التصنيفات
صحة المرأة

التخلص من السموم والمواد الضارة خلال فترة الحمل

“بعد حملي أصبحت أنظر لها بمنظار مختلف، ذلك أني لم أكن أدرك أنها بهذا التلوث حتى حملت. فأصبحت أشعر أن السموم تحيط بي من كل جانب. الدخان، وعوادم السيارات، والزحام والضجيج وغير ذلك كثير. وصرت كلما مشيت في أحد الشوارع ومرت بي حافلة لندن الشهيرة، أكتم أنفاسي خوفا من استنشاق دخان الديزل”

خلال فترة الحمل تقوى عندي جميع الحواس بشكل كبير، فتصبح مشاعري عميقة، ويقوى سمعي كثيرا، وتزداد قزحية عيني اتساعا، وتصبح حاستي الشم والتذوق أكثر حدة. وكلما تفكرت في الأمر يزداد يقيني أنها هبة الله للمرأة خلال فترة الحمل كي تكون قادرة على حماية نفسها وجنينها من أي خطر خارجي. ذلك أن هذه الحواس التي تزيد قوتها خلال فترة الحمل تعطي المرأة مؤشرا أوليا عن البيئة المحيطة بها فتستطيع بذلك أن تحمي نفسها من أي خطر محتمل وبالتالي تحمي جنينها.

دراسة البيئة المحيطة بك هي أفضل وسيلة لتجنب المخاطر المحتملة. فأنا مثلا، وقد ذكرت ذلك سابقا، لم أكن أقدر على تحمل رائحة السجائر والتلوث الحادث من عوادم السيارات خلال فترة الحمل. وذلك على الرغم من أني كنت أتعرض لها باستمرار قبل الحمل ولم يكن ذلك يزعجني أبدا. وأعتقد أنها كانت وسائل جسدي لإبقائي بعيدا عن السموم. وقد سمعت الكثير من القصص المشابهة، بل إن بعض السيدات المدخنات أقلعن تماما عن التدخين بمجرد أن أصبحن حوامل.

هي إذاً طريقة جسدك في إبعادك عن التعرض للسموم خلال فترة الحمل. وكلما كنت أكثر ارتباطا بجسدك كلما أصبحت قادرة على معرفة الأشياء التي تفيد جسدك والأشياء التي تضره. ولا شك أن السموم تعتبر خطرا على صحتك وصحة جنينك فعليك الابتعاد عنها قدر استطاعتك خلال فترة الحمل.

ما هي السموم؟

إذا كنت متحيرة في ماهية المواد التي تتعرضين لها في حياتك اليومية أو في عملك وهل تعتبر من السموم التي عليك تجنبها أو غير ذلك فضعي في اعتبارك ما يلي: السموم هي أي مواد يتعرض لها الجسم ولكنه لا يستطيع استخدامها في انتاج خلايا الجسم أو في تعزيز صحة الجسم.

هذه السموم قد تكون من المواد التي يمكن استنشاقها أو أكلها أو شربها أو حقنها أو امتصاصها عبر الجلد أو بأي طريقة أخرى تسمح لها بالدخول للجسم. ويتعدى الأمر عدم استطاعة الجسم على استخدامها في تعزيز صحة الجسم، بل هي في الحقيقة تضر بالصحة بسبب استهلاكها للعناصر الغذائية المخزنة في الجسم حتى يتم التخلص منها، فتسبب بذلك أعراضا مرضية مختلفة، وتؤدي إلى عرقلة الأجهزة المهمة في الجسم (مثل الكبد) عن القيام بعملها.

ولا يمكن أن يختلف اثنان حول ضرر السموم على المرأة وجنينها خلال فترة الحمل، ولكن بطبيعة الحال هناك سموم تعتبر أكثر ضررا من غيرها.ونحن نعلم أن جميع السموم تتم تصفيتها داخل الجسم بواسطة الكبد، فإذا كان الجسم يحوي سموما زائدة عن الحد الطبيعي فذلك يعني أن الكبد ستقوم بتوجيه أكثر طاقتها للتخلص من هذه السموم مما يؤثر بالتالي على وظائف الكبد الأخرى، مثل العمل على توازن الهرمونات وانتاج الكوليسترول وغيرها من الوظائف.

