التصنيفات
صحة كبار السن

أمراض العقل والدماغ والجهاز العصبي في مرحلة الشيخوخة ج3

يحتاج الدماغ إلى تزويد متواصل بالأكسيجين والمغذيات بواسطة الدم الذي ينقل إليه عبر عدة شرايين أساسية. وتظهر إحدى أهم التغيرات الناجمة عن التقدم بالسن والتي تستهدف الدماغ، في هذه الشرايين. فمع مرور السنوات، تتجمع الرواسب الدهنية على جدران الشرايين (مسببة التصلب العصيدي). ومن شأن هذه الرواسب أن تضيق ممرات الأوعية، معرضة المصاب لخطر الجلطة الدماغية.

الجلطة الدماغية

تنجم معظم الجلطات الدماغية عن انسداد أحد الشرايين نتيجة لخثرة من الدم توقف تدفق الدم إلى الدماغ. وفي حال استمر الانسداد لأكثر من بضع دقائق، فإن خلايا الدماغ في المنطقة المصابة قد تتلف وتموت.

وفي الولايات المتحدة، تعتبر الجلطة الدماغية المسؤول الثالث عن الوفاة والسبب المؤدي إلى حالات العجز الخطيرة. والأشخاص الذين أصيبوا مسبقا بجلطة دماغية أو عانوا من عوارض جلطة اختفت في غضون أربع وعشرين ساعة (وتدعى نوبة إقفار دماغي عابرة أو TIA) هم أكثر عرضة بكثير للإصابة بالجلطة الدماغية.

ومن عوامل الخطر الأخرى، ارتفاع ضغط الدم، اعتلال القلب، السكري، التدخين وارتفاع نسبة الكولستيرول والدهون المشبعة في الغذاء. وبصورة عامة، يعتبر الرجال والسود والأشخاص الذين تجاوزوا الخامسة والخمسين ومن لديه تاريخ عائلي بالجلطة الدماغية أكثر عرضة للإصابة بها أيضا.

العناية الذاتية

اكتشف العلامات المنذرة للجلطة الدماغية. اطلب العناية الطبية على الفور إن شعرت بواحد أو أكثر من الأعراض التالية:

●  خدر أو ضعف أو شلل مفاجئ في الوجه أو الذراع أو الساق، في جهة واحدة من الجسم عادة.
●  فقدان القدرة على النطق أو اضطراب في القدرة على التكلم أو في فهم الحديث.
●  ضبابية مفاجئة أو سوء في الرؤية، في عين واحدة عادة.
●  دوار، فقدان التوازن أو التنسيق.
●  صداع حاد ومفاجئ من دون سبب واضح.

افحص دمك وضغط دمك

فمن المحتمل أن يكون ضغط دمك مرتفعا من دون أن تعلم. فإن كان معدل الدهون (الشحم) مرتفعا، سيقترح الطبيب بعض التغييرات في نمط حياتك ومن المحتمل أن يصف لك دواءا للعلاج.

أقلع عن التدخين

يعتبر المدخنون أكثر عرضة من غير المدخنين بنسبة 50 بالمئة للإصابة بالجلطة الدماغية.

توقف عن استهلاك الدهون والملح

فالتوقف عن استهلاك الدهون والملح يقلص خطر ارتفاع معدل الكولستيرول وارتفاع ضغط الدم والبدانة.

حافظ على نشاطك

فمن شأن الرياضة أن تزيد من قوة القلب وتحسن الدورة الدموية ومستوى الكولستيرول. وينصح بمراجعة الطبيب قبل مباشرة أي برنامج رياضي جديد.

الخرف وداء باركنسون

يملك الإنسان عند ولادته مليارات الخلايا الدماغية. ولكن مع التقدم بالسن، يمكن لبعض هذه الخلايا أن تموت أو تصاب بخلل في وظيفتها. من جهة ثانية، يخفض الجسد تدريجيا من إنتاج الكيميائيات الضرورية لعمل خلايا الدماغ. وفي معظم الحالات لا نلاحظ أي تغيير لأن الخلايا المحيطة تعوض عادة عن هذا النقص. ولكن حين يبلغ التلف التدريجي أي جزء من الجهاز العصبي، يبدأ المصاب بالشعور بضعف في قدرته على تأدية وظائفه بالصورة المطلوبة. وقد ينجم عن هذه الحالة خلل في التنسيق والقدرة الذهنية والحركة والتحكم العضليين. فيتولد عنها اضطرابين دماغيين محتملين هما الخرف وداء باركنسون.

الخرف

هو عبارة عن تدهور تدريجي للقدرات الفكرية والاجتماعية يؤثر سلبا على وظائف المصاب اليومية. ويعتبر داء ألزهايمر من أبرز أشكال الخرف.

داء باركنسون

يصيب داء باركنسون الأشخاص الذين تجاوزوا الخمسين من العمر. ويعاني منه أكثر من مليون أميركي. أما علامته المميزة فهي الرعاش، الذي قد يتفاقم إلى درجة يعاني معها المصاب من صعوبة في حمل الشوكة بثبات كاف لتناول طعامه أو تثبيت الجريدة جيدا لقراءتها. ويتضاعف العجز لاحقا نتيجة لمشاكل التوازن وتصلب العضلات.

والواقع أن سبب داء باركنسون لا يزال مجهولا. ولكن الباحثين يعلمون بأن المرض يظهر عقب موت الخلايا العصبية أو تعرضها للتلف وهو ما يؤدي إلى توقفها عن إنتاج مركب دوبامين الكيميائي، الذي يسمح بأداء الوظائف العضلية بشكل سلس وهادف.

