التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

المشاكل السلوكية الشائعة لدى الأطفال وطرق التعامل معها

قد يتعرض الطفل منذ ميلاده وخلال مسيرة نموه إلى العديد من المشاكل النفسية السلوكية، على سبيل المثال: مشاكل تتعلق بالنوم أو الملبس أو المخاوف أو العناد أو الحركة المفرطة أوضعف الانتباه أو الارتباط الشديد بالأم.. وغالباً تنتج تلك المشاكل بسبب النظام الأسري المضطرب الذي يؤدي إلى استعمال الوالدين لأساليب تربوية تميل للسلبية، كالضرب والصراخ والإهمال والحماية الزائدة.. فالطفل ينمو نفسياً واجتماعياً من خلال العلاقة الحميمية التي تربطه بالوالدين ومن ثم بالآخرين المحيطين به. وطالما وفرت له تلك العلاقات الشعور بالأمان والحب والحماية والثقة، فإن نموه يسير في اتجاه إيجابي، أي اتجاه الصحة النفسية والعقلية. بالمقابل قد تُشعره تلك العلاقات بالخوف وعدم الثقة فيسير نموه في اتجاه سلبي، فتظهر لديه مشاكل في السلوك.

قد تكون الاضطرابات السلوكية النفسية بسيطة، وتتلاشى خلال فترة قصيرة من الزمن، وقد تكون صعبة ومعقدة، فتحتاج إلى تدخل أخصائي من أجل توجيه الوالدين إلى كيفية التعامل مع طفلهما الذي يعاني من مشكلة ما.

وتتميز مشاكل الطفل في الفترة العمرية (من الميلاد إلى سن 7 سنوات) بالخصوصية. ففيها يتم ميلاد ذات الطفل (أو شخصيته) في بداية العام الثالث، فتظهر أزمة الميلاد التي أهم ما يميزها الميل للعناد ونوبات الغضب، حيث يدرك الطفل وجوده المنفصل عن الأم، وأنه ليس جزء منها، لكنه متعلق بها، وأن تصرفاتها مرآة له يدركها بشكل شخصي. إنه يحبها ويخاف من انفصالها عنه، ويغضب من سلوكها السلبي نحوه، ويشعر بالذنب إن هي غضبت منه أو راودته أفكاراً سيئة نحوها أونحو أبيه. فيكون الصراع حتمياً، لأن موضوع التعلق (الأم) هو نفسه موضوع الخوف والغضب. هذا التعلق بالأم يجعل اضطراب الطفل النفسي سهلاً في حال كانت الأم ذات شخصية مضطربة، أي تميل للحزن وسرعة الغضب والقسوة والخوف والمعاملة السلبية عموماً..

وعادة ما يلجأ الطفل للسلوكيات غير السوية كالعناد والحركة المفرطة والخوف والعدوان.. ليعبر عن مشكلة نفسية يعاني منها، لذلك لا بد من فهم الدوافع والأسباب التي أدت إلى ظهور تلك المشاكل، والتعامل معها على ضوء هذا الفهم.

وفيما يلي أهم تلك المشاكل السلوكية النفسية الشائعة لدى أطفال هذه المرحلة، وطرق التعامل معها من أجل التغلب عليها، ومن أجل أن تصبح العلاقة بين الأطفال ووالديهم طبيعية ومتوازنة.

اضغط على رابط الموضوع للتفاصيل

عادة تظهر مشاكل الأطفال في السنوات الأولى من أعمارهم، وتتفاقم خلال مراحل نموهم وتأخذ أشكالاً مختلفة في المراهقة، كالانحراف والإدمان والفشل الدراسي والاكتئاب. وتعود جذور أسباب تلك المشاكل واستمرارها إلى طبيعة العلاقة بين الأم ورضيعها، بل وقبل ذلك إلى علاقتها به وهو جنين خلال فترة الحمل، كما تعود جذور تلك المشاكل إلى علاقة الطفل بأبيه، وأيضاً إلى طبيعة العلاقة بين الزوجين.

وتعود الأسباب الرئيسية في تفاقم تلك المشاكل إلى عدة أمور، هي:

– تعامل الوالدين مع الطفل بطريقة سلبية، صراخ وضرب وسخرية ولوم وتلاعب بالحب وتهديد وتذبذب وخوف عليه مبالغ فيه والقيام نيابة عنه بما يمكنه القيام به وتساهل مفرط..

