التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

عادة مص الإبهام

ماذا يعني مص الإبهام Thumb sucking؟

يختلف مدلول مص الإبهام لدى الرضع عنه لدى الأطفال الأكبر سنا؛ فالعديد من الرضع يمصون إبهاماتهم أو أصابعهم أو راحات أيديهم حتى قبل أن يولدوا، فالمص هو طريقة الرضع للحصول على الغذاء، بالإضافة إلى أنهم يستخدمونه للتخفيف من التوتر الشعوري أو الإرهاق البدني. إن الأطفال الذين يرضعون أكثر يمصون إبهاماتهم بصورة أقل؛ لأنهم يمارسون المص بكثرة من خلال الرضاعة. وتختلف الرغبة في ممارسة فعل المص من طفل لآخر، فهناك طفل لا يرضع لأكثر من خمس عشرة دقيقة في المرة الواحدة ومع ذلك لا يضع أبدا إبهامه في فمه، وهناك طفل آخر يظل يتناول زجاجة الرضاعة لعشرين دقيقة أو أكثر ويكون لا يزال بحاجة لممارسة المص لوقت أطول. وبعض الأطفال يبدءون في ممارسة تلك العادة في غرفة الولادة ويستمرون في ممارستها، أما البعض الآخر فيبدءون مبكرا في ممارسة عادة المص ولكنهم سرعان ما يقلعون عنها. ومعظم الأطفال الذين يمارسون عادة مص الإبهام يبدءون في ممارسة تلك العادة قبل بلوغهم الشهر الثالث.

وتختلف عادة مص الإبهام عن عض الطفل لإبهامه وأصابعه ويده كلها من حين لآخر عندما تبدأ مرحلة التسنين (وعادة ما يكون ذلك عند الشهر الثالث أو الرابع). وخلال فترات التسنين نجد الرضيع الذي كان يمص إبهامه من البداية تارة يمص أصابعه، وتارة يعض عليها.

مص الإبهام لدى الرضع الأكبر سنا والأطفال

عند بلوغ الشهر السادس تتحول عادة مص الإبهام إلى شيء مختلف؛ إذ تتحول إلى شيء يريح الطفل، ويحتاجه في أوقات محددة، فنجد الطفل يمص إبهامه عندما يشعر بالإرهاق أو الملل أو الإحباط، أو لكي يخلد إلى النوم. وعندما يعجز الطفل عن التعامل مع الأمور بشكل أكثر نضجا يتراجع إلى أيام طفولته الأولى عندما كان يستمد متعته الأساسية من المص. ومن النادر للغاية بالنسبة لطفل يبلغ بضعة أشهر أو قد بلغ عامه الأول أن يبدأ في ممارسة هذه العادة للمرة الأولى.

هل هناك أي شيء يحتاج الأبوان إلى القيام به؟

في الغالب لا إذا كان الطفل منفتحا وسعيدا ومهتما بما حوله ويتجه إلى المص -في الأساس- وقت النوم، ومن حين إلى آخر خلال النهار. فعادة مص الإبهام لا تدل -في حد ذاتها- على أن الطفل غير سعيد، أو أنه لا يستطيع أن يتكيف جيدا مع ما حوله، أو أنه يفتقر إلى الشعور بالحب؛ فأغلب الأطفال الذين يمصون إبهاماتهم هم في الواقع أطفال سعداء، أما الأطفال المحرومون بشدة من العاطفة فلا يمصون أصابعهم.

أما إذا كان الطفل يعمد إلى مص إبهامه لفترات طويلة من الوقت بدلا من اللعب فعلى الأبوين أن يسألا نفسيهما إذا كان هناك أي شيء بوسعهما القيام به حتى لا يضطر الطفل إلى تهدئة نفسه كثيرا. ربما يشعر الطفل بالملل لأنه لا يرى أطفالا آخرين بشكل كافٍ، أو ليس لديه ألعاب كافية، أو ربما عليه أن يجلس في قفص اللعب لساعات. ربما يقضي الطفل ابن العام ونصف العام اليوم بأكمله في الاختلاف مع والدته إذا كانت تحاول طوال الوقت أن تمنعه من الأشياء التي تستهويه بدلا من أن تحول انتباهه إلى الألعاب التي يسمح له باستخدامها. وهناك طفل آخر يكون بصحبته أطفال يمكنه اللعب معهم ولديه حرية القيام بالأنشطة المختلفة داخل المنزل، ولكن خوفه وخجله الزائدين يمنعانه من الإقدام على مثل هذه الأنشطة؛ ولذا يمص إبهامه وهو يشاهد الآخرين يقومون بها. إن الهدف من سرد هذه الأمثلة هو أن أوضح لكم أنه إذا كان هناك أي شيء يمكن أن نفعله بشأن عادة مص الإبهام فهو أن نجعل حياة الطفل أكثر راحة.

