التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

ما رأي الناس في الخجول؟

لو أنك مثل معظم الخجولين فإن رأى الآخرين فيك سوف يزيد من مخاوفك، لكنك الآن أصبحت تدرك كيفية التعامل معهم حتى تتخلص من خجلك. وأنت الآن تعرف كيف تتحدث ( أو لا تتحدث ) إلى الناس ـ أو حتى لنفسك ـ عن خجلك. لقد أصبحت الآن قادراً على التغلب على المواقف الصعبة، والتعامل مع أعراض الخجل.

والآن حان الوقت لكى تنظر كيف يراك الآخرون حقاً.

لا أحد يستمتع بقول الآخرين له”لقد فهمت الموضوع بطريقة خاطئة تماماً”، لكنك ستشعر بسعادة حقيقية عندما تدرك أنك كنت مخطئاً بالفعل بشأن رأى الآخرين فيك، بما فى ذلك رأيك أنت فى نفسك.

استمر فى القراءة!

هل يمكن للناس أن يدركوا أنني خجول؟

كل شخص يسخر مني

من المحتمل أنك تتخيل وجود لوحة إعلانية على جبهتك تقول بلهجة تحذيرية : ” لدىّ اضطراب القلق الاجتماعى ” ( وهو الاسم الذي يطلقه متخصصو الصحة العقلية على الخجل )، لذلك فأنت تعتقد أنهم يسخرون منك أو يفرون من أمامك. ولو أنك مثل الكثير من الخجولين فإنك في كل مرة ينظر إليك أحدهم، أو يسألك أحدهم سؤالاً، أو حتى يبتسم لك، سوف تفهم الرسالة بطريقة خاطئة ـ وهذا أمر خطير للغاية!

وإليك نمط التفكير عند معظم الخجولين :

” ربما يفعلون ذلك كى يبدوا لطفاء معى لأنهم يعرفون أننى خجول ” .

” ربما يريدون أن يروا كيف سيكون رد فعلى لأننى خجول ” .

” ربما لا يحبوننى لأننى خجول ويحاولون فقط لفت النظر إلى ذلك ” .

يشعر الخجولون بأن كل شخص يحكم عليهم، وهذا ليس صحيحاً، فمعظم الناس غافلون عن خجل الآخرين. فبمن ـ إذاً ـ يفكر معظم الناس؟ إنهم يفكرون بأنفسهم.

ساعدنى والدى على علاجى من خجلى بإخبارى ـ عندما كنت في سن الرابعة عشرة ـ أن كل شخص طبيعى ـ في واقع الأمر ـ إنما هو مشغول بالتفكير في نفسه، وقلق بشأن رأى الآخرين فيه لدرجة أنه لا يركز عليك كما تتخيل، فأدركت الأمر على الفور. إنه أمر مثير وواضح بمجرد أن تفهمه.

ــ بينانت إل، لندن، إنجلترا

عندما يدق قلبك في صدرك مثل مسدس متعدد الطلقات، فمن الصعب أن تعتقد أن الآخرين لا يمكنهم سماعه. ألا يرون لون وجهك الذي يبدو كلون سرطان بحرى لفحته الشمس؟ لكن ثَبَتَ، بما لا يقبل الشك، أن معظم الناس لا يدركون أنك خجول، بل الغريب أنك قد تكتشف أنهم خجولون أيضاً.

حوالى 13 بالمائة من الناس في الدول الغربية خجولون طوال حياتهم. ويقول ثمانون بالمائة إنهم مروا بفترة خجل في حياتهم، ويعترف أربعون بالمائة من الناس أنهم مازالوا قلقين حيال أنفسهم وحيال الانطباع الذي يتركونه لدى الآخرين عنهم.

المتظاهرون العظام

بعض الخجولين قادرون على الظهور بمظهر خادع لإخفاء خجلهم. غالباً ما أقيم منتديات الخجل الخاصة بى في فندق تعقد فيه منتديات أخرى في نفس الوقت. وأحياناً أرى أناساً قلائل اجتماعيين جداً ينتظرون لتسجيل أسمائهم في البرنامج، وقد يتحدثون إلى آخرين واقفين في الصف، أو يمزحون مع موظف التسجيل. في هذه الحالات أذهب إليهم وأسألهم بهدوء عما إذا كانوا متأكدين من أنهم ينتظرون المنتدى المقصود. وعادة ما يبتسمون لى ابتسامة كبيرة ويؤكدون أنهم كذلك.

