التصنيفات
الطب البديل والتكميلي

تمارين يوغا لعلاج الإجهاد

ليست كل أنواع الإجهاد سيئة. فأن يكون المرء متوتراً وقلقاً ومشدوداً هو أمرٌ له قيمة بقائية، كما يُحتمل أنك قد سمعت لعدة مرات سابقاً، فأنت حتى ما كنت ستكون هنا لتقرأ هذا لو أن أسلافك لم يكن لديهم جهاز استجابة للإجهاد مشحوذ جيداً لينجوا به من الغزاة الطامعين والحيوانات المفترسة الجائعة. فحتى النهوض من السرير في الصباح يتطلب اندفاعاً في ضغط الدم والذي لن يحدث دون جهاز استجابة الإجهاد المبني فيك ضمناً والذي يعتمد على نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي (SNS) وإطلاق هرمونات الإجهاد بما فيها الأدرينالين والكورتيزول.

عندما تدرك بأن ثمة ما يهددك – أي شيء؛ من مواجهة مع سائق سيارة غاضب، إلى فاتورة غير متوقعة من مصلحة الضرائب – فإن جهازك العصبي السمبثاوي (SNS) ينشط تقريباً على الفور. يرتفع ضغط دمك ويخفق قلبك بقوةٍ أكبر جالباً مزيداً من الدم إلى العضلات الأكبر في الرِجلين والذراعين ليسمح لك أن تدافع عن نفسك أو أن تهرب من المشكلة (ومن هنا جاء مصطلح استجابة “القتال أو الهروب”). يتخثّر الدم بسهولة أكثر في حال كنت مُصاباً. وتلتصق خلايا الدم البيضاء بجُدُر الشعيرات الدموية مستعدةً للتأهّب للقتال إذا أُصيب أي من الجروح الحاصلة بميكروب. كما أن مصادر الطاقة، ومن ضمنها السكر والدهون، تحتشد لتعطيك كمية وافرة من الوقود. إن كنت قد تعرّضت في حياتك يوماً لحادث نجوت فيه بأعجوبة – كأن تكون على وشك أن تدهسك حافلة – فأنت تعرف بأن استجابة الإجهاد تدخل على الفور تقريباً، ومن ثم تستغرق فترة لتتلاشى.

إذا كان جهاز استجابة الإجهاد لديك يقوم بوظيفته جيداً، فما إن يزول التهديد حتى ينتقل جسمك إلى طورٍ مُجدِّد يهيمن فيه الجهاز العصبي نظير السمبثاوي (PNS) على الجهاز العصبي السمبثاوي (SNS). فيعود ضغط دمك ومعدّل قلبك إلى طبيعتيهما، وتنخفض مستويات هرمونات الإجهاد، وكذلك مستويات سكر الدم ومقاييس تخثّر (تجلّط) الدم. معظم “التهديدات” التي نواجهها في العالم الحديث لم تعد جسدية. ليس من شأن الضغوط النموذجية المعاصرة (قلق بشأن العلاقات مع الآخرين، ومشاكل في العمل، ومخاوف مجردة تتعلق بالمال والأمن والسعادة والرضا) أن يتم حلّها بسرعة، وبالتالي فإن جهاز استجابة الإجهاد إما أن يبقى مُنشَّطاً أو يُعاد تنشيطه على نحوٍ متكرر. وعندما يكون الوضع كذلك، فإن جهاز الحماية المبني فيك ضمناً يمكن أن ينقلب عليك ويسبِّب المرض.

العلاقة بين الإجهاد والمرض

عندما يذكر أحدهم مشكلة صحية تتعلّق بالإجهاد، فقد يخطر ببالك القرحة، أو صعوبة الاستغراق في النوم، أو صداع التوتر. يمكن للإجهاد حقاً أن يسهم في هذه المشاكل، ولكن الشواهد العلمية تُظهر اليوم بأن الإجهاد يحثّ بعضاً من أكبر مشاكل الصحة في زمننا، بما فيها داء السكر من النوع الثاني، والاكتئاب، وترقق العظم، والنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، بالإضافة إلى أمراض المناعة الذاتية مثل التصلّب المتعدِّد (MS) والتهاب المفاصل الرثياني. وبالرغم من عدم توفر الكثير من الأدلة على أن الإجهاد يسبَّب السرطان، إلا أنه يبدو بأنه يزيد من احتمالات الموت بهذا المرض. وبالتمام والكمال، يمكن المجادلة بأن الإجهاد هو القاتل الأول في العالم الغربي اليوم.

لقد كُتِب الكثير في السنوات الأخيرة عن وباء البدانة، وبشكلٍ مأساوي بين الأطفال الذين قد ينتهي بهم الأمر أن يصبحوا زائدي الوزن طوال حياتهم. تقترح الأدلة اليوم بأن متوقع زيادة الوزن الأكبر لدى الأطفال هو مستوياتهم الإجهادية. وجدت دراسة نُشِرت في مجلة سيكولوجية الصحة Health Psychology بأن الأطفال المُجهدين يأكلون أكثر من ضعف ما يأكله زملاؤهم الأقل إجهاداً في وجبات الطعام، كما أن اختيارهم للطعام هو غير صحي بدرجة أكبر بكثير. وقد أظهروا أيضاً واحدة من السمات المميزة للأكل غير الصّحي: تجاوز وجبة الفطور التي تهيّئ الأجواء للإفراط في الأكل لاحقاً خلال اليوم. ربما يكون الإفراط في الأكل هو في جزءٍ منه نتيجة لتأثيرات الكورتيزول. لقد وُجِد مراراً وتكراراً بأن اليوغا تخفض مستويات هرمون الإجهاد هذا.

الكورتيزول لاعب أساسي في الأمراض المتصلة بالإجهاد

يؤدي الارتفاع في مستويات الكورتيزول الذي ينشأ عن الإجهاد إلى إضعاف الصحة بطرق عديدة. فقد تبيّن وجود صلة بين مستويات الكورتيزول العالية والزيادة في سكر الدم الراسخ، وضغط الدم الانقباضي والانبساطي العالي، والمستويات العالية لثلاثي الغليسريد، بالإضافة إلى مقاومة الإنسولين، والتي يشكِّل كل منها عاملاً مستقلاً خطراً يزيد من احتمال الإصابة بالنوبة القلبية، بينما تعمل مجتمعةً بتداؤب على مضاعفة الخطر. يبدو أن الكورتيزول يدخل بشكلٍ وثيق في مشكلة تناول الطعام المتصلة بالإجهاد، حيث إنّ المستويات العالية منه ترتبط بما يسميه العلماء الذين يدرسون الجرذان بـ “سلوك البحث عن الطعام”، والأكل المفرط لدى البشر. إذا كنت تفرط في الأكل فعلاً، فإن الكورتيزول يضمن تحويل السعرات الحرارية الزائدة إلى دهن يترسب في أكثر الأماكن خطورة من وجهة نظر صحية، ألا وهو البطن. فالدهن البطني الفائض يزيد إلى حد كبير من مخاطر الإصابة بداء السكر من النوع 2 واعتلال القلب، وهما اثنان من أكبر أمراض المجتمع القاتلة. ولكن هذه قائمة جزئية فقط من تأثيرات الكورتيزول.

