التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

أعراض الاكتئاب والقلق

كيف يمكنك أن تعرف ما إذا كنت تعاني مرضًا نفسيًّا أم لا؟ يمكن أن تتفاوت أعراض الاكتئاب بشكل كبير بين الأفراد، وغالبًا ما يكون الشخص مصابًا بالاكتئاب لسنوات، دون أن يتم تشخيصه وعلاجه بشكل صحيح، وهذا لأن الاكتئاب يمكن أن يتخفى وراء العديد من الأمراض المختلفة.

أعراض الاكتئاب

يمكن أن تشتمل أعراض الاكتئاب على ما يلي:

• شعور مستمر بالإحباط أو التعاسة، وشعور غامر بالحزن والتشاؤم واليأس
• سرعة الانفعال والتجهم
• عدم الاكتراث
• عدم الاستمتاع بكل النشاطات والهوايات المعتادة
• فقدان الدافعية
• الانعزال عن الأصدقاء والمجتمع
• تعاطي المخدرات والمشروبات المحظورة، أو التدخين للقدرة على مواجهة ظروف الحياة
• تغيرات في الشهية تؤدي إلى زيادة الوزن أو خسارته
• الاضطرابات المعوية، مثل متلازمة القولون العصبي
• تغيرات في عادات النوم، وغالبًا ما تكون مرتبطةً بالاستيقاظ مبكرًا، وعدم القدرة على العودة مرة أخرى إلى النوم
• تهيج عقلي أو بدني أو كلاهما
• بلادة عقلية أو بدنية أو كلاهما
• نقص التركيز وضعف الذاكرة
• أفكار انتحارية أو التفكير في إيذاء النفس
• الشعور بالتشاؤم واليأس
• فقدان الرغبة في العلاقة الزوجية أو الضعف الجنسي أو كلاهما
• الإرهاق الشديد
• شعور غير مبرر بالذنب أو الإحساس بالالتزام
• شعور غير مبرر بانعدام القيمة
• انخفاض تقدير الذات
• افتقاد الحزم
• انعدام المرونة العاطفية
• الشعور بالبلادة العاطفية
• الشعور بالجدية الشديدة
• القلق الشديد حيال الصحة البدنية أو المال أو المستقبل
• صعوبة اتخاذ القرارات
• ضياع الثقة
• انخفاض القدرة على اتخاذ المجازفات العادية أو الطبيعية أو كلتيهما
• التفكير المفرط في الماضي (الاجترار)
• الشعور المفرط بالاستياء
• نقد ذاتي غير معتاد
• الصداع الشديد
• تزايد الشعور بالأوجاع وبآلام عامة في العضلات والعظام (الألم العضلي الليفي المتفشي)
• شعور بثقل في منتصف الصدر (يمكن مقارنته بضيق الصدر)
• الشعور بما لو أن هناك حملًا ثقيلًا على الكتفين
• زيادة التنهد

أعراض القلق

• عسر التنفس
• رعاش عضلي أو رعاش الجسم كله
• آلام عضلية وتشنجات نتيجة التوتر العضلي المستمر
• ثقل الأطراف
• تسارع ضربات القلب أو شدة خفقانها
• ضربات قلب بصوت مكتوم أو شعور بتوقف ضربات القلب (الخفقان)
• ارتفاع ضغط الدم
• زيادة التعرق
• الدوخة
• الدوار
• الشعور بعدم الواقعية وفقدان الهوية – يقول المرضى غالبًا أشياء مثل: “أشعر بشعور غريب، أشعر بأنني مُصْطَنَعٌ، أنا لست في حالتي الطبيعية، أشعر بما لو أنني في حلم سيئ”.
• انخفاض القدرة على اتخاذ المجازفات العادية أو الطبيعية أو كلتيهما
• تعاطي المخدرات وال مشروبات المحظورة أو التدخين للقدرة على مواجهة ظروف الحياة
• الاضطرابات المعوية، مثل متلازمة القولون العصبي
• عسر الهضم والارتجاع أو كلاهما
• تغيرات في عادات النوم، غالبًا ما تكون مرتبطة بصعوبة الخلود إلى النوم والنوم المتقطع
• نوبات الهلع التي تُنْتِج شعورًا بعدم السيطرة الكامل والإحساس بأن هناك كارثة وشيكة
• تهيج عقلي أو بدني أو كلاهما
• شعور بالاضطراب والتوتر
• الشعور بما لو أن هناك حملًا ثقيلًا على الكتفين
• الخوف المتعلق بالأماكن، مثل: رهاب الأماكن المغلقة (الخوف من الأماكن الضيقة) أو رهاب الخلاء (الخوف من مغادرة المنزل، أو أي مكان آمن)
• الربو
• الصداع
• انخفاض الرغبة الجنسية أو الضعف الجنسي

