التصنيفات
القلب | جهاز الدوران | أمراض الدم

إعادة تأهيل مريض القلب Rehabilitation

إذا كنت قد أصبت بنوبة قلبية أو خضعت لعملية قلبية، قد يتبادر إلى ذهنك عدد من الأسئلة؛ ومن الأرجح أنك ترغب بالقيام بأي شيء كان لتعزيز شفائك؛ وتساعد إعادة التأهيل القلبي الأشخاص الذين أصيبوا بنوبة قلبية أو خضعوا لعملية قلبية جراحية على العودة إلى حياتهم الإنتاجية الفعالة، من الناحية العقلية والجسدية والاجتماعية.

الدخول في البرنامج

ما ينبغي أن تتركك النوبة القلبية أو غيرها من المشاكل القلبية ضعيفا أو قلقا أو منعزلا؛ ففي كل سنة، يشارك أكثر من 100,000 شخص في برامج إعادة التأهيل القلبي؛ حيث يمكن أن يساعد الدخول في عملية إعادة التأهيل على استعادة قوتك ونشاطك، كما يمكن أن يعطيك ثقة باستئناف الحياة الفعالة؛ ويخرج الكثير من الأشخاص من برنامج إعادة التأهيل القلبي وهم يشعرون بأنهم أفضل من الناحية الصحية وأكثر سعادة مما كانوا عليه قبل إصابتهم بالحادث القلبي.

يمكن أن يستفيد معظم المصابين بمرض قلبي من بعض أو كافة أوجه إعادة التأهيل، ويشتمل ذلك على أولئك الذين أصيبوا بنوبة قلبية أو خضعوا لعملية جراحية قلبية (بما في ذلك زرع القلب) ورأب الأوعية الإكليلية عبر اللمعة من خلال الجلد (PTCA التوسيع بالبالون)، فضلا عن الذبحة الصدرية ونقص التروية (الإقفار) العابر واعتلال العضلة القلبية وأمراض الصمامات القلبية.

بما أن ظروف الأفراد تختلف فيما بينهم، لذلك ينبغي أن تكون برامج إعادة التأهيل مناسبة لكل شخص؛ فما يكون ملائما لشخص ما، قد لا يكون صحيحا لشخص آخر؛ فمثلا، يمكن أن تعاني من نوبة قلبية خفيفة تجعلك معوقا نفسيا أكثر من أن تكون معوقا جسديا، وقد تكون قد خضعت لعملية مجازات واسعة تتطلب منك شفاء سريريا طويلا؛ وتعد توصيات طبيبك هامة في اتخاذ القرارات بشأن أهداف إعادة تأهيلك.

يمكن أن يتطلب الشفاء من النوبة القلبية أو غيرها من الحوادث القلبية عدة استراتيجيات لإعادة التأهيل؛ وستساعدك مجموعة متنوعة من المهنيين، ويقدمون لك الخبرة اللازمة للإجابة عن الأسئلة المتعلقة بحالتك القلبية وصحتك الإجمالية والأدوية والقوت والتمارين والنشاط الجنسي، لا سيما خلال المراحل الأولى من إعادة تأهيلك؛ وتشتمل مكونات البرنامج على الإشراف على التمارين والتثقيف والاستشارة بشأن عوامل الخطر بالنسبة إلى أمراض القلب.

يساعدك فريق إعادة التأهيل على:

•    التعديل الجسدي والعاطفي المناسب لوضعك.
•    فهم حالتك.
•    تعلم طرق إنقاص الأعراض أو التخفيف من المعوقات.
•    تحسين قدرتك على التدريب الجسدي.
•    تعزيز طراز الحياة الصحي للقلب للحد من عوامل الخطر القلبي الوعائي واحتمال حدوث مشاكل إضافية.

تبدأ إعادة التأهيل بعد أن تستقر حالتك الطبية فورا إثر الحادث القلبي؛ وتساعدك المناقشة الفردية والجماعية وفترات أو جلسات الاستشارة على التكيف نفسيا مع مرضك؛ كما تقدم لك الجلسات معلومات عن القوت وعوامل الخطر والأدوية والنشاط الجسدي والتأقلم مع كل ما يشغلك.

تركز جهود إعادة التأهيل على إيجاد خطة عمل تلائم حاجاتك الشخصية، حيث لا يمكن أن يقدم هذا الكتاب توصيات توافق كافة غاياتك الخاصة، لكن من المفيد وصف الطريقة التي يمكن أن تجري بموجبها خطة العمل.