يخفض الكورتيزول المرتفع كثافة العظم، وقد رُبِط بينه وبين الاكتئاب، ويبدو أيضاً بأنه يؤثِّر في الوظيفة المناعية. عندما تستجيب لأزمة حادة بتدفّق في الكورتيزول فأنت تحصل على تعزيز مؤقّت للجهاز المناعي. ولكن عندما تبقى مستويات الكورتيزول مرتفعة على نحوٍ مزمن، يصبح لها تأثير ضار في دفاعات الجسم المبنية ضمناً. ليست هذه بمفاجأة: فالكورتيزون والعقاقير الأخرى المتصلة بالكورتيزول يتم استخدامها طبياً لإيقاف الجهاز المناعي. وقد ربط العلماء الإجهاد المزمن بمدى احتمال إصابتك بزكام لدى تعرّضك لفيروس، والمدى الذي ستبلغه حدّة العوارض. من المعروف أن المستويات العالية من الإجهاد تعيد تنشيط مرض القوباء، وتجعل جهازك المناعي أقل احتمالاً لأن يستجيب للّقاح. ويبدو أن الكورتيزول هو اللاعب الرئيس في هذا التوقف المناعي.

كما تمّ أيضاً ربط الكورتيزول بفقدان الذاكرة. أحد الأسباب المؤدية إلى الانطباع القوي للأحداث المجهدة في الذهن هو مستويات الكورتيزول العالية. ولكن، من جهة ثانية، يمكن لمستويات الكورتيزول العالية على نحوٍ مزمن أن تُضعف الذاكرة وتؤدي إلى تغييرات دائمة في الدماغ. تربط بعض الدراسات الميلَ نحو الإجهاد بالإصابة لاحقاً بمرض الزهايمر (رغم عدم وجود إثبات لصلة عَرَضية). ومع ذلك، فإن الإجهاد المزمن يسرِّع على الأرجح الانحدار في الوظيفة العقلية عند شخص مُصاب بالمرض وقد يسهم في أشكال أخرى من الخرف.

تلخِّص القائمة أدناه الطرق التي يستطيع الإجهاد من خلالها أن يُضعف الصحة (لاحظ أن الكثير من هذه التأثيرات تميل لأن تكون معاكسة لنتائج اليوغا).

تأثيرات الإجهاد في الصحة

  • وظيفة ضعيفة للجهاز المناعي
  • زيادة الكولستيرول
  • زيادة الالتهاب
  • زيادة ثلاثي الغليسريد
  • نقص كثافة العظم
  • زيادة تخثّر (تجلّط) الدم
  • مشاكل في الذاكرة
  • التئام جروح ضعيف
  • زيادة الشهية
  • نوم أسوأ
  • زيادة الوزن
  • زيادة الإحساس بالألم
  • دهن مترسِّب في البطن
  • المزيد من الإعياء
  • زيادة المقاومة للإنسولين
  • مزاج أسوأ
  • زيادة سكر الدم
  • تبنّي عادات أقلّ اتِّساماً بالصحة

الشكل المُتَّخذ للإجهاد في اليوغا

مهما كانت المسبِّبات الخارجية، إلا أن ما يحثّ الإجهاد في معظم الأحيان هو أفكارك. يمكن للعقل حتى أن يولِّد إجهاداً حين يقلق بشأن مشاكل تكاد تكون مستحيلة الحدوث. وقد علَّق مارك توين ساخراً بأن بعضاً من أكبر خيبات أمله لم يحدث أبداً.

الأخبار السارة هي بأن الشفاء ومجرّد الشعور الجيد البسيط بشأن حياتك يمكن أيضاً أن يتم تيسيرهما بواسطة أفكارك. فبقدر أي شيء آخر، اليوغا هي تكنولوجيا تعلِّمك كيف تمنع عقلك من العمل ضدك. وبكلمات باتانجالي: “تُبطئ اليوغا تقلّبات العقل”؛ تحوِّل اليوغا العقل ليكون حليفك، من خلال تخفيض جهارة الصوت على ما أطلق عليه أنا حلقات الشريط – السامسكارا العقلية – يمكنك أن تصبح على اتصال مع مكان أكثر هناءً في داخلك. قد لا تشعر به في البداية إلا مع اقتراب ختام دورة اليوغا فقط، ولكنك مع مواصلة التدريب، تصبح مدركاً أكثر فأكثر لمكان هادئ في لبّك خلال كامل اليوم. ببطء ولكن بتأكيد، تساعدك اليوغا على أن تدرك بأن الكثير مما أنت معتاد على الانزعاج بشأنه هو ليس بتلك الأهمية. وقد تكون هذه أفضل الطرق جميعاً لتخفيض الإجهاد.

إحدى وسائل اليوغا التي تستخدم الأفكار عمداً لتغيير الجسم والعقل هي التخيّلات الموجّهة. بينما تسترخي في وضع جلوس أو مستلقياً، يوجّهك معلّم (شخصياً أو من خلال شريط) إلى أماكن مختلفة في تخيّلك. يمكن للصُوَر أن تكون بصرية، أو سمعية، أو ملموسة، أو مجازية. جرّب التمرين التالي بتوجيه رود سترايكر، وانظر إن كان لا يؤثِّر في الطريقة التي تشعر بها، لا تنتقل خلاله بسرعة جداً. عندما يعلّمه رود لصف دراسي، تكون السرعة متمهّلة. هو يتوقّف على نحوٍ متكرر بين التعليمات بحيث يستغرق التمرين من بدايته إلى نهايته من ست إلى ثماني دقائق.

تمرين تجريبي: استرخاء موجَّه. كما هو الحال في جميع تمارين الاسترخاء، لا تشغّل أولاً أية موسيقى، أو تلفاز، أو هواتف، أو أي شيء آخر يحتمل أن يلهيك. اجلس في وضع مريح منتصب أو استلقِ أرضاً. عندما تستقر في وِضعيتك، اعقد في نيتك بأن موجة من الاسترخاء تنتشر خلال كامل جسمك، حرِّر أي انقباض في فكِّك، دع شفتيك تفترقان وأسنانك العليا والسفلى تنفصل قليلاً. ومن دون أن تغيّر تعبير وجهك، تخيل شعور ابتسامة. ازرع تلك البراءة المتألقة الحرّة والفرح وراء الابتسامة. بعد لحظة، اجلب شعور الابتسامة إلى قلبك وامكث هناك في تخيّلك. ثم اشعر بالابتسامة في كلتا رئتيك وفي المساحة بين عظام كتفيك. ومن هناك اجلب شعور الابتسامة إلى أعضائك البطنية وجهازك الهضمي، وأسفل ظهرك، وحوضك، ورِجليك. وأخيراً اشعر بكامل جسمك وكأنّه ابتسامة واحدة كبيرة حرة ومتألقة. اشعر وكأنك تجسيد لابتسامة، وبأن وجودك كله يتجدّد، وينعكس مع وجود ابتسامة. كل خلية تبتسم.

هل لاحظت أية تغيرات جراء القيام بهذا التمرين؟ هل تشعر بأنك مسترخٍ أكثر؟ هل بطؤ تنفسك أو أصبح أعمق؟ هل أصبح مزاجك أكثر ابتهاجاً؟ من المحتمل أنك لم تشعر بالكثير. يختلف الناس من ناحية الصُوَر الذهنية التي تنجح معهم على نحوٍ أفضل. إذا كنت شخصاً بصرياً أكثر، فقد تستجيب بشكلٍ أفضل لمشهد جميل في الطبيعة. يمكن أن تجمع الصور أيضاً أشكال الحواس. يمكن لمشهد شاطئ مُتخيَّل، على سبيل المثال، أن يستحضر في الذهن صوت الأمواج، ورائحة الماء المالح، والإحساس بالشمس الدافئة ونسيم المحيط. إذا كان الأمر يثير اهتمامك، فقد تجرِّب تمارين تخيّل متنوعة موجَّهة لحواس مختلفة لترى أيها يروق لك أكثر.

