التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

الربو لدى الأطفال Asthma

يعتبر الربو، بعد مرض السمنة والإصابات الفيروسية، من أكثر الأمراض انتشاراً في العالم إذ يشمل بإصاباته من 15 إلى 20 بالمائة من الأطفال والأولاد في جميع أرجاء المعمورة، بغض النظر عن المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي الذي يعيشون فيه.

ما هو مرض الربو؟

• يعرف مرض الربو على أنه التهاب مزمن للقصبة الهوائية (التي تسمح بعبور الأوكسجين إلى خلايا الرئتين)، ما يؤدي إلى صعوبة في التنفس لدى الطفل يصاحبها سعال.

• الاضطراب في عملية التنفس التي تتميز بنوع من الصفير يتبعها فيما بعد صوت خرير.

في أغلب الحالات، تسبق هذه العلامات الأساسية للمرض، بوادر أقل حدة ولكنها ليست مرتبطة دائماً بالمرض، نذكر منها: سيلان الأنف، إحساس بجسم غريب في العيون يثير الحكة أو الحرقة، عطس متكرر، صداع في الرأس، احتقان غامق اللون حول العيون، تغير لون الوجه… كلها علامات يتوجب أخذها في الاعتبار.

ما هي العوامل الفيزيولوجية المسببة للمرض؟

هنالك ثلاثة عوامل أساسية تلعب دورها في إصابة القصبة الهوائية، ما يؤدي إلى علامات الاضطراب في وظيفتها:

• المجاري الهوائية تصاب بالالتهاب، أي الاحتقان، وهي حمراء اللون نتيجة الإصابة، وهذا ما يشكل عائقاً لمرور الهواء من خلالها إلى الرئتين.

• العضلات الصغيرة الحجم والتي تفصل بين حلقات القصبة وتجمعها إلى بعضها بعضاً، في حالة انقباض، وهذا ما يزيد قطر القصبة ضيقاً.

• إنتاج البلغم من خلال الأغشية التي تبطّن القصبة الهوائية داخلياً، نتيجة الاحتقان، ما يشكل عائقاً إضافياً يسد مجاري القصبة الهوائية والتي ازدادت ضيقاً من خلال العاملين الأولين.

الأسباب المطلقة أو الحاثّة على حدوث المرض

يعتبر الربو مرضاً تحسسياً بشكل جزئي، حيث يمكن للعلامات السريرية أن تبدأ بعد تعرض القصبة الهوائية لعوامل خارجية تحدث فيها تغيرات فيزيولوجية، تعيق وظيفتها الأساسية القائمة على رفد الرئتين بالكمية الكافية والطبيعية من الأوكسجين، تلبية لحاجة الجسم في جميع أعضائه ووظائفه البيولوجية والفيزيولوجية كافة. نذكر من هذه الأسباب:

• غبار الطلع الذي ينبعث من الأشجار، الأعشاب، العشبيات….. حيث تتكون المواد المثيرة للحساسية من الأشجار خلال فصل الربيع ومن العشبيات في الصيف.

• حشرات الغبار وهي أجسام مجهرية لا ترى بالعين المجردة تعيش وتعشش في أثاث البيوت بخاصة (السجاد، الموكيت، فرش الأسره، الأثاث القديم، الستائر، الوسائد….).

• المواد القشرية للحيوانات التي تبقى عاملاً أساسياً للتحسس، تسبح في الهواء وغالباً ما تكون سبباً لحصول نوبة الربو، حتى لو لم يكن الحيوان موجوداً، إذ تبقى هذه المواد على سطح السجاد أو الأثاث ولمدة أشهر.

• العطنة أو العفنة وهي نوع من الفطريات التي تنمو في بيئة محددة، تتغذى من خلال شتلات النبات المتحللة وتولد أجساماً تسبح في الهواء، ما يسهل استنشاقها.

• عوامل أخرى: المجال واسع وليس بالإمكان سردها كلها، ولكن أهمها الأدوية (الأسبرين، الأدوية المضادة للاحتقان…)، المواد الحافظة الموجودة في بعض المشروبات الغازية أو غيرها من المواد الغذائية، الجوز وثمار البحر، دخان السيجارة أو النرجيلة، الروائح الشديدة (الدهان.. مواد الصيانة أو التنظيف المنزلي، العطور، رائحة الطعام كالمقالي أو البهارات، الروائح المنبعثة من احتراق الكاز، المازوت المستعمل للتدفئة، وخصوصاً في المناطق الجبلية، رائحة اشتعال الأقراص التي تستعمل لطرد الحشرات كالناموس أو التي تبخ في الجو…).