خطة إعادة التأهيل

تشتمل البرامج عادة على 6 شهور من إعادة التأهيل على الأقل، مجزأة إلى 4 مراحل: الاستشفاء والشفاء الباكر والشفاء المتأخر والصيانة.

المرحلة 1: الاستشفاء

تستمر هذه المرحلة عادة طوال فترة الاستشفاء بعد النوبة القلبية أو العملية الجراحية أو أي مرض آخر؛ وبذلك فهي لا تدوم طويلا.

تبدأ خلال الاستشفاء بأنشطة غير مرهقة، مثل الجلوس في السرير والتمارين الحركية البسيطة؛ وتكون هذه التمارين منفعلة في البداية، أي أن المعالج يقوم بتحريك أطرافك، لكن سرعان ما تتحول إلى التمارين الفاعلة؛ والغاية من هذه التمارين المحافظة على التقوي أو التوتر العضلي ومرونة المفاصل، حتى رغم التزامك بالحد من النشاط الإجمالي.

ثم تنتقل إلى المشي وصعود الأدراج المحدود؛ وستخسر زهاء من %15 من قوتك العضلية في قرابة أسبوع من إقامتك في المستشفى إذا لم تقم بمثل هذه الجهود.

كسب العزم

يتبع برنامج النشاط الفيزيائي في المستشفى التدرج خطوة فخطوة، حيث يجب أن تتقدم خطوة واحدة عادة أو مستوى واحدا من النشاط يوميا؛ ويتبع المخطط اللاحق خطة الأيام الستة، لكن يمكن أن يعدل طبيبك التوقيت حسب حالتك.

صباح اليوم الأول

•    ابق في سريرك، إلا عند استعمال وعاء التبول أو التغوط (النونية) بجانب السرير (من دون إجهاد).
•    يمكنك تنظيف أسنانك أو البدلة السنية، وتساعدك الممرضة عند الضرورة.
•    يمكنك غسل وجهك ويديك، لكن الممرضة تساعدك في استعمال إسفنج الحمام.
•    يمكنك أن تطعم نفسك، مع دعم مرفقيك على الطاولة، وتساعدك الممرضة في تجهيز منضدة الطعام.
•    يقوم المعالج الفيزيائي بتمرين ذراعيك وساقيك.
•    تحتاج إلى راحة كافية؛ لذلك، يكون من المهم لك ملاحظة هذه الفترة.

بعد ظهر اليوم الأول

•    يمكن أن تجلس على الكرسي مدة 30-15 دقيقة، وذلك حسب تحملك.
•    يمكن أن تبدأ ببرنامجك التثقيفي.

صباح اليوم الثاني

•    يمكن أن تجلس على الكرسي حتى 60 دقيقة.
•    يمكن أن تجزئ وقتك في الجلوس على الكرسي كما تشاء.
•    يمكن أن تبدأ بالتمرين بمساعدة المعالج الفيزيائي.

بعد ظهر اليوم الثاني

•    يمكن أن تجلس على الكرسي حتى 90 دقيقة.

صباح اليوم الثالث

•    يمكن أن تجلس على الكرسي حتى ساعتين؛ وتشتمل هذه الفترة على زمن الجلسة التثقيفية.
•    يمكن أن تمشي في غرفتك بمساعدة مهنية.
•    يمكن أن تستفيد من مزايا غرفة الاستحمام والاغتسال على كرسي العجلات.
•    يمكن أن تحضر الحصص والمناقشات الجماعية.

بعد ظهر اليوم الثالث

•    يمكن أن تمشي حول قسم الممرضات تحت إشراف مهني.
•    يمكن أن تجلس على الكرسي حسبما تشاء وحسب تحملك.

اليوم الرابع

•    يمكن أن تنهض في غرفتك وتمشي حول قسم الممرضات حسبما تريد.
•    تشجع على ارتداء ملابس خاصة بالشارع.
•    يمكن أن تستحم واقفا مع مساعدة الممرضة.

اليوم الخامس

•    يمكن أن تتابع المشي حول قسم الممرضات حسبما تشاء.
•    يمكن أن تصعد الأدراج مع مساعدة مهنية.

اليوم السادس

•    ينتهى من التعليمات الخاصة بالخروج إلى بيتك.

