التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

الضغوط والعائلة

ربما لا تقتصر الضغوط عليك فحسب, فربما تؤثر على ديناميات العائلة بأكملها، بما في ذلك زوجتك وأطفالك، بل ووالداك وأقاربك في بعض الحالات أيضًا. وربما تؤثر الضغوط التي تشعر بها على تفاعلك مع أفراد عائلتك بسهولة بطريقة سلبية؛ مما قد يتسبب في سريان الضغوط بين أفراد عائلتك, فربما تجلب الضغوط معك من عملك إلى المنزل أو ربما من جوانب أخرى من حياتك الشخصية أو من أمور ينشغل بها تفكيرك في لحظة معينة؛ لتقحمها في المشهد العائلي. وربما تنشأ الضغوط أيضًا من اضطرار العائلة إلى التعامل مع موضوعات تمثل جزءًا من حياتك العائلية.

التحدي

ربما تكون الضغوط العائلية سلاحًا ذا حدين؛ فربما يؤثر شعورك بالضغوط بسهولة على الكيفية التي تتعامل بها مع عائلتك، إلى جانب الكيفية التي تتعامل بها عائلتك معك. وربما تتسبب الضغوط في الشعور بالتعاسة والارتباك بين الأشخاص الذين تحبهم كثيرًا. وربما تأخذك في دوامة من الآثار السيئة التي يمكن أن تعود وتطاردك بالعديد من الطرق. علاوة على ذلك، ربما تتسبب العائلة في شعورنا بالضغوط بطرق لا يمكننا إدراكها بسهولة. وكلنا يعلم أننا نضطر إلى التعامل مع هذه المشكلات والمتطلبات العائلية، ولكن في بعض الأوقات، ربما تصبح هذه المشكلات مربكة وتتسبب في شعورنا بضغوط هائلة. وربما تتضمن هذه المشكلات التعامل مع مرض أحد الوالدين أو كليهما، والمرور بخلافات منزلية مع الوالدين، وربما تؤدي إلى الطلاق أيضًا، والأمور التي يقوم بها أطفالنا، والأنماط السلوكية التي تسبب لك الضيق. وفي بعض الحالات، ربما يكون التعامل مع الضغوط العائلية أكثر صعوبة؛ لأن عوامل إثارة الضغوط تكون أشخاصًا نحبهم ولا يمكننا الانفصال عنهم, فإن بإمكاننا ترك وظيفة مثيرة للضغوط، والمضي قدمًا. ولكن هذا يكاد يكون مستحيلًا وغير مرغوب فيه عندما ننظر إلى طرق التعامل مع عائلاتنا. وربما نشعر بأننا عالقون في موقف عائلي مثير للضغوط؛ مما يؤدي إلى زيادة إحساسنا بها. ولحسن الحظ، يمكن التعامل مع الضغوط العائلية على نحو إيجابي. ويتمثل التحدي في إدراك تأثيرات ما نشعر به من ضغوط على عائلاتنا، أو وجود عوامل مثيرة للضغوط في حياتنا العائلية، والوصول إلى اتفاق حول هذه الضغوط، والحفاظ على خطوط تواصل إيجابية، وطلب المساعدة على التعامل مع الضغوط العائلية. ويجب علينا العمل في إطار نوع من الوحدة العائلية، فدائمًا ما ستكون هناك ضغوط في البيئة التي تتسم بأعلى درجة من الألفة والمودة. ويتمثل الحل في دراسة هذه الضغوط، وتعزيز مشاعر الحب التي تجعل عائلاتنا هي أكثر الأجزاء أهمية من نظام الدعم لدينا.

الحقائق

يشير أحد التعريفات الشائعة للضغوط العائلية إلى أنها اختلال حقيقي أو متخيل بين المتطلبات المفروضة على العائلة وقدرة العائلة على تلبية هذه المتطلبات. ويمكن تحديد درجة خطورة مثيرات الضغوط العائلية من خلال طريقة إدراك العائلة لطبيعة الضغوط؛ فقد ترى العائلة الحدث المفاجئ الذي ربما يراه الناس ضارًّا، على أنه كارثة يجب التعامل معها على الفور.

