التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

اختلال توازن سكر الدم لدى الأطفال

حين تسمعين عن حالة اختلال توازن سكر الدم، قد تظنين أنها مشكلة معقدة، ولكنها في الحقيقة حالة بسيطة لها أعراض شائعة جداً تحدث لمعظمنا بصفة يومية وقد لا نلاحظها.

وحيث إن سكر الدم يجب أن يظل في نطاق محدد (100-200 ملجم/ديسيلتر حسب السن) للمحافظة على صحتنا وأدائنا الوظيفي الطبيعي، فإن المشكلة تحدث إذا بقيت مستويات سكر الدم عالية بعد تناول إحدى الوجبات أو انخفضت بشدة (وهو ما يسمى بارتفاع أو انخفاض سكر الدم). وأي الحالتين يعتبر اختلالاً في توازن سكر الدم.

انظري آثار السكريات

بعد أن يتناول طفلك وجبة متوازنة، أعطيه ورقة وقلماً ودعيه يرسم شيئاً (مثل وجه إنسان، أو شجرة، أو حديقة، أو سيارة). ثم أعطيه طعاماً مرتفع السكريات مثل الأيس كريم أو سكر النبات، واطلبي منه أن يرسم نفس الشيء مجدداً. وستجدين أن مهارات الرسم لدى الأطفال بعد تناول وجبة متوازنة تكون في العادة أفضل بكثير مما هي بعد أكل السكريات التي تؤدي إلى انخفاض مستويات التركيز نتيجة لتأثيرات السكر، وهذا ينطبق على مهارات الإمساك بالقلم والدقة في استخدامه.

أعراض اختلال توازن سكر الدم

–    التقلبات المزاجية: عدم الاستقرار، الهياج، نوبات الغضب، البكاء
–    الاكتئاب، الخوف، القلق
–    تقلبات مستويات الطاقة: هبوط الطاقة (خاصة بعد الغداء)، الإرهاق، الكسل، فرط النشاط
–    حالات التوق الشديد للطعام، لاسيما الحلوى، والخبز الأبيض
–    الحاجة لتناول الوجبات الخفيفة بشكل متكرر، لاسيما السكرية منها
–    نوبات الصداع المتكررة
–    انخفاض مستويات التركيز
–    ضعف الذاكرة
–    زيادة الوزن والبدانة، خاصة في منطقة البطن
–    المشكلات الهضمية: الانتفاخ، الإمساك
–    مشكلات النوم: صعوبة النوم، النوم المتقطع، صعوبة الاستيقاظ في الصباح

أي واحد من هذه العوامل يمكن أن يثير سلسلة من الأحداث التي تؤدي إلى اختلال توازن سكر الدم. فالكربوهيدرات المكررة، على سبيل المثال، يتم هضمها سريعاً ومن ثم ترفع مستويات سكر الدم (الجلوكوز) بسرعة كبيرة. ونظراً لأن الجلوكوز الزائد (200 ملجم/دل أو أكثر) يعتبر ساماً بالنسبة لأنسجة معينة بالجسم، فإن الجسم يتحول إلى وضع الدفاع بأن يحث على إطلاق كميات كبيرة، بشكل غير طبيعي، من الأنسولين من البنكرياس حتى تتم إزالة الجلوكوز الزائد من مجرى الدم، مما يسبب هبوطاً مفاجئاً في سكر الدم.

الأسباب المحتملة لاختلال توازن سكر الدم

من الطبيعي جداً أن تتأرجح مستويات سكر الدم لدى الأطفال خلال اليوم بناءً على ما إذا كانوا قد تناولوا الطعام أم لا، وعلى الأطعمة التي أكلوها. وفيما يلي بعض الأسباب الرئيسية لاختلال توازن سكر الدم عند الصغار:

•    الاختيارات السيئة للأطعمة، خاصة:

–    الكربوهيدرات المكررة (مثل الأرز الأبيض، والخبز الأبيض)

–    الأطعمة السكرية (وهي الأطعمة التي تكثر بها إما السكريات المكررة وإما الطبيعية مثل الأطباق الحلوة والكرامل أو العصائر)

–    المأكولات أو المشروبات المحتوية على الكافيين (مثل المشروبات الغازية، والشاي، والقهوة، والشيكولاتة)

•    إغفال الوجبات أو ترك فجوة كبيرة بين أوقات تناول الطعام
•    عوامل معينة تتعلق بأسلوب الحياة، مثل ارتفاع مستويات الضغط، وقلة ممارسة الرياضة، والتعرض للسموم من الطعام أو البيئة

هل تعلمين؟

المخ يعتمد كلية على الجلوكوز (أي سكر الدم) لكي يمارس وظائفه، ولهذا، حينما تنخفض مستويات سكر الدم تتأثر مستويات التركيز والحالتين المزاجية والسلوكية على الفور.

بالمثل، فإن المنبهات، مثل الكافيين، والضغوط، والسموم يمكن أيضاً أن ترفع مستويات سكر الدم لأن الجسم يستجيب أيضاً لهذه العوامل الضاغطة بإطلاق بعض من السكر المختزن في الكبد إلى مجرى الدم. فإذا لم يستخدم هذا السكر الزائد، فإن مستوى سكر الدم يظل مرتفعاً، فينطلق المزيد من الأنسولين من البنكرياس، مما يؤدي إلى انخفاض شديد في سكر الدم.