لقد جرى تعديل التوجيهات الحديثة للتوافق مع الإقامة القصيرة في المستشفى، مما يقلص من برنامج إعادة التأهيل بصورة طبيعية؛ وتعتمد الأنشطة الخاصة بفترة الاستشفاء لمدة 4-3 أيام، مقابل فترة 6 أيام أو أكثر، على حكمة الممرضات أو الفريق الطبي؛ حيث يستطيع المرضى الذين يخطط لبقائهم في المستشفى لفترة قصيرة مغادرة وحدة العناية الإكليلية CCU في أقل من 24 ساعة عادة.

المرحلة الثانية: الشفاء الباكر

تبدأ مرحلة الأسابيع 12-2 اللاحقة من إعادة التأهيل عندما تغادر المستشفى إلى بيتك؛ وخلال هذه الفترة، تستأنف أو تشرع بالرعاية الذاتية بنفسك تدريجيا، وتزيد مستوى نشاطك تحت الإشراف؛ فبدلا من أن يقوم المعالج الفيزيائي بتحريك ذراعيك وساقيك، تعتمد على قوتك في المحافظة على مرونة أطرافك ومفاصلك؛ وقد يقترح عليك الطبيب تمارين منزلية تشتمل على المشي والسير على دراجة ثابتة وحركات الجمباز اللطيفة خلال الأيام القليلة الأولى.

بعد أن تغادر المستشفى، يمكن أن تنصح بالمشاركة في التمارين الخاضعة للإشراف الطبي في المستشفى المحلي أو مركز إعادة التأهيل القلبي؛ وتشجع هذه البرامج على التمارين الهوائية وبعض تقوية العضلات عادة حسب مستوى التحمل الشخصي، ويعتمد ذلك على اختبار الجهد عادة.

كما تستمر هذه المرحلة من إعادة التأهيل بالتأكيد على التثقيف الصحي والتغذوي والاستشارة النفسية والدعم.

زيادة النشاط الجسدي بالتدريج

إذا قد أصبت بنوبة قلبية، يمكن أن تتقدم الخطة النموذجية بالنسبة إلى التدرج في نشاطك بعد مغادرة المستشفى كما يلي:

الأسبوع الأول

•    أي نشاط خفيف يمكنك القيام به خلال الجلوس.
•    المشي ببطء مدة 10 دقائق على سطح منبسط مرة أو مرتين باليوم أو استعمال دراجة ثابتة بمقاومة دنيا.
•    أعمال المنزل الخفيفة، مثل غسل الأطباق والطبخ ونفض الغبار والمسح بالمكنسة.
•    النظافة الشخصية، مثل الحلاقة والاستحمام وارتداء الملابس.

الأسبوع الثاني

•    النشاط الاجتماعي، مثل لعب الورق في المنزل وزيارة الجيران وركوب السيارة.
•    المشي بخطى وئيدة نحو 20 دقيقة على سطح منبسط مرة أو مرتين في اليوم أو ركوب دراجة ثابتة بمقاومة طفيفة.

•    أعمال المنزل، مثل ترتيب السرير والكي والإصلاح البسيط والعمل المكتبي والإشراف على العمل في حديقة المنزل.
•    استئناف النشاط الجنسي.

الأسبوع الثالث

•    القيادة مع وجود سائق احتياط.
•    أعمال المنزل مثل التنظيف بالمكنسة الكهربائية.
•    زيادة النشاط الاجتماعي، مثل حضور الأفلام والذهاب إلى أماكن العبادة والحفلات الموسيقية.
•    المشي بخطى متوسطة مدة 30 دقيقة تقريبا مرة أو مرتين في اليوم أو متابعة ركوب الدراجة الثابتة.
•    رفع الأثقال الخفيفة (نحو 7-5 كغ).

الأسبوع الرابع

•    القيادة منفردا.
•    البستنة الخفيفة.
•    لعبة الغولف الخفيفة.
•    الأنشطة الاجتماعية الجماعية، مثل حضور النوادي الليلية والحفلات والرقص.
•    التسوق من البقالات (دون رفع أشياء ثقيلة).
•    المشي أو ركوب الدراجة الثابتة مدة 30 دقيقة مرة أو مرتين في اليوم.
•    واحتمال العودة إلى العمل جزئيا.

