التصنيفات
رشاقة ورياضة | برامج حمية | نظام غذائي

تحسين عملية الهضم – التغذية ج17

كما الحال بالنسبة إلى سائر الحيوانات، فنحن نمضي حياتنا البدنية بتصنيع المادة العضوية لإهدارها. إن مستوى الصحة الجيدة التي سنتمتع بها يحددها مستوى الطاقة، طول العمر ووضع الجسد والعقل. إن وجود نقص في المغذيات ونوع خاطئ من الطعام قد يعني نقص في الهضم، والامتصاص، وتفاعلات غير طبيعية في الأمعاء من ضمنها الانتفاخ والالتهاب، التهابات الأمعاء وإخراج ضعيف للفضلات من البدن. والآثار التي تتصادم تحدث اختلالاً في كل أجهزة البدن – المناعة، جهازي الدماغ والأعصاب، توازن الهرمونات والقدرة على التخلص من السموم.

حامض المعدة – التوازن الصحيح

إن عملية الهضم تبدأ من الحواس. فمنظر الطعام ورائحته ينشئان استجابات كيميائية تجعلنا مهيئين لاستيعاب الطعام وهضمه. والمضغ هو عملية مهمة خاصة لأن الرسائل تبعث إلى الجهاز الهضمي لتحضير إفرازات مختلفة من الأنزيمات وفقاً لما هو موجود في الفم.

ثم يمر الطعام إلى داخل المعدة، حيث يتم تحويل البروتينات الهائلة إلى فئات صغيرة من الأحماض الأمينية. الخطوة الأولى في هضم البروتين تتم بواسطة حامض الكلور المائي الذي يطلق من جدار المعدة المعتمد على الزنك. إن إنتاج حامض كلور الماء غالباً ما يهبط مع تقدم العمر، كما الحال بالنسبة إلى مستويات الزنك. والنتيجة هي عسر في الهضم، يبرز خصوصاً بعد تناول وجبات طعام غنية بالبروتينات، واحتمال نشوء حساسية من الطعام لأن الذرات الكبيرة غير المهضومة قد تثير استجابات شديدة الحساسية في الأمعاء الدقيقة.

إن الحل الغذائي في حال وجود القليل من حامض المعدة هو أخذ مكمل هضمي يحتوي على كلور ماء البيتايين، بالإضافة إلى 15 ملغ من الزنك على الأقل بشكل سهل الامتصاص كسيترات الزنك. ومع ذلك، فإن بعض الأشخاص ينتجون الكثير من حامض المعدة، وهو السبب المحتمل «لحموضة المعدة» الذي يؤدي إلى عسر هضم وإحساس بالحرقة. هذا الأمر عادة يتم تصحيحه من خلال تجنب الأطعمة والمشروبات المكونة للحامض والمثيرة أو المحرقة؛ فالقهوة، الشاي والأسبرين كلها تثير جدار الأمعاء. أما اللحم، السمك، البيض والبروتينات المركزة الأخرى فهي تثير إنتاج الحامض ويمكن أن تفاقم الحموضة الزائدة. بالنسبة إلى المعادن كالكالسيوم والمغنيزيوم فهي قلوية بشكل خاص ومن شأنها أن تهدئ من المفعول لدى الأشخاص الذين يعانون من حموضة مفرطة.

الأنزيمات الهضمية

تقوم المعدة أيضاً بإنتاج مجموعة من الأنزيمات التي تدعى جميعها خميرة البروتين، وذلك بهدف تحويل البروتينات وتحطيمها. ويستمر هضم البروتين في الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة، المعي الاثنا عشري الذي يوجد بداخله فيض من الأنزيمات الهضمية الناشئة في البنكرياس والكبد. يعتبر البنكرياس العضو الأولي الأساسي للهضم، وهناك خلايا خاصة فيه تقوم بإنتاج الأنزيمات من أجل تحويل الكربوهيدرات، الدهون والبروتينات. هذه الأنزيمات تسمى الخميرة النشوية، خميرة هضم الشحوم ومرة أخرى خميرة البروتين. هناك أيضاً العديد من الأنواع المختلفة.

إن إنتاج الأنزيمات الهضمية يتوقف على العديد من المغذيات الصغيرة، وخصوصاً الفيتامين B6. والتغذية دون المثلى غالباً ما تسبب هضماً دون الأمثل، يؤدي بدوره إلى إحداث امتصاص غير كامل بحيث أن كمية التغذية تزداد سوءاً. والنتيجة هي طعام غير مهضوم في الأمعاء الدقيقة، مما يحض على توالد النوع السيء من البكتيريا وكائنات صغيرة أخرى، ويمكن أن تتضمن الأعراض كثرة الريح، آلام في البطن وانتفاخ.

