التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

أنواع الأرق وأعراضه، تعريف النوم ومراحله

علم النوم

ساعتك البيولوجية أو ساعة النوم البيولوجية عبارة عن جسمين بحجم رأس الدبوس يحتويان على نحو ٢٠٠٠٠ خلية مخية تتحكم في دورة نومك واستيقاظك، وتقع هذه “الساعة الخلوية” في غدة تحت المهاد الموجودة في المخ – تحديدًا نواة التأقلم، تمامًا فوق النقطة التي يمر بها العصب البصري. ويرسل الضوء الذي يصل إلى الشبكية في مؤخرة العين إشارات تنتقل بطول العصب البصري إلى ساعة النوم البيولوجية، ثم ترحل الإشارات إلى أجزاء مختلفة من المخ، من ضمنها الجسم الصنوبري الذي يفرز هرمون الميلاتونين، ويبدأ الميلاتونين في الزيادة حين يعم الظلام، وتتحكم أيضًا “الساعة الخلوية” في الوظائف التي تتزامن مع النوم والاستيقاظ، مثل درجة حرارة الجسم الأساسية، وإخراج البول، وإفراز هرمونات مختلفة، وتغيرات ضغط الدم.

وهناك مؤشرات (مؤقتات) خارجية مختلفة تضبط ساعة نومك البيولوجية، مثل توقيتات الوجبات، ودرجة الحرارة، لكنَّ الضوء هو أهم مؤثر ويفسر سبب أن ٧٧٪ من فاقدي البصر الذين لا يدركون الضوء يتصف إيقاع ساعتهم البيولوجية بأنه غير طبيعي ويعانون مشكلات النوم، بينما ينام هؤلاء الذين يدركون الضوء بشكل أفضل. وحين أعِطيَ فاقدو البصر ٥ مجم من الميلاتونين قبل ساعة من النوم عمل ذلك على زيادة وقت النوم وكفاءته، وقد يساعد على ضبط إيقاع الساعة البيولوجية عند بعض فاقدي البصر الخروج في الصباح الباكر دون أن يضعوا نظارات مع تعريض أذرعهم وسيقانهم إلى الضوء؛ لأن بعض الأبحاث ترجح إمكانية وجود “ساعة خلوية” في أجزاء من الجسم، علاوة على تلك الموجودة في المخ، وعلى أية حال، فللنشاط الخارجي في الصباح الباكر فائدة النشاط البدني علاوة على توفير فيتامين د طبيعي في الوقت الذي لا تكون فيه أشعة الشمس ضارة على الجلد.

مراحل النوم ووظائفها

نوم حركة العين السريعة يماثل فترة الاستيقاظ وهو الفترة المرتبطة بالأحلام التي يمكن تذكرها، ويمتد نوم حركة العين السريعة إلى نحو ٢٠ دقيقة، وتصبح أطول كلما مر الليل ببطء، ويحدث هذا النوم “النشط” كل ٩٠ دقيقة تقريبًا لدى الشخص البالغ، وأقل إلى حد ما لدى الأطفال.

ومن المعروف الآن أننا نحلم أيضًا خلال نوم الموجات البطيئة، غير أننا بشكل طبيعي لا نتذكر هذه الأحلام، نحن نحلم أيضًا خلال النهار، غير أننا عادةً ما لا ندرك ذلك؛ لأن هناك العديد من الأشياء التي تحدث، والأحلام جزء مثير من الأداء البشري، ولكن قد يكون أو لا يكون للأحلام دلالات كثيرة، ويبدو تفسير الأحلام بشكل كبير من أعمال التنجيم، إلا إذا كانت الأحلام مرتبطة بصدمة أو ضغط نفسي هائل.

وينشط نوم حركة العين السريعة مناطق المخ المستخدمة في التعلم، وذلك مهم خاصة للنمو العقلي لدى الرضع الذين تزيد فترات نوم حركة العين السريعة عندهم مقارنة بالبالغين. وتظهر الدراسات أن نوم حركة العين السريعة يؤثر في بعض أنواع التعلم؛ لأن الأشخاص المحرومين من نوم حركة العين السريعة لا يستطيعون تذكر ما تعلموه.

