التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

المخاطر الصحية للضغوط

ربما يكون وجود بعض الضغوط شيئًا ممتعًا، عندما نتنافس في إحدى الرياضات أو نقوم بشيء للاستجمام أو للتسلية، مثل التزحلق على الجليد أو ركوب الأمواج، ولكن تأثير الضغوط الحادة والمزمنة عادة ما يؤدي إلى إتلاف الصحة. وربما يظهر هذا التأثير نفسه على الصحة النفسية، مثل العجز عن التركيز أو الشعور العام بالقلق. وفي بعض الحالات، يمكن أن تترك الضغوط أثرًا سلبيًّا على الصحة الجسدية وقد تكون ضارة للغاية.

التحدي

غالبًا ما يكون إهمال التأثيرات الصحية للضغوط أو تجاهلها أمرًا سهلًا؛ فنحن نواجه التأثيرات الجسدية، ونعتقد أنها تنشأ نتيجة أسباب قابلة للقياس، مثل أحد الأمراض أو الحالة الطبية، التي ربما تتلقى علاجًا بالعقاقير أو العلاجات الأخرى. ومن المعتاد بالنسبة لنا أن نهمل المخاطر الصحية للضغوط لأننا نعرف أن الضغوط جزء من الحياة اليومية، وأن كل شخص تقريبًا يمر بنوع معين من أنواع الضغوط، فإذا كان هؤلاء الأشخاص يشعرون بأنهم في حالة جيدة، فإن حدسك سيخبرك بذلك، ولن تؤثر الضغوط على صحتك بشكل سلبي، ولكن الحقيقة هي أن كل شخص يصدر ردود أفعال مختلفة تجاه الضغوط، وما لا يمثل خطرًا صحيًّا بالنسبة لشخص ما ربما يمثل تهديدًا حقيقيًّا لشخص آخر. ويتمثل التحدي في إدراك المخاطر الصحية الجسدية للضغوط كمفهوم، وتطبيق هذه المفاهيم على مشاعرك، ومناقشة هذه المخاطر الصحية مع طبيبك، والبحث عن طرق لتخفيف حدة الضغوط أو التعامل معها بشكل أفضل من أجل التخلص من الآثار السيئة لها. وربما تؤدي معرفة ما تواجهه من حيث علاقة الصحة بالضغوط إلى مساعدتك على التعامل مع التحديات والضغوط في الحياة الحديثة بطرق إيجابية.

الحقائق

ترجع التأثيرات والمخاطر الصحية للضغوط إلى استجابة الكر أو الفر تجاه المواقف الخطيرة المتصورة، وكان هذا المصطلح يرتكز على مبدأ أن القدماء كانوا يحتاجون إلى استجابة جسدية نحو المخاطر الحقيقية، مثل مواجهة الوحوش الضارية خلال سير الحياة الطبيعية. وتطلق استجابة الكر أو الفر هرمونات، مثل الأدرينالين والكورتيزول. وتؤدي هذه الهرمونات إلى زيادة معدل ضربات القلب، وتباطؤ عملية الهضم، وتحويل تدفق الدم إلى المجموعات العضلية الأساسية، كما أنها تؤثر على الوظائف العصبية المستقلة. وفي إطار العوامل المتغيرة الطبيعية، تعود هذه الهرمونات إلى المستوى الطبيعي بعد التعامل مع المثير. ورغم ذلك، ففي حالة الضغوط، لا تعود الهرمونات إلى مستواها الطبيعي، ويمكن أن تتسبب في مشكلات خطيرة وتتلف الجسد.

