التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

الكتابة للتخفيف من حدة الضغوط العامة

قد تكون الكتابة طريقة رائعة للتعامل مع الضغوط في حياتك. ورغم أنها ربما تكون عملًا شاقًّا، فإنها تتضمن مشاعرنا الأكثر حميمية والاعتراف بمشكلاتنا، ويمكن أن تساعدنا على التحرر منها. وفي الغالب، لا يقصد من هذه الكتابة أن يراها غيرنا، ولكن يمكنك عرض كتاباتك أو مشاعرك على صديق أو معالج جدير بالثقة. وربما تساعدك الكتابة ثم المراجعة بشكل دوري على التركيز مما يسبب لك الضيق، إلى جانب كيفية تعاملك معها.

التحدي

ربما تبدو الكتابة عملًا صعبًا رهيبًا، ولكنها في الحقيقة ليست بالضرورة أن تكون كذلك؛ فالكتابة في جوهرها طريقة للتعبير عن أنفسنا بأساليب ربما لا نكون قادرين على التعبير عنها بشكل لفظي. وتتضمن الكتابة البحث في أنفسنا، واكتشاف ما يزعجنا، والقدرة على كتابته. وعادة ما تكون الكتابة في مفكرة أو دفتر يوميات ربما يقصد منها أن نراها نحن فقط. ولا يعني القيام بهذه الكتابة أنه يتوجب علينا أن نكون كتابًا مهرة، ولكنه يعني الرغبة في أخذ القلم، أو الجلوس إلى لوحة المفاتيح، والتعبير عن أنفسنا. وربما يتحول هذا إلى تسلية عظيمة، ويمكن أن تساعدنا الكتابة المنتظمة على تخفيف حدة ضغوطنا من خلال السماح لنا بالنظر بداخلنا. ويتمثل التحدي في معرفة الأمر الذي نرغب في الكتابة عنه، والبحث عن وسيلة مناسبة لنا، وتخصيص مواعيد لذلك، ووضع الكلمات على الورق دون الاهتمام بما إذا كانت مثالية أم لا، ومراجعة ما قمنا بكتابته، والتعلم من خبراتنا. ويمكن أن تعني دقائق قليلة من الكتابة تخفيف حدة ساعات من الضغوط، وربما تقودنا إلى اكتشاف مواهب لم نعرف أننا نمتلكها من قبل.

الحقائق

ينصح العديد من المعالجين بالاحتفاظ باليوميات ومشاركتها. وهذا ما يسمى بكتابة اليوميات، أي الكتابة على أساس يومي، الأشياء التي تحدث لنا وما نشعر به حيالها. ويمكن تدوين اليوميات بأسلوب منهجي، أو في شكل ملاحظات ربما نفهمها نحن فحسب, وربما يمكن مشاركة اليوميات، إذا كان ذلك مناسبًا، أو الرجوع إليها كجزء من الجلسة العلاجية. وقد تبدو بعض الأيام أقل امتلاءً بالأحداث مقارنة بأيام أخرى، ولكن ترتفع احتمالات وقوع شيء ما ربما يستحق أن تدرجه في يومياتك.

وهناك فوائد محددة في الكتابة حول يومك ومشاعرك في يوميات. وتتضمن هذه الفوائد:

–  تقليل أعراض التهاب المفاصل، وداء الربو، ومشكلات صحية أخرى؛
–  تقوية النظام المناعي الذي يمكن أن يساعدك على الوقاية من عدد من الأمراض؛
–  تحسين العمل المعرفي.

ويعد سجل القصاصات شكلًا آخر من أشكال الكتابة التي تخفف من حدة الضغوط. ويتضمن هذا السجل صورًا، وأقوالًا مثيرة للإلهام، وكتابة تعليقاتك أو أهدافك حول ما تمثله لك هذه الأشياء. ويقوم بعض الأشخاص بإعداد سجل قصاصات للأمنيات في نهاية العام، ولكن يمكن القيام بهذه النوعيات من الممارسات طوال العام.

ويتشابه تدوين اليوميات مع إحدى الخطوات الأساسية لبرنامج الخطوات الاثنتي عشرة؛ حيث يحصل المشاركون، وهم الأشخاص الذين يقاومون الإدمان في العادة، على التشجيع على إدراج جوانب قوتهم ونقاط ضعفهم والمجالات التي يريدون تحسينها. في بداية اليوميات، ربما تريد إدراج مثل هذه العناصر من أجل البدء في عملية الفحص الذاتي، ومراجعتها، مع تغيير حياتك والبدء في استيعاب هويتك في التغيير.

وربما تكون كتابة اليوميات طريقة مهمة للتنفيس عن مشاعرك. ويجب عليك تشجيع أطفالك على الكتابة عن مشاعرهم ومشكلاتهم بشكل يومي. أكد على أنك تعتقد أن هذا مهم، وأنك تقوم بالشيء نفسه. علاوة على ذلك، أكد لهم أن ما يكتبونه شيء خاص، وأنك لن تحاول رؤيته، إلا إذا أرادوا مشاركة كتاباتهم معك أو مع أحد المعالجين، في ظل عملية العلاج العائلي.

ويقوم بعض الأشخاص بإتاحة كتاباتهم للجميع، عن طريق إعداد مدونة شخصية تتحدث عن بعض جوانب حياتهم. وعادة ما تكون فكرة جيدة أن تبقي هويتك الحقيقية سرًّا في هذه المدونة، وأن تستخدم عنوان بريد إلكتروني مخصصًا لكي يجيب الناس عليك. وربما تحصل على ردود مثيرة، أو ربما لا تحصل على شيء سوى إجابات غير مرغوب فيها، ولكن ربما تضفي مدونتك الشعور بإحساس أفضل وتساعد شخصًا آخر في التعامل مع مشكلات مشابهة.

