التصنيفات
القلب | جهاز الدوران | أمراض الدم

الضغوط النفسية وخطر داء الشرايين التاجية – ج7

ما يزال هناك جدل واسع حول دور الضغوط النفسية والشخصية في داء الشرايين الإكليلية والنوبات القلبية والموت القلبي المفاجئ؛ ويبدو أنّ الكثير من الأبحاث ترى أنّ شخصيتك والحوادث المؤلمة في حياتك وتفاعل جسمك فيزيولوجيا نحو الضغوط يمكن أن تؤدي إلى زيادة خطر المرض القلبي لديك؛ ولكنّ هذه النظرية غير مثبتة.

ومن الصعب جدّا دراسة الضغوط (الكروب)، لأنه يتعذّر قياس الاستجابات النفسية والجسمية نحو الكروب أو تقييم العوامل الاجتماعية التي يمكن أن تقي من التأثيرات الضارة للكروب.

يمكن أن تنشأ الضغوط لديك في ظروف مختلفة كثيرة، وقد تكون استجابتك للضغوط مختلفة تماما عن استجابة غيرك؛ وهذا ما يجعل الباحثين يواجهون صعوبة في تحديد مدى مساهمة الضغوط في حدوث المرض القلبي.

يذكر المصابون بالمرض القلبي عادة أن الانفعال الشديد يؤدي إلى ألم صدري؛ كما أن من الشائع حدوث النوبات القلبية خلال فترات التوتّر العاطفي، فقد يؤدي الكرب الإضافي الناجم عن الانزعاج الانفعالي إلى خلل التوازن بين إمداد جسمك بالأكسجين وحاجة القلب منه، وبذلك يحدث الألم الصدري.

رغم أنه قد يبدو أن الكرب الحاد هو العامل الرئيسي في تحريض النوبة القلبية أحيانا، لكن ليس من الواضح ما إذا كان الكرب المستمر يؤدي إلى داء الشرايين الإكليلية المستبطن (التصلّب العصيدي) الذي يرافق النوبات القلبية عادة. وفي محاولةٍ للإجابة عن هذا السؤال، درس الباحثون موضوع الكرب والمرض القلبي بالنسبة إلى شخصيات البشر وأنظمة الدعم الاجتماعي واستجابات الجسم الفيزيولوجية للكروب.

لقد طوّر الباحثان الدكتور ماير فردمان Meyer Friedman والدكتور راي روزنمان Ray Rosenman مفهوم الشخصية أو النموذج السلوكي من النمط أ عام 1964؛ وقد كان هذا هو الأساس الذي اعتمدت عليه نظرية المكوّن النفسي أو الشخصي للمرض القلبي.

فإذا كنت شخصا من النمط أ، تكون دائما في عجلة من أمرك، كما تكون منافسا وساعيا بشدّة نحو الإنجاز وتبحث عن الإنتاج؛ وفي نواحٍ عدة، إنها خصائص إيجابية في المجتمع تشدّد على المنجزات.

لكن إذا كنت من أصحاب هذه الشخصية، يمكن أن تكون متبرّما أيضا وشديد الالتزام بعملك، ومن السهل إثارة عدوانيتك؛ وقد تميل إلى اهتمامات قليلة خارج عملك.

ومن جهةٍ أخرى، إذا كنت من أصحاب الشخصية من النمط ب، قد تكون مسترخيا وغير عجول ومكتفيا بدرجة التقدم في العمل مع الإبقاء على الاستمتاع بالإنجاز. ويرى بعض الباحثين استنادا إلى دراسة كبيرة واحدة أن أصحاب الشخصية من النمط أ يتعرّضون لخطر داء الشرايين الإكليلية أكثر بمرّتين من أصحاب الشخصية من النمط ب.