سوف ترى أن الاكتئاب والقلق بينهما أعراض مشتركة، وفي الواقع غالبًا ما يتداخل المرضان، وفي الاكتئاب نجد أن الشعور بالحزن واليأس هو المسيطر، بينما الشعور بفقد السيطرة والذعر هو المسيطر في حالات القلق، وفي معظم حالات القلق الممتدة لفترات طويلة سيصاب الفرد بدرجة ما من درجات الاكتئاب.

يمكن أن تجعل الأعراض البدنية الرهيبة للقلق المريض أكثر قلقًا، وبذلك يصبح لدينا تأثير كرة الثلج، حيث تسبب الأعراض المتفاقمة المزيد من القلق، الذي يسبب بدوره تفاقم الأعراض، فعلى سبيل المثال، قد ينتابك شعور بالخوف والعجز الشديد عندما تشعر بتسارع ضربات قلبك، وضغط شديد في الصدر وضيق التنفس – وتشعر بما لو أنك على وشك الإصابة بأزمة قلبية أو الموت، وحقيقةُ نوبةِ القلق هذه هي أنك لا تعاني مشكلة في القلب، أو في الرئة، إنما أنت تعاني اختلالًا كيميائيًّا حدث نتيجة سريان الأدرينالين في جسمك، وبمجرد أن يحلل جسمك الأدرينالين سوف تعود إلى طبيعتك، ويا لها من راحة ستشعر بها!

ويمكن أن يعاني المرضى المصابون بالقلق أعراضًا مختلفة، ولذلك قد يستشيرون متخصصين مختلفين – مثل متخصص القلب، أو طبيب الصدر، أو طبيب الجهاز الهضمي، أو طبيب الأعصاب، ولكن بعد إجراء الفحوصات لا يستطيع الأطباء إيجاد سبب عضوي لهذه الأعراض الرهيبة، ويمكن أن تعالج الأعراض بأدوية، مثل مضادات الحموضة، والحبوب المنومة، والأدوية الممددة للعضلات، والمسكنات، والأدوية المضادة للتقلصات، وما إلى ذلك؛ ولكن إذا لم يعالج السبب، وهو القلق، فقد تحدث أعراض جديدة متكررة. إنها حالة رهيبة قد تعلق بها بقية حياتك، وتؤثر في الصحة العقلية والبدنية، والأمر الجيد هو أنه بإدراك سبب الأعراض وعلاجه، وهو القلق، ليس عليك أن تعيش حياة من المعاناة.

الاكتئاب الذهاني

يتميز هذا النوع من الاكتئاب بأنواع مختلفة من الأوهام، وهو شائع أكثر بين المسنين، والأشخاص الذين يعانون سوء تغذية؛ وقد تكون هناك أوهام تتعلق بالإحساس بالفقر، أو شعور بالذنب، تجعلهم يعيشون في ظروف مزرية من العزلة والحرمان، وقد يعتقد المرضى أن أجسامهم قد سكنتها الأرواح الشريرة، أو أن أجزاء منها قد فسدت، وغالبًا ما يرفض هؤلاء المرضى العلاج بسبب اضطرابهم وارتيابهم، وهم يحتاجون إلى دخول المستشفى وتلقي علاج مخصص لحالتهم، الذي من شأنه أن ينقذ حياتهم.

اضطرابات الوسواس القهري المرتبطة بالاكتئاب

قد ترتبط بعض أشكال الاكتئاب بأفكار الوسواس القهري، مثل الفحص المبالغ فيه للأشياء، أو عدها، أو تكرار غسيل الأيدي، أو أفكار وسواسية تتعلق بالجراثيم والقاذورات. وقد يعتقد المرضى أنهم عرضةٌ للأمراض أو الأوبئة، وقد يضطرون إلى أداء طقوس لدرء هذه المخاطر، وقد تصبح هذه المخاوف والأمور المقلقة مزمنة، وتتسبب في إهدار الوقت، وعدم التركيز، والإحباط، وعدم القدرة على أداء الأعمال.

