التصنيفات
الباطنية

علاج القرحة الهضمية Peptic ulcer disease

تشير هذه الأنواع من القرح إلى تلك التقرحات التي تصيب المعدة (القرحة المعدية)، أو الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة (تقرحات الاثنا عشر). وتبدو هذه القرح كمناطق ملتهبة ومتآكلة، وقد تكون صغيرة أو كبيرة، منفردة أو متعددة، عميقة أو سطحية.

أتذكر جيدًا حين كنت أعمل بأحد المستشفيات الواقعة في جبال الهيمالايا في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، حين أتى إلى المستشفى عدد كبير من الهنود من شباب ومتوسطي السن من الرجال يشكون تمزقات حادة ناتجة عن الإصابة بالقرح الهضمية Peptic ulcer disease، وهي حالة طارئة تمثل خطرًا على حياتهم. وطبعًا توفي الكثير منهم بفعل التهاب الصفاق الذي تلا التمزقات التي أصيبوا بها. واكتشفت في النهاية أن السبب في هذه الإصابة هو المشروبات الكحولية المخمرة المعدة منزليًّا؛ حيث كانت جزءًا من تقاليدهم. إلى جانب اتباع الأنظمة الغذائية الفقيرة في العناصر الغذائية، وتدخين السجائر، وهو ما جعلهم عرضة للإصابة بتقرحات المعدة والاثنا عشر.

وتتنوع أعراض القرحة الهضمية من الشعور ب”آلام الجوع” إلى الشعور بألم حارق حاد في منتصف الجزء العلوي من المعدة، وهو ما سيجعلك تتلوى ألمًا. وعادة ما يزداد هذا الألم سوءًا في الليل، وعندما تكون المعدة خاوية، كما يمكن للتوتر أن يجعل الأعراض تداهمك. وكثيرًا ما سيسكن تناول الطعام وشرب الحليب من الألم بشكل مؤقت، أما عن العوامل التي قد تسبب أو تؤدي إلى تفاقم ألم القرحة الهضمية فهي التوتر، والنظام الغذائي السيئ، وإغفال بعض الوجبات، والتدخين، وتناول الكحوليات، ومسكنات الآلام، ومضادات الالتهاب (الستيرويدية وغير الستيرويدية).

البكتيريا الملوية البوابية

في عام ١٩٨٢، حدث تقدم مذهل في فهم مرض القرحة الهضمية، عندما أجرى طبيب أسترالي، يدعى “باري مارشال” بحثًا اكتشف خلاله أن هناك علاقة سببية بين إصابة المعدة ببكتيريا تسمى الملوية البوابية، والإصابة بالقرحة الهضمية. وقد قوبلت نظرياته في البداية بكثير من التشكيك، لكن بعد إجراء العديد من الدراسات على مستوى العالم، ثبت قطعيًّا أن الإصابة بهذه البكتيريا الدقيقة الضارة مرتبطة بالتهاب المعدة والاثنا عشر، وهو ما قد يؤدي إلى تقرح المعدة.

وهناك عدد من الاختبارات التي قد ينصحك طبيبك بإجرائها، منها اختبارات النفس للكشف عن وجود عدوى البكتيريا الملوية البوابية. فإذا ثبتت الإصابة بهذه العدوى، فقد يتطلب الأمر تناول أنواع معينة من المضادات الحيوية، التي كثيرًا ما تفي بالغرض. وكأي عدوى فطرية مزمنة، قد تعاود الملوية البوابية الظهور عندما يتدنى مستوى مناعتك، أو ترتفع نسبة السكريات، أو الأطعمة المعالجة في نظامك الغذائي؛ لكن لا يمكنك الاستمرار في تناول المضادات الحيوية مدى الحياة؛ لأنها قد تسبب لك مشكلات جديدة، مثل الإصابة بفطر المبيضة، أو اختلال التوازن البكتيري في جهازك الهضمي، أو أنواع الحساسية المختلفة، أو مشكلات الكبد؛ ولهذا يعد العلاج الغذائي مهمًّا جدًّا في علاج العدوى المزمنة، مثل البكتيريا الملوية البوابية.

ويجب أن يحتوي النظام الغذائي لمرضى القرحة الهضمية على وجبات صغيرة متكررة تضم الكثير من الخضراوات والفواكه، أما في أثناء النوبات الحادة، فقد يكون من الأفضل تناول الشوربة المعدة منزليًّا (المصنوعة من الخضراوات والبقوليات) فقط، والخضراوات المطهوة على البخار والأسماك والأرز.

