التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

ضبط سلوك التلاميذ في المرحلة الثانوية

كما هو الحال في المرحلة الابتدائية، ثمة بعض التقنيات الفعالة جدا عند التعامل مع التلاميذ الأكبر سنا. ويضم هذا الفصل عددا كبيرا من الخطط الخاصة بالمرحلة الثانوية. فغالبا ما يضطر معلم الصفوف الثانوية إلى التعامل مع أعمار مختلفة في اليوم نفسه؛ أي مع أولاد، مراهقين، شباب صغار. وتعديل أسلوب التعليم ليتناسب مع كل هذه الأعمار هو من المهارات الهامة للعاملين في المجال الثانوي.

من شأن تعليم الصف الثانوي الأخير أن يكون مشوقا جدا من حيث إعطاء الدروس، لأنك تدرس مادتك على مستوى يحتاج إلى المجهود ويمثل تحديا بالنسبة إليك. إلا أنه قد يكون شديد الصعوبة في حال وجود مشكلة مع السلوك. فقد يكون بعض التلاميذ أضخم منك جسدا، وفي حال حدوث مواجهات، قد تشعر بالتهديد والضعف. في هذه المرحلة، يؤدي عدم حب التلميذ للمادة إلى ضعف في الحوافز، لا سيما في بعض المجالات المعينة.

يعتبر تلاميذ الصفوف الثانوية راشدين إلى حد ما، وفي مجتمعنا المعاصر، سيكون لديهم كثير من الهموم البعيدة عن التعليم. وأمام الضغط الذي يتعرض له التلميذ أثناء الامتحانات، قد يفضل البعض ترك الدراسة والانتقال من عالم المدرسة الآمن والمغلق إلى العالم الحقيقي.

البداية

تعتبر الدروس الأولى مع أي صف عاملا أساسيا في تحديد إطار العام الدراسي. وبالنسبة إلى المعلم الثانوي، تشكل بداية العام الدراسي فترة للقاء عدد كبير من الأشخاص والتعرف إليهم، وهو أمر يسبب قدرا كبيرا من الإجهاد. فحفظ الأسماء مشكلة حقيقية، لا سيما بالنسبة إلى معلمي المواد التي تدرس مرة واحدة في الأسبوع لأعداد كبيرة من التلاميذ، كالموسيقى أو الفنون أو التربية البدنية أو الدراما. وفي ما يلي بعض الأفكار التي تساعد على تخطي تلك الأسابيع الأولى.

مسألة أسلوب

إن استعمال الأسلوب الأنسب مع التلاميذ هو ما يشغل بال معظم المعلمين، لاسيما المبتدئون منهم. فما لم تحدد الأسلوب الذي ستتبعه من البداية وتلتزم بالمقاربة نفسها في كل مرة ترى فيها الصف، سرعان ما سيكتشف التلاميذ نقاط الضعف والتردد وعدم الالتزام. الأفكار المعطاة في ما يلي عن الأسلوب مرتكزة إلى حد كبير على مقاربتي الخاصة والطرق التي أثبتت فاعليتها. تذكر تعديل هذه النصائح بحسب المدرسة ونوع التلاميذ الذين تعمل معهم.

أنصح جميع معلمي المرحلة الثانوية بأن يبدأوا العام الدراسي بأسلوب جاد وصارم قدر الإمكان. فالبداية الجادة تمنحك موقفا أقوى بكثير. المضحك أن هذه الطريقة فعالة جدا مع المدارس التي نعتبرها سهلة المراس، والتي تعطي المعلم إحساسا كاذبا بالأمان خلال فترة شهر العسل مع تلاميذه. فمع غياب التوتر، يخسر المعلم فرصة المحاولة. حتى أنني وجدت بأن التلاميذ يفضلون في الواقع المعلم الذي يعمل بهذه الطريقة منذ البداية ويحترمونه، لأنه لا يفتح المجال للعبث، بل يعطي الأولوية للعمل ويبدو بأنهم يتجاوبون مع هذا الأسلوب.

