التصنيفات
جهاز المناعة

علاج أمراض المناعة الذاتية بالتغذية: الروماتويد، الذئبة، الأنسجة الضامة والتهاب العضلات

إذا كانت عقاقير خطيرة هي الطريقة الوحيدة التي تخلص شخصًا من ألم المعاناة، فسوف نضطر إلى القبول بمعوقات العلاج التقليدي لأمراض المناعة الذاتية. إلا أن الحقيقة في واقع الأمر تظهر أن التدخلات الغذائية تنجح مع أمراض المناعة الذاتية كالتهاب المفاصل الروماتويدي (الروماتويد).

إن الاهتمام بمثل هؤلاء المرضى لطالما كان جزءًا رئيسيًّا من عملي كطبيب على مدار الأعوام العشرين المنصرمة، فقد رأيت حالات عديدة من مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة والأنسجة الضامة يتعافون تمامًا بهذه التعديلات. وكثيرون من مرضاي تماثلوا للشفاء التام من الحساسية والربو. ولكن لا تشفى جميع الأعراض التي يستشعرها كل مريض، وإنما الغالبية تتمكن من تجنب استخدام الأدوية.

إن السبيل لعلاج أمراض المناعة الذاتية هو اتباع المعادلة صحة = العناصر الغذائية/السعرات الحرارية. وعندئذ فقط قد يبدأ الجهاز المناعي في أداء عمله بصورة طبيعية.

تؤكد الدراسات البحثية من كل أنحاء العالم أن هذه الطريقة فعالة. فرغم الحاجة إلى مزيد من البحث في هذا المجال، فإن كل الدراسات التي أجريت كانت إيجابية، وسجلت تحسنًا في مؤشرات وجود التهاب في الدم، وأيضًا الأعراض التي يستشعرها المريض. وأنا أرى ذلك يحدث بصفة يومية.

الطرق الرئيسية لزيادة إمكانية تخفيف الأعراض أو الشعور بتحسن لدى الأشخاص الذين يعانون أمراض المناعة الذاتية:

1. عادة ما يكون اتباع نظام غذائي أساسه النبات (نباتي)، خالٍ من الألبان، وخال من القمح، وخال من الجلوتين أمرًا ضروريًّا، ومن المفيد اتباع نظام غذائي يحتوي على نسبة أقل من البروتين.
للمزيد من المعلومات عن البروتين الحيواني وخطر الإصابة بالأمراض، اضغط هنا

2.  ارتفاع كثافة القيمة الغذائية للسعرات الحرارية مع الحد منها بما يضمن الوصول إلى وزن طبيعي أمر أساسي.
للمزيد من المعلومات عن كثافة القيمة الغذائية، اضغط هنا، ثم توجه إلى فقرة “فهم مفهوم كثافة السعرات الحرارية”

3. يجب التحقق من نسب حمض الأراكيدونيك وحمض دي إتش إيه من خلال إجراء اختبار الأحماض الدهنية الأساسية. فإذا كان توازن الأحماض الدهنية غير طبيعي، فقد يكون من الضروري تناول مكملات غذائية بالحمض الدهني أوميجا 3 لتحقيق توازن مرضٍ. ومن الممكن استخدام بذور الكتان المجروشة، أو حمض الدي إتش إيه نباتي المصدر، أو أسماك غنية بالدهون. للمزيد من المعلومات حول التوزان ما بين الدهون المفيدة أوميجا 3 و 6، اضغط هنا أو هنا

4.  قد يكون الصوم لأسباب علاجية طريقة إضافية فعالة للغاية في التحكم في استجابة المناعة الذاتية وإعادة الجهاز المناعي مفرط النشاط إلى مستوى طبيعي (أبطأ) من النشاط. لا تصم إذا كنت تتناول عدة أدوية مثبطة للجهاز المناعي؛ مثل الميثوتريكات والإميوران؛ لأن الصوم مع تناول أدوية كهذه ليس آمنًا. ومن المهم أن يخضع المرضى الذين يفكرون في اتباع هذا العلاج إلى إشراف طبي مناسب

