التصنيفات
الصحة العامة صحة المرأة

الحفاظ على التوازن الهرموني بطرق طبيعية

هناك خطأ فادح ما يتعلق بالهرمونات، وهناك اضطراد لا يمكن إنكاره في عدد المشاكل الصحية ذات الصلة بالهرمونات. فقد ازدادت معدلات الإصابة بأمراض مثل العقم، والأورام الليفية، وداء البطانة الرحمية، وتكيس الثدي، وأورام المبايض وعنق الرحم والثدي الخبيثة. ولنضرب مثلا ورم الثدي الخبيث، فقد وصلت معدلات الإصابة به إلى 3 أضعافها بحيث يصيب واحدة من كل 8 سيدات في بريطانيا في مرحلة عمرية ما، مقارنة بواحدة لكل 22 سيدة في الأربعينيات من القرن البائد.

ولا تخص المشكلة السيدات فقط. فقد تراجع عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال بمقدار 50% خلال 50 عاما. كما ازدادت معدلات الإصابة بسرطانات الخصية والبروستاتا وتضخم البروستاتا الحميد، وتضاعفت معدلات الإصابة بالعيوب الخلقية التناسلية والخصية المعلقة.

وقد توصل علماء رواد في مجالات عدة إلى النتيجة ذاتها (وهو ما تم توثيقه في كتابين رائعين “مستقبلنا المسروق” Our Stolen Future، و “تأنيث الطبيعة” The Feminisation of Nature). لقد قمنا بنشر مواد كيميائية في العالم كله لها آثار جمة على الجهازين التناسلي والمناعي لدى الإنسان والحيوان على حد سواء، كما يقول د.لويس جيلين من جامعة فلوريدا. “في مقابل كل إيجابيات المجتمع المعاصر وكل منتجات الحياة الحديثة المذهلة، ازدادت معدلات الإصابة بأورام الخصية والثدي. وقد يمتد الأثر ليشمل قدرة الكائنات على التكاثر”، ذلك قول ديفرا لي ديفيس، المستشار الصحي السابق في حكومة الولايات المتحدة.

ويعتقدان وغيرهما من العلماء أن أعدادا متزايدة من الكيميائيات الشائعة توجد في الهواء والماء والطعام تتلف الاتزان الهرموني وتغير مسار الطبيعة. وتشمل هذه المواد التي تسبب اضطرابا هرمونيا:

•    المبيدات الحشرية: دي.دي.تي DDT، دي.دي.إي DDE، الإندوسلفان Endosulfan، الميثوكسيكلور Methoxychlor، الهيبتاكلور Heptachlor، التوكسافين Toxaphene، الديلدرين Dieldrin، الليندان Lindane.
•    المواد البلاستيكية: الألكيفينولات Alkyphenols، مثل النونيلفينول Nonylphenol، الأوكتيلفينول Octylphenol؛ مركبات البيسفينوليك Bisphenolic Compounds، مثل البيسفينول Bisphenol A، الفثلات Phthalates.
•    المواد الصناعية: PCBs، الديوكسين Dioxin، إلى جانب ما سبق ذكره من المواد البلاستيكية.
•    العقاقير العلاجية: الإستروجينات المخلقة Synthetic Oestrogen، مثل DES.

أغلب تلك المواد تلعب الدور الذي يلعبه الإستروجين داخل الجسم، والإستروجين هرمون يحث نمو بعض الأنسجة ذات الحساسية الهرمونية. عندما تمتص تلك المواد، وبجانب الإستروجين الطبيعي الذي تنتجه أجسام الرجال والسيدات على حد سواء، وإلى جانب ما قد تتناوله السيدات من إستروجين في حبوب منع الحمل أو كعلاج هرموني تعويضي، تؤدي هذه المواد إلى زيادة أثر الإستروجين بجسم الفرد. من ثم، يزداد نمو الأنسجة الحساسة، فيزداد خطر الإصابة بالسرطانات ذات الصلة بالهرمونات. بالإضافة إلى ما سبق، فإن أثر تلك المواد ليس مباشرا كما يبدو من الوصف السابق، بل إنها تربك الرسائل الهرمونية الجسدية، فتغير الوظائف الجنسية والنمو التناسلي. وأفضل ما يمكن وصفها به أنها “مربكة الهرمونات”، التي تتعارض مع قدرة الجسم على التكيف والاستجابة للعوامل البيئية المحيطة.