في بعض المدارس الصعبة، ينبغي الحذر من استعمال الأسلوب البالغ الصرامة. إذ يفسر أسلوب المعلم على أنه هجومي عوضا عن كونه تأكيديا، ما قد يسبب ردة فعل سيئة لدى التلميذ. فمع بعض التلاميذ الصعبي المراس، قد تحتاج إلى اتباع أسلوب أكثر استرخاء، لتكسبهم إلى جانبك عوضا عن إجبارهم على الانصياع. لكن عموما، يحب التلاميذ أن يثبت المعلم سلطته، وإن على نحو غير ديكتاتوري. يمكنك بالتالي تعديل أسلوبك بحسب سن تلاميذك، فتكون شديد الحزم في الصف السابع، وتلطف أسلوبك تدريجيا مع ارتفاع الصف.

حين يصبح التلاميذ تحت السيطرة التامة، يمكنك تلطيف أسلوبك تدريجيا بحيث تدخل عامل المكافأة. ولكن لا تخفف من حزمك بشكل مبكر أو سريع، خاصة في سنواتك المهنية الأولى. وأجد بأن نصف الفصل الأول هو مدة كافية لاتباع الأسلوب الحازم، ويمكن بعدها إدخال شيء من المرونة. والحزم لا يعني القسوة أو السلبية، بل أن تكون واثقا ومحددا في ما يحدث خلال حصصك، وأن تحافظ على هدوئك مهما كانت الظروف. ومن طرق تطبيق ذلك:

■ جعل التلاميذ يقفون خارج الصف في صف واحد بهدوء قبل السماح لهم بالدخول.

■ تسجيل الحضور بصمت في بداية كل حصة. وإضافة إلى الصمت، ينبغي أن يكون التلاميذ جالسين بهدوء في أماكنهم. (لا تجرب ذلك ما لم تكن واثقا بأنك قادر على تحقيقه).

■ الإصرار على إتمام العمل الكتابي بصمت تام. ويمكن التعويض عن ذلك بمكافأة التلاميذ بمنحهم دقيقتي استراحة للتحدث.

■ الالتزام التام بأنظمة الزي المدرسي، كخلع المعاطف وعدم ارتداء الأحذية الرياضية وارتداء السترات وعقد ربطة العنق بطريقة معينة.

■ عدم التغاضي عن الخروقات البسيطة للأنظمة، كمضغ العلكة مثلا.

لا تقلل من أهمية التفاصيل الصغيرة

بناء على ما سبق، إن كنت تحاول فرض سيطرتك على الصف في بداية العام الدراسي، فإن التفاصيل الصغيرة هي التي تهم فعلا. فقد اكتشفت فاعلية هذه الاستراتيجية حين عملت معلمة مناوبة. فهي مفيدة جدا حين تحل مكان معلم آخر وتكون تحت رحمة تلاميذ مشاغبين. استعمل الدقائق القليلة الأولى من الحصة لضبط أي خروقات صغيرة على الفور، لتظهر لهم كم أنت محدد وواع لما تقوم به. وتشتمل هذه التفاصيل على:

■ خلع المعاطف.

■ وضع القمصان تحت السراويل.

■ عقد ربطة العنق كما ينبغي.

■ عدم مضغ العلكة.

■ الجلوس كما ينبغي على المقاعد.

■ إخراج اللوازم الصحيحة.

■ النظر إلى المعلم وهو يتحدث.

تحديد طريقة العمل

بالإضافة إلى إظهار سيطرتك، تعتبر الحصص الأولى الوقت الأنسب لتحديد طريقة عمل الصف. وتعتبر هذه الخطوة أمرا حيويا في المدرسة الثانوية لأن التلاميذ يتعرفون في هذه الفترة على مقاربات مختلفة من قبل معلميهم. فإن أعطيتهم نموذجا متماسكا، واضحا وثابتا، يمكنك تدريبهم على الالتزام بتلك العادات العملية والسلوكية في كل مرة تقابلهم فيها. كلما كنت ثابتا، شعر التلاميذ بأمان أكبر (لاسيما أولئك الذين يميلون إلى إساءة السلوك). من الأسئلة التي يجب أن تطرحها حول طريقتك الخاصة:

