التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

الصداع عند الأولاد والبنات الصغار والمراهقين والمراهقات


يصاب الأولاد والبنات والمراهقون بالصداع، تماماً مثل الراشدين. في الواقع، قد يعاني بعض الأولاد من الصداع قبل أن يصبحوا قادرين على الكلام. وفي سنوات المدرسة، قد يصبح الصداع شائعاً ومتواتراً. ووجد أحد الاستطلاعات أن ثلث الأولاد في عمر سبع سنوات على الأقل ونصف المراهقين في عمر 15 عاماً على الأقل يعانون من الصداع.

يمكن أن ينجم الصداع عند الأولاد عن أمراض شائعة مثل الزكام أو الانفلونزا أو التوتر في المنزل والمدرسة.
كما أن المشاكل الطبية أو الإصابات الخطيرة قد تسبب الصداع. إلا أن أغلبية أشكال الصداع عند الأولاد هي أشكال أساسية.

إذا كان الصداع مستمراً أو متواتراً، قد يخلف تأثيراً خطيراً في كيفية تفاعل الأولاد مع العائلة والرفاق وأدائهم في المدرسة.
وكما هي الحال مع الراشدين، يمكن لمعالجة المشكلة وفهمها أن يساعدا الأولاد في التأقلم بصورة أفضل مع تأثيرات الصداع. إلا أن صداع الأولاد قد يختلف عن صداع الراشدين في بعض النواحي الدقيقة.

صداعات مختلفة

في الإجمال، يعاني الأولاد والراشدون من أنواع الصداع نفسها. فإذا كنت راشداً مصاباً بالصداع، يحتمل أن تكون باشرت في المعاناة منه خلال الطفولة أو تلاحظ الآن الأعراض لدى أولادك.

رغم ذلك، لا يمكن اعتبار صداع الأولاد مشابهاً لصداع الراشدين في كل شيء. فبعض أنواع الصداع الأكثر شيوعاً عند الأولاد قد تصبح أقل من مشكلة أو تتوقف تماماً حين يكبر الأولاد في السن. كما أن صداع الأولاد قد يسبب أعراضاً جسدية وتغيرات في الجسم غير شائعة عند الراشدين. ويصح ذلك خصوصاً مع صداع الشقيقة.

فيما يلي لمحة عن كثب حول كل أنواع الصداع التي يعاني منها الأولاد والبنات وكيف تقارن هذه الأنواع مع أنواع صداع الراشدين التي تحمل الاسم نفسه.

صداع الشقيقة

يحدث صداع الشقيقة عند 4 إلى 10 في المئة من الأولاد. ويكون معظم هؤلاء الأولاد قد ورثوا المشكلة عن أهلهم. وثمة عوامل خارجية، مثل التوتر، وبعض الأطعمة، وقلة النوم أو الكثير من الإجهاد قد تسبب الصداع، كما هي الحال مع الراشدين. لكن مهما كان السبب، قد يبدأ صداع الشقيقة في عمر السبع سنوات أو قبل ذلك في بعض الأحيان.

في الطفولة، تميل إصابات صداع الشقيقة إلى التوزع بالتساوي بين كلا الجنسين. وعند بداية سن البلوغ، يزداد احتمال حدوث صداع الشقيقة عند الفتيات بشكل ملحوظ. بالفعل، تكون المراهقات عرضة لصداع الشقيقة ثلاث مرات أكثر من المراهقين الشباب، وربما يرتبط ذلك ببداية دورة الطمث.

كما هي الحال عند الراشدين، يعاني الأولاد المصابون بصداع الشقيقة غالباً من ألم رأس موجع، وغثيان، وتقيؤ وحساسية للضوء والصوت خلال النوبة. أما الحس الشخصي المسبق – أي مشاهدة أضواء براقة وخطوط متعرجة واضطرابات بصرية أخرى قبل بداية ألم الرأس – فيميل إلى الظهور في عمر العشر سنوات تقريباً. إلا أن الحس الشخصي المسبق قد يكون مختلفاً عن ذلك الموجود عند الراشدين. فخلال الحس الشخصي المسبق، قد يشعر الأولاد بالارتباك والهلوسة، ويصبح بؤبؤ العين متوسعاً، وقد يواجهون صعوبة في الكلام. لكن في معظم الأحيان، يعاني الأولاد من صداع الشقيقة من دون حس شخصي مسبق.