وتظهر دراسات أجريت على الحيوانات أن التعرض إلى بيئة جديدة وثرية يتسبب في تنشيط المخ لجين يدعى زيف – ٢٦٨ خلال فترة نوم حركة العين السريعة التالية، وينشط هذا الجين بعد نشاط زائد للمخ، ويرتبط بتعزيز التواصل بين الخلايا العصبية في أجزاء المخ المختلفة، ويقدم ذلك إثباتًا على مدى دمج المخ النائم للذكريات المشكَّلة حديثًا، على الرغم من أن هناك نقطة قد ينشأ عندها التعلم الزائد بشدة إثارة شديدة جدًّا، وربما نوم حركة عين سريعة مضطرب. ويثبط زيف – ٢٦٨ خلال نوم الموجات البطيئة، ومع ذلك، فخلال نوم الموجات البطيئة تتم إعادة تنشيط دائرة المخ (القشرة المخية الحديثة الحصينية) التي كانت ناشطة خلال الاستيقاظ والتعلم، ومن المعلوم أن في نوم حركة العين السريعة هناك دمجًا لهذه الأمور المتعلمة حديثًا في الذاكرة الدائمة.

الوظيفة المفترضة الأخرى لنوم حركة العين السريعة هي أن السائل المائي الموجود خلف قرنية العين يحتاج إلى أن يتحرك لجلب الأكسجين إلى القرنية، وحين تغلق جفون العين خلال النوم، تتباطأ هذه الحركة بصورة كبيرة ولكن حركات العين السريعة تزيد النشاط لمنع اختناق القرنية.

ويرتبط كل من نوم حركة العين السريعة ونوم الموجات البطيئة بزيادة إنتاج البروتينات، التي تمثل وحدات بناء الخلايا.

خلال مرحلتي نوم عدم حركة العين السريعة (يسمى الموجات البطيئة وموجات دلتا والنوم الهادئ أيضًا) هناك نشاط سريع ومميز لموجات المخ يعرف بمغزل النوم، وفي المرحلة الثالثة هناك موجات مخ دلتا بطيئة جدًّا وبعض نشاط للغزل، والمرحلة الرابعة كلها تقريبًا موجات دلتا، ومن الصعب عادةً إيقاظ شخص في المرحلتين الثالثة والرابعة، ويسمى هذا النوم العميق.

حالات النوم الشاذة

يعاني الذين يستيقظون مبكرًا جدًّا (الديوك) من حالة تسمى “متلازمة تبكير مرحلة النوم”، التي تعني أنهم يشعرون بالنعاس في وقت مبكر جدًّا من المساء، ونتيجة لذلك يستيقظون مبكرًا جدًّا؛ وقد يشعرون بالإحباط وهم ينتظرون الآخرين يستيقظون، ويعاني الوطاويط “متلازمة تأخير مرحلة النوم”، وهم ببساطة لا يستطيعون الخلود إلى النوم إذا ذهبوا إلى الفراش في الساعة العاشرة مساءً.

قد تستطيع كلتا الفئتين تعديل أنماط نومها؛ لكنَّ ذلك قد يستغرق عدة شهور، أو حتى سنين حتى تغير عادات النوم، وفي الغالب لن يتحول الديك إلى وطواط، في بعض الحالات تكون متلازمات النوم هذه جينية ولكن ضع في الاعتبار أن عادات أسلوب الحياة قد تكون موروثة.

هناك فئات محددة من اضطرابات النوم تدعى الخطل النومي (باراسومنياس) Parasomnia، وتشتمل على أحداث بدنية أو سلوكية غير مرغوب فيها خلال النوم، ويمكن أن تحدث اضطرابات سلوك نوم حركة العين السريعة واضطرابات نوم الموجات البطيئة لدى أشخاص أصحاء، خلال أوقات الضغط النفسي أو لدى هؤلاء الذين يعانون حالات عصبية، ولكنها غير مرتبطة بأمراض نفسية ( عقلية). يحافظ المخ على استمرار عمل القلب والتنفس ونحن نائمون، ولكنه يقلل نشاط العضلات الحركية، ويمكن أن تظهر الباراسومنياس كتمثيل بدني للأحلام والتحدث والركل واللكم والسير في أثناء النوم وحتى النشاطات المعقدة مثل ارتداء الملابس، وعادةً لا يتذكر الفرد أي شيء من هذه النشاطات بمجرد الاستيقاظ.

