التصنيفات
صحة المرأة

غذاء الحامل من الفيتامينات والمعادن

إن البنية الأساسية للجنين في اليوم السادس والخمسين كاملة إلى حد كبير، ولكن خلال الأشهر الباقية حتى موعد الولادة، يكبر حجمه ألف ضعف! فالمواد المغذية التي تتناولها الأم أو التي تناولتها قبلا ستكون بذاتها دون غيرها بمثابة الوقود والمواد الخام لنمو الطفل.

إنها فترة حساسة. للأم والطفل معا متطلبات غذائية مختلفة أكثر مما لكل منهما متطلباته الخاصة. ولأن الأم هي من يتغذى، سنلقي نظرة على هذه الإحتياجات من باب التغييرات التي قد تكون ضرورية في نظام الأم الغذائي.

تذكري أن كمية الفيتامينات والمعادن الموجودة في الأقراص هي أساس التغذية. يحتوي كل غذاء كامل على آلاف المواد المغذية الصغرية التي بدأنا فهمها للتو. بعض هذه المواد “الإضافية” المهمة لا تملك حتى أسماء. إن النظام الغذائي الغني بالمأكولات المتنوعة حيث تفرز المواد المغذية طبيعيا هو على الأرجح النظام الأفضل للحمل.

تعتبر فيتامينات ما قبل الولادة شبكة أمان رائعة. إن الحصول على المزيد من هذه المواد المغذية نفسها من الطعام جيد بشكل عام ولكن من غير الضروري، وغير الحكيم، وغير الآمن تناول المزيد من الفيتامينات كإضافات.

الفولات والحديد

من بين كل الفيتامينات والمعادن والمواد المغذية الأخرى في نظامنا الغذائي، هناك إثنان فقط تزداد الحاجة إليهما بنسبة 50 بالمئة أو أكثر خلال الحمل وهما فيتامين الفولات (المعروف أيضا بحمض الفوليك) والحديد (وهو معدن). يمكن أن يؤدي النقص في أي منهما إلى فقر الدم لدى الأم والطفل.

يستهلك الطفل الفولات عندما يتشكل أنبوبه العصبي، أساس الدماغ والحبل النخاعي. ولتحقيق ذلك، يكون مخزون الفولات المناسب أكثر أهمية من اليوم الواحد والعشرين إلى اليوم الثامن والعشرين بعد الحمل. لهذا السبب، إن الحصول على الكثير من الفولات خلال فترة الحمل يمكن أن يساعد على الوقاية من عيوب الولادة المسماة عيوب الأنبوب العصبي. يمكن أن تخزن النساء اللواتي يتناولن المأكولات الغنية بالفولات الكثير من الفولات لمدة شهرين أو ثلاثة.

يتواجد الفولات بشكل طبيعي في الكثير من الاطعمة، بما في ذلك الخضراوات (خاصة الورقية)، الحبوب الجافة، البازلاء والفواكه. كما أن أعضاء اللحوم غنية به مثل الكبد، والكلية مع أن الطهو قد يقضي على الفولات. يخسر الغذاء الكثير من الفولات إن تم غليه أو طبخه على درجة حرارة مرتفعة.

يمكن الوقاية من عيوب الأنبوب العصبي من خلال تزويد الطفل بالكثير من الفولات. ولكن هذا الأخير مهم أيضا متى تشكلت نسخة جديدة من الحمض الريبي النووي. تتطلب كل خلية جديدة في جسم الطفل النامي بشكل سريع نسخة جديدة من حمضه النووي. كذلك، يعتبر الفولات مهما في عملية إنقسام الخلية. إنه مكون ضروري فيما تنقسم البويضة المخصبة الأحادية الخلية مرة بعد مرة لتصبح مليارات الخلايا الحاضرة عند الولادة. بعد الحمل بحوالى ستة أسابيع، يضيف جهاز الطفل العصبي وحده مئة ألف خلية عصبية جديدة في الساعة!

من الواضح السبب الكامن وراء تناول النساء المزيد من الاطعمة الغنية بالفولات نظرا للاهمية الحيوية للفولات غير أن هذه الاطعمة غنية بمواد مغذية أخرى ما يزال علينا اكتشاف أثرها وتأثيرها. وقد يكون الفولات السبب الرئيسي وراء اشتهاء الفواكه، وعصائرها، والمأكولات الحامضة.