أما الاختلافات الأخرى بين صداع الشقيقة عند الراشدين والصغار فتشمل:

موقع الألم
يحدث الألم غالباً في جهتيّ الرأس عند الأولاد، فيما يعاني الراشدون من الألم في جهة واحدة فقط من الرأس. وقد يشعر بعض الأولاد بألم وخيم في البطن بدل ألم الرأس.

التواتر
في الإجمال، يصاب الأولاد والمراهقون بنوبات صداع شقيقة أكثر من الكبار.

المدة
يمكن أن يدوم صداع الشقيقة عند الكبار ساعات أو حتى أياماً، حسب الفرد. لكن صداع الشقيقة عند الأولاد أقصر بكثير. فعند الأولاد تحت عمر 15 عاماً، يمكن أن يدوم صداع الشقيقة أقل من ساعتين ويكون أحياناً أقل من 30 دقيقة.

الاختلاف
يحتمل أن يصاب الأولاد، أكثر من الراشدين، بصداع الشقيقة الذي يعتبر غير نموذجي ويكشف عن أعراض قد توحي خطأ بأمراض أخرى. وتشمل هذه الاختلافات:

صداع الشقيقة البطني
رغم أن هذا النوع النادر من صداع الشقيقة يسبب التقيؤ والغثيان، تماماً مثل صداع الشقيقة الاعتيادي، ينشأ الألم في البطن وليس في الرأس. نتيجة ذلك، يعتقد خطأ أن الأولاد المصابين بهذا الشكل من الصداع يعانون من تهيج في المعدة أو من الانفلونزا.

صداع الشقيقة الفالجي
يعتبر التلعثم في الكلام والشلل المؤقت في جهة واحدة من الجسم – وهي حالة تعرف بالفالج – العلامات الأساسية لصداع الشقيقة الفالجي.

صداع الشقيقة القاعدي
إن صداع الشقيقة المرتبط بالشرايين القاعدية – الشرايين الأساسية في الدماغ – يسبب ألماً وخيماً في الرأس، ودواراً، وفقداناً للتوازن، وازدواجاً في الرؤية، وصعوبة في الكلام، وارتباكاً وضعفاً. ويشيع هذا الصداع عند الفتيات أكثر مما هو عند الصبيان.

صداع الشقيقة الارتباكي الحاد
يسبب صداع الشقيقة هذا، الذي يصيب المراهقين عادة، نوبة مفاجئة من الارتباك والضياع. وتدوم الأعراض لغاية 12 ساعة، لكن هذه النوبات نادرة لحسن الحظ وتختفي لوحدها بعد نوم جيد في الليل. وفي فترة لاحقة، قد يصاب الولد بصداع شقيقة أكثر نموذجية. لكن في بعض الحالات النادرة، قد تؤدي إصابة صغيرة في الرأس إلى شكل أكثر خطورة من صداع الشقيقة هذا.

صداع التوتر

على عكس صداع الشقيقة، لا يرث معظم الأولاد صداع التوتر من أهلهم. فالتوتر، والإجهاد، والاكتئاب، والجوع، والتعب وإجهاد العين قد تحفز صداع التوتر عند الأولاد والمراهقين – تماماً مثلما يحصل مع الراشدين.

ويعتقد أن 15 في المئة من الأولاد يعانون من صداع التوتر. وتكون هذه الأشكال من الصداع مرحلية عموماً، وتسبب ألماً معتدلاً يقال إنه أشبه بحزام ضغط ضيق حول الرأس.
قد يصاب الأولاد بهذا الصداع نتيجة التوترات العاطفية والجسدية مثل السهر طويلاً للدرس أو الشجار مع فرد من العائلة أو التعرض للمضايقة في المدرسة أو حذف وجبة طعام.

