التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

الاستحواذ | الخواء | الافراط في العمل | المثالية

على الرغم من أننا نحيا في ظل عالم يتوافر فيه كل شيء تقريباً في المتاجر، إلا أننا نتبع نمطاً سلوكياً في التسوق يوحي بأننا في أمس الحاجة إلى ما نشتريه ؛ إن الطفل ذا العشر سنوات بـ ” حاجة ” إلى ملابس جديدة، ومعدات جديدة طوال الوقت، وهو الحال أيضاً بالنسبة لنا نحن الكبار. إننا نبدو وكأننا في حالة تسوق دائم للملابس، أو المعدات حتى تحول ذلك إلى شكل من أشكال الاستحواذ عند البعض. بالنسبة للمرأة يبدو ذلك واضحاً بالنسبة للملابس، وأدوات التجميل، أما بالنسبة للرجل فيصح ذلك في المقام الأول على الرغبة في اقتناء أحدث المعدات، حتى عجت الخزانات بالملابس التي لا تمسها يد، كما كشفت الدراسات عن الكم الهائل للحاسبات الآلية، والكماليات التكنولوجية الإضافية التي يتخلص منها المستهلك بعد انقضاء ستة أشهر فقط من شرائها لاقتناء ما هو أحدث منها. ما الذي يجري ؟

الاستحواذ

إن هذا الاستحواذ بشأن التسوق ينبع من الإحساس بالملل، والاحتياج النفسي غير المشبع، كما لو كان هناك خواء داخلي يجب أن يشبع من خلال امتلاك واقتناء البضائع حتى يتم إشباع النهم العاطفي ولو مؤقتاً. إن سلوك وأفعال الشخص الذي يدمن الشراء تشبه إلى حد ما سلوكيات مدمني الطعام حيث تتملكه رغبة جارفة تسوقه إلى الاستهلاك، ولكن الإشباع لا يحدث إلا بصورة مؤقتة ويبقى نفس الشعور بالخواء موجوداً، وقائماً مضافاً إليه عبء الشعور بالذنب ؛ بما أن تزول نشوة الاستهلاك. وليت الأمر يقف عند هذا الحد ؛ فإنك إن لم تكن شديد الثراء، يمكن أن تعرض نفسك لمشاكل مادية عصيبة إن واصلت هذا السلوك الذي يسعى للإشباع عن طريق الشراء، وهو ما يشبه تماماً الشخص الذي يفرط في تناول الطعام بشكل دائم ؛ ومن ثم يكتسب المزيد من الوزن الزائد مما يقوده إلى مزيد من الإحباط ومزيد من الإفراط في تناول الطعام. إنها دائرة مفرغة.

ولكن الاستحواذ يمكن أن يتجلى من خلال عدة طرق أخرى كذلك. فمع تزايد الضغوط الحقيقة التي يفرضها علينا عملنا اليوم ؛ هناك خطر حقيقي يحيق بنا وهو استحواذ العمل. فهناك الكثير من الأشخاص الذين يفرض عليهم العمل ضغوطاً هائلة، ولكنهم لا يشعرون جميعاً بوطأة هذه الضغوط، وهذا يعني أنه من الواضح أن هناك مكوناً آخر يدخل ضمن قواعد اللعبة. أحياناً تكمن المشكلة ببساطة في خلل في إدارة الوقت، أو عدم القدرة على تقدير الأولويات بحكمة، مما يؤدي إلى الضغوط، ولكن استحواذ العمل يمكن أن يكون بمثابة إشارة إلى معاناة الشخص من اكتئاب خفي، أو تدني الاعتزاز بالذات.

هناك سبب آخر يدفع الناس إلى الإفراط في العمل بشكل دائم، وهو شعورهم بوجوب إنجاز كل شيء على أكمل وجه، وهو ما يمكن بالطبع أن يحيل حياتهم إلى حياة بالغة الصعوبة ؛ لأنهم سوف يجدون مشقة كبيرة في إتمام أي عمل يقومون به سواء داخل المنزل، أو في مكان العمل خشية ألا يكون قد بلغ الحد الأمثل ؛ فضلاً عن خوفهم من حكم الآخرين عليهم من خلال مستوى أدائهم المتواضع (وفقاً لتصورهم الخاص).

