التصنيفات
صحة المرأة

علاج غثيان الصباح وعدم تحمل الروائح للحامل

“وأنا في أسبوعي التاسع من الحمل كان شعوري بالغثيان قد ازداد. كل الروائح أصبحت قوية. لدرجة أن بعض الروائح كانت تُسبب لي ارتباكًا في المعدة، خاصة روائح الطبخ القوية (تلك التي تحوي كثيرا من التوابل و البصل). وبالتاكيد فإن دخان السجائر كان من الروائح التى تشعرني فورًا بالغثيان”

كنت قد سمعت الكثير من القصص المخيفة عن السيدات الحوامل ومعاناتهن من غثيان الصباح. فمثلا تلك السيدة التي لم تكن تستطيع تحمل رائحة زوجها خلال الشهور الأولى من الحمل، وقد ساءت حالتها حتى أن شعورها بالغثيان كان يبدأ بمجرد توجهها إلى المنزل. هذه السيدة قد اضطرت للمكوث في منزل أهلها لأيام كثيرة حتى بدأت حالتها في التحسن تدريجيًا.

وهناك أيضا سيدة أخرى لم تكن تستطع تحمل رائحة الثلاجة. ففي كل مرة تقوم فيها بفتح الثلاجة بحثا عما تأكله، كان الغثيان يفاجؤها فتجري مُسرعة الى دورة المياه لتتقيأ القليل الذي تحمله معدتها. لقد كانت تشعر أن هناك شيئا ما له علاقة برائحة الثلاجة يسبب لها الغثيان كلما بادرت إلى فتحها (وقد كانت تلك الثلاجة نظيفة كما عهدتها دائما، ولم تكن تتأذى من رائحتها قبل أن تحمل).

كنت أسمع مثل هذه القصص وأظن أن فيها شي من الغرابة والمبالغة. هل حقًا تتغير حاسة الشم حين تحمُل المرأة؟ لم أكن لأُصدق ذلك!

ولكن عندما حملت بطفلي الأول، حدث معي الكثير مما تحدثت عنه تلك الأمهات. فبعد أن ظهرت نتيجة اختبار الحمل الإيجابية كنت أنتظر بفرح رؤية تلك التغيرات التي تصاحب الحمل، تلك التغيرات المحببة إلى نفس كل امرأة، ولكن بدلا من أن أرى بطني تبدأ بالانتفاخ كعلامة طبيعية تؤكد لي ولمن حولي أني أحمل بداخلي جنينًا. جائتني تلك التغيرات بطريقة مختلفة تماماً.

لقد كان التعب الشديد وحاسة الشم القوية أول التغيرات التي عانيت منها. سأتحدث عن التعب الشديد لاحقًا، أما حاسة الشم فكل ما أستطيع قوله هو أنها قد تضاعفت عدة أضعاف وقد كانت تلك تجربة غريبة. فقد كنت أعاني من الروائح اليومية المعتادة بحيث أصبحت فجأة لا تطاق ووجدت نفسي أتجنب الذهاب إلى المطاعم التي يسمح فيها بالتدخين (حينها كان التدخين مسموحا في الأماكن المغلقة). وتطور الأمر إلى مطالبتي لزوجي بعدم استخدام أيًا من العطور التي اعتاد على وضعها، وأصبحت معاناتي من الروائح المختلفة شديدة جدًا حتى أني كنت أكتم أنفاسي إذا ما اضطررت للمرور بجانب إحدى حافلات وقود الديزل.

استمرت هذه المعاناه طوال الشهور الأربعة الأولى من الحمل. أذكر أنه وفي أثناء حملي بطفلي الثالث، ذات مرة وقد خرجت للتو من غرفة نومي متجهة إلى غرفة المعيشة، وأنا في طريقى، شممت نفحة قوية من رائحة البرتقال. وقد كانت رائحة البرتقال تلك قوية جدا لدرجة أني ظننت أن شخصا ما قد استخدم معطرًا للهواء برائحة البرتقال. حاولت تتبع الرائحة لمعرفة المصدر ولكن دون جدوى. وفيما بعد وبينما كنت أقوم بترتيب علبة الغداء الخاصة بطفلي أدركت أن مصدر الرائحة هو بضع شرائح من البرتقال كان ابني قد وضعها في علبة المدرسة.

