التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

الفزع الليلي .. أشد عنفاً من الكوابيس

تحدثنا في العدد الماضي من عيادة الرياض عن بعض مشاكل النوم عند الأطفال. تكلمنا
عن شيوع هذه المشكلة عند الأطفال، وأن مشكلة النوم تختلف عند الأطفال من سن إلى
آخر. فمثلاً الطفل الرضيع يختلف في اضطرابات النوم عنده عن الطفل من سن الثانية إلى
سن السادسة. فالطفل الرضيع تختلف مسببات اضطرابات النوم عنده وكيفيتها عن الطفل في
سن الرابعة أو السادسة مثلاً. كذلك هناك علاقة الاضطرابات العضوية مثلاً باضطرابات
النوم عند كل من الأطفال الرضع أو الأطفال في سن متقدم، مثل سن ماقبل الدراسة.
فعلاقة الاضطربات العضوية مثلاً عند الرضيع يكون صعباً على الوالدين معرفتها لأن
الرضيع لا يعبر عما يحس به من آلام أو أي اضطرابات عضوية قد يكون يعاني منها، بينما
الطفل في سن السابعة يستطيع بكل وضوح أن يعبر عن الآلام أو المتاعب العضوية إذا كان
سبب اضطرابات النوم عنده بسبب مشاكل عضوية. فإذا كان الطفل الرضيع يعاني من الحكة
ولايستطيع أن ينام فإنه لا يستطيع أن يقول شيئاً.. كل ما يستطيع فعله هو البكاء
والصراخ، خاصة في المساء وقت النوم، إذ يحس أكثر بهذه الحكة في جلده، ولايستطيع
النوم، وليس ثمة من وسيلة يعبر بها عن الألم سوى البكاء الذي قد يكون مزعجاً جداً،
مما يسبب قلقاً شديداً للوالدين اللذين يقفان حائرين أمام هذا الازعاج من طفلهم
الصغير، وربما يأخذانه إلى الطبيب أو إلى الإسعاف حيث يأخذ الأطباء بفحصه وربما
توصل إلى السبب المباشر في ارق هذا الطفل وصعوبة نومه. قد يتم علاجه في وقت قصير أو
قد يعطونه علاجا مهدئا لمساعدة هذا الطفل على النوم، وشرح المعاناة التي يعانيها
الطفل لوالديه، وأنه يجب على الأهل معرفة أن السبب هو الحكة الجلدية، وليس أي سبب
آخر..
أيضاً علاقة الطفل الرضيع بالبيئة المحيطة به، فإذا كانت العلاقة جيدة فإن الطفل
يشعر بالأمن العاطفي ولايؤثر ذلك على نومه، حيث يتمتع الطفل الذي يعيش في وضع عائلي
مستقر بإحساس الاستقرار وينعكس ذلك في سلوكياته، بما في ذلك النوم والنرفزة، وتوتر
الأعصاب. كثيرون لايعرفون ولايتوقعون بأن الطفل الرضيع دون العامين يتأثر بالظروف
المحيطة به، خاصة الظروف النفسية، والعلاقة بين الوالدين. وكذلك قد يؤثر سلبياً
الجو العائلي المحيط بالطفل، إذا كان الجو العائلي غير مستقر فإن الطفل يشعر بعدم
الأمان العاطفي، ويبدو ذلك في سلوكيات كثيرة منها، اضطرابات النوم، التوتر، القلق،
البكاء المستمر.

كذلك تأثير الغذاء على الطفل الرضيع، فانتظام إرضاع الطفل وترتيب عملية إرضاعه،
بحيث لاتكون اعتباطية… فهذا الأمر قد يخلق نوعا من الارتباك.. فإذا كان الطفل
يرضع كلما بكى أو ترغب الأم في إسكاته فإن الطفل يتعود على أن يبكي كلما شعر
بالحاجة إلى الرضاعة، وهذا قد يخلق جواً من التوتر عند الوالدين، خاصة إذا كان بكاء
الطفل وعدم نومه ليس بسبب الجوع أو الحاجة إلى الرضاعة، وإنما لأي سبب آخر، مثل
إصابته باضطرابات عضوية كما اسلفنا، مثل ارتفاع درجة الحرارة، أو حكة جلدية، أو أن
يكونا المكان بارداً على الطفل أو حارا أكثر مما يجب.. عندئذ يجد الوالدان نفسيهما
في حيرة كبيرة، لذلك يجب على الأهل الانتباه لهذه النقاط التي تحدثنا عنها والتي قد
تكون سبباً في اضطرابات النوم عند الأطفال الرضع، مثل الولادة قبل الوقت المحدد
(مواليد السبعة أو الثمانية اشهر)، وكذلك الأطفال الذين يعانون من الصرع، أو
الأطفال الذين يعانون من حساسية خاصة بأنواع معينة من الحليب.

كذلك الأطفال الذين ترافق اضطرابات النوم عندهم عدوانية تجاه نفسه وتجاه الآخرين،
أو الاطفال الذين يستيقظون من نومهم دون أي حركة، ودون أي مطالب، بل تبقى عيناه
مفتوحتين طوال الليل تقريباً دون أي تفاعل مع الوسط المحيط به. هذه الحالات قد
تستدعي أن يعرض الطفل على الطبيب لكي يطمئن الأهل عليه.

الأطفال الأكبر سناً، في مرحلة مابين الثانية والسادسة، والتي تسمى بأنها مرحلة
ماقبل الدراسة. في هذه المرحلة يعيش الطفل قلقاً قد يسبب له الأرق. وقد يكون الطفل
يعاني من بعض المشاكل فيرفض الذهاب إلى الفراش للنوم، أو أن يذهب إلى فراشه ولكنه
يظل مستيقظاً فترة طويلة قبل أن يستطيع النوم، وقد يترك السرير لعدة مرات لأسباب
تافهة مرات عديدة مثل الذهاب إلى شرب الماء او الذهاب إلى دورة المياه أو أي سبب
تافه تكلمنا في الأسبوع الماضي عن طقوس النوم عند الأطفال في هذه المرحلة من العمر،
وكذلك الكوابيس والأحلام المزعجة التي تحدث عند الأطفال خاصة في النصف الأول من
الليل.

اليوم سوف نتحدث عن:

الفزع الليلي:

وهو أكثر عنفاً من الكوابيس ويكثر في السن مابين أربعة إلى أحد عشر عاماً من عمر
الطفل، وفيه يستيقظ الطفل على صراخ وعويل ويبدو في حالة هلع وفزع شديدين، ويكون
فريسة لرؤى مرعبة مثل (حيوانات ووحوش شخصيات خرافية من الاساطير مثل الغول.. مناظر
مذابح ودماء…) ويكون استيقاظه هذا مصحوباً بعرق شديد، وسرعة في دقات القلب وسرعة
تنفسه مع صعوبة في التنفس. مثل هذا الطفل يصعب تهدئته مرة أخرى كي يعاود نومه، وفي
الصباح يستيقظ ناسياً تماماً ماحدث بالأمس

اسأل طبيب مجاناً