وهناك مجموعة متنوعة من الأحداث في عائلاتنا، والتي ربما تتسبب في شعورنا بالضغوط. وربما يتسبب سلوكنا في إثارة بعض هذه الأحداث، بينما تقع أحداث أخرى لأسباب تخرج عن نطاق سيطرتنا، بما في ذلك:

–  التعامل مع الإصابات الكارثية أو الأمراض التي تصيب أحد الأفراد المقربين في العائلة، خاصة والدانا اللذان ربما يضطران إلى القيام بتغييرات في حياتهما واتخاذ قرارات صعبة حيال رعايتهما الصحية؛
–  النزاعات المالية مع أحد أفراد العائلة بسبب القروض أو أمور أخرى؛
–  التوترات مع شريك الحياة، التي إما أن تستمر بعض الوقت أو ترتكز على حدث معين، مثل العلاقات التي خارج إطار الزواج؛ مما قد يؤدي إلى الطلاق؛
–  اندماج عائلتين جديدتين كجزء من زواج جديد؛
–  الأنماط السلوكية لدى الأطفال، والتي ربما تتضمن الأنشطة غير المشروعة أو المدمرة؛
–  الانتقال إلى منزل جديد أو مكان جديد؛
–  التخطيط لما يجب أن يكون مناسبة سارة؛ مثل الإجازات.

من السهل أن نفرض شعورنا بالضغوط على عائلاتنا, فربما نشعر بالضغوط بسبب العمل، وبدلًا من التعبير عن الضغوط وشعورنا حيالها، فإننا نتقوقع على أنفسنا أو نثور غضبًا؛ مما يتسبب في إثارة الارتباك والشعور بالأذى، وفي النهاية، الضغوط بين أفراد عائلتنا.

وهناك معالجون مدربون تدريبًا خاصًّا من أجل الأمور العائلية، ويستطيع هؤلاء المتخصصون مساعدة العائلة بأكملها على التعامل مع جوانب الضغوط في حياتهم، والبحث عن طرق إيجابية للتعامل معها. وربما يبدأ المعالج العائلي عن طريق مقابلتك وحدك أو مقابلتك مع زوجتك فحسب، ثم ينتقل إلى التعامل مع الأفراد الآخرين في عائلتك، أولًا بشكل منفرد ثم بشكل جماعي، وربما تكون هذه عملية طويلة ومثيرة للتحدي، ولكن عندما يقوم الشخص المناسب بإدارتها، فإنها ربما تقدم طريقة ممتازة للتعرف على الضغوط والتعامل معها في حياتنا العائلية، أو التعامل مع موقف كارثي معين.

الحلول

ربما يمثل التواصل الصادق مع عائلاتنا تحديًا فريدًا, فلقد قمنا ببناء بيئاتنا العائلية اعتمادًا على عوامل معينة، ربما لا تعين على التواصل. وربما اعتدنا أن نكون أصحاب الكلمة الأخيرة في كل أنشطتنا العائلية؛ ولأن هذا يتغير مع نمو أطفالنا، فإننا نواجه صعوبة في التعبير عن شعورنا بالإحباط بسبب تغير أدوارنا. وربما يواجه أفراد العائلة صعوبة في التعبير عن مشاعرهم حيال الجوانب المتغيرة في حياتهم، وكيفية التكيف معها. إن هذا أمر صعب، ولكن إذا وجدنا بعض الوقت كل بضعة أيام من أجل الجلوس، وتجنب الإلهاءات، ومناقشة كيفية سير الأمور العائلية بصدق، فسيمكننا المساعدة في التعامل مع الضغوط. وهذا يعني إغلاق التلفاز، وتجاهل المكالمات الهاتفية، وخلق أجواء خالية من التحيز. وحالما يتم التعامل مع هذه العوامل المتغيرة، فسيمكن تعزيز التواصل.

غالبًا ما تؤثر الطريقة التي تربينا من خلالها كأطفال على نظرتنا إلى عائلتنا المباشرة، وأزواجنا وأطفالنا؛ فإذا كان والدانا منضبطين متزمتين، فإننا ربما نتشبث بهذا السلوك أو نعارضه عن طريق التساهل كثيرًا حيال تربية أطفالنا بالطريقة نفسها التي تربينا بها. وأكثر ما يثير القلق في هذا الأمر هو أن يكون والدانا قد اتبعا أسلوبًا متعسفًا من الناحيتين العقلية والجسدية، وأن نكون قد ورثنا هذه الأنماط المدمرة للغاية. إذا استطعنا أن نفهم كيفية تأثير تربيتنا على طريقة تعاملنا مع عائلاتنا، فسيمكننا تحرير أنفسنا من الأنماط السلوكية عديمة الفائدة، وننتقل إلى علاقة عائلية أكثر إيجابية.