العناية الذاتية

ثمة مجموعة منوعة من العقاقير متوفرة لعلاج داء باركنسون وإيقاف تطوره. ويكمن التحدي في إيجاد دواء يخفف من حدة الأعراض مع أقل قدر ممكن من الآثار الجانبية. علما أن الداء يستلزم في مراحله المتقدمة علاجا طبيا أو عملية جراحية عادة. إلا أنه بإمكان المريض أن يساهم في تحسين قدرته على الحركة والتوازن والتنسيق عبر تمارين شد العضلات والعلاج الطبيعي.

العقل

من سخرية الأقدار أنه حين تتقدم في السن بما يكفي لتكتسب بعض الحكمة في الحياة، يبدأ عقلك بخيانتك. فتعجز عن تذكر المكان الذي تركت فيه نظاراتك أو ركنت فيه سيارتك. وفي حين أنك كنت معتادا على إنجاز ثلاث مهام في وقت واحد، صرت اليوم تشعر بالإجهاد لمجرد التركيز على عمل واحد. لا بل في بعض الأحيان، يدفعك عجزك الخطير عن التركيز إلى الخوف من احتمال إصابتك بداء ألزهايمر.

في البداية، اطمئن. فخيانة الذاكرة هي ظاهرة طبيعية مع التقدم في السن. ووضع مفاتيح السيارة في مكان خاطئ أو نسيان اسم أحيانا ليس بالعارض الخطير وإن كان مصدرا للإحباط. من جهة ثانية، تؤثر بعض المشاكل الصحية أحيانا، كالاكتئاب أو ارتفاع ضغط الدم، فضلا عن بعض الأدوية، سلبيا على الذاكرة. وغالبا ما يكون ضعف الذاكرة الناجم عنها قابلا للشفاء.

ومن الأسباب الوجيهة الأخرى للاطمئنان أن الإجهاد والانفعال قد يشوشا الذاكرة والقدرة على التركيز.

وفي ما يلي لمحة عن مشاكل الذاكرة، سنتعرف فيها على الفرق بين فقدان الذاكرة البسيط وفقدان الذاكرة التدريجي المعروف بالخرف. كما ستتعلم ما يمكنك فعله لإبقاء ذهنك ناشطا ومتيقظا في سنوات شيخوختك. وسنبدأ بعرض لمشكلة الاكتئاب التي تعتبر سببا شائعا لضعف الذاكرة.

الاكتئاب Depression

جميعنا نشعر بالانقباض من وقت لآخر، وكل واحد منا يشعر بالحزن. أما الاكتئاب فيشكل حالة مختلفة. إنه عبارة عن مرض خطير، يسبب مشاكل كثيرة للمصابين به ولعائلاتهم. فمن الطبيعي الشعور بالحزن أحيانا، خاصة عند المصائب الكبيرة، كفقدان شخص عزيز مثلا. ولكن، خلافا لمشاعر الانقباض، لا يمكن التخلص من الكآبة بسهولة، بل تظل مسيطرة لأيام أو حتى أسابيع. وإن تركت حالات الاكتئاب الخطيرة من دون علاج، من شأنها أن تستمر لمدة تتراوح بين 6 و24 شهرا. وحتى بعد زوال الأعراض، فإنها تعود للظهور عادة.

والاكتئاب هو في الواقع اضطراب صحي ذو أساس بيولوجي، يؤثر على الأفكار والمزاج والأحاسيس فضلا عن السلوك والصحة الجسدية. ويعتقد العلماء أنه قد ينجم عن خلل في توازن كيميائيات الدماغ المعروفة بالناقلات العصبية، خاصة السيروتونين والنوريـبينفرين والدوبامين. إلا أن الدور الذي تؤديه الناقلات العصبية في حدوث الاكتئاب لا يزال غير واضح تماما بالنسبة إليهم.

وبالرغم من كل ما ثبت عن كون الاكتئاب مشكلة صحية، لا يزال البعض يظنه اضطرابا ذهنيا. وبينما لا يمكن لهذه الحالة أن تكون مصدر إحراج أكثر من داء السكر أو الإنفلونزا، يشعر كثير من المصابين بها بالخجل أو الضعف. ويظنون وهذا ما يقوله لهم الآخرون، أن عليهم التخلص من اكتئابهم أو أن كل عذابهم ليس موجودا سوى في رؤوسهم. وغالبا ما يمنعهم الخجل والإحراج من طلب المساعدة التي يحتاجونها.

ويعتبر الاكتئاب أكثر شيوعا لدى النساء منه لدى الرجال، بحيث يصيب إمرأة من بين كل أربعة نساء. ويعزى ذلك ربما إلى أسباب بيولوجية، كالهرمونات مثلا. ويلاحظ بأن الحالة هي أقل انتشارا بين المتزوجين، خصوصا الرجال والأشخاص المرتبطين بعلاقات حميمة طويلة الأمد. بينما يرتفع عدد حالات الاكتئاب بين المطلقين والأشخاص الذين يعيشون بمفردهم والذين يعانون من مشاكل مع الكحول.

ولا يشكل الاكتئاب عارضا محتما من عوارض الشيخوخة، شأنه في ذلك شأن فقدان الذاكرة. كما أنه ليس أكثر شيوعا بين كبار السن ولكن بما أن أعراضه غالبا ما تعتبر خطأ أنها من العواقب المحتومة للشيخوخة، تزداد احتمالات عدم التعرف عليها بين كبار السن. وهذه مشكلة حقيقية في الواقع، ذلك أن عدم تلقي العلاج قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة لينتج عنها العجز والاتكالية ولاحقا الانتحار.

وللشيخوخة أوجه عدة من شأنها أن تهيئ كبار السن للإصابة بالاكتئاب. من هذه الأوجه، انخفاض عدد الناقلات العصبية ومعدل الهرمونات، فقدان الأصدقاء، فقدان المركز الاجتماعي أو علاقات العمل، موت أشخاص أعزاء، الانتقال من منزل أثير على القلب أو الإصابة بمرض مزمن، كاعتلال القلب أو الجلطة الدماغية أو التهاب المفاصل أو داء السكر.

