التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

الإسهال والقيء عند الأطفال والرضع

الإسهال عند الأطفال

بداية يجب أن تعرف الأم أن براز الرضيع يختلف حسب عمره وحسب الحليب أو الطعام الذي يتناوله.

في الأيام أو الأسابيع الأولى من العمر عندما يتناول الوليد حليب أمه يكون البراز أصفراً كاشفاً، سائلاً ومتكرراً، بمعنى بعد كل رضعة يخرج الطفل كمية قليلة من البراز، قد يصل العدد إلى عشرة مرات في اليوم، هذا لا يعتبر إسهالاً وإنما برازاً طبيعياً. تراجع الأمهات الطبيب لهذا السبب خوفاً من أن يكون هناك مرض. على الطبيب في هذه الحالة طمأنة الأم. بعض الأطباء يعتبرون ذلك إسهالاً ويصفون أدوية لمثل هذه الحالة.

يختلف البراز حسب نوعية الحليب. يكون البراز كما ذكرت في حالة الرضاعة الطبيعية أصفر مائع أقرب إلى السائل ومتكرر. أما في حالة الرضاعة الصناعية، يكون البراز مثل معجون الأسنان ليناً ولونه أغمق يميل إلى البني، كما أن عدد مرات التبرز تكون أقل. عند إدخال الطعام الصلب، تتغير رائحة البراز وتقترب من رائحة براز الإنسان البالغ. ويصبح أكثر تماسكاً ويقل عدد مرات التبرز. عدد مرات التبرز يختلف من طفل إلى آخر. بعضهم عدة مرات في اليوم. والبعض الآخر مرة واحدة في اليوم. وعدد قليل كل يومين مرة.

لتسهيل الأمر على الأم نقول كل تغيّر في عدد مرات التبرّز أو وجود سيولة مفاجئة في البراز أو تغيّر في الرائحة أو اللون واستمرار ذلك أكثر من يوم يجب مراجعة الطبيب.

يصنّف الإسهال حسب شدته إلى:

1– إسهال خفيف: عدد مرات التبرز حتى أربع مرات في اليوم.
2– إسهال متوسط: عدد مرات التبرز 5–9 مرات في اليوم.
3– إسهال شديد: عدد مرات التبرز عشرة مرات أو أكثر في اليوم.

الأسباب:

1– يمكن أن يكون السبب بكتيريا أو فيروس أو طفيليات. تدخل هذه الجراثيم عن طريق الحليب أو الماء، أو الطعام، أو عن طريق لمس الطفل أشياء ملوثة ومن ثم وضع اليدين في الفم.

2– يسبب بعض الأدوية إسهالاً مثل المضادات الحيوية.

3– الحساسية ضد المواد الغذائية.

4– شرب الكثير من عصير الفواكه. ولا سيما التجارية التي تباع في الأسواق، والتي يضاف إليها مواد حافظة ونكهات من مواد كيميائية. نفضل دائماً العصير الطبيعي المحضّر في المنزل.

5– التسمم (طعام فاسد أو مواد كيميائية).

إن غسيل اليدين المتكرر ضروري عند العناية بالطفل، قبل تحضير الطعام وبعده. قبل تغيير الحفاض وبعدها، تنظيف الحمام والمطبخ بشكل متكرر أمر هام.

تأثير الإسهال على الطفل:

يعاني الطفل من آلام بطنية، يبدو متعباً مرهقاً، أو عصبياً كثير البكاء، تضعف الشهية للطعام وقد يحدث تقيؤ. يمكن أن يترافق الإسهال مع ارتفاع في الحرارة.

يمكن أن يختلط البراز مع مخاط وفي بعض الأحيان دم. وهذا يدل على شدة المرض. توجد قطع غير مهضومة من الطعام مختلطة مع البراز في بعض الأحيان. قد يلتهب الجلد في منطقة الحفاض بسبب خروج البراز المتكرر الذي يحتوي بعض الأنزيمات الهاضمة. يصبح الجلد ملتهباً أحمر اللون وفي الحالات الشديدة تتطور الحالة إلى جروح وتقرحات، مما يسبب آلاماً إضافية إلى الطفل.

استمرار الإسهال يؤدي إلى تأذي الغشاء المخاطي للإمعاء وهذا بدوره يؤدي إلى سوء امتصاص المواد المغذية مثل النشويات والدهون والفيتامينات.

تتمركز خطورة الإسهال في أنه يسبب تغييراً في توازن الماء والأملاح في الجسم. خاصة عندما يفقد الجسم كمية كبيرة من الأملاح والماء من خلال الإسهال أو التقيؤ. وهذه الحالة تعرف بالتجفاف.

التجفاف:

هو الحالة التي يكون فيها فقدان السوائل من الجسم أكثر من الكمية الواردة إليه. هذا الجفاف يؤثر على قدرة الجسم على القيام بوظائفه الطبيعية.

أسباب التجفاف:

1– أمراض الجهاز الهضمي التي تظهر بالإسهال أو التقيؤ أو الاثنان معاً.

2– التعرق الشديد سواء كان ناتجاً عن ارتفاع حرارة الجو، أو ارتفاع حرارة الجسم بسبب المرض.

3– ازدياد إفراز البول كما في مرض السكري غير المعالج.

إن مراكز تنظيم الحرارة في جسم الرضيع لا تكون متطورة كما لدى الإنسان البالغ، لذا عندما يتعرض الرضيع إلى جو حار فإن حرارته ترتفع ويزيد التعرق وبالتالي فقدان السوائل.

أعراض التجفاف:

– جفاف الفم.
– عدم وجود دموع عند بكاء الطفل.
– يصبح الطفل زائغ النظرات وعصبياً.
– ينخفض اليافوخ في الرأس (وهي المنطقة الرخوة في قمة الرأس).
– يفقد الجلد مرونته (عندما تضغط ثنية الجلد بين الأصابع لا تعود بسرعة إلى طبيعتها).
– قلة البول.
– انخفاض وزن الرضيع.

علاج التجفاف:

إذا لم تبدأ المعالجة، تبرد أطراف الطفل وينخفض ضغط الدم وقد يصاب الرضيع بالصدمة ثم الغيبوبة، يمكن معالجة الحالات البسيطة من التجفاف في المنزل بإعطاء السوائل المركبة من السكر، والأملاح المعدنية. يكون إعطاؤها بكميات قليلة في كل مرة ومتقاربة الأوقات، ويفضل إعطاء السوائل بالقطارة أو الملعقة، تعالج الحالات الشديدة من التجفاف في المستشفى، وذلك بإعطاء الطفل السوائل والأملاح عن طريق الوريد.