زيادة تعرض الجسم لهذه المواد المربكة للهرمونات أدى إلى الانتباه إلى حقيقة أن تغيرات طفيفة في التعرض للهرمونات أثناء نمو الجنين داخل الرحم قد تؤدي إلى إصابة الجنين فيما بعد بالعقم كما تزيد من فرصة إصابته بالسرطان بعد البلوغ. بصيغة أخرى، فإن هذه المواد الكيميائية تقودنا نحو الانقراض.

مشكلة أخرى آخذة في الظهور، هي البلوغ المبكر للإناث. إن أول علامات النضوج الجنسي لدى الإناث في أيامنا هذه عادة ما تبدأ في الظهور عند سن التاسعة، حسب دراسات تمت في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي بريطانيا، يبدأ البلوغ عادة عند سن العاشرة أو الحادية عشرة مقارنة بسن الثالثة عشرة في السبعينيات من القرن الماضي. ويقول أ.د.ريتشارد شارب من هيئة الأبحاث الطبية: “إذا قمت بتعريض الحيوانات لمستويات فوق طبيعية من الإستروجين وهي بعد أجنة، فإنها سوف تعاني من البلوغ المبكر”.

مضادات التكيف

طريقة أخرى يمكننا التطرق من خلالها إلى تلك المواد الكيميائية وآثارها السلبية المتعددة، بوصفها كمضادات للتكيف. بمعنى آخر، فهي تعوق قدرتنا الفطرية على التأقلم مع الطبيعة، إنها تربك الشبكة العصبية الهرمونية المناعية التي تعمل باستمرار على توفيق أوضاعنا لتتكيف أجهزة الجسم مع مختلف الظروف لأجل صحة أفضل. بالإضافة إلى نقص المواد التي تساعد على التكيف -مثل الفيتامينات، المعادن، الدهون الأساسية، الفيتونيوترينات Phytonutrients- والتي تخلص الجسم من السموم، تحافظ على الاتزان الهرموني، تدعم قدرتنا على التكيف، فإن تلك الكيميائيات تسير بنا نحو كارثة متمثلة في دوام تدهور الحالة الصحية.

يعتقد أن تلك المواد تربك الكيمياء الحيوية الجسدية لقدرتها على الاتصال بمستقبلات الهرمونات. يؤدي هذا إلى تغير قدرة الجينات على الاتصال بخلايا الجسم (يسمى ذلك “التمثيل الجيني” Gene Expression)، وهي عملية ضرورية لأجل دوام الصحة. وفي بعض الحالات تغلق هذه الكيميائيات مستقبلات الهرمونات بشكل تام. وفي حالات أخرى، تعمل وكأنها الهرمونات. ويقوم البعض الآخر وببساطة بإرباك الرسائل الهرمونية. ولو تخيلنا تسلسلا يبدأ بالهرمون، فمستقبل الهرمون، فتمثيل الجين، فالاستجابة الكيميائية الحيوية وكأنه اتصال، فإن ما تفعله هذه المواد الكيميائية هو إما أنها تحث الرسالة وإما تثبطها وإما تربكها. ذلك أنها لا تتفق والمستقبل الهرموني تماما. لم تعتد كيمياء الجسد البشري على التعرض لتلك المواد الكيميائية خلال تطورنا وليست معدة للتكيف معها.

مشكلة الهرمونات المخلقة

ينطبق ما سبق على الهرمونات المخلقة. خذ البروجيسترون على سبيل المثال. عندما يصنعه الجسد، فهو ذو تركيب كيميائي خاص. ويمكنه هو فقط تفعيل تعليمات محددة كي يستمر الحمل، وكي يحتفظ العظم بكثافته، وكي تنتظم الدورة الشهرية، وغيرها من العمليات الحيوية التي تحدث لكل امرأة. وهو حتى في مستويات أعلى من تلك التي ينتجها الجسم البشري قليل السمية.

بيد أنه، تقريبا ودون استثناء، تحتوي كل حبة منع حمل أو علاج هرموني تعويضي، سواء كان في هيئة حبات، أو لصقات، أو حقن زيتي، على بروجيستينات مخلقة وهي جزيئات تشبه -تشبه فقط- البروجيسترونات الطبيعية، ولكنها ليست هي. إنها كالمفاتيح التي تفتح الأقفال لكنها ليست بالملائمة لها تماما. من ثم، فهي تسبب اضطرابا في الكيمياء الحيوية الجسدية وكأنها تسمم الجسد. وبعض أعراضها الجانبية زيادة خطر الإصابة بأمراض مثل أورام الثدي الخبيثة، التي وللعجب تحمينا منها الجزيئات الطبيعية.