والواقع أنه ما من سبب واحد للاكتئاب. لا بل يعتقد الخبراء أن بعض الأشخاص يملكون تأهبا جينيا للمرض، مما يعني أن الحالة تميل لأن تكون وراثية. وفي حال اقترن هذا التأهب الوراثي بحوادث مسببة للإجهاد، كوفاة الزوج أو الزوجة أو فقدان وظيفة أو وجود مشاكل مالية أو مرض جسدي، فقد يتسبب بخلل في الناقلات العصبية ويؤدي إلى الاكتئاب.

والاستعداد للإصابة بالاكتئاب قد يكمن في شخصية الإنسان. فقلة تقدير الذات وفرط الاعتماد على الآخرين وسوء النقد الذاتي والتشاؤم وسرعة الاستسلام للإجهاد تجعلك أكثر عرضة لهذه الحالة. ولكن هذا لا يعني بأنك إنسان ضعيف.

وغالبا ما يصاحب الاكتئاب قلق مفرط. ويتخذ القلق أشكالا مختلفة، بما في ذلك القلق العام، الذعر والاضطراب الوسواسي القسري. ويعاني المصاب بالقلق من الخوف والعصبية ومن اضطراب مستمر بخصوص المستقبل. وفي بعض الحالات، يحاكي القلق النوبة القلبية، إذ يكون مصحوبا بأعراض كتسارع دقات القلب وخفقان القلب وتعرق ودوار. ومن أعراضه الأخرى، الصداع والأرق والتعب.

وعلى غرار الاكتئاب، يمكن لحالات القلق أن تكون وراثية، ناجمة عن خلل في الناقلات العصبية. وفي حال رافق القلق حالات الاكتئاب، فإنه يزول مع زوالها. أما إن طرأ بمفرده، فمن الممكن علاجه بأدوية الاكتئاب نفسها. ومن شأن تقنيات الاسترخاء أن تساعد أيضا على الشفاء. والمهم، في حال عانيت من الاكتئاب أو القلق، ألا تعتبره عارضا طبيعيا من أعراض الشيخوخة أو أن لا حيلة بيدك لعلاجه، بل استشر الطبيب.

والجدير بالذكر أن الكحول والنيكوتين وفرط استعمال الأدوية، تساعد على تفاقم حالات الاكتئاب والقلق. وللغذاء دوره أيضا وخاصة folate والفيتامين B-12، إذ يؤدي النقص في هذين المغذيين إلى أعراض الاكتئاب.

هل أنت مصاب بالاكتئاب؟

كيف تعلم بأنك مصاب بالاكتئاب؟ للاكتئاب في الواقع علامتان مميزتان. أولاهما فقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية. وثانيهما مزاج مكتئب تصاحبه مشاعر من الحزن والعجز وفقدان الأمل، تدوم لأكثر من أسبوعين. وكما سبق أن ذكرنا، فإن كثيرا من المصابين بالاكتئاب يعانون أيضا من القلق.

ولكي يعطي الطبيب تشخيصا بالاكتئاب، يجب أن يعاني المريض من عوارض أخرى في معظم أوقات النهار وكل يوم تقريبا، لأسبوعين على الأقل. وتشمل هذه الأعراض مشاكل في الذاكرة وعجزا عن التركيز فضلا عن اضطرابات في النوم ونقصان أو زيادة كبيرين في الوزن وقد يشعر المصاب بالتعب وتسيطر عليه أفكار الموت والاضطراب ويفقد اهتمامه بالجنس.

ومن الأعراض الجسدية الأخرى المقترنة بحالات الاكتئاب، الصداع والإمساك والإسهال وألم البطن إضافة إلى آلام وأوجاع عامة. وقد يبدو على الأشخاص المكتئبين التعب ويتحدثون بنعومة وبطء وكأنهم يملكون بالكاد القدرة على الكلام.

وقد قام الدكتور جافيد إ. شيخ وجيروم أ. ييزافادج بوضع مقياس لاكتئاب الشيخوخة وهو عبارة عن اختبار بسيط نعرضه في ما يلي. فإن ظننت بأنك مصاب بالاكتئاب، أنت أو أحد المقربين إليك، يحدد لك هذا الاختبار مدى ضرورة المساعدة الطبية. أجب بنعم أو لا على الأسئلة أو اطلب من الشخص المعني الإجابة عليها:

1. هل أنت راض عن حياتك بالأساس؟
2. هل تخليت عن كثير من نشاطاتك واهتماماتك؟
3. هل تشعر بأن حياتك فارغة؟
4. هل تشعر بالضجر غالبا؟
5. هل معنوياتك مرتفعة في معظم الوقت؟
6. هل تخشى من وقوع مصيبة لك؟
7. هل تشعر بالفرح معظم الوقت؟
8. هل تشعر بالعجز غالبا؟
9. هل تفضل البقاء في المنزل عوضا عن الخروج والقيام بأمور جديدة؟
10.   هل تشعر بأنك تعاني من مشاكل في الذاكرة أكثر من غيرك من الناس؟
11.   هل تعتقد أنه من الرائع أن تكون حيا الآن؟
12.   هل تشعر بأنك معدوم القيمة لما أنت عليه الآن؟
13.   هل تشعر أنك تضج نشاطا؟
14.   هل تظن أن حالتك لا أمل منها؟
15.   هل تعتقد أن معظم الناس هم أحسن حالا منك؟

إن أجبت بنعم على الأسئلة 1، 5، 7، 11 و13، فإنك على الأرجح غير مصاب بالاكتئاب. أما الإجابة بنعم على معظم أو جميع الأسئلة الباقية، فتشير بقوة إلى حالة من الاكتئاب. بالتالي، تحدث إلى الطبيب عن عوارضك، فما من داع لتتعذب لفترة أطول، لا بل كلما بكرت في تلقي المساعدة كان ذلك أفضل.

