التصنيفات
الباطنية

النظام الغذائي في حالات الحمى

الحميات هي أمراض تكون مصحوبة بارتفاع في درجة الحرارة عن المعدل الطبيعي (37م) وتكون مصحوبة بتغيرات معينة في عمليات التمثيل الغذائي وهذه التغيرات يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند وضع الوجبات الغذائية لمرضى الحميات.

التغيرات التي تحدث عند ارتفاع درجة حرارة الجسم

1- ازدياد سرعة الاحتراق:

تزداد سرعة الاحتراق بنسبة 10% لكل ارتفاع في درجة الحرارة يساوي درجة واحدة سنتيجراد ونتيجة لازدياد سرعة الاحتراق يزداد احتراق العناصر الغذائية التي يختزنها الجسم بداخله إلا إذا أعطى غذاء خارجيا كافياً لتعويض الزيادة في الاحتراق.

2- ازدياد عملية هدم البروتين:

تزداد عملية هدم البروتين في حالة ارتفاع درجة الحرارة وقد تصل إلى ضعفي أو ثلاث أضعاف الكمية المستهلكة في حالات الصحة ولو أن ارتفاع درجة الحرارة يزيد من كمية البروتين المستهلك إلا أن هذه الكمية المستهلكة لها علاقة بشدة العدوى أكثر من علاقتها بالارتفاع في درجة الحرارة.
وفي الحميات طويلة المدى، يجب أن يبذل جهد في منع هدم البروتينات الموجودة بالجسم وذلك بتعويضها بأخذ كميات وفيرة من البروتينات في الغذاء أكثر من هذه التي تؤخذ في حالات الصحة. وأما عن الفكرة التي تقول أن الغذاء الذي يحتوي على كمية كبيرة من البروتين يزيد من ارتفاع درجة الحرارة فلا أساس لها من الصحة. وإذا حاولنا أن ننفذ ما سبق أن ذكرنا من عمل غذاء خاص للمرضى بالحميات كما ونوعاً فإننا سنواجه بعض الصعوبات مثل عدم قابلية المريض للأكل أو وجود القيء مع ارتفاع درجة الحرارة.

التغذية في الحميات

إن استعمال مضادات الحيويات قد خفضت مدة المرض في معظم الأمراض المصحوبة بارتفاع في درجة الحرارة، فمثلاً في التيفود كانت الحرارة تستمر لمدة 3-4 أسابيع ولكنها الآن تستمر لبضعة أيام وذلك نتيجة لاستعمال مضادات الحيويات وعلى ذلك فإن نقص الوزن وسوء التغذية التي كانت تصحب الحميات التي تستمر لفترة طويلة نادراً ما توجد في هذه الأيام أي في أيام مضادات الحيويات. ولكن على الرغم من ذلك فهناك بعض الحميات التي لا يمكن التغلب عليها لمدة طويلة من الزمن وعلى ذلك فإن في هذه الحالات إعطاء غذاء كاف كما ونوعاً يعتبر أمراً هاماً جداً وغالباً ما يكون مصحوباً ببعض الصعوبات ويستحسن أن يقسم الغذاء في الحالات المصحوبة بارتفاع في درجة الحرارة إلى ثلاثة أقسام:

1- الحميات قصيرة المدى

يستمر المرض في هذه الحالات أياماً وليس أسابيعاً، ويوضع الغذاء مستوفيا لشرط مهم وهو ألا يبذل المريض مجهوداً في تناوله ويلي ذلك أهمية هو كمية المواد الغذائية التي يحتوي عليها الغذاء وعلى ذلك فيجب أن يكون:

– الغذاء سائلاً.

– يعطى بكميات بسيطة على فترات متعددة عادة كل ساعتين أو ثلاث ساعات. واللبن يعتبر هو الغذاء الأساسي ويأخذ المريض منه حوالي لتر يومياً وهذه الكمية من اللبن ستمد المريض بحوالي 40جم بروتين، 700 سعر وإذا احتاج الأمر فيمكن إضافة سترات الصوديوم للبن بنسبة 2جم 100سم3 من اللبن، ويمكن إعطاء اللبن طعما مستساغاً بإضافة  الكاكاو أو القهوة أو الشاي وكذا أيضاً يمكن إضافة البيض وكمية البيض هي من 2-3 بيضات يومياً – ويمكن أيضا إعطاء عصير الفواكه بكميات وفيرة لاحتوائها على كميات كبيرة من الفيتامينات وهذه تعطى بين الوجبات وكذلك يمكن إعطاء الحبوب المطبوخة وكذا الكسترد – وإذا كان المرض مصحوباً بإسهال فتقلل كمية اللبن ويضاف إليها سترات الصودا أو يخفف بالماء ولإعطاء المريض كمية كافية من السعرات فيحلى عصير الفواكه بالسكر.
وإذا كان المرض مصحوباً بانتفاخ في الأمعاء فيجب الإقلال من كمية المواد الكربوهيدراتية.

– إعطاء سوائل بكميات كبيرة من 2-3 لتر يومياً.

– وبمجرد انخفاض درجة حرارة الجسم وتتحسن شهية المريض – يعطى غذاء خفيف سهل الهضم (غذاء لين) محتوياً قدراً كافياً من البروتين والطاقة.

– وبشفاء المريض ودخوله فترة النقاهة يعطى غذاء متوازياً غنياً بكل المغذيات (غذاء النقاهه).

