت نفسه سلامة جميع من في الصف. ومن شأن المقترحات التالية أن تساعدك على تحقيق ذلك.

■ أزل المشكلة: غالبا ما تقع المواجهة حول غرض معين، حقيبة أقلام، قرص مدمج، هاتف نقال، وما إلى ذلك. بالتالي، قم عند الإمكان بإزالة الغرض من المعادلة. واحرص على عدم اللجوء إلى المصادرة من البداية، تجنبا لتصعيد المشكلة. بل ألح على التلميذ أن يضعه في الحقيبة قبل أن تضطر لأخذه منه. وفي بعض الأحيان، تضطر إلى التخلص من التلميذ نفسه، فتطلب منه الخروج من الصف لبرهة ليهدأ. احرص في هذه الحالة على أن يكون التلميذ مراقبا من قبل مساعد.

■ خذ مشاعر التلاميذ وشكواهم على محمل الجد: يكفي في بعض الأحيان الاستماع إلى التلميذ. اطلب منه وصف المشكلة التي أدت إلى النزاع وأظهر تعاطفك معه.

■ اعرف متى تطلب المساعدة: ليس من المخجل أبدا استدعاء الناظر بواسطة تلميذ موثوق به عند اندلاع شجار في الصف لكي يساعدك في السيطرة على الوضع، وليكون شاهدا على ما يحدث.

■ حافظ على هدوئك: من الصعب جدا على التلميذ مواصلة التعبير عن غضبه إن لم يكن ثمة ما يشعله. فإن حافظت على هدوئك طيلة الوقت، سيكون من الأصعب عليهم التصرف على نحو استفزازي. كما أنك ستمثل نموذجا إيجابيا قويا لكيفية التعامل مع السلوك العدواني.

■ توقف للحظة: حين يتأزم الوضع في الصف، يميل المعلم عادة إلى الاندفاع لحله فورا. عوضا عن ذلك، فكر لبضع ثوان، وأعط نفسك الوقت لتهدأ بحيث تتمكن من حل المسائل الصعبة بأفضل الطرق الممكنة.

■ تحدث بنبرة مهدئة: للصوت دور كبير في تهدئة النفوس المتوترة. استخدم في سبيل ذلك نبرة رتيبة هادئة.

■ لا تستخدم لغة جسدية عدوانية: كذلك من شأن لغة الجسد غير الاستفزازية أن تساعد على التهدئة. واحرص على عدم الوقوف في مجال التلميذ الشخصي ليس تجنبا للتوتر وحسب بل لتحمي نفسك أيضا من الهجوم الجسدي.

■ استعمل الأسماء تكرارا: يساعد تكرار اسم التلميذ على لفت انتباهه وقد يتيح لك أيضا إخراجه من المواجهة. اقرن استخدام الاسم بنبرة رتيبة هادئة.

■ تذكر: ليست مسألة فوز أو خسارة: قد يقع المعلم في فخ الشعور أن عليه ربح المواجهة. والحقيقة أن أحدا لا يربح فعلا، مهما حدث في النهاية. يجب أن يكون هدفك حل الخلاف وليس الشعور بالانتصار.

■ ليس عليك أن تنظر في أعينهم: نحن معتادون على النظر في أعين تلاميذنا ما يدفعنا إلى القيام بالمثل، ونحن نتحدث إليهم أثناء حل المشاكل. غير أنه من الأفضل في بعض الأحيان التحدث إلى الولد من دون النظر في عينيه مباشرة. وهذا ما ينطبق خصوصا على الأولاد الذين ينتمون إلى خلفية ثقافية معينة، والذين قد يجدون في ذلك نوعا من القسوة والتهديد.

ما بعد المواجهة

بعد وقوع مواجهة في صفك، قد تشعر بالتوتر والانزعاج. وقد تهتز ثقتك بنفسك وتشعر بأنك فشلت نوعا ما كمعلم. تفهم المدارس الجيدة مدى تأثير المواجهات الخطيرة على المعلم، وهي تقدم عادة الدعم اللازم لمساعدتك في السيطرة على انفعالاتك. ومن شأن المقترحات التالية أن تساعدك في استعادة السيطرة على نفسك.

■ أعط نفسك الوقت لتستريح، واطلب من معلم آخر تغطية حصتك التالية إن أمكن.

■ احصل على الدعم أينما توفر لك، من المدراء أو النقابة أو المعلمين الآخرين أو حتى من خارج المدرسة.

■ حاول عدم النظر إلى المشكلة من زاوية شخصية. فالولد الذي يتهجم على الغير لفظيا أو جسديا، يعاني من دون شك من مشاكل خطيرة.

■ لا تحقد على التلاميذ، بل اهدف دوما إلى إعطاء التلميذ فرصة البدء من جديد في المرة التالية التي تعلمه فيها.

تأليف سو كولي