ولحسن الحظ فالاكتئاب من الحالات التي يمكن شفاؤها. فعلى مدى العشرين سنة الماضية، تم تطوير أدوية قادرة على تخفيف الأعراض لدى معظم الناس. ومن هذه الأدوية مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين (SSRIs)، كالفليوكزيتاين (Prozac) والباروكزيتاين (Paxil) والسيرترالاين (Zoloft) والسيتالوبرام (Celexa). إلا أن هذه الأدوية ليست سوى بعض من مضادات الاكتئاب العديدة المتوفرة. ويعتمد اختيار الدواء على المرض والأعراض وعلى التاريخ الشخصي أو العائلي للاكتئاب.

وعلى غرار جميع الأدوية، ثمة بعض الاحتياطات الواجب اتخاذها، خاصة بالنسبة إلى كبار السن. فمع التقدم بالسن، يتخلص الجسد من الأدوية ببطء أكبر، مما يستدعي اعتماد جرعات منخفضة. وسيحتاج الطبيب إلى تحديد الجرعة بحذر وإلى معرفة ما إذا كنت تتعاطى أدوية أخرى من شأنها أن تتداخل مع مضادات الاكتئاب. وتجدر الإشارة إلى أن مضادات الاكتئاب التي تؤدي إلى التسكين، قد تجعل متعاطيها عرضة للسقوط وغيره من الحوادث.

ويمكن لبعض المرضى إيقاف الدواء بعد 12 شهرا. بينما يضطر من تميل حالتهم إلى معاودة الظهور للاستمرار باستعمال الدواء لسنوات. وكلما طالت مدة استعمال الدواء كلما قل احتمال الإصابة بالاكتئاب ثانية. والجدير بالذكر أن مضادات الاكتئاب لا تسبب الإدمان.

ومن شأن العلاج النفسي (العلاج بالكلام) أن يساعد أيضا على علاج الحالات الطفيفة إلى المعتدلة من الاكتئاب. والواقع أن اقتران الدواء بالعلاج النفسي هو أكثر فاعلية من اعتماد أحدهما فقط. ويستغرق كلاهما ما بين 4 إلى 8 أسابيع ليبدأ مفعوله بالظهور. بالتالي عليك أن تكون صبورا وأن تتفادى الشعور بمزيد من القلق لاعتقادك بأن الدواء لا يعطي نتيجة. أما في حالات الاكتئاب الحادة، فيعتبر العلاج بالتخليج الكهربائي (ECT) الخيار الأفضل.

من جهة ثانية، فإن الاعتناء بالصحة له دور في علاج الاكتئاب. إذ أظهرت الدراسات التي جرت مؤخرا أن النشاط الجسدي المنتظم يساعد على إزالة الاكتئاب أو تخفيف أعراضه لدى كبار السن.

داء ألزهايمر Alzheimer’s disease

حين يتعلق الأمر بفقدان الذاكرة، فإن أكثر ما يخشاه الناس هو الخرف، خاصة الخرف الذي يرافق داء ألزهايمر.

فداء ألزهايمر هو اعتلال تدريجي وغير قابل للشفاء يصيب الدماغ ويسبب فقدان الذاكرة وتغييرا في السلوك والشخصية فضلا عن تدهور في القدرات المعرفية. تظهر أعراض المرض عادة بعد سن الستين ويتفاقم تدريجيا لينتهي معظم المصابين به طريحي الفراش ويموتون بالالتهاب الرئوي أو بمرض أو إصابة أخرى في غضون عشر سنوات من التشخيص.

ويعتبر داء ألزهايمر مرضا واسع الانتشار يصيب أربعة ملايين أميركي ويكلف المجتمع حوالى 50 مليار دولار سنويا. ويتوقع أن يتضاعف عدد المصابين به ثلاث مرات خلال السنوات العشرين القادمة. واستنادا إلى الإحصاءات، تفوق النساء المصابات به الرجال عددا، علما أن السبب لا يزال غامضا. فصحيح أن النساء يعشن لفترة أطول وأن خطر الإصابة بالمرض يتضاعف مع التقدم بالسن، إلا أن هذا السبب ليس كافيا لتفسير هذه الظاهرة.

وبما أن المرض يصيب هذا العدد الهائل من الأشخاص ويكلف المجتمع مصاريف باهظة، فإن عددا كبيرا من الأبحاث يجري اليوم بأمل إيجاد العلاج الملائم له. وقد أسفر العقد الفائت عن نقلة نوعية في فهم هذا الداء، فضلا عن تقدم واعد في القدرة على التشخيص المبكر وعلاج الأعراض وعن أمل في اكتشاف لقاح له. ومما يثير الذهول أن الطب لم يكن يعلم شيئا عن داء ألزهايمر قبل 25 سنة وكان الخرف يعتبر نتيجة محتومة للشيخوخة.

تبدأ التغييرات الذهنية المرتبطة عن داء ألزهايمر بالظهور تدريجيا، مصحوبة بخرف غالبا ما يستغرق تطوره عقدا من الزمن. فتؤدي حالات النسيان الطفيفة، الشبيهة بما يمر به معظمنا، إلى صعوبة في تذكر الكلمة المناسبة. وهذه الحالة شائعة جدا هي أيضا ولكن مع داء ألزهايمر تصبح أكثر تكرارا وخطورة. وقد يلاحظ المصاب تغيرا في سلوكه، يتمثل في البلادة أو الانعزال أو الهيجان. وينسى تكرارا ما هو اليوم أو الشهر أو السنة. وقد تتراجع قدرته على الحساب، فتعم الفوضى حساباته المالية، مع فواتير غير مدفوعة أو فرط في سحب الأموال. وتصبح القيادة أكثر صعوبة وخطورة. أما العائلة، فتلاحظ بأنه غالبا ما يعيد طرح الأسئلة نفسها أو ينسى الأشياء. ومع تفاقم الحالة، لا يفقد المصاب قدرته على التعرف على الأشياء المعروفة فحسب، كالقلم مثلا، بل وعلى استعمالها أيضا. وتتطور ليصبح الخرف أكثر خطورة والحياة المستقلة مستحيلة. إنه كالأضواء التي تنطفئ واحدا تلو الآخر قبل أن يعم الظلام التام. هو عبارة عن وداع بطيء.