■ ماذا يفعل التلاميذ حين يصلون إلى صفك؟

■ هل يمكنهم الدخول على الفور أم ثمة ما يجب عليهم فعله أولا، كالاصطفاف بصمت؟

■ أين يكون المعلم حين يصل التلاميذ إلى الصف؟

■ ماذا يحدث حين يدخل التلاميذ الغرفة؟

■ كيف يعرف التلاميذ أين يجلسون؟ أهو خيار حر أم لا؟

■ متى وكيف توضع اللوازم والكتب على الطاولات؟

■ في أية مرحلة من الحصة يتم تسجيل الحضور؟

■ كيف يتصرف التلاميذ أثناء تسجيل الحضور؟

■ كيف يشرح المعلم العمل المطلوب؟

■ كيف يتصرف التلاميذ أثناء هذا الشرح؟

■ في أي جو يتم العمل (أي صمت تام أم لا)؟

ما الذي يحدث في نهاية الدرس؟ كيف تتم مراجعة العمل؟

■ هل يتحتم على التلاميذ الوقوف خلف مقاعدهم؟

■ متى يتم تحديد الواجب المنزلي؟

■ كيف يصرف المعلم الصف؟

تقنيات للسيطرة على الصف

إن التقنيات التي تستعملها مع الصفوف الثانوية قد تكون أقسى من تلك التي يمكن اتباعها مع التلاميذ الأصغر سنا. والمدى الذي يمكن أن تصل إليه يعتمد إلى حد بعيد على ما تجده مدرستك مقبولا. فمن مهارات المعلم، فهم ورسم الحدود لتلاميذه، وأن يظهر في الوقت نفسه بأن هذه الحدود يمكن تخطيها إن كان ذلك سيؤدي إلى تحقيق نتائج أفضل من قبله ومن قبل التلاميذ. فإن كنت تعمل مع تلاميذ يحبونك ويحترمونك فعلا، فلا بأس من إظهار إنسانيتك عبر التعامل معهم بشيء من المرونة من وقت إلى آخر.

جعلهم يلتزمون بالصمت

لا بد أنك أصبحت تدرك أن انتظار حلول الصمت هو برأيي من أهم وأقوى التقنيات التي يمكن للمعلم استعمالها لضبط الصف. بالنسبة إلى بعض المعلمين الثانويين، وربما كثير منهم، قد يصعب تحقيق ذلك مع بعض الصفوف. وبالطبع، حدث أن وقفت أمام الصف منتظرة الصمت وشعرت بأنني لن أحصل أبدا عليه. وأعرف تماما مدى التوتر الذي يسببه الانتظار، والرغبة التي تنتابنا أحيانا للاستسلام والبدء بالتحدث بصوت أعلى من أصوات التلاميذ الذين يرفضون الإصغاء.

إلا أنه من الأهمية بمكان التفكير بالإشارات التي ترسلها إلى الصف في كل مرة تستسلم فيها أمام هذا التوقع بالذات. وكأنك تقول لهم إنك لا تمانع بأن يتحدثوا وأنت تعطي الدرس، أو أنك لا تملك ما يكفي من السيطرة عليهم لفرض الصمت. بالمقابل، فإن المعلم الذي يحصل على الصمت التام قبل أن يبدأ بالحديث، يرسل لهم إشارة قوية عن مستوى سيطرته على الصف.

في الواقع، إن انتظار حلول الصمت هو من التوقعات الأساسية لدي، والتي لا يمكن أن أتنازل عنها مهما كلفني الأمر. فقد كافحت في إحدى المدارس لمدة فصلين لأجل هذا الشرط، ولم أتراجع عن موقفي. ثمة طرق عديدة يمكن استعمالها لتشجيع التلاميذ على الانصياع. فكلما تعددت الوسائل، قلت احتمالات الاستسلام أمام تحقيق هذا الهدف الرائع. وفي ما يلي بعض التقنيات التي تناسب الصفوف الثانوية:

