التصنيفات
الطب البديل والتكميلي

التأمل للتغلب على الرغبة في تناول الطعام

الطعام… الطعام… الطعام. أنا أفكر فى الطعام كثيرا، وحينما أفكر فى الحلوى التى أحبها جدا، فجأة، لا أستطيع أن أبعد التفكير فى الحلوى والشيكولاتة عن رأسى، وتظل هذه الأفكار تجوب عقلى مثل الدوامة.والتأمل meditation هو الشىء الوحيد الذى ساعدنى على السيطرة على عقلى فيما يخص الطعام.

ربما حاولت جاهدا أن تبعد التفكير فى كعكة الجبن الموجودة داخل الثلاجة عن عقلك؛ ربما حاولت تجاهلها، أو حاولت التظاهر بأنك لا تفكر فيها، أو ناشدت نفسك عدم التفكير فيها، أو حاولت إقناع نفسك بأنك لا تريدها. لكن إبعاد التفكير فى الطعام عن عقلك، ليس بالمهمة السهلة.

الخبر السار هو أنه يمكن للتأمل أن يساعدك على تفريغ عقلك، حتى وإن كان مليئا بالأفكار المتعلقة بالطعام. يساعدك التأمل على النظر بعمق إلى الأسباب التى أدت لرغبتك فى تناول الطعام، فهو يجعل عقلك يبدو كأنه بحيرة راكدة. عندما يكون عقلك هادئا ورائقا، يمكنك أن ترى ماذا يوجد فى قاعه، وعندما يكون مليئا بالعواطف المضطربة المؤلمة، يصبح من الصعب أن ترى ماذا يوجد تحت السطح، أو ماذا يسبب هذه الاضطراب.

يبدو التأمل كأنه شىء مصطنع، أو آخر بدعة فى العصر الحديث. لكنه ليس كذلك، فعمره ألف سنة، وهو ببساطة طريقة لتهدئة نفسك عن طريق مساعدتك على تنظيم الاستجابة الهجومية لجسدك. تنتج ردود الفعل النفسية هذه عندما تشعر بالتوتر. يتأهب جسدك للقتال أو للفرار، الأمر الذى يزيد من سرعة ضربات قلبك ومعدل تدفق الأدرينالين، ويعطل عملية الهضم، ويضيق الأوعية الدموية، ويزيد من سرعة تنفسك. يقلل التأمل من ردود الفعل هذه، بإنتاج المضاد لها؛ الاستجابة الاسترخائية. تعكس الاستجابة الاسترخائية الاستجابة الهجومية عن طريق خفض معدل ضربات القلب والتنفس، وخفض ضغط الدم، واسترخاء العضلات.

من أجمل ما يميز التأمل أنه بلا مقابل ويمكن القيام به بسهولة، ويمكنك القيام به فى أى مكان. يتسبب التأمل فى العديد من الفوائد النفسية والبدنية:

الفوائد النفسية للتأمل

• يحد من التوتر والقلق.
• يزيد من احترام الذات.
• يقلل من حدة الطبع والكآبة.
• يزيد الهدوء.
• يزيد القدرة على التركيز.

الفوائد البدنية للتأمل

• يخلق استجابة استرخائية فى الجسد، ويقلل معدل سرعة ضربات القلب والتنفس.
• يزيد من هرمون سيروتنين، الأمر الذى يعد جيدا، لأن المستويات المنخفضة من هرمون السيروتنين ترتبط بالكآبة والضيق والسمنة والصداع.
• يقلل إنتاج الهرمونات التى تسبب الضغط.
• يساعد على النوم بصورة أفضل.
• يزيد مستويات الطاقة.
• يزيد المناعة ضد المرض.

كما ترى، تمثل هذه الفوائد النفسية والبدنية العلاج الأمثل لمن يتأملون بدافع الانفعال.

أساليب التأمل

يوجد العديد من أساليب (أو أشكال) التأمل المختلفة. عندما لا يمكنك التوقف عن القلق حيال الطعام أو عندما تحتاج المساعدة، فجرب إحدى الآليات التالية، وتعرف منها على الأفضل لك، وأكثر ما يمكنه مساعدتك.

التأمل بتركيز

واحدة من طرق التأمل، هى أن تركز كل انتباهك على شىء واحد، من الممكن أن يكون صورة أو هدفا. ابدأ بالجلوس هادئا، واجعل كل تركيزك على هذا الهدف. انظر إليه بالفعل، وصفه لنفسك. ربما يساعدك أيضا أن تركز على التفاصيل، مثل جزء من صورة أو طرف لهب شمعة. وكلما نظرت إليه عن قرب أكثر، ستلاحظ شيئا لم تلحظه من البداية.

“بروكى”، على سبيل المثال، واحدة ممن يتناولون الطعام بدافع الانفعال، ولمواجهة هذا، فهى تركز على صورة لمدينة باريس موجودة بغرفتها، بدلا من أن تذهب إلى المطبخ. عندما تبدأ تشعر بالرغبة فى تناول الطعام لتخفيف التوتر، تضع نفسها أمام تلك الصورة وتجعل كل تركيزها على قمة برج إيفل. يشبه هذا إلى حد كبير تكبير الصورة بواسطة كاميرا، فهى تفرغ ذاكرتها لتقتصر على هذه الصورة فقط، بدلا من صور الطعام التى تحوم فى عقلها. إذا تولدت أفكار تتعلق بالطعام، فهى تتعرف عليها، وتتخلص منها، ثم تعيد تركيزها على التأمل، وتستمر فى عمل ذلك حتى تستطيع تهدئة نفسها.