الخواء

عندما نشعر بعدم الإشباع ؛ يسيطر علينا الشعور بالخواء، وعندما نشعر بالخواء ؛ نخرج للتسوق. بالنسبة للبعض ؛ يكون اقتناء الممتلكات من الأمور الممتعة التي تمنحهم الشعور بالإشباع، وهو أمر يختلف تماماً ـ على الرغم من ذلك ـ عن الشخص الذي يعكف على اقتناء الأشياء لملء الخواء الداخلي. ففي الحالة الأخيرة يكون التسوق بديلاً لافتقار الشخص للمعنى في حياته.

ما الذي يسبب الخواء الداخلي في المقام الأول ؟ هناك عدد من الأسباب التي يمكن أن تشعرنا بعدم الإشباع ومنها:

• عدم الرضا عن النفس.
• عدم الرضا عن الظروف.
• الافتقار إلى معنى الحياة.

عندما تكون هناك حالة من عدم الرضا عن النفس ؛ نبالغ في انتقاد هيئتنا، أو مستوى أدائنا، ونكون في منتهى الصرامة في الحكم على أنفسنا، ونقضي الكثير من الوقت في إنهاك أنفسنا ذهنياً. إن هذا النمط السلوكي السلبي المدمر للذات يكتسبه الشخص عادة من أهله، أو مدرسيه، وينبغي على الشخص التخلص منه حتى يحظى بالاسترخاء والرضا عن الذات.

عندما يكون الشخص غير راض عن الظروف المحيطة به ؛ فسوف يسعى في هذه الحالة إلى إلقاء اللوم على أهله، أو شريك حياته، أو الحكومة الحالية. ولكن كل هذا لن يغير من الأمر شيئاً. إن المسئولية ملقاة بالكامل على عاتقك أنت، أي أن من واجبك أن تفعل كل شيء باستطاعتك، لكي تغير الظروف إلى الأفضل.

عندما تعجز عن إيجاد معنى للحياة التي تعيشها الآن فهذا يعني أنك إما بحاجة لتغيير الظروف، أو أنك بحاجة لتغيير طريقة تفكيرك حيال نفسك، أو ظروفك. إن لم يكن بوسعك أن تفعل أياً من ذلك، أو تكون قد فعلت ذلك بالفعل، فإنك بحاجة لإضفاء المعنى على حياتك وعلى العمل الذي تقوم به. ليس هناك ما يضمن هبوط هذا المعنى على رأسك مثل هبوط الوحي من السماء ؛ بمعنى أنه لن يتكشف لك ذلك فجأة بين يوم وليلة، بينما تجز الحشائش. فمن واجبنا جميعاً أن نخلق المعنى لحياتنا وذلك من خلال بناء صورنا الخاصة بالعالم من حولنا، ووفقاً لنظرتنا الخارجية يتحدد معنى الحياة بالنسبة لنا. إن المعنى هو عبارة عن تجربة شخصية أي أنه لا يمكن أن يستمد من الآخرين. ولهذا السبب ؛ فإنه لا يكفى أن تقتبس معنى الحياة الذى يتبناه شخص آخر لكي تضفيه على حياتك أنت، إنك بذلك سوف تظل تشعر بأن هناك شيئاً ناقصاً. والتسوق ـ على أية حال ـ ليس هو الإجابة عن هذا السؤال !

التأكيدات

– أستطيع أن أتعلم قبول نفسي كما هي، وأن أقنع بما أملكه. أنا رابط الجأش، ومتسامح، وقوي.

– يزداد شعوري بالهدوء يوماً بعد يوم، كما يزداد شعوري بالتواؤم مع نفسي.

– أنا مفعم بإحساس بالهدف، والإصرار على إضفاء المعنى، والإشباع على حياتي.

النص

مع كل يوم أشعر بأنني أصبحت أكثر هدوءاً، وأكثر تحكماً في مجريات حياتي. لقد أصبحت أكثر إدراكاً وتركيزاً على الطريقة التي أتنفس بها، وعلى جسمي ونفسي. إنني أنصت بدقة إلى كل الأفكار التي تشغل عقلي أثناء اليوم، وأنتبه بشدة لكل ما يخبرني به عقلي وجسدي. لقد بدأت أتعامل مع نفسي بجدية، وأتحدث إليها بصوت هادئ محترم ولائق. إنني أعامل نفسي وحياتي باحترام واعتبار. وفي نفس الوقت، لقد بدأت أستوعب ـ يوماً بعد يوم ـ كل ما أحتاج إليه لكي أشعر بالإشباع والسعادة ؛ وفي كل يوم أعمل لكي أزود نفسي بهذه الأشياء الأساسية. لقد بدأت أتعلم كيف أحب ذاتي وأحترمها. بدأت شيئاً فشيئاً أدرك ما يمثل أهمية بالنسبة لي، وأكتشف قيمي وآرائي. أستطيع أن أخلق معنى لحياتي يحقق لي الإشباع.

