التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

أمثلة المشاكل السلوكية الخطيرة في المدرسة

يعالج هذا الفصل المشاكل السلوكية الأكثر خطورة التي قد تطرأ في صفك. وهي حوادث من شأنها أن تشعر المعلم بتهديد كبير، وتتركه في حالة من الضعف والاستياء في ما بعد. لحسن الحظ، تعتبر هذه الحوادث نادرة في معظم المدارس. وببحث طرق معالجة تلك الحوادث الخطيرة قبل وقوعها، أسعى إلى تسليحك بالمعرفة التي تحتاجها لمواجهة ظروف كتلك إن حدثت في صفك.

عند التعامل مع مواجهة خطيرة، من الأهمية بمكان تأمين سلامتك الشخصية وسلامة تلاميذك الموجودين في الصف. وإن بدا لك بأن الوضع يشارف على الانفجار، لا تتردد في استعمال العقاب الأقصى، على سبيل المثال، إخراج بطاقة حمراء تعني بأن على التلميذ التوجه على الفور إلى المدير. أرسل تلميذا موثوقا به لمساعدتك أيضا عند الضرورة.

إن كنت تعمل في مدرسة تندر فيها هذه الحوادث، قد تشعر بأن المعلمين متساهلون جدا في هذه الحالات. فمن الممكن في مدرستك أن يتم قبول العقاب الفوري على كلمة سباب واحدة عن طيب خاطر. بالمقابل، تضم بعض المدارس الأخرى أولادا يعانون من مشاكل كثيرة ويحتاجون إلى مقاربة أكثر ذكاء، مع أخذ خلفيتهم الاجتماعية بعين الاعتبار. في تلك الحالات، تؤدي العقوبات الفورية والمتصلبة إلى عدد كبير من المواجهات والطرد للتلاميذ. وهنا أيضا، يعتمد قرار تطبيق المرونة على الظروف التي تدرس فيها.

ملاحظة: بما أنني أردت لهذه الأمثلة أن تكون واقعية قدر الإمكان، ضمنت النص الشتائم التي غالبا ما ترافق الحوادث الخطيرة، واستبدلتها بالنجوم. أترك لخيالك الحرية بملء الفراغات.

التهديد الجسدي

السن: الصف العاشر

تفاصيل المشكلة: كمال هو تلميذ صعب المراس، غالبا ما ينفجر غاضبا بسهولة. خلال الحصة، يندلع شجار بينه وبين بسام، سرعان ما يبدأ بالتحول إلى عراك جسدي.

مثال جيد

يتشاجر كمال وبسام حول من يملك القرص المدمج. يدعي كمال أنه أعاره لبسام، ولكن بسام ينكر ذلك.

كمال:    أعده إلي، أيها ******!

بسام:    كن صادقا، كمال. إنه لي، أنت لم تعرني إياه أبدا.

الآنسة هدى:    كمال. بسام. اهدأا من فضلكما.

كمال:    لقد استولى على قرصي المدمج يا آنسة.

بسام:    نعتني بأنني ******، يا آنسة.

الآنسة هدى:    اسمعا، أريدكما أن تتابعا العمل. وتوقفا عن التفوه بألفاظ بذيئة وإلا عاقبتكما على ذلك. أعطني القرص يا بسام، وسنحل المشكلة بعد انتهاء الحصة.

بسام:    أبدا، إنه لي.

الآنسة هدى:    بسام. أعطني القرص على الفور ومن دون جدال، واذهب للجلوس هناك، بعيدا عن كمال لو سمحت. [وتشير إلى الطرف الآخر من الصف.]

يعطيها إياه بنقمة ويذهب للجلوس حيث أشارت. يبدأ الصبيان بالعمل، ولكنهما يبدأان بالشجار مجددا عبر الغرفة بعد بضع دقائق.

كمال:    سأريك بعد انتهاء المدرسة، أيها ****.

بسام:    حقا؟ وأنا سأسحق رأسك أيها الأحمق ******!

الآنسة هدى:    حسنا، هذا يكفي. كمال، بسام، اخرجا من الصف حالا.

بسام:    لن أخرج. أنا لم أفعل شيئا.

الآنسة هدى:    كلاكما إلى الخارج فورا. أنا أعني ما أقول. لا تعبثا معي.

