التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

برنامج الرضاعة من حليب الأم في الشهور الستة الأولى

الشهور الستة الأولى: الرضاعة هي كل شيء

لماذا الرضاعة الطبيعية والتغذية بحليب الأم؟

برنامج الرضاعة من حليب الأم في الشهور الستة الأولى

معلومات فيزيولوجية

أثبتت الدراسات والأبحاث في مجال تغذية الطفل العديد من المزايا للرضاعة الطبيعية التي تعود بالفائدة على الطفل الرضيع وعلى الأم. ولا بد من البداية أن نعلم “أن الوليد حين يأتي إلى هذا العالم تكون أجهزته الداخلية المختلفة غير مكتملة النضوج بعد. فوظائف الهضم ووظائف الكليتين والجهاز البولي ووظائف الاستقلاب في الجسم تكون ناقصة في نموها ونضوجها إذا ما قورنت مع أجهزة الكبار. وإن توازن السوائل وتوازن الحموض والأسس في الجسم وتوازن الأملاح كلها جميعاً تتبع لهذه الوظائف ولذا لابد من مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار لأن اختلال هذا التوازن خطر جسيم على الحياة. وإذا أمعنا النظر في حليب الأم نجد أن تركيبه ومكوناته الأساسية تتوافق تماما مع حالة وظائف جسم الوليد وتتعدل بالتدريج وفقاً لنمو تلك الأجهزة مع الزمن.”

كما أنه “من الثابت علمياً وطبياً أن نمو الدماغ لا يكون تاماً عند الولادة، بل يستمر طيلة عامين كاملين بحيث يكتمل النمو التشريحي – وإلى حد كبير النضج الوظيفي من حيث الاستعداد والقابلية – في نهاية السنتين من العمر تقريباً. وبالتالي فإن هاتين السنتين من عمر الطفل تشكلان السن الحرجة لنمو الدماغ لديه نمواً سليما.ً وعند النظر إلى لوازم هذا النمو التشريحي والنضج الوظيفي للدماغ نجد أنه يعتمد بشكل كبير على أمور مادية جسدية بحتة أهمها التغذية السليمة. وعند سبر واستقصاء البحوث الطبية المتعلقة بتغذية الوليد نجدها تجمع بلا استثناء على أن حليب الأم هو الغذاء الأمثل لذلك. وقد ثبت علمياً تفرد حليب الأم ببعض المركبات الكيميائية ذات الدور الحرج في نمو وتطور الدماغ بعد الولادة وفي السنتين الأوليتين للحياة (وهذه المركبات عبارة عن حموض أمينية معينة مثل Taurine وبعض الحموض الدسمة)”.

تركيب حليب الأم

وإذا انتقلنا إلى تركيب الحليب نجد أن ثدي الأم في الإرضاع الطبيعي يفرز في الأسبوع الأول بعد الولادة حليباً بدئياً يسمى الصمغة. وهو ما قبل الحليب وهو غذاء ممتاز للطفل في الأيام الأولى من عمره. فبالإضافة لكونه سهل الهضم جداً ولا يحمل أجهزة الوليد أي عبء فإنه من زاوية التركيب غني بالمواد الزلالية 3-6% التي تمتصها الأمعاء في هذه المرحلة فقط كما هي!! وبخاصة المواد المناعية (Gamma globulin) مما يكسب الطفل الذي يرضعها ولعدة أشهر مناعة مكتسبة ضد كثير من الأمراض المعدية والخطيرة مثل شلل الأطفال، الحصبة، الخناق وغيرها.

