التصنيفات
الطب البديل والتكميلي

البدء بممارسة اليوغا والمواظبة عليها

اليوغا هي ميثودولوجيا (منهجية) نظامية لبلوغ مستوىً أعلى من الصحة والرضا. المفتاح لليوغا كعلاج هو في ترسيخ ممارسة منتظمة. فذاك ما يشكِّل أخاديد جديدة من الفكر والفعل، أي سامسكارا جديدة لتساعدك في التغلّب على العادات القديمة التي شكَّلتها مع الزمن.

ترسيخ تدريب شخصي

أنا أعتقد بأن تدريب اليوغا البيتي هو بشكلٍ عام الطريقة الأكثر فعالية لبناء أخدودك اليوغي. واستناداً لخبرتي، فإن الصف هو حيث أتعلّم، ولكن تدريبي الشخصي هو حيث أجعل ما تعلّمته في الصف خاصاً بي. وعلى قدر ما يمكن أن تكون العلاقة مع أستاذ يوغا بارع مفيدةً وشفائية، إلا أن ما تفعله في تدريبك الخاص هو المحدِّد الأهم للنجاح في العلاج باليوغا. إذا كنت منتسباً لصفوف يوغا ولكنك لا تتدرب في البيت، فربما أنت تفوِّت الجزء الأفضل من اليوغا وربما الأكثر علاجيةً منه. إن تدريبك الشخصي هو حيث يحدث المفعول الأعمق، عندما تنطلق نحو الدّاخل وبسرعتك الخاصة.

ومع ذلك، فنحن لا ننكر أنّه بالنسبة لأولئك الذين يجدون صعوبة في أن يتدربوا بأنفسهم، فإنّ الصفوف يمكن أن تكون وسيلة قيِّمة لإيجاد الانضباط لأجل التدرُّب. كما أن بعض الناس يستفيدون فعلاً من شعور التشارك الاجتماعي الذي يمكن أن ينشأ في الصف. وفي النهاية، فإن ما يجدر بك أن تفعله هو ما تجد أنه يحفِّزك أكثر. وكما تقول نيسكالا جوي ديفي: “من الأفضل أن تؤدِّيه بالطريقة التي تحبها بدلاً من أن لا تؤدِّيه أبداً”.

ما أنت بحاجة إليه لتبدأ

وسائل الإسناد التي ستحتاجها ستعتمد على أسلوب اليوغا الذي سيقع عليه اختيارك أخيراً. يتدرَّب معظم الناس هذه الأيام على بساط لزج على الأرض، والذي يزوِّد سطحاً دبقاً يمنع انزلاق يديك ورِجليك. في الكثير من أماكن التدريب الهندية وبعض الصفوف في الغرب، يتدرّب الطلاب على سجادة صغيرة بدلاً من البساط. يحتاج معظم المبتدئين أيضاً إلى وسادة أو بطانية مطوية ليضعوها تحت رأسهم عندما يستلقون، وليسندوا أنفسهم إلى الأعلى عندما يجلسون متصالبي الأرجل.

ربما يتعيّن عليك في البداية أن تحصل على بساط فقط (يختار العديد من اليوغيين، متَّبعين مبدأ الأهيمسا، أن يشتروا بُسط يوغا غير مؤذية بيئياً، متجنِّبين تلك المصنوعة من بلاستيك PVC وغيره من المواد الكيميائية المحتملة الإيذاء). بوسعك أن تشتري أدوات مساعدة أخرى في وقت لاحق، حسب الحاجة. وإذا كنت مستعداً لأن تستثمر المزيد فيمكنك أن تشتري كتلة مضلعة واحدة أو اثنتين وحزاماً بالإضافة إلى البساط. من السهل إيجاد هذه الأدوات بشكلٍ منفصل، أو يمكنك أن تشتري ذلك كله كجزء من عدة المبتدئ المتوفرة في بعض المتاجر والفهارس المصورة (كتالوغ)، رغم أن الأصناف في العدة غالباً ما تكون ذات نوعية أدنى من تلك المُشتراة على نحو منفصل. ومن الممكن تماماً أن تبدأ بممارسة اليوغا دون شراء أي شيء. يمكنك عند الضرورة أن تتدرّب على الأرض العارية أو على سجادة. وإذا احتجت إلى أدوات مساعدة، فبإمكانك أن تستخدم الكراسي، والوسائد، والكتب، وأربطة العنق القديمة المتناثرة في أنحاء منزلك لتعدّ ما أنت بحاجة إليه. تستطيع أن تترك تدريبك ليقنعك متى ترتقي وإن كان الوقت قد حان لذلك.