تأمل الترنيم

وفى هذا النوع من التأمل، تجعل تركيزك كله على صوت ما أو أصوات متعددة. الهدف من الترنيم هو أن تبعد تفكيرك عن أى أفكار سلبية تدور فى خلدك. الأفكار السلبية هى العبارات الملازمة لك مثل: “لا أطيق هذا الشعور!”. من الممكن أن يكون الترنيم لصوت، أو عبارة، أو حتى جملة. لكن كيف يساعد التركيز على ترديد شىء ما من يأكلون بدافع التوتر؟

إنه يساعدهم من خلال التحكم فى جعل انتباههم مركزا على كلمات مهدئة. يمثل هذا التركيز النقيض تماما للأفكار التى تدور فجأة فى رأسك، والتى تحثك على تناول الطعام؛ أفكار مثل: “لابد أن أحصل على قطعة شيكولاتة الآن!”.

لنبدأ: أغلق عينيك وردد صوتا أو عبارة معينة بصوت مرتفع. فى اللغة الهندية، تعتبر كلمة “أوم” مصدر الإلهام للكائنات الحية. راقب كيف تشعر وأنت تحرك شفتيك لتنطق هذا الصوت. إذا لم تحب هذا الصوت، أو إذا لم تشعر بالارتياح تجاهه، فجرب أصواتا أو كلمات أخرى، ويمكنك استخدام كلمات مثل “السلام” أو “أنا بخير” أو “فليكن هذا” أو “الحب” أو “أنا مستعد لما سيحدث”.

عندما تردد هذه العبارات مرة بعد أخرى، ستجد أن عقلك بدأ ينشط، وأنك تستطيع أن تجعل كل تركيزك على خلق هذه الأصوات. إذا كنت تفكر فى رصيدك البنكى، أو أشياء أخرى تقلقك، فمن الصعب ترديد وتكرار التلاوة. لكن النتائج تستحق بذل الجهد. جوهريا، تساعدك التلاوة على التخلص من المحادثات الداخلية التى ربما تزيد من التوتر. عندما يتم التخلص من هذه المحادثات، يمكنك أن تفكر بشكل عقلانى فى الطعام، ومن ثم تكتشف أفضل الطرق للترويح عن نفسك.

التأمل الواعي

يشتمل هذا النوع من التأمل على مراقبة والانتباه جيدا لأفكارك وانفعالاتك، فأنت توجه تركيزك على أفكارك، لا بعيدا عنها مثلما تفعل فى التأمل بتركيز. فبالفحص المتأنى لكيفية تفكيرك فى الطعام، يمكنك أن تفهم بشكل أفضل طبيعة الانفعالات التى تريد الترويح عنها. إذا اكتشفت حقيقة ما يضايقك، يمكنك أن تحدد طرقا أكثر فعالية لتهدئة نفسك.

امنح نفسك دقيقة للقيام بهذا التمرين. إذا طلب الأمر المزيد من الوقت، فلا بأس، ولكن فى البداية التزم بالقيام به لدقيقة واحدة. توقف عما تفعله، اجلس بهدوء، واجعل كل تركيزك على أفكارك، ثم راقب الأفكار التى تسبح فى عقلك. تنفس ببطء وأغلق عينيك، إذا كان يساعدك هذا على التركيز بشكل أفضل، وفكر فى آخر مرة أفرطت فيها فى تناول الطعام، أو يمكنك أن تركز على حالتك عندما انتابتك رغبة شديدة فى تناول الطعام بدافع الانفعال. قم فقط بدور المراقب، بطريقة حيادية، للأفكار والأحاسيس التى شعرت بها حيال هذه الرغبة.

لمساعدتك على القيام بهذا النوع من التأمل، يمكنك أن تتخيل نفسك أحد المارة الذى يراقب موكبا عن بعد. وتمثل كل فكرة تلاحظها مركبة فى هذا الموكب. ربما تلاحظ أفكارا مثل: “أريد قطعة شيكولاتة! لماذا لا يمكننى تناولها؟ فأنا لن أستطيع أن أتناول الطعام بطريقة صحية مهما فعلت”. تخيل أن هذه الأفكار مكتوبة على أحد مركبات الموكب، وشاهد هذه المركبة وهى تقترب منك، وتمر بجانب، ثم تختفى بعيدا. لا تعارض أفكارك وأحاسيسك بأى شكل من الأشكال، فكثيرا ما نحاول أن نغير أفكارنا، ونقول لأنفسنا: “توقف عن التفكير بهذه الطريقة”.

بدلا من هذا، اسأل نفسك بطريقة لطيفة: “أتعجب لماذا أعتقد أننى بحاجة إلى الشيكولاتة لأشعر على نحو أفضل؟ ماذا حدث اليوم ليجعل هذه الفكرة تخطر على بالى؟” ثم تخيل الفكرة التى تلى هذه الفكرة على المركبة التالية. راقب الأفكار التى تتوالى فى الموكب داخل عقلك، هل هى آثمة؟ غير منطقية؟ غاضبة؟ مراقبة الأفكار الفردية تبطئ من عملية التفكير التلقائي، وتساعدك أيضا على مراقبة نفسك من بعد، حتى لا تقع فى شرك الأفكار التى تنتابك.

اسأل طبيب مجاناً