يجب أن تحصل النساء اللواتي يمكنهن الحمل على 400 ميكروغرام من الفولات يوميا كحد أدنى. خلال الحمل، تزداد النسبة إلى 600 ميكروغرام على الأقل يوميا. أظهر المسح الذي أجري على النساء أن المرأة العادية تحصل على حوالى 250 ميكروغرام يوميا. إن اللواتي تتناولن الكثير من الفواكه والخضار تحصلن على المزيد منه.
أقر قانون فدرالي بأن الحبوب الغنية بالفيتامينات تحتوي على الفولات. حاليا، يحصل الأميركي النموذجي البالغ على حوالى 340 ميكروغرام يوميا من الطعام.

عادة، تحتوي فيتامينات ما قبل الولادة على 1000 ميكروغرام (أي ما يعادل ميلغرام واحد). هذا يساوي الحصول على حوالى 500 ميكروغرام من الفولات من الطعام وهي كمية كبيرة مع القليل من الدعم في النظام الغذائي.

كذلك، ترتفع نسبة الحاجة إلى الحديد خلال الحمل. يحتاج كل من الأم والطفل إلى الحديد لتكوين خلايا الدم الحمراء. يرتفع مخزون الدم لدى المرأة الحامل إلى الثلث خلال فترة الحمل. يجب أن يبني الطفل مخزون دمه من الصفر والصفر يشمل الحديد. كما يعتبر الحديد حجر الأساس للعضلات ولعدد من الأنزيمات التي تنفذ العمليات الحيوية في جميع أنحاء الجسم.

يتواجد الحديد بشكل طبيعي في الكثير من الأغذية. وتشمل هذه الأخيرة الفواكه والخضار مثل الزبيب، المشمش، البرقوق (وعصير البرقوق)، السبانخ، اللفت والخضراوات الأخرى. نحصل على الحديد عندما نأكل البقول مثل الفاصولياء المجففة، فول الصويا، البازلاء، والعدس بالإضافة إلى الحبوب مثل دقيق الشوفان. تشمل مصادر الحديد الغنية اللحم، السمك، الدجاج، والبيض. ويحتل الكبد رأس اللائحة. ومثل الفولات، قد يكون هناك مواد مغذية غير الحديد تشجع على تناول هذه المأكولات خلال الحمل. قد يكون الحديد السبب في إشتهاء النساء لبعض هذه الأغذية (يمكنني أن أشم رائحة البرغر بالجبن اللذيذة مع شرائح المشمش).

إن وصفة الطعام الشهية مع معدات الطهو الذكية يمكن أن ترفع نسبة مخزون الحديد. فتناول الأطعمة أو المشروبات الغنية بالفيتامين C (مثل عصير البرتقال) في الوقت ذاته مع المأكولات الغنية بالحديد يساعد على إمتصاص الحديد وإستهلاكه. كما أن الطهو في المقلاة الحديدية يمكن أن يضيف الحديد إلى الطعام.

إن الكثير من الأغذية وخاصة النباتات الحبية هي حاليا معززة بالحديد. يقل إمتصاص الحديد فيها إلا أن المصنعين يضيفون ما يكفي من الحديد للتعويض. كما أن فيتامينات ما قبل الولادة تحتوي على الكثير من الحديد.

تحتاج الحوامل إلى حوالى 27 ملغ من الحديد يوميا لتزويد أنفسهن وأطفالهن بالكمية المناسبة. يجب أن يبلغ مخزون الحديد لدى الطفل المولود بصحة جيدة حوالى 500 ملغ وهي هدية الوالدين.

الفيتامين B6 واليود

تزداد الحاجة إلى مادتين مغذيتين أخريين بنسبة أكثر من 40 بالمئة خلال الحمل. مجددا، هناك فيتامين واحد ومعدن واحد: الفيتامين B6 واليود.

إن الفيتامين B6 المعروف أيضا بإسم بيريدوكسين هو عبارة عن مجموعة مؤلفة من ستة مركبات مترابطة بشكل وثيق. تعمل هذه المجموعة كتميم الأنزيمات في أكثر من 100 عملية إستقلابية مختلفة بما في ذلك تكون السيروتونين والناقلات العصبية الأخرى التي تساعدك على الشعور بتحسن والتفكير بسرعة. يعتبر الفيتامين B6 حيويا لوظيفة الدماغ والعضلات ويستخدمه الجسم لإزالة الفلز الزائد وغير المرغوب فيه. يخزن معظم الفيتامين B6 في العضلات حيث يبقى لفترة طويلة.