وفي بعض الأحيان يكون مص الإبهام من قبل الأطفال الأكبر سنا هو مجرد عادة كأي نوع من السلوك الذي يتكرر بدون أسباب وجيهة لذلك؛ إذ يرغب الطفل في التوقف عن ذلك، ولكن على ما يبدو أن أصابعه ينتهي بها الحال وهي داخل فمه من تلقاء نفسها، فالطفل لا يكون واعيا حقا بأنه يقوم بتلك العادة.

الآثار الصحية لعادة مص الإبهام

المشكلات الصحية التي تتسبب بها تلك العادة تكون طفيفة، فعادة ما يزداد سمك الجلد الذي يغطي الإبهام أو الإصبع المفضلة لدى الطفل، وغالبا ما تنتهي هذه المشكلة من دون تدخل. ويصاب الطفل أيضا بأنواع بسيطة من العدوى الميكروبية التي تكون موجودة حول الأظافر، ولكن علاجها عادة يكون سهلا. ولكن أكثر المشكلات أهمية تتعلق بالأسنان، فمن المعروف أنه عند مص الإبهام يدفع بالأسنان الأمامية العلوية للرضيع إلى الأمام وبالأسنان السفلية الأمامية إلى الخلف، ولكن إلى أي مدى ستنحرف الأسنان عن مكانها الصحيح؟ يعتمد ذلك على كم الوقت الذي سيقضيه الرضيع وهو يمص إبهامه، وعلى وضع الإصبع داخل الفم. ولكن أطباء الأسنان يشيرون إلى أن انحراف الأسنان اللبنية عن مكانها لا يؤثر على الأسنان الدائمة التي تبدأ في الظهور في العام السادس تقريبا، وبمعنى آخر إذا أقلع الطفل عن تلك العادة بحلول عامه السادس -وهو ما يحدث في الأغلبية العظمى من الحالات- فسوف تكون فرصة انحراف أسنانه الدائمة عن مكانها ضئيلة للغاية.

كيف نمنع عادة مص الإبهام؟

ليس هناك داعٍ للقلق إذا كان الرضيع يمص إبهامه لبضع دقائق قبل موعد رضعته، فهو غالبا يفعل ذلك لأنه يشعر بالجوع، ولكن عندما يفعل الطفل ذلك بمجرد أن ينتهي من الرضاعة أو عندما يمص أصابعه لفترات طويلة فيما بين الرضعات فربما يكون عليكِ أن تفكري في طرق تشبعين بها رغبته في المص.

عندما يبدأ طفلكِ في محاولة مص إبهامه أو إصبعه أو يده فأفضل ما تفعلينه هو ألا تحاولي أن توقفيه بشكل مباشر، ولكن أن تعطيه فرصة أكبر ليمص الثدي أو حلمة زجاجة الرضاعة أو اللهاية. إذا لم يمارس طفلكِ عادة مص الإبهام بشكل مؤكد فأكثر طريقة فعالة تمنعه من الانخراط في تلك العادة هي استخدام اللهاية بكثرة خلال الأشهر الثلاثة الأولى. إذا كان الطفل يعتمد على الرضاعة الصناعية فحاولي استخدام حلمة يكون خرمها أصغر حتى يزداد معدل مص الطفل أثناء الرضاعة، أما إذا كان الطفل يعتمد على الإرضاع من الثدي فدعيه يرضع لمدة أطول حتى بعد أن يكون قد حصل على كل ما يكفيه من لبن.

إذا كان الطفل معتادا على مص إبهامه فمن الأفضل ألا تسرع الأم في تقليص عدد الرضعات التي تعطيها له؛ فإشباع غريزة المص لا يعتمد فقط على فترة الرضاعة، ولكن على تكرار الرضعات على مدار الأربع والعشرين ساعة أيضا؛ لذا إذا كان الطفل لا يزال يمص إصبعه حتى بعد أن أطالت الأم فترة كل رضعة من الثدي أو من زجاجة الإرضاع إلى أطول فترة ممكنة فمن المنطقي ألا تسرع في إلغاء الرضعات الأخرى. فمثلا؛ إذا بدا الطفل عن عمر ثلاثة أشهر مستعدا لأن يكمل نومه في ميعاد رضعته التي تأتي في نهاية المساء عندما يحين وقت نوم الأبوين، ولكنه يعمد إلى مص إصبعه بكثرة عندما يحين وقتها، فربما يكون عليكِ أن تنتظري لوقت أطول قبل أن تلغي هذه الرضعة ربما لشهرين آخرين ما دام الطفل يتقبل الرضاعة عندما توقظينه.

بعض الطرق لن تنجح في منع عادة مص الإبهام

لم لا نربط ذراع الطفل بجانبه حتى نمنعه من أن يمص إبهامه؟ قد يتسبب ذلك في إصابة الطفل بكم كبير من الإحباط الذي قد يؤدي بدوره إلى خلق مشكلات جديدة، بالإضافة إلى أن ربط يدي الرضيع الذي يمص إبهامه بجانبه لا يسهم كثيرا في علاجه؛ لأننا بتلك الطريقة لن نشبع حاجته لممارسة فعل المص بصورة أكبر. إن بعض الآباء والأمهات يدفعهم اليأس إلى استخدام جبائر مفصل الكوع لتغطية الإبهام، أو وضع سائل كريه المذاق عليه، وفي اليوم الذي يزيلون فيه الجبيرة أو يتوقفون عن استخدام ذلك السائل تندفع الإبهام مرة أخرى إلى الفم.