فرط النوم، يعني النوم الزائد، سواء في الليل أو خلال النهار، فالشخص البالغ الذي يتطلب أكثر من عشر ساعات من النوم في الليلة ينبغي أن يستشير الطبيب، ويمكن أن يكون للنوم المفرط أسباب كثيرة من ضمنها أمراض، مثل انخفاض نشاط الغدة الدرقية، والاكتئاب، وتناول أدوية مختلفة، والمعاناة العاطفية المسببة للرغبة في الهرب من خلال النوم. والخدار هو اضطراب نادر ينام خلاله الأشخاص بشكل غير مناسب، ويفقدون السيطرة على العضلات، ويحلمون خلال النهار.

أعراض الأرق

ينعم معظم البشر بالنوم وغالبًا ما تسمع أشخاصًا يقولون : “نعمت بنوم جيد”، ورغم ذلك هم لا يدركون ما النوم؛ فالنوم في الأساس هو عملية لتجديد جسمك وعقلك وربما روحك. في النهار تعتمد على أشخاص آخرين في أشياء مختلفة، ولكن في أثناء النوم تصبح مكتفيًا ذاتيًّا، وفي تلك الفترة تأخذ فترة راحة من مشكلاتك الشخصية ومشكلات العالم من حولك.

والحرمان من النوم مصيبة كبيرة؛ إذ تبدو الأفكار كأنها تتسابق حول المخ، أو كأن هناك فكرة واحدة متواصلة، ويبدو الجسم مضطربًا، وكلما زادت محاولتك للنوم زاد اضطرابك، وكلما كنت قلقًا حيال النوم وتفكر فيه وتتحدث عنه غاب عنك النوم.

وتتضمن علامات الأرق صعوبة النوم، والاستيقاظ خلال الليل، والاستيقاظ في وقت مبكر جدًّا مع عدم العودة إلى النوم، والنوم غير الكافي، ويصاحب الأرق غالبًا انخفاض في القدرات الوظيفية خلال اليوم، والشعور بالإعياء، وضعف التركيز والذاكرة، وعدم القدرة على التعامل مع مثيرات الضيق حتى إن كانت طفيفة، والافتقار العام إلى الحافز والاستمتاع.

أنواع الأرق المختلفة

فيما يلي الأنواع العامة لاضطرابات النوم:

• الأرق العابر ( المؤقت) قد يستمر لمدة أسبوع أو ما إلى ذلك، ويرتبط بتغيرات معينة، مثل شغل وظيفة جديدة أو القيام برحلة خارج البلاد.

• الأرق قصير الأمد، الذي قد يقع حين يضطرب النوم لمدة أشهر قليلة، وقد يحدث نتيجة حدث يسبب الضغط النفسي، مثل فقد الوظيفة أو الإصابة بمرض خطير.

• الأرق المزمن أو طويل الأمد، وهو مشكلة في نوعية ومدة النوم، ويستمر لمدة تتجاوز بضعة أشهر، قد يؤثر الأرق الحاد أو الممتد فيما بين ٢٠ إلى ٣٠٪ من البالغين.

• الأرق الثانوي، ويقع حينما يقل النوم نتيجة لشيء آخر، مثل الألم أو تناول دواء غير مناسب.

• الأرق الأولي، ويشتمل على اضطراب ساعة الجسم البيولوجية الخاصة بالنوم، وانقطاع التنفس في أثناء النوم sleep apnoea .