يخرج الولدان مع الآنسة هدى من الصف. وتقف بينهما لتمنعها من إيذاء بعضهما.

الآنسة هدى:    حسنا، سنحل هذه المشكلة الآن. القرص المدمج معي، وإن تشاجرتما مجددا، سأعطيه للمدير. وعندها سيقرر بنفسه ما إذا كان سيعيده لكما. بسام؟ ما رأيك؟ هل ستعود إلى عملك وتتوقف عن الحماقات؟

بسام:    حاضر، آنسة.

الآنسة هدى:    جيد. ادخل إذا، أود التحدث مع كمال على انفراد. [يعود بسام إلى الصف].

كمال:    سألقنه درسا لن ينساه يا آنسة. لا آبه لما تقولينه.

الآنسة هدى:    كمال، موقفك أزعجني كثيرا. إن تعاركت مع بسام، ستسبب لنفسك المشاكل. وسيتم طردك على الأرجح. أهذا ما تريده؟

كمال:    كلا.

الآنسة هدى:    أريد حل هذه المشكلة بالنقاش. أخبرني ما قصة هذا القرص؟

كمال:    لقد ابتاعته لي شقيقتي. ثم أعرته لبسام، ولكن هذا **** يرفض إعادته إلي.

الآنسة هدى:    كمال، سأعتبر أنني لم أسمع ما قلت. ولكن إن عدت إلى الشتم ثانية، سنذهب إلى مكتب رئيسة القسم لتحل هذه المشكلة.

كمال:    أنا آسف.

الآنسة هدى:    حسنا. شقيقتك في الصف التاسع، صحيح؟ هل لنا أن نسألها عن الأمر خلال الاستراحة؟ إن وافقت على ما تقول، يمكنك استعادة القرص.

كمال:    حسنا.

الآنسة هدى:    والآن كمال، أريدك أن تجلس هنا وتتابع عملك حتى انتهاء الحصة.

كمال:    لماذا؟ هذا غير عادل.

الآنسة هدى:    هل تريد الشجار مع بسام مجددا؟ كلا؟ أنا أجنبك ذلك بجلوسك خارج الصف. وخلال الاستراحة، سنحل موضوع القرص، اتفقنا؟

يوافق كمال. فتحضر له المعلمة كرسيا وطاولة ليعمل عليها وتترك الباب مفتوحا لمراقبته.

تعليق على المثال الجيد

تتدخل المعلمة بسرعة مع بداية الشجار، ساعية إلى إيقافه قبل أن يتطور. وغالبا ما ينجح هذا التدخل المبكر في منع المواجهة البسيطة من التفاقم والخروج عن السيطرة. وتقرر عدم معاقبة كمال على الكلام البذيء الذي تفوه به لأنها تعرف بأن ذلك سيزيد الأمر تعقيدا. فبالنسبة إلى كثير من تلاميذ الصف العاشر، تعتبر الشتائم طريقة طبيعية للتعبير عن الغضب، ولا ترى أنه من المجدي التوقف عندها. ما تريده هو أخذ القرص من الولدين بسرعة، لأنها بذلك تحل المشكلة مؤقتا، وحين تحصل عليه، تقرر ما ستفعله به. أيضا إن بقي مع بسام، سيحاول كمال أخذه منه بالقوة. فكانت نبرتها واضحة ومباشرة، حيث أمرته بإعطائها القرص على الفور عوضا عن طلبه منه. كما فصلت بين الشابين لكي توقف الشجار على الفور.

لكن الشجار يندلع مجددا بعد بضع دقائق، وتدرك المعلمة أن عليها اتخاذ تدابير إضافية لوضع حد له. فالولدان يشتمان بعضهما ويهددان باستعمال العنف الجسدي. هذا السلوك غير مقبول. لذا تخرجهما من الصف، وتتحدث إليهما على انفراد. بتلك الطريقة، تتعامل مع المشكلة بعيدا عن بقية التلاميذ. فتتيح لهم متابعة عملهم عوضا عن التفرج عليها وهي تتحدث إلى زميليهم. وهنا أيضا، تأمرهما بالخروج ولا تقبل أي جدال بخصوص ذلك.