لم يا ترى تُصبح حاسة الشم عند المرأة قوية جدًا خلال فترة الحمل؟ هل يكون ذلك كوسيلة لحماية الجنين، بمعنى أنه يُشعر الأم بالخطر المحتمل قبل أن يصبح قريبا جدا. وللمعلومية، فإن جميع حواس المرأة تقوى خلال فترة الحمل.

كيف تُؤثر الروائح في الحامل؟

هناك الكثير من الحوامل اللواتي يعانين من الغثيان والقيئ بسبب التعرض للروائح، حتى أنه وفي بعض الأحيان قد يكون مجرد التفكير في أطعمة معينة سببًا لحدوث القيئ أو الغثيان. أما بالنسبة لي، فقد كان الأمر يعتبر نوعا ما معتدلا.فالحمد لله لم أعاني أبدا من القيئ خلال فترات حملي جميعها، ولكن في المقابل كانت حاسة الشم تسبب لي الغثيان في أحيان كثيرة. ولا أشك أن ذلك منحة من الله سبحانه وتعالى للمرأة الحامل كي تتفادى كثيرًا من السموم والأبخرة السامة بهدف حماية الجنين في داخلها.

فأنا وعلى سبيل المثال، خلال حملي بطفلي الثالث، بدأت ألاحظ أن الغثيان يأتينى عندما أكون في غرفة المعيشة. ولكن و لأنها كانت الغرفة التي أجلس فيها أكثر أوقاتي داخل المنزل فلم أكن لأنتبه لوجود رابط أو علاقة بين الإثنين إلا بعد مرور وقت طويل. فمثلا قد أكون على ما يرام وأنا في غرفة نومي ثم وبمجرد توجهي إلى غرفة المعيشة يبدأ الشعور بالغثيان، وقد بدا لي الأمرغريبًا نوعا ما وربما يكون مضحكًا. فأنا أعلم أنه لم يتغيرأي شيء في تلك الغرفة، ولكن لا شك أن ذلك الغثيان كان بمثابة ردة فعل طبيعية للروائح المنبعثة من الغرفة أثناء تواجدي فيها.

كان رد فعلي الأول للروائح القوية هو تجنبها قدر المستطاع. وقد لاحظت أني افعل ذلك أيضا كلما فتحت خزانة معينة من خزائن الملابس حيث كنت أشم رائحة الطلاء تنبعث منها (ذلك الطلاء المدهون منذ ست سنوات!) لذا فقد كنت أتجنب فتح هذه الخزانة بالتحديد ولو اضطررت لذلك كنت أقوم بحبس أنفاسي عندما أفتحها.

لقد كان تمتعي بحاسة شم قوية خلال فترة حملي يعني لي زيادة في احتمالات الشعور بالغثيان. وقد قاومت ذلك بالإكثار من التواجد في أماكن مفتوحة حتى أكون بعيدة عن أي روائح وحتى أكون أكثر عرضة للهواء النقي. فأنا لم أكن فقط أشعر بالغثيان من تلك الروائح، بل في كثير من الأحيان كانت تمنعني حتى عن تناول الطعام. فقد كانت حاستي الشم والتذوق لهما السلطة العليا في تحديد ما يمكنني تناوله من الأطعمة المختلفة.

كيف التعامل مع الأمر؟

غني عن القول أن كل سيدة تختلف عن غيرها في حملها، فمثلا ما قد يكون نافعا وفعالا في مثل حالتي ليس بالضرورة أن يكون مفيدًا لك. ولكني سأتحدث عن الموضوع بشكل عام. فقد ساعدتني الوسائل التي سأذكرها لك هنا كما ساعدت العديد من السيدات في معرفة كيفية التعامل مع متاعب المراحل الأولى من الحمل ومن ضمنها الشعور بالغثيان.