ويتمثل أحد أكثر جوانب الكتابة حول ما تعانيه من ضغوط إفادة في تحسين عاداتك في النوم؛ ففي مرات عديدة نواجه المتاعب في النوم في الليل؛ لأننا نستعيد أحداث اليوم ومشاعرنا نحوها إلى ما لا نهاية, وربما تؤدي الكتابة عن اهتماماتك – قبل ذهابك إلى النوم بوقت قليل – إلى مساعدتك على الاسترخاء والنوم بشكل أفضل.

الحلول

بالطبع يمكنك الالتحاق بدورات لكي تكون كاتبًا أفضل، وغالبًا ما يكون من المهم أن نتجاهل ما نعتقد أنه نقص في قدرتنا والمضي مع الكتابة قدمًا. ولقد جرب معظمنا نوعًا أو آخر من أنواع الكتابة، سواء كانت من أجل الدراسة أو العمل. ورغم أن النظر إلى صفحة فارغة ربما يكون أمرًا مخيفًا، فإنك حالما تطلق العنان لعقلك، وتتدفق الكلمات، فلن يكن الأمر صعبًا مثلما كنا نعتقد. ويتمثل الأمر الأساسي في عدم الحكم الذاتي على قدرتك ككاتب، ولكن الجلوس والكتابة فحسب.

لا تسعَ وراء تحقيق المثالية في كتابتك؛ فعليك أن تضع الكلمات على الورق فحسب. ويميل العديد من الأشخاص إلى الجمود؛ حيث يعتقدون أن كتابة يومياتهم يجب أن تكون مثالية من ناحية القواعد النحوية، ودون أخطاء إملائية. ولكن هذا ليس أمرًا مهمًّا، إلا إذا كنت ستقدمه كمشروع دراسي أو تقرير وظيفي. أما إذا كنت تكتب من أجل استخدامك الشخصي، فيمكنك استخدام أجزاء الجمل، ولا تشعر بالقلق حيال التوافق بين الفعل والفاعل وتهجئة الكلمات لكي تبدو صحيحة. وإذا كنت تشعر بالحاجة إلى التحلي بالمثالية، فاكتب مسودة بأسرع ما يمكنك، وعد إلى تحرير ما كتبته, واعلم أنك لن تصل إلى المثالية أبدًا، وأنه يجب ألا تسعى وراءها.

تمثل الكتابة عملية تختلف بالنسبة لكل شخص؛ حيث يتبع كل واحد منا طرقًا تبدو صحيحة عندما يتعلق الأمر بوضع الأفكار في شكل مكتوب، ولكن إذا كنت قد بدأت الكتابة حديثًا بعد عدم القيام بها لنفسك بعض الوقت، فها هي ذي بعض الأفكار لمساعدتك في هذه العملية:

–  ابحث عن مكان هادئ ووقت متصل من أجل الكتابة، والتزم بمواعيدك، حتى إذا كنت لا تشعر برغبة في الكتابة في يوم معين.
–  حاول أن تقتصر كتابتك حول أحداث اليوم.
–  إذا كنت تكتب عن موقف مثير للضغوط، فأوضح أفكارك ومشاعرك حيال الضغوط المدركة.
–  اكتب بصراحة وصدق، ولا تشعر بالقلق حيال تلبية بعض معايير الأسلوب المنهجي.
–  تأكد من أنك لا تركز على الجوانب السلبية فحسب، وأنك تدرج العناصر الإيجابية في يومك أيضًا والأفكار الإيجابية حول ما يجري لك.

وفي بعض الأوقات يطلق على كتابة اليوميات من أجل التخفيف من حدة الضغوط الكتابة التعبيرية. ويركز هذا النوع من الكتابة على مشاعرك الخاصة، وكقاعدة عامة، يجب ألا يراها أي شخص، بما في ذلك المقربون منك. وسوف يتيح لك هذا حرية التحلي بالقدر الذي تريده من صدق أو صراحة، دون الشعور بالقلق حيال الإساءة لمشاعر شخص ما. ويجب أن تعلم أن الغرض من الكتابة هو تحقيق النفع لك، وليس زيادة متاعبك في العادة.

عليك بمراعاة مراجعة يومياتك على أساس أسبوعي؛ فهذا يعطيك فرصة أكبر للتفكير فيما حدث، ومعالجة ما يوجد في يومياتك بشكل أفضل. أما المراجعة بشكل يومي، فربما تؤدي إلى زيادة الضغوط التي تشعر بها.

قم بإعداد بيئة خاصة لكتابتك. فإذا كنت تكتب على مكتب، فاشتر لوحة صغيرة للإعلانات والقصاصات، وضعها في مستوى نظرك. ضع صورًا، أو رسومًا كارتونية، أو أقوالًا تحفيزية على هذه اللوحة لكي تعود إليها خلال كتابتك. وإذا كنت تكتب وأنت جالس على كرسي فحسب، فضع وسادة بالقرب منك. ويجب أن تكون هذه الوسادة مختلفة في اللون والحجم عن بقية وسائد الأثاث. وعندما تكتب، أحضرها واستخدمها لإراحة ذراعيك. ربما يبدو الأمر سخيفًا، ولكنه ربما يساعدك.

اسأل طبيب مجاناً