فى البداية كنت مشوشة، لكن بتوالى المنتديات، اكتشفت أن العديد من الناس الذين تبدو عليهم الثقة، أو ” الواثقين ” كما نسميهم، هم خجولون بصورة مؤلمة، ويخفون خجلهم بصورة جيدة. ولا أحد يستطيع أن يخمن أن هؤلاء الاجتماعيين يعانون من اضطراب داخلى كبير. فالأشخاص الذين يظهرون الثقة بالنفس من الممكن أن يكونوا خجولين سرا، إلا أنهم يقمعون أنفسهم باستمرار، وهم عندما يضحكون أو يتحادثون تجدهم قلقين بصور مؤلمة، وعلى نحو غير صحى حيال رأى الآخرين فيهم.

لا أعتبر خجلى ” نمطياً ” . عمرى اثنان وثلاثون عاماً، وأعطى انطباعاً أننى واثق في نفسى وودود، رغم عدم تأكدى من الصفة الثانية. عندما أقابل أشخاصاً جُدُدَاً في تجمع اجتماعى، على سبيل المثال، فإنى أرحب بهم بثقة، لكننى أميل إلى أن أكون خجولاً بشكل يعوق رغبتى في أن أبدأ حواراً ذا مغزى. الغرباء يخيفوننى، لكن، سَلْ أياً من أصدقائى أو معارفى، فسيقولون لك إننى شخص صريح ومنطلق، لكنى من الداخل هش للغاية. والاستقرار في هذه الواجهة الخادعة مجرد عمل عقلى ( وأكره راحة اليد المبللة بالعرق ).

ــ مايكل د.، لندن، إنجلترا

قد يبدو على الذين يتظاهرون بالثقة أنهم يستمتعون بأوقاتهم، لكن معاناتهم أكثر ألماً من معظم الخجولين الآخرين. لكن لماذا؟ لأن الناس غالباً ما يتوقعون من هؤلاء أن يساعدوهم في مشروع، أو أن يحضروا الأحداث الاجتماعية الخاصة بهم، وهى أمور يرفضونها نتيجة لخجلهم. تُرى كم عدد المرات التى اختلقت فيها عذراً لكى لا تسهم في جهد مشترك أو تحتفل مع الأصدقاء؟ يبدأ الناس في عدم الثقة أو كراهية الواثقين الزائفين.

الناس لا يعرفون شيئاً

تؤكد الكثير من الأبحاث الحديثة أنه ليس بمقدور الخجولين ولا غير الخجولين تحديد ماهية الخجل بدقة. ففى إحدى الدراسات العشوائية في مجال علم الاجتماع، درس الباحثون مجموعة من الناس لديهم ارتباط جيد مع بعضهم البعض. فاختاروا 48 طالباً يقيمون بنفس المبنى السكنى داخل الحرم الجامعى. كان هؤلاء الطلبة يثرثرون مع بعضهم البعض في حجرة الطعام ويحضرون المحاضرات معاً، وكانوا يتقابلون في أنحاء الحرم الجامعى، ويذاكرون معاً في المساء، ويحتفلون معاً في عطلات نهاية الأسبوع. بمعنى آخر : ساكنو البيت الواحد يعرف بعضهم البعض معرفة جيدة جداً.

أولاً، عزل الباحثون كل طالب بمفرده من أجل جمع معلومات موثوق بها عن حقيقة خجل الطالب، وبمجرد أن جمعوا هذه البيانات، طلبوا من جميع الطلبة أن يضعوا درجات لتقييم مدى خجل رفقائهم في المسكن.

أدهشت النتائج الباحثين، فقد اكتشفوا أن الكثير من الطلاب الخجولين قد حكم عليهم 85 بالمائة من زملاء سكنهم بأنهم غير خجولين. وبالعكس فإن بعض الطلاب الذين اعتبروا أنفسهم واثقين بصورة استثنائية لقبهم بعض زملائهم بأنهم خجولون.

هل تعتقد أن خجلك يبرز مثل ندبة فوق أنفك؟ محال، في تسعين بالمائة من الناس ستجد أنه لا أحد يعرف ذلك عنك، وحتى لو لاحظ أحدهم ذلك بطريق المصادفة فلن يكرهك بسبب ذلك، فالناس يتعاطفون معك، ويشعرون بالأسى لأنك تعانى من ذلك. وهم أيضاً يريدون أن يروك وأنت تخرج من قوقعتك.