وعند التعامل مع الضغوط المزمنة، وبسبب الضغوط، النظام العصبي المستقل المفرط النشاط، سوف تبدأ في رؤية أعراض جسدية. عادة ما تبدأ هذه الأعراض كمخاطر بسيطة؛ مثل الصداع وزيادة قابلية الإصابة بالبرد. ورغم ذلك، فإن زيادة التعرض للضغوط المزمنة يمكن أن تثير المزيد من المخاطر الصحية الحادة. وتتمثل أكثر الأعراض التي يواجهها الناس في:

–  الاكتئاب؛
–  مرض السكر؛
–  تساقط الشعر؛
–  أمراض القلب؛
–  فرط نشاط الغدة الدرقية؛
–  السمنة واضطرابات تناول الطعام؛
–  الوسواس القهري أو اضطرابات القلق الأخرى؛
–  العجز الجنسي، عادة العجز عن الانتصاب؛
–  أمراض الأسنان واللثة، التي لا ترتبط بسوء العناية بالأسنان؛
–  التقرحات؛
–  ربما السرطان.

ويمثل تعاطي مواد الإدمان أحد المخاطر الصحية الحقيقية للتعامل مع الضغوط المزمنة. فربما يتجه المريض الذي يحاول التغلب على الضغوط إلى العلاج الذاتي، الذي يمكن أن يتسبب في وقوع مزيد من الأذى أكثر من الضغوط أو التصرف بشكل سلبي مع الحالة المثيرة للضغوط. وغالبًا ما يعني هذا استخدام المواد الإدمانية من أجل تخفيف حدة الضغوط في بداية الأمر، ثم زيادة الاستخدام السيئ لها مع تناقص تأثيرها على الحالة المثيرة للضغوط شيئًا فشيئًا. وعادة ما تتضمن هذه المواد المشتبه بها المعروفة: الكحوليات أو المخدرات، ولكنها ربما تتضمن أيضًا عقاقير الوصفات الطبية مثل قاتلات الألم، أو السلوكيات الأخرى، مثل: إدمان العلاقات غير الشرعية، أو الإفراط في تناول الطعام، أو لعب القمار.

ورغم أن الأمر يبدو أقل إثارة للمشكلات، فإن هناك علاقة حقيقية بين الضغوط وصحة جلدك، فصحة جلدك مهمة للغاية من أجل سلامة صحتك ككل، وربما تؤثر أيضًا على مظهرك، فربما يتفاعل الجلد بسرعة مع الانفعالات القوية. على سبيل المثال، ربما يشهد شخص، يعاني الحالة الموهنة في الغالب لمرض الصدفية أو مرض الإكزيما الجلدي، تفاقم الحالة بسبب الضغوط. في الماضي، كان الأطباء يعالجون الحالات الجلدية بالعلاجات الموضعية أو بالهرمونات. والآن، يقوم العديد من الأطباء بدمج العلاج الجسدي التقليدي لمشكلات الجلد مع أساليب الاسترخاء والأساليب الأخرى لتخفيف حدة الضغوط. ورغم أن الحلول لا  تزال في مرحلة مبكرة، فإنه يبدو أن دمج العلاج الجسدي والانفعالي ربما يكون مؤثرًا للغاية في التعامل مع الحالات الجلدية المزمنة.

الحلول

يستطيع طبيبك مساعدتك على تحديد إذا ما كنت تعاني التأثيرات الصحية للضغوط أم لا، لو كنت مستعدًّا لأن تبدي أكبر درجة ممكنة من الصدق والتفاصيل عند شرح الأعراض التي تنتابك، وطلب المساعدة. وهذا يعني تزويد طبيبك بتاريخك كاملًا، وعدم إهمال أية أعراض دون مناقشتها مع الطبيب. ومن المفارقة أن القيام بزيارة الطبيب، بسبب التأثيرات الصحية للضغوط، ربما تصبح سببًا أساسيًّا للضغوط في الغالب، فهناك أعراض تسمى رد الفعل تجاه المعاطف البيضاء، وهي إشارة نصف هزلية إلى إمكانية شعور بعض المرضى بالضغوط بسبب تواجدهم في غرفة الفحص لدى الطبيب فحسب. وربما يؤدي هذا إلى عدم انتظام ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، وهي أمور لا تتعلق بالصحة العامة، ولكنها ردود أفعال تجاه الإحساس بالضغوط نتيجة الذهاب إلى الأطباء، خاصة إذا كان الطبيب شخصًا لم تره من قبل، أو إذا كان قد مر على رؤيتك طبيبًا لأي سبب من الأسباب فترة من الوقت.

