التصنيفات
الغذاء والتغذية

اللحوم مفيدة أم ضارة للصحة؟

الدهون موضوع مثير للجدل، لكن اللحوم موضوع عاطفي. من الصعب فصل الحقائق العلمية عن الآثار الصحية للحوم من الشواغل الأخلاقية والتأثير البيئي. ما الحقيقة: هل اللحوم مفيدة أم ضارة؟ هل تسبب أمراض القلب والسمنة والسرطان وتؤدي لحياة أقصر، أم هي مفتاح الصحة وطول العمر؟ عاش هنود السهول على تناول الجاموس، وكان لديهم أعلى نسبة من المعمرين الذين تجاوزوا المئة عام، في حين أن هناك نباتيين من بين أطول الناس على قيد الحياة على هذا الكوكب. ماذا يحدث؟ أهي اللحوم أم الخضراوات؟ ربما نحن نطرح السؤال الخاطئ.

يبدو أن الجواب هو أنها ليست اللحوم أو الخضراوات، بل السكر والكربوهيدرات المكررة التي تمثل جزءًا من نظام آكل اللحوم الغذائي النموذجي، ونظامنا الغذائي مفرط المعالجة المسبب للالتهاب هو ما ينبغي أن نهتم به.

هناك الكثير من الأسئلة حول اللحوم. البعض يشعر بالقلق إزاء الدهون المشبعة والكوليسترول في اللحوم، والبعض الآخر يشعر بالقلق من قدرتها على إحداث الالتهاب. لكن البعض الآخر يقلق من وجود صلة محتملة للتغيرات في بكتيريا الأمعاء التي تنتج مركبًا مرتبطًا بأمراض القلب يسمى TMAO. البعض يبقى بعيدًا بسبب المواد المسببة للسرطان مثل الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات أو الأمينات الحلقية غير المتجانسة، التي تتشكل عند شواء أو طهو اللحوم في درجات حرارة عالية، أو المنتجات النهائية المتقدمة للارتباط بجزيئات السكر، والتي تتشكل عندما ترتبط البروتينات والسكريات في أثناء الطهو لتشكيل ذلك السطح الخارجي المقرمش. ذلك كافٍ لجعلك تقسم على عدم تناول شرائح اللحم إلى الأبد.

موضوع اللحوم معقد بالتأكيد (ويمكن أن يملأ كتابًا كاملًا). سوف أؤجل للحظة الاعتبارات الأخلاقية الحقيقية جدًا التي تحفز البعض على أن يصبحوا خضريين، والأثر البيئي الخطير لتربية الحيوانات الصناعية. سوف نصل إلى هذه المشكلات قريبًا. أولًا، أريد تناول مسألة البروتين الحيواني في اللحوم عامة -واللحوم الحمراء على وجه الخصوص- من حيث صلته بالصحة.

المشكلة في بحوث اللحوم

حتى بعد مراجعة معظم البحوث حول اللحوم والصحة، سيكون من الصعب إعطاء إجابة نهائية عما إذا كانت اللحوم مفيدة أم ضارة. لماذا؟ ببساطة لأننا، كما ناقشنا، يصعب جدًا إجراء بحث جيد عن النظام الغذائي. ولم يقم أحد بأي دراسات مفيدة حقًا على اللحوم. النوع الصحيح من الدراسات (التجارب المباشرة التي تقارن الأنظمة الغذائية المختلفة؛ حيث يتم توفير جميع الأطعمة، ويتم التحكم بجميع المتغيرات، وليس دراسات الروابط) سيكلف مليارات من الدولارات، وستستغرق عقودًا، وستكون شبه مستحيلة. علينا أن نؤدي الغرض باستخدام البيانات المحدودة التي نملكها – الروابط، وليس الأسباب.

دعونا ننظر إلى دراسة معاهد الصحة الوطنية التي تبدو مثيرة للإعجاب – دراسة AARP Diet and Health Study على أكثر من 500000 رجل وامرأة من سن الخمسين لسن الواحد والسبعين، والذين تم تتبعهم لمدة 10 أعوام. قام الباحثون بتقييم نظامهم الغذائي من خلال استبيان لتكرار تناول الغذاء. هل تذكر حقًا ما أكلته خلال العام الماضي؟ ماذا حتى عن الأسبوع الماضي؟ هذه هي المشكلة الأولى في الدراسة. تَذكُّر الأغذية المتناولة ليس أفضل طريقة لتقييم الكم المستهلك (على الرغم من كونه كل المتاح لاستخدام الباحثين، وهذا هو السبب في استخدامه).

ثم هناك مشكلة المجموعة السكانية التي تمت دراستها. لم يدرسوا هنود السهول الذين يعيشون على تناول الجاموس، والتوت، والجذور، والمكسرات. درسوا السكان الأمريكيين المتوسطين الذين يتناولون نظامًا غذائيًا عالي المعالجة، والغني بالسكر مع القليل جدًا من الفواكه والخضراوات، السكان الذين يدخنون كثيرًا، ويمارسون قليلًا جدًا من التمارين الرياضية. أولئك الذين تناولوا كميات أقل من اللحوم كانوا أكثر صحة، نعم، لكن لماذا؟ قد يكون ذلك بسبب شيء يسمى تأثير المستخدم الصحي. هذا عندما يتجنب الناس الذين يريدون أن يكونوا أصحاء الأشياء التي تقول ثقافتنا إنها ستجعلهم مرضى (اللحوم، والأغذية المعالجة، والسكر، والتدخين، وما إلى ذلك) ويقومون بالأشياء التي تجعلهم أكثر صحة (ممارسة التمارين الرياضية، وتناول المزيد من الفواكه والخضراوات، والنوم، وما إلى ذلك). إنه نمط حياتهم العام هو ما يجعلهم أكثر صحة، ما يجعل من الصعب أن تنسب صحتهم الجيدة لتقليل اللحوم على وجه التحديد.