وتظهر مقارنة حليب الأم وحليب البقر الذي يصنّع منه حليب الأطفال الاختلاف الموجود من الناحية الكمية ومن ناحية التركيب النوعي كما يوضح الجدولان التاليان:

بنظرة بسيطة إلى هذا الجدول يتضح أن هنالك اختلافاً من ناحية الكمية الإجمالية بين حليب الأم وحليب البقر فمجموع المواد الزلالية ومجموع نسبة الأملاح في حليب البقر هما أعلى بكثير من حليب الأم، في حين أن مجموع المواد السكرية أعلى في حليب الأم من حليب البقر. هذا من جهة المجموع الكلي الإجمالي، أما من جهة التركيب النوعي التفصيلي فإن الاختلاف أشد: فأنواع الزلال الموجودة في حليب الأم هي من الأنواع الأسهل هضماً والأسهل استقلاباً والأنسب لتركيب زلال جسم الطفل وزلال مصل دمه، في حين أن أنواع الزلال الموجودة في حليب البقر هي من الأنواع الأصعب هضماً والأصعب استقلاباً وإطراحاً والأكثر عبئاً على أجهزة جسم الوليد الهضمية والإطراحية التي لم يكتمل نموها بعد. ولذلك نرى أن نسبة البولة والآزوت في دم الأطفال الذين تتم تغذيتهم بغير حليب الأم تكون أعلى بكثير من الذين يرضعون من أمهاتهم كما نجد أن الاضطراب في السوائل والتجفاف والاضطراب في توازن الحموض والأسس في الدم وحصول الحموضة الدموية الاستقلابية تحصل جميعاً عند الأطفال الذين تتم تغذيتهم لسبب أو لآخر بحليب البقر أكثر بكثير من الأطفال الذين يرضعون من حليب أمهاتهم.

وبالتحديد فإن حليب الأم يحتوي على نسبة قليلة من الجبنين = كازائين (35%) وهو زلال صعب الهضم في حين يحتوي على نسبة عالية من الزلال المناسب والمتوافق مع زلال جسم الوليد وهو أسهل هضماً مثل: ألفالاكت ألبومين Lactalbumin لاكتوفيرين Lactoferrin وزلال المصل Serum albumin وهي تشكل جميعاً 65% من مجموع زلال حليب الأم.

أما حليب البقر فهو يحوي العكس تماماً: 80% من الجبنين = كازائين وهو كما أسلفنا زلال صعب الهضم و20% من بيتا لاكت ألبومين B Lactalbumin الزلال سهل الهضم والمناسب لبنية جسم الوليد.

أما من جهة الدسم فإن المجموع العام للدسم متساو تقريباً من الزاوية الكمية ولكن هناك اختلاف كبير من الزاوية النوعية من حيث تركيب الدسم.

فحليب الأم يمتاز بأنه يحتوي على نسب عالية جداً من الحموض الدسمة غير المشبعة بخاصة حمضي الزيت واللينول وهي أسهل هضماً وأسهل امتصاصاً وأيسر استقلاباً في جسم الوليد. في حين أن حليب البقر تتكون الدسم فيه وبشكل رئيس من حمضي النخل والشمع وهي حموض دسمة أصعب هضماً وامتصاصاً واستقلاباً بسبب سلاسلها الحمضية الطويلة ولكون روابطها الكيميائية مشبعة.

كما وأن هناك اختلافات في السكاكر والفيتامينات والأملاح من حيث النسب والكميات بين حليب الأم وحليب البقر.

مزايا الإرضاع الطبيعي

بعد هذه الملاحظات الفيزيولوجية والمعلومات الأساسية حول تركيب حليب الأم مقارناً بحليب البقر نشير فيما يلي إلى مزايا الإرضاع الطبيعي:

– يشكل حليب الأم دون أدنى شك أفضل غذاء للطفل الوليد على الإطلاق. وأنت أيتها الأم حين ترضعين طفلك في هذه الفترة بشكل كامل فإن الغذاء الذي تقدمينه له هو الغذاء الممتاز. ويحصل طفلك عن طريقه على كل ما يحتاج إليه. ولا تحتاجين لإضافة أي شيء لغذائه.

– يشكل حليب الأم الغذاء الأمثل لتحقيق النمو السليم لدماغ الطفل في السنتين الأوليتين من العمر.

– يهيئ الغذاء من الثدي للطفل غذاء معقماً خالياً من الجراثيم والتلوث ودافئاً بدرجة حرارة الجسم الطبيعية المثلى.