فى المرة القادمة، وعندما تتحادث مع الناس ويهاجمك الخجل، فاعلم أنه لا أحد يلاحظ ذلك، فالخجل هو ألم داخلى بنسبة مائة بالمائة، مثل ألم المعدة الناتج عن القليل من الطعام الحريف. وإذا لم تمسك معدتك وتتأوه، فلن يعرف أحد أن هناك ألماً في معدتك.

قل لنفسك : ” لا أحد يعرف أنني خجول “

هذا صحيح. لن يعرف أحد أنك تشعر بعدم الأمان إذا لم تترنح كالدجاجة التى شربت مشروباً مليئاً بمادة مخدرة. قل لنفسك : ” إذا لم يعرف 85 بالمائة من الأشخاص الذين يعيشون معاً أن شخصاً من بينهم خجول، فعلى الأقل فإن 99 بالمائة من الناس الذين أقابلهم لا يعرفون أيضاً ” .

لا تنظر أيها الخجول إلى الأمور بطريقة سيئة

عندما تتحدث إلى فتاة ما، فإنك ستحاول إخفاء خجلك، وستجاهد لكى تحافظ على التواصل بالأعين معها. لكن حتى لو نجحت في هذين التحديين فمن الصعب أن تتحكم في عقلك، وستجد نفسك تتخيل أنها تعتقد أنك أحمق، وأنك اشتريت ملابسك من مزاد بيع الملابس المستعملة، وأنك مشطت شعرك هذا الصباح بفرشاة أسنان. إنك تتخيلها وهى تسخر منك في داخلها ثم تثرثر مع أصدقائها عنك بأنك فاشل.

لا! لا! لا! اطرح جنون الارتياب هذا بعيدًا، واعلم أن هذا الاعتقاد ليس صحيحاً على الإطلاق، فالاحتمال الأرجح بنسبة تسعين بالمائة هو أنها لا تفكر فيك مطلقاً، فهى، فقط، تثرثر مستمتعة بصوتها. ولو تحقق الاحتمال الأضعف وفكرت فيك، فهى على الأرجح، قلقة بشأن رأيك فيها!

أكدت دراسات كثيرة أن الخجولين فقط يتخيلون أن الناس يشعرون بمشاعر سلبية تجاههم.

يتخيل الأفراد الخجولون إشارات استياء أو تجاهل من الآخرين، مع العلم بأن هذه الإشارات لا تأتى من المثيرات الخارجية، وإنما تأتى من ذكريات طويلة الأمد وتلميحات داخلية. وهكذا يكون التقييم الفردى غير موضوعى ومعُرَضّاً لتشويه سلبى أو للتحامل.

ـ المجلة الدورية لأبحاث العلاج السلوكى

أنا أعرف فقط أنهم يكرهونني

كيف يمكن لدراسة مبتكرة أن تثبت ذلك؟ لقد استأجر عدد من الباحثين ممثلين ومصورين، واشتروا بعض مستلزمات التمثيل الغريبة، ثم صوروا الممثلين ـ بشكل فردى ـ مواجهين للكاميرا مباشرة قائلين : ” أهلاً ” أو ” مرحباً ” كما لو أنهم يقابلون شخصاً ما لأول مرة.

طلب الباحثون من الثلث الأول من الممثلين أن يؤدوا بأسلوب ترحيب دافئ، ووجهوا الثلث الثانى إلى أن يؤدوا أمام الكاميرا بتعبيرات وجه محايدة، متظاهرين بأنهم قد قابلوا شخصاً ما، ثم وجهوا الثلث الأخير إلى أن يؤدوا بأسلوب يظهر الضجر وعدم الارتياح للشخص الذي من المفترض أنهم يقابلونه.

بالطبع لم يرد الباحثون الأذكياء الاعتماد على الفطنة التمثيلية للممثلين في الفيلم. ولتأكيد الدقة العلمية، وضعوا عطراً طيب الرائحة كالفل أو الياسمين بالقرب من المجموعة الأولى من الممثلين لتشجيعهم على التصرف بترحاب، ولم يضعوا شيئاً أمام المجموعة المحايدة، أما المجموعة الثالثة فوضعت أمامهم رائحة مقززة.

عندما انتهى الفيلم، عرضه الباحثون على مجموعة من العينات، نصفهم واثق من نفسه، والنصف الآخر خجول، وطلب الباحثون من الخجولين والواثقين بأنفسهم أن يتخيلوا أنهم يقابلون الممثلين بشكل شخصى للمرة الأولى، مع تقييم مدى حب أو كراهية كل ممثل في الفيلم لهم، مسجلين ذلك كتابة.