على سبيل المثال، خذ حالة العلاج بالبدائل الهرمونية للنساء. ذهبت النساء اللاتي يعتنين بصحتهن إلى الطبيب أكثر، وأكلن أفضل، ومارسن التمارين أكثر، ولم يدخن. كن المستخدمات الصحيات للبدائل الهرمونية. عندما أخبرهن طبيبهن أن يأخذن هرمونات لمنع أمراض القلب، أخذن الهرمونات. أردن أن يبذلن قصارى جهدهن للحصول على الصحة والبقاء فيها. هذا هو السبب في أن الدراسات السكانية أظهرت وجود صلة بين الهرمونات والصحة – كان تأثير المستخدم صحيًا في العمل.

ثم جاءت مبادرة صحة المرأة، التي وجدت، في الواقع، أن النساء اللائي تناولن الهرمونات كن أكثر عرضة للنوبات القلبية والسكتات المخية والسرطان. بين عشية وضحاها تحولنا للنقيض علميًا. التجارب التي تثبت السبب والتأثير تتفوق على الدراسات التي لا تجد سوى الروابط (والتي يمكن تفسيرها بعوامل أخرى). الدراسات التي لا يمكنها أن تثبت السبب والتأثير تعاني مما يسمى بالمتغيرات “المربكة”، والتي تربك أو تشوش السؤال.

وجدت دراسة معاهد الصحة الوطنية – AARP Diet and Health Study علاقة بين اللحوم وأمراض القلب والسرطان، والوفاة. لكنها وجدت أيضًا أن آكلي اللحوم، على العموم، كانت مجموعة غير صحية للغاية. هؤلاء الناس دخنوا أكثر، وكانوا أكثر وزنًا، ويستهلكون في المتوسط 800 سعر حراري أكثر في اليوم، ومارسوا تمارين رياضية أقل، وأكلوا المزيد من السكر، وأكلوا كمًا أقل من الفواكه والخضراوات (وبالتالي أليافًا أقل)، وتناولوا عددًا أقل من مكملات الفيتامينات الغذائية. هل فوجئت حقًا بأن معدلاتهم للإصابة بأمراض القلب والسرطان والموت كانت أعلى؟ من المحزن أن العنوان الوحيد الذي تتعلق به وسائل الإعلام هو “اللحوم تقتل”.

السؤال ليس ما إذا كان الناس الذين يأكلون اللحوم المنتجة صناعيًا، والكثير من السكر والكربوهيدرات المكررة، وقليلًا جدًا من الفاكهة أو الخضراوات، والذين يدخنون، ويعانون من زيادة الوزن، ولا يمارسون التمارين الرياضية، ولا يتناولون الفيتامينات يعانون المزيد من أمراض القلب؟ السؤال الحقيقي هو ما إذا كان آكلو اللحوم الذين يتناولون اللحوم التي رعت العشب، والذين يأكلون الكثير من الطعام الصحي، ولا يدخنون، ويمارسون التمارين الرياضية، ويتناولون الفيتامينات يعانون المزيد من أمراض القلب.

لحسن الحظ، بعض الباحثين قد طرحوا هذا السؤال. درس العلماء 11000 من آكلي اللحوم (57 في المائة) والنباتيين (43 في المائة) الذين كانوا مهتمين بصحتهم؛ بعبارة أخرى، آكلي اللحوم والنباتيين الذين تسوقوا في متاجر الأطعمة الصحية. هذه دراسة أكثر حسمًا؛ لأنه بخلاف استهلاكهم للحوم، كانت المجموعتان متشابهتين في أسلوب حياتهما العام وعاداتهما الصحية. وجد الباحثون أن معدلات الوفاة الإجمالية انخفضت للنصف في كل من آكلي اللحوم والنباتيين المهتمين بصحتهم، بالمقارنة مع الشخص المتوسط الذي يتبع نظامًا غذائيًا غربيًا من الأطعمة المعالجة. لم يعثر على أي فائدة للنباتيين أو الأذى لآكلي اللحوم من حيث خطر الإصابة بأمراض القلب، والسرطان، أو الوفاة. معظم الدراسات عن آكلي اللحوم مقابل النباتيين لا تقارن آكلي اللحوم “الأصحاء” الذين لا يتناولون سوى اللحوم التي رعت العشب بلا هرمونات، أو المضادات الحيوية، أو مبيدات الآفات؛ والذين لا يأكلون أي أغذية معالجة؛ والذين يتمتعون بتناول الكثير من الفواكه والخضراوات والمكسرات والبذور. الذين يتناولون نظامًا غذائيًا منخفض السكر والكربوهيدرات المكررة جدًا والغني بالألياف؛ والذين يمارسون التمارين الرياضية، ولا يدخنون، ويتناولون مكملات الفيتامينات الغذائية بالنباتيين الذين يشاركونهم العادات الصحية نفسها (باستثناء تناول اللحوم). كما وُجد بالدراسة التي استُشهد بها للتو، أظنه لن يكون سوى قليل جدًا من الاختلافات بين هذه المجموعات.

في معظم الدراسات، اللحوم المستهلكة تستمد من الحيوان الذي ربي صناعيًا في معالف مغلقة. لحوم الحيوانات التي غذيت صناعيًا بالحبوب مليئة بالهرمونات والمضادات الحيوية ومبيدات الآفات، وبها دهون أوميجا 6 (من علف الذرة) ودهون أوميجا 3 أقل من اللحوم التي رعت العشب. لذلك من الصعب جدًا الحصول على قراءة دقيقة عن آثار اللحوم على الجسم.

هناك بيانات أقوى عن اللحوم المعالجة مثل اللحوم المقددة، والنقانق، وسجق بولونيا، ولحوم الإفطار، والتي تبين أنها ضارة. وجدت دراسة EPIC على ما يقرب من 500000 شخص عدم وجود علاقة بين اللحوم الطازجة غير المعالجة وأمراض القلب أو السرطان، لكنها أظهرت وجود صلة بين اللحوم المعالجة والسرطان وأمراض القلب.