إن أسهل طريقة لتصحيح هذا النوع من المشاكل هي أخذ مضاف من أنزيم هضمي متعدد مع كل وجبة طعام. إن ذلك قد يحدث تغييراً فورياً. يمكنك اختبار آثار هذه المكملات الأنزيمية من خلال وضعها وتحريكها داخل العصيدة الكثيفة المكونة من الشوفان والماء. إذا كان المزيج جيداً، تصبح العصيدة سائلة خلال 30 دقيقة. علماً أنه لا ضرر من أخذ أنزيمات هضمية على أساس مستمر، وتصحيح مستوياتها مع مكملات تمهد الطريق لرفع مستويات المغذيات في الجسم. متى ما تم بلوغ ذلك فإن عملية الهضم تتحسن غالباً من تلقاء ذاتها وقد تكون المكملات ضرورية بعد ذلك.

قبل أن يتم هضم الدهون يجب أن تكون هذه الأخيرة مهيأة بصورة خاصة. وهذا يتم من خلال مادة تدعى الصفراء، تنتج في الكبد وتخزن في كيس المرارة. وتحتوي الصفراء على المحيّن Lecithin الذي يساعد على استحلاب ذرات الدهون الضخمة وتحويلها إلى ذرات صغيرة جداً مع مساحة خارجية أكبر لأنزيم ليباز المفرّق للدهون حتى يعمل. إن إضافة المحيّن على شكل حبيبات أو أدوية يحسن الاستحلاب ويمكن أن يساعد الأشخاص الذين يعانون من ضعف تحمل للدهون – أي شخص مثلاً قد خضع لإزالة كيس المرارة لا يمكنه بسبب ذلك تخزين الصفراء.

استجابات المصران أو المعي

في حين أن عسر الهضم قد يكون سببه نقص أو إفراط في حامض المعدة، أو نقص في الأنزيمات الهضمية، فإن هذه لا تشكل الاحتمالات الوحيدة. إن العديد من الأطعمة التي نتناولها تثير وتضر بنقطة الإلتقاء الشديدة الحساسية والبالغة الأهمية مع العالم الداخلي. مثال على هذا النوع من الطعام هو القمح، الذي يحتوي على بروتين يسمى غلوتان وغليادين، وهو مثير معوي معروف. يمكن تحمل كمية صغيرة منه، إلا أن معظم الأشخاص في بريطانيا يستهلكون القمح على شكل بسكويت، توست أو خبز محمص، حبوب، كاتو، معجنات ومعكرونة على الأقل ثلاث مرات يومياً. إن القمح الحديث هو غني جداً بالغروية، وخبزه بالفرن يزيد من قدرته على التفاعل مع جدار المصران. في حال الحساسية الشديدة من الغروية، فإن النتوءات الشعرية الرقيقة والصغيرة التي تكون الأمعاء الدقيقة تخرج مجهدة تماماً. بالنسبة إلى الأشخاص المصابين بحساسية من الغروية فإن كل الأطعمة التي تحتوي على هذه المادة ينبغي تجنبها. تعتبر أطعمة الأرز، الذرة، القنوا والحنطة السوداء جيدة كونها خالية كلها من الغروية.

الأنزيمات الهضمية

التهابات المصران

إن أفضل طريقة للإصابة بالتهاب الأمعاء هي تناول الكثير من السكر، المعاناة من عسر هضم والحصول على سلسلة منتظمة من المضادات الحيوية. هناك حوالى 300 سلالة مختلفة من البكتيريا في المصران، وغالبيتها أساسي. فهي تحمينا من البكتيريا أو الجراثيم المؤذية، الفيروسات والكائنات الخطرة الأخرى. إن المضادات الحيوية تزيل كل البكتيريا الموجودة في الجسم، وهذا أمر جيد وسيء في الوقت نفسه، ومن الأفضل عدم تناولها إلا عند الضرورة القصوى. إذا كان المصران يحتوي على النوع السيء من البكتيريا، أو ربما فيه نمو زائد لكائن عضوي شبيه بالخميرة يسمى المبيّضات البيض، فإن اتباع نظام غذائي غني بالسكر، يشمل الفاكهة، بإمكانه أن يجعل المشكلة تتفاقم. إن الشعور بالتسمم، النعاس والانتفاخ بعد استهلاك السكر هي دلائل جيدة حول خلل بالطاقة. بنفس الطريقة التي خلالها تخمر الخميرة السكر إلى كحول، من الممكن التحقق من وجود كائنات شبيهة بالخميرة وذلك من خلال فحص الدم، تناول السكر ومن ثم فحص الدم مجدداً للتحقق من وجود الكحول.

لقد أثبت عدد من الأدوية الطبيعية الفعالة أنها تساعد خلال التهابات المصران. إن حامض كبريليك الزنك، المستخرج من جوز الهند، يعتبر مضاداً فطرياً. أما خلاصة بذور الكريب فروت، التي تؤخذ كقطرات في الماء، هي مضادة فطرية، مضادة للجراثيم وللبكتيريا لكنها لا تتلف كل السلالات الأساسية من البكتيريا. لذلك، يفضل عدم تناولها مع وجبات الطعام. هناك استراتيجية أخرى، تسمى Probiotics، تهدف إلى تحسين عدد وقوة البكتيريا المفيدة في المصران. وهذا من السهل إنجازه من خلال أنواع مقتصرة من المضافات (مدة شهر واحد). بما أن البكتيريا رقيقة من الأفضل اختيار منتج عالي النوعية يحتوي على أصباغ حمضية Acidophilus وبكتيريا بيفيدوس. بعض مضافات Probiotic تنشأ من السلالات التي تجري في المصران، أمثال Acidophilus Salivarius وBifidus Infantis.