السيناريو

تصور كيف سيكون شعورك عندما تشعر بالسعادة، والإشباع. املأ عقلك بمحتوى هذه الكلمة، وكررها مراراً وتكراراً، وحاول أن تخلق شعوراً بالسعادة الداخلية. قد يبدو لك الأمر غريباً، ولكن بوسعك بالفعل أن تخلق في نفسك شعوراً بالإكثار من استحضار هذا الشعور.

نصائح وحيل

1. خصص وقتاً يومياً لملاحظة كل التفاصيل الخاصة بالملابس، أو المعدات التي اشتريتها مؤخراً. اقض خمس دقائق على الأقل في تفحص أحد هذه المقتنيات. إن كنت قد اشتريت سروالاً ـ على سبيل المثال ـ اجلس وتفحصه. حاول أن تسترجع لونه في خيالك ؛ راقب كيفية انسجام أجزائه مع بعضها البعض ؛ البطانة، ودوران الوسط، والجيوب. والآن استخرج من خزانه ملابسك قميصاً يناسبه. تفحصه أيضاً بشىء من التفصيل، والمسه، وحاول أن تصف خامته، ولونه في مخيلتك. أما إن كنت من هواة المعدات ؛ طبقِّ نفس الشيء على إحدى المعدات. اقض خمس دقائق على الأقل في ملاحظة كل التفاصيل الخاصة بالمعدة ؛ لونها، وتصميمها، ومقاسها، ولون الشاشة. ركزِّ على هذه المعدة، واقض وقتاً في تفحص كل التفاصيل الخاصة بها. إن هذا النشاط سوف يساعدك على تقدير كل شيء تملكه، وسوف يساعدك على الاستراحة لفترة قصيرة. وسوف يساعدك ذلك بدوره على التخلص من استحواذ رغبة الامتلاك.

2. افرز الأشياء التي لم تعد بحاجة إليها، أو لم تعد راغباً في اقتنائها، واحرص على منحها لشخص يمكنه الاستفادة منها. يمكنك ـ على سبيل المثال ـ أن تمنحها لمتجر خيري، أو أية جمعية خيرية. أي لا تتخلص منها فحسب.

3. استرخ بانتظام كل يوم. اجلس لمدة عشر دقائق، وأغمض عينيك، وأنصت إلى أنفاسك. عد كل نفس إلى الداخل وكل نفس تزفره إلى الخارج، وامنح كلاً منهما رقماً. عُدَّ حتى رقم ستين. ركَّز على العد. إنه تدريب بسيط لكي يساعدك على أن تصبح أكثر سيطرة، وامتلاكاً لزمام الأمور.

الإفراط في العمل

لكي نوفر لأنفسنا كل الممتلكات التي نود اقتناءها، والتي يتوقع أبناؤنا أن نوفرها لهم ؛ يجب أن نعمل، ونكد في العمل. سوف تجد اليوم على الأرجح أن كلا الوالدين في الأسرة الثنائية (أي التي تضم الأب والأم) يعملان ؛ ويكون العمل عادة بدافع الحاجة، وليس الاختيار. كما أن هناك عدداً متزايداً من النساء من ذوات التخصص اللاتي يتطلعن إلى العمل.

في بعض الأوقات ؛ قد يبدو من السهل أن يتصور الشخص أنه ليس ثمة حياة خارج نطاق العمل. وقد نجد أنفسنا في وضع نشعر فيه وكأن العمل هو الذي يديرنا، ولسنا من يديره، ولعل هذا هو سر الأهمية البالغة للإجازات، وعطلة نهاية الأسبوع. إن كنت تعمل بشكل متواصل، فسوف تفقد إحساسك بنفسك، وتُنهك جسدياً ونفسياً، وسيكون الجسد في معظم الوقت في وضع ” الهجوم أو الانسحاب “، كما أن مشاعرك سوف تكون موجهة صوب أهداف العمل، وسوف تتعامل مع أي شيء يقطع عليك تقدمك صوب الهدف بوصفه دخيلاً.