إذا كنت تعتزم أن تجعل الوضعيات المرمّمة جزءاً من نظام تدريبك اليومي – وأنا أوصي بشدة أن تفعل ذلك – فانظر في شراء كتلتين مضلَّعتين وحزام بطول مترين إلى ثلاثة أمتار (اعتماداً على مدى طولك وعرضك)، وثلاث بطانيات يوغا، ووسادة أسطوانية (ذات حشوة صلبة مثل حشوة القطن). ولأجل بعض الوضعيات المُسندة ستحتاج إلى كرسي مكتب معدني أُزيل ظهره (انظر الشكل 1.7). يتوفر هذه الكرسي لدى عدد من مزوِّدي معدات اليوغا. ولكنك تستطيع ببساطة أن تشتري كرسي مكتب معدنياً قياسياً وتزيل الظهر. كما يمكن لكيس عين eyebag أن يكون مفيداً، حيث يزيد قدرتك على التوجّه للداخل عندما تسترخي. قد يتجاوز ثمن وسائل الإسناد هذه المئة دولار ولكن ما إن تختبر ما يمكن للوضعيات المرمّمة أن تفعله، فمن المحتمل أن تفكر بتلك الأدوات على أنها استثمار ممتاز. فكِّر بما تكلِّفه معظم وصفات الأدوية خلال شهر واحد.

معدات اليوغا

الشكل 1.7

ما ينبغي أن ترتديه

تعتمد الملابس الصحيحة لليوغا على المكان الذي ستدرس فيه. إذا كنت ستحضر صفاً يتم فيه عمل تعديلات، أو يُؤكَّد فيه على التراصف التشريحي الصحيح، فأنا أوصي بملابس تنطبق تماماً على الجسم كي يتمكَّن المعلِّم من رؤية جسدك على نحوٍ جيد بما يكفي للتحقق من تراصفك. فربما تضغط عمودك الفقري عندما تنحني للخلف، وإن كنت ترتدي قميصاً فضفاضاً فقد يكون من الصعب على المعلِّم أن يكتشف ذلك. يجب أيضاً أن تتعلم لتكون مراقباً لنفسك. يقول روندي يي بأنه يخبر كل المعلِّمين الذين يدرِّبهم بأن يرتدوا أقل ما يمكنهم من الثياب عندما يمارسون اليوغا في البيت. يقول: “يجب أن تكون قادراً على القراءة عندما تكون ركبتك ممدودة، ويجب أن ترى البشرة، أين هي بيضاء وأين هي متورِّدة”. هو يعتقد بأن كونك قادراً على رؤية جسمك يساعدك على أن تقوم بعملك بدقة أكبر. ومع ذلك، ففي الهند وفي بعض المعتزلات، يُعتبر الاحتشام أسمى، حيث يفضِّل الناس الثياب الفضفاضة وبشكل عامّ لا يرتدون سراويل قصيرة أو قمصاناً من دون أكمام.

ورغم أن الطلاب في بعض صفوف اليوغا يرتدون جوارب، إلا أني أشجِّعك بقوة على تأدية وضعيات اليوغا بقدمين عاريتين ما لم يكن لديك سبب وجيه لعدم فعل ذلك. إنّ مكوِّناً رئيساً من تدريب الآسانا هو في التعمّق أكثر فأكثر في الإحساسات الدقيقة لجسدك، وعندما تكون قدماك عاريتين، فأنت ببساطة تحصل على إحساس أفضل مما لو كنت ترتدي جوارب. استثناء وحيد هو الشافاسانا والوضعيات المرمّمة والتي من المهم فيها أن تبقى دافئاً لتغوص في استرخاء عميق. أما في الخريف والشتاء، فيمكنك أن تؤدِّي القسم النشيط من تدريبك بقدمين عاريتين، ومن ثم ترتدي الجوارب قبل أداء الشافاسانا أو غيرها من وضعيات الاسترخاء.