5. التعهد باستبعاد بعض الأطعمة يمكنه الكشف عن الحساسية لبعض الأطعمة الخفية. وأغلب الأطعمة المسيئة تم استبعادها بالفعل؛ وهي المنتجات الحيوانية والقمح ومنتجات الحليب/الألبان، ولكن كثيرين من المرضى يجدون أن تناول أطعمة أخرى قد يزيد حالتهم سوءًا أيضًا. وهذه الأطعمة لا يتم اكتشافها في العادة عند إجراء اختبار الحساسية، فهي عادة ما تتطلب فترة قصيرة من الصوم، ثم تقديمًا تدريجيًّا لبعض الأطعمة الجديدة كل يوم، واستبعاد أي أطعمة أخرى تسبب زيادة في الألم في حالة الصوم. وأحب أن أكرر هذه النقطة لكي أوضحها؛ فارتفاع نسبة الجلوبيلين المناعي G والجلوبيلين المناعي E في مقابل أطعمة مختلفة على اختبارات الحساسية أمر شائع بالفعل في مرض التهاب المفصل الروماتويدي (الروماتويد) وغيره من أمراض المناعة الذاتية، وليست هناك علاقة سريرية كافية بين هذه الأطعمة والأطعمة التي نجدها تفاقم الأعراض. وقد لاحظ باحثون آخرون الأمر نفسه. فعادة ما أنصح المرضى بتوفير نقودهم والامتناع عن هذه الاختبارات.

النظام الغذائي هو خط الدفاع الأول

إن العمل مع مرضى أمراض المناعة الذاتية مثل مرضى الأنسجة الضامة، والتهاب العضلات والتهاب المفصل الروماتويدي والذئبة مجز للغاية. فهؤلاء المرضى كانوا مقتنعين بأنه لا يمكنهم التعافي على الإطلاق، ومن ثم تجدهم يشعرون بالامتنان على الدوام لتعافيهم مرة أخرى وعدم حاجتهم لتناول الأدوية.

تجب تجربة اتباع النظام الغذائي الفعال لعلاج أمراض المناعة الذاتية أولًا، والمرض لا يزال في بدايته. من المنطقي، أنه كلما تقدم المرض، وكلما زاد التلف الذي أحدثه، قلت احتمالات المريض في الاستجابة لهذه الطريقة في العلاج. ومن خلال تجربتي مع أمراض الالتهابات مثل التهاب المفصل الروماتويدي، وجدت بعض المرضى لديهم حساسية أكثر للنظام الغذائي مقارنة بغيرهم، وأن بعض المرضى يعانون نسبًا عالية للغاية من الالتهاب يصعب إخفاؤها مع العلاج الطبيعي. ولكن بالرغم من ذلك؛ فقد استفادت الغالبية العظمى من المرضى. ونظرًا لأن الأدوية التقليدية المستخدمة في علاج هذه الأنواع من الأمراض سامة للغاية، ولها الكثير من الآثار الجانبية الخطيرة، فيجب تجربة الطريقة الغذائية أولاً. وكثيرًا ما تسهم الأدوية الحديثة في إعاقة وتعاسة مرضى أمراض المناعة الذاتية، كما تزيد خطر إصابتهم بالسرطان. وتظهر الدراسات أن الناتج على المدى الطويل لا يزال ضعيفًا بعد عشرين عامًا من تناول هذه الأدوية. فقد أظهرت دراسة أجرتها المجلة البريطانية للروماتيزم أن الأدوية الرئيسية التي تستخدم في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي؛ مثل الأزاثيوبرين، والسيكلوفوسفاميد، والكلورامبوسيل، والميثوتريكسات، تزيد احتمالات وفاة الشخص بسبب السرطان.
والمرضى الذين يستخدمون الأدوية التي تثبط الجهاز المناعي يخسرون بعض الحماية التي يوفرها الجهاز المناعي ضد العدوى والسرطان. وهؤلاء الأفراد يحتاجون إلى نظام غذائي ممتاز، حتى لو لم يمكنهم الامتناع عن كل الأدوية.