يجب عليك خلال الأسابيع 4-2 اللاحقة أن تقوم بتمارين هوائية (بالإضافة إلى أنشطتك اليومية المألوفة) لمدة 40 دقيقة وبشدة متوسطة؛ ويوصي الأطباء بالتمرين 7-5 مرات في الأسبوع عادة، مع 3 جلسات أو أقل في مركز إعادة التأهيل؛ وتختلف التوصيات باختلاف الأفراد.

يجب عليك في الحالة المثالية أن تتمرن في بيئة خاضعة للإشراف الطبي لعدة أسابيع بعد مغادرة المستشفى؛ ولكن الكثير من الناس لا يملكون في الواقع الوصول إلى هذه البرامج، وينبغي أن يتمرنوا بأنفسهم؛ ومع ذلك، يجب الحصول على رأي الطبيب قبل البدء ببرنامج التمارين إثر الحادث القلبي؛ وسيخبرك فريق إعادة التأهيل بالأعراض التي ينبغي الانتباه لها ونمط التمرين المسموح به وأنواع الأدوات التي تحتاج إليها وأهمية التسخين والتبريد العضليين والطرائق الصحيحة للحركة خلال التمرين.

كما تعد هذه المرحلة فرصة مناسبة للتفكير بالالتحاق بمجموعة دعم مجتمعية، مثل «النادي الإكليلي Coronary Club» المحلي لمساعدتك على معرفة الكيفية الخاصة بتدبير المرض القلبي لديك.

يقوم طبيبك عندما تقترب هذه المرحلة من نهايتها بتقييم التدرج الإجمالي لديك نحو تحديد استعدادك للعودة إلى العمل والأنشطة الأخرى؛ كما تساعدك زيارات المتابعة إلى مركز إعادة التأهيل في فترات مختلفة، بعد 3 شهور ثم 6 شهور ثم 9 شهور من المرحلة الثانية الكاملة، على ضمان الاستمرار في جهودك الجيدة.

أما فيما يتعلق بالقيادة ومعوقات العمل، يمكن أن يفيد دليلان إرشاديان عامان: الانتظار 2-1 أسبوع قبل القيادة و4-2 أسابيع قبل العودة إلى العمل؛ ومن الواضح أنه يجب تعديل هذه التوصيات إذا كان العمل يشمل رفع أشياء ثقيلة أو جهدا كبيرا أو ساعات عمل طويلة؛ ويمكن تعديل ذلك أكثر ليشتمل على بعض الأنشطة، مثل صيانة المنزل وأنشطة التقاعد.

المرحلة الثالثة: الشفاء المتأخر

يمكن أن تكون قد انخرطت في تمارين روتينية مريحة لك في البيت أو في أماكن التمرين المحلية بعد نحو 12-6 أسبوعا من الاستشفاء؛ وينبغي عند هذه المرحلة أن تتقدم جيدا نحو السيطرة على عوامل الخطر القلبي الوعائي، مثل التدخين أو ارتفاع ضغط الدم أو زيادة كولستيرول الدم أو السمنة أو الكرب.

يعد القوت مظهرا هاما من مكونات برنامج إعادة التأهيل؛ حيث يمكن أن يقترح اختصاصي التغذية المسجل طرائق إنقاص الدهون والكولستيرول والملح في قوتك عند الضرورة؛ كما قد يسمح أو لا يسمح بالكحول والقهوة، وذلك حسب حالتك؛ كما يساعدك بعد اتباع التوصيات القوتية على إنقاص وزنك إذا كان ذلك من أهداف برنامج إعادة تأهيلك.

المرحلة الرابعة: الصيانة

تدوم هذه المرحلة إلى أجل غير مسمى، وتكون أحيانا أهم جزء من إعادة التأهيل؛ ويجب في هذه المرحلة أن تستعيد اعتمادك على نفسك وأن تعمل على التزامك دائما بالتغيرات التي بدأت بها في مرحلة باكرة من الشفاء.

يمكن أن تساعد الزيارات الدورية لفريق إعادة التأهيل على تعزيز طراز الحياة «الصحي لقلبك»؛ وتشتمل بعض أوجه الصيانة على التعديلات الفيزيولوجية واستئناف النشاط الجنسي السوي والحصول على دعم اجتماعي مناسب.

التعديلات الفيزيولوجية

من الطبيعي أن تتفاعل مع النوبة القلبية بهلع وقلق؛ فأنت تواجه كرب المرض نفسه والمحيط غير المألوف والألم والانزعاج وخطر الموت.