نفس ما سبق، ينطبق على الإستروجين أو بمعنى أصح الإستروجينات، فهي عائلة من مواد يصنعها الجسم بشكل طبيعي. أهم ثلاثة: الاستريول Oestriol، الاسترون Oestrone، الاستراديول Oestradiol. يتم إنتاج الاستريول بكميات كبيرة أثناء الحمل بينما في الأحوال العادية يسود كل من الاسترون والاستراديول. تحتوي العديد من العقاقير الصيدلية، شاملة حبوب منع الحمل والعلاج الهرموني التعويضي، على إستروجينات مخلقة (صناعية) تحاكي أثر الجزيئات طبيعية التكوين.

ولا يوجد مثل أشد أثرا، يوضح خطر التعرض لتلك المواد التي تحاكي الهرمونات، من DES، وهو أول إستروجين تم تخليقه اصطناعيا، صنعه د.شارلس دود عام 1938م. خلال 20 عاما، تم إعطاء DES إلى السيدات والحيوانات. في الحيوانات تحسن معدل النمو، بينما لدى السيدات بات واضحا أنه يعد بحمل خال من العقبات ونسل أصح. حتى بلغ عدد من تعرض له من الأمهات والأطفال ستة ملايين. وفي عام 1970م حلت الكارثة. حيث بدأت الإناث اللواتي استخدمت أمهاتهن DES أثناء الحمل في المعاناة من خلل في تطور أعضائهن التناسلية وارتفعت لديهن معدلات الإصابة بالسرطانات، خاصة سرطان المهبل من نوع لم يره أحد من قبل. ثم اتضح أيضا أن المواليد الذكور لتلك الأمهات لديهم عيوب في الأعضاء التناسلية، وتوفي منهم كثيرون، وعانى كثيرون منهم من العقم.

لا تشمل خطورة الهرمونات المخلقة اختلافاتها البسيطة في التركيب الكيميائي عن تلك الطبيعية فقط، بل تشمل أيضا الكمية التي يمكن للفرد أن يتعرض لها ومدى الاتزان بينها وبين الهرمونات الأخرى. كمية الهرمونات في حبة مانعة للحمل أو جرعة علاج هرموني تعويضي قد تفوق كثيرا الكمية التي ينتجها الجسم بشكل طبيعي. الإستروجين الذي ينتجه الجسم في حالة توازن مع البروجيسترون، ولكن إذا فقد هذا التوازن تبدأ مشاكل صحية في الظهور.

فرط الإستروجين ذو علاقة بالسرطان

فرط التعرض للإستروجين والمواد الكيميائية التي تحاكيه عامل قد يلعب دورا كبيرا في نشوء الأورام السرطانية ذات الصلة الهرمونية. فإذا تعرضت خلايا الثدي للإستروجين، يتضاعف معدل تكاثرها الطبيعي. وقد أظهرت دراسة قام بها د.بيرجفيست وزملاؤه في سكاندنيفيا أن فرصة الإصابة بسرطان الثدي تتضاعف إذا استخدمت السيدة علاجا هرمونيا تعويضيا مدة تتعدى الخمس سنوات. كما وجدوا أيضا أنه حال احتواء هذا العلاج التعويضي على البروجيستينات Progestines، وهي أولاد عم البروجيسترون البشري (الطبيعي)، فإن الخطر يصبح أكبر. وقد أظهرت دراسة واسعة المجال تم نشرها في New England Journal of Medicine عام 1995م أن النساء في سن اليأس ممن قاموا باستخدام العلاج الهرموني التعويضي مدة 5 سنوات فأكثر لديهن زيادة في خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 71%. وقد وجد أن الخطر يزداد بازدياد فترة استخدام العلاج الهرموني التعويضي. وبشكل عام، هناك 32% زيادة في خطر الإصابة بين من استخدمن العلاج التعويضي الإستروجيني، و 41% زيادة لدى من استخدمن العلاج التعويضي الإستروجيني والبروجيستيني مقارنة بالنسوة اللاتي لم يستخدمن مطلقا علاجا هرمونيا تعويضيا. دراسة أخرى تم نشرها عام 1995م، وقامت بها كلية صحة المجتمع بجامعة إيميري، تتبع فيها الباحثون 240000 سيدة مدة 8 سنوات ووجدوا ارتفاعا في خطر الإصابة بسرطان المبيض بنسبة 72% لدى السيدات اللاتي قمن باستخدام العلاج التعويضي الإستروجيني. وجدت كل تلك الدراسات أن الاستخدام المزمن للعلاج الهرموني التعويضي الإستروجيني و/أو البروجيستيني قد تسبب في زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي.