2- الحميات طويلة المدى

مثل التيفود والحميات التي لا تستجيب للعلاج مضادات الحيويات:
إذا لم تستجب الحمى لمضادات الحيويات في طرف ثلاثة أو أربعة أيام فيجب التأكد من أن كمية الغذاء وخاصة السعرات والبروتين كافية حتى تقابل زيادة الاحتياجات التي تفرضها الحمى الموجودة.

والأسس الواجب توافرها عند وضع غذاء لهذه الحميات هي:

– يجب أن يحتوي الغذاء على مقدار عال من السعرات أعلى من القدر اللازم لمريض ملازم الفراش 50 وهذا يعني أن الغذاء يجب أن يعطى حوالي 2400 سعراً في اليوم.

– يجب أن يحتوي الغذاء على قدر عال من البروتين لتعويض ما يستهلكه الجسم من البروتين عند ارتفاع درجة الحرارة. ولما كانت شهية المريض للأكل ليست طبيعية لذا يجب إعطاء الطعام على هيئة سوائل أو شبه صلب وفي هذه الحالة لا يستطيع المريض أن يتحصل على أكثر من 70-90جم بروتين في اليوم وعلى كل فهذه الكمية ستعطى احتياجات المريض إلا إذا كانت الحالة شديدة جداً.

– يجب أن يكون جزءاً كبيرا من الغذاء على هيئة كربوهيدارت فإن هذا سيمنع حرق الجسم لكميات كبيرة من الدهن المخزون به (لتعويض ما يفقد من الجسم من سعرات) مما يكثر من احتراق الدهن ووجود هذه النواتج بنسبة كبيرة يضر الجسم ويحدث أعراضاً معينة، فإذا ما أخذ المريض كمية كبيرة من المواد الكربوهيدراتية فإنه سيحصل منها على ما يحتاجه من سعرات ولن يحصل على هذه السعرات من الدهن المخزون به. وأيضا مع كمية الكربوهيدرات في الغذاء سيعوض ما يفقد من الكبد من النشا الحيواني (الجليكوجين) الذي يحرق في حالات ارتفاع درجة الحرارة قبل أن يحرق الجسم المخزون من الدهن. والكبد الغنية بالنشا الحيواني تقاوم سموم المرض أكثر من الكبد الفقيرة فيما يوجد بها من النشا الحيواني.
وأخيراً فإن أخذ كميات كبيرة من الكربوهيدرات سيحمي بروتين الجسم من الاحتراق الذي يحدث نتيجة لارتفاع درجة الحرارة.

– يجب أن يعطى الطعام في هيئة سوائل أو غذاء متوسط الصلابة وأن يكون سهل الهضم، ويجب أن يعطى بكميات صغيرة على فترات متعددة.

– يجب أن تعطى السوائل بكثرة، وذلك لتعويض ما يفقد من سوائل الجسم في العرق ولكن يجب ألا تزيد كمية السوائل زيادة كبيرة، ومتوسط ما يعطى للمريض في اليوم من السوائل هو 2.5-3 لتر في اليوم.
ويفقد المريض كمية كبيرة من كلوريد الصوديوم ولذلك يجب إضافته لبعض الأطعمة التي يتناولها المريض.

ونبدأ بالسوائل وبعد فترة يأخذ المريض متوسط الصلابة، وبعد أن يتحسن المريض يمكن إعطاؤه الغذاء الصلب وذلك بإضافة التوست والعيش بالزبد والفواكه الطازجة والدجاج والأرانب والسمك والخضراوات الطازجة وعلى ذلك تلغى بعض الأكلات السائلة ثم متوسطة الصلابة حتى يصبح الطعام كله صلباً.
وفي دور النقاهة تتحسن شهية المريض للأكل ولكن لا يجب إعطاؤه كميات كبيرة من الأكل حتى تتحسن حالة الهضم عنده ويجب أن يكون الطعام سهل الهضم غنياً بالبروتين والفيتامينات مع الابتعاد عن الأطعمة الدسمة والعسرة الهضم والمتبدلات والمشططات (غذاء نقاهة).

3- الحميات المزمنة مثل الدرن

على الرغم من أن مضادات الحيويات قد غيرت من النظرة لمرض الدرن ومن تأثيره على المريض إلا أنه في بعض الحالات يستمر المرض لعدة أسابيع يفقد المريض خلالها كثيراً من وزنه، وفي هذه الحالات يكون الغذاء مهما لحفظ حالة المريض العامة، وحينما نهدف إلى تعويض التأخير في الحالة العامة للمريض وكذا النقص في وزن المريض، يجب إلا نتعدى هذا الحد من التعويض حتى لا نصل بالمريض إلى حالة من البدانة قد يكون لها أثر سيء على صحة المريض وهذا يعتبر خطأ في علاج المريض. والغرض من العلاج الغذائي للمريض هو أن نوصله إلى الوزن المثالي أو أكثر منه ببضع أرطال وليس لنصل به إلى حالة من السمنة تكون مضرة بصحته على طول المدى.

وعند وضع غذاء لمريض الدرن: فيجب أن يكون غذاؤه متوازناً أكثر من غذاء الشخص السليم. ويعطى القدر الكافي من السعرات لمقابلة سرعة التمثيل القاعدي وكذلك تزيد حاجة مريض الدرن إلى البروتين لتعويض الفقد في عمليات الهدم وكذلك تزيد الحاجة إلى عنصر الحديد خصوصاً في الحالات التي يصحبها نزيف.

ويجب أن يكون الغذاء غنياً بالدهون وذلك لضمان الحصول على الفيتامينات التي تذوب في الدهن. وأثناء الفترة الحادة للمرض يحتاج إلى غذاء سائل أو لين وحينما تتحسن حالته يعطى غذاء الدرن (الغذاء المعوض).