هل تسبب الدهون المشبعة والكوليسترول باللحوم أمراض القلب؟

لقد غطينا النقاش عن الدهون المشبعة والكوليسترول بالفعل. وخلاصة القول هو أن الجميع، بما في ذلك جمعية القلب الأمريكية ولجنة حكومتنا للمبادئ التوجيهية الغذائية، لم يكتشفوا أي علاقة بين الكوليسترول الغذائي وأمراض القلب. الدهون المشبعة لا تزال قيد المناقشة. جزء من الارتباك يرجع إلى أن ارتفاع مستويات الدهون المشبعة في دمنا لا يتسبب، في الواقع، في أمراض القلب. لكن -وأولي اهتمامًا وثيقًا، لأن هنا هي النقطة الرئيسية- أنواع الدهون المشبعة في الدم التي تسبب أمراض القلب، حمضي الستياريك والبالميتيك، لا تأتي من تناول اللحوم. يتم إنتاجها في الكبد عند تناول السكر والكربوهيدرات. وأنا أعلم أنني ربما بدأت بإعادة الكلام نفسه مرارًا وتكرارًا، لكن بالنسبة للغالبية العظمى من الأسئلة المطروحة عما إذا كانت الدهون ضارة، فإن أصابع الاتهام تشير مرارًا إلى السكر والكربوهيدرات بدلًا من الدهون.

لا توجد أدلة ثابتة على أن الدهون المشبعة في نظامنا الغذائي من اللحوم ترفع نسبة الكوليسترول في دمنا. في الواقع، هناك الكثير من الأدلة على أن تناول اللحوم يُحسن من مستوى الكوليسترول في الواقع عند استهلاكها في غياب السكر والكربوهيدرات المكررة. كيف ذلك؟ من خلال رفع مستويات الكوليسترول المفيد وتعزيز جزيئات LDL الواقية، أو الكبيرة.

في الدراسات العشوائية المحكومة بمجموعة مرجعية على ما يسميه البعض نظام العصر الحجري القديم الغذائي -وهو نظام غذائي أشبه بما اتبعه أسلافنا من رجال الكهف، من اللحوم الطازجة جيدة الجودة، والبيض، والكثير من الفواكه والخضراوات، والمكسرات والبذور، لكن بلا حبوب، أو منتجات ألبان، أو فاصوليا، أو أطعمة معالجة- عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب ومرض السكر وفحوصات الدم تحسنت، ولم تسؤ.

في إحدى التجارب المذهلة، أرسل باحث عشرة من السكان الأستراليين الأصليين الذين يعانون من السمنة، ومرض السكر، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة السكر في الدم إلى الأدغال لصيد الكناغر والتماسيح، ولجمع الجذور والمكسرات والتوت. في غضون سبعة أسابيع، جميع نتائج فحوصاتهم عادت للمستويات الطبيعية، مما مكنهم من الإقلاع عن الأدوية، وفقدوا كميات كبيرة من الوزن.

في دراسة تلو أخرى، تغذية مرضى السمنة، أو مرضى السكر أو المصابين بأمراض القلب نظامًا غذائيًا غنيًا بالدهون والبروتين الحيواني عالي الجودة أدت لنتائج أفضل في كل شيء، بما في ذلك الوزن، ودهون الجسم، ومحيط الخصر، والكتلة العضلية، والأيض، وضغط الدم، والدهون الثلاثية، و HDL، و LDL. وجد الناس الذين يتبعون أنظمة غذائية مثل هذه أنها أكثر إشباعًا، وكانوا أقل جوعًا مما كانوا عندما اتبعوا الأنظمة الغذائية الغنية بالكربوهيدرات، ومنخفضة الدهون، ومنخفضة اللحوم، حتى عندما كان عدد السعرات الحرارية هو نفسه تمامًا. هذه الآثار عميقة.

هل اللحوم الحمراء تسبب النوبات القلبية عن طريق تعزيز بكتيريا الأمعاء الضارة؟

في العلم، كثيرًا ما نحاول أن نعزل شيئًا واحدًا ونلومه على المشكلة. مع ذلك، في الطب والصحة هناك العديد من المتغيرات التي قد تفسر الملاحظات التي نراها. في دراسة حديثة متطورة نشرت في مجلة Nature Medicine، ربط 9 من باحثي كليفلاند كلينيك اللحوم الحمراء بمادة كيميائية تسمى TMAO (أكسيد ثلاثي ميثيل أمين trimethylamine N-oxide)، والذي ارتبط بأمراض القلب. تساءل هؤلاء الباحثون إن كان هناك شيء في اللحوم بجانب الدهون المشبعة والكوليسترول قد بدا وكأنه يربطه بأمراض القلب. قاسوا مستويات TMAO في آكلي اللحوم والخضريين، وكانت أعلى في آكلي اللحوم. أطعموا آكلي اللحوم شريحة لحم، ووجدوا أن مستوياتهم من TMAO قد ارتفعت. ثم تمكن الباحثون من إقناع خضري فردي بأكل شريحة لحم، ووجدوا أن مستوياته من TMAO لم ترتفع. ثم أعطوا آكلي اللحوم المضادات الحيوية، ووجدوا أن مستوياتهم من TMAO لم ترتفع بعد تناول اللحوم.

لمتابعة هذا، أعطوا مجموعة من الخضريين والنباتيين منذ أمد طويل الكارنيتين (مركب مشتق من الأحماض الأمينية الغذائية في البروتين، والمهم في تمثيل الدهون والطاقة غذائيًا) ووجدوا أن هذه المجموعة “قد انخفضت قدرتهم على تصنيع TMAO من تناول الكارنيتين بشكل ملحوظ”. يبدو أن الخضريين لديهم بكتيريا أمعاء صحية، وآكلي اللحوم ليس لديهم. والمضادات الحيوية يمكنها أن تقتل الميكروبات الضارة التي تصنع TMAO في آكلي اللحوم. فهل الحل هو التوقف عن تناول اللحوم، أم العيش على المضادات الحيوية؟ ربما ليس أيهما.