تحتاج الحوامل إلى 1.9 ملغ من الفيتامين B6 يوميا. مثل الفولات، غالبا ما يزول الفيتامين B6 بفعل الطهو. إن معظم اللوائح التي رأيتها تدرج الفيتامين B6 في قائمة الأغذية التي تضم الحليب، لحم العضل ولحم الأعضاء (الكبد) ولكن لا يجب أن تتناولي اللحم للحصول على كمية كافية منه. لحسن الحظ، يتواجد فيتامين B6 بغزارة في الكثير من الفواكه، الخضار، الحبوب، المكسرات، البذور، البقول، السمك والدجاج. تحتوي حبة البطاطا المخبوزة على حوالى 0.7 ملغ مثل الموزة النيئة. ويحتوي نصف كوب من الفاصولياء المطبوخة على كمية أقل ولكن الكمية نفسها موجودة في نصف صدر الدجاج المطبوخ. وتحتوي الحصة الواحدة من لحم البقر المشوي على حوالى 0.32 ملغ أي الكمية نفسها الموجودة في أونصتين من الجوز أو كوب واحد من السبانخ.

تحصل النساء الأميركيات النموذجيات على حوالى 1.4 ملغ يوميا من نظامهن الغذائي وهي كمية كافية لإحتياجاتهن غير المتعلقة بالحمل. يجب أن تنفع زيادة نسبة الأغذية الكاملة خلال الحمل. كذلك، تحتوي فيتامينات ما قبل الولادة على الكثير من فيتامين B6.

أما اليود فهو معدن أساسي لوظيفة الغدة الدرقية الطبيعية. وهو مهم لنمو الأطفال لأن هورمون الدرق ينظم عمل الدماغ، القلب، الكليتين، العضلات والغدة النخامية. تحتاج الأمهات إلى المزيد من اليود لأنفسهن خلال الحمل.

يتواجد اليود بغزارة في ثمار البحر والنباتات التي تنمو فيه. حتى في غياب البحر، إن كانت التربة غنية باليود، يكثر هذا الأخير في النباتات التي تنمو في التربة وفي حليب الأبقار التي تتغذى من هذه النباتات. اليوم، يظهر الملح المعالج باليود في العديد من الأغذية لدرجة تجعل نقص اليود خلال الحمل أمرا إستثنائيا.

الزنك

تزداد الحاجة إلى الزنك الموجود في كل خلية تقريبا في جسمي الأم والطفل بنسبة تزيد عن 30 بالمئة. يحتاج الطفل إلى الزنك من أجل نموه وتكوين كل نسخة جديدة من الحمض النووي. يعتبر الزنك حيويا لحاستي الذوق والشم الناميتين. إنه يعزز جهاز المناعة ويسهل عملية ترميم الجسم وإعادة البناء. مثل الفيتامين B6، يلعب الزنك دورا مهما في أكثر من 100 عملية بيوكيميائية حساسة في الجسم. قد يؤدي إنخفاض معدل الزنك إلى تباطى نمو الجنين وولادة الخديج. تكون نتائج الحمل أفضل عندما تخزن الأمهات كمية سليمة من الزنك.

يحصل معظم الأميركيين على الزنك من اللحم الأحمر والدجاج. تشمل المصادر الأخرى الغنية به الفاصولياء (الفاصولياء المحمصة)، المكسرات (الكاجو، جوز البقان، الجوز واللوز)، ثمار البحر (المحار والسمك المفلطح)، الحبوب الكاملة (النخالة أو دقيق الشوفان)، ومشتقات الحليب (اللبن والجبن). تدخل بعض الأغذية الغنية بالزنك طبيعيا في نظام الحمل الغذائي. كذلك، يعتبر الزنك مكونا أساسيا في الحبوب المعززة. تحتاج الحوامل إلى 11 ملغ على الأقل يوميا. تحتوي فيتامينات ما قبل الولادة على 15 ملغ.

النياسين B3، الريبوفلافين B2، الثيامين B1، حمض البانتوثينيك B5

يبقى القليل من المواد المغذية التي ندرك حاجة النساء إليها لزيادة مخزونهن المتناسب خلال الحمل. مثل كل المواد المغذية التي ذكرناها حتى الآن في هذا الموضوع، يجب أن يشكل كل من النياسين، الريبوفلافين، الثيامين، حمض البانتوثينيك، الكروم وأحماض أوميغا-3 الدهنية جزءا مهما من نظام الحمل الغذائي. كذلك، يجب أن تزيد قليلا الكميات الكلية للمواد المغذية الأخرى مثل الألياف، السيلينيوم، الفيتامين A والفيتامين C خلال الحمل ولكن ليس بقدر كمية السعرات الحرارية.