فقدان الشهية العصبي هو نوع من اكتئاب الوسواس القهري، حيث يظهر المريض خوفًا مرضيًّا من الدهون، أو زيادة الوزن، وتستحوذ على المريض فكرة عدم الأكل حتى يمكنه خسارة كل الدهون التي في جسده، ويرى نفسه بصورة مشوهة، حيث يري أنه قبيح وبدين، في حين أنه يبدو نحيفًا للغاية.

وغالبًا ما تستجيب اضطرابات الوسواس القهري المرتبطة بالاكتئاب بشكل جيد للغاية إلى الأدوية المضادة للاكتئاب، والعلاج السلوكي المعرفي، وإذا تصاعدت حدة الأوهام، قد نحتاج إلى إضافة أنواع أخرى من الأدوية إلى مضادات الاكتئاب.

الاضطراب الوجداني ثنائي القطب أو الهوس الاكتئابي

نحو ١ من كل ٢٠ شخصًا سيعانون الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، ومتى ظهرت على الشخص أعراض الإصابة بنوبة اكتئاب أولية، يصبح هناك احتمال بنسبة ٢٠٪ أن تتطور إلى اضطراب ثنائي القطب، وفي هذا النوع من المرض يتواكب الاكتئاب مع فترات من الهوس السلوكي، وخلال فترة الهوس يصبح المريض شديد النشاط، ويفقد القدرة على التفكير بعقلانية، وخلال هذه الفترات أيضًا يشعر المريض غالبًا بتحسن شديد مع ارتفاع مستويات الطاقة، والحالة المزاجية المرتفعة وأوهام العظمة، وقد ينفق أموالًا طائلة، ويعتقد أن لديه قوة بشرية خارقة، وتمنعه غالبًا الطاقة الجسدية والعقلية الزائدة من النوم لأيام على التوالي، وقد يعتقد أن بمقدوره تحقيق أمور عظيمة، ويضع نفسه في مواقف صعبة.

علامات الهوس:

• تزاحم الأفكار والحاجة الملحة للكلام
• التشتت
• التهيج العقلي والبدني
• المشاركة في نشاطات عالية المخاطر مثل – تناول المشروبات الكحولية والمخدرات، والدخول في مشروعات تجارية محفوفة بالمخاطر، والقمار، والتسوق بإسراف شديد
• زيادة الرغبة في العلاقة الزوجية
• الأرق وعدم الحاجة إلى النوم
• مستويات طاقة هائلة
• تقدير النفس والثقة الزائدة بها
• الاهتمام الزائد بالاجتماعيات – مكالمات هاتفية مستمرة طوال الليل، وحفلات صاخبة، وإزعاج الأصدقاء والأقارب بالزيارات، وبالأفكار الغريبة التي قد يراها أفكارًا خلَّاقة.

وحين تنتهي نوبة الهوس يحل محلها اكتئاب حاد.

ومن المهم التفرقة بين الاكتئاب البسيط، والاضطراب ثنائي القطب، لأنه إذا عُولج الاكتئاب في مرحلة الاضطراب ثنائي القطب بالأدوية المضادة للاكتئاب وحدها، فمن المرجح أن يتطور الاكتئاب ثنائي القطب إلى هوس، أو تحولات مزاجية سريعة من الحالات المزاجية المنخفضة جدًّا إلى الحالات المزاجية المرتفعة جدًّا، فيجب ألا تستخدم الأدوية المضادة للاكتئاب وحدها في علاج الاضطراب ثنائي القطب.

ويصبح خطر الانتحار مرتفعًا جدًّا في حالات الاضطراب ثنائي القطب، خاصةً في أثناء مرحلة الاكتئاب التي من الصعب علاجها؛ ولهذا السبب، فإن الإحالة إلى متخصص نفسي في الوقت المناسب تُعد أمرًا جوهريًّا، وقد يتطلب الأمر العلاج بالصدمة الكهربائية، الذي قد يكون فعالًّا جدًّا في حالات الاكتئاب الحادة عند المرضى المصابين بالاضطراب ثنائي القطب، وغالبًا ما يقي من الانتحار.

وفي الغالب يكون الهوس الاكتئابي مرضًا وراثيًّا، وقد يحدث نتيجة تناول الكحوليات أو المخدرات، وهذا المرض أكثر خطورة من الاكتئاب العادي، أو البسيط، ويتطلب أدوية مختلفة، مثل الأدوية المثبتة للمزاج، من أجل السيطرة على الأعراض، وتتضمن الأدوية المثبتة للمزاج الليثيوم والأولانزابين والكيوتيابين واللاموتريجين، وقد يكون من الضروري إضافة دواء مضاد للتشنج (مثل الفالبورات) إلى أحد هذه الأدوية المثبتة للمزاج، وعادةً يتحمل المرضى جيدًا الليثيوم مع الفالبورات.