الصداع اليومي المزمن

يطلق على الصداع الذي يحدث بشكل يومي طوال أشهر أو سنوات اسم الصداع اليومي المزمن. وقد تصيب هذه المشكلة لغاية 4 في المئة من المراهقات و 2 في المئة من المراهقين. ويقول البعض إنهم يعانون من الصداع طوال الوقت، فيما يتحدث آخرون عن نوبات من ألم أكثر وخامة تشبه صداع الشقيقة.

إلا أن سبب نشوء الصداع اليومي المزمن غير واضح. فعند معظم المراهقين، تبدأ المشكلة بمثابة صداع شقيقة عرضي يصبح من ثم أكثر تواتراً. ثمة سبب محتمل لذلك هو الإفراط في استعمال أدوية الألم التي قد تؤدي إلى صداع ارتدادي.

هناك بعض الأولاد الذين لم يعانوا أبداً من الصداع قبلاً ويصابون باستهلال مفاجئ للصداع اليومي المزمن. حين يحدث ذلك، يتم ربطه غالباً بالتهاب خطير مثل تكثّر الوحيدات في الدم أو تاريخ من الرضح على الرأس أو إجهاد فيزيولوجي آخر.

قد يعاني المراهقون المصابون بالصداع اليومي المزمن من علامات وأعراض لا علاقة لها بالصداع أيضاً. فالعديد منهم يعاني من اضطراب في النوم. وقد يشعرون بالتعب والوهن والإحباط. وفي بعض الأحيان، يشعرون بألم في البطن أو الظهر.

الصداع العنقودي

الصداع العنقودي هو شكل نادر من الصداع. ورغم أنه لا يعرف تماماً عدد الأولاد والمراهقين المصابين بهذا النوع من الصداع، يفوق الصبيان عدد البنات بنسبة 7 على واحد تقريباً. واللافت أن الرجال المصابين بالصداع العنقودي يفوقون عدد النساء المصابات بهذا الصداع بالنسبة نفسها.

الصداع العنقودي هو أحد أشكال الصداع الأكثر إيلاماً، إذ يسبب ألماً موجعاً وقوياً خلف عين واحدة. وخلال النوبات، قد يصبح الألم قوياً جداً بحيث يصرخ الأولاد أو يذرعون الغرفة جيئة وذهاباً ويعجزون عن البقاء ساكنين. قد يبدون أيضاً مرتبكين أو غاضبين.

يتم تصنيف الصداع العنقودي بأنه صداع قصير المدة. وقد تدوم النوبات من بضع دقائق إلى ساعات وتحدث مبدئياً في مجموعات (عناقيد). قد تحدث عدة نوبات خلال اليوم أو نوبة واحدة كل يومين. وتكون معظم النوبات مصحوبة بعين دامعة وأنف جارٍ، علماً أن بداية الصداع قد تحدث خلال النوم. وعلى عكس الولد المصاب بصداع الشقيقة، الذي قد يلتف تحت البطانيات في غرفة مظلمة ويحاول النوم، يواجه الولد المصاب بالصداع العنقودي صعوبة في الاستلقاء بسكون أثناء الصداع.

الصداع الثانوي

ينجم أقل من 5 في المئة من صداعات الأولاد عن مرض أو مشكلة جسدية. لكن يجب التحقق من الأسباب الثانوية للصداع حين يصبح ألم الرأس مشكلة. وعند الأولاد، تشمل الأسباب الثانوية الشائعة كلاً من الآتي:

