التصنيفات
صحة المرأة

الحمل بدون إجراء الفحوصات الجينية

أنا أتساءل دومًا إذا كانت لديَّ مشكلة جينية لا أعلم عنها شيئًا. هل ينبغي أن أُجري فحصا جينيًّا؟

كل إنسان تقريبًا يحمل جينًا لاضطراب جيني واحد على الأقل – حتى لو لم يظهر قط في تاريخ العائلة، لكن لحسن الحظ، لأن معظم الاضطرابات تتطلب زوجًا متطابقًا من الجينات، واحدًا من الأم وواحدًا من الأب، فمن المستبعد أن تظهر هذه الاضطرابات في أولادهم. ويمكن أن يخضع أحد الوالدين أو كلاهما لبعض الفحوصات للكشف عن هذه الاضطرابات قبل (وهو الأمر المفضل) أو في أثناء الحمل، بفضل الفحص الجيني. في معظم الحالات، يوصى بإجراء الاختبار لأحد الوالدين فقط – واختبار الوالد الثاني يصبح ضروريًّا فقط إذا كانت نتيجة الاختبار الأول إيجابية.

لطالما كانت التوصيات الرسمية لمن ينبغي أن يُختبر – حتى وقت قريب – ترتكز على الخلفية العرقية أو الجغرافية ومقصورة على عدد محدودة من الاضطرابات. على سبيل المثال، هناك أفراد فئات عرقية محددة ينبغي أن يخضعوا للفحص للكشف عن مرض تاي ساكس، ومرض كانافان، وربما اضطرابات أخرى (كما تمت ملاحظة مرض تاي ساكس في مجموعات عرقية أخرى، من بينها الكاجون القاطنون بجنوب لويزيانا، والكنديون الفرنسيون، وهولنديو بنسلفانيا، لذا فالخضوع لاختبارات الكشف هو شيء جدير بأن تفكر فيه إذا كان لعائلتك مثل هذه الجذور. وبالمثل، الأزواج الأمريكيون الأفارقة ينبغي أن يخضعوا لاختبارات الكشف عن فقر الدم المنجلي، ويخضع ذوو الأصول المتوسطية والآسيوية للكشف عن الثلاسيميا (شكل وراثي من الأنيميا).

لكن لأنه من الصعب جدًّا تحديد سمة عرقية أو جغرافية مفردة لأي شخص في مجتمع اليوم متعدد الأعراق ومترامي الأطراف، فالقاعدة التي تقوم عليها هذه التوصيات لم تعد قابلة للاعتماد عليها مثلما كانت الحال سابقًا. ومن الأمثلة على ذلك: في حين أن القوقازيين ذوي الأصول الأوروبية أُخبروا مرارًا عن مدى أهمية الاختبار للكشف عن التليف الكيسي (Cystic Fibrosis) بما أن لديهم احتمال الإصابة بالمرض بنسبة 1 بين كل 25، فإن الخلفيات المختلطة وسعت من نطاق حاملي المرض. ونتيجة لذلك، فإن التوجيهات الإرشادية الخاصة باختبار مرض التليف الكيسي قد اتسع نطاقها كذلك. والآن أصبح يوصَى بأن يخضع كل الأزواج، بصرف النظر عن انتمائهم العرقي، لاختبار الكشف عن التليف الكيسي.

هل ينبغي أن يتسع نطاق التوجيهات الإرشادية الخاصة باختبارات الكشف عن الاضطرابات الجينية بصورة أكبر؟

كثيرون يعتقدون في ضرورة ذلك. والآن، تساعد التطورات الجديدة في مجال الاختبارات الجينية كل الأزواج – بصرف النظر عن سماتهم العرقية أو الجغرافية – أن يخضعوا للكشف عن نطاق واسع من الأمراض الوراثية قبل الحمل. مثل هذه الاختبارات المسماة اختبارات الكشف عن الجينات الحاملة للأمراض يمكن أن تكشف عن الجين الحامل لأكثر من 300 مرض، وتمنحك قوة معرفة ما إذا كنتِ أنت وزوجك عرضة لخطر نقل أي من هذه الأمراض الوراثية لطفل تنجبانه معًا. إذا تبين أن نتيجة اختباركما إيجابية كحاملي مرض جيني معين (مرة ثانية، لا داعي لاختبار الأب إذا كانت نتيجة الأم سلبية)، فيمكن استخدام مزيد من الاستشارات والاختبارات الجينية لفحص إصابة طفلك أو أطفالك المستقبليين بهذا المرض. علاوة على ذلك، فالمعرفة المسبقة بأنهما مرشحان لخوض مخاطرة إنجاب طفل مصاب باضطراب جيني تعطي الزوجين خيار استخدام تقنيات إنجاب جديدة (مثل التلقيح الصناعي مع التشخيص الجيني قبل زرع الجنين للكشف عن إصابة الجنين بمرض وراثي قبل الزرع)، أو للتفكير في العديد من المسارات الأخرى غير التقليدية لإنشاء عائلة.

وفي حين يدعو كثير من الخبراء لوضع توجيهات إرشادية ستجعل من الفحص الموسع لحاملي الأمراض الوراثية أمرًا اعتياديًّا لكل الأزواج، فإن الكونجرس الأمريكي لأطباء النساء والتوليد لا يزال غير موافق على ذلك الموقف. وحاليًّا يوصون بإجراء هذا الفحص الموسع بصورة أساسية على أساس تاريخ العائلة والأصل العرقي الذي تنتمي إليه (وهو غير موثوق به بقدر ما يمكن للإفصاح الذاتي عن العرق أن يكون) مع فحص دوري مقصور على جين التليف الكيسي.