إن تدريبات اليوغا هذه يمكن أن تكون باعثة على الاسترخاء على نحوٍ عميق، وحتى مفرحة. ومع ذلك، فإن قوة اليوغا تذهب إلى ما هو أبعد من كيفية شعورك أثناء ممارستك لها وبعد ذلك مباشرة. تحتمل اليوغا أيضاً إمكانية كونها محوِّلة.

صمادي (الاستغراق الكامل) على الشاطئ

اختبر معظم الناس شعور هدوءٍ عميق عند الشاطئ، أو في مكان آخر من الطبيعة. يصبحون مستغرقين جداً في جمال وقوة ما يحيط بهم بحيث إنّهم يفقدون كل وعي ذاتي. وللحظة واحدة فقط، تبطؤ ثرثرة العقل المستمرة. وأحياناً في لحظة كهذه يجد الناس وضوحاً. ربما يدركون بأنهم غير سعداء في وظيفتهم أو في حياتهم الشخصية وبحاجة لإحداث تغيير. ليس الأمر تماماً كما لو كانوا يتخذون قراراً، بل هو أشبه بتمييز رسالة آتية من الداخل لم يكن بوسعهم أن يسمعوها في ضجيج حياتهم اليومية.

كتب عالِم النفس ميهالي سيكزنتميهالاي بشمول عن ظاهرة يُطلق عليها السريان. السريان هو الإحساس العفوي بكونك في اللحظة. ومن وجهة نظر يوغية، هو مكان حيث الشفاء يمكن أن يحصل أيضاً. قد يحدث أثناء تأديتك لعملك، أو جلوسك على الشاطئ، أو استماعك لسيمفونية، أو إن كنت محظوظاً جداً، وسط زحمة سير. إذا كنت قد اختبرت مرّة تجربة كهذه – حتى لو لم تكن قد مارست اليوغا أبداً – فأنت بالفعل لديك لمحة عمّا يمكن أن تأتيك به ممارسة اليوغا.

إن تجربة الاستغراق الكامل هي ما يطلق عليه اليوغيون اسم الصمادي، وهي كلمة سنسكريتية تعني “العقل الساكن” كما أنها العنصر الفعال الثامن لطريقة حياة باتانجالي ذات الثمانية عناصر. يقول رود سترايكر بأن الصمادي تحدث عندما تكون مستغرقاً كلياً بما تفعله: ليست هناك أفكار تتعلق بأي شيء آخر، ويختفي الوقت. الصمادي هي حالة هنيئة تتجاوز الكلمات، والتي تعلِّم اليوغا بأنها حقّك المُكتسب بالولادة. فهي مبنية ضمناً في مجموعة داراتك الكهربائية رغم أنك قد تحتاج لأن تتعلم كيفية الوصول إليها.

اليوغا هي طريقة، أو مجموعة من الطرق، للوصول إلى حالة الصمادي. يعتقد اليوغيون بأنك عندما تهدِّئ العقل فأنت تصل إلى إدراكات بشأن ما هو صحيح وما هو غير ذلك، وما هو مهم وما هو غير ذلك. ورغم ما يمكن أن تكون عليه الصمادي من السعادة والهناء، فإن فائدتها العظمى ليست التجربة نفسها: بل ما تعلّمه إياك التجربة بشأن الكيفية التي تعيش بها حياتك. إن نوع صمادي الحياة اليومية المشروح أعلاه هو البداية فقط من وجهة نظر يوغية. يعتقد اليوغيون بأنه يمكن الوصول إلى حالات أعمق من الصمادي والمعارف العميقة التي تصاحبها من خلال الممارسة المنتظمة للتأمل. ومع ذلك، يمكن حتى للحظة واحدة من الصمادي على الشاطئ أن تغيّرك، وقد تفتح شهيتك للمزيد.

تهدئة عقل النسناس (تيار عشوائي من الأفكار)

بالتناقض مع الهدوء الداخلي للاستغراق الكامل في اللحظة هناك الحالة الأكثر شيوعاً والتي يبدو فيها فقط بأن حلقات شريط العقل لن تتوقف. يطوف العقل باستمرار عند معظم الناس من موضوع إلى موضوع مزوِّداً تعقيباً جارياً عن كيفية مجرى الأمور، ويتخلله هنا وهناك تيار عشوائي على ما يبدو من الأفكار: هموم، وقوائم بما يجب عمله، ومقاطع من كلمات أغنية، وصور من وسائل الإعلام، وذكريات متنوعة. هذا ما يطلق عليه اليوغيون عقل النسناس. إنه يشبه طفلاً مفرط النشاط، فهو ينتقل من فكرة إلى فكرة ولا يركِّز أبداً على أي شيء واحد لفترة طويلة. معظم ما يملأ عقل النسناس هي السامسكارا العقلية: أفكار مكرّرة آلية حول ما تخشاه، أو ترغبه، أو تكرهه. نادراً ما يكون عقل النسناس حاضراً في اللحظة الحالية، بل تراه يفضّل أن يفكّر على نحوٍ مستحوذ باستياءات سابقة، أو يعيد إحياء أمجاد قديمة، أو يقلق بشأن المستقبل، أو يحلم كيف يمكن أن تكون الحياة مختلفة.

عندما تقضي كل وقتك مستمعاً لحلقات شريطك الداخلي، فأنت لا تستطيع أن تعيش الحاضر بشكلٍ كلي. أنت لا تسمع ما قاله شريكك لتوّه، ولا تتذوق طعامك بشكلٍ كامل، وأنت دون مبالغة لا تشم رائحة الزهور. وحيث إنّ الناس بمعظمهم لم يختبروا أبداً أي شيء آخر، فهم يحسبون بأن الحوار الداخلي المستمر هو شيء طبيعي. بينما قد لا يكون الآخرون مدركين بشكل واعٍ لعدد المرات التي يتوهون فيها في عالم أفكارهم الداخلي. من أجل استكشاف هذه الفكرة أكثر، جرِّب رجاءً تمرين التأمل البسيط هذا.

تمرين تجريبي:

تأمّل على الشاطئ. اجلس مستقيماً على الأرض أو على كرسي. إذا كان الجلوس غير ممكن، باستطاعتك أن تستلقي على ظهرك. أغمض عينيك برفق وابدأ في متابعة نَفَسك، ولكن لا تقم بأي جهد لتغييره. حاول أن لا تنجرف في النوم، اجلب انتباهك إلى صوت النَّفَس الجاري داخلاً وخارجاً، لاحظ الهواء وهو يمسّ برفق داخل أنفك، انتبه للشهيق بأكمله إلى أن ينتهي ويبدأ الزفير، تآلف مع اللحظة الدقيقة للانتقال، ركِّز على التفاصيل الدقيقة لكيفية الشعور بالنَّفَس في منخريك واستمع إلى الصوت الذي يحدثه. لاحظ إن كان النَّفَس الداخل والنَّفَس الخارج سَلِسيْن بالدرجة نفسها ولهما الطول الزمني نفسه. إذا لاحظت بأن انتباهك قد تذبذب، فأعد تركيزك ببساطة إلى النفَس مرة أخرى. ابقَ في التمرين من دقيقتين إلى خمس دقائق.