إن كلمات النياسين، الريبوفلافين، الثيامين وحمض البانتوثينيك قد تزيغ عينيك أو تبدو مألوفة عند الجهة الجانبية من علبة الحبوب أو علبة الخبز. إن النقص في هذه المواد بعيد الإحتمال إذ إنها مستخدمة إلى حد كبير كإضافات. وهي جميعها تميمة أنزيمات ناشطة في عدة عمليات إستقلابية لدى الأم والطفل معا.

يتواجد النياسين بشكل طبيعي في الحبوب الكاملة، البقول والمكسرات بالإضافة إلى اللحم، السمك والدجاج. ويظهر الريبوفلافين في الحبوب الكاملة، الحليب، اللحوم والكبد (مجددا). فيما يتواجد الثيامين بغزارة في الحبوب الكاملة. أما حمض البانتوثينيك فينتشر بكثرة في الحبوب الكاملة، الخميرة، البطاطا، الطماطم، البيض، البروكولي، الدجاج، لحم البقر و(احزري ماذا؟) الكبد. كل هذه الفيتامينات موجودة في أدوية ما قبل الولادة على عكس المادتين المغذيتين التاليتين.

الكروم وأحماض أوميغا-3 الدهنية

الكروم. الكروم معدن يعمل مع الإنسولين للحفاظ على معدل غلوكوز طبيعي في الدم. قد يكون ذلك مهما خلال الحمل. من الضروري تناول 30 ميكروغراما منه يوميا ولكن الكثيرين لا يحصلون على كمية كافية منه. يتواجد الكروم في البصل، البروكولي، لحم الديك الرومي، الطماطم، الخس الملعقي، عصير العنب، الفاصولياء الخضراء، (نعم) الكبد، لحم البقر، الدجاج، المحار، البيض، بزور القمح، الفلفل الأخضر، التفاح، الموز والسبانخ. كما ويتواجد في الزبدة، دبس السكر والفلفل الأسود.

لا يتوفر الكروم في معظم فيتامينات ما قبل الولادة وأنواع الخبز والحبوب المعززة. ولكن إتباع نظام غذائي غني بالحبوب الكاملة والنبات الحبي قد يؤمن ما يكفي منه.

أحماض أوميغا-3 الدهنية. إن أحماض أوميغا-3 الدهنية عبارة عن دهون عديدة اللاتشبع تلعب دورا أساسيا في نمو دماغ الطفل وشبكيته. ما يفاجىء الكثيرين أن الدماغ يحتوي على حوالى 60 بالمئة من الدهون. يمكن أن تحول الأمهات بعض أحماض أوميغا-3 إلى الإندروستيرون الكظري منزوع الماء DHA الذي يخترق المشيمة كتمييز على الأحماض الدهنية المماثلة الأخرى ويصبح السلسلة البنيوية الأولية الطويلة من الدهون العديدة اللاتشبع في الدماغ طالما أنه يتوفر الكثير من هذه الأحماض. وتعتمد الكمية المتوفرة على نظام الأم الغذائي. عندما يشح المخزون، يتجمع دماغ الطفل من المكونات البديلة. يعتبر الإندروستيرون الكظري منزوع الماء مكونا أساسيا يضاف إلى عدد كبير من الأغذية البديلة للأطفال.

لقد ثبت أن لأحماض أوميغا-3 فوائد كثيرة لدى البالغين وتشمل تحسن صحة القلب، إنخفاض معدل الإلتهاب والإصابة بالأمراض المنيعة للذات.

يمكن أن تحصل الأمهات على هذه الأحماض في السمك، بزر الكتان، الجوز، بعض الزيوت النباتية (مثل زيت الكانولا أو زيت فول الصويا ولكن ليس معظم الزيوت الأخرى) وتتواجد إلى حد ما في البيض واللحم. تحتاج الحوامل إلى 1.4 غرام من أحماض أوميغا-3 يوميا. إن عشر أونصات من سمك السلمون وأونصتين من الجوز كفيلة بتأمين ما يكفي من أحماض أوميغا-3 الدهنية للمرأة الحامل على مدى أسبوع. لا تتواجد هذه الأحماض في معظم فيتامينات ما قبل الولادة. أعتقد أنها كانت المصدر الأساسي في وحام زوجتي المتواصل على سندويشات سمك التونة.