– وكذلك فإن الكثافة والتركيب والمحتويات في حليب الأم تكون من الزاوية الغذائية والكيماوية الحيوية مبرمجة في هذا الحليب حسب متطلبات جسم الرضيع وحسب عمره وحسب درجة نمو أجهزته الهضمية والإطراحية والاستقلابية التي لا زالت في تلك المرحلة في طور النمو والنضوج. فتركيب حليب الأم يتعدل من شهر لشهر حسب عمر الطفل. وكذلك تختلف كثافته من بداية الرضعة الواحدة إلى نهايتها فعند بداية الرضعة تكون كثافة حليب الأم ونسبة الدسم قليلة في حين تكون نسبة السكاكر أكثر بشكل ينشط إفرازات المعدة والأمعاء وتكون مثل المقبلات التي تساعد على الهضم ثم تزداد كثافة الدسم في الحليب بعد ذلك ثم تتناقص الكثافة من جديد عند انتهاء الرضعة.

– حليب الأم يحتوي على عناصر البناء الأساسية وفي النسب المثالية للنمو المناسب للطفل من الزاوية الجسمية والروحية والحركية ومن زاوية تحسين مقاومته لما قد يطرأ عليه من الالتهابات والعدوى. وهو أحسن وأيسر هضماً في المعدة والأمعاء لأنه يحتوي على خمائر مهضمة (Lipase) تنشط في معدة الطفل وتدعم عملية الهضم.

– حليب الأم يعطي الطفل حماية أكبر ضد الالتهابات والإنتانات والأمراض المعدية. وهذه الحماية تظهر قيمتها ويزداد أثرها عندما تكون الشروط الاجتماعية والبيئة التي يحيا بها الطفل غير سليمة من جهة النظافة والتعقيم. فالإرضاع المباشر من الأم يقطع الطريق على التلوث والتجرثم. إذ أن أكثر وفيات الأطفال في السنة الأولى من العمر تكون في بلادنا وفي بلاد العالم الثالث عامة نتيجة الاضطرابات الهضمية والإنتانات المعوية التي تسبب التجفاف والوفاة.

– يحتوي حليب الأم على عوامل مناعية فعالة:

– مواد مناعية ضد الالتهابات والإنتانات Immunoglobulin A

– ويحوي حمض اللينول وهو يدعم مفعول اللقاحات التي تعطى للأطفال

– كما وثبت أن الحموض الأمينية الموجودة بكثرة في حليب الأم وهي حمض النويرامين والليزوزيم ومواد البيفيدوم واللاكتوفيرين هي جميعاً مواد داعمة لعوامل الجسم المناعية الذاتية ومقويات أساسية لجسم الوليد.

وتكون أمراض الإسهال أقل حدوثاً لدى أطفال الرضاعة الوالدية، وإذا حدثت فهي أسرع شفاءً.

– الأطفال الذين يرضعون بشكل كامل من الأم أقل إصابة بأمراض الالتهابات مثل التهاب الأذن الوسطى أو التهاب القصبات؛ وكذلك

– تحمي الرضاعة الطبيعية الأطفال من الموت المفاجئ أو ما يعرف بمتلازمة الوفاة الفجائية التي تحدث أثناء نوم المواليد الأصحاء. الأطفال الذين يرضعون بشكل كامل من الأم أقل إصابة بأمراض الحساسية. وحتى في الأسر ذات الاستعداد للربو وللمشكلات الجلدية فإن الرضاعة الوالدية مهمة جداً وهنا يصح القول: كلما كانت المدة أطول، كلما كانت الفائدة أكبر.

كذلك يعود الإرضاع الطبيعي على الأم بفوائد عديدة:

– يرافق مص الطفل الحليب من ثدي أمه إفراز الحليب وتقلص الرحم مما يساعد على عودته إلى حجمه الأصلي.

– وتصل الأم المرضع بسرعة أكبر إلى الوزن الأصلي لجسمها وتستعيد رشاقتها بسرعة أكبر. أما سبب سمنة وبدانة بعض المرضعات فهو الأكل بدون وعي وبدون ضوابط منطقية وليس سببه الإرضاع.