من المثير للاهتمام، في دراسة لاحقة على الفئران، وجد بعض من الباحثين أنفسهم أن الفئران ذات بكتيريا الأمعاء التي تحميها من تصلب الشرايين (اللويحات التي تسبب أمراض القلب) لم يوجد بها أي لويحات في الشرايين عند تناولها نظامًا غذائيًا غنيًا بالكولين، على الرغم من أن الكولين تسبب في ارتفاع مستويات TMAO للغاية. تشير هذه النتائج معًا إلى أننا يجب أن نكون حذرين في تسرعنا للاستنتاجات حول TMAO. لقد تعلمنا هذا الدرس بالفعل من تصديقنا؛ لأن الدهون المشبعة تسبب أمراض القلب. في الواقع، منذ أن استبدلنا الكربوهيدرات المكررة في أنظمتنا الغذائية بالدهون المشبعة، ارتفعت معدلات أمراض القلب. ما تفعله هذه الدراسات يبدو أنه يوفر دليلًا قويًا على أهمية بكتيريا الأمعاء في صحة القلب.

دعونا ننظر إذا ما كانت هذه النظرية عن اللحوم وبكتيريا الأمعاء وTMAO ستصمد، وما يجب علينا القيام به بخصوص النتائج: أولًا، إذا زادت اللحوم الحمراء من خطر الإصابة بأمراض القلب، إذن فيجب أن تتوافر لدينا أدلة وبائية أفضل – لكنها غير متوافرة، كما راجعنا للتو. نعم، إذا كنت آكلًا للحوم ومدخنًا، ولا تمارس التمارين الرياضية، وآكلًا للبطاطس، ومستهلكًا للمشروبات الغازية، فالأدلة موجودة، لكن خلاف ذلك لا توجد الكثير من الأدلة. إذا كانت اللحوم الحمراء هي المشكلة حقًا، كان يجب أن نرى ذلك في البحث. ومع ذلك، في دراسة أجريت على أكثر من 1.2 مليون شخص، لم يتم العثور على أي صلة بين اللحوم الحمراء وأمراض القلب، أو السكتة المخية، أو مرض السكر. وأظهر بعض الدراسات وجود صلة، لكن كما تعلمنا سابقًا، هناك الكثير من دواعي الارتباك. أيضًا، إذا تسبب تناول اللحوم في زيادة أمراض القلب، ينبغي أن نرى مخاطر إصابة أقل في النباتيين والخضريين. ونرى هذا بالفعل بعض الشيء، لكن من المرجح لأنهم أكثر اهتمامًا بصحتهم بشكل عام. تذكر تأثير المستخدم الصحي. في آكلي اللحوم الذين يتسوقون في متاجر الأغذية الصحية، لا يوجد فرق في أمراض القلب أو معدلات الوفيات بينهم وبين النباتيين والخضريين. لا يؤدي تناول اللحوم في سياق النظام الغذائي الصحي الشامل إلى زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو الوفاة، كما هو مبين في دراسة أجريت على أكثر من 65000 من آكلي اللحوم والنباتيين المهتمين بصحتهم.

عندما درست آثار زيادة تناول اللحوم في البلدان الآسيوية -باستخدام عينة من حوالي 300000 شخص يتبعون عمومًا أنظمة غذائية أكثر صحة غنية بالأسماك والخضراوات الخفيفة ومنخفضة الأطعمة السكرية المعالجة- وجدوا أن اللحوم الحمراء ترتبط في الواقع بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب في الرجال، والسرطان في النساء.

من الرؤى الأساسية المستخلصة من هذه الدراسة هي أن بكتيريا الأمعاء مهمة، ويمكن أن تنتج المركبات التي تسبب أمراض القلب، والأهم من ذلك، أن ما تأكله يؤثر على بكتيريا الأمعاء. إذا كان النباتي الذي يأكل شريحة لحوم بأمان، فكيف يمكننا جميعًا الحصول على بكتيريا الأمعاء الواقية هذه؟ الجواب بسيط: تناول أطعمة نباتية في أغلب الأوقات، ثم لن تُمثل اللحوم مشكلة. لا تكن آكل اللحوم الذي يدخن، ولا يأكل الخضراوات، ويتناول القليل جدًا من الألياف، والمزيد من الزيوت المكررة، والسكر، والكربوهيدرات المكررة. هذه السلوكيات وصفة مثالية لزراعة حديقة داخلية شديدة السُّمية. المشكلة ليست اللحوم الحمراء. بل هي بكتيريا الأمعاء. تناول الألياف المناسبة (مثل النشا المقاوم)، مع البروبيوتيك، وتجنب المضادات الحيوية، كلها جزء من خطة جيدة لزراعة حديقتك الداخلية.

وهناك مشكلة محيرة أخرى. مستوى TMAO في اللحوم أقل بكثير مما هو في الأسماك. لذلك يجب أن نرى زيادات كبيرة في أمراض القلب في آكلي الأسماك. في الحقيقة، الحال عكس ذلك تمامًا. إن آكلي الأسماك يعانون من أقل مخاطر إصابة بأمراض القلب. البيانات بخصوص هذا النوع مثيرة للاهتمام، أجل، لكنها لا تثبت أن اللحوم تسبب النوبات القلبية، تثبت فقط أن آكل اللحوم الأمريكي المتوسط يتبع نظامًا غذائيًا ونمط حياة رديئين، مما يؤدي إلى بيئة معوية سيئة للغاية. ونحن نعلم أن الأمعاء الرديئة متصلة بالصحة الرديئة.

الطريقة الصحيحة لتصميم دراسة بحثية تتم باختبار مجموعتين، الأولى من آكلي اللحوم المهتمين بصحتهم، والذين يتبعون نظامًا غذائيًا ونمط حياة صحيين عمومًا، وربما يتناولون البروبيوتيك، والثانية من الخضريين الأصحاء الذين يتناولون الطعام الكامل. تخميني هو أنه لن يكون هناك فرق كبير في خطر إصابة كل مجموعة بأمراض القلب.