وحتى بعد أن تستقر حالتك وتغادر المستشفى، يمكن أن تكون القيود والتغيرات في الأنشطة الروتينية السابقة سببا في الكرب؛ وقد تقع الأعباء لفترة مؤقتة على الأقل على الزوج أو الزوجة أو أحد أفراد العائلة؛ وقد تضطر إلى تغيير بعض المسؤوليات ضمن علاقاتك.

قد تحتاج بعد الحادث القلبي إلى تناول أدوية جديدة وتغيير طراز حياتك بشكل ملحوظ، بما في ذلك تغيير القوت الذي يمكن أن يؤثر في أفراد العائلة الآخرين؛ وقد يظل شبح الموت أو النكس أو تفاقم الحالة يطاردك.

الاستجابات الانفعالية تجاه الحوادث القلبية

غالبا ما تتبع الاستجابات الانفعالية تجاه الحوادث القلبية نموذجا عاما مشتركا؛ إذ يعاني أحد الزوجين والعائلة من هذه الانفعالات نفسها فيما بعد غالبا.

يحدث إنكار Denial للنوبة القلبية، وقد يكون ذلك خطيرا، وأكثر ما يظهر عند العلامة الأولى للنوبة القلبية؛ وفي الواقع، قد يكون الإنكار موجودا قبل النوبة الفعلية بوقت طويل، وقد تستمر خلال ذلك في التدخين وتناول قوت غني بالدهون رغم النصح من عدة مصادر والتعب وضيق التنفس والانزعاج الصدري.

وعندما لا تعود قادرا على إنكار المشكلة، تبدأ الضائقة والخوف عادة؛ ويسيطر الغضب متخذا في بعض الأحيان شكل «لماذا أنا؟»، ويكون موجها إلى الكادر الطبي أو الزوج أو النفس.

وفي غضون أيام من الحادث، يمكن أن تعاني من الاكتئاب الذي قد يكون مرتبطا بالفقد الملاحظ في القدرة الجسدية؛ ويمكن أن يكون الاكتئاب خفيفا وعابرا أو شديدا ومديدا، وذلك حسب شدة المرض وتركيبتك النفسية ونمط المعالجة المقدمة ومقدارها؛ ولا يصاب بعض الأشخاص بالاكتئاب إلا بعد العودة إلى البيت، في حين يبدو أن البعض الآخر لا يعاني من مشاعر الاكتئاب مطلقا.

قد يتصف الاكتئاب بالشكوى من التعب والدوخة والانزعاج المبهم واضطراب النوم والنحيب Weeping والعجز عن الاستمتاع بالأشياء، فضلا عن مجموعة من الشكاوى المبهمة؛ وغالبا ما يكون الاكتئاب غير واضح، لكن الأفراد الذين يعانون من السوداوية Melancholy المزمنة قد يستجيبون جيدا للاستشارة النفسية والأدوية المضادة للاكتئاب.

وقد تدخل في مرحلة من المساومة أو المقايضة، حيث تحاول الحصول على الطمأنة من طبيبك للتخلص من الحادث: «إذا راقبت قوتي بدقة، هل أستطيع تخليص شراييني من الكولستيرول وإصلاح الأذى الذي لحق بقلبي؟»، أو من الخالق «دعني أعيش وسأبدأ بالصلاة يوميا».

يمر معظم الناس بفترة من القلق المتزايد، حيث يخافون من أية نفضة عضلية خفيفة وينزعجون من الإشارات المعدية معتقدين أنها نوبة قلبية ثانية؛ ولكن مما يدعو إلى الأسف أنه حتى عندما تستجيب تماما لتوصيات الطبيب، لا يمكن أن تضمن الشفاء التام والتحرر من أية مشاكل مستقبلية؛ ويتطلب التكيف مع هذه المرحلة نظرة واقعية.

تدرك الكثير من برامج إعادة التأهيل القلبي الكرب الانفعالي الناجم عن المرض القلبي، وتشرع بمساعدة المرضى وعائلاتهم على التكيف مع هذه القضايا بأسرع ما يمكن.

غالبا ما تشتمل البرامج الخارجية (خارج المستشفى)، فضلا عن تقديم دروس تمرينية، على فصول جماعية خاصة، حيث يمكنك أن تناقش الكرب المتعلق بالحادث نفسه والقضايا المزعجة العامة التي تواجهها عند عودتك إلى العمل والأنشطة العادية.