في الخارج، تستعمل المعلمة القرص كأداة للمساومة، فإن استمرا بالشجار، ستعطيه لرئيس القسم. وبهذا التهديد، تسعى إلى تهدئتهما. ثم تتعامل أولا مع بسام، فهو أقل عنفا، ولا تنوي معاقبته. وبعد إرساله إلى الصف من جديد، تتعامل مع كمال في جو أكثر هدوءا. فهي تعرف بأنه يثور بسهولة، لذا تتحدث إليه على نحو هادئ وحازم في آن واحد. فتخبره بما سيحدث إن نفذ تهديده وضرب بسام. ثم تسمح له بإخبارها القصة من وجهة نظره. وبالإصغاء إليه وأخذه على محمل الجد، تريه الجانب الإنساني من شخصيتها فضلا عن رغبتها بتصديقه والوثوق به.

يشتم كمال مجددا، وتقرر المعلمة تجاهل ذلك مرة أخرى، ولكنها توجه له تحذيرا أخيرا. ثم تقدم حلا مؤجلا إلى وقت الاستراحة، لتحصل على فرصة أفضل لحل المشكلة. وهي تعلم أن عليها العودة إلى صفها الآن. فتطلب من كمال أخيرا الجلوس خارج الصف لبقية الحصة تجنبا لاحتمال حدوث عراك جسدي أكبر. لاحظ مدى الحزم الذي ساد نبرتها أثناء التعامل مع المسألة ككل، مع أنها بقيت هادئة وغير استفزازية. فكانت تقول لهما ما عليهما القيام به عوضا عن الطلب منهما، لتحافظ بذلك على إحساسها بالسيطرة، مهما كانت أعصابها ثائرة من الداخل. لاحظ أيضا كيف أنها استعملت اسميهما تكرارا لتضمن حصولها على انتباههما التام وهي تتحدث إليهما.

مثال سيئ

يتشاجر كمال وبسام حول من يملك القرص المدمج. يدعي كمال أنه أعاره لبسام، ولكن بسام ينكر ذلك.

كمال:    أعده إلي، أيها ******!

بسام:    كن صادقا، كمال. إنه لي، أنت لم تعرني إياه أبدا.

الآنسة هدى:    هل لكما بالتوقف عن الشجار أيها الصبيان؟

كمال:    لقد استولى على قرصي المدمج يا آنسة.

بسام:    نعتني بأنني ******، يا آنسة.

الآنسة هدى:    [تبدو منزعجة جدا]. اسمعا، هل يمكنكما التوقف عن التفوه بألفاظ بذيئة ومتابعة العمل. هل تريدان أن تحتجزا معي بعد انتهاء الحصة؟ لا؟ إذا اسكتا وعودا إلى العمل.

يعود الشابان إلى العمل وهما حانقان، وبعد بضع دقائق يبدأان بالشجار مجددا.

كمال:    سأريك بعد انتهاء المدرسة، أيها ****.

بسام:    حقا؟ وأنا سأسحق رأسك حالا أيها الأحمق ******!

يقف الشابان ويتخذان وضعيات هجومية.

الآنسة هدى:    حسنا، توقفا على الفور. اجلسا.

كمال:    لن تسحق رأسي أيها ******!

بسام:    حقا؟ تعال لنرى، كمال. أنت تظن نفسك بطلا. [يشد قبضتيه].

الآنسة هدى:    هل لكما بالتوقف عن ذلك والجلوس!!

لكن فات الأوان، فالولدان بدأا بالعراك وبقية التلاميذ يحثونهما على ذلك. تحاول الآنسة هدى الوصول إليهما لإبعادهما عن بعضهما.

الصف:  هيا! هيا! هيا! هيا!

الآنسة هدى:    هل لكم بالكف عن ذلك جميعا والجلوس فورا!!

تعليق على المثال السيئ

لاحظ السرعة التي يتصاعد فيها الشجار هنا، لأن المعلمة لا تتدخل بحزم كاف منذ البداية. فعوضا عن قول ما تريده للتلميذين، تطلب منهما التوقف عن الشجار. كما أنها تدعوهما بالصبيين عوضا عن مناداتهما باسميهما، وهذا ما يقلل من أثر ما تريد قوله. فتهدد بالاحتجاز كطريقة لحل المشكلة عوضا عن التدخل في الشجار وإزالة سبب النزاع، أي القرص المدمج. كما تطلب منهما السكوت عوضا عن أمرهما بالتزام الصمت. هذا التصرف الذي عكس موقفها والنبرة المنزعجة التي استعملتها ساهما في تفاقم النزاع عوضا عن تبديده.