– وبعض أنواع سرطان الثدي وكسور الحوض هي أقل حدوثاً بكثير في المستقبل لدى الأمهات اللواتي أرضعن أطفالهن وقد أثبتت الإحصاءات أن 90% من النساء اللواتي يصبن بسرطان الثدي لم يرضعن.

– وتوفر الأم المرضع المال، وتوفر الوقت المستهلك في تجهيز الرضعات في الإرضاع الاصطناعي

– وتقوي الرضاعة الرابطة بين الأم وطفلها من الناحية النفسية والعاطفية وتعلق الطفل بأمه ومحبته لها. ويتحقق هذا الجانب المهم من جوانب الإرضاع الطبيعي حين ترضع الأم الطفل برغبتها ولا يمكن الوصول إلى هذه النتيجة بإكراه الأم على إرضاع وليدها، ” إن عملية الإرضاع ليست مجرد تقديم غذاء “مادي” للطفل، بل إنه عملية تفاعل روحي بين الأم والطفل، وإذا كان النفع المادي للحليب يصل إلى الطفل ولو كان الإرضاع بالإكراه وبغض النظر عن نفسية الأم، فإن تلك الشحنة الروحية المعنوية وذلك التفاعل الخفي بين الأم وطفلها لا يمكن أن يحدث بالإكراه…وبالتالي فإن الإرضاع الحاصل منها لا يزيد على الإرضاع الحاصل من غيرها بشيء.”

– ومع إدراك أهمية حليب الأم للطفل ارتفع عدد الأمهات اللواتي يرضعن أطفالهن في البلدان المتطورة صناعياً في السنوات العشرين الأخيرة باطّراد بعد أن كانت الأمهات في هذه البلدان إلى عهد قريب لا يقمن بالإرضاع الطبيعي.

– ولكن الأمهات اللواتي يقمن بما هو في الواقع الأفضل لأطفالهن، وهو الإرضاع الكامل مدة 5-6 شهور دون إضافة أي غذاء آخر، هن قليلات.

الرضاعة الطبيعية حق من حقوق الطفل

المصدر الأول للتعرف على حق الطفل بالرضاعة الطبيعية في الإسلام هو ما ورد في القرآن الكريم. يقول الله تعالى: “وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ” (البقرة 233).

نظمت عدة أمور تتعلق بهذا الحق:

– أولها مدة الرضاعة الطبيعية عامان.

– وثانيها جواز فطم الطفل عن الرضاعة الطبيعية قبل انتهاء الحولين.


برنامج الإرضاع بحليب الأم

هل أخذت قرارك في إرضاع طفلك إرضاعاً طبيعياً؟ تستطيع جميع الأمهات تقريباً أن يرضعن. ولكنك بحاجة وبخاصة حين يكون طفلك هو الطفل الأول إلى بعض المساعدة التي يقدمها لك طبيب الأطفال عند الضرورة.

– يجدر أن يبدأ الإرضاع في أقرب وقت ممكن بعد الولادة. وفي أفضل الحالات في الساعات الأولى من العمر. ويستحسن أن يبقى الطفل و أمه معاً كل الوقت قدر الإمكان.

– يعطى الطفل السوائل (محلول سكري مثلاً 5%) في الساعات الأولى بعد الولادة مما يمنع تجفافه كما يمنع هبوط نسبة السكر في دمه. ومن ثم وبعد 3-4 ساعات من الولادة يعطى من أمه الرضعة الأولى بعد أن تكون الأم ووليدها قد استراحا من عناء الولادة وهذا ما تتجه إليه غالبية الآراء الآن.

– يبقى تدفق الحليب موجوداً حتى وإن تأخر البدء بالإرضاع بعض الشيء، كما هو الحال في الولادة القيصرية.

– تنتظم عملية العرض والطلب في الإرضاع الطبيعي بشكل رائع من ذاتها. ولكنها تستمر أحياناً عدة أسابيع حتى يسير كل شيء على ما يرام.

