التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

الضغوط وحياة الانفصال أو الطلاق

نحن في الغالب كائنات اجتماعية تعتمد إلى درجة ما على الحفاظ على توجه عقلي إيجابي عن طريق إحاطة أنفسنا بمجموعة من الأصدقاء أو أفراد العائلة. وغالبًا ما يؤدي هذا إلى علاقات ربما تتضمن، أو ربما لا تتضمن العيش معًا أو الزواج، ويتضمن هذا وجود شريك في حياتنا، يمكنه مساعدتنا على الاستمتاع بالعالم من حولنا ومواجهة ضغوط الحياة الحديثة. وربما يعود التعامل مع هذا الشريك بفوائد جمة بالإضافة إلى مخاطر كبيرة، ولكن معظم الخبراء يعتقدون أننا نعمل بشكل أفضل مع وجود شخص قريب منا. وربما لا يكون هذا ممكنًا دائمًا، سواء بسبب توجهاتنا الخاصة نحو العلاقات، أو الفرص، أو العوامل الأخرى التي لا نتحكم بها. إن العيش منفصلًا ربما يثير الضغوط، ويجب علينا أن ندرك كيفية تسبب البقاء هكذا في إثارة الضغوط.

التحدي

ذات مرة قدم “وودي آلان” تشبيهًا لإقامة علاقة من خلال رواية نكتة قديمة تتحدث عن امرأة ذهبت إلى مكتب الطبيب النفسي وطلبت المساعدة لأن زوجها يعتقد أنه دجاجة؛ فسألها الطبيب عن سبب عدم إحضارها زوجها معها حتى يستطيع علاجه، فأجابته بأنها ستفعل، ولكنهما في حاجة إلى البيض. واستخدم “آلان” هذا التشبيه من أجل الإشارة إلى أن العلاقة مع الآخرين ربما تكون فوضوية ومؤلمة، ولكننا في النهاية في حاجة إلى البيض. ويعتقد العديد من خبراء السلوك الإنساني أنه من المهم أن نحظى بشخص ما يشاركنا حياتنا، ولكن ربما يختار بعضنا حياة الانفصال لأي سبب من الأسباب. وربما يتسبب العيش منفصلًا في إثارة الضغوط في حياتنا، أو جعل التعامل مع الضغوط التي نواجهها في حياتنا على أساس يومي أكثر صعوبة. ولا يعني هذا أننا مضطرون إلى الحفاظ على علاقة حميمة من أجل الحصول على حياة سعيدة، ولكننا نحتاج إلى معرفة كيفية العيش عزابًا دون إضافة المزيد من الضغوط. ويتمثل التحدي هنا في فهم سبب اختيارنا حياة العزوبية، ونوعية الفوائد التي نحصل عليها منها، وكيف أن وجود شريك مقرب ربما يساعد على التعامل مع ضغوطنا، أو يضيف إليها، ونوعية الخيارات المتاحة من أجل عدم البقاء عزابًا بعد ذلك. ويجب أن نحسن الاختيار عندما نريد العيش مع شخص آخر، ثم نستعد للعمل بجد من أجل الحفاظ على نجاح العلاقة. وربما تكون فوائد تقليل مستويات الضغوط لدينا كبيرة، ولكن تجب علينا دراسة المخاطر أيضًا.

الحقائق

هناك العديد من الأسباب التي ربما تقف وراء اختيار الناس العيش عزابًا، يعود بعضها إلى مشاعرهم الخاصة، بينما يعود بعضها الآخر إلى الظروف الخارجية:

–  الشعور بالاستياء من العلاقات السابقة؛
–  الحاجة إلى اكتشاف شكل الحياة منفردًا؛
–  الشعور بالرضا من العلاقات الأخرى، التي لا تتضمن علاقة حميمة مع شخص ما؛
–  عدم الاستعداد لبذل الجهد للبحث عن شريك حياة؛
–  الميل الشخصي إلى الرغبة في العيش منفردًا، وعدم الاضطرار إلى اتباع أي إنسان آخر.

وهناك عامل إضافي لإثارة ضغوط العيش منفردًا وتحدي البحث عن شريك في الحياة وهو وحدة الوالد/الوالدة؛ حيث لا نضطر إلى التعامل مع تحديات تربية الأطفال وحدنا بما يتضمنه ذلك من مثيرات للضغوط فحسب، بل إننا نضطر أيضًا إلى تحقيق التوازن بين الوقت والاحتياجات العاطفية وبين البحث عن شخص ما ليتواجد في حياتنا. كما يجب أن يكون هذا الشخص مستعدًّا للتواجد في علاقة لا تقتصر عليك فحسب، ويدرك أن متطلبات الطفل/الأطفال ستصاحب العلاقة.

وللأسف، فقد أدت الثقافة الشائعة والعلاج السهل إلى جعل العيش عزبًا أمرًا يسيرًا وجذابًا. حيث تُعرض عليك صور أصدقاء وهم يقيمون علاقات اجتماعية، ويجوبون المدينة، ويمارسون الرياضة. ولا يتبقى سوى مشاحنات الحفاظ على الأسرة، ودفع الفواتير، والتسوق من أجل الأساسيات، والطهي منفردًا. وربما يعطينا هذا التوجه نحو الإحساس بالراحة توقعات غير صحيحة حيال شكل حياة العزوبية، وماهية الأمور التي تزيد من شعورنا بالضغوط، إذا اعتقدنا أننا لا نعيش بالطريقة نفسها. ويتمثل أحد العناصر التي تتعرض للتجاهل كثيرًا رغم أهميتها البالغة، في نقص الدعم العاطفي الذي نتلقاه عندما نعيش عزابًا. فلا يوجد شخص في نهاية اليوم لنناقش معه ما نواجهه، ويساعدنا على مشاركة الأعباء. ومن أجل التأقلم مع حياة العزوبية، يجب أن تدرك حقائقها، والكيفية التي يمكنك التعامل من خلالها معها على نحو عملي لا خيالي.

