التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

العلاقات الاجتماعية تساعد على تأخير الشيخوخة

هل تريد أن تتمتع بطول الشباب؟ اختلط بالناس إذن. العلاقات الاجتماعية القوية يمكن أن تساعدك على مقاومة وتأخير الشيخوخة. تناول الغداء مع أحد الأصدقاء، أو زيارة أحد الأقارب، أو الانضمام إلى مجموعة تهوى القراءة، أو نادٍ مخصص لهواة السباحة كل ذلك يمكن أن يساعدك على التمتع بعمر أكثر شباباً.

هناك الكثير من الأدلة التي تدعم فكرة أن وجود الروابط الأسرية القوية والحياة الاجتماعية المتنوعة يمكن أن يساعدك على التمتع بالشباب والصحة لفترة أطول. لقد ثبت أن الجهاز المناعي يعمل بشكل أفضل تحت الضغوط لدى الأشخاص الذين يملكون الكثير من الأصدقاء عنه لدى غيرهم.

لا يزال العلماء يكتشفون أن العلاقات القوية بين الناس تدعم الوظائف المناعية وتساعد على الوقاية من الأمراض، بل وتساعد كذلك على التعافي بشكل أسرع بعد العمليات الجراحية. وقد أظهرت الدراسات أيضاً أن الإحساس بالعزلة الاجتماعية يمكن أن يكون خطيراً على صحة الإنسان مثله في ذلك مثل ضغط الدم المرتفع، أو البدانة المفرطة، أو أسلوب الحياة غير النشط، وحتى التدخين.

الشيء المهم هو الإحساس بوجود دعم اجتماعي، ولا يهم إن جاء هذا الدعم من الأصدقاء، أو أفراد العائلة، أو الزملاء، أو حتى من الغرباء. في دراسة أجريت على بعض النساء اللائي يعانين من سرطان الثدي في مراحله المتقدمة، تم تقسيم النساء إلى مجموعتين. كانت كلتا المجموعتين تتناول نفس الأدوية، ولكن في المجموعة الأولى كانت النسوة يتقابلن مرة أسبوعياً لكي يتحدثن عن مشاعرهن. بعد خمس سنوات، توصلت الدراسة إلى أن النسوة في المجموعة الأولى عشن، في المتوسط، ضعف المجموعة الأخرى.
جزء من التأثير يرجع إلى ما يُسمى “تأثير النظراء”، والنظراء هنا هم الأشخاص في شبكة علاقاتك الاجتماعية الذين يشجعونك على تغيير عاداتك غير الصحية، كأن يشجعوك على الإقلاع عن التدخين، أو زيارة الطبيب بمجرد أن تشعر ببعض التوعك مما يمنع المشكلات الصحية من التفاقم.
وشبكة العلاقات الاجتماعية تساعد أيضاً على زيادة الإحساس بالانتماء وقيمة الذات، مما يحسن من الصحة الذهنية. ويمكن لشبكة علاقاتك الاجتماعية أن تساعدك على تجاوز المحن الصعبة في الحياة، مثل الطلاق، أو فقد الوظيفة، أو وفاة شخص عزيز عليك. وليس من الضروري أن تعتمد على أفراد العائلة أو الأصدقاء وتطلب منهم الدعم لكي تحظى بالفوائد.

إن مجرد معرفتك بأنهم موجودون من حولك وسيكونون على أهبة الاستعداد لمساعدتك يمكن أن يقلل آثار هرمونات التوتر على جسمك. وفي مقابل ذلك، فإن العزلة الاجتماعية يمكن أن تسهم في الإصابة بالاكتئاب وتقوّض تقدير الإنسان لذاته وإحساسه بقيمته. ومن الممكن أيضاً أن تؤدي إلى الإحساس بالعجز واليأس.
ولكن تعزيز الحياة الاجتماعية الواهنة يمكن أن يصبح أصعب مع التقدم في العمر. تظهر الدراسات أن أعداداً متزايدة من الناس أصبحوا يعيشون بمفردهم الآن، وفي المدن الكبيرة ربما لا يعرف الإنسان حتى أقرب جيرانه. إن الانضمام إلى نادٍ يضم أنشطة تثير اهتمامك يعد من الأفكار الجيدة لأنه من المحتمل أن تعثر على أشخاص يشاركونك اهتماماتك (إذا لم تكن لديهم هذه الاهتمامات، فلماذا انضموا إلى النادي من الأساس؟). من الممكن أن يكون هذا النادي مخصصاً للأنشطة الرياضية أو الأنشطة الثقافية أو الخدمية. إن القيام بالأعمال التطوعية يستحق التجربة أيضاً. ويمكنك أن تقوم بهذه الأعمال في المستشفى المحلي أو في نادي الشباب أو في المتاحف القريبة منك. أو ادعم قضية أو هدفاً نبيلاً. انضم إلى أشخاص آخرين يعملون على تحقيق شيء نبيل يؤمنون به مثل تنظيف البيئة المحيطة بهم من الملوثات، أو العمل على تحسين حالة الفقراء. الخيارات المتاحة أمامك لا نهاية لها، والأمر يرجع إليك في تحديد ما تفضله وتحب القيام به. ببساطة، الانخراط مع أشخاص آخرين أهم من العمل الذي تنخرط فيه.