كما تشير الأبحاث إلى أنّ وضعك الاجتماعي – وكيفية استجابتك له – يمكن أن يؤثّر في خطر المرض لديك؛ حيث يبدو أنّ العلاقات الاجتماعية المستقرّة تترافق بصحّة جيّدة، بينما قد يزداد الخطر لديك بفقد العلاقات الاجتماعية أو بفرط عبء الأحداث المؤلمة في حياتك، مثل الطلاق وموت أحد أفراد العائلة أو وفاة صديق عزيز أو فقد العمل أو تغييره أو الانتقال إلى منزل جديد.

لقد اقترح الدكتور روبرت إليوت مفهوم كون بعض الناس «مفرطي التفاعل Hot Reactors»، مما يعني أن استجابة أجساهم سلبية أو ضائرة تجاه الكرب؛ فإذا كنت من هؤلاء الناس، فإنك تبدي تسرّعا شديدا في سرعة القلب وزيادة في ضغط الدم استجابة للضغوط الحياتية اليومية؛ واستنادا إلى هذه النظرية، يمكن أن تؤدي هذه الضغوط أو الهبّات إلى ضرر تدريجي في شرايينك الإكليلية وقلبك نفسه، وبذلك، يكون من الحكمة أن تتعلّم كيف تتعامل مع الكرب للحدّ من خطره.

ماذا يحدث لجسمك تجاه وطأة الكرب؟

عندما تواجه ظرفا صعبا أو خطرا (يطلق عليه اختصاصيو الطب في الكرب مصطلح الفاعلية المسبّبة للكرب)، تستجيب الحيوانات والبشر بطريقة مماثلة: استجابة الدفاع أو الهروب؛ حيث يتسرّع قلبك ويرتفع ضغطك الدموي وتتضيّق أوعيتك الدموية الجلدية وتتوتّر عضلاتك ويزداد جريان الدم إليها ويرتفع مستوى السكر في دمك ويزداد ميل الدم إلى التجلّط؛ وبكلمة أخرى، تحضّر نفسك لفعل قوي؛ ويكون جهازك العصبي الودّي Sympathetic وتفريغ هرمون الإبينفرين (الأدرينالين) من الغدة الكظرية مسؤولا عن العديد من هذه التغيّرات.

إذا كنت مصابا بداء الشرايين الإكليلية، تؤدي الزيادة المرافقة في سرعة قلبك وضغطك الدموي إلى زيادة حاجة قلبك للأكسجين، ويمكن أن تحرّض الذبحة؛ فإذا كان دمك ميّالا إلى التجلّط، يمكن أن تتعرّض لجلطة في أحد شرايين قلبك (الخثرة الإكليلية) والإصابة بنوبة قلبية.

إذا كنت متفاعلا بشدة، يفترض الدكتور إليوت أن تكون ذا نمط ثانٍ من التفاعل للكرب، بالإضافة إلى تفاعل الإنذار الخطير Alarm Reaction هذا تجاه الكرب. ويدعى هذا التفاعل التيقّظ Vigiliance؛ ولتوضيح ذلك: يعبّر تفاعل رجل الإطفاء عند سماع الإنذار عن نمط إنذار الكرب، في حين تمثّل مراقبة حركة المرور الجوية المستمرّة للحيلولة دون وقوع مشاكل مأساوية نادرة نمطا متيقّظا من الكرب.

يمكن أن تعاني، مثلك مثل الكثير من الآخرين، من هذا النمط المتيقّظ للكرب باستمرار؛ وقد يكون لديك مرض معاود مثل السرطان، أو تكون والدا أو زوجا لشخص من هذا القبيل؛ ويمكن أن تكون موظّفا في شركة تخضع لإعادة تنظيم تفقد بموجبه عملك. وقد تكون الصعوبات المالية مكربة، كما الصراع مع الزوج والأطفال. أو قد تعيش مع شخص آخر ذي مزاج عنيف. وبناء على ذلك، يشمل التيقّظ مستوى منخفضا ومستمرا من اليقظة التي تفتقر إلى الهبّة المميّزة للإنذار.

اسأل طبيب مجاناً استشارات طبية مجانية