ومن العوامل المسببة للربو: استنشاق مفاجئ للهواء البارد، نوبات البكاء أو الضحك….. يمكن لهذه العوامل أن تتدخل بنسب متفاوتة لدى الطفل المصاب بالربو وحسب تطور المرض لديه.

من المهم معرفة هذه العوامل المثيرة لنوبة الربو، ما يساعد في السيطرة على المرض.

الأشكال السريرية للربو

• الشكل التقليدي: يظهر عند حدوث سعال مع سماع صفير عند التنفس، وهذا الأخير يمكن أن يسمع تلقائياً أو من خلال فحص المريض بواسطة السماعة الطبية، يصاحب ذلك ضيق في عملية التنفس، أو الشعور بانحسار الصدر وخصوصاً بعد التعرض لعوامل محفزة (غبار الطلع، وبر القط مثالاً)، وعند الأطفال يمكن للتشخيص أن يواجه بعض الصعوبة، لأن الأمر ليس دائم السهولة.

• الربو المصاحب للرشوحات الأنفية: يستنتج أن نسبة عالية من حالات الربو عند الأطفال تصاحبها رشوحات في المجاري الهوائية العليا (الأنف، الحلق، الجيوب الأنفية، الحنجرة…)، وذلك عائد إلى الالتهابات الإنتانية، الفيروسية غالباً، في هذه الأعضاء من الرأس.

• الربو على شكل سعال: في هذه الحالة ينتاب الطفل نوبة سعال حاد، ناشف ومستمر وبخاصة خلال الليل، وتشكل هذه، العلامة الوحيدة للمرض، لا سيما عند قيام الطفل بأي نشاط، أو أنه يصاب بسعال متواصل أو شديد الوطأة خلال أو بعد فترة من الرشح.

• حالات ربو دائم أو مرحلي: تسجل لدى بعض الأطفال إذ نرى بعض الإصابات بالربو تحدث من خلال موجبات محددة كالتعرض لاستنشاق وبر حيوان أو خلال التنزه في منطقة حرجية جبلية في موسم تلقيح الطلع (فصل الربيع)؛ يسمى الربو في هذه الحالة بالمتقطع.

في حالات أخرى يتواجد الربو على مدار السنة، ويكون مرضاً مستمراً، متغير الحدة لأسباب متعددة.

مراحل تطور الربو

إن الطفل المصاب بالربو هو عرضة لتطور المرض من مرحلة خفيفة، سريعة التجاوب مع البروتوكول العلاجي المتبع من قبل الطبيب؛ وبعد تكرار الإصابة يمكن للطبيب المعالج وضع علاج وقائي يتلاءم مع كل حالة على حده؛ كما يمكن للربو أن يتطور إلى مراحل أخرى أشد وطأة وخطورة، ما يحد من نشاط الطفل المدرسي والجسدي والفكري ويؤثر على نومه وغذائه ويعرض حياته لمشاكل صحية متفاقمة. نستعرض فيما يأتي هذه المراحل:

• نوبة ربو خفيفة أو معتدلة: حيث تتواجد العلامات الثلاث للربو (السعال، اللهاث والصفير) في حالات الجهد، وليس في أوقات الراحة حيث ينعم الطفل خلالها بفترات نوم طبيعية، يواظب على دراسته ويمارس الرياضة كالمعتاد.

• نوبة أكثر حدة: تتميز هذه المرحلة بوجود إحدى العلامات الثلاث، بشكل دائم، وفي فترات الراحة (بخاصة الضيق في التنفس) بينما العلامات المرضية لا تتحسن بعد استعمال العلاج المتبع للحالات الطارئة، ولكنها بالعكس تتفاقم والطفل لا يمكنه لفظ جملة كاملة من الكلام من دون إعادة أخذ النفس (الشهيق)؛ ويتغير الوضع لدى الطفل الرضيع لنرى أن ليس لديه القدرة على مص الحليب (أكان من ثدي أمه أم من القنينة) بدون الراحة بين مصة وأخرى، في هذه الحال يستحسن مراجعة الطبيب أو نقل الطفل إلى الطوارئ في أقرب مستشفى.

• نوبة ربو بالغة الحدة: تعتبر نوبة الربو بالغة الحدة عند حدوث إحدى العلامات الآتية: ازرقاق في الشفتين، تشوش في الأفكار أو الوعي، تعرق في وضع الراحة، إنهاك جسدي، عدم إمكانية التكلم أو الوقوف.