بعد بضع دقائق، كان الخلاف لا يزال موجودا، فبدأ الولدان بالشجار مجددا. وبما أن المعلمة لم تتدخل كما يجب في البداية، لم يعد بمقدورها إيقاف العراك الجدي الذي وقع. وهنا أيضا، تقول لهما أن يجلسا، عوضا عن القيام والفصل بينهما أو إخراجهما من الصف، بعيدا عن الباقين. ولكن الأوان قد فات، وأصبح العراك محتوما.

استخدام الألفاظ البذيئة

السن: الصف الثامن

تفاصيل المشكلة: تعاني نادين من مشكلة في السيطرة على أعصابها، وحين تشعر بالانزعاج، يتفجر غضبها لفظيا. فتبدأ بشتم الجميع، بمن فيهم المدير.

مثال جيد

رأى المعلم نادين تمرر سيجارة لصديقتها خلال الحصة. ففضل تجاهل الأمر عوضا عن الدخول في مواجهة معها، ولكن نور رأتها وأخبرت المعلم.

نور:     أستاذ! رأيت نادين تعطي ناديا سيجارة!

نادين:   اصمتي أيتها البلهاء!

ناديا:    وإلا فسنريك بعد انتهاء المدرسة!

المعلم أنور:    نادين، ناديا، تعالا إلى هنا لو سمحتما، وأحضرا حقيبتيكما. [يشير إليهما للمجيء إليه].

نادين:   لن أتحرك من مكاني.

المعلم أنور:    سأطلب منكما مجددا، نادين وناديا، تعالا إلى هنا وأحضرا حقيبتيكما. هذا آخر إنذار.

ناديا:    قومي يا نادين، لا أريد أن أحتجز مع هذا الأحمق. [تتوجهان إلى مكتبه].

المعلم أنور:    سأدعي بأنني لم أسمع ما قلته للتو. [يقف]. حسنا. سأعطيكما فرصة واحدة لإعطائي السجائر، ولن أقبل بأي جدال. وإلا ستكونان في ورطة كبيرة لأنني سأتصل بأهلكما وأخبرهم بالأمر.

نادين:   لن أعطيك سجائري ******. وأبواي يعلمان أصلا بأنني أدخن. ماذا ستفعل الآن أيها الأحمق؟

المعلم أنور:    نادين، ألفاظك مريعة، وكوني أحمق لا يعني أنني لا أنزعج من سماع ذلك. [يضحك بقية الصف]. إن سمعتك تشتمين مجددا سأحتجزك. والآن أعطيني السجائر وإلا اتخذت تدبيرا آخر.

ناديا:    هل يمكننا استعادتها؟

المعلم أنور:    استعادة ماذا؟ ماذا تقرين بأنك تملكين؟

ناديا:    آه، لا شيء. تفضل، يا أستاذ. [تعطيه السيجارة التي أعطتها إياها نادين].

المعلم أنور:    [يسحق السيجارة ويرميها في سلة المهملات]. شكرا ناديا، يمكنك العودة إلى مكانك. نادين، أعطيني بقية العلبة.

نادين:   مستحيل أيها ****** *****! إنها لي!

المعلم أنور:    حسنا نادين، لقد حذرتك. أنت محتجزة معي لمدة عشر دقائق بعد الحصة. سأخبر المدير بحيازتك السجائر. تعالي معي إلى الخارج لمناقشة الأمر قبل أن تتورطي في مزيد من المشاكل.

نادين:   لن آتي إلى الاحتجاز اللعين، ولن أخرج معك إلى الخارج أيها *****!

المعلم أنور:    حسنا، أصبحت مدة احتجازك عشرين دقيقة، وسأتحدث مع مسؤول الصف عن ألفاظك البذيئة. أنت تعرفين بأن السباب ممنوع، نادين، وما زلت تخرقين القاعدة. فلنخرج ونناقش هذا الأمر، ما رأيك؟

يسير المعلم نحو الباب، ويترك نادين واقفة عند مكتبه. فتتبعه إلى الخارج. فيغلق الباب خلفهما.

المعلم أنور:    حسنا نادين. لديك الآن احتجاز لمدة عشرين دقيقة معي وإحالة لحيازتك على سجائر. أنت تعرفين بأن السجائر ممنوعة في المدرسة، شأنها شأن الشتائم. أريدك أن تسلميني العلبة على الفور، لو سمحت.

