التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

تغيير الذات والاستجابة للضغوط

ربما تؤدي المشاعر والأفكار التي تدور بداخلنا وكيفية استخدامنا إياها في الاستجابة للمواقف المثيرة للضغوط إلى تفاقم الأمور في كثير من الأحيان. ولذلك، يجب علينا أن نتعلم تغيير مشاعرنا الداخلية واستجاباتنا الانعكاسية نحو الضغوط من أجل التسامي على مثيرات الضغوط. وربما يكون تغيير أي شيء في حياتك أمرًا صعبًا، ولكنه عملية مهمة من أجل التكيف مع الحياة الحديثة والضغوط التي تثيرها, وربما يعني التغيير الفرق بين التعامل مع الضغوط بشكل مناسب أو الاستسلام لها.

التحدي

قليلون هم الأشخاص الذين يعتقدون أنهم مثاليون. وهذا يحدث لأنه ليس هناك من هو كذلك بالفعل؛ فكل واحد منا يحمل الكثير من النظريات والعادات التي تساعده على تقرير استجاباته نحو الضغوط التي تحيط به، والتي يحصل عليها في وقت مبكر في طفولته، وربما يكون من الصعب تغييرها. ولكن، ربما يكون تغيير المرء ذاته، مع التحلي بالصدق تجاه طبيعته، ذا قيمة كبيرة في التعامل مع عالم سريع التغير. وفي الوقت نفسه، ربما يؤثر تغيير الذات هذا على كيفية الاستجابة نحو الضغوط. فربما تبدأ في اللجوء إلى القبول والأفكار البناءة بدلًا من الغضب والإحباط. وربما تغير توجهاتك فيما يتعلق بمثيرات الضغوط التي تأتيك من العمل، ومن أفراد الأسرة، ومن حياتك الاجتماعية. ويتمثل التحدي في إدراك أهمية تغيير الذات واستجاباتك، وكيفية القيام بذلك دون التسبب في حدوث المزيد من الضغوط، وتحديد الكيفية التي يمكن أن تصبح هذه التغيرات من خلالها أكثر قدرة في مساعدتك على التعامل مع التحديات التي تواجهك. ويجب ألا تخشى أبدًا مراجعة نفسك وتغييرها وقت الضرورة, ويمثل التغيير الشيء الوحيد المستمر في الحياة، ويجب عليك أن تتبنى العملية وتجعلها تفعل لك المعجزات.

الحقائق

قبل أن يمكنك البدء في تغيير ذاتك واستجاباتك نحو الضغوط، يجب عليك أن تعرف أنماطك السلوكية. ويتطلب هذا القيام بعملية استبطان صادقة، مع مساعدة أحد المعالجين في بعض الأحيان. ويجب أن تتضمن هذه العملية هذه الأسئلة:

–  هل أقبل الأمور على ماهيتها أم أنني أشعر بالانزعاج؟
–  هل أتشبث بالشعور بالغضب، وأتركه يفسد عليَّ يومي كله؟
–  هل أصطحب مشكلات العمل معي إلى المنزل؟
–  هل أصطحب حياتي الشخصية معي إلى العمل؟
–  هل أشعر بالانفصال بشكل عام عن حياتي؟
–  هل أعاني متاعب جسدية أو قلة النوم؟

من أجل التعامل مع حياتنا والضغوط التي نشعر بها غالبًا ما نلجأ إلى تعاطي المواد الإدمانية، التي تعد الكحوليات أكثرها بروزًا. ويجب علينا أن نلقي نظرة جادة على عاداتنا الحياتية والكيفية التي يجب علينا اتباعها في الاستجابة لها، عندما نجد أن الضغوط أو إدراكنا الضغوط يتسبب في لجوئنا إلى الإدمان.

وربما تكون هناك تعريفات عديدة للضغوط، ولكن أحد أكثر التعريفات شيوعًا هو التوتر، سواء المعرفي أو الجسدي، والذي يحدث عندما نواجه اختلال التوازن بين التوقعات الظرفية والموارد الملموسة المتوافرة, ونشعر بالضغوط بسبب العلاقة بين الطلبات المفروضة علينا وما نمتلكه من وقت، وطاقة، وموارد من أجل تلبية الطلبات أو التغلب على الطلبات بشكل ناجح.