المكسرات! الحساسية، أحماض أوميغا-3 واللبن

عرفنا للتو كيف يؤثر النظام الغذائي في الحمل على الربو، الإكزيمة والحساسية لدى الأطفال. نعلم أن أكثر من 90 بالمئة من الحساسية لدى الأطفال هي تجاه أحد الأغذية الخمسة: الحليب، البيض، الفول السوداني، الصويا أو القمح. يعتقد البعض أن تجنب الأمهات لهذه الأغذية خلال الحمل يمكن أن يخفف الحساسية. ولكن لم تظهر الدراسات أي آثار وقائية من تجنب هذه الأغذية ما عدا ربما الفول السوداني وأنواع أخرى من المكسرات. قد يكون ذلك جديرا بالإهتمام في العائلات حيث تشكل الحساسية مشكلة. ولكن أهم شيء يجب تجنبه للوقاية من الحساسية هو دخان التبغ وليس الطعام. من الناحية الإيجابية للنظام الغذائي، تظهر دراسات عديدة فوائد مهمة في الوقاية من المرض الأرجي عبر تناول أحماض أوميغا-3 الدهنية والبكتيريا المفيدة الموجودة في اللبن الرائب.

الكالسيوم

إن الحاجة إلى الفيتامين D تتضاعف خلال الحمل وترتفع نسبة الحاجة إلى كل من الكالسيوم والفوسفور إلى 50 بالمئة. ولكن تظهر الأدلة العلمية الأخيرة أن الحاجة إلى الفيتامين D، الفوسفور والكالسيوم لا تزيد أبدا خلال الحمل.

صحيح أن المرأة تنقل من حوالى 25 ألف إلى 30 ألف ملغ من الكالسيوم إلى طفلها خلال فترة الحمل. إن كانت تحتاج إلى ألف ملغ يوميا لتسد حاجاتها الخاصة، إذا ستحتاج إلى الكثير لتأمين حاجة طفلها الإضافية. ولكن ما زالت الكمية الحالية الموصى بها للمرأة البالغة الحامل ألف ملغ يوميا. أظهرت الابحاث أن جسم المرأة يحتاج إلى المزيد من الكالسيوم فيعد الأمعاء لإمتصاص نسبة أعلى من الكالسيوم في النظام الغذائي. كلما تم إمتصاص المزيد، كلما تم تخزين المزيد. إن تلقت المرأة الكمية الروتينية من الكالسيوم الموصى به، فالحمل سيكون بمثابة فترة إستقبال كمية كبيرة من الكالسيوم وليس العكس.

تكمن المشكلة في أن العديد من النساء، إن لم نقل معظمهن، لا يحصلن على الكمية التي يحتجن إليها مما يتناولنه أو يشربنه. يحتوي كوب الحليب المقشود على حوالى 300 ملغ، وكوب اللبن على حوالى 400 ملغ وكوب البروكولي المطبوخ على حوالى 180 ملغ. لهذا السبب تظهر مشتقات الألبان على عدة لوائح من المأكولات المرغوب فيها خلال الحمل. تعتبر العصائر ذات الكالسيوم المقوى والأغذية الأخرى من البدائل الجيدة إن كنت تحتاجين إلى المزيد من الكالسيوم. يتنوع محتوى الكالسيوم في فيتامينات ما قبل الولادة. يحتوي معظمها على 200 ملغ كحد أدنى ولكن مع ذلك قد تخلف فراغا كبيرا من الكالسيوم.

السعرات الحرارية

غالبا ما تتكرر عبارة “تناولي الطعام عن إثنين” خلال الحمل. ولكن عندما يتعلق الأمر بالكمية الإضافية التي تحتاج المرأة إلى تناولها، يجب أن تتناول الطعام عن 1.1. بالنسبة إلى بعض النساء، قد تزيد النسبة ولكن بشكل عام ليس أكثر من 1.2. إن كنت تتناولين كوبا يحتوي على 10 أونصات من عصير البرتقال، ستتناولين الآن كوبا يحتوي على 11 أو ربما 12 أونصة من عصير البرتقال وليس كوبين!

تحتاجين إلى 300 سعرة حرارية إضافية يوميا، أكثر أو أقل، لتساهمي في النمو والتغيرات الكامنة في جسمك وجسم طفلك. هذا ليس بكثير! (تحتوي التفاحة على حوالى 120 سعرة حرارية). ويجب أن تكون هذه السعرات الحرارية الإضافية مليئة بالمواد المغذية.

عملية التناغم

يشكل فيتامين ما قبل الولادة شبكة أمان، فهو يحتوي على معظم الفيتامينات والمعادن التي تحتاج إليها الأم والطفل. إنه يسمح لك بالإسترخاء والإستمتاع بتناول الطعام، ولكنني لا أوصي بأن يبعدك عن النوع العام من النظام الغذائي الذي يتوجب على الحوامل إتباعه.