وبينما تعمل على فهم مخاطر الضغوط، فربما يكون هناك نوعان من المتخصصين الذين ستلجأ إلى استشارتهم.

–  يستطيع المعالجون – بمن فيهم علماء النفس، أو المعالجون النفسيون، أو المعالجون  – من غير الحاصلين على درجة الدكتوراه، مساعدتك على إدراك الوقت الذي تمثل فيه الضغوط خطرًا على شعورك العام بالصحة. ويمكن أن تؤثر هذه المشاعر بالتأكيد على صحتك الجسدية، ولكن عادة ما يتم تناولها بطريقة مستقلة بذاتها؛ حيث يتم عزل التأثيرات العقلية للضغوط عن تأثيراتها الجسدية.
–  يستطيع الأطباء، خاصة طبيب الرعاية الأساسية، تقييم الأعراض الجسدية لديك ومساعدتك على تحديد ما إذا كانت قد نشأت بسبب حالة معينة وقابلة للعلاج، أم إذا كانت أحد منتجات الضغوط. وربما تكون هذه عملية صعبة، وغير قابلة للقياس مثل إجراء اختبار لحالات طبية معينة. وفي بعض الحالات، يمكن أن تؤدي الضغوط إلى تفاقم الحالة الطبية حتى لو لم تكن هي الحالة الوحيدة التي يجب التعامل معها.

يجب عدم تأجيل التعامل مع مخاطر الضغوط وآثارها الصحية المدمرة أكثر مما تقوم بتأجيل التعامل مع مخاطر الأمراض الأخرى وآثارها. وإذا لم تذهب لزيارة أحد الأطباء أو المعالجين، واستعدت توازن حياتك مرة أخرى، فإن الآثار ستزداد سوءًا ولن تتحسن. وربما ينتقل هذا التأثير التراكمي من كونه تأثيرًا ثانويًّا إلى مخاطر حادة تتمثل في الإرهاق والاكتئاب واضطرابات القلق. وربما تتأثر صحتك، وعائلتك، ومهنتك بهذه المخاطر. ويجب ألا تعتقد أنك تستطيع التعامل مع الضغوط وحدك، فعليك أن تبحث عن نوع المساعدة التي تحتاج إليها من أجل مقاومة تأثيراتها.

وهناك ثلاث طرق يساعدك بها الطبيب على التعامل مع المخاطر الصحية الحقيقية للضغوط. وفي بعض الأوقات، تعمل هذه الأساليب بصورة مستقلة، وغالبًا ما يتم دمجها مع مجموعة متنوعة من العلاجات. ويتمثل التحدي في هذا العلاج في أن التعامل مع الضغوط ليس سببيًّا مثل التعامل مع الحالات الأخرى، وربما يتطلب المزيد من الفحوصات التي يجريها الطبيب من أجل العثور على نوع العلاج الأنسب للتعامل مع المخاطر الصحية التي تتعرض لها.

–  التوصية بمعالجين يمكنهم التحدث مع المريض، فيما يتعلق بشعوره بالضغط، وأسبابه، وكيفية تعيين مواضع الشعور بالضغط في الحياة اليومية. وفي بعض الأوقات، ربما يؤدي هذا إلى اشتراك المريض في إحدى المجموعات التي تتضمن آخرين يتعاملون مع الضغوط ويعرضون أعراضهم وأساليب علاجها.
–  وصف أدوية نفسية نشطة، مثل مضادات الاكتئاب لعلاج الأسباب النفسية للمرض. ويجب إخضاع هذه الأدوية لمراقبة دقيقة، وربما يقوم الطبيب بتغيير الوصفة الطبية والجرعة، اعتمادًا على تأثير العقاقير والآثار الجانبية لها.
–  معالجة أكبر قدر ممكن من الآثار الحقيقية، مثل مشكلات القلب، أو السكر، أو آلام العضلات. من المهم أن يبحث الطبيب وراء هذه الأعراض الحالية ويربطها بمخاطر الضغوط.