يعتقد د.جون لي، من كاليفورنيا، وهو خبير طبي في الهرمونات والصحة الأنثوية بأن:

السبب الرئيسي لسرطان الثدي هو فرط الإستروجين النسبي، وهناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى ذلك. الضغوط العصبية على سبيل المثال، ترفع مستوى الكورتيزول فيتنافس مع البروجيسترون على أماكن المستقبلات. والزينواستروجينات Xenoestrogens في البيئة من حولنا لديها القدرة على إتلاف الأنسجة، وتؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان لاحقا. هناك أيضا عوامل غذائية وجينية يجب وضعها في الاعتبار. وما يلفت الانتباه أكثر من غيره هو استمرار الأطباء في وصف علاجات إستروجينية للسيدات مما يؤدي إلى زيادته نسبيا.

إستروجينات الطعام

نحصل أيضا على الإستروجينات الطبيعية من الطعام. تحتوي اللحوم على كميات لا بأس بها من الإستروجين كذلك منتجات الألبان، وربما يفسر محتوى تلك الأطعمة من الإستروجينات سبب الاعتقاد بأنها ليست طبيعية بالشكل الذي نتخيله. أغلب ما نتناوله من لحوم مصدره حيوانات كان طعامها يحتوي على هرمونات. إذ إن هذه الهرمونات مع زيادة في البروتينات تعجل نمو الحيوان، مما يعني ربحا أكبر لمربيه. كما أن تغييرات تم استحداثها في سبل الرعي جعلت بالإمكان حلب الأبقار بشكل دائم، حتى وهي حبلى. وأثناء الحبل، ترتفع مستويات الإستروجين باللبن بشكل قد تستفيد منه العجول الصغيرة لا نحن.

تعد اللحوم ومنتجات الألبان أيضا مكان تخزين بعض السموم التي يعجز الجسم عن التخلص منها وتتراكم على طول السلسلة الغذائية. ملايين الأطنان من المواد الكيميائية مثل PCBs، DDT، تم نشرها في البيئة. وتتغذى الكائنات الحية والأسماك والطيور بكائنات أخرى أو بكلأ أو ماء ملوث بهذه المركبات التي يعجز الجسد عن التخلص منها. من ثم، تتراكم هذه المواد بالأنسجة الدهنية، وعندما نقوم نحن بأكل هذه الدهون، في اللحم مثلا أو الدواجن أو اللبن، يحدث أن تتراكم هذه المواد داخل أجسامنا.

تحتوي النباتات أيضا على مركبات طبيعية تشبه الإستروجين تعرف بـ”الفيتو-إستروجينات” Phyto-oestrogens. توجد في أنواع متعددة من الأطعمة مثل فول الصويا، الفواكه الحامضية، القمح، عرق السوس، الصفصفة، الكرفس، الشمار. الصويا هي أغنى المصادر وكذلك ما يصنع منها مثل التوفو ولبن الصويا. بيد أنه، وعلى نقيض المواد الكيميائية الإستروجينية مثل PCBs، فإن هذه الفينو-إستروجينات تقلل خطر الإصابة بالسرطانات. أدى زيادة كمية الأيزوفلافونات بالغذاء، وهي المادة الفعالة بفول الصويا إلى تراجع معدلات الإصابة بسرطان الثدي بمقدار النصف لدى الحيوانات، وتراجع معدل الوفيات بسبب سرطان البروستاتا لدى الرجال. وتشجعنا أكثر دراسات حيوانية تظهر أن تناول الأيزوفلافونات بكميات صغيرة في المراحل الأولى بعد الولادة تؤدي إلى خفض معدلات الإصابة بسرطان الثدي لاحقا بنسبة 60%.

لا يوجد تفسير واضح لهذا التناقض، لكن هناك نظريتان: الأولى، أن تلك الفيتو-إستروجينات طبيعية المنشأ تعمل كمؤقلمات Adaptogens تساعد الجسم على ضبط مستوى الهرمونات. الثانية، أنها لا تعمل على غلق عمل الإستروجينات البيئية السامة الأخرى، ربما باحتلالها أماكن المستقبلات الإستروجينية.

بينما يبدو استهلاك الفيتو-إستروجينات ذا فائدة للبالغين، فلازال هناك شك بشأن استخدامها بشكل مفرط في مرحلة الطفولة مثل إرضاع الطفل لبنا صناعيا يعتمد في تركيبه على الصويا. لا أحد يعلم يقينا إذا ما كان هذا الاستخدام يحمل في طياته إيجابيات أم سلبيات تتعلق بصحة الطفل الهرمونية لاحقا في حياته.