هل اللحوم الحمراء تسبب مرض السكر من النوع الثاني وزيادة الوزن؟

قد أجريت بعض الدراسات التي تربط بين تناول اللحوم ومرض السكر من النوع الثاني. استندت دراستا Health Professionals’ و Nurses’ Health لأكثر من 400000 شخص على مدى عقود إلى استبيانات عن الأطعمة. وجد الباحثون أن 50 جرامًا من اللحوم الحمراء المعالجة، مثل النقانق واللحوم الباردة الفاخرة، يزيد من خطر الإصابة بمرض السكر من النوع الثاني بنسبة 51 في المائة، وزادت الحصة نفسها من اللحوم الحمراء الطازجة من خطر الإصابة بنسبة 20 في المائة تقريبًا. لكن هذه الأرقام تظهر مخاطر الإصابة النسبية، وليس مخاطر الإصابة المطلقة. بعبارة أخرى، إذا خفضت مخاطر الإصابة من 3 في المائة إلى 2 في المائة، فهذا يمثل خفضًا بنسبة 30 في المائة “نسبيًا”، لكنه ليس سوى خفض بنسبة 1 في المائة من مخاطر الإصابة الفعلية. وفي دراسة Nurses’ Health، كانت مخاطر الإصابة الفعلية (أو مخاطر الإصابة المطلقة) بالنسبة للحوم الحمراء الطازجة تتراوح بين 7 في المائة و8.4 في المائة. لكن مجددًا، كذلك كان آكلو اللحوم في الدراسة غير أصحاء بشكل عام. كانوا يمارسون تمارين رياضية أقل من غير آكلي اللحوم؛ ودخنوا أكثر؛ وشربوا المشروبات الغازية، والمشروبات المحلاة بالسكر؛ وأكلوا المزيد من السكر، والأغذية المعالجة، والأطعمة المقلية، والدهون المتحولة؛ وأكلوا خضراوات أقل، لكن المزيد من البطاطس. فهل كان السبب هو اللحوم أم المشروبات الغازية؟ أنا أصوت للمشروبات الغازية!

كان الباحثون واضحين جدًا في تحذيرهم للقراء من أن هذه الدراسة لا يمكنها أن تثبت السبب والتأثير، لكنهم مضوا للقول، وبذلك مفارقة، إنه يجب علينا أن نقلل من تناول اللحوم الحمراء واللحوم المعالجة للحد من مرض السكر من النوع الثاني. ما كان يجب أن يقولوه حقًا هو أنه إذا كنت تأكل اللحوم الحمراء وتتبع نظامًا غذائيًا رديئًا خلاف ذلك، ولا تمارس التمارين الرياضية وتدخن، وتتناول الكثير من السكر، فإن خطر إصابتك بمرض السكر يرتفع بنسبة 1.4 في المائة. غير مقنع كثيرًا، في رأيي.

وجدت دراسات أخرى تستخدم كمية أعلى من اللحوم من دون السكر المصاحب أو النشويات، مثل الحبوب أو الفاصوليا (كنظام رجال الكهف الغذائي)، أن التحكم بنسبة السكر في الدم كان أفضل مما هو عليه في نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي، والمعروف جيدًا بمساعدته في تحسين مستويات السكر في الدم. وجدت دراسة أخرى أن نظام العصر الحجري القديم الغذائي تفوق كثيرًا على نظامنا الغذائي التقليدي لمرض السكر في السيطرة على نسبة السكر في الدم، وعوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وفي دراسة استمرت لسنتين على النساء، بعد مرحلة انقطاع الطمث، اللواتي تعانين من السمنة، بعد عامين فقدت النساء اللواتي يتبعن نظام العصر الحجري القديم الغذائي وزنًا أكثر بمقدار الضعف، وخفضن دهون البطن أكثر بمقدار الضعف من النساء اللواتي اتبعن توصيات فقدان الوزن وفقًا للتوصيات الغذائية في بلدان الشمال الأوروبي. هذه التوصيات هي ما يعتبره علماء ودول الشمال الأوروبي نمطًا غذائيًا صحيًا، ويشمل الكثير من الخضراوات، والفواكه، والتوت، والفاصوليا، وتناول الأسماك بانتظام، والزيوت النباتية، والحبوب الكاملة، والأنواع قليلة الدسم من منتجات الألبان واللحوم، وكمًا محدودًا من اللحم الأحمر واللحم المعالج، والسكر، والملح.

هل اللحوم الحمراء تسبب السرطان؟

معظم البيانات بحوزتنا تتعلق بسرطان القولون. في مراجعة لأكثر من 35 دراسة مستقبلية حول سرطان القولون واستهلاك اللحوم، لم يكن هناك خطر إصابة يذكر. في الواقع، في بعض الدراسات، كان أولئك الذين تناولوا أعلى كميات من اللحوم عانوا من خطر إصابة أقل من أولئك الذين تناولوا أقل كميات. ما وجدوه، بالطبع، هو أن تناول اللحوم كان مرتبطًا أيضًا بالعادات الغذائية وعادات نمط الحياة الأخرى التي تعزز السرطان، بما في ذلك تناول كميات مرتفعة من السكر المكرر وانخفاض كميات الفواكه والخضراوات والألياف المستهلكة. آكلو اللحوم أيضًا في العموم لم يمارسوا التمارين الرياضية، ودخنوا أكثر من غير آكلي اللحوم، وعانوا أكثر من زيادة الوزن، وكل ذلك يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان.