يمكنك تغذية نفسك وطفلك عبر إتباع نظام غذائي متوازن ولذيذ يضم أنواعا مختلفة من الأغذية الكاملة. تأكدي من التنويع الذي يشمل الكثير من الفواكه، والخضار، والحبوب، والبقول بالإضافة إلى مصادر البروتين.

سيفسح ذلك المجال لبعض العقبة الشهية، وسد بعض حالات الوحام الحادة. إن تواصل الوحام، أعيدي مراجعة قائمة المواد المغذية التي ناقشناها ههنا لمعرفة إحتياجات طفلك وجسمك.

ستلاحظين أن بعض الأشياء غير المدرجة على لائحة الأغذية الضرورية في الحمل تشمل جزئيا الزيوت المهدرجة، شراب الذرة الغني بالفروكتوز، نشاء الطعام المعدل، الدقيق الأبيض المعالج، النكهات الإصطناعية، التلوين الإصطناعي والمواد الحافظة الكيميائية. كل هذه الأغذية شائعة في المنتجات الغذائية المعالجة إلى حد كبير وقد أصبحت المكونات الرئيسية للنظام الغذائي الحديث.

قد تكون بعض هذه الأغذية مفيدة للطفل. ولكن من خلال إختيار وجبات الغذاء الكاملة أو المواد الغذائية القليلة المكونات والتي لا تضم مواد كيميائية، ستتجنبين إختبارها على طفلك للتأكد منها.

الكبد

قد تكونين لاحظت أن العديد من الفيتامينات والعناصر الضرورية موجودة بنسب عالية خلال الحمل في الكبد. هذا الأخير مليء بالحديد والفولات، المادتان المغذيتان المذكورتان على رأس قائمة الحاجة المتزايدة. هل يجعل هذا الأمر من الكبد الخيار الغذائي العظيم لك؟ وفخر الذواقة خلال الحمل؟ لا أعتقد ذلك.

إليك سبب وجيه. الكبد مليء أيضا بالفيتامين A. فيما تعتبر الفيتامينات ضرورية في الحياة، إلا إن الكثير منها قد يكون ساما. هذا الأمر صحيح خاصة مع الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون مثل E، A، D وk. لا تزيد الحاجة إلى فيتامينات E، D وk خلال الحمل. إن المزيد من الفيتامين A ضروري ولكن ليس بقدر إرتفاع نسبة السعرات الحرارية. يمكن أن يكون نظامك الغذائي أقل إنخفاضا نسبيا في الفيتامين A في هذا الوقت.

تبلغ كمية الفيتامين A اليومية الموصى بها 770 ميكروغرام (مقارنة مع 700 ميكروغرام قبل الحمل)، أي 2.567 وحدة دولية. عادة، تحتوي فيتامينات ما قبل الولادة على حوالى 2700 وحدة دولية مغطية بذلك إحتياجاتك الحالية.

وجدت دراسة أن أطفال النساء اللواتي أعطين أكثر من 10 آلاف وحدة دولية من الفيتامين A يوميا خلال الحمل هم عرضة لخطر الإصابة بعيوب عند الولادة بنسبة مضاعفة. وتظهر دراسات أخرى أنه من الآمن تناول 25 ألف وحدة دولية يوميا. ولكن يتفق الجميع على أن الكثير من الفيتامين A يؤدي إلى حالة تسمم. إن الكمية القصوى الرسمية الموصى بها خلال الحمل تبلغ 10 آلاف وحدة دولية يوميا بما في ذلك الفيتامين الموجود في الطعام والإضافات معا. من غير المرجح أن تحصلي على الكثير من فيتامين ما قبل الولادة بالإضافة إلى إتباع نظام غذائي متوازن وطبيعي بإستثناء واحد.

إن الحصة الواحدة من الكبد والتي تحتوي على 3 أونصات يمكن أن تضم 30 ألف وحدة دولية من الفيتامين A! ما من دليل يثبت أن تناول الكبد يسبب عيوبا عند الولادة. ولكنني لا أوصي بتناوله بإنتظام خلال الحمل. (ولا أوصي بتناول إضافات من الفيتامينات أو المعادن الموجودة في فيتامينات ما قبل الولادة). بالطبع، لا تحتمل معظم الحوامل رؤية الكبد أو شم رائحته في جميع الأحوال مهما كانت طريقة تحضيره. إلا أن الشوكولاته أمر آخر.