أظهرت النتائج أن الخجولين شعروا بأن معظم الوجوه المحايدة كانت تتعالى عليهم، بل إنهم قد فسروا تعبيرات الترحاب كنوع من النبذ الاجتماعى. أما الجزء الوحيد الذي فسره الخجولون بطريقة صحيحة فهو تصرف الممثلين الذين كانوا يعبرون عن اشمئزازهم منهم.

من ناحية أخرى شعر معظم الواثقين بأنفسهم بأن غالبية الوجوه كانت إيجابية نحوهم أو حيادية في أسوأ الأحوال.

وفى النهاية تمثلت النتائج في أنك ـ معظم الوقت ـ تتخيل فقط أن الناس ينبذونك.

ارفض النبذ المتخيل

عندما تقابل شخصاً وتعتقد أنه لا يحبك، فاعلم أن هناك فرصة كبيرة لأن تكون مخطئاً تماماً، وأن السبب وراء ذلك الاعتقاد إنما يعود إلى مخيلتك التى تعمل دون هوادة، وتتخيل أشياء لا وجود لها. مثلما يفعل الواثقون بأنفسهم بشكل تلقائى، انظر إلى معارفك باحثاً عن علامات القبول لديهم : ابتساماتهم، الدفء في أعينهم، ولغة جسدهم المرحبة بك. انظر، فسوف تكتشف ذلك.

تخلص أيها الخجول من الذكريات المخيفة

هو يقول … هي تقول

هل مررت من قبل بتجربة اجتماعية مؤلمة لم تستطع الكف عن التفكير فيها؟ بالطبع، فكل الخجولين لديهم تجربة مؤلمة، فهذه واحدة من أهم خصوصياتنا. إنك تعيد تذكر ما قاله وما قلته، ثم ما قاله هو مرة أخرى، ثم ما قلته أنت إلى أن يصيبك بالغثيان. وفى كل مرة تقوم بذلك السيناريو في عقلك، يكون الحال أسوأ من المرة السابقة.

” غالباً ما يمر الأفراد ذوو المستويات العالية من القلق الاجتماعى بأفكار متطفلة ومتداخلة عديدة بشأن أحداث اجتماعية مزعجة حدثت في الماضى؛ مما يقودهم إلى تذكر الأحداث بشكل سلبى أكبر مما كانت عليه “.

ـ المجلة الدورية لأبحاث العلاج السلوكى

لا تفسد متعتك

كانت صديقتى حالة ميئوساً منها، فهى ـ كخجولة نمطية ـ لم تتذكر الأجزاء السارة بل الأجزاء المؤلمة فقط، وظلت تسترجعها بعقلها في حزن. لقد تصرفت على نحو سيئ، وهذا هو الجزء الوحيد الذي تتذكره.

الأفراد الذين يعانون من الرهاب الاجتماعى يتذكرون التجارب السلبية لوقت أطول من التجارب الإيجابية.

ـ الرهاب الاجتماعى : روئ بحثية وإكلينيكية

الأمر ليس بالصورة السيئة التى تعتقدها

تتفاقم حبكة ” الإدراك السلبى ” ؛ فالخجولون لا يتوهمون الرفض فقط بالرغم من أنهم يلقون القبول، لكنهم أيضاً لا يتذكرون المواقف الاجتماعية بدقة، وعندما ينظرون إلى ما سبق، يرون وحوشاً لم تتواجد أبداً.

تعلق المواقف الاجتماعية السارة في أذهان الخجولين بشكل سلبى مبالغ فيه.

ـ المجلة الدورية لأبحاث العلاج السلوكي

الخجل يبدأ من مرحلة مبكرة

حتى الأطفال الخجولون لديهم تذكر ” مشوش ” للأشياء؛ ففى دراسة أطلق عليها ” الفروق الفردية في تذكر الأطفال للأحداث المشهورة : تأثير الذكاء والخجل ” تم تقييم الأطفال بصورة منفصلة على أساس الذكاء والخجل، ثم حضر جميع الأطفال حفلة عيد ميلاد لأحد زملائهم في الفصل. كانت الحفلة متعة حقيقية للأطفال : بالونات، كعكة عيد الميلاد، هدايا، غناء ” عيد ميلاد سعيد ” وألعاب نارية.