متى تتدرب

الإجابة المختصرة هي: متى ما أمكنك. بالنسبة للكثير من الناس، يعتبر الصباح الباكر وقتاً مثالياً للتدريب: قبل أن يبدأ الهاتف بالرنين، وتبدأ المقاطعات بالتراكم، وتنشغل بأعمال يومك. وأيضاً، حيث إنّ اليوغا من الأفضل أن تمارس بمعدة فارغة وخاصةً إن كنت ستؤدي وضعيات الالتواء، أو الانحناءات الأمامية، أو الانقلابات، فإن دورة يوغا قبل الإفطار تُعتبر مثالية. إذا كنت بحاجة بالفعل لوجبة خفيفة بعد الظهر، فإن معظم المعلِّمين يوصون بتناول شيء خفيف قبل ما لا يقل عن تسعين دقيقة من موعد التدريب.

قد يكون من الأفضل أن تمارس اليوغا بعد الظهر أو في المساء الباكر إذا كان تيبّس الصباح مشكلة (رغم أن حماماً ساخناً أولاً يمكن أن يساعدك على أن تشعر برشاقة أكثر). من شأن الجسم في أواخر فترة ما بعد الظهر أن يكون أكثر مرونة وقد تجد نفسك قادراً على الدخول بعمقٍ أكثر في الوضعيات. لعلّ بعد الظهر هو الوقت الأفضل للأناس الذين يعانون من ألم الليف العضلي، كما قد يجد أولئك الذين يعانون من الربو أن التنفس أسهل بعض الشيء في ذلك الوقت.

فكرة مفيدة

من المفيد عند وضع روتين لحياتك اليومية أن تخصِّص وقتاً لممارسة اليوغا كما ستفعل لموعد عمل أو موعد غداء مع صديق. يمكنك أن تفكِّر قبل يوم بشأن الأشياء الأخرى التي عليك القيام بها وأين تستطيع أن تجد لليوغا وقتاً بين ذلك. يكتشف الكثير من الناس أن جدولة وقت تدريبهم بحيث يكون في الوقت نفسه كل يوم تساعد في حفر أخدود جديد، ولكن لا يسمح جدول أعمال الجميع بذلك.

في الأيام التي تكون مشغولاً فيها جداً بحيث لا تستطيع أن تجد وقتاً للتمرين، حاول أن تحشر بضع وضعيات أو تجد دقيقتين لأداء تمرين تنفس. تستطيع مثلاً لدى عبورك الباب أن تقبض على الجانبين وتنحني إلى الأمام في تمدد منشِّط لطيف للصدر والكتفين والذراعين. وأنت واقفٌ أمام مكتب أو سطح منضدة، انثنِ للأمام في تمدد فقري بسيط لبضعة أنفاس (انظر الشكل 2.7أ). وأثناء جلوسك على كرسي، يمكنك أن تلتفت إلى جانب واحد، ومن ثم إلى الآخر (انظر الشكل 2.7ب). إذا كنت متوعكاً أو مريضاً أو مصاباً، فأدِّ تمرين تنفس بسيط أو استلقِ على وسادة في وضعية مُسنَدة. وإليك بضع إمكانيات أخرى، قبل أن تنهض من السرير في الصباح، لمَ لا تبقى مستلقياً هناك وتؤدِّي تنفساً يوغياً لدقيقتين؟ ولاحقاً خلال اليوم،

انثنِ للأمام في تمدد فقري بسيط لبضعة أنفاس

الشكل 2.7 (أ)

التفت أثناء جلوسك على كرسي إلى جانب واحد وثم إلى الآخر

الشكل 2.7 (ب)

هل يمكنك أن تأخذ دقيقة أو اثنتين أثناء جلوسك على كرسيك في عملك لتتآلف مع نَفَسك، أو تلاحظ وِضعيتك وتجلس على نحوٍ أكثر انتصاباً؟ إذا كنت تقف في صف في متجر ووجدت نفسك تشعر بشيء من الإجهاد، هل تستطيع أن تطيل زفيرك بلطف أو تلاحظ الطريقة التي تضغط بها قدماك الأرض؟ حالما تدخل في روح الاستكشاف، فستجد بأنك تستطيع أن تُدخل الكثير من لحظات اليوغا الصغيرة في يومك.