نادين:   كلا. [ولكنها بدأت تهدأ].

المعلم أنور:    أصغي إلي نادين. الخيار لك. إما أن تتعاوني معي أو ستجبرينني على إرسالك إلى نائب المدير حالا. أهذا ما تريدين؟

نادين:   كلا.

المعلم أنور:    إذا أعطيني السجائر، ولنعد إلى الصف ونتابع الدرس.

يمد يده. فتعطيه نادين العلبة.

المعلم أنور:    جيد. عودي إلى الصف ولا أريد رؤية سجائر بحوزتك مرة ثانية، مفهوم نادين؟

تعليق على المثال الجيد

إنها حادثة دقيقة. فامتلاك التلميذتين للسجائر فيه خرق خطير للنظام. إلا أن المعلم مضطر للعمل معهما في المستقبل، ويشعر أنه من الأهمية بمكان أن يكون على علاقة جيدة معهما. لاحظ كيف يحافظ على هدوئه وروحه المرحة طيلة المواجهة. فما إن تبدأ المشكلة، حتى يتدخل بالطلب من الفتاتين المجيء إليه. لحسن الحظ، تدرك ناديا أنه جدي، وتشجع نادين على الانصياع لما يقوله.

يقدم المعلم مخرجا لنادين حين يخبرها أنها إن أعطته السجائر لن يصعد المشكلة أكثر من ذلك. ولكن نادين تبدأ بشتمه على الفور. فيقابلها بالهدوء لا بل ويضحك الصف حين يشير إلى إهانة نادين. ويحذر نادين من أنها إن شتمت مجددا ستعاقب. ثم يتعامل مع ناديا، الأقل ميلا إلى المواجهة والتي توافق على طلبه. وبعد أن تعود ناديا إلى مكانها، يتعامل مع نادين على انفراد.

مع الأسف، تعاود نادين الشتم، فيضطر المعلم إلى تنفيذ العقاب الذي هدد به. كما يخبرها أن عليه إحالة المسألة إلى المسؤول عن الصف. كان بحاجة إلى إبعادها عن الصف لكي يعزلها عن جمهورها. وبتوجهه نحو الباب يترك نادين بمفردها، فتضطر إلى اللحاق به عوضا عن أن تبدو حمقاء وهي واقفة في مكانها أمام الصف. في الخارج، ينجح المعلم في تهدئة الأمور، فيلخص الصورة ويشرح ما سيحدث إن رفضت نادين التعاون معه.

لاحظ كيف يتحدث المعلم طيلة المواجهة بنبرة هادئة وخالية من التهديد. وحين يضطر إلى فرض العقاب، لا يجعله يبدو شخصيا. بل يحرص على أن يكون قرار الانصياع للأوامر أو عدمه بيد نادين، ما سيحد من حجم الأذى الذي سيلحق بعلاقتهما.

مثال سيئ

رأى المعلم نادين تمرر سيجارة لصديقتها خلال الحصة. ففضل تجاهل الأمر عوضا عن الدخول في مواجهة معها، ولكن نور رأتها وأخبرت المعلم.

نور:     معلم! رأيت نادين تعطي ناديا سيجارة!

نادين:   اصمتي أيتها البلهاء!

ناديا:    وإلا فسنريك بعد انتهاء المدرسة!

المعلم أنور:    لا تكونا بهذه الفظاظة أيتها الفتاتان. وهل لكما أن تعطياني السجائر؟ تعلمان أنها ممنوعة في المدرسة. أنتما محتجزتان معي بعد انتهاء الحصة. وسأتصل بأهلكما اليوم.

ناديا:    هذا ليس عدلا، يا أستاذ! أنا لم أفعل شيئا!

المعلم أنور:    اهدئي ناديا وتابعي عملك.

نادين:   يمكنك الاتصال بأبوي، فهما يعلمان أصلا بأنني أدخن. لا آبه لما تفعله أيها ******!

المعلم أنور:    ماذا قلت؟

نادين:   *******!

المعلم أنور:    [وهو يصرخ]. حسنا أيتها الشابة! أنت في ورطة! أنت محتجزة معي لمدة ساعة بعد الحصة. تعالي إلى هنا وأعطيني السجائر!