بعد الحفلة بأسبوع، اختبر الباحثون الأطفال ليحددوا مقدار ما يتذكرونه عن الحفلة، فسألوا كل طفل : ” كيف كانت تبدو الكعكة؟ ما الألعاب التى لعبها؟ هل قضيت وقتاً طيباً؟ ” .

حتى إن الباحثين ألقوا ببعض الأسئلة الخداعية مثل : ” ماذا حدث عندما أسقط المهرج المسكين الكرة؟ ” ، لكن لم يكن هناك مهرج ولا كرة في الحفلة.

شاهد الأمور من منظار واضح

تمثلت النتائج في أن للذكاء علاقة ضئيلة جداً بمدى دقة ذكريات الأطفال. فالعامل المحدد كان مدى ثقتهم بأنفسهم؛ فالأطفال الواثقون تذكروا أحداثاً أكثر إمتاعاً ودقة من الأطفال الخجولين، حيث ركز الخجولون على السلبيات، خاصة تلك التى تضمهم، وكأن الأطفال الواثقين رأوا الحفلة الممتعة من خلال زجاج واضح بينما رآها الخجولون من خلال مرآة متسخة، فتصورهم التشاؤمى للذات أعاق رؤيتهم للأحداث.

الأفراد الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعى غالباً ما ينسون أو يشوهون التجارب السارة.

ـ المجلة الدورية لأبحاث العلاج السلوكى

تلك الدراسة استطاعت أن تضيف أربع كلمات فقط ” حتى لو كانوا أطفالاً ” .

والخجولون الكبار يفعلون نفس الشىء، فكلما فكرت في حدث ماضٍ، ساء في ذاكرتك. وأفضل طريقة لتذكر شىء بدقة هى أن تكتبه قبل أن يعصف به خيالك المتشائم، وبهذه الطريقة سيكون لديك وصف موضوعى لما حدث بالفعل.

اكتب مواقفك الاجتماعية بنفسك

اكتب انطباعاتك الفورية مباشرة بعد الموقف الاجتماعى، وإذا تذكرت لاحقاً أى شىء سلبى عن اللقاء، فعد وافحص مذكراتك. وإذا لم يوجد شىء محرج أو مخيب للآمال في مذكراتك فهو لم يحدث.

تجنب أيها الخجول من يسممون أفكارك

إذا تقبلتني فلن أتقبلك

قال ” جروتشو ماركس ” ، مدخناً غليونه: ” لا أريد أن أنتمى إلى أى نادٍ يقبلنى كعضو ” ، وبعض الخجولين يتفقون معه بشكل غير واعٍ، خاصة الخجولين الأصغر عمراً ممن لا يزالون في المدرسة، فهم يتوقون إلى أن يكونوا جزءاً من مجموعة الطلبة الذين يعتبرون أنفسهم ” النخبة ” ، وعندما لا يرحب بهم يشعرون بأن هناك خطأ ما بهم.

إن الأشخاص الذين ينبذونك بوقاحة لا يستحقون إعجابك، فلا تحاول أن تقتحم دائرتهم؛ فإنك ستخدع نفسك في لعبة ثقة سوف تخسرها.

أظهرت دراسة أطلق عليها اسم ” الشهرة، والصداقة، والتكيف العاطفى أثناء المراهقة المبكرة ” ، أن هذا الاستهجان من قبل شخص تعجب به ـ سواء كان استهجاناً حقيقياً أو متخيلاً ـ يشكل مشاعرك تجاه نفسك. إنها طبيعة بشرية؛ فالأطفال في المدرسة يشكلون نظاماً متدرجاً حسب أهمية الفرد، تماماً مثل الدجاج في المزرعة. فإذا سألت طفلاً في الصف الأول فصاعداً: ” من هم الأطفال المحبوبون وغير المحبوبين؟ ” فسيذكر لك أسماءهم. وللأسف على الفور، فإن عدم إدراج العديد من الأطفال الخجولين في قائمة ” النخبة ” يعمق شكهم في أنفسهم.

والأمر نفسه ينطبق على البالغين الذين يشعرون بأنهم منبوذون بشكل متخيل بواسطة أناس أكثر تفتحاً وانبساطية في ناديهم، أو دار عبادتهم، أو مجتمعهم.