الوقاية من ريح البطن والإمساك

إن عسر الهضم يسبب الريح، كما الحال عند تناول أطعمة تحتوي على كربوهيدرات عسيرة الهضم. وهذه الكربوهيدرات توجد بشكل خاص في الفاصوليا والخضار. يقوم أنزيم Alpha-Galactosidase بتحويل هذه الكربوهيدرات العسيرة الهضم والتقليل من النفخة والريح، وهو متوفر كمضاف غذائي.

أما الإمساك فله أسباب كثيرة، وأكثرها شيوعاً هي مسألة عسر البراز. إن الأطعمة الطبيعية تبقى لينة في الجهاز الهضمي لأنها تحتوي على ألياف تمتص الماء وتتمدد. فالفاكهة والخضار تحتوي على كمية كبيرة من الماء طبيعياً. وعلى شرط أن يتم تحضيرها كما يجب، فإن الحبوب الكاملة كالشوفان والأزر تمتص الماء وتوفر جزءاً رطباً ليناً للجهاز الهضمي. أما الجبنة، البيض، اللحوم، الحبوب المكررة والقمح فكلها تسبب الإمساك (بسبب محتواها من الغروية). في حين أنه ليس من الضروري إضافة الألياف، فإن ألياف الشوفان لها فوائد خاصة حيث تبين أنها تساعد على إزالة الكولسترول الزائد وإبطاء كمية الكربوهيدرات المأخوذة، بالإضافة إلى الحماية من الإمساك. إنها موجودة بصورة طبيعية في الشوفان الذي يفضل نقعه وأكله بارداً.

بعض الأطعمة والمغذيات توفر مفعولاً ليناً مسهلاً، وهي تتضمن بزر الكتان الذي يمكن طحنه ورشه فوق الطعام، الإجاص، والفيتامين C بكميات توازي عدة غرامات. لكن غالبية المسهلات، حتى الطبيعية منها، هي مثيرات معدية معوية، وعلى الرغم من عملها فهي لا تحل القضية الأساسية. هناك نوع جديد من المسهلات وهو Fructo Oligosaccharides، متوفر على شكل مسحوق بودرة، وهو كربوهيدرات مركبة يساعد على المحافظة على الرطوبة في المصران كما أنه يثير إنتاج بكتيريا حامض اللبن الصحية. على الرغم من أن النتائج ليست سريعة حقاً، إلا أن هذه هي طريقة محبذة كثيراً لمعالجة الإمساك. إن تناول الكثير من الفاكهة، والخضار والحبوب الكاملة، إضافة إلى شرب الكثير من الماء، هو أمر أساسي أيضاً.

بالنسبة إلى بعض الأشخاص فإن الإمساك الطويل الأمد قد يسبب إنسدادات بدنية وانتفاخ الأمعاء وتمددها. إن التغييرات الغذائية تساعد في هذه الحالة لكنها ليست دائماً كافية لإفراغ الجهاز الهضمي. إن تناول مزيج من ألياف معينة، كقشر الزباد Psyllium Husks، ألياف الشمندر، ألياف الشوفان والأعشاب، يساعد في ارخاء المادة البرازية السابقة. وتتوفر هذه عن طريق وصفات القولون المطهرة، والمكونة من مساحيق البودرة والكبسولات المعدّة لتؤخذ لفترة زمنية تتراوح ما بين شهر وثلاثة أشهر. هناك علاج آخر مساعد هو العلاج الخاص بالقولون: يمر الماء إلى داخل المصران من خلال حقنة شرجية تحت الضغط وهذا يساعد، إلى جانب تدليك البطن، على إطلاق وإزالة المادة، البرازية السابقة. إن التمرين الذي يحرك منطقة البطن يساعد أيضاً على تحسين عملية الهضم، كما الحال مع تمارين التنفس التي تريح البطن. إنها رد فعل طبيعي للجسم للتوقف عن الهضم في حالات الإجهاد.

إن تحسين الهضم هو ركن الصحة الجيدة، حيث تتحسن مستويات الطاقة، وتصبح البشرة أنعم وأنقى، تقل روائح الجسد ويقوى جهاز المناعة. والحيلة تقضي بالعمل من القمة نزولاً، أولاً من خلال تأمين هضم سليم، ثم امتصاص سليم وأخيراً إخراج صحيح. إذا كنت تعاني من أي صعوبات هضمية معينة، فإن أفضل شخص تقابله هو استشاري التغذية. مع طرق الفحص المتداولة والتقدم الحديث في العلاجات الطبيعية فإن معظم المشاكل الهضمية يمكن حلها بسهولة نسبية وبكلفة قليلة، ومن دون الحاجة إلى اختبارات أو علاج سار.

اسأل طبيب مجاناً