تجنب مربكات الهرمونات

قد نتساءل، لم لا نحجب كل تلك المواد الكيميائية المربكة للهرمونات؟ ويتساءل أ.د.لويس جيليت من جامعة فلوريدا “هل يجب أن يعلم الناس حقيقة الأمر؟”. بيد أن الحقيقة، وحتى تتخذ الحكومات إجراءات شاملة، أنه من الصعب التخلص من تلك المواد الضارة، إذ إنها في كل شيء حولنا؛ في الطعام، والماء، والهواء، والمنتجات المنزلية. وتذكر أنه لا توجد لديك طريقة تعلم بها شأن وجود كيميائيات مربكة للهرمونات، وذلك حتى تكشف المصانع البلاستيكية عن استخدام الكيميائيات محل الخلاف، أو تشير إلى وجودها بمنتجاتها. رغم ذلك، توجد خطوات يمكنك اتباعها لتحد من تعرضك وعائلتك لتلك الكيميائيات.

•    تناول الأطعمة العضوية: فسوف يقلل ذلك من تعرضك للمبيدات الحشرية والعشبية. وفي حال تناولك لما دونها، أضف ملء ملعقتين كبيرتين إلى ماء إناء غسيل الأطعمة النباتية، فإن ذلك يساعد على اختزال ما بها من مبيدات حشرية.
•    قم بترشيح ماء الشرب: أوصي بتركيب مرشح ماء مصنوع من الاستانلس ستيل (لا البلاستيك، ولا الألومونيوم) يحتوي على نظام ترشيح كربوني. يمكن أيضا استخدام المرشحات الفخارية، ولكنها ليست بالجودة المطلوبة، وتعتمد على معدل تغييرك للمرشح. وبينما لا تستطيع المرشحات إزالة كل الكيميائيات المربكة للهرمون، إلا أنها على الأقل تحبط مستوياتها. والبديل، استخدام المياه المعدنية، خاصة المعبأة في عبوات زجاجية.
•    قلل من استهلاكك للأطعمة الدهنية: كما أشرنا سابقا، فالمواد الكيميائية التي يعجز الجسم عن أيضها والتخلص منها تتراكم في الدهن الحيواني. وبترشيد استهلاكك للدهن الحيواني (اللحوم ومنتجات الألبان) يقل تعرضك. لا داع لخفض تناول الدهون الأساسية التي توجد بالمكسرات والحبوب.
•    لا تقم أبدا بتسخين طعام وهو مغلف بالبلاستيك: أي تجنب الغذاء السريع أمام انشغالك بمتابعة التلفاز عن طريق طهيه بالميكروويف. ولو اضطررت إلى تناول مثل هذا الطعام، فعليك بنقله إلى وعاء زجاجي أولا قبل تسخينه.
•    قلل من تناول الأطعمة الدهنية المغلفة بلاستيكيا: بعض المواد الكيميائية التي تضاف إلى البلاستيك لزيادة طواعيته تلوث وبسهولة الأطعمة الدهنية، مثل المقرمشات، والجبن، والزبد، والشيكولاتة، الكعك، وغيرها.
•    قلل من المشروبات المعبأة في عبوات بلاستيكية: وهي لا تشمل فقط عصائر الفاكهة المعبأة في عبوات كرتونية، تلك المبطنة داخليا بمادة بلاستيكية، بل أيضا بعض الفواكه والخضراوات المعبأة في أي عبوات مبطنة داخليا بمادة بلاستيكية.
•    قلل من تعرض الطعام للمواد البلاستيكية اللينة: يعني ذلك شراء الفاكهة والخضراوات في عبوات ورقية بدلا من الأطباق البلاستيكية المغلفة أيضا بغشاء بلاستيكي.
•    استخدم المنظفات المنزلية الطبيعية: للاستحمام وغسل الملابس وأغراض النظافة الشخصية، قم فقط باستخدام المنتجات الصديقة للبيئة من الشركات التي تذكر تفصيلا التركيب الكيميائي. أيضا، قم بشطف الأطباق والأكواب جيدا بالماء.
•    لا تستخدم مبيدات حشرية عند زراعة حديقتك: إذ إن بعضها يربك الهرمونات. وإن لم تكن متأكدا من أنها لا تفعل، فالأفضل ألا تستخدمها. يزداد معدل الإصابة بالسرطان لدى الأطفال في المنازل التي ترش حدائقها بالمبيدات الحشرية.