ربما تعجب بشخصية أحدهم، أو ملبسه واختياره للأصدقاء، لذلك فإن لم يختاروك كى تصادقهم، فستعتقد أنهم يستخفون بك بسبب عيوبك. مثل هذه الأشياء الصغيرة باستطاعتها أن تشكل رؤيتك الكلية لنفسك، وهذا التشكيل المشوه المتخيل لنفسك يستمر لوقت طويل جداً، بعد أن تكون قد نسيت أسماء ووجوه الناس الذين اعتقدت أنهم لا يتقبلونك.

لا تختر أصدقاء يؤذونك

لا تفسد تقديرك لذاتك بمحاولة الاختلاط اجتماعياً مع أناس لا يتقبلونك صراحة، لكن ابحث عن أناس يستجيبون لك بدفء عندما تتواصل معهم، ولا تنتظر أصدقاء يأتون إليك، وأقم صداقات مع بعض الناس الذين تحبهم حقاً، أو الذين قد يكونون في حاجة إلى صديق.

ماذا إذن لو أن هذا الشخص الذي تتقرب منه ليس جزءاً من»النخبة»؟! إن كون أحدهم»مشهوراً»لا يعنى أنه يستحق تقديرك.»بيل جيتس» كان منبوذاً من النخبة في مدرسته، لكنه لم يتحسر على حقيقة أن أكثر زملائه شهرة لم يتقبلوه، والشباب الذين قاموا بتجميع أول حاسب آلى في مرآب لم يكونوا من»النخبة»؛ فالأمور بخواتيمها.

الخجولون الأذكياء لا يلعبون ألعاباً غبية

هل شاهدت من قبل مسرحية نسى الممثل فيها نصه الحواري؟ كيف شعرت عندما حدث ذلك؟ هل احتقرته؟ بالطبع لا، إنك فقط شعرت بالضيق من أجله.

هذا ما يشعر به الواثقون تجاه الشخص الخجول. إنهم لا يكرهونك. هم يشعرون فقط بالضيق ولا يعرفون كيف يتعاملون مع الأمر. علاوة على ذلك، فإن بعض بسطاء التفكير يعتقدون أن ذلك يعرقل نمط حياتهم.

المزاح والإغاظة ماركة مسجلة في أى حوار أمريكى معتاد، خاصة بين الأشخاص الأصغر سناً والأقل ثقافة، لكن الخجولين غير معتادين على إحباط الآخرين ولو على سبيل المزاح.

الرجال بشكل خاص يحبون أن يمازحوا بعضهم :”هل أنت دائماً غبى أم أنك تقوم اليوم بجهد إضافى؟”. إنهم يهينون صديقاً ويتوقعون منه أن يتقبل ذلك ويرد بإهانة مرحة.

بالطبع هذا المزاح الغبى لا يقتصر على الرجال فقط؛ فالنساء يستمتعن بنفس الشىء لكنهن يسخرن من زميلة غائبة بدلاً من السخرية من بعضهن، ومنذ عدة سنوات أطلق”فرانك سيناترا”على هذه الظاهرة اسم”مشاركة الفتيات في السخرية من الآخرين”. إنهن لسن خبيثات، إنهن فقط يدعمن النمط التقليدى للمراهق الأمريكى.

لا تستطيع تحمل الإهانة، أليس كذلك؟

الإغاظة ليست لعبة لطيفة لكنها ممتعة بالنسبة للمهينين، وقد تكون ممتعة للمهانين أيضًا إذا عرفوا كيف يردون الإهانة بمثلها.

فمحترف التنس لا يستمتع باللعب مع مبتدئ لم يسبق له ضرب الكرة، ولا توجد أيضاً إثارة في السخرية من شخص لا يستطيع أن يرد الإهانة.

إنه لشىء صعب أن تقف على الخطوط الجانبية بينما يبدو على الناس أنهم يمرحون. أنت تعتقد أن عليك أن تمازحهم، لكن مع طبيعتك الحساسة، ستجد أن ذلك تصرف أحمق. أنت لا تشعر بأنك غير مؤهل للعب الكرة لمجرد أنك لست لاعب كرة قدم محترفاً، إذن لماذا تشعر بأنك غير كفء لمجرد أنك لا تمارس هذه اللعبة الهجومية؟

ابتعد عن هؤلاء الذين يسخرون من بعضهم

الإغاظة ليست لعبة الشخص الخجول؛ ففى بداية صراعك ضد الخجل، من المحتمل أن تكون حساساً لدرجة لا تجعلك تقبل إهانات بذيئة مثل :”كيف تطيق النظر إلى وجهك في المرآة كل يوم؟”، وإنك في الغالب لا تستمتع بإهانة الآخرين، فما الحل إذن؟ تجنب هؤلاء المازحين.