أين تتدرّب في البيت

حاول أن تجد مكاناً للتدريب يكون هادئاً قدر الإمكان ولا يُحتمل أن يتم إزعاجك فيه. أطفئ التلفاز والهاتف، وتأكد من أن درجة الحرارة دافئة بما يكفي بحيث يمكنك أن تسترخي. عتِّم الأنوار إن كان ذلك ممكناً خلال الأجزاء الهادئة من تدريبك، لأن العتمة الجزئية يمكنها أن تقلِّل من تحفيز الجهاز العصبي وتسهِّل استرخاء أكثر عمقاً.

إحدى الطرق التي يمكنك من خلالها أن تكرِّم تدريبك اليوغي، تتمثَّل في تخصيص مكان لليوغا إذا كانت مساحة بيتك تسمح بذلك. إذا تدرَّبت مراراً وتكراراً في البقعة نفسها، فأنت تعمِّق السامسكارا. إن تهيئة مكانٍ للتمرين مع صَوِر، أو شموع، أو بخور، أو أزهار نضرة، تساعد لدى بعض الناس على الشعور بالمزاج الصحيح. أي شيء يزيد من احتمال التزامك بتدريب منتظم، هو شيء يستحق القيام به.

تطبيق يوغا الفعل

يمكن التفكير بالتاباس أيضاً على أنها ما تفعله، والسفادهيايا على أنها ملاحظة ما يحدث نتيجة لفعلك، والإشفارا برانيدهانا على أنها تقبّل الحقيقة سواء أكنت تحبها أم لا. تزوِّد هذه العناصر الثلاثة مجتمعةً مع وسيلة النيِّة اليوغية، أو السانكالبا، خريطةَ طريق لبناء أخدود يوغي ومعه تحُوِّل حياتك (انظر الشكل 3.7). بينما تدور خلال هذه الخطوات الأربع مرة بعد أخرى، فأنت تعمِّق باطِّراد سامسكارا صحية.

إعادة الوصفة اليوغية

الشكل 3.7: لإحداث تغيير في حياتك، يجب إعادة الوصفة اليوغية بشكلٍ دوري خلال المراحل الأربع من الملاحظة، والتقبّل، والاعتزام، والفعل.

انظر بوضوح

من أجل تغيير الأنماط المختلة وظيفياً من السلوك أو الفكر والتي ربما تضعف صحتك وحسن حالك، أنت بحاجة أولاً لأن تكون مدركاً لها. يعلِّم باتانجالي بأن المعاناة المستقبلية يمكن تفاديها. والمفتاح لذلك يبدأ بالفهم الدقيق، أو ما يسميه اليوغيون “رؤية الشيء بوضوح seeing what is”.

فكرة مفيدة

إنّ جزءاً من الرؤية بوضوح يتمثَّل في ملاحظة الطريقة التي يقاوم بها عقلك تأسيس تدريب يوغي ثابت. ستجد نفسك وقد أتيت بمليون سبب تبرِّر بها لنفسك لماذا أنت لست بحاجة للتدريب اليوم، أو كيف أنك لا تملك الوقت، أو أنك فعلاً يجب أن تقوم بشيء آخر بدل التدريب. راقب عقلك وهو يحاول أن يساوم، ولكن ما لم يكن هناك فعلاً سبب مقنع لعدم التدريب، فتدرَّب على كل حال. إحدى أقوى الطرق لتأسيس التاباس والتغلب على العادات السيئة هي في فعل ما هو مفيد لك حتى عندما لا تشعر بالرغبة في فعله.

اقبل بالشيء

قد لا تحب ما تراه عندما تسلّط الضوء على نفسك ونمط حياتك، لا بأس بذلك. إن الرغبة في معرفة حقيقة مزعجة هي خطوة ضخمة نحو تغييرها. قد تكون الحقيقة هي أنك مُجهَد إلى ما وراء نقطة الانهيار، أو أن نظامك الغذائي ليس جيداً، أو أن موقفك تجاه نفسك هو موقف انهزامي، أو أنك مريض على نحوٍ خطير.