بعد انتهائك من أداء التمرين، فكّر بالطريقة التي جرى فيها التأمل. هل استطعت أن تُبقي تركيزك على النَّفَس؟ هل نزعَتْ أفكارك إلى التجوال؟ هل كنت تفكّر بألم في ظهرك أو حكة في أنفك؟ هل قفز ذهنك إلى ما يجب عليك فعله لاحقاً خلال اليوم أو في الغد؟ هل كنت تقيّم نفسك؟

إذا كان عقلك في كل مكان في هذا التمرين، فلا تقلق، أنت في صحبة جيدة. فعقول الجميع تقريباً كذلك طوال الوقت. فقط عندما تجلس في مكان واحد وتغمض عينيك وتحاول أن تركّز، تكون قد بدأت برؤية ذلك بوضوح. قلّة قليلة من الناس تستطيع أن تحافظ على تركيز أحادي التوجيه لفترة زمنية تعادل حتى نَفَساً واحداً. إنّ جزءاً من فائدة هذا التمرين هو أنك عندما تحاول أن تكون هادئاً، فأنت تستطيع أن ترى بوضوح مدى انشغال عقلك.

يقضي البشر المعاصرون حياتهم كلّها تقريباً في أرض الكلمات والمفاهيم. هذه الأمور مهمة بالطبع، ولكن من خلال اليوغا أنت تتعلم بأنك لا يجب أن تقضي كلّ وقتك هناك. تعلِّم اليوغا بأن نفسك الحقيقية تقع في ما وراء التيار الكلامي اللامحدود. ليس الأمر بأنك تريد أن تتخلى عن التفكير المنطقي، بل تريد فقط أن تكون قادراً على إيقافه لفترات قصيرة بحيث تستطيع أن تتآلف مع تجربة مباشرة ومع النفس اللاواعية التي تقع تحت السطح. ما اخترعه اليوغيون القدماء هو سلسلة من التقنيات لتخفيف إلهاء الاستعراض الكلامي المستمر بحيث يمكن للعقل أن يصبح أكثر وضوحاً واستيعاباً.

ومن وجهة نظر صحية، فإن عقل النسناس علاوة على إلهائه إياك وجعلك في وضع بائس أحياناً، فمن شأنه أيضاً أن يُبقي الجهاز العصبي السمبثاوي (SNS) مُنشَّطاً، وهو تماماً عكس ما يحتاجه معظم الناس في العالم الحديث. إنّ مشاعر الهدوء والاتصال والمعنى التي نختبرها عندما نشغل الحاضر بشكلٍ كلي من شأنها أن تحوِّل التوازن نحو الجهاز العصبي نظير السمبثاوي (PNS)، ما يحتمل إبطاله لبعضٍ من التلف.

الإجهاد والنَّفَس

قد يكون النَّفَس أهم وسيلة في ممارسة اليوغا. اكتشف اليوغيون القدماء بأن النَّفَس الذي هو تلقائي (أوتوماتيكي) بطبيعته، له تأثيرات عميقة في الجهاز العصبي إذا تم التحكّم به بشكلٍ واعٍ، حيث يملك الإمكانية لزيادة النشاط أو لتشجيع الاسترخاء اعتماداً على التدريب. أنت تصل من خلال ممارسة اليوغا إلى إدراك كيف يؤثِّر نَفَسك في كيفية شعورك، وكيف يمكن أن تستخدمه لتغيير حالتك الكائنة. ينصبّ معظم التركيز في اليوغا على إبطاء وتعميق النَّفَس، ولكنه أيضاً يهتم بجعل الشهيق والزفير سَلسيْن قدر الإمكان من دون أية مطبّات أو حازوقات. تُعلِّم المعتقدات اليوغية التقليدية بأن التحكم بتقلّبات النَّفَس يساعد في تهدئة تقلبات العقل.

يمكن للشعور بالإجهاد أن يكون له عدد من التأثيرات في النَّفَس، والتي هي في معظمها ضارة. فمن وجهة نظر يوغية، يمكن للتنفس المؤدَّى على نحوٍ مختل وظيفياً أن يكون نتيجةً للإجهاد وسبباً له أيضاً. فأنت قد تتنفس بصورة غير منتظمة لدى شعورك بالإجهاد، والتنفّس المتقطّع وغير الفعّال يسبِّب التوتر والاضطراب. إنّ مجرد إبطاء النَّفَس وجعله أكثر انتظاماً يبدأ بتقليل مشاعر الإجهاد خلال ثوان. وهذه الحكمة منعكسة في النصيحة الشائعة الموجَّهة لشخص على وشك أن يفقد تمالكه لنفسه: “خذ نَفَساً عميقاً”.

التنفس عن طريق حركات الحجاب الحاجز

أحد الأمور الهامة جداً في فهم التنفس اليوغي هو تقدير دور الحجاب الحاجز الذي هو أهم العضلات التي تساعد في تحريك الهواء داخل وخارج الرئتين. الجزء العلوي من هذه العضلة الكبيرة الرفيعة له شكل شبيه بقبّة المظلة، وهو يفصل الصدر عن البطن. يقع القلب والرئتان مباشرة فوقه، بينما يقع الكبد والمعدة وغيرهما من الأعضاء البطنية أسفل منه مباشرة. ويصل جزؤه الأعلى إلى داخل الأضلاع السفلى في الأمام والخلف على السواء. وعلى الجانب السفلي من الحجاب الحاجز، هناك وترٌ سميك يصله بأسفل العمود الفقري. عندما ينقبض الحجاب الحاجز لإدخال النَّفَس، فإن قبّته تتحرك إلى الأسفل. إذا كان بطنك مسترخياً، فإن الضغط سيجعل البطن يتسّع برفق نحو الخارج بينما تتسع المناطق السفلى من الرئتين نحو الأسفل. إذا تآلفت مع الحركة، فقد تلاحظ إحساساً خفيفاً من الضغط بين السرّة وعظم الصدر عندما تشهق، والذي يتبدد عندما تزفر. قد تلاحظ أيضاً اتساعاً تدريجياً خفيفاً للأضلاع السفلى نحو الخارج عند الشهيق، والذي تُسهّله أيضاً حركة الحجاب الحاجز، ويتيح لك أن تتنشق كمية هواء أكبر.

يميل البطن في النَّفَس الطبيعي الصحي لأن ينتفخ نحو الخارج عندما تشهق. وعندما يتحرك الحجاب الحاجز نحو الأسفل ليفسح مكاناً أكثر لامتلاء الرئتين، فإن الأعضاء البطنية تنضغط برفق ويميل البطن لأن يتحرك نحو الخارج. ومن ثم عندما تزفر، فإن الحجاب الحاجز يسترخي ويتحرك ثانية نحو الأعلى ويميل البطن لأن يتحرك نحو الداخل بعض الشيء. أحد أنواع التنفس غير الفعّال الذي يمكن أن يكون علامة مميزة للإجهاد هو ما يطلق عليه اليوغيون التنفس المعكوس أو المتناقض ظاهرياً. فبدلاً من استخدام الحجاب الحاجز لإدخال الهواء بالطريقة الأكثر فاعلية، فإن المتنفسين بطريقة التنفس المعكوس يعملون ضد أنفسهم حيث يقبضون هذه العضلة الكبيرة حين يجدر بهم أن يرخوها والعكس صحيح. يسحب المتنفسون العكسيون البطن نحو الداخل عندما يشهقون ويدعونها تتسع نحو الخارج عندما يزفرون. يميل النَّفَس لأن يكون قصيراً ومتقطِّعاً مع رفعٍ سريع للقفص الصدري عند الشهيق. إذا جرّبته فقد تلاحظ بأن هذا النوع من التنفس مشابه للنَّفَس المفاجئ الذي تأخذه عندما يتم إجفالك. وإذا أصبحت هذه الطريقة في التنفس معتادة، فإن تأثيرها في الجهاز العصبي هو إلى حد ما كما لو كنت تجفل في اليوم لآلاف المرات.