– ميل الوالدين لسرعة الغضب والابتعاد عن الهدوء والحكمة عند التعامل مع الطفل في المواقف اليومية المختلفة.

– الخلافات الزوجية المستمرة تخلق جواً أسرياً مضطرباً يسوده التوتر والقلق والعنف المتبادل.

فالأساليب السلبية تزيد من صعوية الطفل، نظراً لإدراكه أن والديه يرفضانه أو لا يرغبان فيه، وهذا الفهم يسبب له قلقاً داخلياً يؤثر على حالته النفسية، فتظهر لديه اضطرابات سلوكية تعبر بشكل لا شعوري عن معاناته الداخلية. كما أن صعوبة الطفل تزيد من غضب الوالدين وتوترهما، وبالتالي تزداد أساليبهما في التعامل سلبية، وهكذا تتكون حلقة مفرغة من التفاعلات غير السوية. فالوالدين عن جهل وعدم وعي يدفعان طفلهما دون قصد منهما نحو المشاكل النفسية السلوكية. وأيضاً تؤثر الخلافات الدائمة بين الزوجين على أساليبهما في التعامل مع أطفالهما لتصبح مشحونة بالقلق والعنف المادي والمعنوي، فتخلق جواً عاماً من عدم الأمان المدمر لصحة الطفل النفسية والعقلية.

وخلاصة ما ورد في هذه المواضيع، فإن أهم الطرق المناسبة للتعامل مع مشاكل الأطفال هي:

– الحوار مع الطفل لمساعدته على التواصل مع أحاسيسه السلبية، أي مشاعر الخوف والغضب والألم والغيرة والظلم. إن تقدير تلك المشاعر والاعتراف بها يساعد الطفل على التواصل مع أحاسيسه الإيجابية، كالحب والفرح والسعادة. وبالتالي تزداد ثقته بنفسه وتتحسن علاقته بوالديه.

– الحوار المستمر أساسي لعلاج المشاكل الشائعة لدى الأطفال، فبالحوار تستطيع فهم دوافع طفلك التي تجعله يتصرف على نحو سلبي، وبالحوار تفهم طريقة تفكيره، لأن ما يفكر به، وليس ما تفكر به أنت، هو الذي يجعله ضحية لإحدى تلك المشاكل.

– تفسير وتوضيح الموضوعات والمواقف التي تخيف الطفل وتستفزه، بأسلوب علمي مبسط وصادق.

– استخدام الأساليب الإيجابية في التربية، التي سبق ذكرها في الجزء الثاني، لأنها تعتمد على احترام شخصية الطفل أولاً، ثم على مجموعة من القواعد والقوانين التي تنظم أسلوب حياة الطفل وتعدل سلوكياته، وتوضح له مسئولياته تجاه نفسه والآخرين.

– التعبير عن العطف والحب والقبول، باللمس والتقبيل والربت والنظرة الحنونة والكلمة الطيبة، من أجل مساعدة الطفل على النمو في اتجاه إيجابي.

– التركيز على سلوكيات الطفل الجيدة والثناء عليها. وعدم التركيز على سلوكياته السلبية كي لا تزداد.

– تشجيع الطفل على التفكير بطريقة إيجابية، على سبيل المثال: «لا تقل له إن قضمت أظافرك فسوف تمرض»، «بل قل له حافظ على سلامة أظافرك وصحتك بأن تمتنع عن قضمها بأسنانك».

– تجنب أساليب التهويل والتخويف، كقولك: «إن لم تمسك يدي عند قطع الشارع فسوف تدهسك سيارة وتموت». فالطفل يصدق كل ما تقوله له، ويأخذه كحقيقة مسلم بها، فيزيد استعداده للخوف.

– تجنب أساليب السخرية والاستهزاء، والمقارنة بغيره من الأطفال الذين لا يعانون من نفس مشكلاته، لأن تلك الأساليب تزعزع ثقته بنفسه دون أن تحل المشكلة.

– تجنب أساليب الإلحاح والنصائح اليومية المكررة التي تهدف منها إلى منع الطفل عن التصرفات السلبية المرتبطة بالمشكلة، فهذه الطرق تزيد من تفاقم تلك السلوكيات.

– تجنب سرعة الغضب أو التعامل مع مشكلات الطفل بانفعال، لأن ذلك يزيد من تأزم الطفل. فالهدوء والتأني والصبر أمور أساسية في التربية.

تأليف: د. فاطمة الكتاني

اسأل طبيب مجاناً