كما ذكرت، فإن بعض الدراسات يربط بين اللحوم الحمراء المعالجة، مثل النقانق، واللحم المقدد، ولحوم الإفطار، والسرطان. أظهر تقرير منظمة الصحة العالمية (WHO) عن اللحوم والسرطان بعام 2015 أن اللحوم المعالجة تزيد من خطر الإصابة بالسرطان. لم تكن آثار اللحوم الحمراء قاطعة. اسمح لي بترجمة ما يعنيه زيادة خطر الإصابة هذه حقًا. وجدت منظمة الصحة العالمية أن اللحوم المعالجة تزيد من خطر الإصابة بالسرطان بنحو 20 في المائة؛ وهذا ما نسميه خطر الإصابة النسبي. وهو يختلف تمامًا عن خطر الإصابة المطلق، أو التغيير الحقيقي في مخاطر الإصابة. إذا كان خطر إصابتك المطلق من 1 إلى 2 في المائة، فإن زيادة خطر إصابتك النسبي يصبح 100 في المائة. يبدو مؤثرًا. لكن زيادة خطر الإصابة المطلق كانت 1 في المائة فقط. ليس مؤثرًا جدًا. لذا في دراسة منظمة الصحة العالمية، فإن خطر الإصابة المطلق بالسرطان سيتمثل في زيادة من 2.6 في المائة إلى 3.2 في المائة باحتمال الإصابة بالسرطان أو حوالي 0.6 زيادة بخطر الإصابة المطلق. بعبارة أخرى، حوالي ثلاث إصابات إضافية بسرطان القولون في كل 100000 شخص، لآكلي اللحم المقدد. هذا ليس مؤثرًا جدًا. يرتبط السرطان أيضًا بالمركبات التي تتشكل عند طهو اللحوم؛ لقد سمعنا جميعًا التحذيرات المروعة عن كون اللحوم المطهوة على اللهب مسرطنة. ما القصة الحقيقية؟

بالفعل، بعض الأشياء تحدث عندما تطهو اللحوم، والتي قد تكون ضارة. يؤدي ارتفاع درجة حرارة الطهو، أو الشواء، أو القلي، أو التدخين، أو اللحوم المطهوة على الفحم، بما في ذلك الأسماك والدجاج، إلى إنتاج مركبات تسمى الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (polycyclic aromatic hydrocarbons (PAH والأمينات الحلقية غير المتجانسة Heterocyclic amines (HCA). وجد أن الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات والأمينات الحلقية غير المتجانسة تتسببان في السرطان بالنماذج الحيوانية، وهي فكرة جيدة أن تقلل تعرضك لهذه المركبات السامة. لكن اللحوم ليست المصدر الوحيد للهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات. من المثير للدهشة، بخلاف اللحوم المطهوة على اللهب مباشرة، أن أكثر المصادر شيوعًا هي الخضراوات والحبوب. إنها نهاية الخضراوات المشوية!

الرسالة المستفادة هي التركيز على طهو اللحوم (والخضراوات) في درجة حرارة منخفضة، بما في ذلك الخبز، والشواء، والسلق، وصنع اليخني. ضع في اعتبارك قدور الطهو البطيء، وطريقة للسلق بدرجة حرارة منخفضة، والتي تكتسب شعبية تسمى سو فيد Sous Vide؛ حيث يتم طهو الطعام في الماء في أكياس بلاستيكية محكمة الإغلاق. أنا لا أحب الطهو في البلاستيك، لكن البعض قد يختار القيام بذلك. فقط تأكد من الحصول على البلاستيك الخالي من البيسفينول أ، والمقاوم للحرارة، حتى لا تتسرب السموم في الطعام.

يمكن لطهو اللحوم أيضًا أن ينتج مركبات تسمى AGE (المنتجات النهائية المتقدمة للارتباط بجزيئات السكر)، والتي تنتج عن تفاعل البروتين مع السكريات في الطعام. هذا ما يجعل الأشياء مقرمشة – القشرة التي تتشكل على رغيف الخبز، أو جلد الدجاج المقرمش، أو السطح السكري المقرمش على حلوى الكريم بروليه. AGE تتلف الشرايين والمخ، ويمكنها أن تتسبب بالسرطان. أفضل رهان هو الحد من الطهو باستخدام درجات حرارة عالية والشواء. نصيحة أخرى للحد من AGE، الأمينات الحلقية غير المتجانسة، والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات هو نقع لحومك في تتبيلة حمضية من عصير الليمون أو الخل؛ هذا يجعل طعمها أفضل ويقلل AGE للنصف، ويقلل الأمينات الحلقية غير المتجانسة بنسبة 90 في المائة. أهم ما يجب ذكره هنا هو أن اللحوم الحمراء تحتوي على مركبات تمنع السرطان، بما في ذلك دهون أوميجا 3، CLA (حمض اللينوليك المقترن)، ومغذيات كالسيلينيوم وفيتامينات ب 6، وب 12 وفيتامين د. تناول نظامًا غذائيًا صحيًا من الأطعمة النباتية الكاملة المقاومة للسرطان، والغني بالمواد الكيميائية النباتية والتوابل، والذي يشمل الكثير من الألياف لتغذية بكتيريا الأمعاء، يمكنه أن يساعدك على درء السرطان.

هل اللحوم تسبب الالتهاب؟

الآن، يمكنك ربما الإجابة عن هذا السؤال بنفسك! إذا كنت تأكل اللحوم في سياق النظام الغذائي الغربي المتوسط المليء بالسكر والأطعمة المعالجة ومنخفض الفواكه والخضراوات والمكسرات والبذور، إذن فالإجابة هي نعم. لكن إذا كنت تتناول نظامًا غذائيًا من الأطعمة الكاملة، عالية الجودة، والتي رعت العشب، والعضوية، ومنخفضة الحمل الجلايسيمي، والغنية بالألياف، إذن فالجواب هو لا. في الواقع، في الدراسات التي استبدلت الكربوهيدرات باللحوم، ارتفعت مستويات الالتهاب.