تمرين تجريبي:

تقييم التنفس. باستطاعتك أن تقيِّم فيما إذا كنت متنفِّساً طبيعياً أو عكسياً بأن تجلس على كرسي أو أن تستلقي على ظهرك. إذا استلقيت على ظهرك فقد يتعيّن عليك أن تحني ركبتيك وتضع وسادة تحت رأسك لأجل الراحة. ضع إحدى يديك على بطنك والأخرى على أضلاعك السفلى. وبينما تشهق وتزفر برفق، لاحظ الاتجاه الذي تتحرك به يداك. لا تحاول أن تغيِّر أي شيء حالياً، بل لاحِظ فقط. ينتفخ البطن نحو الخارج برفق في التنفس الطبيعي عند الشهيق، ويتحرك ثانيةً نحو الداخل عند الزفير، بينما لا يتحرك القفص الصدري بالدرجة نفسها. أما في التنفس المعكوس فإن البطن يتحرك نحو الداخل عند الشهيق ونحو الخارج عند الزفير، وهناك حركة أكبر تحدث في القفص الصدري العلوي.

إذا تبيّن أنك متنفّس معكوس فلا تقلق، فهذا شيء باستطاعتك تغييره مع الوقت. وما هو حتى أفضل من ذلك، أنك إذا كنت متنفِّساً معكوساً يعاني من القلق، أو الأرق، أو مستويات عالية من الإجهاد، أو أية حالة أخرى يزيدها الإجهاد سوءاً، فقد تكون قد اكتشفت تقنية سهلة لتخفض مستويات الإجهاد لديك إلى حد كبير. إن جلب مزيد من الإدراك للنَّفَس وتعلُّم بعض تقنيات التنفس اليوغية البسيطة، مثل هذه التي ستلي، يمكن أن يبدأ بمساعدتك على الفور تقريباً.

تمرين تجريبي:

تنفس البطن. إذا كنت قادراً، استلقِ على ظهرك لأداء هذا التمرين. راقِب أولاً بضعة أنفاسٍ طبيعية. ثم اشهق، وعند الزفير التالي اقبِض برفق عضلاتك البطنية جالباً سرّتك باتجاه عمودك الفقري. ومع قليل من الجهد العضلي أو من دونه، اسمح لبطنك أن يرتفع برفق وأنت تشهق. تنفَّس بهذه الطريقة لدقيقة أو نحوها ومن ثم توقَّف لتلاحظ أية تغيرات في عقلك أو جسمك. يجد معظم الناس أنفسهم يشعرون باسترخاء أكثر بكثير. يمكنك أن تجرِّب هذا التمرين في وضع جلوسي أيضاً. إذا كان تنفس البطن بوضع الجلوس مناسباً لك، فيمكنك استخدامه في أي وقت تشاء؛ وأنت جالس إلى مكتبك في العمل، أو عندما تكون عالقاً في زحمة السير، أو وأنت في طائرة تطير في طقس متقلّب.

الحِمل الحسِّي الزائد والإجهاد

تُعلِّم اليوغا بأنه تماماً كما أن ما تأكله له تأثير هائل في صحة جسدك، فإن ما تأخذه من خلال أعضائك الحسّية يغذِّي عقلك. اضطر الناس حتى القرن العشرين إلى أن يخففوا نشاطهم مع حلول الظلام في المساء الباكر ومن ثم يبقون على هذا النحو حتى الصباح الباكر. ومع اختراع الضوء الكهربائي تغير كل ذلك. فالكمبيوتر والتلفزيون وصفارات الاستدعاء beepers ومشغّلات PDA الرقمية وأضواء النيون وأجهزة الإنذار في السيارات، وغيرها الكثير، تجلب جميعها في العصر الحالي كتلة من المشاهد والأصوات التي يمكن أن تكون أكثر إيذاءً للجهاز العصبي مما يفترضه معظم الناس. تقترح الدراسات بأن أماكن العمل الكثيرة الضجيج – حتى لو كان العاملون يعتقدون بأن الأصوات لا تضايقهم – يمكنها أن تنشِّط جهاز استجابة الإجهاد في الجسم. وبالتالي يُحتمل أن هذا الحِمل الحسِّي الزائد قد يفاقم مستويات الإجهاد التي هي عالية أساساً في العالم الحديث. لا عجب أن معظم الناس يجدون صعوبة في التركيز.

البراتياهارا – العامل الفعال الخامس في طريقة حياة اليوغا ذات الثمانية عوامل – هي تحويل الحواس نحو الداخل. بزيادة انتباهك اختيارياً إلى ظاهرة داخلية كالتنفس، يمكنك أن تتعلم إقصاء ظاهرة خارجية. أنت لا تزال تسمع أصواتاً ولكن كما هو ضجيج الأصوات في مطعم مزدحم، فهي تصبح أحاسيس يمكنك أن تسمح بتلاشيها في الخلفية. يقول رود سترايكر: “أحد أسباب اختبارنا لهذا القدر من الإعياء هو أن الحواس مُغرَقةٌ فقط بالكثير جداً من المحفِّزات. كلما زادت قدرتنا على تحويل إدراكنا باتجاه الداخل، أي تحويل حواسنا داخلياً، كلما اكتملت وتجددت. هذا الدمج الداخلي للانتباه في ذات النفس هو أيضاً الجسر إلى قوة اليوغا الشفائية”.

تمارين اليوغا لتخفيف الاجهاد

تمرين تجريبي: تمرين راحة اليد

اجلس في أي وضع جلوس مريح وعمودك الفقري في وضعٍ منتصب. ابدأ بفرك راحتي يديك معاً لخمس عشرة أو عشرين ثانية لتوليد حرارة. ثم ضع راحتي يديك على عينيك المُغمَضتين. لا تضع أي ضغط على المقلتين نفسيهما، حيث إنّ بِنيتهما حساسة. وعِوضاً عن ذلك، اضغط على جبهتك وعلى الوجنتين خارج الحافتين العظميتين لمحجِر العينين. استمر في إبقاء صدرك منتصباً ولكن اسمح لرأسك أن يميل برفق نحو الأمام (انظر الشكل 1.3). ابدأ بالتآلف مع النَّفَس. لاحِظ اللون والنّسيج لأية زخارف بصرية تحت يديك. اسمح لهذه الصُّوَر البصرية بأن تتلاشى إلى اللون الأسود بينما ترتخي عضلات وجهك. ابقَ لمدة دقيقة إلى خمس دقائق. وعندما تتوقف، لاحِظ إن كنت تشعر بأنك مسترخٍ أكثر وقادر على أن ترى مع ضغط أقل في عينيك.