بالطبع، ليس داء ألزهايمر السبب الوحيد للخرف، الذي قد ينجم أحيانا عن الجلطات الدماغية الصغيرة أو عن حدوث تغييرات في تدفق الدم إلى الدماغ، مما قد يدمر خلايا الدماغ. وتعرف هذه الحالة بالخرف الوعائي (أو خرف تعدد الاحتشاء). ومن شأن أعراض هذه الحالة أن تظهر فجأة وأن تتحسن أو تظل مستقرة حتى تطرأ جلطة أخرى. ويحدد موقع الجلطة في الدماغ مدى خطورة العوارض.

صعوبة تشخيص الداء

من خصائص داء ألزهايمر أن تشخيص الحالة مستحيل من دون تشريح. لهذا السبب يعتبر المرض في بعض الأحيان محتملا ويستدعي التشخيص استبعاد الأسباب الأخرى للأعراض، كالجلطة الدماغية وأورام الدماغ.

ويكشف فحص أنسجة الدماغ تحت المجهر لشخص مصاب بالداء عن تغييرات مرضية تعرف باللويحات والعقد. فاللويحات هي عبارة عن ترسبات كثيفة للبروتين والمواد الخلوية تتشكل داخل خلايا الدماغ العصبية وحولها. أما العقد فهي ألياف مفتولة تتوضع داخل الخلايا العصبية.

وأول ما تتكون اللويحات، المؤلفة بنسبة كبيرة من بروتين بيتا أميلويد، في قسم الدماغ المستعمل للذاكرة وغيرها من القدرات المعرفية وذلك قبل 10 سنوات أو 20 سنة من بدء ظهور العوارض. أما العقد فتتكون بشكل أساسي من البروتين.

ولا يفهم الباحثون بعد دور اللويحات والعقد في تطور داء ألزهايمر. إلا أنهم يشتبهون بأنها تؤدي إلى تلف الخلايا العصبية وفقدان قدرتها على التواصل، لتموت لاحقا مسببة خللا غير قابل للشفاء في وظيفة الدماغ.

أما عن احتمال إصابتك بداء ألزهايمر، فهو سؤال لا يمكن الإجابة عنه بشكل مؤكد. السن هو واحد من العوامل من دون شك. فمن بين الأشخاص الذين يبلغون الخامسة والستين من العمر واحد أو اثنان من كل مئة منهم مصابون بالداء. وهو نادرا ما يصيب من هم دون الأربعين من العمر، إلا أن الظهور المبكر لداء ألزهايمر يعتبر شكلا مختلفا للمرض. أما معدل سن التشخيص فهو 80 عاما تقريبا. إذ يرتفع خطر الإصابة في هذه السن إلى واحد من بين كل خمسة أشخاص. بينما تشير الإحصاءات إلى أن نصف من يبلغون التسعين من العمر يعانون من عوارض الداء.

وللوراثة دور في حوالى 40 بالمئة من حالات ألزهايمر المبكرة. ويرتفع احتمال الإصابة بالداء في سن الشيخوخة في حال إصابة أحد أفراد العائلة به ولكن حتى في حال وجود عدة حالات من المرض في العائلة، فإن معظم أفرادها لا يصابون به. ولا يزال الباحثون يتدارسون الأسباب.

وسائل العلاج

●  مثبطات الكولين استيراز Cholinesterase inhibitors: تعمل هذه الأدوية على تحسين الاتصالات الكيميائية بين خلية وأخرى.
حيث ينخفض معدل الناقل العصبي (وهو مركب كيميائي يملأ الثغرات أو نقاط الاشتباك بين الخلايا العصبية) بنسبة 90 بالمئة لدى المصابين بالمرض. وثمة أدوية مثل التاكراين (Cognex) والدونيبيزيل (Aricept) ودواء رازاديان (Razadyne)، تحصر تحلل الناقل العصبي في محاولة لإبطاء عملية التدهور المعرفي.
من الاثار الجانبية لهذه العقاقير: الغثيان، الإسهال واضطرابات النوم.

●  Memantine – Namenda
يعمل هذا الدواء في شبكة اتصالات الخلية في المخ، حيث يقوم بإبطاء تقدم أعراض المرض.

●  الفيتامين E. الفيتامين E هو مضاد للتأكسد يقاوم التلف الذي يسببه التأكسد للخلايا. ويمكن للجرعات المرتفعة منه أن تساعد على تجنب تلف خلايا الدماغ نتيجة لداء ألزهايمر. وقد أظهرت دراسة نشرت في مجلة New England Journal of Medicine، شاركت فيها مايو كلينك، أن الفيتامين E قد يكون فعالا في إبطاء تطور المرض. إلا أننا ما زلنا بحاجة إلى مزيد من الدراسات لإثبات ذلك. وثمة دراسات أخرى تجرى على السيليجيلاين (Eldepryl) وهو مضاد للتأكسد يستعمل لعلاج داء باركنسون.

●  الجينكو Ginkgo. يستخرج الغينكو من شجرة الغينكو بيلوبا وهي عشبة صينية تستعمل في علاج عدد من الأمراض، بما في ذلك تقوية الذاكرة. وتوحي دراسة نشرت في مجلة جاما ومراجعة لبحث نشر في مجلة Archives of Neurology أن العشبة قد تعيد الاستقرار إلى صحة بعض المصابين بداء ألزهايمر أو تحسن من نوعية حياتهم. وقد أطلقت في العام الفائت دراسة ممولة فدراليا على 2000 شخص بصحة جيدة يبلغون 75 سنة لمعرفة ما إذا كان الغينكو قادرا على تأخير الإصابة بداء ألزهايمر وغيره من أنواع الخرف.