تم العثور على دهون أوميجا 6 بحمض أراكيدونيك في اللحوم. إنها في كل غشاء من أغشية خلاياك، وتساعد جسمك في السيطرة على الالتهاب، والنمو، وإصلاح نفسه. اللحوم التي رعت الأعشاب في الواقع تزيد من مستويات كل من دهون أوميجا 3 و دهون أوميجا 6 المناسبة – إنها تساعد في الحفاظ على توازن الدهون. في الدراسات السكانية الكبيرة، أولئك الذين لديهم أعلى مستويات من كل من دهون أوميجا 3 وحمض الأراكيدونيك كان لديهم أدنى مستويات من الالتهاب وأمراض القلب. الدراسات السكانية، كما قلت، غير مثالية، لكنها غالبًا ما تكون أفضل ما لدينا.

هل النباتيون يعيشون لفترة أطول بسبب غياب اللحوم؟

أكرم أولئك الذين يريدون أن يكونوا نباتيين لأسباب أخلاقية، وأؤمن بأنه يمكنك بناء نظام غذائي خضري أو نباتي صحي إذا كان يتبع المبادئ الأساسية للدهون عالية الجودة، وإذا كان منخفض السكر، وغنيًا بالألياف، ويتألف من الأطعمة غير المعالجة. قد يكون تناول الطعام بهذه الطريقة أكثر صعوبة، لكن مع خطة جيدة ومع الانضباط، يمكن أن تصلح لكثير من الناس. بصراحة تامة، كنت نباتيًا لتسع سنوات وكان حالي جيدًا، على الرغم من أن صحتي أفضل بكثير الآن، مع التهاب أقل، وأكياس أصغر تحت عيني، وحساسية أقل، وطفح جلدي ومشكلات هضمية أقل، وكتلة عضلية أكبر، على الرغم من أنني أكبر ب25 عامًا.

يقتبس الخضريون دراسات على مجموعات سكانية كبيرة نباتية تظهر أنها تعيش لفترة أطول، وأنها أكثر صحة. هذا صحيح، لكن السؤال هو، لماذا؟ أهو غياب اللحوم أم إنها عادات نمط حياتها الأخرى؟ النباتيون على العموم أكثر اهتمامًا بصحتهم، وأكثر عرضة لممارسة التمارين الرياضية، وتجنبًا للأطعمة الجاهزة، والسكرية، والمعالجة، والتدخين. حتى إنهم ينظفون أسنانهم بالخيط أكثر. تذكر أن هذا ما يسمى بتأثير المستخدم الصحي. من ناحية أخرى، كما ناقشنا، آكلو اللحوم يميلون لأن تكون لديهم عادات أسوأ. إذن أهي اللحوم أم العادات الضارة التي تسبب المزيد من الوفيات؟ تظهر الدراسات التي تقارن آكلي اللحوم المهتمين بصحتهم بالنباتيين عدم وجود أي اختلاف في النتائج الصحية.

أحد أكثر النقاشات الملهمة عن القضايا الأخلاقية المحيطة بالنظام الغذائي النباتي هو The Vegetarian Myth من قبل ليير كيث. في حين أنك قد لا تتفق مع جميع حججها، فإنها تشير إلى أنه في حرث الحقول، وتطهير الغابات، وزرع النباتات، هناك تدمير بالجملة للنظم البيئية الطبيعية، بما في ذلك وفاة الطيور، والقوارض، والحشرات، والديدان، وتريليونات من الميكروبات في التربة. تقول: “الحقيقة هي أن الزراعة هي الشيء الأكثر من صنع البشر تدميرًا لهذا الكوكب، والمزيد من الشيء نفسه لن ينقذنا، الحقيقة هي أن الزراعة تتطلب تدميرًا بالجملة للنظم البيئية بأكملها، والحقيقة هي أيضًا أن الحياة ليست ممكنة من دون الموت، وأنه بغض النظر عما تأكله، شخص ما يجب أن يموت لإطعامك”.

ما لا يدركه معظم النباتيين هو أن العديد من ممارسات الزراعة العضوية تتطلب منتجات حيوانية لإعداد التربة. قمت مؤخرًا بزيارة أكبر المزارع العضوية على سطح المباني في أمريكا، مزرعة بروكلين جرانج، فوق ترسانة بحرية قديمة. لقد كانت أعجوبة في عين الناظرين، وعندما تجولنا في المزرعة، سألتهم عن التربة، وكيف يهتمون بها. اتضح أنها مقواة بغذاء من العظام وأصداف المحار. من كان يعلم أن خضراواتنا كانت من آكلات اللحوم!

من المعروف أن النباتيين أكثر عرضة لفقر مغذيات ب12 ودهون أوميجا 3 والفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون مثل فيتامين أ، وفيتامين د، والحديد، والكالسيوم، وفيتامين ك2، والزنك. لقد عالجت عشرات الآلاف من المرضى، وقد شهدت حالات خطيرة من الفقر الغذائي، ومشكلات صحية في الخضريين والنباتيين. يمكن أن يكون خيارًا صحيًا، لكن عليك أن تتأكد من أنك تحصل على المغذيات الصحيحة: ركز على تناول الأعشاب البحرية ومكملات DHA من الطحالب، والأطعمة النباتية الغنية بالدهون مثل المكسرات والبذور والأفوكادو وزيت جوز الهند؛ وأن تقلل من الأطعمة النشوية، وأن تلتزم بدلًا من ذلك بالحبوب الغنية بالألياف، ومنخفضة الحمل الجلايسيمي مثل الأرز الأسود والكينوا. تناول أطعمة الصويا غير المعدلة وراثيًا مثل التيمبيه أو التوفو، والتي تم استهلاكها بأمان لآلاف السنين في البلدان الآسيوية. تناول المزيد من فطر عش الغراب، والذي يحتوي على المعادن وفيتامين د. تجنب السكر والزيوت النباتية المكررة، باستثناء زيت الزيتون البكر الممتاز.