العديد من السموم لها قدرة على الوصول للجنين عبر المشيمة فتؤثر على صحة الجنين بطرق متنوعة تختلف من شخص لآخر. ولكن وبشكل عام فإن السموم التي تتعرض لها المرأة خلال فترة الحمل من الممكن أن تسبب أضرارا عديدة للطفل مثل انخفاض الوزن عند الولادة، ونقص معدل الذكاء، وضعف المناعة، وتأخر الكلام، وحتى مرض التوحد. ونجد أن العديد من الأطفال يولدون وهم يحملون السموم التي كانت تحملها أمهاتهم فيستمرعبء هذه السموم في التأثير عليهم طوال فترة حياتهم.

إلى أي حد أنت معرضة للسموم؟

من النادر جدا أن نجد شخصا لا يتعرض للسموم نهائيًا، ولكن ما يقلقنا ليست السموم في حد ذاتها وإنما هي درجة التعرض لهذه السموم. فلا شك أن الضرر الذي يقع على المرأة الحامل التي تتعرض لنوع أو نوعين من السموم خلال الأسبوع هو أقل كثيرا من الضرر الذي يقع على المرأة التي تتعرض للسموم باستمرار كجزء من أسلوب حياتها أومن وظيفتها.

وهناك عامل آخر يجب ألا نغفل عنه، ألا وهو صحة المرأة قبل الحمل وأيضا خلال فترة الحمل. فالأمر الطبيعي هو أن أجهزة الجسم تقوم بشكل مستمر بالتخلص من السموم التي يتعرض لها الإنسان خلال حياته. ولكنك حين تعرضين جسدك لعدد كبير جدا من مختلف أنواع السموم فإنك تخلقين تكدسا من تلك السموم يفوق قدرة أجهزة الجسم الطبيعي على التعامل معها. فإذا ما كان جسدك ضعيفا لأي سبب من الأسباب (مثل التوتر، المرض) فإن الآلية الطبيعية للجسم للتخلص من السموم تصبح أيضا ضعيفة وتصبح عملية التخلص من السموم صعبة وبطيئة.

عليك بداية أن تقومي بدراسة البيئة التي تعيشين فيها لتعرفي ما إذا كنت معرضة للسموم ولتعرفي كيف يمكنك تجنب هذه السموم. حاولي التعرف على المحيط القريب الذي تعيشين فيه وعلى الأنشطة اليومية التي تقومين بها لتعرفي ما إذا كان مستوى السموم التي تتعرضين لها مقبول أو أنه أعلى من الحد الطبيعي. وهناك وظائف معينة تعتبر عالية السموم بطبيعيتها. على سبيل المثال، الرسامات والعاملات في صالونات التجميل يتعرضن لكثير من السموم خلال ساعات العمل. مثل هؤلاء النسوة عليهن وبدون شك القيام بعملية تنظيف للجسم من السموم قبل التفكير في الحمل، أما خلال فترة الحمل فيجب الابتعاد تماما عن بيئة العمل المليئة بالسموم.

من أين تأتي السموم؟

قد تتسائلين من أين تأتي السموم التي تدخل أجسامنا، فإليك قائمة ببعض تلك السموم التي من الممكن أن نتعرض لها، وسأذكر لك بعدها كيف يمكنك التعامل معها وكيف تتجنبيها.

لا زلت أذكر نظرة الذهول التي ظهرت على ملامح إحدى السيدات ممن كنت أقدم لهن المشورة عندما جلسنا معا لنضع قائمة بالسموم التي كانت تتعرض لها في حياتها اليومية. فقد ذُهلت لأنها لم تكن تتوقع هذا الكم الهائل من السموم في حياتها ولا حتى أنها كانت تتعرض لها دون أن تشعر. لذا سأضع لك قائمة ببعض السموم التي ستكون بمثابة التنبيه من بعض الأمور التي لا نلقي لها بالا وهي في حقيقتها ضارة، و تكون أيضا حافزا لك كي تزيدى من اهتمامك بصحتك وصحة جنينك.