إن الإنسان يمتلك ساعة بيولوجية داخلية خاصة بالنوم تنظم دورة النوم والاستيقاظ، تقع هذه الساعة الداخلية في الجزء المسمى تحت المهاد، وهو جزء من المخ يتحكم أيضًا في الهرمونات، ودرجة حرارة الجسم، والعطش، والشهية، وتنظم الدورة الطبيعية للضوء ساعة النوم الأولية، ولكنها تتأثر أيضًا بالجينات الوراثية والعديد من العوامل البيئية والبيوكيميائية ونمط الحياة.

معنى الكلمة اللاتينية apnoea هو “بلا تنفس”، حيث يتوقف بعض الأشخاص فعليًّا عن التنفس لفترات قصيرة من الوقت في أثناء النوم، وتتضمن أعراض انقطاع التنفس في أثناء النوم الغطيط بصوت عالٍ مصحوبًا بنوبات من الاختناق واللهاث في أثناء النوم إلى جانب الإعياء في فترة النهار.

• الأرق مجهول السبب، ويعني ببساطة أن سبب الأرق غير واضح.

• الأرق الكاذب، ويقع عندما يعتقد المرء أنه يعاني الأرق، في حين أنه يحصل في الحقيقة على قسط وافر من النوم. على سبيل المثال، الشخص المسن الذي يذهب إلى الفراش في حوالي الساعة التاسعة مساءً، ويستيقظ في الساعة الرابعة صباحًا قد حصل غالبًا على قسط وافر من النوم! كما يعتقد البعض أنه ينبغي لهم أن يروحوا في النوم بعد بضع دقائق من ذهابهم إلى الفراش، بينما يعتقد البعض أنهم يستيقظون لفترات طويلة خلال الليل. وقد تعتقد أنك تستلقي على الفراش مستيقظًا لساعات في حين أن ذلك قد يكون غير حقيقي؛ لأنك لا تكون مدركًا للنوم في أثناء فترات النوم العميقة، ويمكن أن يتطور الأرق الكاذب إلى أرق حقيقي؛ لأن رسائل القلق حيال النوم ترسل إلى المخ. ومن الرسائل المهمة في هذا الكتاب أن التفكير الطويل في النوم يمكن أن يؤدي إلى الأرق.

مشكلات النوم

أعتقد أن العالم منقسم إلى أشخاص ينامون جيدًا، وآخرين لا ينامون بشكل جيد؛ والأشخاص الذين لا ينامون بشكل جيد حساسون جدًّا لأي نوع من التغيير أو الضغط، أما الأشخاص الذين ينامون بشكل جيد، فعادةً ما يستطيعون أن يناموا في أي مكان ويعرف عنهم أن بإمكانهم النوم على “فراش من الأسلاك الشائكة”! ويقال إن النساء يستوعبن “المؤثرات” البيئية أكثر من الرجال، وقد يفسر هذا سبب معاناتهن مشكلات النوم أكثر من الرجال.

حين تكون على وشك النوم قد تمر بارتجافات عضلية أو تشعر بالهبوط، ويسمى ذلك “بدايات النوم”، وتعتبر أمورًا طبيعية. وهناك اضطرابات مثل التحدث في أثناء النوم أو الغطيط المعتدل لا تتطلب علاجًا رغم أنه قد يكون لها أسباب، مثل الإجهاد أو مشكلات الجهاز التنفسي العلوي أو نمط الحياة المصحوب بعادات غير صحية.

وقد يكون الحرمان من النوم اختياريًّا؛ حيث يشتكي البعض من شعورهم بالإعياء خلال النهار، لكنهم يبقون مستيقظين إلى وقت متأخر من الليل، ربما من أجل الاستمتاع بالاسترخاء أو الحرية. وقد تتعرض عائلات بأكملها للحرمان من النوم؛ بسبب تأخر وجبة الطعام المسائية لعدة أسباب، أو بسبب ممارسة أنشطة ليلية تقهر الميل إلى النوم. والبعض الآخر قد تكون لديه مقاومة للفراش؛ الأمر الذي يعني ببساطة أنهم لا يحبون الذهاب إلى الفراش.