تمرين راحة اليد

الشكل 1.3

من الممكن أيضاً أن تتعلم جلب الاسترخاء إلى عينيك من خلال استخدام الإدراك والتخيلات. إذا لاحظت نفسك تحدِّق خلال ممارستك لليوغا أو في أي وقتٍ آخر، فحاول ببساطة أن تخفِّف تركيزك. تآلف مع أي شدِّ في العضلات المحيطة بالعينين وحاول أن تجعلها ترتخي. يرتكز تمرين التخيّل التالي على شيء تعلمته من براشانت، ابن ب. ك. س. إينغار.

تمرين تجريبي: عينان على جانبي رأسك. قف في وضعية الجبل (تاداسانا).

وازِن الجهد مع الاسترخاء بينما تضغط بقدميك على الأرض وارفع صدرك (انظر الشكل 2.3). أبقِ نَفَسك سلساً وحرِّر أي انقباض في كتفيك وعنقك. انظر أمامك مباشرة، وبعد بضع ثوانٍ تخيَّل بأن لديك عينين على صدغيك يمكنهما أن تريا من الجانب. وعندما تتنفس حاول أن تدرك ما يمكن أن تراه هاتان العينان. لا تسحب الصُوَر باتجاهك، بل دعها فقط تتسرب إليك على نحوٍ سلبي (بإذعان). إذا شعرت بموجة من الاسترخاء تجتاحك مع هذا التمرين، فمن المحتمل أنك تُبقي عضلات عينيك ووجهك مشدودة طوال اليوم.

وضعية الجبل

الشكل 2.3

تدريبات اليوغا للإجهاد

الآسانا

يمكن أن تكون الممارسة المنتظمة للوضعيات اليوغية طريقة رائعة لتخفيض الإجهاد عندما تشعر بطغيانه عليك، كما يمكن أن تكون علاجاً وقائياً. علاوة على تغيير توازن الجهاز العصبي، تخفض الآسانا أيضاً التوتر (الشد) العضلي. يستطيع الشدّ من وجهة نظر يوغية أن يسبِّب تشنج العضلات، والعكس هو صحيح أيضاً: تستطيع العضلات المشدودة أن ترفع مستويات الإجهاد لديك. وبالتالي فإن برنامج آسانا متنوعاً هو طريقة فعالة للتخفيض التدريجي لمصدر الإجهاد المزمن هذا، حتى لو كانت بعض الوضعيات لا تشعرك بالضرورة بالاسترخاء أثناء قيامك بها.

من جهة ثانية، يمكن للتدريبات التالية أن تجلب إحساساً بالاسترخاء العميق، والذي يحدث أحياناً على الفور تقريباً. ولكن إذا كان جهازك العصبي متيقِّظاً جداً من جراء الإجهاد والتحفيز المفرط فقد لا تكون قادراً على الإحساس بالاسترخاء في الحال. وفي هذه الحالة، يمكن للوضعيات اليوغية أن تكون مقدِّمة رائعة تتيح لك التنفيس عن مشاعرك، مهيِّئةً الأجواء لاسترخاء عميق.

الشافاسانا: استرخاء يوغي عميق

يُطلَق أحياناً على الشافاسانا – اللفظ السنسكريتي لوضعية الجثة – الاسترخاء العميق (انظر الشكل 3.3). هي نموذجياً الوضعية الأخيرة في صف اليوغا. وفي حين أنها تبدو سهلةً، إلا أن اليوغيين يصرِّون على أنّ الشافاسانا هي أصعب وضعية من ناحية الأداء الجيد لها؛ والأكثر أهمية. لا تشبه الشافاسانا أبداً أخْذ غفوة أو الاستلقاء على أريكة. فهذه النشاطات من شأنها أن تجلب البلادة إلى العقل، وهو ما يشير إليه اليوغيون بالحالة التاماسية tamasic state. أنت لا تتجّه نحو الخارج في الشافاسانا، وإنما تتآلف بدقة متناهية مع ما يجري في الداخل. هذه حالة ساتفية sattvic أو متوازنة للعقل. وكما يعبِّر عنها السوامي (المعلِّم الروحي) فيفكاناندا: “يدخل الأحمق في النوم ويخرج منه كأحمق، بينما يدخل الأحمق الصمادي ويخرج منها كرجل حكيم. الحالة الأولى هي لاوعي والأخرى هي وعي خارق”.

تحذير

إنّ وضع الرأس هو حاسمٌ في الشافاسانا وغيرها من وضعيات الاسترخاء. إذا كان ذقنك مرتفعاً نسبة إلى جبهتك، فمن شأن الوضع أن يكون محفِّزاً. أما إذا كان ذقنك بمستوى جبهتك أو أقلّ انخفاضاً، فمن الأسهل أن تسترخي.

تمرين تجريبي: استرخاء (شافاسانا)

استلقِ مسطَّحاً على ظهرك. أتِح لذراعيك ورِجليك أن تمتد برفق خارج جسمك على نحوٍ متناظر. دع راحتي يديك تواجهان السقف وقدميك تلتفّان خارجاً نحو الجانبين. إذا شعرت بإزعاج من منطقة الظهر، فاثنِ ركبتيك وضعْ بطانية أو وسادة تحتهما (بالنسبة للمرأة الحامل التي تعدّت الثلاثة أشهر من حملها، الرجاء النظر صفحة 144 من أجل تعديل الوضعية). بعد ثلاثين ثانية أو نحوها، قمْ بأية تعديلات نهائية تحتاجها لتكون مرتاحاً، وبعد ذلك حاول أن تبقى ساكناً تماماً لأن أية حركة يمكن أن تعيق الاسترخاء العميق. أتِح لعينيك أن تغمضا برفق وتخيّل بأن جسمك يصبح أثقل ويغوص بشكلٍ أعمق في الأرض. اشعر بثقَل عظام وركيك، ومؤخرتي عقبيك، وكتفيك. تخيّل بأن السطح أسفلك

موقع الذقن أعلى من الجبهة، ما يُضعف بعض التأثيرات الاسترخائية للشافاسانا

الشكل 3.3: (أ) موقع الذقن أعلى من الجبهة، ما يُضعف بعض التأثيرات الاسترخائية للشافاسانا.

من أجل تصحيح المشكلة، ربما يكون من الضروري أن ترفع الرأس بوضع وسادة أو بطانية مطوية

الشكل 3.3: (ب) من أجل تصحيح المشكلة، ربما يكون من الضروري أن ترفع الرأس بوضع وسادة أو بطانية مطوية.