■ الإشارة الخطية: حين ترغب بمعاقبة الصف، حاول الامتناع عن التحدث إليهم، لأن هذا الأمر يعزز من هيبتك. واعمد عوضا عن ذلك إلى كتابة العقاب على اللوح. كأن تقوم مثلا برسم دائرة على اللوح، وتبقى واقفا تنظر إلى ساعتك لمدة دقيقة قبل أن تكتب بداخل الدائرة 1. ثم تضاعف تدرجيا عدد الدقائق التي سيمضيها الصف محتجزا بعد انتهاء الحصة، إلى أن يلزم التلاميذ الصمت، أو جرب كتابة جملة طويلة على اللوح، مثل “إن لم تلتزموا بالصمت وتتيحوا لي متابعة الدرس، ستجبرونني على استبقائكم في فترة الاستراحة، وأنا لا أرغب بذلك على الإطلاق”. حين تنتهي من الكتابة، سيكون الصف بأكمله ينظر إليك ليرى ماذا تفعل. ومع أنني لست من محبي احتجاز الصف بأكمله، إلا أنني لاحظت أن استعمال هذه الطريقة لمرة أو اثنتين يجعل التلاميذ يمتنعون عن التحدث أثناء الشرح وينضبطون على نحو أفضل.

■ استعمل فترة الاستراحة: قد تدرس صفوفا لا تملك فترة استراحة بعد الحصة مباشرة. وفي هذه الحالة، لا يمكنك استعمال الحجز كتهديد لكي يلزم التلاميذ الصمت (إلا إن كنت تنوي إعادتهم إلى صفك خلال فترة الاستراحة، وهو أمر لا أنصح به بتاتا). لنقل بأنك ترى الصف ثلاث مرات في الأسبوع، من بينها حصة واحدة تليها الاستراحة مباشرة. في هذه الحالة، استعمل هذه الاستراحة لكي تنفذ عقوبات الاحتجاز التي تضطر لفرضها خلال الساعتين الأخريين.

■ الحركات المسرحية: إن كنت تملك روحا مسرحية، قد ترغب باستعمال هذه التقنية غير الاعتيادية للحصول على الصمت. فالحركات المسرحية ممتازة لشد انتباه الصف، وهي تحثهم على الضحك عادة. يمكنك مثلا أن تحني رأسك فوق الطاولة وتدعي البكاء وأنت تقول لنفسك: “لماذا، أوه لماذا لا يصمتون؟ لم أعد قادرا على التحمل. ماذا سأفعل؟” ثم تصرخ قائلا: “آه، وجدتها! لقد فاض الكيل، سأحضر المدير!” ثم تدعي بأنك تغادر الغرفة بسرعة.

■ ثمة من يراقبكم: لجأت إلى استعمال هذه التقنية مع الصفوف الصعبة المراس للحصول على الصمت والانتباه، على الرغم من تذمر تلاميذي من انتهاك حقوقهم المدنية. ثبت في سبيل ذلك كاميرا فيديو في إحدى زوايا الغرفة، وعند دخول التلاميذ ابدأ بالتسجيل. وأخبر التلاميذ بأن المدير سيشاهد الشريط بعد انتهاء الحصة ليرى من من التلاميذ يسيء السلوك ولا يلتزم بالصمت. من الممكن استعمالها كخدعة أو ترتيب الأمر مع المدير إن كان متعاطفا. فمن خلال تجربتي، لاحظت بأن التلاميذ لا يجرؤون على المخاطرة لمعرفة ما إذا كان ما يقوله المعلم صحيحا أم لا. قم بمحو الأشرطة بعد نجاح الخطة تجنبا للمشاكل بخصوص إذن التصوير.

عاملهم كراشدين

في العادة، يحاول الأولاد إرضاء توقعاتنا منهم، أكانت إيجابية أم سلبية. فإن كنت تعامل تلاميذك الثانويين ككبار، قد تفاجأ من مقدار النضج الذي يتصرفون به. أنا أحب جعل هذه الشراكة بيني وبين تلاميذي واضحة من الحصة الأولى. وفي حال قرروا عدم تنفيذ واجباتهم، لدي الحق الكامل بسحب الامتيازات التي أعطيت لهم.