وعلى الرغم من ذلك، فنحن بحاجة إلى اللعب، وكلما زاد الجهد الذي نبذله في العمل ؛ كلما زادت أهمية حاجتنا إلى اللعب. أما المقصود باللعب في هذا السياق فهو ممارسة أي نشاط غير ضاغط، ويبعث على الاسترخاء، ويسمح لنا بالإبداع والاستمتاع. إن ممارسة التمرينات العنيفة في صالة الألعاب قد تخلصك من الكثير من الضغوط، ولكنها ليست لعباً ؛ لأن الأنشطة التي يطلق عليها اسم اللعب يمكن أن تشمل الآتي:

• العبث مع حيوان منزلي.
• اللعب بالبطاقات، أو أي ألعاب أخرى سواء بمفردك، أو بصحبة الآخرين.
• مشاهدة عرض كوميدي.
• قراءة كتاب ليست له أية علاقة بالعمل.
• العلاقات العاطفية.
• اللعب مع الأطفال.
• القيام ببعض الألعاب الطفولية.
• عدم فعل أي شيء بالمرة، والاكتفاء بالجلوس، والاسترسال في استرجاع بعض الذكريات المرحة والسعيدة.

إننا لسنا دائماً في وضع يسمح لنا بالسيطرة الكاملة على جدول أعمالنا، أو حجمها. وعلى الرغم من ذلك يبقى من الضروري أن تنتهز أية فرصة لكي تقتطع أكبر وقت ممكن للعب. يجب أن تدرك أنك تعاني من مشكلة، إن لم تعد تشعر بالرغبة في تخصيص أي وقت للعب، أو إن كان ينتابك الشعور بالعصبية في أوقات الفراغ حتى أنك تعجز عن التعرف عما يمكنك عمله خلال هذا الوقت. هذا هو ما يطلق عليه إدمان العمل، وهو ليس صحيا بالنسبة لك، كما أن الفترات الممتدة من العمل تعتبر مدمرة لصحتك النفسية. قد تكون ممن يزداد نجاحهم تحت وطأة الضغوط، ولكنك إن واصلت الإفراط في العمل حتى في أوقات مرضك ؛ فسوف توقع نفسك بذلك في مشاكل خطيرة على المدى الطويل.

التأكيدات

– سوف أسمح لنفسي باقتطاع أوقات للاستراحة ؛ فمن حق عقلي وجسدي أن يحصلا على قسط من الراحة.

– بدأت شيئاً فشيئاً أتعامل مع العمل بشيء من الاسترخاء.

– بدأت أعمل بطريقة أكثر هدوءاً.

النص

أستطيع أن أتعلم التعامل مع العمل بهدوء. فلقد بدأت الآن أملك زمام الأمور في عملي على نحو هادئ وأكثر تركيزاً، وبدأ سير أفكاري يمضي على نحو يتسم بالمزيد من التؤدة والثقة في نفس الوقت، كما أن تفكيري بات أكثر وضوحاً وتركيزاً. بدأت أشعر كيف أنه من الممتع أن تعمل بفاعلية على نحو أكثر هدوءاً، كما أنني بدأت أستعيد سيطرتي. أشعر بأنني في حالة جيدة وأنا أعمل، وأتنقل بسرعة أقل، وأسمح لنفسي باقتطاع فترات للاستراحة. بات بوسعي أيضاً أن أسمح لنفسي بمغادرة العمل في الوقت المحدد، وهو أمر لا بأس به. بدأت أعيد اكتشاف قدرتي على اللعب والاستمتاع بهذه الأوقات. رباطة جأشي الداخلية تساعدني على العمل بشكل أكثر هدوءاً وفاعلية، كما أنني أصبحت أكثر تركيزاً وتوازناً.

السيناريو

تصوَّر نفسك وأنت تعمل في مقر عملك بتؤدة ؛ تصور أنك تتفحص كل ما ينبغي عمله في هدوء ودقة، ثم تجلس لتنجز عملك في مناخ هادئ، وأنت مسترخٍ.

