التصنيفات
الصحة العامة

احرص على تناول الدواء كما تم وصفه تماماً

أحيانا ما تقابلني مواقف أثناء عملي تجعلني أقهقه بصوت عال، وأحد أحدث تلك المواقف كان عندما عاد إليّ مريض يتسم بخفة الظل يشكو من أنني لم أكن قد وصفت له الأقراص الطبيعية التي اعتاد عليها.

وعندما راجعت ذلك على الحاسوب لكي أتحقق من كلامه، وجدت أنه على الرغم من أن شركة الدواء قد تغير اسمها إلا أن أقراص دوائه لم تتغير، فسألته لماذا اعتقد أنني فعلت ذلك، فقال: إن الأقراص الأولى كانت تغوص عندما أسقطها في المرحاض، أما هذه الأقراص فإنها تطفو.

إن الأمر غالبا لا يصل إلى هذا الحد من التطرف، ولكن عدم الإذعان والامتثال لتعليمات الطبيب فيما يخص تناول الدواء يعتبر مشكلة رئيسية، وهو أحد أسباب طلب الأطباء من مرضاهم أن يكملوا دورة العلاج حتى النهاية. فعلى الرغم من أن الحقائق المؤكدة يصعب الحصول عليها لعدة أسباب، إلا أن 50% من المرضى لا يذعنون للعلاج بالأدوية في بعض الحالات المزمنة.

وأنا لا أجد مشكلة في تصديق هذا الرقم والاعتقاد بأنه صحيح. فعدم الطاعة والإذعان لتعليمات الطبيب هي بلا شك السبب الرئيسي في عدم استجابة المريض للأدوية، وهذا أمر واضح الخطورة، ويتسبب في ظهور الكثير من الحالات المرضية وحالات الوفاة. وعندما تحدثت مع الأطباء الآخرين وجدت أن هناك قبولا واسعا لـ قاعدة الثلث بشأن مسألة المعالجة. فربما يتناول ثلث المرضى الدواء بطريقة صحيحة. والثلث الآخر يتناول بعض الدواء وينسى تناول الباقي، والثلث الأخير لا يهتم حتى بإعطاء الوصفات الطبية للصيدلي، وإذا فعلوا ذلك , فإنهم لا يتناولون الأدوية. وعندما عرفت ذلك، كان من بين الأمور التي كنت أقوم بها عند زيارتي المنزلية هي أن أحاول أن أفتش في الحمام، وكنت أشعر بالامتعاض عندما أفاجأ بعلب الأدوية غير المفتوحة تتساقط على الأرض.

إنهم في أمريكا ـ حيث تتوفر الإحصائيات الخاصة بهذه المشكلة ـ يسمونها مشكلة الدواء الأخرى في العالم، ويقال إن هذه المشكلة تسبب أكثر من 100000 حالة وفاة سنويا، أو نسبة 10% من إجمالي من يدخلون المستشفيات بسبب عدم الإذعان للعلاج. ومن المحتمل أن تتوافق هذه الأرقام مع نتائج البحوث في المملكة المتحدة والدول الأخرى، والسؤال هو: لماذا توجد مثل هذه المشكلة في تناول الأقراص؟

إن عدم الإذعان للتداوي الذي يمكن تعريفه على أنه: الفشل في تناول الدواء في موعده بالجرعات التي تم وصفها له أسباب كثيرة. فأنا أعتقد أن كثيرا من المرضى يغادرون عيادتي ثم يقيّمون ما قلته لهم بشأن الأخطار والفوائد العلاجية , ثم يتخذون قرارا ضد العلاج. فإذا لم يكونوا هم أنفسهم يصدقون أنهم يعانون مشكلة كبيرة ـ كأن يكونوا مصابين بارتفاع ضغط الدم ولكن لا توجد أعراض ويشعرون بأنهم على ما يرام ـ فهم يرون أنه لا حاجة لهم في تناول الدواء بشكل يومي. وثمة عامل أساسي آخر , هو الآثار الجانبية، أو الاعتقاد بأن الآثار الجانبية سوف تكون كبيرة عندما يقرأون نشرة المعلومات الخاصة بالدواء المرفقة مع كل الأدوية التي يصفها الأطباء

إن الأطباء يخصصون الوقت لسماع مرضاهم، ويرهقون أنفسهم بأن يشرحوا لهم لماذا وصفوا لهم هذا الدواء بالتحديد، وما آثاره الجانبية، وما فوائده، والفترة التي يجب تناوله خلالها، وهؤلاء المرضى يحتمل أن يذعنوا لوصفات الأطباء العلاجية بتلك الطريقة , أكثر من الأشخاص الذين تلقى لهم الوصفات الطبية، ويطلب منهم الذهاب وتناول الأقراص. فبسبب ضغط الوقت الشديد هذه الأيام على الأطباء ؛ فإنهم أحيانا يضحون بإعطاء المعلومات للمرضى ؛ ولذلك يتوجب علينا جميعا أن نتذكر أنه من الضروري تناول الدواء فعلا حتى يحقق المفعول المطلوب !

يجب تناول الدواء كما تم وصفه تماما. وإذا كان لديك ما يقلقك عن السبب في تناول علاج معين، أو إذا كنت تريد أن تعرف المزيد عن الوصفة الطبية ؛ فعليك أن تسأل الطبيب أو الصيدلي.