علاج الإسهال:

يتناول العلاج بشكل رئيسي الأطفال تحت عمر السنة. يختلف العلاج حسب شدة الإسهال. ولكن في كل الأحوال يجب على الأم مراجعة الطبيب بسرعة عند ظهور الأعراض التالية.

– ارتفاع درجة الحرارة أكثر من 39 درجة مئوية.
– ظهور أعراض التجفاف.
– احتواء البراز على دم.
– الإسهال المتوسط والشديد.
– الخمول الشديد، والنوم لساعات طويلة أكثر من المعتاد.

يعتمد علاج الإسهال على أمرين هامين:

أولاً: معالجة سبب الإسهال. إذا كان هناك شك في جرثومة معيّنة أو طفيليات في الأمعاء، هنا يجب إعطاء الدواء المناسب للقضاء عليها. طبعا يكون ذلك بإشراف الطبيب وبعد إجراء فحوص مخبرية للبراز. أو إذا كان الإسهال بسبب إصابة في عضو آخر من أعضاء الجسم مثل التهاب الأذن. هنا يجب معالجة المسبب الأول للإسهال. وفي بعض الأحيان يتطلب الأمر إيقاف دواء يتناوله الطفل بسبب آخر. وهذا الدواء يكون هو سبب الإسهال، مثل بعض المضادات الحيوية.

ثانياً: تعويض الجسم عند فقده للسوائل والأملاح. ويكون ذلك بإعطاء الحليب في فترات متقاربة، في حال وجود التقيؤ تقلل الكمية، لأن امتلاء المعدة يحرضها على التقيؤ. تزاد عدد مرات الرضاعة. يبقى حليب الأم هو الأفضل لاحتوائه على مواد مضادة للجراثيم والالتهاب، إضافة إلى مواد أخرى تساعد على ترميم جدران الأمعاء المتضررة من الإسهال.

في حالات الإسهال البسيطة:

يكون تعويض فقد السوائل، إضافة إلى الحليب، بتقديم الماء أو عصير التفاح. أو السفن أب بعد طرد الغاز منها، وذلك حسب عمر الرضيع، يفضّل تجنب الشاي والمشروبات الأخرى التي تحتوي على كافيين.

في حالات الإسهال الشديدة:

يعطى محلول التجفاف Oral Rehydration Solutions (ORS) وهو مؤلف من ماء وأملاح بنسبة معيّنة يعوّض ما فقده الجسم، يمكن تحضيره في المنزل، ولكن يفضل شراؤه من الصيدلية. يكون على شكل مسحوق يضاف إليه الماء المعقم في المنزل. أو يكون المحلول جاهزا ويباع على شكل زجاجات خاصة. يقدم المحلول إلى الطفل ويترك له حرية تناول الكميات المناسبة. في حال وجود تقيؤ، يعطى المحلول على فترات متقاربة وبكميات قليلة 5–10 مل كل خمسة دقائق.

الطعام أثناء الإسهال:

الرضيع أقل من ستة أشهر من العمر: يفضل الاستمرار في تقديم الحليب ولا سيما حليب الأم لفوائده السابقة الذكر. إذا كانت التغذية بالحليب الصناعي واستمر الإسهال أكثر من أسبوع يفضل إعطاء الحليب الخاص بالإسهال ويكون خالياً من سكر الحليب (Lactose). تراكم سكر الحليب في الأمعاء دون هضم يزيد من شدة الإسهال.

الرضيع أكثر من ستة أشهر من العمر: وتكون الأم عادة قد بدأت بإطعامه الأطعمة الطرية أو شبه الصلبة، يمكن تقديم الأرز، البطاطا والجزر المسلوق، الموز والتفاح، ولبن الزبادي. إضافة إلى الحليب. المهم تجنب الأطعمة الدهنية والإسراف في الأطعمة السكرية.

كما ذكرنا سابقاً في حالات الإسهال المتوسطة والشديدة ننصح الأم بمراجعة الطبيب بأقرب فرصة وعدم تجربة أدوية موجودة في المنزل، أو شراء دواء من الصيدلي دون استشارة الطبيب.

العلاج الدوائي يكون بإشراف الطبيب. هو يختار الدواء المناسب حسب شدة المرض والأعراض. وقد يحتاج أحياناً إلى إجراء فحوص للبراز من أجل تحديد نوعية الجرثومة، أو فحوص للدم لتحديد شدة الإصابة.

الوقاية:

يقال (درهم وقاية خير من قنطار علاج)، عند اتباع بعض القواعد الطبية البسيطة يمكن أن نجنب الطفل كثيراً من الأمراض قد يكون بعضها خطيراً يهدد حياة الطفل.

1– يجب غسل الأيدي جيداً قبل تحضير طعام الطفل.

2– غسل الخضار والفواكه جيداً قبل تحضيرها للطبخ.

3– في حالة الأطفال الذين يتناولون الحليب الصناعي، يجب غلي الماء المخصص للوجبة ثم تبريده إلى درجة حرارة الجسم قبل إضافة الحليب إليه.

4– الالتزام بالإرشادات الطبية الخاصة بتغذية الرضيع، وعدم الإسراع بتقديم أنواع من الطعام قبل أن يكون الرضيع مهيئاً من حيث العمر.

5– تطبيق برنامج اللقاح، وخاصة تلك التي تتعلق بأمراض الإسهال (Rotavirus vaccine).

6– إبعاد الرضيع عن إخوانه أو الأطفال المصابين بالإسهال تجنباً للعدوى.


الإسهال الحاد عند الأطفال Acute diarrhea

عند البحث في أسباب الإسهالات الحادة، والبكتيرية منها بخاصة عند الأطفال والأولاد، لا بد من التوقف قليلاً عند الوضع البيئي العالمي، والذي يسترعي اهتمام معظم الدول المتطورة علمياً وصحياً، هذا إلى جانب المنظمات الصحية العالمية (منظمة الصحة العالمية، منظمة الأمم المتحدة للعناية بالأطفال) التي تعمل على الحد من انتشار الأوبئة عبر العالم.

نلتزم هنا بموضوع تلوث المياه، أكانت مياه الشرب أو مياه الاستعمال المنزلي، لنستنتج أنه في عصرنا الحاضر هناك مليار ومائتا مليون شخص في العالم (والعدد في ازدياد مع مرور الزمن) غير قادرين على استعمال مياه الشفة، وملياران وأربعمائة مليون محرومون من الإنشاءات الصحية الضرورية (مراحيض، دورات مياه، صرف صحي، بنى تحتية…).