مصنوع من مطاط طري وأن جسمك عند جميع نقاط الاتصال يغوص فعلياً بعمق 2.5 سم أو 5 سنتمترات في الأرض. حاول أن ترخي فكّك كلياً بحيث يكون هناك فراغ قليل بين أسنانك العلوية والسفلية. يجب أن يكون لسانك الذي يبقيه معظم الناس مشدوداً دون علمٍ منهم، مسترخياً كلياً حتى جذره. عندما يكون اللسان مشدوداً فهو يضمّ نحو الأعلى. أتِح للسانك بأن يشعر بالتسطّح قدر الإمكان بحيث يكون هناك شعور بوجود فراغ بين قاعدة وقمة فمك. ولأن العادات القديمة يصعب التخلّص منها، فمن المفيد أن تعيد الانتباه للسانك مرة بعد أخرى خلال فترة الاسترخاء لترى إن كنت قد عدت ثانية للشد. انظر أيضاً إن كان إرخاء لسانك يساعدك في إرخاء حنجرتك، وفي ما إذا كان هذا بدوره يساعدك في إيجاد أي تحرير في الصدر. ابقَ في الوضعية لمدة تتراوح من خمس إلى خمس عشرة دقيقة (كلما كانت المدة أطول، كلما كانت الفائدة أكبر). وعندما تسترخي في الوضعية حاول أن تلاحظ نَفَسك ببساطة. لا تحاول أن تتحكم به، بل تابعه فقط في عقلك. إذا كنت تستطيع أن تتعلم كيف تسترخي، فقد تكتشف بأن نَفَسك يصبح أكثر سطحيّة بعض الشيء عندما تدخل بسهولة في وضع الاسترخاء. سيبقى منتظماً ولكن ليس عميقاً بقدر ما كان عندما بدأت أولاً. لا يجب، على نحو مثالي، أن تغفو في وضعية الاسترخاء، لأن الهدف هو الوصول إلى حالة من الوعي المسترخي. ولكن إذا غفوت بالفعل فتلك إشارة إلى عدم حصولك على القسط الكافي من النوم. إن النوم في وضعية الاسترخاء ليس من اليوغا، ولكنه يمكن أن يكون مفيداً.

إذا كانت الغرفة باردة بأي شكلٍ من الأشكال، فتأكد من أن ترتدي ثياباً دافئة أو تغطِّي نفسك ببطانية. إذ تميل درجة حرارة جسمك لأن تنخفض قليلاً لدى استرخائك بعمق. ولكن الشعور بالبرد يمكنه أن ينشِّط الجهاز العصبي السمبثاوي (SNS) الذي يقبض الشرايين في القدمين واليدين للمحافظة على حرارة الجسم، ولكنه أيضاً يعاكس الاسترخاء العقلي الذي تبحث عنه.

كيفية الخروج من وضعية الاسترخاء

إنّ الكيفية التي تخرج بها من وضعية الاسترخاء مهمة جداً. رغم إرشادهم لفعل العكس، إلا أن الكثير من الطلاب يجلسون فجأة حالما يخبرهم المعلّم بأن يخرجوا من الوضعية. إنّ فعل ذلك يمكنه أن يبطل تأثير بعض الفوائد. إذا كنت قد أمضيت لتوّك خمس عشرة دقيقة تلاطف فيها جهازك العصبي للوصول إلى حالة استرخاء، فإن الخروج من ذلك فجأة يمكن أن يعطيك صدمة من الأدرينالين تاركاً إياك أقل استرخاءً إلى حد كبير. تشمل التقنية الصحيحة إحناء الركبتين باتجاه صدرك، ومن ثم الالتفاف إلى جانبك الأيمن (انظر الشكل 4.3أ). إذا كان ممكناً، أبقِ عينيك مغمضتين في هذه المرحلة، إذ من شأن ذلك أن يُبقي حواسك موجهة نحو الداخل. ابقَ على جانبك لدقيقة أو نحوها، وعندما تكون مستعداً استخدم ذراعيك – وليس عضلات ظهرك – لتدفع نفسك ببطء إلى وضع الجلوس رافعاً رأسك أخيراً (انظر الشكل 4.3ب).

الخروج من وضعية الاسترخاء

الشكل 4.3 (أ)

الخروج من وضعية الاسترخاء

الشكل 4.3 (ب)

إذا كانت الشافاسانا صعبة عليك، فكن صبوراً. فحتى خبيرة الاسترخاء جوديث هانسون لاساتر تعترف: “لم أستطع القيام بالشافاسانا في البداية”. واكتشفت أخيراً بان الشافاسانا ليست شيئاً تقوم بفعله، بل هي “تدريب ملاحظة”، وتمرين في التنبّه والوعي. أنت تلاحظ بأن يدك مشدودة، أو حنكك، أو بطنك، “ومن ثم عندما تصبح مدركاً له – أي للشدّ – فهو يتبدد بالطبع”.

اليوغا المجدِّدة: الشافاسانا المُسندَة

يمكن للأناس الذين يمنعهم مرضهم من الممارسة المنتظمة للآسانا أن يمارسوا الوضعيات المرمّمة. إذا كنت طريح الفراش، فبدلاً من مجرد التمدد هناك، ما المانع من إسناد نفسك في شافاسانا مُسندَة أو وضعية أخرى مرة أو اثنتين في اليوم؟ أنا أوصي بشدة أي شخص يعاني من مرض مزمن أن يدخلها في خطة علاجه بغضّ النظر عن الوسائل الأخرى أو أسلوب اليوغا الذي يمارسه.

أصبحت جوديث هانسون لاساتر متخصِّصة في اليوغا المرمّمة بعد معاناتها مأساة شخصية جعلتها غير قادرة على القيام بتدريبها المعتاد على اليوغا. كانت قد تعلمت الوضعيات المُسندَة بالعمل مع أستاذ اليوغا البارع ب. ك. س. إينغار واعتادت على تدريسها. تقول: “ثم أصبح شقيقي التوأم مريضاً جداً وتوفي في النهاية.

طوال تلك السنة كنت مذهولة للغاية بحيث إن كل ما فعلته كان تدريبات اليوغا المرمّمة”. إنّ عدداً من وضعيات اليوغا المرقّمة المُخترَعة من قِبل ب. ك. س. إينغار هو من بين أكثر الطرق قوة وفاعلية للاسترخاء. أنت تضع جسمك في وضعية يوغا ولكن وسائل إسناد متنوعة، مثل الوسائد (المساند)، والبطانيات، والكتل المضلّعة، والأحزمة، تقوم بمعظم العمل من أجلك. إنّ وظيفتك ببساطة هي أن تستقر في الوضعية، وتجذب أحاسيسك نحو الداخل، وكما هو الحال دوماً في اليوغا، أن تجعل تركيزك واضحاً ولكن دون حدّة.

وحتى وضعية الشافاسانا يمكن أن تُؤدَّى بطريقة أكثر إسناداً؛ وذلك بالتمدد على ظهرك فوق وسادة (مسند) (انظر الشكل 5.3). من خلال جعل الوسيلة المساعدة تبقيك في الوضعية، فإن القفص الصدري يتسع طبيعياً. أنت تميل لأن تتنفس بشكلٍ أعمق وأبطأ وأكثر انتظاماً. يجد اليوغيون هذه الوضعية منشِّطة نتيجة تأثيرات انحناء الظهر الخفيف، ولكن مريحة أيضاً لأنك مستلقٍ ولا يتطلّب منك البقاء في الوضعية سوى القليل جداً من الجهد.

الشافاسانا المُسندَة

الشكل 5.3

ورغم أنك تستطيع أن ترتجل في ما يتعلق بالوسائد والبطانيات في البيت، إلا أني أعتقد بأن أي شخص يعاني من حالة طبية جدية يجب أن يفكِّر في شراء بضع وسائل إسناد عالية النوعية من أجل اليوغا المرمّمة. واحدة من هذه الوسائل والتي أوصي بها تحديداً هي الوسادة الأسطوانية مثل تلك المبيَّنة في الشافاسانا المُسندة (انظر الشكل). أنا أفضل تلك التي لها حشوة صلبة مثل حشوة القطن مقارنة بتلك المحشوة بالمطاط الزبدي. ستدهش لعدد الاستعمالات التي ستجدها لهذه الوسيلة المساعدة.