إن التعامل مع الضغوط العائلية غالبًا ما يتضمن مهارات التأقلم، التي تتطور مع مرور الوقت، وتتطلب جهدًا حقيقيًّا. ويتحقق التأقلم مع موارد من داخل العائلة وخارجها. وبهذه الطريقة تستطيع العائلة التخلص من الضغوط، أو العيش مع الصعاب، أو تنمية موارد جديدة استجابة لكارثة معينة. وتقوم العائلات التي تؤدي عملًا جيدًا في إدارة الضغوط:

–  بتنفيذ الأشياء معًا كعائلة، ولا يتركون بعضهم بعضًا في أوقات الضغوط؛
–  ببناء الشعور بالتقدير لبعضهم بعضًا ولأنفسهم، عن طريق إظهار الاحترام، وإتاحة الفرصة أمام أفراد العائلة الآخرين لمعرفة أنهم يتفهمون؛
–  بتنمية الدعم الاجتماعي داخل المجتمع، عن طريق مقابلة أصدقاء جدد، والانضمام إلى الأندية، واستخدام المرافق الاجتماعية؛
–  تنمية مجموعة من أدوات تقليل التوترات واستخدامها؛ مثل ممارسة التدريبات، والاسترخاء، والحفاظ على وجهة نظر إيجابية، والاشتراك في الأنشطة المختلفة.

ومثلما يمكن أن يحدث في الجوانب الأخرى في حياتنا، فإن التنظيم والحفاظ على بيئة عائلية نظيفة ربما يساعد على تقليل الضغوط العائلية على نحو هائل. وفي كثير من الأوقات، ربما يتسبب المنزل أو السيارة المليئة بالقمامة، أو مائدة الطعام التي تكتظ بأشياء لا علاقة لها بتناول الطعام، أو عدم الاهتمام بشكل مناسب بالنفايات الموجودة في صندوق القمامة، في الشعور بالضغوط التي لا يمكن تحديدها بسهولة. إن قضاء بعض الوقت في تنظيف المنزل والقيام بالأعمال الروتينية الضرورية يمكن أن يجعلك تشعر بإحساس أفضل، بالإضافة إلى توفير نشاط إيجابي لعائلتك. وربما تبحث تنظيم جدول مواعيدك بشكل أفضل، وتقليل عدد الأنشطة التي ينخرط فيها أطفالك من أجل التركيز على الجوانب العائلية الأخرى.

عادة ما يجب علينا حضور أنواع متنوعة من التجمعات العائلية، من حفلات أعياد الميلاد إلى حفلات الزفاف وأية مناسبة أخرى. وغالبًا ما تقدم هذه المناسبات العائلية فرصًا لإعادة نبش الجروح القديمة، بدلًا من الاستمتاع بعائلاتنا الكبيرة. وربما نجد أننا لا نحضر المناسبات العائلية المهمة بسبب الأحداث التي تقع بيننا وبين أفراد عائلتنا. وربما تصبح التجمعات العائلية وقتًا لإثارة المزيد من الضغوط لدينا. ها هي ذي بعض الطرق البسيطة لكي تتجنب هذا:

–  جرب تسوية النزاعات بعيدًا عن التجمع العائلي. سَلْ الشخص المتورط في الصراع عما إذا كان يريد أن يجرب حل الأمر في مكان مختلف وخاص.
–  سامح وانس ما حدث في الماضي. إن ترك الخلافات لتتحول إلى ضغائن لن يساعدك على الشعور بإحساس أفضل, فإذا كان لا يمكنك تسوية النزاع، فجرب أن تتحرر منه.
–  أخرج الشخص المشترك في النزاع من حياتك، إن كان ما قام به شيئًا تعسفيًّا، ولا يوجد سبب لكي تتوقع أن يتغير هذا السلوك في المستقبل, فيمكنك تضييق نطاق تعاملاتك مع هذا الشخص بشكل كبير، ورغم أن هذا الحل يمثل الملاذ الأخير، فإنه يصبح ضروريًّا في بعض الأوقات من أجل صحتك الانفعالية.

اسأل طبيب مجاناً استشارات طبية مجانية