من هنا يتبين لنا المعاناة الصحية الناتجة من هذا النقص الحاد في المياه وتردي قواعد النظافة العامة، وخصوصاً في البلاد التي هي في طور النمو، وحيث زيادة عدد سكانها في اطراد مستمر. وقد أدت الأمراض المسببة للإسهالات والعائدة في معظمها إلى شح المياه وتلوثها، إلى وفاة أطفال خلال القرن الماضي تجاوز عددهم عدد الأشخاص الذين قتلوا في النزاعات المسلحة منذ الحرب العالمية الثانية؛ وهي أمراض تتسبب بوفاة أكثر من ستة آلاف طفل يومياً نتيجة نقص المياه أو تلوثها.

وإذا ما أطلعنا على نسبة الحصول على الماء بين بلد وآخر، لاستنتجنا الهوة الكبيرة في هذا المجال، حيث أن المواطن الكندي مثلاً يحصل على سبعمائة ليتر من المياه يومياً، بينما لا يتعدى نصيب المواطن الأفريقي ثلاثين ليتراً في اليوم، ما يترك أثره إيجاباً وسلباً في كلتا الحالتين، لا سيما إذا عرفنا أن الحد الأدنى الواجب تأمينه للشخص الواحد هو خمسون ليتراً من المياه يومياً، لتغطية حاجات الشرب والنظافة والغسل وطهو الطعام. وترتفع هذه الكمية إلى مائة ليتر يومياً، إذا أضفنا إليها مستلزمات الزراعة والري.

الإسهال وطريقة العدوى

يعرف الإسهال بتكرار مرات التبرز، الحاوية على كمية زائدة عن المألوف، من الماء والأملاح المعدنية والتي يخسرها جسم الإنسان، إلى تغيرات نوعية البراز ومحتوياته (نتف من غشاء الأمعاء، مادة مخاطية، قيح، دم…).

والإسهال علامة مرضية سريعة الانتشار وبخاصة في فصل الصيف، نظراً لقضاء فترات متكررة في أحضان الطبيعة، وتلوث المياه في الأماكن التي يرتادها الناس في هذا الفصل (السباحة في البحر، ضفاف الأنهار، البحيرات..)، والتنزه في أماكن تشح فيها المياه فتقل النظافة ويتم انتقال العدوى إلى الأطعمة عن الطريق البرازي الفموي، وحيث الأصحاء الذين يتمتعون بدفاع مناعي قوي يقيهم من الإصابة بالجرثومة، خصوصاً إلى الأطفال الذين هم في طور بناء جهازهم المناعي أي تحت عمر السنتين.

ومهما يكن مصدر العدوى، يشكل الإسهال الحاد خطراً داهماً على صحة الطفل لما يحدثه من تجفاف حاد (نشفان)، لاسيما إذا صاحبته حالات استفراغ متكررة.

وتمثل هذه الإسهالات أحد الأسباب الرئيسة للمرض أو الوفاة لدى الأطفال في العالم، حيث يسجل نحو مليار إصابة سنوياً وحوالي خمسة ملايين حالة وفاة (حسب معلومات منظمة الصحة العالمية).

أهم الجراثيم البكتيرية وغيرها المسببة للإسهال

تعود أسباب الإسهالات البكتيرية الحادة إلى إصابة الأمعاء بأنواع عدة من البكتيريا المعوية (Enterobacteriaceae) والتي يمكن تصنيفها إلى فصيلتين:

• الأولى تتمثل بأصناف البكتيريا التي تتمركز في الأمعاء وتفرز نوعاً من السم، وتنتمي هذه إلى فصيلة «الباسيل»، أو العصيات، ومنها جرثومة إيكولاي (E.coli) (وقد أخذت شهرة عالمية في الفترة الأخيرة بعدما سجلت إصابات قاتلة بإحدى فصائل هذه الجرثومة في ألمانيا وأسبانيا وإيطاليا وغيرها من دول السوق الأوروبية المشتركة). وهذه الفصيلة كثيرة الوجود في بلادنا (لكنها تسبب إصابات في المجاري البولية أكثر من التمركز في الأمعاء).

• ومن البكتيريا التي تحدث حالات إسهال حاد ومفاجئ الكوليرا (Cholera) التي أدت إلى أوبئة قاتلة فيما مضى، وخصوصاً في مواسم الحج، وهي تضرب حاليا في عدد من بلدان أفريقيا وأميركا الجنوبية.

• يضاف إلى هذه الفصيلة بعض الأنماط من السلمونيلات (Salmonella)، والعقدية السبحية (Staphylococcus)، وعصية شيغيلا (Shigella)… وغيرها.

• أما الفصيلة الثانية من البكتيريا فتتميز بمهاجمة غشاء الأمعاء مباشرة، وهي كثيرة نذكر منها جرثومة التيفوئيد وغيرها من أنماط السلمونيلا (A، B، C…)، والبكتيريا العقدية، والبكتيريا الملتوية Campylobacter.

• ومن الطفيليات نذكر النوعية الأكثر انتشاراً وهي طفيلية entamoeba.

نختصر البحث في الإسهالات الحادة بإيراد حالتين: الأولى نتيجة الإصابة ببكتيريا شيغيلا، والثانية الإصابة بالطفيلية الأميبية (Amoebiasis)، وكلاهما يؤدي إلى زحار حاد (acute dysentery)، الأول يعرف بالزحار العصوي والثاني بالزحار الأميبي أو الطفيلي.

الإسهال البكتيري الحاد Bacillary dysentery العائد إلى عصية شيغلا Shigellosis

تحوي هذه البكتيريا على عدة فصائل (a، b، c…)، نادرة الحدوث في فرنسا قبل سن ثلاثة شهور، بينما هي أكثر حصولاً في أفريقيا، أوروبا الشرقية وبلدان الشرق الأوسط. وتحصل العدوى مباشرة (عن طريق الماء، الغذاء والألعاب)، ويكون المدخل دوماً بواسطة الفم. تدوم الحضانة للجرثومة من 6 إلى 12 ساعة، ويبقى الطفل معدياً طالما بقيت الجرثومة في برازه.

يتطور المرض على شكل وباء أو إصابات محدودة وتدوم مدة المناعة بعدها من سنتين إلى ثلاث سنوات.