اليوغا المجدِّدة: وضعية “الرِجلان أعلى الحائط” (فيباريتا كاراني)

واحدةٌ من الوضعيات المرمّمة المفضَّلة لدي وتُدعى الفيباريتا كاراني وتُسمَّى أحياناً “الرِجلان أعلى الحائط”، تُحدِث استجابة الاسترخاء، وهي عبارة عن شكل من الهجوع أثناء اليقظة، والذي هو حالة سيكولوجية تختلف عن النوم. إذا شعرت بأنك متعب في فترة بعد الظهر، فجرِّب هذه الوضعية. إن الوضعيات المرمّمة مثل فيباريتا كاراني وغيرها لن تتركك بشكلٍ عام تشعر بالترنح ولن تعيق استغراقك في النوم ليلاً (إلا إذا نمتَ خلال الوضعية) وهو ما يمكن للغفوات أن تفعله للأسف. يمكن تأدية وضعية “الرِجلان على الحائط” ووركاك على الأرض، ولكن من أجل تأثير أكبر جرِّب تدريب إينغار برفع الحوض على وسادة أو كومة من البطانيات المطوية.

تمرين تجريبي: وضعية “الرجلان أعلى الحائط” (فيباريتا كاراني).

هيّئ للوضعية بوضع وسادة أو كومة من البطانيات المطوية بشكلٍ موازٍ للحائط وعلى بعد 15 سنتمتراً منه تقريباً (إذا كانت عضلات أوتار المأبض في مؤخرة فخذيك مشدودة، فربما يتعيّن عليك أن تحرّك الوسيلة المساعدة لمسافة أبعد عن الحائط). للدخول في الوضعية، امشِ نحو الحائط مُجانبةً واجلس على الوسادة أو البطانيات على جانبٍ واحد منها (انظر الشكل 6.3أ). ضع يديك على كل جانب من الوسادة وأرجح رجليك أعلى الحائط (انظر الشكل 6.3ب). إذا كنت على وسادة فإن العصعص لديك يجب أن يستند مباشرة إلى الحافة الأمامية للوسادة بحيث يكون عظم العجز، أي العظم المثلثي عند قاعدة عمودك الفقري، متجهاً بشكل زاوية للأسفل نحو الأرض. سيحافظ هذا على المنحنى الداخلي الطبيعي في عمودك الفقري السفلي ويجعل الوضعية باعثة أكثر على الاسترخاء. استرِح في هذه الوضعية مدة خمس إلى خمس عشرة دقيقة. إذا شعرت بفقدان دورة الدم في قدميك،

وضعية "الرِجلان أعلى الحائط"

الشكل 6.3 (أ)

وضعية "الرِجلان أعلى الحائط"

الشكل 6.3 (ب)

وضعية "الرِجلان أعلى الحائط"

الشكل 6.3 (ج)

فانزل من الوضعية في وقت أبكر أو صالب رِجليك ببساطة، محافظاً على وركيك في مكانيهما. للنزول عن الوسادة، احنِ ركبتيك واستخدم قدميك لدفع نفسك عن الحائط كي تجلب ردفيك إلى الأرض أمام الوسادة. ومن هناك، استخدم ذراعيك لتساعداك على الجلوس.

تتابع الوضعيات المرمّمة بتأثيرات تراكمية

على قدر قوة الوضعيات الفردية، إلا أن التأثيرات التراكمية للقيام بتتابع مصمَّم جيداً من هذه الوضعيات يمكن أن تكون حتى أكثر عمقاً. هذا التتابع المرمّم هو من تصميم باتريشيا والدن. يتم إسناد الرأس في وضعية الكلب المواجه للأسفل (أدهو موكها سفاناسانا Adho Mukha Svanasana) وفي الانحناء الأمامي نصفي الوقوف (أردها أتاناسانا Ardha Uttanasana) لأجل زيادة التأثير المهدِّئ. أما في وضعية الجسر (سيتو باندها Setu Bandha) ووضعية “الرِجلان أعلى الحائط” (فيباريتا كاراني Viparita Karani)، فتوصي باتريشيا بتحزيم الفخذين بحزام يوغا من أجل استرخاء إضافي. وعلى نحوٍ مماثل، فإن كتل اليوغا المضلَّعة والبطانيات المطوية الموضوعة تحت الفخذين في وضعية الإسكافيّ المستلقي (سوبتا بادها كوناسانا Supta Baddha Konasana) تتيح تحرير الشد عن الوركين.

وضعية الكلب المُسندَة

الشكل 7.3: (أ) وضعية الكلب المُسندَة (أدهو موكها سفاناسانا)

انحناء أمامي مُسند نصفي الوقوف

الشكل 7.3: (ب) انحناء أمامي مُسند نصفي الوقوف

وضعية الإسكافيّ المستلقي

الشكل 7.3: (ج) وضعية الإسكافيّ المستلقي (سوبتا بادها كوناسانا)

وضعية المنبطح المتصالب الرِجلين

الشكل 7.3: (د) وضعية المنبطح المتصالب الرِجلين (سوبتا سفاستيكاسانا Supta Svastikasana)

وضعية الجسر المُسنَدة

الشكل 7.3: (هـ) وضعية الجسر المُسنَدة (سيتو باندها)

وضعية "الرِجلان أعلى الحائط"

الشكل 7.3: (و) وضعية “الرِجلان أعلى الحائط” (فيباريتا كاراني)

وضعية الاسترخاء

الشكل 7.3: (ز) وضعية الاسترخاء (شافاسانا)

تقترح باتريشيا، في حال توفر الوقت، إضافة شكلين آخرين إلى وضعية “الرِجلان أعلى الحائط” من أجل استرخاء أكثر عمقاً. بعد أن تتمدد لمدة خمس دقائق ورِجلاك أعلى الحائط، فكّ إبزيم حزامك ومن ثم – مبقياً وركيك على الوسادة – صالب رِجليك على الحائط (انظر الشكل 8.3أ) كما لو كنت في وضع جلوس. بعد دقيقة أو اثنتين، بدِّل بين رِجليك المتصالبتين وابقَ هكذا لفترة مساوية من الوقت. ومن ثم فكّ تصالب رِجليك وادفع قدميك باتجاه الحائط لتهز ردفيك مباشرة فوق حافة الوسادة ومن ثم على الأرض. ومن ذلك الوضع، صالب رِجليك وأسندهما على الوسادة (انظر الشكل 8.3ب). ابقَ في هذا الوضع لفترة ثم صالب رِجليك بالاتجاه الآخر. يُعرف هذا التتابع بفيباريتا كاراني مع دورة.

إذا قمت بهذا التتابع أو بأي تتابع مرقّم آخر، فحاول أن تحافظ على أي هدوء وصلت إليه في وضعية معينة أثناء انتقالك إلى الوضعية التالية. قد ترغب في البداية بأن تبقى دقيقة أو اثنتين في كل وضعية، وتزيد تدريجياً حتى تصل إلى خمس عشرة دقيقة في الدورات التالية. يشتري بعض الناس ساعات توقيت كي يعرفوا متى ينتقلون إلى الوضعية التالية. إذا فعلت ذلك، فاحرص على أن تشتري واحدة ذات منبّه غير مزعج (والذي يُحتمل أن يبطل بعضاً من المنافع المرقّمة).

تصالب رِجليك على الحائط

الشكل 8.3 (أ)

تصالب رِجليك على الحائط

الشكل 8.3 (ب)