الشوكولاته

يظهر أحد بيانات الحمل الأكثر إستخداما أن النساء يخففن أو يزلن الشوكولاته من نظامهن الغذائي في فترة الحمل. إلا إنه يحتل الصدارة على لائحة الأغذية الأكثر إشتهاء لدى العديد من النساء الأميركيات الحوامل. يبدو بشكل مثير للإهتمام أن إشتهاء الشوكولاته خلال الحمل أقل حدة في أوروبا والعديد من البلدان الأخرى. فما هو السبب؟

كشفت البحوث الحديثة حول الشوكولاته السوداء النقاب عن عدة فوائد صحية بما في ذلك تخفيض معدل ضغط الدم، وإرتفاع معدلات مضادات الأكسدة التي يبدو أنها تحمي من الإصابة بداء القلب، الشيخوخة، وبعض أنواع السرطان. تشير بعض الابحاث إنه قد يخفض معدل الكولسترول “المضر”، يخفف الوزن، ويحسن المزاج.

ولكن قد يختفي العديد من هذه الفوائد إن تناولت الشوكولاته بالحليب أو إستهلكت الشوكولاته مع الحليب أو مشتقات الحليب الأخرى. إلا أن المذاق الرائع للشوكولاته والحليب لا مثيل له.

قد لا تشتهي الأوروبيات الحوامل الشوكولاته بالقدر نفسه لأن نظامهن الغذائي غني في جميع الأحوال بالفلافين ومتعدد الفينول. تتواجد هذه المركبات أيضا في العديد من الفواكه، الخضار، أنواع الشاي!

ما هي أضرار الشوكولاته للحامل والطفل؟

●  الكافيين. نعلم أن الكثير من الكافيين غير صحي للأم والطفل، ويمكن أن يزيد من خطر الإجهاض والمخاض السابق لأوانه. كشفت بعض الدراسات عن إرتفاع محتمل في خطر التعرض لمتلازمة الموت المفاجىء للرضيع في حال تناول الام أربعة فناجين من القهوة يوميا خلال فترة الحمل. ولكن تشير الابحاث إلى أنه لا بأس بمخزون الكافيين القليل إلى المعتدل. ما هي الكمية المعتدلة من الكافيين؟ يبلغ معدل الكافيين الآمن أقل من 300 ملغ يوميا. قد يحتوي كوب القهوة على 120 ملغ أو أكثر (بحسب كيفية تخميره). وتحتوي علبة بيبسي للحمية على 36 ملغ والبيبسي وون على 55.5 ملغ. فيما يحتوي كوب الشاي الأخضر على حوالى 15 ملغ والكاكاو الساخن على 14 ملغ وأونصة واحدة من الشوكولاته بالحليب على 6 ملغ فقط. يضم لوح شوكولاته هيرشي من الحجم العادي 1.55 أونصة. فيا محبات الشوكولاته قمن بالحسابات الضرورية!

●  اللذع. نعلم أن الشوكولاته تحتوي على الثيوبرومين وهي مادة تريح مصرة المعدة عندما تكون مشدودة، وهي تساعد على منع الحمض من التزايد والتسبب باللذع. في وقت لاحق من الحمل يشيع اللذع. قد تفعل الأمهات المنزعجات من هذا الأمر أي شيء لتضييق هذه المصرة حتى لو أقتضى الأمر التخلي عن الشوكولاته. ولكن من وجهة نظري كطبيب، يمكنهن تقرير كيفية الموازنة بين رغبتهن وإنزعاجهن.

●  نمو الجنين. عاينت دراسة من بولندا نشرت في المجلة البولندية للطب البيطري آثار كميات الشوكولاته الكبيرة الممنوحة إلى الفئران الحوامل. تناولت كل من هذه الفئران 1.55 أونصة من ألواح شوكولاته هيرشي يوميا. فكان طول سيقان الفئران المولودة من أحشاء الفئران التي تناولت الشوكولاته أقصر مقارنة من قريناتها من الفئران التي لم تتناول الشوكولاته.

قد يعني ذلك أن الكثير من الشيء الصحي غير مفيد. لنأخذ بعين الإعتبار أربعة ألواح ونصف اللوح من الشوكولاته يوميا (200 غرام من الشوكولاته بالحليب) أي ما يعادل أكثر من ألف سعرة حرارية من الشوكولاته يوميا، إنها لا تساهم كثيرا في النظام الغذائي المتوازن والمتنوع.