إذا لم تكن الأدوية المثبتة للمزاج فعَّالة بمفردها في تخفيف حدة الاكتئاب، فسوف يضيف معظم الأطباء أدوية مضادة للاكتئاب من نوع مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية إلى نظام علاج المريض، ويمكن أن يعمل اللاموتريجين جيدًا كمضاد للاكتئاب ومثبت للمزاج؛ وهو في العموم دواء يتحمله المريض جيدًا، واللاموتريجين مكلف إلى حد ما، وقد يسبب تفاعلًا مناعيًّا حادًّا، يُدعى “متلازمة ستيفنس جونسون”، وغالبًا الليثيوم هو أكثر هذه الأدوية شيوعًا، وثبتت فاعليته مرارًا، حيث يعمل، أفضل من جميع الأدوية، على التحكم طويل الأمد في الاضطراب ثنائي القطب.

ويجب أن يتجنب الأشخاص الذين يعانون الهوس الاكتئابي تعاطي المشروبات المحظورة والمخدرات؛ كما يحتاجون عادةً إلى المداومة على العلاج لفترة طويلة، ويعتبر أيضًا الإرشاد النفسي الداعم والعلاج النفسي أمرين ضروريين.

وسوف تساعد العلاجات الطبيعية المطروحة في هذا الكتاب أولئك المصابين بالاضطراب ثنائي القطب على الحفاظ على الصحة العقلية والبدنية، وقد تقي من الانتكاسات، أو تخفف من حدتها.

خطر الانتحار

يجب أن يُؤخذ وجود الأفكار والخطط الانتحارية على محمل الجد، وينبغي مناقشة تلك الأفكار، وليس هناك دليل على خطورة التطرق إلى موضوع الأفكار الانتحارية عند المريض بالاكتئاب – بمعنى آخر لم يظهر أنها تزيد من خطر حدوث الانتحار، وفي الواقع تراود العديد من مرضى الاكتئاب هذه الأفكار، وغالبًا ما يشعرون براحة حين تكون لديهم القدرة على التحدث عن الأفكار الانتحارية بشكل منفتح، حيث إنهم قد لا يقدرون على التحدث عنها لشعورهم بالذنب الشديد.

وتزيد العوامل التالية من خطر الانتحار

• أن يكون المريض ذكرًا
• الفئات العمرية الأكبر سنًّا
• فئة المراهقين
• البطالة
• العزلة – الطلاق أو الانفصال أو الوحدة الاجتماعية
• المرض أو الألم المزمن
• معاقرة الشراب وتعاطي المخدرات
• حيازة الأسلحة النارية
• تاريخ سابق من محاولات الانتحار
• وضع خطط فعلية للانتحار
• وضع اللمسات النهائية لخطة الانتحار – كتابة وصية، توديع الآخرين.

قد يكون من الصعب طرح موضوع الانتحار على مريض بالاكتئاب، ولذلك فيما يلي بعض الأسئلة الإستراتيجية المقترحة التي يمكن أن تطرحها عليه:

• هل تمنيت أبدًا ألا تستيقظ في الصباح؟
• هل الأمور ليست على ما يرام لدرجة أنك ترى أنه لا يوجد ما يستحق العيش من أجله؟
• هل تعتقد أن أسرتك سوف تكون أفضل حالًا دونك؟
• هل فكرت من قبل في إيذاء نفسك أو محاولة إنهاء حياتك؟
• هل وضعت أية خطط لإنهاء حياتك؟

تقدير الذات

أجد أن موضوع تقدير الذات رائع لتأثيره في الطاقات الكامنة داخلنا، والنجاحات المستقبلية في حياتنا بطريقة عميقة، ويعتمد تقدير الذات على الطريقة التي ترى بها نفسك، والقيمة التي تضعها لنفسك، والتي في الواقع يمكن أن تكون هشة للغاية، وقد وجدت أن تقدير الذات عند العديد من الأشخاص الرائعين الذين أعرفهم منخفضٌ جدًّا، مع أن ذلك لا يكون واضحًا دائمًا.