ارتباك الذهن

كما سبق وذكرنا، من شأن الكحول والنيكوتين والعقاقير، أكانت موصوفة طبيا أو غير شرعية، أن تسبب الشعور بالقلق والاكتئاب أو تساهم في تفاقمهما. فهذه المواد تسبب الإدمان الذي يشير وفقا للأبحاث، إلى تغير في كيميائيات الدماغ. كما أنها تؤثر سلبا على الصحة وتحط من نوعية الحياة. وبالطبع فالعقاقير غير المشروعة، كالماريجوانا والكوكايين والهيرويين، يمكنها أن تستنفد صحة الإنسان وحياته على السواء. ولكن هل يخطر ببالك أنه حتى الكافيين وهو أكثر المواد الإدمانية انتشارا، من شأنه أن يسبب الإرباك الذهني؟ إليك كيف:

الكافيين

تمحورت دراسات عديدة حول تأثير الكافيين وهو واحد من 500 مادة كيميائية موجودة في القهوة، على الصحة. ولم تسفر معظم الدراسات عن نتيجة حاسمة، يعزى ذلك جزئيا إلى دخول عديد من العوامل الأخرى في تصنيع القهوة واستهلاكها. فنوعية الحبوب ودرجة التحميص وطريقة التخمير وما تضيفه أنت إلى قهوتك، جميعها تؤثر على التركيب الكيميائي لما يدخل إلى جوفك في النهاية. كما واجه الباحثون تحديا من نوع آخر، ذلك أن شاربي القهوة هم إجمالا من كبار السن الذين يدخنون السجائر بنسبة أكبر ويعتمدون غذاء غير سليم. ونظرا لكل هذه الأسباب، لم يتمكن الباحثون بصورة عامة من فصل أثار الكافيين عن غيره من العوامل.

ونتيجة لذلك كان من الصعب تحديد كمية الكافيين التي يمكن استهلاكها بشكل مأمون. إلا أنه مع ذلك، ما من شك في كون الكافيين من المنبهات التي تؤثر على الدماغ. إذ بإمكانه أن يوقظ الإنسان ويزوده بالطاقة ويجعله أكثر تنبها ويقصر وقت ردات فعله. وقد ينجم عنه أيضا (وفقا لمدى حساسية المرء) ارتفاع في ضغط الدم وتسارع نبض القلب ونشوء الحرقة أو تفاقمها فضلا عن انقطاع النوم والشعور بالقلق. ومن شأن الكافيين أيضا أن يجعل متعاطيه أكثر حساسية واضطرابا ويؤدي إلى تفاقم نوبات الذعر. وليس ذاك الشعور بانتفاض الأعصاب والنرفزة الذي ينتابك بعد شرب عدة أكواب من قهوة جافا من وحي خيالك، بل هو حقيقة واقعة. من جهة ثانية، يمكن للكافيين أن يسبب الإدمان. فلو حاولت الإقلاع عن شرب القهوة التركية الباردة، لشعرت بصداع مزعج، هو نتيجة لزوال مفعول الكافيين من جسدك.

يبلغ معدل استهلاك المواطن الأميركي البالغ حوالى 200 ملغ من الكافيين يوميا وهي كمية كافية لتسبيب القلق لدى بعض الناس. وتأتي ثلاثة أرباع هذه الكمية من القهوة، تليها المشروبات الغازية والشاي والكاكاو ومسكنات الألم غير الموصوفة والمستحضرات المستعملة لعدم الشعور بالنعاس.

فإن كان الكافيين يضر بصحتك، يمكنك الاستغناء عنه بسهولة. أما إن كنت تحب المشروبات المحتوية على الكافيين، كالقهوة أو الكولا أو الشاي، فاستهلكها باعتدال. وفي حال رغبت بالتوقف عن شربها، قم بذلك تدريجيا، تجنبا للصداع والتعب وغيرهما من العوارض المصاحبة للإقلاع عن الكافيين.

النيكوتين nicotine

لا شيء جيد يمكن أن يقال عن النيكوتين. أكنت تدخن التبغ أم تمضغه، ابذل جهدك للإقلاع عن ذلك. والأوان لا يفوت أبدا. فكلما طالت مدة توقفك عن تعاطي النيكوتين، تمكنت من إصلاح تلف أكبر، حتى ولو كنت قد تعاطيته لسنوات.

بنفخة واحدة من السيجارة، يستهلك المدخن 4000 مادة كيميائية، النيكوتين هو أكثرها استحكاما بالجسد. فهو يسبب الإدمان لدرجة أن الإقلاع عنه أكثر صعوبة من الإقلاع عن الهيرويين أو الكوكايين. فعند تنشق الدخان، يصل النيكوتين إلى الدماغ في غضون عشر ثوان. أما إن كنت تستعمل الغليون أو السيجار (ومعظم الناس لا يتنشقون دخانه) أو تمضغ التبغ، فإن امتصاص النيكوتين عبر أغشية الفم المخاطية يستغرق وقتا أطول.

وما أن يبلغ النيكوتين الدماغ حتى يزيد من معدل الناقل العصبي، الدوبامين، المسؤول عن تنظيم الحركة والانفعال والتحريض، إضافة إلى أهم عناصر العملية الإدمانية، ألا وهي المتعة. ولكن مفعول النيكوتين الحاد سرعان ما يزول، كما ولد تقريبا، مما يعني أن استمرار الشعور بالمتعة يستلزم الاستمرار باستهلاك المزيد.