قد يساعد التنظير الشعاعي على التعرف على الأشخاص الذين يبقون حانقين أو مكتئبين بعد المدة المعقولة. يقول الكثيرون إن تعلم معالجة الكرب بطريقة أحسن كان التغيير الأكثر أهمية الذي قاموا به بعد الحادث القلبي.

النشاط الجنسي بعد النوبة القلبية

من الشائع لدى الناس أن يقللوا من تواتر النشاط الجنسي لعدد من الشهور بعد وقوع النوبة القلبية أو غيرها من الحوادث القلبية؛ ويسود خلل الوظيفة الجنسية أيضا؛ ومع أنك قد تكون قلقا من المتطلبات الجسدية للعملية الجنسية بعد الحادث القلبي، لكن الأبحاث تشير إلى أن هذا القلق لا أساس له من الصحة.

يمكن أن يعود معظم الناس إلى نشاطهم الجنسي في الأسبوع الثاني بعد النوبة القلبية أو العملية الجراحية القلبية؛ وتحمل متطلبات الجماع الجنسي قلبك ما يحمله المشي السريع النشط أو تنظيف الأرض أو صعود مجموعة أو مجموعتين متواصلتين من درجات السلم؛ وبذلك، يوازي النشاط الجنسي أي جهد جسدي آخر: تزداد سرعة قلبك ومعدل تنفسك وضغط دمك، لذلك يجب التقدم نحو ذلك بهدوء مع الحذر ولكن من دون خوف.

تقدم نحو الممارسة الجنسية بالتدريج مثل أي نشاط آخر؛ ومع تنامي ثقتك باستعادة صحتك القلبية، يمكنك أن تستأنف نشاطك الجنسي المألوف؛ ومن المهم أن تتحدث إلى شريكك لتخفف المخاوف والقلق، ولتطمئن إلى أنه من الطبيعي أن يحدث تغير مؤقت في حاجاتك.

يمكن أن تنقص بعض الأدوية، مثل محصرات بيتا، نشاطك الجنسي، مع أن هذا التأثير غالبا ما ينجم عن الاكتئاب أو القلق أكثر من الدواء نفسه؛ ويمكن أن تناقش نقص رغبتك الجنسية مع طبيبك أو أحد الأفراد المناسبين في فريق إعادة التأهيل.

إذا كنت تتناول النترات المديدة المفعول بسبب داء الشرايين الإكليلية، لا تحاول تحسين أدائك الجنسي بالفياغرا، حيث قد يؤدي هذا الدواء إلى انخفاض ملحوظ في ضغط الدم وربما يكون خطيرا.

كما ينبغي أن تكون حذرا جدا من استعمال الفياغرا إذا كنت مصابا بارتفاع ضغط الدم الشديد أو إذا كان من الصعب السيطرة عليه أو إذا كنت مصابا بقصور القلب الاحتقاني، لا سيما إذا كنت تتعاطى المدرات؛ ومع أن الفياغرا دواء هام في معالجة المصابين بأمراض القلب والأوعية مع خلل وظيفة الانتصاب، لكن من المهم أيضا استشارة الطبيب قبل تناوله.

تحدث إلى طبيبك حول أية مخاوف ومشاغل أخرى أيضا؛ فإذا كنت تعاني من ألم صدري أو ضيق تنفس شديد أو عدم انتظام في ضربات القلب خلال النشاط الجنسي، توقف عنه، ولا تحاول أن تقوم به بسرعة زائدة.

الدعم الاجتماعي

عندما تصل إلى الشفاء النفسي المتسارع بعد الحادث القلبي، لا يمكن أن تشدد كثيرا على أهمية الدعم الاجتماعي من الأصدقاء والعائلة؛ ورغم أن الاستشارة المهنية يمكن أن تصنع العجائب، لكن الزمن يشفي معظم الجروح، ويميل الناس عادة إلى نسيان أكثر المراحل ألما في محنتهم. ويمكن أن يساعدك من حولك من هذا المنظور.

طرائق تعزيز الشفاء النفسي بعد النوبة القلبية

فهم حالتك

تحدث النوبة القلبية عندما يؤدي نقص الدم والأكسجين إلى ضرر دائم في جزء من عضلتك القلبية؛ لكن إصابتك بنوبة قلبية واحدة لا يعني أنك ستصاب بأخرى؛ ولذلك انظر إلى النوبة القلبية كإنذار ينبغي أن يدفعك إلى التفكير مليا بتغيير طراز حياتك بهدف الحد من خطر المشاكل المستقبلية.