الحلول

ظهر مجال للمنزل الافتراضي على مدار السنين في محاولة للبحث عن شركاء في الحياة من أجل الناس. ولقد انتقلت هذه الأساليب من العملية إلى السخافة، وأصبحت تستخدم من أجل أغراض هزلية. وهناك محاولات تجارية أخرى لإقامة علاقات بين الأشخاص تتسم بالجدية. ورغم ذلك، فربما نجد في الغالب أساليب للبحث عن شركاء الحياة لا تتضمن مناسبات منظمة، أو وضع الإعلانات الشخصية، أو استخدام المواقع الإلكترونية من أجل البحث عن الأشخاص:

–  ممارسة أنشطة خارجية، مثل الرياضات أو المناسبات المتعلقة بالثقافة التي تضعك على اتصال بالأشخاص الآخرين الذين يشاركونك اهتماماتك نفسها؛
–  الانضمام إلى الأندية والمجموعات الأخرى التي تتقابل على أساس منتظم؛
–  تقديم المساعدة للقضايا الخيرية التي تتضمن القيام بأنشطة مع الآخرين؛
–  التعرف على شخص ما من خلال صديق مشترك عند مقابلته لأول مرة؛
–  مقابلة الزملاء في مكان العمل، رغم أن علاقات العمل ربما تثير مجموعة من المشكلات، وهناك بعض الشركات التي تتعنت في منع العلاقات الخارجية بين الموظفين، خاصة إذا كانت بين المشرفين ومرءوسيهم.

إذا كنت تعيش عزبًا، وترى أن هذا الموقف لن يتغير في المستقبل القريب، أو لا تمتلك رغبة حقيقية في السعي وراء إقامة علاقة، فهناك العديد من الطرق لتقليل شعورك بالضغوط:

–  التأمل بشكل يومي، والنظر فيما إذا كنت تريد إقامة علاقة وتحديد سمات الشخص الذي ربما تريد إقامة علاقة معه.
–  إحاطة نفسك بمجموعة من الأصدقاء أو الأفراد الذين يهتمون بك. وفي بعض الأوقات، يستطيع نظام الدعم الجيد تزويدك بطريقة لتخفيف ما تشعر به من توتر.
–  ضع توقعات عملية حيال حياتك العاطفية، ومكانة أطفالك في تلك الحياة، وأمورك المالية، واحتياجات وظيفتك. تجنب محاولة السعي وراء المثالية، أو البحث عن الشخص المثالي؛ فلا وجود لمثل هذا الشخص.
–  تفهم مسئولياتك اليومية عن طريق تقسيم الأعمال الكبيرة إلى مشروعات صغيرة يمكن القيام بها، وسوف يساعدك هذا على تنظيم حياتك، وقد يؤدي أيضًا إلى تقليل الضغوط.
–  قم بتفويض مسئولياتك المنزلية عن طريق استئجار المساعدة أو طلب المساعدة من الأصدقاء أو أفراد العائلة مع المشروعات الكبيرة. وفي بعض الحالات، يمكنك طلب المساعدة على الطهي أو رعاية الأطفال لكي تعطي نفسك استراحة قصيرة فحسب.
–  رتب أمورك المالية.
–  مارس التدريبات الرياضية، وتناول طعامًا صحيًّا، واحصل على كفايتك من النوم.
–  ابحث عن أنشطة تخرجك من البيت وتستمتع بها.
–  تعلم كيفية قول “لا” للطلبات الخارجية التي لا تمتلك وقتًا للقيام بها.
–  ابحث عن الأشياء الجيدة في حياتك، وتوقع استمرارها ونموها مع تقدمك في الحياة.
–  ضع نظامًا يوميًّا يساعدك على التركيز على حياتك، والحفاظ على التوازن المناسب عند التعامل مع الأطفال.
–  أدب أطفالك بطريقة مناسبة، واستخدم مساعدتهم في الحفاظ على توازن حياتي جيد. وإذا كان أطفالك كبارًا بما فيه الكفاية، فإنه يجب أن يعرفوا نوعية الموقف الذي تتعامل معه، ويبدون الاستعداد للمساعدة. كن متناسقًا وواضحًا في تهذيبك للأطفال من موقف لآخر.
–  الحفاظ على وضع مهذب وعملي مع شريكك السابق في الحياة، إذا كان الأطفال قد اشتركوا في هذه العلاقة. من السهل أن تترك الانفعالات القوية للانفصال أو الطلاق تلون أحكامك نحو الشريك، ولكن هذه الانفعالات ربما تقف عائقًا أمام العثور على السلام والمضي بالحياة قدمًا. وفي بعض الحالات، ربما يتوجب عليك زيارة أحد المعالجين لمناقشة شعورك بالغضب، وكيفية تحسين علاقتك مع شريكك السابق.
–  احتفل بالأشياء التي أنجزتها وحدك، خاصة إذا كانت عناصر من حياتك كان يهتم بها شريكك السابق.
–  لا تسرع إلى أية فرصة لمقابلة شخص ما، حتى إذا كان من يقوم بتهيئة الأمور لك صديقًا موثوقًا به. اطرح الكثير من الأسئلة، وإذا لم تشعر بأن الأمر يناسبك، فتجاهله.
–  امنح نفسك وقتًا عندما لا تقوم بأي شيء؛ فليس من الضروري أن تمتلئ كل دقيقة من حياتك بأنشطة المتعة والمرح. وكلما ملأت جدولك بمواعيد هذه الأنشطة، قلت المتعة التي ربما تثيرها.