وبما أن النيكوتين هو مادة إدمانية إلى هذه الدرجة، فإن الإقلاع عن التدخين ليس بالأمر السهل. فإن كنت مدخنا سابقا، قد يكون التوقف عن التدخين من أصعب الأمور التي قمت بها. أما إن كنت ترغب بالإقلاع عنه، فسيكون ذلك على الأرجح أصعب ما ستقوم به في المستقبل. فقد تدوم عوارض زوال النيكوتين من الجسد لشهر أو أكثر، بما في ذلك الاهتياج والشعور بالجوع وبصعوبة في التفكير وتركيز الانتباه، فضلا عن اضطرابات في النوم وزيادة في الشهية. ولكن ثمة ما يساعدك في هذه المهمة. فالمنتجات البديلة للنيكوتين، كالعلكة والمواد المستنشقة والرذاذ الأنفي واللصقات الجلدية، إضافة إلى العلاج السلوكي ومضاد الاكتئاب، بوبروبيون (Zyban, Wellbutrin)، قد برهنت عن فاعليتها في مساعدة الناس على الإقلاع عن التدخين.

وفي حال كنت تجد صعوبة بالقيام بذلك، فكر بالخيار البديل. فالتدخين يعتبر مسؤولا عن ارتفاع ضغط واعتلال اللثة والقلب وعن مجموعة من الأمراض السرطانية، خاصة لا حصرا، سرطان الرئة، فضلا عن غيره من الأمراض الرئوية. ويعتبر تدخين السجائر مسؤولا عن واحدة من بين كل خمس حالات وفاة سنويا في الولايات المتحدة. بالتالي، فهو لا يربك الذهن وحسب، بل يودي بحياة متعاطيه. فإن كنت من المدخنين وتطمح إلى التمتع بصحة جيدة في شيخوختك، عليك الإقلاع عن التدخين.

الأدوية

يزداد استعمال الأدوية، الموصوف منها وغير الموصوف، لدى معظم الناس مع التقدم بالسن. ومن سوء الحظ أن بعضا من أكثر الأدوية استعمالا يسبب عوارضا شبيهة بعوارض الخرف، بما في ذلك الارتباك الذهني وضعف الذاكرة. ولا تتفاقم المشكلة نتيجة لتنوع الأدوية المستعملة وتعددها فحسب، بل أيضا عن عملية الأيض التي تتدهور فاعليتها مع التقدم بالسن.

يمكن للأدوية أن تتداخل مع الأطعمة والفيتامينات والملحقات المعدنية. ولتفادي مشاكل مماثلة، قم بما يلي:

●  احرص على إطلاع الأطباء على كل ما تستعمله من أدوية، بما في ذلك العقاقير غير الموصوفة والأعشاب والفيتامينات والمعادن.
●  اقرأ جميع التوجيهات والتحذيرات والاحتياطات الواجب اتخاذها قبل استعمال أي عقار أو مكمل.
●  أحط الطبيب علما بكل الآثار الجانبية التي قد تعاني منها.
●  تناول الدواء حسب التوجيهات. وفي حال كان عليك ابتلاع الأقراص، تناولها مع كوب ممتلئ بالماء أو مع الطعام إن نصت التوجيهات على ذلك.
●  لا تخلط الدواء مع الطعام أو تذبه في المشروبات الساخنة أو تأخذه مع الفيتامين والمكملات الغذائية.
●  لا تكسر الكبسولات قبل استشارة الصيدلي تجنبا لإفسادها.

ويمكن لفرط استعمال الأدوية أن يسبب مشاكل خطيرة. بالتالي، إن وجدت نفسك عاجزا عن التخلي عن أحد الأدوية، كالحبوب المنومة أو مسكنات الألم أو المهدئات أو احتجت دوما إلى أخذ المزيد من الجرعات للحصول على المفعول نفسه، استشر الطبيب.

الذاكرة

لا شك أنك تتذكر أيام المدرسة الثانوية، حين كنت مضطرا إلى حفظ كميات كبيرة من المعلومات، كعواصم البلدان أو أشعار المتنبي. فإن ظننت قدرتك على ذلك في الماضي عائدة إلى صغر سنك فحسب، أنت مخطئ. ففي ما مضى، كنت تعمل جاهدا على إيداع المعلومات في ذاكرتك وذلك هو سبب نجاحك. ولا شك أنك لو حاولت ذلك اليوم لما استعصى عليك الأمر.

تخيل ذاكرتك مؤلفة من ثلاثة أجزاء وإليك كيف تعمل:

الذاكرة العاملة

تبحث عن أحد الأرقام الهاتفية في الصفحات الصفراء وقد تكرره لنفسك حتى تصل إلى الهاتف وتطلبه. إلا أنك تنساه بعد ذلك. ولو رغبت بطلب الرقم ثانية، فإنك على الأرجح ستبحث عنه في الدليل مجددا. ما حدث هنا، أن الذاكرة العاملة خزنت الرقم للمدة التي تحتاجها فقط.

الذاكرة القصيرة الأمد

تخزن الذاكرة القصيرة الأمد معلومات أكثر أهمية أو معلومات تصادفها تكرارا. وهي تبقى مخزنة لساعات أو حتى لأيام. فهل تتذكر مثلا ماذا تناولت اليوم عند الإفطار؟ ذاكرتك القصيرة الأمد هي التي تعمل للإجابة عن هذا السؤال.

الذاكرة الطويلة الأمد

في الذاكرة الطويلة الأمد، تتخزن المعلومات المهمة فعلا، كعيد ميلاد ابنتك أو كلمات دعاء تردده باستمرار أو أمور ذات قيمة عاطفية وتبقى محفوظة لسنوات. كما أن العمل على إيداع معلومات معينة في الذاكرة يساعد على نقلها إلى الذاكرة الطويلة الأمد. فعلى سبيل المثال، إن عملت جاهدا على حفظ إحدى قصائد المتنبي في سن الطفولة، ستتمكن على الأرجح من تذكر بضعة أبيات منها اليوم. ويكون التكرار قد ساعد على إبقائها في ذاكرتك.