نادين:   دعني وشأني أيها ******!

المعلم أنور:    كيف تجروئين! [يتوجه نحوها]. أعطيني السجائر حالا وإلا…!

نادين:   كفى! لن أعطيك السجائر أيها الأحمق ****!

المعلم أنور:    [وهو يصرخ في وجهها]. اخرجي حالا! ولا تعودي إلى هنا!

نادين:   [تنهض وتصرخ في وجهه]. سأخبر أمي بما فعلته! لا يمكنك التحدث إلي بتلك الطريقة أيها ***** ******! [وتخرج مسرعة].

تعليق على المثال السيئ

تنتهي هذه المواجهة بشكل مختلف تماما عن المثال الأول، ومن غير المرجح أن يتمكن المعلم أنور ونادين من إصلاح علاقتهما. ومن المرجح أيضا أن نادين قد وقعت الآن في ورطة كبيرة. فالخطأ الأول الذي وقع فيه المعلم هو التحدث مع التلميذتين أمام الصف بأكمله، من مكانه، عوضا عن أن يطلب منهما المجيء إليه. وعاقبهما على الفور وأخبرهما أنه سيتصل بأهلهما. وحين احتجت ناديا، أسكتها من دون مناقشة.

شتمته نادين، فارتكب الخطأ الكلاسيكي حين سألها “ماذا قلت؟” وكانت مسرورة بالطبع لتكرار الإهانة! ففقد المعلم أعصابه، وبدأ بالصراخ، ما صعد المشكلة بالطبع. ومن دون أي تحذير، زاد مدة احتجازها لساعة، وظل يتوقع منها إعطاءه السجائر.

انتقل المعلم الآن إلى المجال الشخصي وراح يهدد نادين ويصرخ في وجهها. وبالنسبة إلى تلميذة ميالة إلى المواجهة، لن تؤدي هذه الطريقة العدوانية في التعامل مع المسألة سوى إلى انفجارها في وجه معلمها. فتشتمه مجددا. وحين يطردها من الصف، تغادر مع إطلاق تهديد واتهام بسوء المعاملة.

الأداة الخطرة

السن: الصف الثالث

تفاصيل المشكلة: تم تحذير رياض في مرات سابقة من اللعب بالمقص. وتحدث الصف عن سبب خطورة هذا السلوك. ولكن، ما زال رياض يميل إلى التلويح بالمقص على نحو خطر، وقد سبق أن قص شعر وملابس أحد الأولاد.

مثال جيد

رياض يحمل مقصا ويهدد بقص شعر لينة. فبدأت بالبكاء.

لينة:     آنسة! آنسة! رياض يريد قص شعري! امنعيه من ذلك!

رياض:  أنا أمزح وحسب، آنسة. لن أقص شعرها.

الآنسة منى:    لينة، هل يمكنك الذهاب وإخراج المشروبات لوقت الاستراحة؟ ممتاز، شكرا جزيلا لينة. [تذهب لينة لوضع المشروبات]. والآن رياض، أريدك أن تعطيني المقص حالا. هاته. [تمد يدها لأخذه].

رياض:  آه آنسة! هذا ليس عدلا. لم أكن أفعل شيئا به. أحتاجه لقص الخرائط.

الآنسة منى:    رياض، أعطني إياه فورا، من فضلك.

رياض:  [يبدأ بالغضب]. لن أفعل. لا أستطيع القيام بعملي من دونه.

الآنسة منى:    [تصفق بيديها]. حسنا! أريدكم أن تتوقفوا جميعا عن العمل وتنظروا إلي. انظروا إلي وأنصتوا من فضلكم!

يترك التلاميذ الخرائط والمقصات وينظرون إلى المعلمة. هي الآن تتجاهل رياض عمدا.

الآنسة منى:    حسنا! سأعطيكم تحديا لأرى مدى ذكائكم. أريدكم أن تمزقوا الخرائط بأيديكم، وسنرى خريطة من ستكون الأفضل. وسيحصل الفائز على نجمة ذهبية وملصق من اختياره! سأحدد الوقت، لديكم عشر دقائق لإنهاء العمل. استعداد، انطلقوا!

حين نظرت إلى رياض، كان قد بدأ بتمزيق خريطته بيده. فأخذت منه المقص بسرعة من دون أن يلاحظ.