أما علامات الإصابة فتبدأ على شكل أوجاع حادة في البطن، استفراغ متكرر وحمى عالية (40 درجة)، يمكن أن تصاحبها حالات تشنج عصبية لدى الأطفال؛ يلي ذلك الإسهال الحاد مباشرة حيث تبدو ظاهرة الزحار واضحة: نوبات ألم باطني تؤدي إلى رغبة ملحة للذهاب إلى التبرز مع الشعور بألم حاد مبرح في الشرج، مع تعدد مرات التبرز الحاوية على نتف من غشاء الأمعاء والقيح والدم، مما يشكل حالة سريرية متكاملة، تشمل حالة تسمم إنتاني متغيرة الحدة مؤلفة من: حمى عالية مع هبوط في الضغط الشرياني وتسرع في وتيرة دقات القلب وتجفاف حاد، مع ازدياد نسبة الحموضة في الدم وما لها من تداعيات على وظائف التنفس والقلب والدماغ.

وفي حالات أخرى أقل حدة، ينحصر الشكل السريري على إسهال حاد عادي مع وجود، في بعض الأحيان، سائل مخاطي غشائي في البراز مع بعض «الخيوط» الرفيعة من الدم، وفي هذه الحال وحده الزرع المخبري للبراز يؤكد الإصابة النوعية.

الإسهال الطفيلي أو الأميبي الحاد Amoebic dysentery

يصيب هذا الشكل السريري من المرض حوالي 10 % من سكان العالم، بينما 90 % من المصابين ليس لديهم علامات مرض، ما عدا نسبة عالية منهم يشكون من الإسهال البسيط، أما القسم الآخر فيعاني علامات المرض على شكل أوجاع أمعاء حادة وإسهال سائلي يحتوي على دم، وباستطاعته أن يؤدي إلى تقرحات أو تكوين دُمل في المصران.

وفي بعض الحالات يمكن للطفيلية أن تغزو أعضاء أخرى، وبخاصة الكبد حيث تظهر الأعراض المرضية على شكل ترفع حروري متغير مع قلة شهية للطعام من دون إصابة الأمعاء، تتم العدوى بواسطة كيس الطفيلية الذي ينتقل من خلال المياه الملوثة أو تناول الخضار النيئة الملوثة بالبراز، أو عدوى الأيدي بالغائط لدى الذين يحضرون الأطعمة.

يتم التشخيص من خلال فحص مخبري، وتدوم هذه الأكياس حية في البيئة الخارجية لفترة تتراوح بين 9 و20 يوماً، وخصوصاً عندما نعلم أن هذه الأكياس تقاوم المواد المعقمة (كلور مثلاً).

وتبقى فئات خاصة من الناس معرضة للإصابة بهذا الشكل الطفيلي، لاسيما لدى ضعيفي البنية أو مثبطي المناعة أو النساء الحوامل، وهم الأكثر عرضة لمضاعفات خطيرة.

سبل الوقاية

• للوقاية من الإسهال الحاد وحالات الجفاف عند الأطفال، يتوجب أولاً المحافظة على قواعد النظافة العامة (الأيدي، الأظفار، الشعر…).

• مراقبة شبكة إمداد المياه التي تغذي المنازل وبيوت النقاهة والمدارس، والعمل على تعقيم مياه الشرب.

• التركيز على غسل اليدين جيداً بالماء والصابون قبل تحضير وجبات الطعام أو تناوله، وبعد العودة من المرحاض وبعد تغيير حفاظ الطفل، وغسل وتعقيم الخضار والفاكهة، وطهي الطعام جيداً، وغلي الحليب وتعقيمه وتعقيم المياه التي تستعمل في تحضير قنينة الحليب للطفل في حال الرضاعة الاصطناعية وتعقيم المياه التي تستعمل في تحضير مكعبات الثلج أو تصنيع البوظة.

• بالنسبة إلى الأطفال الرضع ينبغي وقف التغذية بالحليب كخطوة أولى، واستبداله بمحلول المصل الفموي (الذي يحتوي على الملح والبوتاس وكربونات الصودا والسكر، وهو محضر على شكل مسحوق يذوب بالماء المعقم وسهل التناول من قبل الأطفال، ويعطى بكميات قليلة يحددها الطبيب) ما يسمح بالحد من حالات التجفاف.

• عدم التسرع بإعطاء الطفل مضادات الإسهال، وهي عقاقير لم يعد من المقبول استعمالها، لما لها من مضار بحيث تمنع طرح الجرثومة خارج الأمعاء وتبقيها داخل الجسم.

• من المهم الامتناع عن المداواة الذاتية بعدم الإسراع بإعطاء الطفل المضادات الحيوية، وترك الأمر للطبيب وحده أن يقرر الوصفة الطبية المناسبة لكل حالة مرضية.

• الانتباه إلى طريقة خفض الحرارة المرتفعة بالعقاقير المحلولة وليس بالتحاميل، نظراً لصعوبة استعمالها وغياب فعاليتها في حالات الإسهال، لأن عدم تخفيض الحرارة المرتفعة يؤدي في حد ذاته إلى خسارة المياه من جسم الطفل، ما يسرع حصول الجفاف ويزيد من إمكانية حصول التشنجات العصبية (هزة الحائط).

• من المهم التذكير دائماً بوجوب متابعة لقاحات الأطفال عموماً ودورياً، مع متابعة الجرعات التحصينية (التذكير)، منها ما له علاقة بالإسهال البكتيري الحاد (كلقاح التيفوئيد مثلاً) ومنها ما يحمي الطفل من التقاط جراثيم أخرى (نذكر هنا بأهمية اللقاح ضد فيروس الروتا) وهو مصاب بالتهاب حاد في الأمعاء، ما يمكن جهازه المناعي من الدفاع بطريقة أفضل وأقوى في حال حصوله على جميع اللقاحات التي يوصى بها من قبل مختلف المنظمات الصحية وجمعيات طب الأطفال في العالم.


الاسهال لدى الأطفال الرضع

الاسهال لدى الأطفال الرضع

الإسهال مشكلة غير شائعة لدى الأطفال الذين يرضعون طبيعياً، لأنه توجد فيما يبدو مواد معينة في لبن (حليب) الأم تدمّر العديد من الكائنات العديدة التي تسبب الإسهال.

أعراض الاسهال

  • براز سائل مائي (ليس متبذراً مثل ذلك الخاص بالطفل الذي يرضع طبيعياً).