نصائح وحيل

1. سل نفسك عن سر استحواذ العمل عليك. هل أنت بحاجة للسيطرة على الآخرين ؟ هل تريد أن تهرب من شيء ما في حياتك لا ترغب في مواجهته ؟ هل تريد أن تثبت لنفسك أو للآخرين أنه بوسعك أن تفعل ذلك ؟ هل أنت واقع تحت ضغوط تملي عليك توفير مستوى معيشي أفضل لأسرتك ؟ مهما كان السبب ؛ يجب أن تدرك أن استحواذ العمل عليك سوف يعزلك عن الآخرين من حولك، وسوف يسلمك في النهاية إلى الوحدة. هل الأمر يستحق ؟

2. هل استحواذ العمل عليك يملأ فراغاً في حياتك ؟ إن كان الحال كذلك ؛ فيمكنك أن تتخذ خطوات لملء هذا الفراغ على نحو بناء وأكثر إشباعاً.

3. اشرع في الحد من ساعات عملك بشكل تدريجي حتى لا تنتابك حالة من الفزع والتي تصيب الشخص عادة عندما يتغير نمط حياته بشكل جذري بسرعة فائقة. قلل عدد ساعات عملك الأسبوعية قدر ساعتين أو ثلاث ساعات في البداية. احرص على أن تكون لديك خطط جيدة لملء أوقات فراغك. اذهب إلى السينما، أو مارس مجرد الاسترخاء في المنزل، واستمع إلى موسيقاك المفضلة.

4. إن كنت تعمل سبعة أيام في الأسبوع ؛ فيجب أن تمنح نفسك يوماً للعطلة. إن كان لديك شريك حياة، أو أسرة، أو أبناء، فسوف يقدرون وجودك معهم.

5. لا تقبل أية أعمال إضافية. قاوم إغراء ملء أوقات فراغك الجديدة بالمشروعات الجديدة.

المثالية

قد تصبح ألد أعداء نفسك إن أفرطت في انتقاد مستوى أدائك. إن المثالية تعتبر إشارة إلى شعور عميق بالاحساس بعدم الأمان حيال نفسك، والعالم من حولك ؛ وهو ما قد يكون أحد الآثار الجانبية للاكتئاب. إن المرأة التي تصر على أن يكون منزلها في أوج نظافته، ونظامه طوال الوقت بدلاً من معظم الوقت ؛ تصاب بالقلق عندما لا يكون كل شيء في مكانه الصحيح. أما الرجل الذي يحرص على أن يكون في أبهى صورة طوال الوقت بدون أي خطأ أو استثناء، فسوف يعاني من نفس المشكلة.

إن المثالية في العمل تعني أنك سوف تعجز عن إتمام أي مهمة خاصة بالعمل ؛ لأنه سوف يسيطر عليك دائماً الشعور بأنك سوف تعثر على خلل ما في أي جانب من جوانب المهمة. سوف يجعل ذلك من المستحيل عملياً بالنسبة لك أن تسلم العمل في الموعد المحدد، وإن أقدمت بالفعل على تسليم العمل عند الموعد المحدد بشيء من التردد فسوف تقضي أياماً بعد تسليمه في حالة من الانشغال الذهني، والاهتمام بسبب شعورك المسبق بافتقار العمل إلى المستوى المطلوب.

إن المثالية ليست صحية لأنها غير قابلة للتحقق، وبالتالي فهي تخلق حالة من الضغوط الذهنية، والنفسية المستمرة. إن الشخص المثالي يبقى أسير قواعده الخاصة التي لا تسمح له بأي قدر من المرونة أو التغير. لكن الحياة ـ على الرغم من ذلك ـ ليست ساكنة، بل هى في حالة حركة وتطور، ونحن بحاجة لأن نتحرك معها. فكلما زادت قدرتك على التكيف مع متقلبات الحياة، أصبحت أكثر تملكاً لزمام الأمور، وأكثر سعادة. إن الشخص المثالي يحاول أن يسيطر على شعوره بعدم الأمان من خلال الصرامة، والقواعد الجامدة التي يفرضها على نفسه ويتشبث بها. إن هذه القواعد الجامدة تؤثر عليه وتصبح خرافة، لسان حالها يقول: ” إن تشبثت بهذه القواعد فلن يحدث أي خطأ “.