إليك بعضا من السموم التي قد تتعرضين لها:

المنزل

  • المنظفات الخاصة بتنظيف المنزل
  • البخاخات والمقابس الخاصة بمحاربة الحشرات
  • معطرات الهواء
  • البخور
  • أبخرة الطلاء والغراء
  • منتجات النظافة الشخصية مثل مزيل العرق المحتوي على الألمنيوم، العطور، معجون الأسنان بالفلورايد
  • صبغات الشعر
  • القدور والمقالي المصنعة من الألمنيوم
  • البلاستيك خاصة عندما يحتوي على طعام ساخن
  • نايلون التغليف الشفاف اللاصق
  • القصدير المستعمل في لف الأطعمة

أطعمة ومشروبات

  • الفواكه والخضراوات غير العضوية
  • الفواكه والخضراوات غير المغسولة
  • الأسماك الملوثة مثل التونة
  • الطعام المدخن أو المشوي على الفحم (خاصة الأجزاء التي اسودت بسبب الشوي)
  • الطعام المعلب
  • أكل الكبد والكلاوي
  • المواد المضافة للأطعمة (المستخدمة في المنتجات)
  • مضغ العلكة وتناول مشروبات الحمية المضاف لها محليات صناعية
  • الكافيين
  • الكحول
  • المشروبات الغازية

أخرى

  • التدخين (المباشر والسلبي)
  • التلوث البيئي
  • حشوات الزئبق
  • الأدوية
  • اللقاحات
  • أبخرة البنزين

مالذي يمكنك القيام به؟

تفزع الكثير من النساء الحوامل اللواتي عملت معهن حين يرين مثل هذه القائمة الطويلة من السموم التي عليهن تجنبها. والكثيرات منهن يسارعن في اتخاذ موقف سلبي وكأنهن يقلن لا يمكن بحال من الأحوال أن أستطيع التخلص من كل السموم الموجودة في هذه القائمة لذا “فلن أفعل شيئا ”

دعيني أخبرك كيف نضع هذا الموضوع في إطاره الصحيح. لقد اتفقنا على أن السموم ضارة جدا عليك وعلى جنينك، لذا فما سأذكره لك الآن هو بضع خطوات ستدلك على كيفية التعامل مع هذه السموم وكيفية التقليل من ضررها. وقد ساعدتني هذه الخطوات بشكل كبير خلال فترات حملي الثلاث:

● تعاملي مع الأمر بإيجابية – لا تنظري فقط للأشياء التي لا تستطيعين تغيرها، إبدأي أولا بالأشياء التي بإمكانك الاستغناء عنها. على سبيل المثال: بدلا من أن تقولي لا يمكنني الاستغناء عن كل هذه الأشياء، ركزي أولا على الأشياء الصغيرة التي بإمكانك تركها مثل الشموع والمبيدات الحشرية والأطعمة المعلبة.

● ابحثي عن بدائل – الكثير من المنتجات المذكورة في القائمة والتي تحوي السموم بالإمكان استبدالها بمنتجات أخرى خالية من السموم.

● حددي مستوى الخطر المحتمل من كل منتج – في القائمة السابقة (أو القائمة التي وضعتيها لنفسك) هناك وبدون شك بعض المواد التي تعتبر أكثر ضررا من غيرها. فما تحتاجينه هو أن تقومي بدراسة القائمة جيدا ثم تقومي باستبعاد المواد الأكثر خطورة أولا. مثلا: التعرض لأبخرة الطلاء يعتبر أكثر خطرا من تناول الاطعمة المعلبة. وبالمثل يجب أن يكون قرارك مبنيا على عدد المرات التي يتكرر فيها التعرض لمنتج معين. على سبيل المثال: إذا كنت رسامة وتستنشقين أبخرة الطلاء بشكل يومي فعندها يكون ذلك هو مصدر السموم الرئيسي الذي تتعرضين له وعليك حينها العمل على تقليله أو منعه. وإذا كنت تستخدمين البخور بشكل يومي فعندها يكون ذلك هو ما تحتاجين إلى التعامل معه بشكل فورى.

● حددي إجمالي المرات التي تتعرضين فيها للسموم – إرجعي مرة أخرى لقائمة السموم التي وضعتيها وقومي بوضع إشارة بعدد المرات التي تتعرضين فيها للسموم من منتج معين، فإذا كنت تتعرضين لتلك السموم أكثر من أربع مرات وبشكل منتظم فأنت إذا تعرضين نفسك وجنينك لمستويات عالية من السموم وعليك التفكير في إيجاد البديل.

خطة العمل

ربما تنظرين لقائمة السموم التي تتعرضين لها في حيرة، لا تعلمين من أين تبدأين و مالذي يمكنك الاستغناء عنه من كل تلك الأشياء التي اعتدت عليها، ولكن وحتى لا تجعلي نفسك عرضة للتوتر دون حاجة، إليك بعض الأمور التي بإمكانك البدء بها فورا:

● توقفي عن استخدام مزيل العرق الذي يحتوي على الألمونيوم، واستخدمي البديل الصحي وهو مزيل العرق الطبيعي الذي يمكنك شراءه من أغلب محلات المنتجات الصحية.