الحفاظ على التوازن الهرموني بطرق طبيعية

بسبب فرط الزينو-إستروجينات (المواد الكيميائية في الطبيعة)، أو الإستروجينات المخلقة في حبوب منع الحمل، أو العلاج الهرموني التعويضي، أو المصادر الغذائية (اللحوم ومنتجات الألبان بشكل رئيسي)، تعاني الكثيرات من السيدات مما يعرف بـ”سيادة الإستروجين” Estrogen Dominance، وهي زيادة نسبة الإستروجين إلى البروجيسترون. علامات هذه الزيادة تشمل:

•    متلازمة ما قبل الحيض
•    داء البطانة الرحمية
•    أورام الثدي الخبيثة
•    أورام الثدي بشكل عام
•    زيادة الوزن
•    هشاشة العظام
•    تكيس المبيض
•    الأورام اللينة الرحمية
•    مشاكل انقطاع الطمث
•    العقم

أول خطوة يجب اتخاذها عند وجود أي من تلك العوامل، هو أن توقف تعرضك للإستروجين، وتسعى وراء استراتيجية غذائية وأنماط حياتية تهدف إلى مساعدة الجسم على الاحتفاظ باتزانه الهرموني.

تجنب الضغوط العصبية والسكر والمنبهات

تسبب الضغوط العصبية والاستهلاك المنتظم للسكر والمنبهات ارتفاعا في مستويات هرمون الكورتيزول الذي تفرزه الغدة فوق الكظرية. هذا الهرمون يعارض عمل البروجيسترون، ولذلك فهو قادر على زيادة سيادة الإستروجين (زيادة مستوياته نسبيا بالنسبة لمستويات البروجيسترون).

قلل من أكل اللحوم ومنتجات الألبان

وهي مصادر للدهون المشبعة والهرمونات الإستروجينية. ومن الأفضل أن تقلل من تناولها بأقصى ما تستطيع. وعندما تأكل اللحم، فمن الأفضل أن يكون مرعى مصدره طبيعيا (أي ألا يكون طعام الحيوان مصدر اللحم يحتوي على هرمونات أو بروتينات حيوانية).

زد من تناولك للدهون الأساسية

تقوم البروستاجلاندينات Prostaglandins، وهي مواد تشتق من دهون الطعام الأساسية، بالتحكم في استجابة الجسم للهرمونات. وهو ما يفسر نجاح زيت عشب الأخدرية في علاج متلازمة ما قبل الحيض PMS. البذور والأسماك هي أغنى المصادر بالدهون الأساسية. تحتوي بذور السمسم وعباد الشمس على كميات كبيرة من أحد أنواعها، ألا وهو الأوميجا-6، بينما بذور الكتان، اليقطين، الأسماك مثل السلمون والتونة والهيرنج والماكريل، غنية بالنوع الآخر وهو الأوميجا-3. ونحن بحاجة يومية إلى ما يعادل ملء ملعقة كبيرة من تلك الحبوب أو من زيوتها.

تناول الدهون الأساسية كمكملات غذائية

أحد الطرق التي يمكنك من خلالها استعادة الاتزان الهرموني هو تناول المزيد من الدهون الأساسية في هيئة مكملات غذائية (متوافرة بالصيدليات تحت أسماء متعددة). يحتاج كل من الجهاز المناعي والعصبي والهرموني لتلك الدهون. والمشكلة تكمن في أن ما نتناوله من طعام تقليدي لا يحتوي على ما يكفي من تلك الدهون الأساسية. يحتوي زيت عشب الأخدرية وعشب “لسان الثور” على دهن أساسي فائق القوة يسمى حامض اللينولينيك GLA Linolenic Acid، والذي يعمل في جرعات مقدارها 150-300 مجم يوميا على دعم الاتزان الهرموني وعلاج متلازمة ما قبل الحيض.

تناول المزيد من فيتامين “ب6” والمغنسيوم والزنك

تساعد فيتامينات ومعادن متعددة على دعم الاتزان الهرموني. لذلك، فمن الملائم تناول كميات جيدة من تلك المعادن والفيتامينات كمكملات غذائية متاحة بالصيدليات. بيد أنه هناك 3 عناصر غذائية دائما ما تظهر قدرة على المساعدة في علاج المشاكل الهرمونية، ألا وهي فيتامين “ب6” (100-200 مجم يوميا)، المغنسيوم (200-400 مجم يوميا)، الزنك (20 مجم يوميا). وقد أظهرت دراسة حديثة في معهد التغذية المثالية شملت 182 سيدة أن فاعلية فيتامين “ب6” مع المغنسيوم كانت ضعف فاعلية فيتامين “ب6” وحده. كذلك، لا يستطيع فيتامين “ب6” أداء عمله دون الزنك، الذي يلعب أيضا دوره كمنظم للهرمونات، إلى جانب أهميته للخصوبة. تعد هذه العناصر الغذائية إلى جانب الدهون الأساسية مؤقلمات لنظامك الهرموني.