من يحبون من القلب لا يتقدم بهم العمر أبداً. قد يموتون في سن متقدمة، ولكنهم يموتون شباباً.

إن كون الإنسان اجتماعياً يدعم جهازه المناعي، وكذلك كونه على علاقة جيدة بشريكة حياته.

عزز صحتك في خمس ثوانٍ.

امسح على شعر طفل يتيم أو قدم معروفاً لمحتاج.
إن مثل هذه الأفعال تزيد من إفراز الإندورفينات، وهي المواد الكيميائية المسئولة عن الشعور بالرضا في المخ، وتقلل من الكورتيزون، وهو هرمون التوتر الذي يصيب الجهاز المناعي بالأضرار.
فإذا كنت تقضي الكثير من الوقت وحدك، فتطوع لرعاية شخص آخر.

لقد فقدت اتصالي بالكثير من أصدقائي القدامى. ما أفضل وسيلة لإعادة التواصل معهم؟

إن أجهزة الكمبيوتر هي السبب في قتل فن المحادثة (أم هل هو التليفزيون؟) ولكن بفضل شبكة الإنترنت، أصبح من السهل أن تستعيد الصلة بالأصدقاء القدامى. فالإنترنت تعد وسيلة رائعة لتتبع الأشخاص الذين فقدت الاتصال بهم تماماً. ومن الطرق السهلة للعثور عليهم أن تبحث عنهم في موقع “جوجل”. اكتب اسم الشخص في موقع البحث وانظر ماذا سيظهر لك. في أسوأ الأحوال، سوف تتعرف على مئات الأشخاص الذين لهم نفس الاسم! ومن الممكن أن تسجل نفسك في بعض مواقع الويب المخصصة لإعادة الصلات بين الأصدقاء من نفس المدرسة أو الجامعة. وبمجرد أن تعرف بيانات صديقك، فإن البريد الإلكتروني سيصبح أداة لا غنى عنها. فالبريد الإلكتروني يكون في كثير من الأحيان أسهل من إجراء المكالمات الهاتفية أو المقابلة وجهاً لوجه مع شخص لم تره منذ سنوات عديدة. وهو يوفر لك أسلوباً مريحاً لإعادة بناء الحوار بينكما ويعطي لكل منكما الفرصة لتحديد إن كان يريد الانتقال بالعلاقة للمستوى التالي. ومن ناحية أخرى، فإن البريد الإلكتروني وسيلة رائعة للتواصل مع الإصدقاء الذين يعيشون في أماكن بعيدة عنك.

هناك بعض الأصدقاء القدامى الذين أعدت الصلات معهم، ولكنني اكتشفت أنه لم تعد هناك أي أشياء مشتركة بيننا. وبصراحة، هم يثيرون أعصابي. هل هم حقاً مفيدون لصحتي؟

بالطبع من الواضح أنه ليس كل الصلات الاجتماعية مفيدة لصحتك. فإذا كان أصدقاؤك يشكلون عبئاً عليك وحملاً ثقيلاً على وقتك ومواردك، وكنت تشعر بالذنب كلما فكرت في التخلي عنهم، فسينتهي بك الأمر إلى الشعور بالتوتر والقلق. كما أنه من المضر لصحتك النفسية أن تشعر على الدوام بأنك ملزم بأن تخفي حقيقة مشاعرك تجاه أشخاص معينين أو تضطر إلى التصرف على خلاف سجيتك عندما تكون معهم. هل يبدو كل هذا مألوفاً لك؟ جرب أن تسأل نفسك السؤال البسيط التالي: هل هذا الشخص يدعمني ويجعلني أشعر بالسعادة والأمل؟ إذا كانت الإجابة هي لا، فربما حان الوقت للانسحاب من هذه الصداقة والتوقف عن بذل مجهود للحفاظ عليها. ومن الممكن أن تكتفي بأن تقابله مرة كل عدة أشهر، وربما تستمتع أكثر بتلك المقابلات المتباعدة. إن التخلص من علاقاتك بمن يستنزفون طاقتك سيوفر لك المزيد من الوقت لتقضيه مع الأصدقاء الذين يجعلونك تشعر بالسعادة، وسيساعدك على التمتع بشباب أطول.