● استخدمي معجون أسنان أو صابون أسنان خالي من الفولورايد، وستجدينه في محلات بيع المنتجات الصحية. أو اصنعي معجونك الطبيعي في المنزل

● لتنظيف المنزل (الأرضيات والحمامات) ضعي بضع نقاط من زيت شجرة الشاي أو الخل في ماء واستعمليه كمضاد للجراثيم.

● لا تقومي بصبغ شعرك خلال فترة الحمل (أو استخدمي الصبغات الطبيعية).

● توقفي عن استخدام الشموع، واستبدلي جميع القدور والمقالي المصنعة من الألمونيوم بأخرى مصنعة من الحديد أو الفخار

● إغسلي الفواكه والخضروات جيدا بالماء والخل واستخدمي الفرشاة المخصصة لتنظيف الخضروات. والأفضل شراء الفواكه والخضروات العضوية إن أمكنك ذلك. وتذكري أنه كلما زاد طلب الناس على المنتجات العضوية كلما زاد المعروض منها وكلما انخفضت أسعارها وبالتالي كلما استطعت شرائها بكميات أكبر”

● تجنبي تناول الطعام المعلب، وكذلك الطعام المحروق.

● إذا كنت تشربين القهوة أو الشاي، استبدليها بشاي الأعشاب (مثل البابونج والنعناع) واستبدلي المشروبات الغازية بالماء العادي أو الماء الفوار.

● ابتعدي تماما عن الكحول.

● لا تدخني، وتجنبي الجلوس في أماكن قريبة من المدخنين. وإذا كنت من المدخنات فإن فترة الحمل هل الفترة المناسبة كي تتركي التدخين. الكثير من السيدات أقلعن عن التدخين بشكل كامل عندما أصبحن حوامل.

● تجنبي تناول الأدوية قدر الإمكان (بطبيعة الحال ما لم يتم وصفه من قبل الطبيب لسبب معين).

● أغلقي نوافذ سيارتك عندما تقومين بتعبئة سيارتك في محطة البنزين.

● لا تأخذي أي نوع من اللقاحات خلال فترة الحمل.

● بالنسبة لحشوات الزئبق، من المهم جدا أن تعرفي أنه لا بد من إزالة حشوات الزئبق قبل الحمل. ولأن الزئبق مادة سامة جدا فيجب ألا تتم إزالتها خلال فترة الحمل أو الإرضاع بسبب المخاطرة الشديدة من أن يقوم الجسم بامتصاصها خلال عملية الإزالة. لذا في حال كنت حاملا عليك الانتظار حتى الانتهاء من مرحلة الإرضاع قبل أن تقومي باستبدالها بحشوات من نوع آخر.

● تأكدي أن الأمعاء تعمل بشكل منتظم، فإخراج الفضلات هو وسيلة الجسم للتخلص من السموم بشكل مستمر. فتفادي الإمساك

بشكل عام، عندما يتعرض شخصين لنفس الدرجة من السموم فإن قدرة كل منهما على الحفاظ على صحته والتخلص من تلك السموم تختلف باختلاف صحة كل منهما وقوة جسده. لذا فمن المهم جدا أن تحافظي على صحة جسدك وتتأكدي أنك تتمتعين بقوة كافية للتعامل مع أي سموم قد تدخل جسدك.

تحذير من تنظيف جسم الحامل من السموم خلال فترة الحمل

من غير المستحسن استخدام أي وسيلة لإخراج السموم من الجسد خلال فترة الحمل. إذ أن هذه العملية ستقوم بإخراج السموم من الأماكن التي خزنت فيها (عادة في الكبد أو أماكن تخزين الدهون) وتعيديها من جديد للدورة الدموية في داخل الجسم حتى يتم إخراجها منه لاحقا. وعندما تكون في مرحلة الدوران يكون هناك احتمال كبير بأن تتخلل تلك السموم إلى المشيمة وتصل إلى الجنين. لذا تجنبي القيام بأي برنامج تنظيف للسموم حتى تنتهي من فترة الحمل والإرضاع.

أما الوقت الأفضل للتخلص من السموم فهو قبل الحمل، وإذا قمت بعملية تنظيف للجسم من السموم فأنصحك بالانتظار على الأقل لستة أشهر قبل الحمل كي يكون هناك وقت كاف لخروج السموم من جسدك بشكل كامل