الحلول

غالبًا ما يتسبب إدراكنا الطلبات المفروضة علينا في إحدى دائرتين شائعتين:

–  دائرة “أنا أستطيع” التي تنشأ عندما ننظر إلى الموقف، ونحكم عليه بأنه مقبول، ولا يثير التهديد، ويقع تحت سيطرتنا إلى أكبر درجة ممكنة.
–  إذا أدى تقييمك الموقف إلى “أنا لا أستطيع”، فإن هذا يثير دائرة مختلفة تمامًا؛ حيث نرى الموقف الماثل أمامنا بطريقة سلبية، ونركز على الصفات السلبية في المهمة بدلًا من الاحتمالات الحقيقية لتحقيق النجاح. ويثير هذا بدوره الاستجابة الجسدية للجانب السلبي؛ مما قد يتسبب في حدوث مشكلات صحية.

ربما تكون تقييماتنا شخصية للغاية، وربما تحدث بشكل تلقائي دون مراعاة التفكير بطريقة انتقادية. وربما يتسبب هذا التأثير في حدوث تأثير متتالٍ على استجاباتنا, وربما تتسبب هذه المشاعر السلبية في تعرضنا لقدر كبير من الضغوط. وها هي ذي بعض الأفكار من أجل تجنب هذه المشاعر السلبية، وتغيير استجاباتك نحوها:

–  فكر في كيفية تأثير تقييمك الشخصي للمواقف على أفكارك وحالتك الجسدية على الفور.
–  انظر إلى الضغوط على أنها أمور مثيرة للتحدي، وليست موهنة.
–  ضع في الاعتبار كم الآلام الجسدية – مثل أوجاع العضلات، أو اضطرابات الهضم، أو الصداع – التي ترتبط بأفكارك السلبية. جرِّب تحسين تقييمك للضغوط واستجاباتك قبل أن تضطر إلى اللجوء إلى أدوية الآلام أو الأدوية الأخرى.
–  لا يمكنك أن تعيش حياة خالية من الضغوط، ولكن يمكنك أن تغير طريقة تفكيرك حيال المتطلبات التي توضع على عاتقك، وتعمل على تعزيز توجهك التفاؤلي. ويمكن أن تساعدك وجهة النظر الإيجابية هذه على الشعور بمزيد من النشاط والإبداع اللذين يؤديان إلى النجاح.
–  خطط لأوقات الراحة والمتعة بالطريقة نفسها التي تتعامل بها مع العمل أو التوقعات الاجتماعية. لا تجعل هذا الوقت يأتي بعد فوات الأوان؛ فالعثور على وقت من أجل الابتعاد عن الأشياء المرهقة والاستمتاع ربما تكون طرقًا رائعة للوقاية من الضغوط ومساعدتك على الحفاظ على وجهة نظر إيجابية.

ومن أجل تغيير نفسك واستجاباتك نحو الضغوط، فكر في الكلمات الأربع التالية التي تبدأ في اللغة الإنجليزية بحرف A: avoid (تجنب)، أو alter (تغير)، أو accept (تقبل)، أو adapt (تكيف).

يمكن تجنب الكثير من الضغوط غير الضرورية عن طريق:

–  التحكم في بيئتك المحيطة. ابحث عن طريقة مختلفة من أجل الوصول إلى العمل، بما في ذلك ركوب المواصلات العامة. وفر بعض الوقت في الغداء، عن طريق أخذ غداء محفوظ، وتناوله على مكتبك.
–  تجنب الأشخاص الذين يضايقونك. إذا كان هناك شخص يثير حنقك، فعليك أن تتجنب الجلوس بجانبه في الاجتماعات وفي المكاتب المشتركة.
–  قل “لا”. من المهم أن تعرف الوقت والكيفية المناسبين لقول “لا” للأعمال التي لا يمكنك القيام بها بشكل منطقي.
–  توقف عن متابعة الأخبار، بما في ذلك الصحف والراديو والتلفاز، إذا كنت تشعر بأن حالة العالم من حولك تجعلك تشعر بالاكتئاب أو الضغوط.
–  رتب قائمة الأمور الواجبة حسب الأولوية، وتخلص من العناصر الأقل أهمية والتي لا تملك وقتًا للقيام بها.