تعليق على المثال الجيد

هنا أيضا كان تدخل المعلمة السريع حيويا لتفادي تطور المشكلة. ولو تركت رياض وشأنه، لكان من المحتمل أن يقص شعر لينة فعلا. فكانت خطوتها الأولى هي إلغاء لينة من المعادلة وتقديم بديل مثير لاهتمامها. وهذا ما منع لينة من الاستمرار بالبكاء. ثم طلبت من رياض إعطاءها المقص، ولكنه أجاب بأنه يحتاج إليه لإتمام عمله، وهذا صحيح. وحين أدركت المعلمة ذلك ورأت أنه قد يصبح عدوانيا إن ألحت عليه، قررت تغيير خطتها.

في هذه السن، من السهل صرف انتباه الأولاد، وهذا ما قررت فعله. فتجاهلت رياض، وصرفت انتباهها عنه، وجذبت انتباه الصف عوضا عن ذلك. ثم طرحت لهم تحديا لا يحتاج إلى استعمال المقصات على الإطلاق. وجعلت المسابقة أكثر إثارة بإضافة مكافأة تعرف بأنها ستعجب رياض؛ نجمة ذهبية وملصق. حين نظرت إليه، كان منهمكا بإنجاز العمل فتمكنت من سحب الأداة الخطرة عن طاولته. ويمكن للمعلمة التحدث أكثر مع رياض عن خطر استعمال المقص مرة أخرى.

مثال سيئ

رياض يحمل مقصا ويهدد بقص شعر لينة. فبدأت بالبكاء.

لينة:     آنسة! آنسة! رياض يريد قص شعري! امنعيه من ذلك!

رياض:  أنا أمزح وحسب، آنسة. لن أقص شعرها.

الآنسة منى:    رياض، سبق أن طلبت منك ذلك وها أنا أطلبه مجددا. هل لك بالتوقف عن اللعب بالمقص؟ أنت تعرف بأنه خطر. وأنت لينة. لا تكوني سخيفة، توقفي عن البكاء، فهو لم يؤذك، أليس كذلك؟

رياض:  آه آنسة! هذا ليس عدلا. لم أكن أفعل شيئا به. أحتاجه لقص الخرائط.

الآنسة منى:    أعطني المقص فورا، رياض، وإلا منعتك من المشاركة في النشاط.

رياض:  [يبدأ بالغضب]. لن أفعل. هذا ليس عدلا. لا أستطيع القيام بعملي من دونه.

الآنسة منى:    [وهي تصرخ]. رياض! أعطني المقص وإلا لن تخرج إلى الملعب اليوم!

راح كل من رياض ولينة يبكيان. أما بقية الصف فتوقف عن العمل لمشاهدة ما يحدث.

الآنسة منى:    انظرا ماذا فعلتما الآن، أيها الولدان السخيفان! اصمتا فورا وعودا إلى العمل!

رياض:  أنا أكرهك!

الآنسة منى:    وأنا أيضا رياض! اخرج من الصف وقف خارج غرفة الناظر. [تنفجر غاضبة]. آه، لينة، توقفي عن البكاء!

تعليق على المثال السيئ

هذه المرة، عوضا عن إخراج لينة من الصورة، تتهمها المعلمة بأنها سخيفة، وهي تهمة غير عادلة. وحين يرفض رياض الانصياع لأوامرها، تغضب بسرعة، وتبدأ بالصراخ عوضا عن الحفاظ على هدوئها والتعامل مع المشكلة بشكل عقلاني. فتهدد رياض من دون تحذير بأنه سيخسر وقت اللعب ولا تأخذ شكواه بجدية حول عدم قدرته على إتمام العمل من دون المقص.

وحين يبدأ بقية الصف بمشاهدة ما يحدث، تنعت المعلمة الولدين بالسخيفين وتطلب منهما السكوت. وهذه الفظاظة تؤزم الأمور من دون شك، فيجيبها رياض بأنه “يكرهها”. غير أنها تتصرف بمزيد من الفظاظة ولا تحل المشكلة سوى بإرسال رياض إلى مكتب الناظر. فكانت ردة فعلها مبالغة تجاه مسألة من الممكن حلها ببساطة. فوجدت نفسها أمام صف منصرف تماما عن عمله، وتلميذة غارقة بالبكاء.

تأليف سو كولي

اسأل طبيب مجاناً