وغالبًا ما يُقيَّم تقدير الذات بشكل غير صحيح، قياسًا على قوالب المجتمع الحديث، فعلى سبيل المثال، يتم تصوير المرأة الجميلة في وسائل الإعلام بمظهر الرشيقة بشكل مذهل، والممتازة، القادرة على شراء الملابس الأنيقة، وهذا يُقدِّم للعديد من النساء الشابات مقياسًا مستحيلًا ينبغي أن يطمحن إليه، حتى يشعرن بجاذبيتهن، ومن ثم قيمتهن. ولا عجب أن لدينا هذا المعدل العالي من اضطراب الأكل في النساء الشابات، وتُسمى حالة الاشمئزاز من النفس، أو كره شكل الجسد، أو المظهر الخارجي، أو كليهما، ب “رهاب خلل البنية”، وتصبح الرغبة في تغيير مظهر الشخص هوسًا غير صحي، وغالبًا ما يُجري هؤلاء الأشخاص جراحات تجميل متكررة ذات نتائج سيئة، ويمكن أن يكون لوسائل الإعلام دور كبير في المساعدة على التغلب على الصورة النمطية للجمال والنجاح عن طريق استخدام المزيد من الممثلين والعارضين ذوي أجسام وأحجام وأعمار مختلفة، ويمارس مجتمعنا التمييز على أساس السن، خاصةً التمييز ضد كبار السن، ولا يقدر بشكل كافٍ خبرات كبار السن وقدراتهم.

ومن المفارقات العجيبة أن مشاكل تقدير الذات تشيع أكثر بين الشباب الذين في أوج صحتهم البدنية والعقلية، ويلجأ غالبًا مثل هؤلاء الشباب إلى تعاطي الكحوليات والمخدرات، كي يتغلبوا على انخفاض تقدير الذات لديهم، كما يتظاهرون بالثقة والرضا أمام الناس، وحالات انتحار المراهقين مرتفعة للغاية، وحقيقةُ أن شعور هؤلاء الشباب بعدم القيمة وفقدان الهوية أمرٌ نحتاج إلى العمل عليه في المنزل والمدرسة والمجتمع، حيث تنشأ جذور الكثير من المشاكل في مرحلة الطفولة، حين تتشكل لدينا الصورة الذاتية وقيمة الذات، ويحتاج الآباء والمدرسون إلى أن يكونوا أكثر مراعاةً لمشاعر أبنائهم وطلابهم الصغار، وبذلك يمكن الكشف عن هذه المشاكل المتعلقة بتقدير الذات مبكرًا قبل أن تتأصل في نفوسهم. ويحتاج الكثير من الأطفال إلى الحصول باستمرار على تحفيز ونقد إيجابي، وتشجيعهم على التعبير عن أنفسهم، والإفصاح عن مخاوفهم، وإذا أظهر الطفل مشاكل سلوكية، أو أعراضًا بدنيةً يتعذر تفسيرها، مثل اضطراب النوم، أو آلام البطن، وشد الشعر، والتشنجات العضلية اللاإرادية، وتجهم الوجه، وما إلى ذلك، فهذه في الأغلب علامات على قلق، أو اكتئاب مستتر، أو النقص الغذائي المتمثل في نقص الماغنسيوم أو فيتامينات ب أو أحماض أوميجا ٣ الدهنية، ويحتاج الأطفال إلى سماع ملاحظات إيجابية عن أنفسهم، وعن شخصيتهم الفريدة، والسمات التي يمكن تحفيزها، وقضايا مثل التفكك الأسري، والهجران، والاعتداء الجنسي، هي حالات يمكن أن تلحق الضرر بمفهوم تقدير الذات، إذا لم يكن هناك اهتمام خاص بها وتدخل مبكر لمعالجتها.

ومن المثير للاهتمام أنني قد لاحظت أن من يعانون انخفاض تقدير الذات في الغالب هم أشخاص غاية في الدماثة، وقد يرتبط ذلك بالاكتئاب والقلق والشعور بالذنب والالتزام المفرط، وقد يعتقدون خطأً أنهم مسئولون عن مشاكل أشخاص آخرين في عائلتهم أو من أصدقائهم، وعلى النقيض كان لدى معظم المضطربين عقليًّا ومرتكبي المذابح الجماعية من أمثال “هتلر” و”ستالين” و”بول بوت” غرورٌ كبيرٌ، ولم يشعروا مطلقًا بالذنب نحو المعاناة التي تسببوا فيها.

سوف تبهرك الحياة إذا تخليت عن الخوف، وعشت حياتك متعجبًا، وليس مفسرًا.

اسأل طبيب مجاناً