إذا كنت مريضاً، فإن الحقيقة الأساسية التي يجب أن تواجهها هي أنك لا تستطيع أن تتحكم في ما إذا كنت ستتحسّن؛ رغم أنك قد تكون قادراً إلى حد ما على تحسين فرصك. عندما تتقبَّل عدم قدرتك على التحكُّم بما يحدث، فبإمكان ذلك أن يحرِّرك من العبء الهائل الناتج عن التحكم بشيء خارج عن نطاق قدرتك، متيحاً لعقلك ولجهازك العصبي أن يسترخيا بطريقة يمكنها فعلياً أن تزيد من فُرَص شفائك.

اعقد النيَّة

السانكالبا هي وسيلة النيِّة اليوغية. يعتقد اليوغيون بأن تثبيت ذهنك على فعل شيء يزيد إلى حد كبير من فُرَص حدوثه. هناك تمييز دقيق بين السانكالبا، أي ما تنوي أن تفعله، وبين ما ترغب في حدوثه كنتيجة. وبالتالي فإن عبارات مثل “أعتزم أن أفقد حوالى خمسة كيلوغرامات هذا الأسبوع”، أو “سأتغلَّب على مرض السرطان هذا”، أو “أعتزم أن أكون قادراً على تأدية وضعية اللوتس”، هي كلّها نتائج مرغوبة، وليست نوايا. إنها ما تأمل أن يحصل في المستقبل، واليوغا تقول بأنّك لا تستطيع أن تتحكم في ذلك. إن ما لديك عليه تأثير أكبر بكثير هو ما تفعله.

لتتخلَّص من الإرشاد الأوتوماتيكي (الآلي) وتقوم بالأشياء المضادة للميل الفطري للسامسكارا القديمة القوية، فأنت بحاجة لأن تأخذ عهداً على نفسك بشأن ما تعتزم أن تفعله، وأن تواصل تذكير نفسك بعهدك. تتعلَّق السانكالبا بالتصميم، ومع أكبر قدرٍ ممكن من التخصيص، باتخاذ إجراء. قد يكون اعتزامك أن تمارس اليوغا لمدة عشرين دقيقة في اليوم، أو قد يكون التقليل من الطعام الجاهز الضار بالصحة أو قضاء وقت أطول مع أطفالك. إذا جمعت عزمك مع التخيّل، متصوِّراً نفسك فاعلاً ما اعتزمته، فقد تزيد أكثر من احتمال حدوثه.

خذ خطوة

هناك قول مأثور، “لم يعزق مزارع أرضه أبداً بأن قلَّبه في عقله”. لا تتعلَّق اليوغا بالنظرية، بل بما تفعله. لإحراز تقدُّم، عليك أن تتدرَّب بانتظام. ما من طريقة أخرى. الانتظام هو أكثر أهمية من طول كل دورة تدريب. كلما استطعت أن تواظب أكثر على التدريب، كلما كانت النار التي ستولِّدها لتقوية جسدك وعقلك أكبر. ذاك هو التاباس، إنها القوة التي تساعدك على التغلّب على السامسكارا التي تبقيك عالقاً حيث أنت.

فكرة مفيدة

تماماً كما أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، فكذلك اليوغا. يقول ب. ك. س. إينغار: “خذ خطوة، مهما كانت صغيرة”. لعلّ الخطوة الوحيدة التي تقدر أن تأخذها اليوم هي أن تُخرج بساطك اليوغيّ وتفرشه على الأرض. قد تكون وضعية كلب واحدة. ولكن حينما ترسِّخ فعلاً أخدودك اليوغي، فإن مجرد أخذ هذه الخطوات الأولية – حتى لو لم تكن تشعر فعلاً برغبة في التدريب – سيكون كافياً على الأرجح لجعلك تستمر. أنا أجلس كل صباح ساعة للبراناياما والتأمل. وفي بعض الأيام لا تكون لدي فكرة عندما أنهض كيف سأقدر على القيام بذلك لهذه المدة الطويلة. ولكني بمجرد أن أبدأ، أكون تقريباً في كلّ مرّة قادراً على إكمال التدريب بأكمله.