ارتفاع الحرارة والالتهاب
يكون الصداع مصحوباً غالباً بارتفاع في الحرارة. إلا أن ارتفاع الحرارة ليس أمراً سيئاً بالضرورة. فالحرارة تساعد الجسم غالباً على محاربة الالتهابات. لكن إذا عانى الأولاد من حرارة مرتفعة وصداع وأعراض أخرى مثل تصلب العنق، والضعف، ونوبات التشنج، والكسل، والغثيان والتقيؤ، يمكن أن يعزى ذلك إلى التهاب خطير في الجهاز العصبي المركزي. وفي بعض الحالات النادرة، قد يكون ذلك دليلاً على التهاب السحايا أو التهاب الدماغ، وهي التهابات قاتلة ربما تستلزم رعاية طبية فورية.
إن 70 في المئة من الأشخاص الذين يصابون بالتهاب السحايا هم من الأولاد تحت سن الخامسة، لكن احتمال حدوث هذا المرض يزداد بين الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاماً. وثمة شكل من التهاب الدماغ مرتبط بالتهابات فيروسية مثل الجدري والحصبة والنكاف. وعند الأولاد الأكبر سناً، قد تتمثل الأعراض الأولية في صداع وخيم وحساسية للضوء.

رضح على الرأس
يمكن للصدمة على الرأس أو حتى لإصابة بسيطة نسبياً، أن تسبب الصداع بسرعة. وعلى رغم الحاجة إلى الاختبارات لتحديد ما إذا كان الولد تعرض لارتجاج أو إصابة في الدماغ، هناك بعض العلامات والأعراض التي قد تدعو إلى القلق. فإذا عانى الولد من الدوار أو الارتباك أو التعب أو فقدانٍ في الذاكرة إضافة إلى صداع بعد رضح على الرأس، يجب الاتصال فوراً بالطبيب.

ورم في الدماغ
نادراً ما يكون ورم الدماغ سبب الصداع عند الأولاد. ورغم ذلك، قد ينشأ الورم في سن مبكرة. لذا، كن حذرا إذا عانى الولد من صداع متفاقم تدريجياً أو من صداع في الموقع نفسه تقريباً أو من صداع يوقظه من نومه أو من صداع يتفاقم في الصباح. وإذا كان الصداع مصحوباً بالغثيان أو التقيؤ أو ارتجاج الرؤية، إتصل بالطبيب بأسرع وقت ممكن.

فرط ضغط الدم الغامض داخل الجمجمة
هذه المشكلة الطبية هي نتيجة ازدياد ضغط السائل ضمن الجمجمة. وقد تفضي هذه المشكلة إلى صداع مستمر، وازدواج في الرؤية، وغثيان وتقيؤ، وتورم في العصب البصري. في الواقع، إن الأولاد الذين يتناولون أدوية مثل التيتراسيكلين والستيرويدات القشرية أو جرعات كبيرة من الفيتامينات، ولاسيما الفيتامين A، قد يكونون عرضة لهذه المشكلة. كما أن الأولاد المصابين بالتهابات متواترة في الجيوب أو الأذن قد يكشفون عن استعداد لهذه المشكلة. يتم تخفيف الضغط داخل الجمجمة بواسطة بزل قطني أو مدرّ للبول.

مشاكل الأسنان
إن الأولاد الذين يطبقون أو يصرّون أسنانهم بانتظام أثناء النوم (صرير الأسنان) أو يواجهون مشاكل في المفصل الفكي الصدغي، حيث يتصل عظم الفك بالجمجمة، قد يصابون بالصداع. والمؤسف أن صرير الأسنان يحدث عند ثلث الأولاد، في عمر الخمس أو الست سنوات غالباً. وفي أغلب الأحيان، يتخلص الأولاد من المشكلة مع التقدم في العمر. أما الأولاد الذين يعانون من ألم في الوجه أو الفك بالتزامن مع الصداع فقد يعانون من اضطراب فكي صدغي ينطوي على عظام غير متحاذية في الفم أو الجمجمة أو مشابك أسنان مركبة على نحو سيء.