أجر استبيانًا خلال أوقات الضغوط، ثم ابحث عن طرق من أجل تغيير موقفك؛ بحيث يمكن أن تسير الأمور بشكل أفضل في المستقبل:

–  كن صادقًا وأبدِ الاحترام للآخرين، من خلال مطالبتهم بتغيير سلوكياتهم، وكن مستعدًّا للقيام بالمثل.
–  عبر عما تشعر به بصراحة من خلال استخدام عبارات تبدأ باستخدام ضمير المتكلم “أنا”.
–  لا تخش التعرض للمخاطر؛ فربما يتسبب الكسل في توترات أكثر من ارتكاب الأخطاء.
–  تدرب على ممارسة الأساليب الجيدة في إدارة الوقت.
–  ضع حدودًا مسبقة للأمور التي يمكنك القيام بها، ثم التزم بها.

في بعض الأوقات، يجب عليك أن تتقبل الأشياء التي تجبرك الحياة على التعامل معها، ولكن لا يزال بإمكانك التأقلم عن طريق:

–  التحدث مع شخص تثق به في مكتبك أو حياتك الاجتماعية.
–  الصفح عن شخص جعلك تشعر بالغضب. أطلق سراح الأمور السلبية، وسوف تشعر بإحساس أفضل.
–  تذكر الابتسام طوال اليوم، ولا تجلس على مكتبك وأنت عابس أمام جهاز الكمبيوتر الخاص بك.
–  تدرب على إجراء الحوار الذاتي الإيجابي، ولا تعذب نفسك. وتجنب التفكير بطريقة “أنا فظيع في هذا”، واستبدل بها التفكير بطريقة “إنني أواجه مشكلة مؤقتة في هذا”.
–  تعلم من أخطائك؛ فنحن غالبًا ما نتعلم أكثر من خلال الأشياء التي ربما قمنا بها بطريقة غير صحيحة، وربما لا نكرر الخطأ.
–  انظر إلى الضغوط على أنها فرصة لتحفيزك، واستمرارك في العمل على مشروع معين، مادمت تستخدمها بطريقة معتدلة.

إذا كنت ترى أنك لا تستطيع التأقلم مع أحد المواقف المثيرة للضغوط، فربما يكون الوقت قد حان لكي تقوم بتكييف معاييرك أو توقعاتك، وربما تكون هذه هي أكثر الطرق نفعًا في مقاومة الضغوط, وتتضمن هذه التكييفات:

–  تكييف معاييرك، وإعادة تعريف النظافة، والنجاح، والمثالية.
–  التدرب على التوقف عن التفكير من أجل إيقاف الأفكار الكئيبة على الفور. دع الموقف المثير للضغوط يمضِ, ولا تحبس نفسك فيه.
–  جرب النظر إلى موقفك من خلال نقطة مرجعية جديدة. عليك أن تلجأ للشعور بالفرصة بدلًا من الإحباط.
–  اكتب الأشياء التي تجلب لك المتعة في حياتك، ثم راجع هذه القائمة عندما تشعر بالضغوط.
–  استخدم الفكاهة والخيال للتخفيف من حدة يوم مثير للضغوط؛ فدائمًا ما يكون هناك شيء يمكنك الضحك منه.
–  التركيز على الصورة الكبيرة. فكر فيما إذا كنت ستهتم بالموقف المثير للضغوط بعد عام، أم لا. عادة ما ستكون الإجابة هي “لا”؛ مما يمكن أن يجعلك تشعر بإحساس أفضل نحو الأمر المثير للضغوط.

اسأل طبيب مجاناً