خطة لليوغا لمدى الحياة

ما لم تكن صحتك تحول دون تدرّبك بنفسك، فأنا أقترح تجربة: ألزم نفسك بأن تتدرب يومياً لمدة أسبوع واحد وانظر ما يحدث. قرِّر مسبقاً كم من الوقت تعتزم أن تتدرّب واكتب عزمك في دفتر والذي يمكنك أن تستعمله أيضاً لتسجِّل ملاحظاتك حول تأثيرات التدريب.

لا تكن طموحاً جداً في التزامك. إذا وعدت نفسك بأنك ستتدرب ساعتين في اليوم ولم تفعل، فإن إخفاقك في الوفاء بوعدك يمكن أن يصبح ذا أثر معاكس. من الأفضل أن تبدأ بمقدار قليل وتزيده تدريجياً. إن خمس عشرة دقيقة إلى عشرين دقيقة في اليوم هي بداية واقعية بالنسبة لمعظم الناس.

إذا لم يكن لديك معلِّم يرشدك عندما تخطِّط لتدريبك، فحاول أن تشمل بعض التمارين التي تبني التاباس، مثل وضعية الكلب، أو وضعيات تحية الشمس، مع الوضعيات الأخرى التي تتيح لك أن تسترخي وتختبر هدوء العقل. وعندما تعقد النيّة، تخيَّل بالضبط أي التدريبات ستؤدِّي، وبأي ترتيب، وأين ستتدرَّب، وفي أي وقت من اليوم.

إذا كنت مبتدئاً تماماً في اليوغا أو تشعر أنه ينبغي أن تدرس مع معلِّم قبل أن تبدأ بتدريب بيتي، فابدأ بالسؤال حولك لأجل التوصيات. وحيث إنّ إيجاد المعلِّم المناسب والحصول على موعد قد يستغرقان فترة، فيمكنك ربما أن تبدأ بتدريبات من هذا الموضوع ومن ثم تعدِّل ما تفعله بعد أن تحصل على تقييم احترافي.

وعند نهاية أسبوعك الأول، أقترح بأن تقيِّم عملك. كيف كانت تجربتك؟ كم مرة وكم من الوقت كنت قادراً على أن تتدرب وكيف تقارن ذلك مع ما اعتزمته؟ إن كنت قد احتفظت بملاحظات موجزة خلال الأسبوع، فيمكنها أن تساعد في إنعاش ذاكرتك. اسأل نفسك إن كنت تشعر باسترخاء أكثر بعد تدريب اليوغا؟ بطمأنينة أكثر؟ بنشاط أكثر؟ بأيّة تغييرات أخرى؟ إذا لم تكن ناجحاً في تدريبك في بعض الأيام، فما هي العقبات التي اعترضت طريقك؟ هل هناك طريقة تستطيع بها أن تتوقع مشاكل كتلك في المستقبل وتحاول تفاديها؟

قرِّر بنفسك إن كان ما رأيته حتى الآن واعداً بما يكفي بحيث إنّك مستعد لأن تلتزم بالخطوة التالية: تأسيس تدريب يومي لفترة أخرى من الزمن محددة مسبقاً. تخميني هو أنك بعد أسبوع واحد، ستلاحظ تغيراً كافياً بحيث إنّك ستقرِّر بأن الالتزام لشهر هو أمرٌ يستحق العناء. إذا كان الأمر كذلك، فأنا أقترح عليك أن تمضي في عملية مشابهة وتعقد العزم على مقدار الوقت الذي ترغب بالالتزام به في هذا الشهر. ربما تكون قد رأيت ما يكفي من الفائدة بالفعل بحيث إنّك تريد أن تزيد وقتك إلى نصف ساعة في اليوم. قم بما تشعر بأنه مناسب لك. ومع ذلك، مرة أخرى كن دقيقاً قدر الإمكان في عقد عزمك، واكتبه في دفترك. واستمر بالبناء من هناك؛ أسبوعاً بعد أسبوع، شهراً بعد شهر، تعقد العزم، وتسجِّل النتائج، وتقيِّم إن كنت ستستمر.