أنا أؤيد أصدقائي الذين يختارون أن يكونوا خضريين أو نباتيين لأسباب أخلاقية أو صحية أو بيئية. المفتاح هو جعله نظامًا خضريًا غنيًا بالدهون. لكن كما قلت، كل واحد منا مختلف من الناحية الوراثية والكيمياء الحيوية، ويمكن أن يكون حالك أفضل مع اتباعك مختلف الأنظمة الغذائية. اعرف ما هو الأفضل لك من خلال مراقبة نفسك. ما شعورك؟ ماذا يقول الميزان؟ ما نتائج فحوصاتك: ضغط دمك، وقياس خصرك، والسكر في دمك، ومستوياتك من الالتهاب، ومستوياتك من HDL، والدهون الثلاثية، وحجم جزيئات LDL بجسمك؟ راقب مستويات مغذياتك مثل فيتامين د، والزنك، وب12، والحديد. اعرف ما الأمثل بالنسبة لك.

هل اللحوم التي رعت العشب أفضل؟

من المنظور البيئي، تؤدي الزراعة الصناعية لمزيد من الضغط على البيئة من خلال تآكل التربة السطحية، واستنفاد طبقات المياه الجوفية، وإمدادات المياه العذبة العالمية (لأن 70 في المائة من المياه العذبة في العالم تستخدم لتربية الحيوانات للاستهلاك البشري)، والآثار السلبية على تغير المناخ، واستخدام الوقود الأحفوري للأسمدة والكيماويات الزراعية، والإفراط في استخدام المضادات الحيوية في الأعلاف الحيوانية، والحاجة إلى نقل الأطعمة المتوسع بسبب الإنتاج المركزي للأطعمة. هذه الاعتبارات بمفردها ينبغي أن تحولنا جميعًا للمنتجات الحيوانية (والخضراوات) المحلية التي يتم تربيتها بشكل أكثر استدامة. من وجهة نظر أخلاقية، فإن الظروف المكثفة، والمزدحمة، والقاسية التي تعانيها الحيوانات في المزارع الصناعية يجب أن تلهمنا أيضًا بمقاطعة تلك الأطعمة. إذا لم تكن قد رأيت فيلم Food, Inc حتى الآن، فقد يقنعك.

اللحوم التي رعت العشب ليست أفضل لهذا الكوكب وحسب، لكن لأجسادنا كذلك. سيكون من الصعب على أي شخص أن يجادل بأن الكميات المرتفعة من المضادات الحيوية والهرمونات ومبيدات الآفات في اللحوم التي ربيت بالمزارع الصناعية مفيدة لصحتك، وهناك أدلة كثيرة تبين أنها ضارة. السبب الرئيسي في أن اللحوم التي رعت العشب أفضل لصحتك لا يعود لكونك ما تأكله – بل لأنك ما يأكله طعامك! الفرق في الأنظمة الغذائية التي تتألف من الأبقار التي رعت العشب مقابل تلك التي رعت الحبوب له تأثير كبير على آثار اللحوم الصحية. اسمح لي بشرح هذا.

الأبقار من المجترات التي تتميز بمعدات خاصة مصممة لأكل العشب. عندما تطعم الحبوب، فإن مستويات دهون أوميجا 6 المسببة للالتهاب في أجسادها -وبالتالي في اللحوم التي نأكلها- تزيد. كما يجب إعطاء الأبقار المضادات الحيوية لمنع بطونها من الانفجار بسبب الانتفاخ الناجم عن بكتيريا أمعائها التي تخمر أعلاف الذرة (أليست تلك صورة جميلة؟). من ناحية أخرى، لا تحتاج الأبقار التي ترعى العشب للمضادات الحيوية. نحن نستخدم حوالي 24 مليون رطل من المضادات الحيوية سنويًا في أمريكا. ويستخدم حوالي 19 مليونًا من تلك المضادات الحيوية في علف الحيوان. هذا يسبب مقاومة المضادات الحيوية الخطيرة في الحيوانات والبشر، ويؤدي لنمو الميكروبات الخارقة التي لا تستجيب للمضادات الحيوية.

لحوم الحيوانات التي رعت العشب تتميز بمستويات دهون أكثر صحة من اللحوم التي تتم تربيتها تقليديًا، مع احتوائها على كميات دهون أوميجا 3 أكثر بمرتين إلى خمس مرات. كما أن لديها مستويات أقل من دهون أوميجا 6. نسبة دهون أوميجا 6 إلى أوميجا 3 في لحوم البقر التي رعت العشب هي حوالي 1.5 إلى 1. في لحوم البقر التي تغذت على الحبوب هي حوالي 7.5 إلى 1. لحوم البقر التي رعت العشب تحتوي على المزيد من حمض الستياريك، وهو من الدهون المشبعة التي ليس لها تأثير على الكوليسترول. كما أنها تحتوي على حامض اللينوليك المقترن (CLA) أكثر بمقدار ضعفين إلى ثلاثة أضعاف من لحوم البقر التي تغذت على الحبوب، وهو مضاد قوي للأكسدة، والواقي من أمراض القلب، ومرض السكر، والسرطان، ويساعد حتى بفقدان الوزن وتحسين الأيض.

بالإضافة إلى احتوائه على مستويات أفضل من الدهون، فإن لحوم الحيوانات التي رعت العشب تحتوي على فيتامين هـ، وبيتا كاروتين، وفيتامين أ، والزنك، والحديد، والفوسفور، والصوديوم، والبوتاسيوم. كما أنها تحتوي على مستويات أعلى من مضادات الأكسدة، بما في ذلك الجلوتاثيون والكاتاليز، وسوبر أكسيد الديسميوتيز.

نعم، تناول اللحوم التي رعت العشب أكثر تكلفة. لكن أعتقد أنها تستحق ثمنها، نظرًا لفوائدها الصحية والبيئية. يمكنك العثور على مصادر أرخص على الإنترنت. يمكنك حتى شراء بقرة أو حمل مع الأصدقاء وتقاسمها. البعض يطلق عليه “مشاركة الأبقار”.

اسأل طبيب مجاناً