وتتميز “العصائر الباردة” المعدة من حليب جوز الهند، والموز، والتوت، والبابايا، ومسحوق الجلوتامين، ومسحوق عشبة الدردار الأحمر الزلق بتأثير ملطف ومعالج لأعراض القرحة الهضمية على أن يتم تناولها بكميات صغيرة، وبانتظام على مدار اليوم. ويحتوي الموز على الشحوم الفسفورية ذات الفاعلية السطحية واللازمة للحفاظ على الطبقة الواقية التي تغطي الغشاء المخاطي للمعدة. وتعد عصائر الخضراوات النيئة مفيدة لاحتوائها على مكونات شافية، وملطفة لأعراض القرح الهضمية، ومنها عصير الخيار، والجزر، والكرفس، والنعناع، والتفاح. كما كان عصير الكرنب النيء يستخدم بشكل تقليدي في علاج القرح؛ فهو فعال على الرغم من مذاقه؛ لاحتوائه على مواد تتميز بفاعليتها في شفاء القرح، كما يتميز الكرنب بكونه غنيًّا بحمض الجلوتامين الأميني الكبدي، الذي يحفز تخليق الميوسين الذي يعزز شفاء الغشاء المخاطي المعوي. ويمكن خلط عصير الكرنب مع العصائر الأخرى التي ذكرتها هنا لتحسين مذاقه.

علاجات طبيعية للقرحة الهضمية

– يمكن تناول مسحوق عشبة الدردار الأحمر الزلق مُذابًا مع حليب جوز الهند، أو حليب اللوز، أو حليب الأرز حسب الرغبة، فهو ليست له أية آثار جانبية.

– ستُعجّل فيتامينات أ وه، والأملاح المعدنية، مثل الزنك والسيلينيوم بعملية الشفاء، كما ستُحسن من صحة الغشاء المخاطي المبطن للمعدة.

– تتميز المشروبات العشبية مثل الكاموميل، والأروروت، والخطمى، وعرق السوس، وخاتم الذهب، بتأثير ملطف ومعالج. ويمكن تحليتها إن شئت بالستيفيا، أو البديل الطبيعي للسكر.

– يمكنك أن تخلط عصير نبتة الألوفيرا أو هلامها أو سائلها مع العصائر الباردة، لما لها من تأثير فعال في علاج القرح الهضمية.

– تعد العصائر الباردة حلًّا رائعًا لمرضى القرحة الهضمية.

– يعد حمض الجلوتامين الأميني رائعًا لمرضى القرح الهضمية أو التهاب المعدة؛ فهو مصدر الدعم لخلايا بطانة الأمعاء، ودونه ستتلف هذه الخلايا. ويفيد الجلوتامين في حماية بطانة القناة الهضمية المعروفة باسم الغشاء المخاطي، والحفاظ على سلامتها، كما يعتمد الهضم والوظيفة الأيضية الطبيعية التي تؤديها الأمعاء على كميات محددة من الجلوتامين. ويكون الجلوتامين أكثر فاعلية حينما يؤخذ في شكل مسحوق من الجلوتامين الصافي بتركيز ٥ جرامات لكل ملعقة صغيرة؛ لذا عليك تناول ما بين نصف ملعقة وملعقة صغيرة من هذا المسحوق، مرتين أو ثلاث مرات يوميًّا.

– هناك بعض المضادات الحيوية الطبيعية التي يمكن شراؤها، حيث تحتوي على المكونات التالية: خلاصة شجرة الحب، وزيت أوراق المردقوش، وزيت القرنفل، وزيت الزعتر. وتقدر الجُرعة الموصى بها بكبسولتين مرتين يوميًّا مع الطعام، وقد يستلزم الأمر تناول هذه الجرعة ٣ مرات يوميًّا. إلى جانب منتج آخر يدعى كبسولات باكتريكس التي تصنعها شركة ميتاجينكس؛ وهي أقراص معوية مغلفة لضمان وصول محتوى الكبسولة إلى الأمعاء الدقيقة. وتسهم هذه المضادات الحيوية الطبيعية في تقليل تكاثر البكتيريا الملوية البوابية، وغيرها من البكتيريا الضارة في المعدة والأمعاء الدقيقة، وقد تسبب الإصابة بالقرح الهضمية.