لو أنك في مجموعة وتحولت المحادثة فجأة إلى مباراة في السخرية، فلا تغادر غاضباً أو تنسحب خلسة. ومادامت السخرية ليست عرقية أو بذيئة، فشاركهم الضحك ثم اختلق عذراً لتنسحب سريعاً!

تخيل نفسك أيها الخجول فيلماً سينمائياً

إذا كنت مخرجاً سينمائياً وصورت نفس الفيلم مرتين مع نفس الممثلين، الأزياء، طاقم العمل والنص ـ لكن من زوايا مختلفة ـ سيكون هناك نسختان مختلفتان من الفيلم تماماً. وبطريقة مماثلة، فإن الواثقين بأنفسهم يرون الموقف الواقعى باختلاف كبير عما تراه أنت. فعقلك يصور الموقف من منظور مختلف تماماً عن الواثق بنفسه.

تخيل أنك متكئ بسعادة تأكل الفيشار، في مقعد بإحدى دور العرض، وأنت مأخوذ بالشخصيات على شاشة السينما وتصدر أحكاماً على من تحب ومن لا تحب. إنك تأمل أن يفوز الرجل الطيب بالفتاة، أما الرجل الشرير فترغب في رؤيته وهو يلقى حتفه أو يذهب إلى السجن. بل إنك تشكل آراء عن الشخصيات المساعدة : هذا ساذج وهذه امرأة جميلة طائشة، هذا عميق التفكير وهذه ضحلة التفكير.

إنك لا تفكر في نفسك ولا ينتابك هاجس عما يعتقدون فيك. إنك تجلس مسترخياً داخل نفسك، ناظراً إلى الخارج، ويطلق علماء الاجتماع على هذه الطريقة اسم”منظور المجال”.

إلى حد كبير هذه هى الطريقة التى يرى بها الواثقون العالم. إنهم يشكلون انطباعات عن الآخرين ولا يقلقون كثيراً حيال رأى الآخرين فيهم. فالواثقون بأنفسهم يفترضون بأن الآخرين يتقبلونهم.

وبخلاف ذلك، فإن الخجولين يشعرون بأن الناس سينبذونهم بصورة آلية، فعندما يتذكرون موقفاً غير مريح، فإن العديد منهم يتقوقعون ويرون أنفسهم كما يفترضون أن الآخرين يرونهم.

تجربة الناقد المستقل

بطريقة غريبة، تتجول في أنحاء الغرفة، تلاحظ نفسك وتحكم عليها وتنتقدها، وقد ترى ذلك على أنه”تجربة الناقد المستقل”، ويفضل متخصصو الصحة العقلية أن يطلقوا على ذلك اسم”منظور الملاحظ”، لأنك، بشكل ما، تلاحظ نفسك ـ عادة بأعين شديدة النقد، ومع ذلك فإنك عندما تشعر بالراحة التامة في موقف ما، تبدأ في رؤية العالم من منظور المجال.

عادة ما يرى الناس المواقف من”منظور المجال”، أما الأشخاص ذوو الرهاب الاجتماعى فيرون المواقف من”منظور الملاحظ”… وعند الانخراط في موقف اجتماعى فإن الأفراد ذوى الرهاب الاجتماعى يشكلون صورة عقلية لسلوكهم ومظهرهم الخارجى كما قد يراهم الجمهور.

ـ المجلة الدورية لأبحاث العلاج السلوكى

ارجع بتفكيرك إلى خبرة حديثة شعرت فيها بالثقة، ربما كان ذلك في نزهة صيف مع أسرتك. إنكم جميعاً جالسون إلى منضدة خشبية في غابة ظليلة، تلتهمون المأكولات السريعة وتتناولون المشروبات الغازية وتشاهدون ابن أختك يسيل الخردل على ذقنه فتقولون في ضحك :”يا له من طفل فوضوى!”.

يتحدث زوج أختك بصوت عال عن كيفية عمل النقانق فتفكر في نفسك : ” إنه يعتقد أنه خبير في كل شىء، يا ليته يصمت”، وتشم رائحة النقانق على الشواء خلفك وتقول :”يا لها من رائحة ذكية! سأتناول واحدة أخرى”وهكذا تقفز وتحصل على واحدة.

إنك الآن فى”منظور المجال”، بمعنى آخر إنك ترى المشهد من منظورك أنت، مشكلاً آراءك الخاصة بك.