في بعض الأحيان:

  • زيادة كمية البراز.
  • وجود مخاط في البراز.
  • وجود دم في البراز.
  • قيء.

أسباب الاسهال

  • عدوى معوية معدية (الفيروسات وفي معظم الأحيان الفيروس الدائري أو العجلي rotavirus)، وأيضا البكتيريا، والطفيليات). وفي بعض الأحيان عدوى أخرى.
  • حالات ذات أعراض مشابهة: الحساسية ضد الطعام، التسمم الغذائي، عجز إنزيمي.
  • التسنين (سبب محتمل).
  • حساسية لأحد الأطعمة بالنظام الغذائي.
  • الكثير من الفاكهة أو العصائر (وخاصة التفاح، الكمثرى أو الاجاص).
  • المضادات الحيوية (إطعام الطفل الذي يتجرع المضادات الحيوية لزبادي يحتوى على استنباتات حية قد يقي من هذا النوع من الإسهال).

طريقة انتقال العدوى

  • إن الحالات المعدية يمكن أن تنتقل عن طريق وصول البراز إلى اليد ومنها إلى الفم.
  • ينتقل أيضا عن طريق الطعام الملوث.

فترة الحضانة

تعتمد على الكائن المسبب للإسهال.

مدة الاسهال

في العادة بين ساعات قليلة إلى عدة أيام، ولكن بعض الحالات قد تصبح مزمنة في حالة عدم اكتشافها وعلاجها.

علاج الاسهال

  • وفقا للسبب، ولكن أكثر الطرق العلاجية شيوعا تكون غذائية (انظري العنوان التالي).
  • في بعض الأحيان يصف الطبيب الأدوية. ولا تعطي رضيعا دواء مثبطا للإسهال دون موافقة الطبيب، فبعضها قد يكون ضاراً على الأطفال الصغار.
  • احمي مؤخرة الطفل من التهيج بتغيير الحفاضات سريعا بمجرد تلوثها وبوضع مرهم سميك بعد كل تغيير للحفاضات.
  • الطفل المريض للغاية قد يكون بحاجة للاحتجاز بالمستشفى لموازنة السوائل بجسمه.

تغييرات النظام الغذائي

  • من الأفضل مواصلة الرضاعة الطبيعية أو الصناعية في معظم الحالات، وفي حين أن الطفل المصاب بالإسهال قد يعاني مؤقتا من عدم تحمل اللاكتوز، فإن الانتقال إلى لبن صناعي مصنوع من الصويا وخال من اللاكتوز قد يكون اختيارا محبذا إن لم يختف الإسهال باستمرار الطفل في رضاعة حليبه الصناعي التقليدي.
  • زيادة جرعة السوائل على الأقل 60 ملي أو 2 أوقية في الساعة لتعويض السوائل التي يفقدها الطفل خلال الإسهال. ولزيادة لبن الثدي أو الحليب الصناعي ينصح الأطباء في بعض الأحيان بسائل إعادة الإماهة المتوافر في الأسواق بأية صيدلية. قدمي للطفل رشفات قليلة بالملعقة أو الكوب أو الزجاجة كل دقيقتين أو ثلاث حتى يتجرع الطفل 225 ملي (8 أوقيات) بين نوبات تبرزه برازا سائلا.
  • لا تعطي الطفل مشروبات محلاة (مثل الكولا)، أو عصائر فاكهة غير مجففة، أو مشروبات رياضية، أو الماء بالسكر، أو أي خليط من السكر والملح معد بالمنزل.
  • استمرار إطعام الطفل الأطعمة الصلبة إن كان الطفل يتناولها بانتظام. وكلما قدمت الطعام للطفل مبكرا قلت احتمالات إصابته بإسهال حاد.
  • الأطعمة النشوية – مثل الموز المهروس والأرز الأبيض وحبوب الأرز والبطاطا والمكرونة أو الخبز الأبيض الجاف، وفقا لطعام الطفل المعتاد – تعد اختيارات جيدة.
  • من المناسب كذلك إطعام الطفل كميات ضئيلة من الأطعمة البروتينية (مثل الدجاج).
  • ابتعدي عن الفاكهة (فيما عدا الموز) والخضراوات الأخرى على المدى القصير.
  • إن كان هناك قيء، لا يكون من المحبذ الاستمرار في إطعام الطفل الأطعمة الصلبة إلى أن يتوقف القيء. ولكن قدمي للطفل رشفات من سوائل صافية (عصائر مخففة أو سوائل إعادة إماهة أو منع جفاف فموية، إن وصفها الطبيب). فتقديم كميات ضئيلة من هذه السوائل (ليس أكثر من ملعقة كبيرة أو ملعقتين في المرة وأقل من ذلك للرضع الصغار للغاية) سيزيد من فرصة توقف القيء. بمجرد توقف القيء، يمكن تقديم الأطعمة المدرجة أعلاه.
  • عند بدء استعادة البراز لحالته الطبيعية – عادة بعد يومين أو ثلاثة – سوف ينصحك الطبيب بالبدء في إطعام الطفل طعامه الطبيعي ولكن مع الاستمرار في الابتعاد عن منتجات الألبان (ليس لبن الثدي أو اللبن الصناعي) لمدة يوم أو يومين آخرين.
  • بالنسبة لحالات الإسهال التي تستمر لمدة أسبوعين أو أكثر لدى الأطفال الذين يرضعون صناعيا، قد ينصح الطبيب بتغيير نوع الحليب.

عصير أفضل لمعدة الطفل المريض

هل طفلك ليس على طبيعته بسبب معدة مريضة؟ ربما يكون الوقت قد حان لتغيير العصير الذي تعطينه إياه. لقد وجد الباحثون أن الأطفال يتعافون من الإسهال حينما يشربون عصير العنب الأبيض بسرعة أكبر من تلك التي يتعافون بها حينما يتقيدون بشرب العصائر التقليدية مثل التفاح والكمثرى. كما يقل لديهم احتمال الإصابة ثانية بالإسهال عند مواظبتهم على شرب عصير العنب الأبيض، ويبدو أن مزيج السكر والكربوهيدرات الموجود بعصير العنب الأبيض مفيد للجهاز الهضمي (كما أن بقعه أسهل في تنظيفها من بقع مثيله الأرجواني).

إن التفاح والكمثرى (الاجاص) يحتويان بشكل طبيعي على السوربيتول (نوع من الكربوهيدرات غير قابل للهضم والذي قد يسبب الغازات والانتفاخ والتعب) ونسبة من الفركتوز أعلى من الجلوكوز، في حين أن العنب الأبيض خال من السوربيتول ومتوازن نسبة الفركتوز والجلوكوز.