ابق نشيطا

لا تركن إلى الأساطير الشائعة التي يرددها البعض من أن المصابين بمرض قلبي يجب ألا يقودوا السيارات أو يجهدوا أنفسهم أو القيام بالجماع الجنسي.

اتبع وصفة طبيبك فيما يتعلق بالمستوى الفردي لنشاطك؛ وينبغي أن يكون التمرين في ذروة أولوياتك التي يجب أن تقوم بها؛ فالنشاط يثبت أنك ما تزال بحالة من الحيوية وليس فاقد الفعالية.

وينبغي أن ترتب هذه الأشياء حسب الأولوية: لا تدخن ولا تأكل كثيرا ولا تسرع ولا تقلق.

كن مشاركا

يمكن أن يكون ناديك الإكليلي المحلي مصدرا ممتازا، حيث يمكن أن يساعدك تبادل المعلومات والخبرات الدوري مع الناس الآخرين الذين يتعلمون أحيانا أن يتعايشوا مع مرضهم القلبي أيضا على اكتساب الثقة بنفسك والشعور بالعافية.

هل يمكن أن يزول أو يشفى داء الشرايين الإكليلية؟

إن احتمال أن يستطيع الدواء «حل» الانسداد التصلبي العصيدي في الشرايين قد يؤدي أمل واهتمام كبيرين؛ وبطريقة مماثلة، يرغب الناس بأن يؤمنوا بأن إزالة أو معالجة عوامل الخطر بالنسبة إلى المرض القلبي يمكن أن ينقص الانسداد التصلبي العصيدي الموجود.

تشير الدراسات الطبية إلى الطرق التي تحرض على «تراجع» التصلب العصيدي أو نقص شدته؛ وليس من غير المتوقع أن تقوم كافة هذه الطرق على تحسين شاكلة الشحميات بإنقاص الكولستيرول (لا سيما كولستيرول LDL) وثلاثيات الغليسيريد وبرفع كولستيرول HDL؛ ولقد وجد الباحثون أدلة على أن تحسين مستويات الكولستيرول وثلاثيات الغليسيريد بالأدوية أو القوت أو حتى بأداة خاصة لترشيح الدم (في حالات نادرة) (مثل جهاز الديال الكلوي Kidney Dialysis نوعا ما) قد يؤدي إلى زوال التصلب العصيدي.

لكن التراجع الملحوظ في التضيق الشرياني بعد المداخلات المكثفة يكون بسيطا، ولا يحدث في أي شخص؛ وأبدت إحدى الدراسات مثلا أدلة على تراجع التضيق في الشرايين الإكليلية لدى الرجال المصابين بالذبحة أو بنوبات قلبية سابقة عندما يتبعون توجيهات غذائية ويستعملون أدوية منقصة للكولستيرول.

غير أن هذا التأثير حدث في ثلث الرجال فقط، وكانت درجة التحسن صغيرة (نقص التضيق الشرياني الإكليلي الوسطي بنسبة عشر ميليمتر فقط بعد 3 سنوات)؛ ولكن يبدي الرجال المعالجون تراجعا ملحوظا في ترقي داء الشرايين الإكليلية ونقصا في الأعراض الجديدة للمشاكل القلبية.

تمخضت دراسات أخرى عن ملاحظات مشابهة: يبدي بعض الأشخاص (وليسوا جميعا) من ذوي الخطورة العالية بالنسبة إلى المشاكل القلبية الوعائية أدلة على نقص في تفاقم الانسداد الإكليلي، وتحسنا طفيفا في الانسداد في بعض الحالات إذا نجحوا في تعديل شاكلة الشحميات دوائيا؛ كما أن هذا التعديل أو التحسن في شاكلة الشحميات يؤدي إلى نقص النوبات القلبية أو الوفيات المتعلقة بالقلب وتراجع الحاجة إلى المجازة الشريانية الإكليلية أو رأب الأوعية.

مع أن الأدلة تشير إلى حدوث التراجع في القليل من الأشخاص، لكن فائدة معالجة الشحميات يمكن أن تجعل لويحات التصلب العصيدي «مستقرة»، مما يجعلهم عرضة للتمزق، مما ينقص الحوادث القلبية، مثل النوبات القلبية والموت المفاجئ.