أوقات الإرضاع

أما عدد أوقات الإرضاع فقد ثبت أن إعطاء الطفل كل 3-4 ساعات رضعة من أمه في الشهر الأول من عمره هو ترتيب جيد ومعقول ويتوافق مع أكثر الرضع. ويعطي الطفل فرصة كافية ومعقولة لهضم وجبته وتفريغ المعدة كما يعطي الأم وقتاً كافياً ليتجمع الحليب في ثديها. وحسب برنامج الرضعة كل ثلاث ساعات يكون الإرضاع الساعة 6 صباحاً، الساعة 9 صباحاً، الساعة 12 ظهراً، الساعة 15 بعد الظهر، الساعة 18 مساء، الساعة 21 مساء والساعة 24 منتصف الليل. وإذا كان البرنامج يسير وفق كل 4 ساعات رضعة: يرضع الساعة 5 صباحاً، الساعة 9 صباحاً…

ومن المهم عمل فترة استراحة ليلية من 6-8 ساعات ترتاح بها الأم ووليدها وفي بعض الأحيان يكون هناك حاجة لإعطاء وجبة ليلية الساعة الثانية بعد منتصف الليل ولكن لا يجوز أن يستمر هذا طويلا وذلك بتعويد الطفل بأسرع ما يمكن على الراحة الليلية. وإذا لزم إعطاء أي شيء بين الرضعات فيستحسن أن يكون سوائل مثل مغلي الزهورات أو البابونج أو النعناع أو الشاي الخفيف وبكميات غير محدودة وحسب حاجة ورغبة وعطش الطفل.

إن هذه البرامج الزمنية ليست أنظمة قاسية فولاذية بل هي إطار منطقي تتحرك الأم في حدوده وتتصرف به حسب متطلبات وليدها، وإن كان من الأفضل ألا تقل الفترة بين كل رضعتين عن ثلاث ساعات عند المواليد الكاملي النمو.

مدة الرضعة

تكون المدة الزمنية التي تستغرقها كل رضعة بحدود 15-20 دقيقة وليس أكثر. لأن الطفل يمتص من الناحية العملية خلال الخمس دقائق الأولى أكثر من نصف إلى ثلثي كمية الحليب المتجمع في الثدي وخلال الخمس دقائق التالية أكثر القسم الباقي. وإن كان إدرار الحليب جيداً فيعطى في كل رضعة ثدي واحد بالتناوب. وإن لم يكن الإدرار كافياً فيمكن إعطاء الثديين في كل رضعة.

حاجة الطفل من الحليب كماً

إفراز الحليب عند الأم تابع إلى حد بعيد لراحتها النفسية وإلى رغبتها بالإرضاع وإلى قناعتها بأنها حينما ترضع وليدها فإنما تقدم له خير وأفضل ما يقدمه إنسان لإنسان.. كما يتبع أيضاً كفاءة وعقلانية وحسن إدارة من حولها من ممرضات وأقارب ممن يكون لهم دور كبير في توجيهها.

وأحياناً لا يفرز الثدي في الأيام الأولى بعد الولادة أكثر من 20سم3من الحليب كل رضعة وليس من الضروري أن يكون ذلك مدعاة للقلق أو الاضطراب إذ إن هذه الكمية ستزيد إذا وجدت عند الأم الرغبة الصادقة في الإرضاع والصبر والإدارة السليمة عند من حولها لتصبح الكمية 400-500 سم3 من الحليب عند انتهاء الأسبوع الأول من العمر.

ويمكن تقدير كمية الحليب التي يشربها الطفل عند كل رضعة بوزنه بملابسه بميزان دقيق قبل وبعد الرضعة ويكون ما رضعه هو الفرق بين الوزنين.

ويجدر أن نعلم بأن متوسط كمية الحليب التي تلزم للطفل تكون بحدود 120 – 140 غ باليوم لكل كغ من وزنه عند انتهاء الأسبوع الأول و 150-170 غ في اليوم لكل كغ من وزنه عند انتهاء الأسبوع الثاني من العمر. وعلى الأمهات أن يبذلن جهدهن بإرضاع أطفالهن حتى نهاية الشهر السادس من عمره إن كان الحليب متوفرا.