هناك العديد من أسباب الأرق، فعلى سبيل المثال، ربما تلائم أنماط الحياة الحديثة بعض الأشخاص، ولكنها مرهقة للبعض الآخر، وتسبب لهم التحفيز المفرط والإجهاد، ومع ذلك لا يعتبر الأرق مشكلة عصر التكنولوجيا فقط؛ فقد عانى الأشخاص في عصور ما قبل التاريخ مشكلات النوم، نتيجة المتاعب الجسدية، والجوع، والعنف، والخوف.

بحكم خبرتي في الممارسة الطبية، أجد أن معظم المصابين بالأرق يعانون طباعًا قلقة، وهذا ما أكدته الفحوصات التي تظهر أن مستويات هرمونات الغدة الكظرية لدى المصابين بالقلق المختصة بالتوتر ( الكورتيزول والأدرينالين) تميل إلى الارتفاع مقارنةً بالأشخاص الذين ينامون جيدًا. هذا ولا يمكنك تجنب الإجهاد، ولكن يمكنك تعديل الطريقة التي تتعامل بها معه، كما يمكنك تغيير طريقة تفكيرك ورد فعلك.

إذا كنت تشعر بأنك على ما يرام رغم عدم حصولك نوعًا ما على قسطٍ كافٍ من النوم، فلا تقلق بشأن ذلك، ومع ذلك إذا كان وقت النوم الخاص بك أقل بكثير من متوسط الساعات السبع، فقد تحتاج إلى إعادة النظر في تحسين عادات النوم الخاصة بك تدريجيًّا؛ لأن ذلك قد يحسن من عافيتك، ولأن الحرمان من النوم ولو لفترات صغيرة قد يسهم في متاعب صحية حين تتقدم في العمر.

النوم الطبيعي

النوم الصحي هو عملية متغيرة تتطور من مرحلة النعاس القصيرة إلى المراحل الأعمق المنشطة التي تتباطأ بها موجات المخ، وخلال مراحل نوم الموجات البطيئة هناك فترات من النوم تحدث فيها حركة سريعة للعين حين تكون موجات المخ أكثر نشاطًا، وفي هذه الفترات تحدث معظم الأحلام، وخلال نوم حركة العين السريعة يزداد معدل ضربات القلب، كأنك تفعل ما يحدث في الحلم. هذا وتمتد دورة نوم الموجات البطيئة ونوم حركة العين السريعة إلى ما بين ٩٠ و ١٢٠ دقيقة وعددها من ٤ إلى ٥ دورات كل ليلة، وكلما تقدم الليل، حدث نشاط أكثر نسبيًّا لنوم حركة العين السريعة مقارنة بفترات نوم الموجات البطيئة، وتؤثر عمليات النوم هذه في مناطق مختلفة من المخ، وفي تواصل أجزاء المخ المختلفة مع بعضها، وحين يقترب النهار تعود أدراجك إلى مراحل أخف من نوم الموجات البطيئة.

وعندما تنام يحلل مخك نشاطاتك اليومية ويؤدي واجباتك نيابة عنك؛ وفي الحقيقة لا يحتاج ذلك إلى مساعدتك الواعية، بل يحتاج إلى تعاونك في أن تتركه وحده حتى ينجز وظيفته، كما يتطلب مقدارًا مناسبًا من فترات نوم حركة العين السريعة ونوم عدم حركة العين السريعة (الموجات البطيئة) حتى تحافظ على توازنك العقلي؛ لأن فصي المخ الأيمن والأيسر يتبادلان النشاط في مراحل النوم المختلفة. وتشعر بأنك أفضل حالًا إذا نمت جيدًا؛ لأن جهازك العصبي وأعضاءك وجهازك المناعي وهرموناتك وخلايا جسمك حصلت على قسط من الراحة من التزاماتها اليومية.

أنصح بعدم الإكثار من التفكير في النوم (باستثناء العمل على تطبيق القليل من الإستراتيجيات الصحية)، وألا تحلل نوعية نومك حين تستيقظ في الصباح، بعبارة أخرى، افعل شيئًا ما غير الخوض في المشكلة.