تشوه الدماغ
إنها مشكلة نادرة ينتأ فيها جزء من الدماغ عبر فتحة في الجهة الخلفية للجمجمة. قد تكون هذه المشكلة ظاهرة أو غير ظاهرة عند الولادة. لذا، فإن المراهقين غير المدركين لهذا التشوه قد يصابون بصداع في الجهة الخلفية للرأس أثناء السعال أو العطاس. أما المشاكل الأخرى فقد تشمل صعوبة في البلع، وانحناء العمود الفقري، وألم الظهر. يمكن معالجة هذا التشوه بواسطة الجراحة.

تشخيص الصداع

قد يلجأ الأولاد الصغار الذين يعجزون عن التعبير شفهياً عن انزعاجهم إلى البكاء أو يصابون بالشحوب أو يتقيأون أو يضربون رؤوسهم حين يعانون من ألم الرأس.
فإذا ظننت أن انزعاج ولدك مرتبط بمرض أو إصابة، من المهم الحصول على الرعاية الطبية.
لكن أنواع الصداع لا تحتاج كلها إلى زيارة للطبيب. فالولد الذي يعاني من صداع شقيقة أو صداع توتر عرضي قد يحتاج إلى المزيد من الوقت الهادئ، وبضع ساعات من النوم والقليل من مسكنات الألم (المخصصة للأولاد).
وحين يصبح الصداع مزمناً أو يبدأ بإعاقة الأداء المدرسي أو النشاطات غير المنهجية أو الحياة العائلية، قد يحتاج ولدك إلى معالجة أكثر عدوانية.
يوصى عموماً بتقييم طبي شامل حين يبدأ الولد بالمعاناة من صداع جديد أو مستمر.
ويحتمل أن يجري الأطباء التشخيص بعد الحصول على تاريخ مفصل عن الصداع وإجراء فحص عصبي يختبر وظائف مثل الذاكرة، والتركيز، والرؤية، والسمع، والتوازن والتنسيق. وقد يطلب بعض الأطباء من العائلة الاحتفاظ بسجل للصداع لتدوين الأوقات والأماكن التي يحدث فيها الصداع، إضافة إلى العواطف أو أنماط السلوك التي ترافق الصداع. ويمكن أن يمنح ذلك الأطباء المعلومات التي يحتاجون إليها للتعرف إلى المسببات المحتملة للصداع.
قد تبرز الحاجة أيضاً إلى اختبارات إضافية، خصوصاً عند الشك في وجود أسباب ثانوية للصداع. ويمكن أن تشمل هذه الاختبارات أي شيء من اختبار للدم للتحقق من الالتهاب إلى التصوير بالرنين المغنطيسيي للبحث عن شذوذات في الدماغ.

علاج الصداع

بعد إجراء التشخيص، يمكن تخصيص معالجة الصداع لحاجة الولد أو المراهق. وفي الإجمال، تتم معالجة أشكال الصداع الأولية عند الأولاد بالعقاقير والعلاجات الخالية من العقاقير. ويستجيب العديد من الأولاد بصورة جيدة لهذه الطريقة.

في الواقع، إن اعتماد عادات جيدة في الأكل والنوم وتخصيص وقت للاسترخاء والتمارين المنتظمة هي استراتيجيات أساسية لمنع الصداع من التحول إلى مشكلة مزمنة. فالعديد من مسببات الصداع الشائعة عند الأولاد والمراهقين تشمل حذف الوجبات وعدم الحصول على نوم كافٍ.

ثمة مشكلة مشتركة عند العديد من الأولاد وهي جدول المواعيد المفرط. فالصداع قد يصبح أسوأ مع تقدم السنوات الدراسية، حتى لو بدا أن الولد يستمتع ويتفوق في المدرسة لأن وقته الحر يختفي بفعل النشاطات والفروض المنزلية.