لذلك، يكون من الأساسي التركيز على مكافحة الكولستيرول والتخلص من عوامل الخطر الأخرى حتى إذا كانت الفوائد المباشرة قليلة؛ وتبقى الوقاية أفضل استراتيجية، حتى ولو أدت إلى إبطاء العملية السادة للشرايين الإكليلية.

نصيحة 1

عندما يخبرك طبيبك بمراقبة ضغطك الدموي في المنزل، تحتاج إلى جهاز لقياس الضغط وسماعة؛ ولكل من الأنماط الثلاثة لأجهز القياس – الزئبقية واللاسائلية والإلكترونية أو الرقمية – محاسن ومساوئ.

فمقياس الضغط الزئبقي سهل القراءة ولا يحتاج إلى إعادة تعديل، لكن قد يكون ثقيلا ويكون انسكاب الزئبق خطرا.

أما الجهاز اللاسائلي فهو رخيص ومحمول، لكنه أقل دقة وتعقيدا؛ وأما الجهاز الإلكتروني أو الرقمي فهو سهل الاستعمال والحمل، لكنه سريع العطب وقد يحتاج إلى الإصلاح وإعادة التعديل.

تذكر أن قياس ضغط الدم في المنزل لا يكون بديلا عن التقييم الدوري من قبل الطبيب؛ لكن متابعة قياس الضغط في البيت مفيدة جدا في مساعدة الطبيب على معرفة مدى السيطرة على ضغطك الدموي.

نصيحة 2

ابحث عن الجانب المنير من المشكلة

صدق أو تصدق، فإن معظم الناس يرون في النوبة القلبية في نهاية المطاف معاناة إيجابية في حياتهم، حيث يذكرون حدوث تحسن جسدي عادة، مثل نقص الوزن وزيادة اللياقة، كما يقلعون عن التدخين ويتناولون طعاما صحيا أكثر؛ ويتعرفون أيضا إلى الفوائد الاجتماعية والنفسية، مثل العلاقات القوية مع الزوج والعائلة وتحسن النظرة إلى الذات وتحسن القدرة على التعامل مع ضغوط العمل وزيادة الحماسة نحو الاستمتاع بالحياة.

ويرى بعض الناس في الحادث القلبي رسالة أو مدلولا روحيا، ويعطيهم ذلك شعورا بالتنور الروحي أو يساعدهم على حل الصراع أو الشك المزمن.

ويتبنى الأشخاص الذين يشفون من أزماتهم، مثل النوبة القلبية، ويتحولون إلى الشعور بالنمو الشخصي واحدة أو أكثر من الاستراتيجيات التالية:

•    تذكر أن هناك من هو أسوأ حالا منك.
•    تقبل بعض المسؤولية عن الحادث، ثم تحول إلى السلوك الذي يقلل من خطر الحوادث المستقبلية.
•    ابحث عن الرسالة أو المدلول الذي تمخض عنه الحادث، وتعرف إلى التغيرات أو الخبرات اللتين تحملان دلالة إيجابية.

مع توفر الأدوية والإجراءات الطبية الجديدة، فضلا عن تغيير طراز الحياة ومعرفة الطرائق الحديثة في التعامل مع الكروب، يمكنك أن تحافظ أو حتى تحسن جودة معيشتك بعد وقوع النوبة القلبية أو أي حادث قلبي آخر.

نصيحة 3

أطفالك يحبون البطاطا، وأنت لا تدري ماذا تفعل، ولا تجد الكثير من الطرق لجعلهم ينهضون ويتحركون ويزيدون فرصهم في النمو والانتقال إلى بالغين أصحاء القلب.

•    كن قدوة لهم، ثم ادعهم إلى المشاركة في التمارين.
•    خطط للنزهات والرحلات التي تشتمل على أنشطة خارجية، مثل السير على القدمين وركوب الدراجات والسباحة.
•    اطلب منهم القيام بأعمال منزلية تتطلب جهدا جسديا، مثل جز المرج (العشب) وجمع أوراق الشجر وتنظيف الأرض ورمي القمامة.
•    لاحظ الأنشطة التي تروق لهم، ثم جد لهم الدروس والنوادي المناسبة لهم.
•    حافظ على حضور فصول التثقيف الرياضي معهم في المدرسة.

اسأل طبيب مجاناً