إن الشوكولاته السوداء أغنى بالمواد المغذية المفيدة، ولكنها أيضا أكثر غنى بالمركبات الحيوية الفعالة التي تمحو مصادر القلق. شعار عائلتنا هو شراء لوح كبير من الشوكولاته السوداء وتناول قطعتين أو ثلاث يوميا لسد هذه الحاجة، إختبر الفوائد الصحية ولكن تناول الكمية الآمنة والصحية.

تضيف ثلاثة قطع (مربعات) من الشوكولاته السوداء اللذيذة أقل من 18 غراما أي حوالى 78 سعرة حرارية.

تناول الطعام حتى إشعار آخر

مع كل ما نعرفه عن التبغ، كيف يمكن أن يستمر الأشخاص بالتدخين؟ إنه أمر سهل. فالتدخين يجذبهم ويستمتعون به، إنه منعش ويصبح عادة مع الوقت.

في الواقع، تسبب الإختيارات الغذائية الضعيفة السرطان، الموت، العجز، والمرض المزمن تماما مثل السجائر. إن النظام الغذائي الأميركي الحديث يشكل الخطر الصحي العام الأول على أولادنا. فمع كل ما نعرفه عن المأكولات السريعة التحضير، كيف يستمر الناس بتناولها؟ إنه أمر سهل. فهي تجذبهم ويستمتعون بتناولها، إنها لذيذة ويصبح تناولها عادة مع الوقت.

يا لها من فرصة سانحة لك! لأجيال عدة، لم يدرك الأهل أنهم يستطيعون جعل أطفالهم يتبعون الغذاء الصحيح حتى قبل ولادتهم.

قد تودين مشاهدة ساعة واحدة من الرسوم المتحركة على التلفاز أو مشاهدة مجموعة من الأولاد في مطعم للمأكولات السريعة. ستندهشين لكمية الطعام غير الصحي الذي يسوق لأطفالنا مع الأغاني، والألعاب، والإعلانات، وشخصيات الرسوم المتحركة.

كم سيكون من الأفضل إن إعتدنا على إتباع نظام غذائي صحي. وكم سيكون أفضل لو دعمنا متعة أطفالنا للطعام الصحي اللذيذ عندما تدخل المأكولات الصلبة للمرة الأولى!

الفرصة المميزة متاحة الآن. ففي الرحم، لا يمكن للطفل أن يرى الإعلانات، والألعاب المصحوبة مع الوجبة. كل ما يعرفه هو ما تطعمينه وما يطعمك إياه الوالد. إنه يحب ما يأكله، وينمو عليه، وينمي حاسة الذوق.

إن الفيتامينات التي تتناولها الأم قبل الولادة، تشكل طريقة جيدة لسد ثغرة النقص في الفيتامينات، لكن حذاري فهذه الفيتامينات لا تنمي براعم التذوق لدى الطفل. وقد ولد العديد من الاولاد قبل اختراع هذه الفيتامينات وغيرها من الاصناف، وكان الاولاد يحصلون على هذه الفيتامينات من النباتات التي يتناولها الأهل والاولاد والتي تمتص المغذيات من التربة – أتذكر من أيام طفولتي تلك الطماطم التي كان أبي يزرعها في الباحة الخلفية، وكانت هذه الطماطم ألذ طماطم تناواتها وكما هو معروف لا شيء يندمج مع النباتات إلا إذا كان في التربة، والنباتات التي تنمو في تربة مستنفدة لا تكون صحية بنفس مقدار النباتات المزروعة في تربة غنية.

أنت تربة طفلك. عندما ترين طفلك وجها لوجه للمرة الأولى، ستنظرين إلى خديه وأصابعه المكونة من الطعام الذي تناولتيه.

ما يأكله الآباء مهم أيضا

إن نظام الأب الغذائي مثل نظام الأم الغذائي يمكن أن يساعد الطفل قبل ولادته. إكتشف الباحثون أن الرجال الذين يحصلون على ما يكفي من الفولات قد يجعلون ذريتهم أقل عرضة للسرطان في وقت لاحق من حياتهم وفقا لدراسة نشرت في مجلة الخصوبة والعقم. ولسنوات عدة، نصحت النساء بتخزين ما يكفي من الفولات للمساهمة في الوقاية من عيوب الولادة. الآن، يبدو أن الفولات يعزز السائل المنوي السليم والقوي الذي يفرزه الأولاد الأصحاء. يقترح هذا التقدم أن الخيارات الأخرى غير المدروسة بعد في حياة الأب قد تلعب دورا في قوة سائله المنوي وحيويته وفي صحة أطفاله.