في الواقع، يعتبر التلاميذ الذين بلغوا نهاية المرحلة الثانوية شبابا فعلا. وإن كنت تريد منهم الاحترام وحسن السلوك عليك التحدث إليهم، والعمل معهم على أنهم كذلك. ذلك أنه لا جدوى إطلاقا من تطبيق طريقة المعلم الصارم والمخيف (مع أني ما زلت أوصي باستخدام الحزم معهم). فهؤلاء الشباب الصغار يتجاوبون على نحو سيئ مع المواجهات ويبدون حساسية عند التعامل معهم بفوقية. ففي النهاية، سيتحدث إليهم الناس بتهذيب في العالم الحقيقي، في العمل مثلا، عند وجود مشكلة، فما الداعي لأن تكون الأمور مختلفة في المدرسة؟

لقد أعطاني أحدهم مؤخرا فكرة مثيرة للاهتمام حول تحديد توقعاتنا لتلاميذنا الشباب. كانت تلك فكرة معلم عمد في حصته الأولى بعد دخوله الصف إلى رسم خط على اللوح. ثم سأل التلاميذ: “ما هذا؟” فأجابوا: “إنه خط”. قال: “هذا صحيح. احرصوا على عدم تجاوزه”.

عاملهم أحيانا كأولاد

بالمقابل، يتجاوب التلاميذ الكبار السن كثيرا حين يتم إعطاؤهم مهاما أو نشاطات طفولية من وقت إلى آخر. فأمام الطبيعة الجادة للجزء الأكبر من العمل في المرحلة الثانوية من الأهمية بمكان بالنسبة إليهم للتنفيس عن الضغط من وقت إلى آخر، والمشاركة في بعض النشاطات أو الدروس المرحة والتافهة. كما يشير ذلك إلى رغبة المعلم بأن يظهر الجانب الإنساني من شخصيته. وفي ما يلي بعض الأفكار حول كيفية منح التلاميذ الثانويين بعض اللحظات الطفولية:

■ الألعاب: يتجاوب التلاميذ كثيرا مع المعلم الذي يمنحهم فرصة المشاركة في بعض الألعاب، في بداية الحصة أو نهايتها. ومن الممكن أن تكون هذه الألعاب مرتبطة بموضوع الدرس أو نشاط عام لترطيب الجو. وثمة ألعاب تربوية جدا يمكن استعمالها.

■ المسابقات السريعة: من الطرق الممتازة لإنهاء موضوع الدرس، إعطاء التلاميذ مسابقة سريعة حول الموضوع. والتلاميذ يحبون عموما العمل في مجموعات، لأنها تسهل العمل على التلاميذ الضعفاء. وتنظيم المسابقة على شكل منافسة، مع جوائز للفائزين، يشجعهم على بذل مجهود أكبر وإظهار مزيد من الالتزام.

■ اسمح ببعض الفوضى: ضع من وقت إلى آخر القيود جانبا، واسمح للتلاميذ بالقيام بنشاط فوضوي مرح. يمكن استعمال هذا النشاط كمكافأة على حسن السلوك. من النشاطات التي يحبها التلاميذ الثانويون، إعطاؤهم أعدادا كبيرة من المجلات والطلب منهم قص صور وصنع ملصق يرتبط بموضوع الدرس. على سبيل المثال، طلبت من تلاميذي في صف الدراما صنع شخصيات عبر إلصاق أجزاء مختلفة من أجساد أشخاص عدة. ونصيحتي هنا هي أن تترك وقتا كافيا في نهاية الحصة للتنظيف.

استعمل روح الدعابة للعقاب

إن عمد أحد التلاميذ إلى توجيه الشتائم إليك أو تلفظ بها بصوت مرتفع، فهو يتوقع أن تطلب منه التوقف عن ذلك. ولكن ما لا يتوقعه هو أن تسأله (بصوت تملؤه الخيبة، الصدمة، الذعر أو صوت مبهم وحسب) “هل تعرف ما معنى كلمة **** في الواقع؟” فغالبا ما يجهل الأولاد سبب كون الشتائم مثيرة للغضب أو المعنى الفعلي لها. وينطبق ذلك خصوصا على التلاميذ الصغار الذين يحاولون تقليد زملائهم الكبار. فربما سمعوها في الملعب أو الصف ولاحظوا التأثير الذي تحدثه.