● لا تتركي معدتك فارغة. فقد لاحظت مثلا أنه عندما تكون معدتي فارغة، أصبح أكثر عرضة للشعور بالغثيان. لذا حاولي تناول وجبات غذائية صغيرة متعددة على مدار اليوم. وهناك تلك النصيحة الشائعة التي ستسمعينها من الكثيرات وهي تناول الكثير من البسكوت الجاف بهدف تجنب الشعور بالغثيان. يمكنك ذلك (شرط أن يكون البسكوت صحي ومصنوع من الحبوب الكاملة)، ولو اني أرى أن الكثير من الوجبات الغذائية الصغيرة ستعطيك نفس النتيجة، مثل أن تأكلي المكسرات النيئة والفواكه أو حتى مجرد تناولك لشرائح من الخيار الطازج خلال النهار.

● جربي الزنجبيل، ضعيه في كوب من الماء المغلي وارتشفيه ببطئ. ويمكنك أيضا إضافته لوجباتك الغذائية أو حتى مجرد شمه فهو يعطي إحساسا بالراحة. ولكن لا تبالغي في استخدام الزنجبيل خلال المراحل الأولى من الحمل فهو قوي جدا والإكثار منه قد يسبب الإجهاض.

● تناولي التمر. فعندما كنت حاملا كان التمر في أحيان كثيرة يغنيني عن وجبة غذائية كاملة. فقد كنت معتادة على وضع حبات من التمر في حقيبة يدى أتناولها كوجبة خفيفة أثناء قيادتي للسيارة، أو حين أعلم أني لن أستطيع الوصول إلى مكان أحصل فيه على وجبة خفيفة. وهناك أنواع من التمر تأتي مغلفة كل حبة على حدة مما يجعلها مثالية لأن توضع في حقيبة اليد. ولا شك أنه سيكون من المفيد لك تناول التمر الذي يأتي محشوًا بالمكسرات النيئة لكي توازن المكسرات تأثير سكر التمر على الدم.

● حاولي معرفة الطعم الذي يبحث عنه جسدك. على سبيل المثال، إذا شعرت بالرغبة في أن تتناولي شيئا مالحا، فلا تتجاهلي حاجة جسدك بتناول لوح من الشوكلاتة. لأن تناول السكريات في الوقت الذي يحتاج فيه جسدك للموالح يجعلك أكثر عرضة للشعور بعدم الإرتياح وبالتالي يسبب لك الغثيان.

● حاولي تفادي الروائح القوية والروائح الكريهه. فأنا مثلا، ساعدني كثيرا إبتعادي عن أماكن المدخنين، كما توقفت تماما عن استخدام العطور وأدوات التنظيف المنزلية (لمزيد من التفاصيل انظري فصل السموم). فكري في الأمر على أنه محاولة من جسمك للتخلص من السموم بشكل طبيعي.

● نامي على جانبك الأيسر(والهدف هو إبقاء المعدة في وضع منخفض) مما سيساعد على تجنب انتقال العصارة المعوية للجزء العلوي من الجهاز الهضمي. وقد يساعدك أيضا أن تقومي برفع جسدك (كأن تستندي على وسادتين عند النوم بدلا من واحدة).

● تجنبي أن يصل جسدك إلى مرحلة التعب الشديد. فأنا مثلا كانت أسوأ حالات الغثيان تأتيني مع نهاية اليوم، عندما يكون جسدي متعب بشكل كبير. خذي غفوات قصيرة خلال اليوم لكي تساعدك على مقاومة التعب وعلى نيل قسطا من الراحة.

● قومي بممارسة بعض التمارين الرياضية الخفيفة وبشكل منتظم. أعلم ان ذلك قد لا يكون أمرا محببا لك في هذه المرحلة من الحمل، ولكنه وبدون شك سيساعدك كثيرا (المزيد عن هذا في فصل الرياضة)

● وأخيرا، من الأفضل أن يكون حجم الوجبة الغذائية صغيرا. فكلما كبرت الوجبة، كلما زاد احتمال شعورك بالغثيان ومن ثم يُسبب لك حرقان في المعدة فيما بعد. فداومي على تناول وجباتك بشكل منتظم مع الإبقاء على الكميات صغيرة