وكما هي حال الراشدين، يستفيد العديد من الأولاد عند تفادي أطعمة ومضافات معينة تحفز صداعهم. ويمكن أن يشمل ذلك الغلوتامات الأحادي الصوديوم، والنيترات، والشوكولا والأجبان. وقد يصاب الولد أحياناً بالصداع نتيجة التمارين أو الحرارة المفرطة. لذا، من المهم معرفة تأثير هذه العوامل في الصداع حتى نتمكن من ضبط تعرضنا للعديد منها.

وإذا كانت العلاجات من دون عقاقير غير كافية لتخفيف تواتر أو ألم الصداع الأولي، قد يصبح استعمال مسكنات الألم حين يبدأ الصداع جزءًا من برنامج المعالجة. ومن المهم معالجة ألم الرأس في أبكر وقت ممكن. فكلما بقي الصداع لفترة أطول من دون معالجة، أصبح مسكن الألم أقل فاعلية. من المهم أيضاً استعمال جرعة دواء ملائمة للأولاد. يمكن مناقشة الجرعات المحددة مع طبيبك.

في الواقع، إن الأدوية المستعملة لمعالجة صداع الأولاد تتوزع على ثلاث مجموعات:

الأدوية الشائعة لتخفيف الألم الحاد
تشمل هذه الأدوية المسكنات، وعند تناول هذه الأدوية في مرحلة مبكرة، تكون فعالة مبدئياً. لكن لا تعطِ الأولاد الأسبيرين والعقاقير المركبة المحتوية على الأسبيرين إذا كان عمرهم أقل من 16 عاماً لأنه تم ربط الأسبيرين بتناذر راي، وهو مرض نادر وإنما مهدد لحياة الأولاد.

الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب لتخفيف الصداع الوخيم
وقد تشمل العقاقير المضادة للتقيؤ، والمستعملة لمعالجة الغثيان والتقيؤ المرافقين لصداع الشقيقة.

الأدوية الموصوفة للحؤول دون الصداع المتواتر
إذا عانى الولد من صداعين وخيمين أو أكثر خلال الأسبوع، يستطيع تناول دواء يومي مخصص للحؤول دون الصداع. وتشمل هذه الأدوية كلاً من مضادات الاكتئاب الثلاثية الدورة، وقامعات بيتا، وقامعات قناة الكلسيوم، وشادّات السيروتونين، ومضادات التقيؤ والعقاقير المضادة للتشنج.

تدابير وقائية مع العقاقير

تعتمد استراتيجيات الأدوية على كل ولد ونوع الصداع لديه. ومهما كان الدواء، هناك بعض التدابير الوقائية الضرورية لكل الأولاد الذين يتناولون أدوية شائعة أو موصوفة. وتشمل هذه التدابير الوقائية:

قراءة اللصائق بعناية
إستعمل فقط الجرعة الموصى بها للأولاد. وتتوافر بعض الأدوية الشائعة في تركيبات للأطفال والأولاد والراشدين، لكنها قد تبدو متشابهة. فإذا ارتبكت بشأن الجرعات المرتكزة على وزن الولد أو عمره، أطلب المساعدة من الطبيب أو الصيدلي. وانتبه أيضاً إلى كل تحذير يقول إن المنتج غير مخصص للصغار.

الحدّ من استعمال مسكنات الألم
إن الاعتماد الكثير على أدوية الألم يسبب غالباً صداعاً ارتدادياً. لذا، حاول عموماً ألا تستعمل الدواء أكثر من مرتين أسبوعياً.

السؤال عن التأثيرات الجانبية المحتملة
إسأل ما إذا تمت دراسة العقار في عمر ولدك وما هي التأثيرات الجانبية التي قد تحصل. إسأل الطبيب أيضاً قبل إعطاء ولدك معالجات بديلة للصداع مثل الفيتامينات أو العلاجات العشبية.

إجراء فحوصات متابعة لتقييم المعالجة
إذا لم يكن الدواء يعمل بفاعلية، قد يضطر طبيبك إلى تغيير نوع العقار أو جرعته. وحين يصبح الصداع تحت السيطرة، يمكن وقف استعمال الأدوية الوقائية أحياناً تحت إشراف الطبيب.