إن طرحت هذا السؤال بصوت جدي، سيبدأ بقية الصف بالضحك على الأرجح، بسبب ارتباك التلميذ ولسماعهم المعلم يتفوه بشتيمة. فاستعمال الكلمة لاقتباس ما قاله التلميذ لا يعني بأنك تشتم بالفعل. من ناحية أكثر جدية، تظهر هذه الطريقة للتلاميذ لم يتوجب عليهم تغيير سلوكهم. كما أنها تجعلهم يدركون تأثير سماع تلك الكلمات على غيرهم من الناس.

لكن إمكانية استعمال هذه التقنية تعتمد كثيرا على شخصيتك كمعلم، وعلى المدرسة التي تعمل فيها، وردة الفعل التي يمكن أن تحدثها. فلو شعرت بأن تلاميذك أو آباءهم أو مدير مدرستك لن يرضوا عن استخدامك هذه التقنية، لا تكرر الكلمة التي تفوه بها التلميذ، بل اسأله عوضا عن ذلك: “هل تعرف ما معنى هذه الكلمة؟”

المربي والسلوك

يتوقع من كثير من المعلمين الثانويين تأدية دور المربي داخل المدرسة، بحيث يتولون مسؤولية مجموعة من التلاميذ، ويتابعون تقدمهم عموما. والعمل مع مجموعة تربوية يختلف تماما عن العمل مع صف ضمن مادة معينة. وفي الواقع، قد لا تدرس الصف الذي يفترض أن تكون مربيا له.

تعتمد طريقة التعامل مع سلوك مجموعتك التربوية على عاملين رئيسيين: توقعات المدرسة إزاء كيفية عمل المربي، وسن وسلوك تلاميذ مجموعتك. بشكل عام، يمكنك استعمال مقاربة أقل توترا لتأدية دور المربي. لهذه الناحية أهميتها، لأن تلاميذك قد يلجأون إليك لطرح مشاكل شخصية أو اجتماعية، ومن الضروري أن يشعروا بالراحة للتحدث إليك بصراحة. فيما يلي بعض النصائح العامة حول ذلك:

■ اجعل مقاربتك مناسبة لسن التلاميذ: إن تم إعطاؤك تلاميذا من السنوات الأولى، لديك فرصة كبيرة لتدريبهم على طريقة عملك. وهنا أيضا، أنصحك بالبدء على نحو حازم، يصبح أكثر تراخيا بعض الشيء مع الوقت. أما إن كانت مجموعتك مشاكسة، ينتمي تلاميذها إلى السنة الأخيرة من التعليم الثانوي، وحصلت على أربعة مربين مختلفين على مر السنوات، لا جدوى من بذل جهد كبير لمحاولة تغييرهم على نحو شديد الصرامة.

■ تحقق دوما من اللوازم: مع التلاميذ الصغار، بإمكان المربي مساعدة الأولاد على تنظيم أمورهم وتجنب العقوبات غير الضرورية على اللوازم الناقصة وما إلى ذلك. فمع مجموعة من السنة الأولى، بوسعك التحقق في بداية كل يوم أو أسبوع من وجود جميع اللوازم.

■ اطلع دوما على العقوبات والمكافآت التي يحصلون عليها: تستعمل معظم المدارس اليوم يوميات يدون عليها المعلمون العقوبات والمكافآت التي أعطوها لتلاميذهم. وبإمكان المربي الاطلاع على مدى حسن عمل كل تلميذ. وأمن عند الحاجة نظام إنذار مبكر لمعلمي الصف.

■ تول حل المسائل التي تضيع وقت الدرس: من شأن المربي أن يؤدي دور مساعد لمعلمي الصف عبر حله المسائل الصغيرة التي تضيع وقت الدرس. تأكد مثلا من أن تلاميذك يرتدون الأحذية عوضا عن الأحذية الرياضية، قبل دخولهم إلى الصف.