وهذا جدول يعطي إطاراً عاماً لما ينبغي أن يرضعه الطفل منسوباً إلى وزنه ومقسماً حسب أرباع السنة الأولى من العمر:

الربع الأول من السنة الأولى من العمر يلزم الطفل 5/1 – 6/1 وزنه من الحليب يومياً.

الربع الثاني من السنة الأولى من العمر يلزم الطفل 7/1 وزنه من الحليب يومياً.

الربع الثالث من السنة الأولى من العمر يلزم للطفل 8/1-9/1 وزنه من الحليب يومياً.

وبالطبع فإننا حينما نعطي الطفل وجبات إضافية غير الحليب نطرح مقدار 200سم3 من الحليب مقابل كل وجبة يأخذها.

وهناك مؤشرات سريرية سلوكية إن توفرت تساعد على الحكم بأن كمية الحليب من الأم كافية وهي: أن ينمو الطفل بشكل سليم ويكون بكاؤه واضطرابه قليلا. وينام من ساعتين إلى ثلاث ساعات بعد كل رضعة في الشهر الأول من العمر وينام 6-8 ساعات في الليل، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فيلزم أن يكون جلد الطفل وردي اللون مشدوداً بفعل طبقة الدهن الموجودة تحته وأن لا يكون مترهلاً، وأن يكون ذا عضلات مرنة يشد بها أطرافه عند كشف جسمه. عند ذلك تكون هذه المؤشرات عوامل اطمئنان تشير إلى سلامة الطفل وصحة نموه. وعندها يكفي مراقبة وزنه في البداية أسبوعياً وبعد ذلك شهرياً.

أما إذا كان إفراز الحليب بعد الأسبوع الأول غير كاف أو ظهرت على الطفل أعراض عطش أو نقص سوائل مثل ارتفاع حرارة جزئي، خمول واسترخاء فعندها يعطى بين كل رضعتين كميات من السوائل كالشاي الخفيف أو البابونج أو مغلي الزهورات أو محلول سكري بنسبة 5%.

كما ويمكن في حال ضعف الامتصاص في فم الطفل أن يسحب الحليب من الثدي بالشفاطة بعد كل رضعة يرضعها ثم نسقيه هذه الكمية المسحوبة بالملعقة وبهذا لا نترك الوليد عرضة للجوع كما نهيج إفراز الحليب عند الأم.

أما وبعد اتباع كل هذه الطرق إذا لم تزدد كمية الحليب عند الأم في الأسبوع الثاني من العمر عندها نضطر إلى الإرضاع المزدوج أولاً يرضع من أمه المقدار الذي يدره له الثدي ثم تكمل الرضعة بالكأس والملعقة بأي نوع من أنواع الحليب المكافئ لحليب الأم مما سيأتي الحديث عنه مفصلاً. والقصد من استعمال الكأس والملعقة هو عدم تعويد الطفل مباشرة على الزجاجة لأنه بذلك قد يرفض ثدي أمه وحليبها. وإن للإرضاع المزدوج طريقتين: إما أن نعطي الطفل بالتناوب رضعة من الحليب المكمل أو أن نعطيه في كل رضعة أولاً من أمه ثم نكمل له بالحليب المكمل بالمقدار الذي يقبله.

أما وبعد كل هذه الجهود إذا لم يكن حليب الأم كافياً ولا يغطي ثلث لوازم الطفل من الحليب فعندها يرفض الإرضاع الطبيعي مميزاته ويعطى الطفل حليباً اصطناعياً يناسب عمره.