ولكن قبل إحداث عملية الاستبدال بعصير العنب الأبيض استشيرى الطبيب أولا والذي قد يصف لطفلك الماء أو سوائل منع الجفاف بدلا من ذلك. وفي بعض الأحيان، الكثير من أي نوع من أنواع العصائر قد يتسبب في مشكلات بالمعدة.

الوقاية من الاسهال

لا يمكن دوما الوقاية من الإصابة بالإسهال، ولكن يمكن تقليل المخاطر:

  • مراعاة أصول النظافة عند إعداد الطعام.
  • غسل القائمين على رعاية الطفل لأيديهم جيدا بعد تغييرهم لحفاضاته وذهابهم إلى دورة المياه.
  • تخفيف عصائر الفاكهة التي يشربها الطفل، وتقليل الجرعة الإجمالية إلى ما لا يتعدى 120 إلى 170 مللي (4 إلى 6 أوقيات) يومياً. استبدلي العصائر الأخرى بعصير العنب الأبيض.

مضاعفات الاسهال

  • طفح الحفاض.
  • الجفاف، إن كان الإسهال حادا أو ترك بدون علاج.

متى تتصلين بالطبيب

  • إن التبرز مرة أو مرتين في صورة سائلة ليس مدعاة للقلق. ولكن ما يلي هي حالات إسهال قد تتطلب رعاية طبية:
  • تتشككين أن طفلك ربما يكون قد تناول طعاما أو حليباً صناعيا فاسدا.
  • تبرز الطفل براز سائلا مائياً طوال 24 ساعة.
  • يتقيأ الطفل (أكثر من مجرد البصق التقليدي) بشكل متكرر، أو ظل يتقيأ لمدة 24 ساعة.
  • وجود دم في براز الطفل.
  • الطفل مصاب بحمى أو يبدو مريضا.
  • اتصلى بالطبيب على الفور إن بدا على الطفل علامات إصابة بالجفاف: كميات قليلة للغاية من البول (الحفاضات ليست مبللة كالعادة و / أو البول أصفر اللون)، عينان بلا دموع وغائرتان، يافوخ (المنطقة الرخوة) غائر، جلد جاف، لعاب شحيح.

احتمال تكرار الاسهال

التكرار محتمل إذا لم يتم القضاء على السبب، وبعض الرضع يكونون أكثر عرضة للإصابة بالإسهال.


القيء والقشط والإسهال لدى الأطفال

القيء والإسهال لدى الأطفال

العدوى (الالتهاب المعوي والمعدي)

تتسبب الفيروسات في معظم حالات الإسهال لدى الأطفال، وتعرف هذه العدوى بأسماء مختلفة مثل: الحمى المعدية، أو الحمى المعوية، أو « البق»، أو التهاب معوي معدي. وقد يصاحب هذه الحالة ارتفاع في درجة حرارة الطفل بجانب القيء والمغص (الذي لا يكون شديدا في العادة)، ويشفى الطفل –عادة- في غضون بضعة أيام، ولكن غالبا ما يصاب أفراد أسرته أو زملاؤه بنفس المرض.

والجدير بالذكر أنه لا يوجد علاج محدد لهذا المرض إلا تناول كميات صغيرة متكررة من الدواء لمنع الجفاف، ويمكنك شراء بعض محاليل معالجة الجفاف من الصيدلية أو تجهيزها بنفسك عن طريق مزج الملح مع السكر. بالإضافة إلى ذلك، دعي طفلك يتناول ما يريد من الأطعمة؛ فلا تقتصري على اللبن أو منتجات الألبان، ولكن لا تتجنبيها أيضا.

إذا عانى طفلك من الإعياء الشديد -أي ارتفعت حرارته أو ظهرت عليه بعض التقلصات، أو إذا كان الإسهال مخلوطا بالدم أو المخاط- فقد تكون عدوى بكتيرية، وتعتبر السالمونيلا من الجراثيم الشائعة بجانب الأميبا القولونية والشيغيلة والعطيفة وبضعة أنواع أخرى. وتتطلب بعض الحالات تناول مضادات حيوية؛ ولذلك قومي بإرسال عينة من براز الطفل لفحصها بالمعمل.

علاوة على ذلك توجد السالمونيلا والأميبا القولونية وبعض أنواع البكتيريا الخطيرة عادة باللحوم وحتى الخضراوات بمحلات البقالة؛ ولحماية نفسك وحماية طفلك من هذه الأنواع الخطيرة قومي باتباع الخطوات الآمنة بالنسبة لطهي وتحضير وتخزين الطعام.

القيء غير المصاحب للإسهال

في كثير من الأحيان يكون القيء المصاحب للإسهال نتيجة عدوى أو ربما تسمم غذائي. أما القيء غير المصاحب للإسهال فهو مثير للقلق، حيث يظهر نتيجة الإصابة بانسداد معوي (خاصة إذا كان القيء أصفر اللون)، أو ابتلاع سم أو عقار، أو عدوى خطيرة بأي مكان بالجسم، أو ضغط على المخ. وبإيجاز شديد: يجب تشخيص هذه الحالة من جانب الطبيب.

وفي حالة استمرار القيء لدى الطفل الرضيع، المصاحب لالتهاب وحكة بالمؤخرة وفقدان الوزن، فقد يكون بسبب الإصابة بارتجاع معدي مريئي؛ فهناك عضلة فاصلة بين المريء والمعدة تعمل كصمام، تفتح للسماح بدخول الطعام إلى المعدة ثم تغلق للاحتفاظ به وعدم رجوعه إلى الفم، وفي حالات الأطفال الرضع تكون الأعصاب المتحكمة بهذا الصمام ضعيفة؛ ومن ثم تسمح بخرق هذا النظام؛ وبالتالي يفتح الصمام في وقت خاطئ وتتجه محتويات المعدة -الطعام المخلوط بالحمض- إلى المكان الخاطئ. وبمرور الوقت، قد يتسبب الحمض في تهيج المريء؛ مما يسبب حموضة معوية (حرقة في المعدة)، ويتسبب هذا الالتهاب بدوره في جعل الصمام أقل فعالية.