اسأل نفسك إذا ما كنت تعاني فعلًا مشكلة في النوم، مع الوضع في الاعتبار أن حاجة الفرد إلى النوم تتفاوت بشكل كبير، وينبغي أن ينبني حكمك على كيفية نومك المعتاد؛ لأننا نصاب بالاضطراب من حين لآخر نتيجة أفراح وأتراح حياتنا اليومية. وربما يكون الأرق الذي تعانيه أثرًا ثانويًّا لإحدى المشكلات الأخرى، مثل الألم، وفي هذه الحالة يجب إيجاد السبب ومعالجته.

ضع تقييمًا لأفضل علاج للأرق الذي تعانيه، وربما تتضمن الخيارات المتاحة لك ممارسة التمارين خارج المنزل تحت أشعة الشمس في الصباح الباكر، أو العلاج العطرى، أو شريط الاسترخاء، أو أقراص الماغنسيوم، أو العقاقير التجانسية أو عقّارًا عشبيًّا.

بالنسبة إلى العديد من المصابين بالأرق، ليس هناك سبب واحد ، ولهذا السبب أنصح بتجربة بعض الإستراتيجيات (لنقل من إستراتجيتين إلى ثلاث إستراتيجيات) في بعض الأحيان. أما إذا جربت عددًا كبيرًا من الإستراتيجيات والعقاقير في وقت واحد، فقد يزيد هذا من الاستثارة والإجهاد.

بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون أرقًا طويل الأمد، فإن علاجي المبدئي يتضمن ما أطلق عليه ” العلاج بالتسلية”. لا تحاول بقسوة شديدة؛ لأن ذلك يعطي مخك رسائل نوم متعددة من شأنها أن تتسبب في مزيد من الانزعاج حول النوم. تذكر، النوم غريزي وليس عملية عقلية، والهدف الأولي من حياة البشر هو الاستمتاع بها!

وغالبًا ما ينصح المصابون بالأرق بعدم النوم أو الحصول على قيلولة في أثناء ساعات النهار، ومع ذلك في بعض حالات الحرمان من النوم، قد تؤدي القيلولة لفترة قصيرة إلى تحسين الصحة والحد من فرص الإصابة بأمراض القلب وتحسن القدرة على التعلم. وينبغي أن تكون القيلولة أقل من ٣٠ دقيقة لتجنب الاستيقاظ من النوم العميق، ومن ثَمَّ عدم التنبه بما فيه الكفاية لاتخاذ تدابير الأمان في أثناء العمل. وغالبًا ما يستفيد عمال الورديات من فترات القيلولة القصيرة في العمل (رغم أني أشك في أن هذا خيار يتيحه معظم أرباب العمل)، كما يمكن أن تفيد القيلولة أيضًا الأمهات ومقدمي الرعاية الذين يعانون فترات نوم متقطعة في أثناء الليل.

تجنب الحديث عن معاناتك من الأرق (باستثناء الحديث إلى الطبيب المعالج)؛ لأن ذلك لن يعطي رسائل أرق إلى عقلك فحسب، ولكنه قد يتسبب في حدوث مشكلة للأشخاص الآخرين أو يعرضك للنصائح المربكة والمزعجة من الأشخاص الذين ينامون جيدًا. وأنا متأكدة من أنك تعرف أشخاصًا يشربون القهوة في وقت متأخر من الليل ويفعلون كل الأمور الخطأ، ومع ذلك ينامون بشكل رائع، في حين أن رائحة القهوة الخفيفة قد تبقي المصاب بالأرق مستيقظًا حتى الرابعة صباحًا.

وجدير بالذكر أن التوصل إلى أسباب مشكلات النوم والتخلص منها نادرًا ما يكون مسألة بسيطة؛ لأنها قد ترجع إلى عدد من الأسباب وليس لسبب واحد. فالأشخاص الحساسون للضوضاء والضوء ودرجة الحرارة قد تتصف أيضًا ردود أفعالهم نحو ضغوط العمل والعلاقات الاجتماعية بالمبالغة، علاوة على أن الأرق يقلل النشاط الانفعالي والعقلي.