وعند نهاية سنة من التدريب، انظر ثانيةً إلى ما كتبته، ملاحظاً الانتظام ومقدار الوقت الذي كنت تتدرّب فيه، وأي تغييرات اختبرتها في العوارض أو الشكل الخارجي. هل تعاني من إجهاد أقل؟ صداع أقل؟ تيبّس أقل؟ هل أصبحت أكثر صبراً مع أطفالك؟ إن كل شخص تقريباً يولي اليوغا محاولةً جدية مع سنة من التدريب المنتظم سيلتزم بها. فهو يجد أن الحياة أفضل بكثير جداً بحيث إنّه وبغضّ النظر عن السبب الذي دفعه أساساً للتدريب لا يريد أن يتخلّى عنه.

وبعد سنة من التدريب المنتظم، فإن أخدود اليوغا سيتمّ حفره جيداً. ومع ترسيخ عادة اليوغا، قد تجد أن أخاديد أخرى أقل نفعاً قد بدأت بالتلاشي. ربما تكون قد بدأت تأكل بشكلٍ أفضل، أو تخرج أكثر في نزهات على الأقدام، أو لا تُغضِب نفسك بالمقدار نفسه عندما تواجه زحمة سير. وفي جميع الاحتمالات، ستستمر في ممارسة اليوغا بشكلٍ أو بآخر لبقية حياتك. إذا انقطعت عنها لفترة، فستجد نفسك على الأرجح تفتقدها وتعود إليها.

فكرة مفيدة

من الطلاب المعروفين في عالم اليوغا أولئك الذين يأتون لليوغا بسبب شأن صحي، حيث يتابعون التدريب، ويتحسّنون، ويقرِّرون أنه لا بأس بإيقاف التدريب، ومن ثم تعاودهم الأعراض. عندما يسأل المرضى الدكتور كارانديكر الذي يدير مركزاً ضخماً للعلاج باليوغا في بون، عن المدة الزمنية التي يلزمهم أن يواصلوا طوالها تدريبهم اليوغي، فهو يجيب بسؤال آخر منه: “ما المدة الزمنية التي يلزمك طوالها أن تواصل تنظيف أسنانك بالفرشاة؟” كي تتجنب خسارة ما اكتسبته، فواصِل متى ما كان ممكناً ممارستك لليوغا بغضّ النظر عن مدى سوء أو حُسن شعورك.

إذا كانت الخطة المطروحة أعلاه هي أكثر مما تستطيع أن تلزم نفسك به حالياً، فلا بأس. إذا كان بإمكانك أن تعطي خمس دقائق فقط في اليوم للتدريب، فافعل ذلك. إذا كان كل ما تستطيع فعله حالياً هو أن تقرأ قليلاً من هذا الموضوع، حسناً، فذاك موقعك. ربما ستؤدِّي في الأسبوع التالي تمرينين من تمارين المطّ على مدخل الباب وربما تبدأ في الشهر الذي يلي ذلك بأداء شافاسانا لمدة خمس دقائق بضع مرات في الأسبوع. خذ الخطوة الأولى نحو اليوغا ويمكنها أن تأخذك في رحلةٍ أطول بكثير.

يمكن لطريق اليوغا أن يحوِّل حياتك. تستطيع اليوغا أن تحسِّن صحتك، وأن تقلِّل العوارض المزعجة، ويمكنها كجزءٍ من خطة أوسع أن تعكس بعض الحالات الطبية كلياً. تستطيع أن تجلب هدوء العقل، وأن تساعدك في اكتشاف هدفٍ وصلةٍ بالعالم من حولك، وأن تحسِّن نوعية حياتك بطرق كثيرة جداً؛ سواء أشُفيت مما تعاني منه أم لا. إن تأسيس هذا النوع من الممارسة المنتظمة التي يمكنها أن تأتي بهذه المنافع يبدأ بخطوة وحيدة مهما كان المكان الذي أنت فيه الآن. هل أنت مستعد لأخذها؟

اسأل طبيب مجاناً