كثيرون من المرضى الذين أراهم؛ خاصة أولئك الذين تماثلوا للشفاء، غاضبون من أطبائهم السابقين الذين لم يقترحوا عليهم العلاج بالتغذية قبل الإشارة عليهم بالبدء في تناول الأدوية. وهؤلاء الأفراد عادة ما يكونون قد سئموا من “مرضهم”، وهو ما يجعلهم يفعلون أي شيء من أجل التعافي؛ ولهذا فهم لا يجدون هذا النظام الغذائي مقيدًا، ويظهرون قدرًا كبيرًا من الحماسة والإصرار على استعادة صحتهم. ومن المثير للغاية أن ترى هؤلاء المرضى يتماثلون للشفاء ويستبعدون خيار تناول الأدوية.

التغلب على آلام الطمث، ومتلازمة القولون العصبي أو التحسن من خلال التغذية المثالية

من الحالات الأخرى التي تستجيب أيضًا بشكل استثنائي إلى التعديلات الغذائية آلام الطمث، ومتلازمة القولون العصبي.
والباحثون الذين يجرون اختبارات على نظم غذائية مماثلة للنظام الذي أوصي به لاحظوا أن اتباع نظام غذائي نباتي منخفض الدهون يزيد الجلوبين المرتبط بالهرمونات الجنسية لأنه يقلل نشاط الإستروجين. وهذا لا يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي فحسب، ولكنه يقلل إلى حد كبير الألم والانتفاخ الملازمين للطمث.

كما أرى أيضًا عددًا كبيرًا من مرضى متلازمة القولون العصبي. والبعض يشعر بتحسن في غضون ثلاثة أيام من اتباع هذا النظام الغذائي، رغم أن البعض الآخر يحتاجون إلى بضعة أسابيع أو أكثر لكي يعتادوا كميات الألياف الكبيرة نسبيًّا. وتعتبر المنتجات الحيوانية ومنتجات الدقيق مثيرات لمتلازمة القولون العصبي بالنسبة لكثيرين من الأفراد. وقد سجل الباحثون البريطانيون أن الإنتاج المتزايد للميثان وغيره من المخلفات الغازية التي تعني زيادة التخمر في القولون من اللحوم الحمراء ومنتجات الحليب/الألبان والحبوب المعدلة مرتبط بالشكوى من الأمعاء. إلا أن هناك آليات أخرى تمكن النظام الغذائي الغني بالأطعمة الطبيعية الغنية بالعناصر الغذائية والألياف من إعادة حركة الأمعاء بشكل طبيعي. وقد تحتاج لبعض الوقت لكي تتخلص من عاداتك الغذائية الخطأ التي كنت تتبعها طوال حياتك. ولهذا يحتاج أغلب المرضى إلى ثلاثة أشهر حتى يلمسوا تحسنًا. بالطبع يجب تعديل النظام الغذائي في بعض الأحيان وفقًا لاحتياجات كل فرد. وفي مثل هذه الحالات، فإن العمل مع طبيب مختص يكون أمرًا مفيدًا.

أغلب الأمراض المزمنة يتم اكتسابها نتيجة لسوء التغذية طوال الحياة، وهو ما يؤدي في النهاية إلى وظائف غير طبيعية أو شعور متكرر بعدم الراحة. وهذه الأمراض لا تخرج من نطاق سيطرتنا، وهي ليست وراثية في الأساس، وهي ليست النتيجة الطبيعية للتقدم في السن. صحيح أننا جميعًا لدينا روابط ضعف تحكم خرائطنا الوراثية، ولكن هذه الروابط الضعيفة لا يجب أبدًا أن تكشف عن نفسها إلا إذا ما تدهورت صحتنا. وهذا هو ما يجعل الصحة والعافية النتيجة الطبيعية للتغذية المثالية. أما استعدادنا لأمراض معينة فمن الممكن أن يظل محجوبًا.

بالطبع، لا تصلح هذه الطريقة في العلاج مع كل فرد؛ فالبعض قد يفضل تناول الطعام بشكل تقليدي وتناول الأدوية التي تقتضيها حالته الصحية. فبالنسبة لهم، هذا هو المسار الطبيعي غير القابل للتحويل. ولكن أيضًا من حق المرضى وأصحاب المعاناة الذين يسعون للتوصل لطريقة طبيعية أن يعوا مدى فاعلية التعديلات الغذائية الفعالة.

اسأل طبيب مجاناً