هكذا نوبة حادة، هي في غاية الخطورة وتشكل حالة طارئة مستعجلة وتوجب الاستشفاء الفوري.

الطفل المصاب بالربو والنشاط الجسدي

يشكل النشاط الجسدي (الحركة، الرياضة…) عاملاً محفزاً لحدوث نوبة ربو عند بعض الأطفال والأولاد، ويمكن أن تحصل النوبة لدى بعضهم عند القيام بنشاط جسدي قوي؛ تدوم النوبة لفترة وجيزة، نصف ساعة أو أكثر من الوقت. هذا الشكل من الربو العائد للنشاط الجسدي يصبح أكثر حدة عندما يكون الهواء بارداً وناشفاً والولد يتنفس حينذاك الهواء من فمه.

عموماً لا توجد أية موانع من ممارسة الرياضة (إلا إذا كان هنالك سبب طبي موجب) فإن التمارين الرياضية يوصى بها.

ما عدا ذلك فإن ممارسة الرياضة الجماعية (السباحة، التمارين، الجري السريع أو الركض…) تشكل نشاطاً يتحمله المصاب بالربو، عندما يكون المرض مسيطراً عليه بشكل منتظم من خلال العلاج الطبي.

من المفيد الإشارة إلى أن التهيؤ لممارسة الرياضة وتناول العلاج (تنشيقة أو بخاخ) قبل 15 أو 30 دقيقة من بدء الجهد الرياضي، يساعد على تدني نسبة نوبات الربو التي تحدثها هكذا نشاطات عادة، لكن لا تمنعه بشكل تام.

الربو ودخان السيجارة

إن تعرض الطفل المصاب بالربو لدخان السيجارة يزيد الأمور تفاقماً، وفي هذا المجال نقدم نصيحة للأهل إن يبعدوا أولادهم أو بالأحرى يبتعدوا عنهم إذا كانوا مدخنين لوقايتهم من «التدخين السلبي». وقد برهنت الدراسات أن نسبة الأطفال ذوي الإستعداد للإصابة بالربو تزداد إذا كان أحد الأبوين مدخناً، وتعلو النسبة أكثر إذا كان الأبوان من المدخنين. أما بالنسبة إلى الأطفال المعرضين لدخان السيجارة، فإن التصرف، الوقائي الوحيد للأهل، لمساعدة أنفسهم أولاً ومن ثم أولادهم هو التوقف عن التدخين.

بعض الإرشادات والنصائح للوقاية من الربو

• في حال الشك بعامل «غبار الطلع» وفترة تلقيح أزهار الربيع، يستحسن القيام بإقفال الأبواب والشبابيك مع إبقاء الأولاد المعرضين في داخل المنزل، لا سيما في حال وجود طلع كثيف في الهواء، وعدم استعمال أغطية السرير أو الثياب التي نشرت ونشّفت في الهواء الطلق، ويمكن في هذه الحالة استعمال جهاز مكيف يمنع الغبار من دخول المنزل.

• أما في حال وجود حشرات الغبار، ينصح بلف الفرش والوسائد في أغطية خاصة مضادة للتحسس يمكن فتحها بسهولة بواسطة سحاب، والقيام بغسل الأغطية أسبوعياً بالماء الساخن، والمحافظة على درجة رطوبة في المنزل تتراوح بين ثلاثين وخمسين بالمائة.

• عند وجود حيوانات أليفة في المنزل، فإن ذلك يؤمن العامل التحسسي من خلال المواد القشرية التي تطرحها، مشكلة الخطر على الأطفال ذوي الاستعداد؛ لذا من الأفضل عدم ترك الطفل على علاقة وثيقة مع الحيوان، من خلال إيجاد مكان آخر له، وعدم ترك القطط والكلاب يدخلون إلى غرف النوم، أو يتسلقون على أدوات الأثاث.

• أما في حال تواجد العطنة أو العفنة، يمكن الوقاية من تكوينها من خلال النظافة: غسل الدوش ومغطس الحمام بمحلول معقم (ماء جافيل أو هيبوكلوريت الصوديوم)، إبقاء درجة رطوبة مستقرة داخل المنزل وذلك طوال فترة السنة، الابتعاد عن اقتناء قسطل الزريعة والأكواريوم داخل البيت لأنها تساعد على نمو وتكاثر العطنة.