■ فكر بأفضل طريقة لتسجيل الحضور: من الأسهل على الأرجح مع التلاميذ الصغار في السن الإصرار على الصمت التام عند تسجيل الحضور. لكن هذه المقاربة قد تسبب لك مواجهات مع التلاميذ الأكبر سنا. فإن كنت تعاني من صعوبة في فرض الصمت، اطلب من أحد التلاميذ التحقق من التلاميذ الحاضرين والغائبين. ولكن، ينبغي عليك تسجيل الحضور بنفسك، لأنه سجل رسمي ومسؤوليته تقع على عاتق المربي.

■ افصل بين دورك كمعلم ودورك كمرب: إن كنت تدرس تلاميذ مجموعتك التربوية، فأنت بحاجة على الأرجح إلى توضيح الفرق بين الدورين. تحدث على انفراد مع التلاميذ الذين يحاولون تخطي الحدود معك، وأوضح لهم بأن الدور الذي تؤديه في الصف مختلف عن دورك كمرب.

المرحلة الثانوية

مع أنني أنصح المعلمين بأن يكونوا صارمين في البداية مع تلاميذهم الثانويين، إلا أنه بإمكانك أن تعاملهم بشيء من المرونة بعد أن تكسب احترامهم واهتمامهم، وبعد أن يظهروا لك التزامهم واجتهادهم. يجب أن يكون ثمة حس بالشراكة، بحيث يحصل التلاميذ على الحق ببعض الحريات إن أبدوا رغبتهم بالانصياع لما تطلبه على مستوى العمل والسلوك. لقد وجدت بأن هذه المرونة تؤتي ثمارها عند العمل مع تلاميذ المرحلة الثانوية. وفي ما يلي بعض النصائح حول كيفية اتباع مقاربة أكثر مرونة مع الشباب:

■ تحل ببعض المرونة: تبدو بعض الأنظمة بلا معنى بالنسبة إلى تلاميذ المراحل العليا. ففي النهاية، ما الخطأ في ارتداء المعطف عند الشعور بالبرد، أو في مضغ العلكة عند الرغبة بذلك؟ فالأولوية في هذه المرحلة هي للتعليم. بالتالي، بعد أن تنجح في ضبط الصف في البداية، تجنب التطبيق الصارم للأنظمة عند الإمكان، لا سيما إن كان ذلك سيؤدي إلى التصادم. على سبيل المثال، يسمع الشباب الشتائم حولهم كل يوم: على التلفاز، في حياتهم الاجتماعية، من أفراد عائلاتهم وأصدقائهم. من هنا، فإن تجاهل السباب أحيانا يجعلك تبدو بشريا أكثر، كما يجنبك صداما لا جدوى منه مع تلاميذك.

■ اجعلهم يتحملون المسؤولية: حين يخرج تلاميذك إلى العالم الحقيقي ويبدأون بالعمل، سيكون عليهم التصرف كما ينبغي وإلا صرفوا من وظائفهم. في هذه المرحلة من حياتهم الدراسية، عليهم تحمل مسؤولية سلوكهم ودراستهم. أعطهم ملاحظة حين يسيئون السلوك. فحين تعاملهم كراشدين، سيتعلمون تحمل مسؤولية سلوكهم على نحو ناضج. توقع منهم الأفضل ولن يخيب أملك على الأرجح.

■ تفهم همومهم: قد يعاني تلاميذك في هذه المرحلة من هموم لا علاقة لها بالدراسة. فربما أثرت مشاكلهم الشخصية على طريقة تصرفهم خلال الحصص. حاول أن تتفهم ذلك. فأنت تملك هموما خارج المدرسة، شأنك شأنهم. وإن كنت معلما متعاطفا، سيلجأون إليك للتحدث عن مشاكلهم الشخصية. احرص بالتالي على تخصيص بعض الوقت لمناقشة مشاكلهم كراشدين. واحرص أيضا على إحالة المشكلة إلى الموظف المختص في المدرسة عند الضرورة، لا سيما إن تعلق الأمر بسلامة أحد التلاميذ.

تأليف سو كولي