وبالنسبة إلى جميع المتاعب الصحية، إذا لم تكلل جهودك الخاصة بالنجاح، فاستشر الطبيب. إن هذا الكتاب يناقش استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب والحبوب المنومة؛ لأننا نريد أن نقدم لك أسلوبًا متكاملًا لمشكلة مستعصية. يجب أن تستخدم الحبوب المنومة كآخر الحلول ولفترات قصيرة في حالات الإجهاد الزائد والحزن والصدمة.

إذا كنت تعاني مشكلة صحية، فافعل شيئًا حيالها الآن؛ لأنها قد لا تزول من تلقاء نفسها، وربما تسوء إلى حد كبير. سوف يلهمك هذا الكتاب ويمدك بالمعلومات ويرشدك، ويمكنك أن تثق بنصائحه؛ حيث إنه يعتمد على معرفة متراكمة لاثنتين من المتخصصين المشهورين جدًّا وأصحاب مكانة مرموقة وخبرة عريضة في مجال الممارسة العلاجية

الخلاصة

هناك العديد من المجموعات الفرعية للأرق يصاب بها المرء نتيجة العديد من الأسباب، وقد يفسر ذلك سبب عدم نجاح بعض العلاجات بالنسبة لأفراد معينين.

قد تعتقد أنه من المزعج جدًّا أن تغير عاداتك، وأن وضع نظام محدد للنوم والاستيقاظ سيمثل أمرًا ثقيل الوطأة طيلة الحياة، ومع ذلك يجد العديد من الأشخاص أنهم بمجرد أن يضعوا نمط نوم معقولًا فسيتنامى تأثيره، وأن النوم الصحي يتيح للمخ تنظيم الأداء الوظيفي للجسم بأكمله، بحيث يمكنه التعامل تمامًا مع حلو الحياة ومرها في كل يوم.

إن قضاء ساعات في الفراش محاولًا النوم، أو البقاء في الفراش ساعات بعد الاستيقاظ قد يسبب خللًا في الساعة البيولوجية ويرسل رسالة إلى مخك مفادها أن الفراش للقلق والتكاسل بدلًا من كونه للنوم.

وتنشئ التناقضات داخل عقلك حالة من عدم الاتساق، لذا لا تستمر في قول إنك سوف تفعل أو لن تفعل شيئًا دون أن تتخذ أي إجراء؛ لأنك تكون أفضل حالًا وأنت تستمتع بحياتك بدلًا من لوم نفسك أو الشعور بالتقصير.

إذ إن “القول” دون “العمل” ينشئ حالة من عدم الاتساق لذا داخل نفسك. قد ترغب في البقاء لوقت متأخر من الليل تشاهد التليفزيون ولكنك تشعر بأن هذا يضر بصحتك؛ أو أن عملك والتزاماتك الأسرية تتطلب الاستيقاظ مبكرًا ومن ثم تشعر بالانزعاج أو الذنب طوال النهار، ولكن حين يأتي الليل تشعر بأنك جيد وتقاوم الفراش، وذلك لأن عقلك قد ربط الشعور الجيد بالوقت المتأخر من الليل، وقد يكون الحل هو إيجاد وظيفة تتيح لك أن تبدأ في وقت متأخر من الصباح، ولكن معظم أرباب العمل ليسوا بهذه المرونة وهذا النظام قد يكون غريبًا بالنسبة لنظام عائلتك. وربما تجد حلًّا وسطًا عن طريق تناول منبهات أقل بعد العشاء، والاستيقاظ مبكرًا إلى حد ما، وتدريجيًّا تذهب إلى الفراش مبكرًا إلى حد ما. وهناك نظرية أخرى مفادها أنك إذا ذهبت إلى الفراش في وقت متأخر، فسيجعلك ذلك متعبًا جدًّا حتى إنك في النهاية ستذهب إلى الفراش في وقت مبكر – ولكن في غضون ذلك ستكون محرومًا بشدة من النوم.

لا يمتلك العديد من الأشخاص خيار الانضمام إلى الأشخاص الليليين، هناك كثير منهم في برامج المناقشة في المذياع وفي النوادي والفنادق – وعمال الورديات.