اختبر مستويات هرموناتك

حدث تقدم كبير في وسائل قياس نسب الهرمونات. وقد وصلت دقة قياس نسبتها من خلال اللعاب إلى نفس دقة القياس من خلال الدم، بل وربما أكثر دقة. العديد من المعامل تقوم بالقياسات اللازمة لتحديد مدى الاتزان ما بين الإستروجين والبروجيسترون. لو كانت لديك مشكلة تتعلق بالهرمونات، يمكنك استشارة أخصائي التغذية والطبيب بخصوص تلك الاختبارات.

فكر في مكملات من البروجيسترون الطبيعي

إذا أظهرت الاختبارات أن لديك سيادة إستروجينية، فقد تستفيد من البروجيسترونات الطبيعية، وهي تلك التي ينتجها الجسم، وإذا تم إعطاؤها بكميات فسيولوجية (أي مماثلة لتلك الكميات التي ينتجها الجسم)، فقد تساعد على استعادة الاتزان الهرموني.

البروجيسترون الطبيعي: الهرمون المنسي

بينما توجد أسباب واضحة بشأن خطورة تناول المزيد من الإستروجين والبروجيستينات المخلقة، إلا أن أمر البروجيسترون الطبيعي (المشابه لذلك الذي يصنعه الجسم) يختلف. فحتى لو تم تناوله في جرعات أعلى بكثير من تلك الطبيعية، فهو غير سام ولا يسبب مرضا. بل إن العكس هو الصحيح، فلو تعرضت مثلا خلايا سرطان الثدي للبروجيسترون في جرعاته الطبيعية، فإن معدل نموها يتراجع وبشدة. إذن بينما يساعد الإستروجين على نمو خلايا الثدي السرطانية يثبط البروجيسترون نموها. أظهرت دراسة استغرقت 20 عاما، قام بها د.مور من مركز الأبحاث السرطانية بمستشفى جاي بلندن أن النساء المصابات بسرطان الثدي واللاتي تمت معالجتهن بالبروجيسترونات الطبيعية تضاعفت معدلات الحياة لديهن مقارنة بغيرهن لم تتم معالجتهن به. يقول د.جون لي، مؤلف كتاب “البروجيسترون الطبيعي” Natural Progesterone عام 1978م، لقد قمت بعلاج كثير من السيدات المصابات بسرطان الثدي. لم يحدث لأي منهن أن عاد لها الورم بعد استئصاله. ومن بين آلاف السيدات اللاتي يستخدمن البروجيسترون لأغراض أخرى، لم يحدث أن أصاب سرطان الثدي أي منهن بعد استخدام كريم البروجيسترون الطبيعي. إنه آمن تماما ويفيد في علاج حالات سرطان الثدي.

الخصوبة

لنتعرف على أهمية البروجيسترون، دعنا نلق نظرة على إحدى دورات العادة الشهرية Menstrual Cycle. فبعد الحيض، ترتفع مستويات الإستروجين، مما يحث البويضة داخل المبيض على النمو. كما يساعد في إعداد البطانة الرحمية لتصبح جاهزة لاستقبال الجنين. والخلاصة، أن الإستروجين يساعد على نمو الأنسجة. عند مرحلة التبويض، عندما يتم بلوغ البويضة ويتم إطلاقها خارج المبيض، يبدأ الكيس الذي تم فيه البلوغ ويسمى الحويصلة الصفراوية في إنتاج كميات متزايدة من البروجيسترون. ولو لم يتم تلقيح البويضة، تبدأ مستويات كل من الإستروجين والبروجيسترون في التراجع، فيحدث الحيض.

الهرمونات أثناء الدورة الشهرية

 

ولو تم التلقيح، فإن دوام الحمل يعتمد على دوام ارتفاع مستوى البروجيسترون. وليحدث ذلك، تستمر الحويصلة الصفراء في النمو وإنتاج البروجيسترون، حتى تبدأ المشيمة في القيام بهذا الدور وتفرز البروجيسترون.

أحد أسباب العقم، سوء التغذية. وفي إحدى الدراسات بجامعة سوري، تم منع أزواج يشكون من العقم من شرب الكحوليات ومن تناول الأطعمة المعالجة والأطعمة التي قد تسبب حساسية، كما تم منحهم فيتامينات ومعادن ثبت نقصها لديهم. بعد فترة، تمكن 81% منهم من إنجاب أطفال أصحاء. لم يحدث لديهم إجهاض أو ولادة مبكرة، ولم يلدوا أطفالا مشوهين. وبالطبع، ساعدت الفيتامينات والمعادن الجسم على إنتاج واستخدام الهرمونات؛ تلك التي قد يسبب نقصها عقما.