وبمجرد تشخيص المشكلة على أنها ارتجاع معدي مريئي يكون الحل بسيطا حينئذ؛ كإرضاع الطفل رضعات صغيرة بشكل متكرر. وبالتالي، لن تمتلئ المعدة، ويقل الضغط عليها، كما يظل الطعام داخلها. ويمكنك أيضا جعل غذاء طفلك أكثر كثافة بإضافة حوالي ملعقة صغيرة من حبوب الأرز لكل ثماني أوقيات من الزجاجة. بالإضافة إلى ذلك، حاولي وضع طفلك على معدته

مع رفع رأسه بضع بوصات عن المعدة، ومن ثم تقوم الجاذبية بالباقي (وعليك مراقبة رضيعك ووضعه على ظهره إذا غلبه النوم؛ لأن متلازمة الموت المفاجئ عند الرضع أقل انتشارا بين من ينامون على ظهورهم)، وفي حالة عدم استجابة الارتجاع المعدي المريئي إلى هذه الممارسات، فقد يساعد الدواء في التخفيف من نسبة الحموضة وأحيانا تقوية عضلة الصمام.

التسمم الغذائي

يحدث التسمم الغذائي بسبب السموم التي يسببها نوع معين من البكتيريا، فقد يبدو مذاق الطعام مختلفا على غير العادة؛ وبالتالي، احذري المعجنات المحشوة بالكاسترد أو كريمة الخفق، والسلطات الدسمة، وحشوات الدجاج؛ حيث تتكاثر البكتيريا بهذه الأطعمة إذا وصلت حرارتها إلى درجة حرارة الغرفة. وهناك سبب آخر لهذا المرض؛ ألا وهو الطعام المعلب بطريقة غير صحيحة.

وتظهر أعراض التسمم الغذائي في صورة قيء وإسهال ومغص، وفي بعض الأحيان يعاني المريض من قشعريرة مفاجئة يصاحبها ارتفاع في درجة الحرارة، بالإضافة إلى ذلك فإن كل من يتناول طعاما ملوثا يصبح عرضة -إلى حد ما- للإصابة بهذا المرض في الوقت ذاته تقريبا، بخلاف الحمى المعوية التي تنتشر بين أفراد الأسرة خلال بضعة أيام، ويجب الاتصال بالطبيب على الفور في حالة شكك في إصابة طفلك بالتسمم الغذائي.

الجفاف

مما يثير قلق الآباء عند معاناة الطفل من القيء والإسهال أن يفقد الطفل قدرا هائلا من ماء الجسم، فالرضع وصغار السن هم أكثر الأشخاص عرضة لهذا المرض؛ لأنهم لا يمتلكون مخزونا وافرا من الماء بالجسم، كما يفقدون الماء بسرعة عن طريق الجلد. وهناك عدوى معينة معروفة كونها سببا للجفاف، وأشهرها: الكوليرا، وهي نادرة بالدول المتقدمة إلا أنها منتشرة (ويخشاها الجميع) في حالة عدم الاهتمام بالنظافة العامة، شأنها في ذلك شأن الكوارث الطبيعية والكوارث التي يصنعها الإنسان. وفي حالة الأطفال الصغار يعتبر الجفاف مرضا خطيرا.

يبدأ أول أعراض الجفاف عندما يقوم الطفل بالتبول أقل من المعتاد، وبالرغم من ذلك يصعب الفصل في هذا الأمر إذا كان الطفل ما زال يرتدي الحفاضات التي قد تمتلئ بالبراز السائل، وكلما اشتد الجفاف، يصبح الطفل ضعيفا متوانيا، وتبدو عيناه جافتين، وقد لا يذرف الدموع أثناء البكاء، كما تبدو شفتاه وفمه متعطشين وجافين. أما بالنسبة للرضع فتبدو المنطقة اللينة بأعلى الرأس (اليافوخ) مقعرة الشكل، وفي حالة ظهور أي عرض من أعراض الجفاف على طفلك، عليك بزيارة الطبيب، أو نقله للمستشفى بسرعة قدر المستطاع (ولمزيد من المعلومات بشأن النظام الغذائي المتبع في حالة حدوث قيء وإسهال.

الإسهال المستمر

يحدث هذا النوع من الإسهال –غالبا- لدى الطفل الصغير الذي تبدو عليه علامات النمو بشكل واضح ولا يعاني من الإعياء. في البداية، قد يبدو الطفل شاحبا، وقد يعاني من حمى معدية، وأحيانا يبدأ الطفل يومه بالتبرز بصورة طبيعية، ثم يقوم بالتبرز من ثلاث إلى خمس مرات، حيث يكون البراز لينا أو سائلا وذا رائحة قوية، وقد يكون مخاطيا أو طعاما غير مهضوم. وتظل شهية الطفل مفتوحة ويشعر بالنشاط والحيوية، كما يزيد وزنه بصورة طبيعية، ولا تظهر نتيجة فحص المعمل لعينة البراز أي شيء غريب.

تتطور هذه الحالة –عادة- من تلقاء ذاتها، وفي كثير من الأحيان تتحسن الحالة بمنع طفلك من تناول العصائر، ويكون عصير التفاح سببا أساسيا في هذه المشكلة؛ ولذلك تعرف هذه الحالة بإسهال عصير التفاح، أو إسهال الرضع. وبشكل عام، يفضل التقليل من شرب العصائر إلى ثماني أو عشر أوقيات يوميا.

متى تشعرين بالقلق؟

يوجد العديد من الأمراض غير الشائعة، ولكنها خطيرة، والتي قد تسبب للطفل إسهالا مزمنا، وبجانب ذلك فإن اكتساب الطفل قليلا من الوزن يعد أحد الأعراض المثيرة للقلق. وإذا استمر الإسهال لأكثر من أسبوع، أو كان البراز مخلوطا بالدم، أو كان شاحب اللون، أو ذا لون داكن عن المعتاد؛ فهذه أعراض جيدة تساعدك في تقييم المشكلة من الناحية الطبية

القشط والقيء من الشهر الرابع وحتى الثاني عشر

عندما يلفظ (يبصق) الطفل من فمه كمية صغيرة من اللبن المتخثر بهدوء، فإن ذلك يطلق عليه القلس (أو القشط). أما عندما تخرج محتويات المعدة بكميات كبيرة وبقوة كفيلة بدفعها لعدة بوصات، فيطلق على هذه الحالة القيء.