إن الحالة الوحيدة التي يجدي فيها استخدام السوائل ذات المذاق المر هي عندما يكون لدينا طفل أكبر سنا يريد أن يقلع عن هذه العادة، ويحتاج إلى شيء يلفت انتباهه إلى أنه يقوم بها عندما يضع إبهامه في فمه دون أن يشعر. ويجب أن يقوم الطفل بنفسه بتلوين إبهاميه بهذا السائل، فاحتمالية نجاح هذه الطريقة تزداد إذا شعر الطفل أنه هو المسئول عنها.

إيقاف هذه العادة: لن يحرز تقدما استخدام جبائر مفصل الكوع والقفازات والأشياء ذات المذاق الكريه في إيقاف هذه العادة لدى الأطفال الأكبر سنا أكثر مما يمكن أن يحرزه لدى الرضع. وقد تؤدي هذه الأساليب إلى إطالة فترة ممارسة الطفل لهذه العادة؛ لأنها تخلق صراعا بين الطفل العنيد الذي يمص إبهامه وبين والديه يكون الهدف منه أن يحقق كل منهما رغبته، والنتيجة نفسها تنطبق على توبيخ الطفل، أو نزع إبهامه من فمه. ولكن ماذا عن الحيلة الشهيرة التي يستخدمها الكثيرون؛ وهي إعطاء الطفل لعبة عندما يبدأ في مص إبهامه؟ من المؤكد أن وجود أشياء ممتعة يمكن للطفل أن يلعب بها حتى لا يشعر بالملل هو أمر سليم، ولكن إذا كنت تسرع إليه في كل مرة يمص فيها إبهامه بلعبة قديمة فسرعان ما سيكشف الطفل حيلتك.

ماذا عن استخدام أسلوب المكافأة؟

إذا كان طفلك واحدا من القلائل الذين يستمرون في مص إصبعهم في عمر الخامسة، وبدأ القلق يساورك بشأن تأثير ذلك على الأسنان الدائمة عندما تبدأ في الظهور؛ فمن الممكن أن تكون فرصتك في أن تنجح في جعله يقلع عن تلك العادة سانحة إذا كانت المكافأة مغرية، فإذا كان لدينا طفلة في الرابعة أو الخامسة من عمرها تريد أن تتغلب على عادة مص الإبهام فيمكننا أن نساعدها بطلاء أظافرها مثل الفتيات الأكبر سنا، ولكن عمليا لا يمتلك أي طفل في الثانية أو الثالثة الإرادة التي تمكنه من التخلي عن غريزة بداخله من أجل الحصول على مكافأة، كل ما ستفعله باستخدامك لهذا الأسلوب أنك ستثير الكثير من الضجة دون الحصول على أي جدوى.

إذا كان طفلك يمص إصبعه فعليك أن تتأكد من أن أموره تسير على ما يرام، وعلى المدى البعيد سيكون من المفيد بالنسبة له أن تذكره بأنه يوما ما سيكون ناضجا لكي يتوقف عن تلك العادة، فتشجيعك الودود هذا له يخلق بداخله الرغبة في أن يتوقف بمجرد أن يكون بإمكانه أن يفعل، ولكن لا تناكفه أو توبخه.

وأهم ما في الموضوع أن تحاول أن تتوقف عن التفكير في هذا الأمر، فإذا ظل القلق يساورك بشأن هذا الموضوع، حتى وإن قررت ألا تقول شيئا عن هذا القلق، فسوف يستشعر طفلك التوتر الذي يتولد بداخلك ويقاومه. عليك أن تتذكر أن عادة مص الإبهام تختفي من تلقاء نفسها مع مرور الوقت، وفي أغلب الحالات يتوقف الطفل عن ممارسة هذه العادة قبل ظهور الأسنان الدائمة، ولكنه لا يتوقف عن ممارستها بصورة منتظمة، فقد تقل ممارسته لهذه العادة بشكل ملحوظ لفترة ثم يعود لها لفترة مؤقتة إذا مرض، أو عند التعرض لموقف جديد يكون عليه أن يتأقلم معه، وفي النهاية يتوقف عنها تماما للأبد. نادرا ما يتوقف الطفل عن مص الإبهام قبل الثالثة، فعادة ما يقلع الأطفال عن هذه العادة فيما بين الثالثة والسادسة.

بعض أطباء الأسنان يقومون بوضع أسلاك معدنية على الأسنان العلوية، مما يجعل فكرة مص الإبهام ليست فقط فكرة غير مستحسنة؛ ولكن عمليا فكرة مستحيلة، ويجب أن يكون هذا الإجراء هو ملاذك الأخير، ليس فقط لأنه إجراء مكلف؛ ولكن لأنه يسلب من الطفل فكرة التحكم تماما في عمر يكون من المهم بالنسبة له أن يشعر أنه يستطيع أن يتحكم في جسمه.