يعد نقص مستويات البروجيسترون في الأسابيع الأولى من الحمل أحد أهم أسباب الإجهاض. لذا، فالسيدات اللاتي عانين من الإجهاض المبكر قد يستفدن من العلاج بالبروجيسترون، ويشمل استخدام كريم البروجيسترون مرتين يوميا لكي يتم امتصاصه عبر الجلد، إلى جانب أثره كمرطب للجلد موضع الاستخدام.

يفيد البروجيسترون أيضا في علاج السيدات اللواتي يعانين من صعوبة التبويض. وفي تلك الحالة، يتم إعطاؤه فقط في آخر أسبوعين من الدورة الشهرية. تلك الفترة التي من المفترض أن ينتج منها الجسم الإستروجين بشكل طبيعي. لاحظ أنه إذا لم يحدث تبويض لا يتم إفراز البروجيسترون. ومن ثم، ترتفع مستويات الإستروجين نسبيا. لاحظ أيضا أن التمرينات العنيفة توقف التبويض. وعلى سبيل المثال، قام د.بيتر إليسون من جامعة هارفارد باختبار مستوى الهرمونات في لعاب 18 أنثى متزوجة تنتظم لديهن الدورة بمتوسط عمر 29 عاما. وقد وجد أن 7 منهن لا يحدث لديهن تبويض. وحتى لدى من لا يمارسن الرياضة العنيفة، فإن الدورات الشهرية الخالية من التبويض تعد شائعة.

وعند الاقتراب من مرحلة انقطاع الطمث، يزداد عدد الدورات الشهرية اللاتبويضية. وحتى مع تراجع مستويات الإستروجين لديهن، فإن عدم التبويض يعني عدم إنتاج البروجيسترون، وبالتالي سيادة الإستروجين نتيجة لزيادة مستوياته نسبيا (إلى مستويات البروجيسترون).

انقطاع الطمث عند سن اليأس

عادة ما تحدث سيادة الإستروجين في السنوات التي تسبق انقطاع الطمث. قد يبدو ذلك غريبا، حيث إن الاعتقاد السائد هو أن انخفاض مستويات الإستروجين هو الذي يؤدي إلى انقطاع الطمث. كل ما سبق ذكره من إرشادات يتعلق بكيفية الحفاظ على اتزان مستوى الهرمونات بحيث يساعد في تقليل أعراض انقطاع الطمث. وفي الحقيقة، فإن كثيرا من النساء ممن يتبعون نظما غذائية راجحة لا يعنون على الإطلاق مثل تلك الأعراض. وقد أخبرتني إحدى السيدات وهي في السابعة والخمسين من عمرها “لم أشعر بشيء مطلقا، فأنا مفعمة بالطاقة وصفاء الذهن”. وهي تأكل طعاما نباتيا طبيعيا وتتناول مكملات غذائية. بيد أن العديد من السيدات يعانين أعراض انقطاع الطمث في هيئة:

•    الشعور بنوبات من ارتفاع حرارة الجلد
•    صداع
•    عرق
•    ضعف الذاكرة
•    تغير في المزاج
•    جفاف المهبل
•    نوبات من الأرق

تستجيب هذه الأعراض أحيانا للعلاج الإستروجيني التعويضي، لكن واحدة من كل 7 سيدات تكف عن استخدامه خلال عام نتيجة لأعراضه الجانبية.

يقول د.جون لي ناشر كتاب “ما لا يخبرك الطبيب بشأنه حول انقطاع الطمث” What Your Doctor Didn’t Tell You about the Menopause “يمكن التغلب على معظم أعراض انقطاع الطمث من خلال طعام جيد، تجنب المواد السامة، ممارسة الرياضة، تناول المكملات الغذائية المناسبة، استخدام البروجيسترون إذا دعت الحاجة لإعادة الاتزان الهرموني”.

الفارق الأكبر بين العلاج الهرموني التعويضي والبروجيسترون الطبيعي هو أن الإستروجين والبروجستينات لها علاقة بارتفاع خطر الإصابة بسرطان الثدي، بينما يعمل البروجيسترون على تقليل هذا الخطر. هذا إلى جانب أن البروجيسترون يلعب دورا أكبر بكثير فيما يتعلق بالوقاية من هشاشة العظام.

اسأل طبيب مجاناً