يكمن السبب وراء قشط الأطفال في عدم نمو العضلة المسئولة عن إغلاق مدخل المعدة نموا كاملا. فيتسبب أي شيء يزيد الضغط في المعدة-مثل الهز أو الضم الشديد أو إرقاد الطفل، أو تحركات الهضم داخل المعدة نفسها- في تدفق محتويات المعدة نحو الاتجاه الخطأ. والكثير من الرضع يقومون بالقشط بصورة كبيرة خلال الشهور الأولى، بعض الأطفال يقشطون لمرات كثيرة بعد كل رضعة، وبعضهم لا يفعل ذلك إلا بين الحين والآخر. وأحيانا يخرج اللبن من الأنف؛ ولا يعد ذلك علامة على أي شيء مفزع أو خطير؛ فلا يعني شيئا سوى أن الأنف والفم متصلان. (تزال بقع اللبن من الملاءات والحفاضات والملابس بسهولة أكبر عندما يتم نقعها في ماء بارد قبل غسلها).

إن الميل للقشط عادة ما يكون في ذروته في الأسابيع والشهور الأولى، ويتوقف معظم الأطفال في الوقت الذي يستطيعون الجلوس فيه؛ إلا أن بعضهم يستمر في القشط إلى أن يبدءوا المشي. ونادرا جدا ما يبدأ الأطفال في القشط عندما لا يتجاوز عمرهم أشهرا معدودة. وفي بعض الأحيان، يؤدي التسنين فيما يبدو إلى سوء الوضع قليلا. وعلى الرغم من أن القشط يعد من الأمور التي تسبب اتساخا ونوعا من الضيق والإزعاج، فإنه ليس بالأمر المهم إن كان الطفل يزداد وزنا على نحو جيد، ولا تضايقه الكحة أو ضيق النفس، وإنه في المجمل سعيد.

على الجانب الآخر، فإن القيء أمر مختلف. وكثيرا ما يقلق الآباء الجدد إذا ما تقيأ وليدهم كميات كبيرة من اللبن، إلا أن ذلك ليس خطيرا مادام لم يحدث كثيرا، وبدا الطفل سعيدا ومتمتعا بالصحة، ووزنه يزداد على نحو معقول. بيد أن هناك قلة من الأطفال الذين يتقيئون كميات كبيرة من اللبن لمدة مرة واحدة في اليوم، خاصة في الأسابيع الأولى. وفي هذه الحالة، ينبغي العناية بصورة أكبر بمساعدة الطفل على التجشؤ. ولكن في معظم الحالات، يستمر القيء أو القشط مهما حاولت تغيير الرضعات أو تقليل الكميات أو مساعدة الطفل على التجشؤ.

إذا ما تقيأ الطفل رضعته كاملة -فيما بدا لك- وأضحى يشعر بالراحة بعدها، فلا تطعميه إلى أن يشعر بالجوع الشديد؛ فربما تكون المعدة مضطربة قليلا، ومن الأفضل في هذه الحالة منحها الفرصة للشعور بالراحة. وتذكري أن كمية التقيؤ عادة ما تبدو أكبر من حقيقتها. فهناك أطفال يتقيئون -بلا شك- معظم رضعاتهم، إلا أنهم يستمرون في زيادة الوزن على نحو مرض.

لا يهم ما إذا كان اللبن المقشوط أو المتقيأ حامضا أو متخثرا؛ إذ إن أولى خطوات الهضم في المعدة هي إفراز الحمض. ومن الطبيعي أن يتحمض أي طعام ظل في المعدة لفترة، كما أن تأثير الحمض على اللبن هو تحويله إلى الهيئة المتخثرة.

إن القشط بعد الرضعات، وكذلك التقيؤ بين الحين والآخر، ليسا بالشيء الذي يستدعي القلق. ولكن متى ينبغي لك الاتصال بالطبيب؟

• القشط المصاحب لشعور الطفل بالانزعاج أو البكاء أو ضيق النفس أو تقوس الظهر أو الكحة أو عدم اكتساب الوزن بطريقة سليمة. فيمكن أن يكون كل ذلك من علامات الارتجاع المعدي المريئي.

• بدء التقيؤ من جديد (لأكثر من مرة أو مرتين)، خاصة إن كان التقيؤ عنيفا أو كان القيء نفسه أصفر اللون أو أخضر، فهذه علامة على اشتماله على مادة الصفراء.

• القيء المصاحب لارتفاع درجة الحرارة أو تغيير في النشاط (أي أن ينام الطفل لفترة أطول، أو يضحى أقل مرحا، أو يصيبه الانزعاج)، أو أي علامات أخرى دالة على المرض.

• القيء أو القشط الذي يثير القلق فيك لأي سبب كان. وحتى لو تبين أنه قشط قديم، ليس هناك أي خطأ في التواصل مع الطبيب للاطمئنان.

الإسهال من الشهر الرابع وحتى الثاني عشر

تكون أمعاء الطفل حساسة خلال العام الأول أو العامين الأولين، وربما تتعرض للاضطراب ليس فقط بسبب العدوى ولكن بسبب إدخال أي طعام جديد أو وفرة عصائر الفاكهة في النظام الغذائي. ولحسن الحظ أن هذا النوع من الاضطراب عادة ما يكون طفيفا: فيكون في صورة تحرك الأمعاء مرتين ببراز أكثر من المعتاد وأكثر ليونة وخضرة، وأحيانا برائحة غير معتادة. والأهم من كل ذلك أن يكون الطفل في حالة جيدة؛ فيلعب ويلهو ويتبول كالمعتاد، ولا تبدو عليه أي من أعراض المرض أكثر من انسداد الأنف على نحو طفيف أو انخفاض بسيط في الشهية. وفي خلال يومين، دون أي علاج خاص، غالبا ما تختفي الأعراض.

اعتاد الأطباء على إرشاد الآباء إلى منع الأطفال من تناول الأطعمة الصلبة واللبن الصناعي، والاكتفاء بدلا منها باحتساء الكثير من السوائل التي ترتفع فيها نسبة السكر (مثل جيلاتين Jell-O المذاب في الماء، أو الصودا، أو عصير التفاح)، إلا أن هذه الطريقة تزيد حالة الإسهال سوءا. والأفضل من ذلك هو تقديم لبن الثدي أو اللبن الصناعي أو النظام الغذائي المعتاد للطفل (فيما عدا أي أطعمة جديدة تظنين أنها قد تسببت في الإسهال)، والسماح له بتناول كل ما يريد ما دام بدأ يشعر بالجوع. وإن استمر الإسهال لما يزيد على يومين أو ثلاثة أيام، فاستشيري الطبيب، حتى ولو لم يبد على طفلك أي أعراض مرضية.

اسأل طبيب مجاناً