إن كنت مفرطاً في المثالية إلى الحد الذي جعلها تشرع في التأثير على حياتك ؛ فيفضل في هذه الحالة أن تسعى لطلب المشورة الطبية المتخصصة ؛ لأن هذا يرجح بشدة وجود سبب خفي يكمن وراء هذه المثالية، وهو ما يجب الكشف عنه حتى يتسنى حل هذه المشكلة. وفي نفس الوقت يمكنك أن تطبق المقترحات التالية بوصفها إجراءات داعمة، أو تقنيات لمساعدة الذات. إنني أقدم النصيحة التالية، لكل شخص يبالغ في انتقاد أفعاله.

التأكيدات

– إن بذل أقصى جهد هو كل ما يتطلبه الأمر.

– يمكنني أن أتعلم الاسترخاء، وأؤدي عملي بأقصى قدر ممكن من الهدوء والفاعلية.

– إننى أزداد هدوءاً يوماً بعد يوم، كما أنني بدأت أنظر إلى عملي بشكل بنَّاء.

النص

لقد بدأت الآن أتبين أي توتر نابع من أفكاري أو عقلي، وأنا أتحرر من أي شيء أشعر بأنني لست بحاجة إليه، كما أنني أفسح مجالاً للسكينة، والهدوء في عقلي. أنا أملك ـ شأني شأن أي شخص آخر ـ الحق في أن أحيا، وأعمل في سلام. أنا أفعل شيئاً واحداً في المرة الواحدة، وأؤدي عملي في هدوء، وفاعلية، وأبقى مسترخياً، وسعيداً أثناء مزاولة العمل. وقد بت أتمتع بالمرونة ـ حتى ولو على سبيل التغيير ـ التي تسمح لي بأداء عمل جيد جداً بدلاً من أن يكون مثالياً. إن جيد جداً يعني جيد جداً. من المثالي أن يكون عملي جيد جداً. فأنا أسمح لنفسي أن أشعر بسعادة بالغة من خلال العمل الجيد جداً. إن القليل من التغيير البسيط، والبعد عن المثالية في العمل أمر مقبول، ومسموح به. أشعر بأنني في حال أفضل كثيراً، وأنا أسترخي في هدوء بينما أعمل، كما أن هذا التغير البسيط في عملي يعتبر من الأمور التي لا بأس بها. إن شعوري الداخلي بالانسجام والهدوء يستغرقني أثناء يوم العمل على نحو أكثر إمتاعاً بكثير. لقد بدأت أتخلى عن ” المثالية “، وأرحب ” بالعمل الجيد جداً “. لقد بدأت أهمل التوتر والضغوط ؛ بدأت أستمتع بالاسترخاء، والسلام الداخلي.

السيناريو

تصور أنك تعمل في ثبات وفاعلية، وتسلم عملك بعد أن تكتفي بمراجعته مرة واحدة فقط. تصور نفسك سعيداً ومبتسماً، وتصور كيف سيكون شعورك عندما تشعر بالرضا بعد إنجاز عملك.

نصائح وحيل

1. اقض بعض الوقت بداية في الاسترخاء.

2. تعلم كيف تتعايش مع الأخطاء البسيطة. لا تمح بنداً من قائمة مشترياتك ؛ لأنك قد أخطأت في هجائه، أو لأنه لا يبدو منمقاً في كتابته. فقط اشطبه إن لزم الأمر، واكتبه بشكل صحيح في القائمة، أو انظر فقط إلى ما سوف يحدث إن تركته على حاله.

3. احرص على أن تتنفس بشكل صحيح. استنشق الهواء بينما يعلو صدرك، ثم دعه يهبط بينما تزفر الهواء إلى الخارج. اقتطع فترة استراحة بسيطة كل فترة أثناء العمل، واختبر مدى صحة الطريقة التي تتنفس بها على مدى خمسة أو ستة أنفاس.

4. هل يوجد ـ الآن ـ في حياتك شىء يكبلك بالضغوط ؟ إن كان الحال كذلك، فهل هناك شيء يمكنك عمله لكي تغير هذا الوضع ؟ إن كان هناك ما يمكن عمله ؛ فافعله ولا تؤجله.

5. احرص على أن تكون على سجيتك، وابذل جهدك لتحقيق هذا الهدف. إن ذاتك الحقيقية هى الشخص الوحيد الذي سوف يقنعك. فإن شعرت بأنك غير قادر على تحقيق ذلك ؛ اسع لطلب المساعدة المتخصصة.

اسأل طبيب مجاناً