لكن، لو كنت في موقف جعلك متوتراً ـ مثل نزهة مع أناس لا تعرفهم جيداً ـ فربما تفكر قائلاً :”كل شخص يلاحظ أننى لم أنطق بكلمة، من المحتمل أنهم يروننى أحمق. أنا جوعان. هل أطلب واحدة أخرى من النقانق أم أقوم وأجلب واحدة؟ من الأفضل ألا أفعل؛ لأنهم سيعتقدون أننى جشع، وبالإضافة إلى ذلك فقد أوقع الخردل على ذقنى وعندها سيعتقدون أننى أخرق. لا أعتقد أن أحداً هنا يحبنى على أية حال”.

المرة القادمة التى تبدأ فيها بالتفكير في الانطباع الذي تتركه، استعمل آلة التصوير العقلية لتصوير ما حولك. ابدأ بوعى في تشكيل آراء عن الآخرين بدلاً من التفكير ملياً في كيفية رؤيتهم لك. إنه تمرين جيد يجعلك فى”منظور المجال”الخاص بشخص واثق.

أجبر نفسك على ملاحظة الآخرين

من الصعب أن تنتقل من ممثل عصبى إلى مخرج واثق بنفسه، لكن أجبر نفسك على ملاحظة الآخرين بوعى. ماذا يريدون؟ ما مدى الثقة البادية عليهم وكيف يتفاعلون مع مواقف وأناس آخرين ـ وليس معك أنت؟!

أعط نفسك إذناً شاملاً لكى تكون”مُصدراً للأحكام”، ومثلما تشاهد فيلماً، لاحظهم وشكل آراء واجعل نفسك تسأل”ماذا أعتقد فيهم؟”. حتى تبعد ذهنك عن أن تسأل :”ماذا يعتقدون هم فىَّ؟”.

كيف يتعامل الخجول مع تجربة سابقة مزعجة؟

كن واقعيًا

ربما يقول شخص خجول :”شكراً جزيلاً يا ليلى، لقد أخبرتنى أننى أرى المواقف الاجتماعية من خلال عدسات معتمة، ثم قلت إننى أتذكرها بتشاؤم وإن الأمور تسوء أكثر في كل مرة أفكر فيها! كانت خاتمة الأمور عندما قلت إننى أتذكر فقط الأجزاء السلبية، شكراً على الأخبار السيئة”.

لا، أيها الخجول، ألا تعي الأمر؟ إنها أخبار جيدة. في الواقع إنها أخبار عظيمة! فلقد أعطتك الدليل الاجتماعى على أن :

1. الخجولين يتخيلون الأشياء أو النبذ عندما لا يحدث ذلك.

2. الخجولين يعتقدون أنهم قد تصرفوا في أحداث ماضية بسلبية أكثر مما قاموا به.

3. الخجولين يشوهون أو ينسون الخبرات الجيدة.

4. أثناء موقف متوتر؛ يشاهد الخجولون أنفسهم كجمهور مستاء.

لماذا يعتبر كل هذا التفكير السيئ أخباراً جيدة؟ لأنه يعنى أن كل شىء فعلته آنذاك وتفعله الآن أفضل مما تعتقد على الرغم من أنك لا تستطيع أن ترجع إلى الماضى وتمحو ألم الشعور بعدم الأمان، إلا أن توقعاتك وتفسيراتك للمواقف المستقبلية يمكن أن تتغير؛ حيث ستكون أكثر ثقة في كيفية تصرفك وتفاعلك مستقبلاً.

إنك أفضل مما تظن

انتبه إلى الدراسات. إنها قضية واضحة وسهلة جداً؛ فالناس يحبونك أكثر مما تظن. لقد كان أداؤك في مواقف ماضية أفضل كثيراً مما تعتقد، وشعورك برفض الآخرين لك هو مجرد وهم كبير.

فكر في هذا في المرة القادمة التى تواجه فيها موقفاً مخيفاً وقل لنفسك :”الناس يحبوننى أكثر مما أظن”،”أنا أؤدى بصورة أفضل في مواقف أكثر مما أظن”،”إننى فقط أتخيل الرفض”، وتذكر هذه النقاط الثلاث المُجرّبة يزيد ثقتك عندما تواجه تحديك القادم.

الخبر السيئ فقط هو أنك لم تعرف كيف كانت حياتك الاجتماعية ستصبح جيدة، وقد كان بالإمكان الاستمتاع بها لو أنك كنت تعرف ذلك!

اسأل طبيب مجاناً