ومع ذلك، فقد اتفق الكونجرس الأمريكي لأطباء النساء والتوليد مع الكلية الأمريكية لعلوم الوراثة والجينوم الطبية (ACMG) على أنه ينبغي أن يعرض على كل الأزواج خيار إجراء فحص الشخص الحامل للأمراض الوراثية، إذا اختاروا القيام به، قبل محاولة الإنجاب. لكن لتقليل الأثر العاطفي السلبي المحتمل للفحص، يوصي الخبراء بأن يصاحبه استشارة طبيب توليد أو عالم وراثة يمكنه أن يشرح على نحو دقيق ما هي الاضطرابات التي تكشف عنها أجهزة الفحص الموسع للشخص الحامل للأمراض الوراثية، بحيث يمكن للأزواج اختيار عدم تلقي نتائج الفحوصات التي لا يودون أن يعلموا شيئًا بشأنها.

وتضيف الكلية الأمريكية لعلوم الوراثة والجينوم الطبية أن اختبار فحص الشخص الحامل للأمراض الوراثية ينبغي أن يُجرى فقط للكشف عن الاضطرابات التي تكون متعلقة بقرار الإنجاب، ولا تتضمن الاضطرابات التي تصيب البالغين (بعض من الحالات من بين الثلاثمائة مرض في اختبار الشخص الحامل للأمراض الوراثية تبدأ الإصابة بها عند الأشخاص البالغين فقط) – إلا إذا أبدى الزوجان موافقة خاصة على إجراء الفحص لها جميعًا. وأفضل طريقة لتقرري كيف تتعاملين مع الفحص الجيني – بصرف النظر عن التوصيات الحالية – هي أن تناقشي الأمر مع طبيبك. بهذه الطريقة يمكن لك ولشريكك أن تقررا الأفضل لكما ولعائلتكما التي ستكبر عما قريب.

أنا وزوجي لم نقم بإجراء فحص جيني قبل الحمل. هل علينا الآن أن نذهب لرؤية متخصص في الوراثة؟

بما أن احتمال حمل ونقل اضطراب جيني منخفض عند معظم الأزواج، لحسن الحظ، فكثير منهم ليسوا بحاجة إلى متخصص في علوم الوراثة – والاحتمال الأكبر، أنكِ من ضمن هذه الأكثرية. ولكي يرتاح بالك، ناقشي الأمر مع طبيبك لمرحلة ما قبل الولادة، وانظري إذا كنت ستحتاجين إلى أن تنتقلي بموضوع الاستشارة الجينية إلى مستوى أكثر تخصصًا. عادةً ما يكون اللجوء إلى مستشار وراثي أو متخصص في طب الأم والجنين مقصورًا على هؤلاء المحتاجين إلى خبرات إضافية:

• أزواج تُظهر نتائج تحاليل الدم الخاصة بهم و/أو نتائج الفحوصات الموسعة للأشخاص الحاملين للأمراض الوراثية أنهم حاملون لاضطراب جيني يمكن أن ينقلوه لأطفالهم

• أزواج لديهم طفل أو أكثر مصاب بعيوب ولادة وراثية.

• الأزواج الذين تعرضوا لحالتي إجهاض متعاقبتين أو أكثر.

• الأزواج الذين تجاوزت سن المرأة 35 عامًا بينهم و/ أو سن الرجل 40 عامًا.

• الأزواج الذين يعلمون بوجود اضطراب وراثي في أي فرع من فروع العائلتين. وفي بعض الحالات (مثلما هي الحال مع التليف الكيسي أو ثلاسيميا محددة)، اختبارات الحمض النووي للوالدين قبل الزواج تجعل تفسير الاختبارات اللاحقة للجنين أكثر سهولة.

• الأزواج الذين كان أحدهما (أو أحد والديه أو شقيق أو ابن أكبر) لديه عيب وراثي (مثل مرض القلب الوراثي).

• النساء الحوامل اللاتي كانت نتيجة فحوصات الاختلالات الصبغية لديهن إيجابية.

• الأزواج وثيقو الصلة، لأن خطر وجود مرض وراثي في الذرية يكون أكبر بكثير حينما يكون الوالدان من الأقارب (على سبيل المثال، 1 من كل 8 لأولاد العم أو الخال أو العمة أو الخالة).`

أفضل وقت لزيارة متخصص في الأمراض الوراثية (وللتفكير في إجراء فحص موسع) يكون قبل حدوث الحمل؛ فالمستشار الوراثي مدرب على أن يعطي الأزواج احتمالات إنجاب طفل موفور الصحة استنادًا إلى خصائصهم الجينية التي يمكن أن ترشدهم عند اتخاذ قرار بالإنجاب أو عدم الإنجاب؛ لكن القيام بهذه الزيارة لن يكون متأخرًا حتى بعد تأكد حدوث الحمل.

ويمكن للمستشار أن يقترح اختبارًا مناسبًا لمرحلة ما قبل الولادة اعتمادًا على الخصائص الجينية للزوجين، وإذا كشف الاختبار عن وجود عيب خطير في الجنين، فإنه يمكن للمستشار الوراثي أن يوجز للوالدين كل الخيارات المتاحة، ويساعدهما على تقرير كيف يعالجان الأمر. ولقد ساعدت الاستشارة الوراثية عددًا لا يحصى من الأزواج ذوي الحالات الخطرة على تجنب حسرة إنجاب أطفال لديهم مشكلات صحية خطيرة، في حين أنها ساعدتهم على تحقيق أحلامهم بإنجاب أطفال أصحاء تمامًا.