الإضافات التي تعطى مع حليب الأم وزمن هذه الإضافات

لاستكمال متطلبات جسم الطفل من الفيتامينات وبالذات فيتامين c يمكن من الأسبوع السادس وحتى الأسبوع الثامن من عمر الطفل أن نعطيه عصير فواكه وبخاصة الحمضيات ونبدأ عادة بملعقة وملعقتين صغيرتين (ملاعق شاي) يومياً وتزاد هذه الكمية بالتدريج كل عدة أيام ملعقة حتى نصل في الأسبوع العاشر من العمر إلى ملعقة أو ملعقتين صغيرتين قبل كل رضعة من عصير الفواكه ثم نبدأ من الأسبوع العاشر وحتى الأسبوع الرابع عشر بوجبة فواكه أساسية من الفواكه الطازجة والمطحونة طحناً يصل بها إلى قوام المراهم وبالطبع نبدأ بملعقة أو ملعقتين وتزاد بالتدريج حتى تصبح الكمية 130-180 غ تعطى هذه الوجبة مكان الوجبة الرابعة الساعة السادسة مساء. ويلزم التنويه هنا إلى أن انتقاء الفواكه يساعد على تنظيم براز الطفل. والطفل الذي يميل برازه للإمساك نزيد له في الفواكه من الحمضيات كالبرتقال وغيره أو من الدراق أو المشمش فهي جميعها تلين البراز. أما الطفل الذي يميل برازه إلى الإسهال فنزيد له من الفواكه التفاح والموز فهي جميعها تجعل البراز أمسك قواماً.

وبعد أربعة أسابيع من البدء بوجبة الفواكه وانتظامها نبدأ بوجبة خضار مسلوقة ومطحونة مثل المرهم كالجزر الأصفر والسبانخ. وبعد ثلاثة إلى أربعة أسابيع والتي تعطى عادة في الساعة العاشرة مكان الرضعة الثانية يمكن إضافة بعض المواد الزلالية إلى وجبة الخضار بأن نضيف في البداية صفار البيضة أجزاء منه نمزجها داخل الخضار وبعد التأكد من تحمل الرضيع لها نزيد ذلك بالتدريج ثم نضيف البياض مع الصفار ونزيد بالتدريج حتى يمكننا مع انتهاء الشهر الخامس وبداية الشهر السادس إعطاء أجزاء كاملة من البيضة صفاراً وبياضاً. وعند إضافة اللحم الهبرة المسلوق والمطحون فيؤخذ 25-30 غ مكان البيضة مع الخضار اعتباراً من ما بعد الشهر السادس من عمر الطفل.

وهكذا نصل في الشهر الرابع من العمر إلى البرنامج التالي:

الساعة 6 صباحاً رضعة من الأم

الساعة 10 في الضحى وجبة خضار

الساعة 14 بعد الظهر رضعة ثانية من الأم

الساعة 6 مساء وجبة فواكه

الساعة 10 ليلاً رضعة ثالثة من الأم

إن كان حليب الأم كافياً لثلاث رضعات فلا بأس وإن لم يكن كافياً إلا لرضعتين فيمكن إعطاء الطفل مكان الرضعة الثالثة وجبة حليب مطبوخ يهيّأ كما يلي:

2/1 حليب كامل الدسم + 2/1 (ماء رز+ رز وسكر) = رز بالحليب

2/1 حليب كامل الدسم + 2/1 (ماء نشاء + نشاء وسكر) = حليب مطبوخ بالنشاء.

ختاماً نقول، يستطيع العدد الأكبر من الأمهات أن يرضعن، ويرغب معظمهن بذلك. إذا نجح أمر الرضاعة من الثدي، فهذا هو الأولى وهو شيء جيد ورائع. أما إذا لم ينجح الإرضاع الطبيعي، لأن الأم مريضة وغير مستعدة نفسياً أو جسدياً للإرضاع الطبيعي؛ أو لأنها يجب أن تعود للعمل بسرعة أو لأنها ترغب بالعودة للعمل بسرعة، فإن الأمر محزن جداً. وهنا لابد من اللجوء إلى التغذية الاصطناعية عن طريق حليب الحيوان (البقر/ الغنم/ الماعز) بعد تعديله قدر الإمكان ليصبح قريباً في تركيبه من حليب الأم.

اسأل طبيب مجاناً استشارات طبية مجانية