فإذا حدث ارتفاع متكرر في مستويات الأنسولين بفعل العوامل المذكورة أعلاه، فإنه لا يتبقى قدر كافٍ من السكر في الدم لكي يتوزع في أنحاء الجسم، مما يحرم الجسم من الطاقة ويجعل أعضاء مهمة فيه تعاني نقصاً في الوقود اللازم لها. وعند هذه النقطة يبدأ الصغار في التوق للأطعمة (مثل الحلوى، والشيكولاتة، والخبز الأبيض) التي تعيد مستويات سكر الدم لديهم لأعلى سريعاً؛ مما يعيد الدائرة الخبيثة مجدداً.

يوم وراء يوم

حينما جاءت منى لزيارتي، كانت تشعر باليأس؛ كان ابنها ذو السنوات الثلاث شديد العناد. كانت تصيبه نوبات غضب متكررة، ويصبح متقلب المزاج بشدة في بعض الأوقات، وكان إما زائد النشاط وإما في حالة تعب وقلق. وعن طريق مراقبته بعناية، اكتشفت منى أن تلك التغيرات المزاجية كانت تصيبه حينما يكون جائعاً أو بعد أن يتناول قدراً من السكر.

وقد شرحت لها موضوع اختلال توازن سكر الدم ونصحتها بالتخلص التام من السكر المكرر وعصائر الفاكهة المحلاة من النظام الغذائي لابنها، فوافقت على تجربة هذا الأسلوب. وبعد مرور ثلاثة أيام فقط من هذا التعديل الغذائي، تغير سلوك الابن من النشاط المفرط إلى الهدوء. كما أضافت منى المزيد من الوجبات الخفيفة الصحية بين الوجبات لابنها وجعلته يمارس نشاطاً بدنياً يومياً مما أدى إلى مزيد من التحسن.

ما يمكنك فعله

نظراً لأن مستويات سكر الدم تستجيب بسرعة كبيرة لتغيير النظام الغذائي والأسلوب المعيشي، يمنكك استخدام هذه النصائح البسيطة لتحقيق التوازن في مستويات سكر الدم عند طفلك وتحسين عملية استخدام الأنسولين في جسمه.

•    اجعلي طفلك يأكل بانتظام؛ إن تناول وجبات ووجبات خفيفة متكررة أثناء اليوم يعمل على تثبيت مستويات الطاقة ويجعل سكر الدم متوازناً. وعليك أن تقدمي له وجبات خفيفة عالية الجودة مثل المكسرات، والبذور، وكعك الشوفان، أو الزيتون لتتجنبي هبوط سكر الدم فيما بين الوجبات.
•    أدخلي شيئاً من البروتين في كل وجبة رئيسية أو وجبة خفيفة ليعمل كمنظم لسكر الدم؛ إذ يبطئ انطلاق الجلوكوز إلى مجرى الدم.
•    أعطي طفلك الكثير من الأطعمة الغنية بالألياف مثل الحبوب الكاملة، والبقول، والخضراوات، والفواكه، التي يتم هضمها ببطء ومن ثم لا تسبب انطلاق كميات كبيرة من السكر فجأة إلى مجرى الدم. فإذا اشتبهت أن طفلك يعاني اختلالاً في توازن سكر الدم، فتجنبي إعطاءه الفواكه شديدة الحلاوة مثل الموز، والمانجو، والعنب، واستبدلي بها ثمار العليق، والتفاح، والكمثرى، والكيوي.
•    تجنبي تقديم الأطعمة التي تطلق السكر سريعاً إلى مجرى الدم. وهذه تشمل منتجات الحبوب المكررة، مثل الأرز الأبيض، وكل ما يصنع من الدقيق الأبيض، والسكريات المكررة التي توجد في الأطباق الحلوة، وأصناف المربى، ومشروبات الصودا، والبسكويت، والحلويات، وكثير من حبوب الإفطار وما شابه ذلك.
•    قللي من عصائر الفواكه وغيرها من المشروبات المحلاة، إذ إن السكريات المركزة التي تحتويها لها تأثير مباشر على مستويات سكر الدم. وتذكري أن تخففي العصائر بالماء.
•    احرصي على أن يشرب طفلك الماء بدلاً من مشروبات الكافيين، مثل الشاي والقهوة والمشروبات المرطبة؛ فهي تسبب تغيرات متطرفة في مستويات سكر الدم.
•    اكتشفي أي حالات حساسية أو استهداف لأطعمة معينة وعالجيها. فبعض الأطعمة، إذا كان طفلك حساساً لها، يمكن أن تجعل مستويات سكر الدم تنخفض أو ترتفع بشدة. وأكثر تلك الأطعمة من القمح ومنتجات الألبان.
•    قللي أو امنعي تعرض طفلك للسموم، مثل سموم تلوث البيئة، وماء الصنبور، وحشوات الأسنان الزئبقية، وبعض الأدوية. إذ تعمل السموم كشكل من أشكال الضغوط، الذي يربك آليات موازنة سكر الدم الطبيعية بالجسم. وتجنبي أماكن التدخين؛ وإذا كنت تدخنين، فتجنبي التدخين أمام أطفالك، إذ يعمل النيكوتين كمنبه قوي للأنسولين حتى لو كان التدخين غير مباشر.
•    ساعدي طفلك على معالجة مستويات ضغطه المرتفعة.
•    ساعدي طفلك على ممارسة الرياضة بانتظام، إذ يساعد هذا على كبح الشهية والتوق للسكريات، ويعمل على موازنة سكر الدم.

اسأل طبيب مجاناً استشارات طبية مجانية