مسائل نفسية

الصداع هو أكثر من مشكلة جسدية. فالأولاد والمراهقون الذين يتغيبون دوماً عن المدرسة، ويتجنبون الأطعمة التي يستمتع بها الأولاد الآخرون أو يفوّتون النشاطات الاجتماعية بسبب الصداع قد يشعرون أنهم مختلفون ومعزولون عن رفاقهم. كما أن أعراض الصداع مثل التقيؤ والدوار وارتجاج الرؤية – علماً أن أياً منها قد يأتي فجأة – تلفت الانتباه غير المرغوب إلى ولدك. وقد يجعله ذلك رافضاً لمغادرة المنزل أو قلقاً عند التواجد في بيئة مكتظة بالرفاق.
بالفعل، أظهرت الدراسات أن الصداع قد يعيق الأداء الأكاديمي والنمو العاطفي.

لكن يمكن للاستراتيجيات التالية أن تساعد الأولاد في التأقلم مع المسائل النفسية المرتبطة بالصداع:

تشجيع التواصل
قد لا يشعر الولد بعزلة كبيرة إذا أتيحت له فرصة التعبير عن مخاوفه. تحدث مع ولدك عن مشاعره حيال الصداع. واجعله يتعرف إلى بقية أفراد العائلة الذين يعانون من الصداع. فمن المطمئن ربما الإدراك أنه ليس مختلفاً كثيراً عن الآخرين. كما أن الاحتفاظ بدفتر يوميات للصداع قد يساعد ولدك في الشعور بسيطرة أكبر وفهم مسببات الألم.

إبلاغ الأساتذة واختصاصيي الصحة
أطلع الموظفين في المدرسة حين يعيق الصداع حضور ولدك أو أدائه في الصف. فموظفو المدرسة يمكن أن يكونوا حلفاء مهمين إذا احتاج ولدك إلى الدواء خلال النهار أو احتاج إلى المعالجة فور بدء الأعراض. وحين يدرك ولدك أن الأساتذة يفهمون وضعه، قد يقلق أقل بشأن ما يجب فعله إذا حصل الصداع خلال ساعات المدرسة.

الحفاظ على تركيز ملائم
صحيح أنه من المهم عدم تجاهل العبء الجسدي والعاطفي الذي قد يخلّفه الصداع، حاول ألا تدع المشكلة تسيطر على حياة ولدك أو يستعملها بمثابة عذر لعدم المشاركة والنجاح. فألم الرأس قد يكون عذراً شرعياً للتغيب عن المدرسة أو تفويت الفروض، لكن لا تدع الأمر يصبح طريقة للفت الانتباه أو التهرب من المسؤوليات. علّم ولدك بدل ذلك أفضل الطرق للحؤول دون الأيام السيئة والاستفادة قدر الإمكان من الأيام الجيدة.

فكر في المشورة
إذا كان الصداع يعرقل الكثير من الحياة اليومية، قد ترغب في اصطحاب ولدك إلى مستشار. فالمشورة الفردية يمكن أن تساعد الولد في تعلم كيفية التعاطي مع المسائل التي قد تمنعه من الذهاب إلى المدرسة، والاتصال بالزملاء والمشاركة في الحياة العائلية. كما تساعد المشورة العائلية الأهل أو الإخوة الذين يشعرون بالذنب أو الخوف أو الامتعاض حيال الولد المصاب بالصداع.

السيطرة على الصداع

إذا كان الصداع مشكلة، يفترض بطبيب العائلة أو طبيب الأطفال أن يتمكن من تطوير برنامج معالجة لولدك. لكن حتى مع المعالجة، لا يكف كل الأولاد عن المعاناة من الصداع. فكما هي الحال مع الراشدين، قد يضطر الأولاد إلى تجربة استراتيجيات مختلفة قبل العثور على راحة ملائمة من الألم. ومع الدعم الملائم، لا يصبح الصداع إعاقة أساسية في حياة ولدك.