وللناقلات والخلايا العصبية دور في ترسيخ الذكريات، رغم أن الباحثين لا يعرفون تماما كيف تتم هذه العملية. كل ما يعرفونه أن عدد الناقلات العصبية يتقلص مع السن، فتتباطأ القدرة على استرجاع المعلومات عما كانت عليه في سن الشباب.

ولكن هذا لا يعني أن خيانة الذاكرة هي ظاهرة محتمة في سن الشيخوخة. بالطبع، قد تنسى أين وضعت نظاراتك في آخر مرة استعملتها. إلا أن هذه الأمور قد حدثت معك في سن العشرين على الأرجح من دون أن تثير في نفسك خوفا يذكر، لأنك وقتها لم تر فيها إشارة إلى تقدمك في السن.

وفي حال لاحظت أنك تنسى بعض الأشياء، ثمة ما يمكنك القيام به لمساعدة ذاكرتك في مهامها اليومية:

نصائح للتذكر

تعلم من تلك الأيام البعيدة التي كنت مجبرا فيها على حفظ أمور معينة في ذاكرتك. فإن اضطررت إلى حفظ شيء معين، اعمل على ذلك بالطريقة التالية:

●  التكرار. كرر الشيء مرارا ومرارا وستضمن أن تحفظه طويلا.
●  الإقران. ألف قصة أو لحنا أو اربط المعلومات الجديدة بشيء تعرفه، كربط كلمات معينة بأغنية تعرفها. فهذه الطريقة تساعد على إبقاء المعلومات في الذهن.
●  التجزئة. جزء المعلومات إلى مقاطع صغيرة واحفظها على مراحل.
●  تخيل صورة واقرنها بما تحاول تذكره. فعندما تقدم لشخص ما، احفظ اسمه بربطه بصورة معينة وكرر الاسم وأنت تصافحه.

وتذكر أن الحفظ ليس بالعملية السهلة. بالتالي، قد تفضل توفير هذا الجهد لأمور ذات أهمية فعلية. أما بالنسبة إلى المعلومات الأخرى، فحاول وضع اللوائح والمذكرات في أماكن تسهل ملاحظتها، كمرآة الحمام أو باب البراد. احتفظ أيضا بدفتر للمواعيد واعتد على وضع الأشياء التي تستعملها بانتظام، كالنظارات أو مفاتيح السيارة، في المكان نفسه دائما لتعرف أين تجدها. وعندما تركن سيارتك، انتبه إلى العنوان الذي ركنـتها عنده ودونه عند الضرورة أو اذكره بصوت عال. أما إن ركنـتها في الطابق الثاني لأحد المواقف، فقم مثلا برفع إصبعيك في إشارة النصر V، فهذا سيساعدك على التذكر لاحقا.

الحفاظ على سلامة الذاكرة

إن لم تكن تعاني من الاكتئاب أو القلق ولم تكن مصابا بداء ألزهايمر أو غيره من أشكال الخرف ولم يسبق لك التعرض لإصابة في الدماغ، كتلك التي تنجم عن الجلطة الدماغية أو عن حادث ما، بوسعك إذا الحفاظ على سلامة ذاكرتك وذلك بالعناية بنفسك كما يجب. وخصوصا:

●  اعتمد غذاء سليما. من فوائد الفيتامين هـ E وقدرته على تأخير تقدم داء ألزهايمر وغيره من أشكال الخرف. لذا، من الممكن أن يتمكن الفيتامين هـ وغير من مضادات التأكسد (خاصة الفيتامينات A وC) التي تساعد على مقاومة تلف الخلايا الناجم عن التأكسد، على المساعدة على الحفاظ على الذاكرة بشكل عام. وهي تساهم من دون شك في الحفاظ على الصحة وهو شرط ضروري ليواصل الذهن القيام بوظيفته على أكمل وجه. بالتالي، ضمن غذاءك خضروات وفواكه وحبوبا كاملة واستهلك الدهون المشبعة بأقل نسبة ممكنة.

●  حافظ على نشاطك الجسدي. يساهم النشاط الجسدي في الحفاظ على الصحة العامة، شأنه في ذلك شأن الغذاء السليم. فإضافة إلى مقاومة الاكتئاب، يساعد النشاط على الحد من ارتفاع ضغط الدم ويحارب الإجهاد وجميعها تؤثر سلبا على الذهن. اختر نشاطات تستمتع بالقيام بها وحاول التوصل إلى القيام بنشاط جسدي معتدل الحدة لمدة 30 دقيقة يوميا. ولك أن تجزء المدة إلى جلسات من 10 أو 15 دقيقة، من دون أن تخسر فائدتها.

●  سيطر على الإجهاد. يفرز الجسد تحت الإجهاد معدلات مرتفعة من هرمون الإجهاد، الكورتيزول. واستنادا إلى دراسة وردت في Archives of General Psychiatry، فإن ارتفاع معدل الكورتيزول يعيق القدرة على تذكر الكلمات والأرقام الهاتفية وغيرها من التفاصيل. وصحيح أن تجنب الحوادث المسببة للإجهاد غير ممكن، غير أنه من الممكن التحكم بردود الفعل عليها. حافظ في سبيل ذلك على موقف إيجابي وعند الحاجة إلى المساعدة، تحدث إلى الأصدقاء أو التحق بمجموعة دعم اجتماعي أو اطلب مساعدة اختصاصي.

●  حافظ إلى علاقاتك الاجتماعية ونشاطك الذهني. إن النشاط الذهني هو من أهم الأمور التي يجب الحفاظ عليها. اعمد في سبيل ذلك إلى أخذ دروس أو تعلم مهارة جديدة أو لغة أجنبية، باشر بتعلم العزف على الكمان أو مارس لعبة الشطرنج أو حل الكلمات المتقاطعة، اقرأ كتابا أو تطوع في إحدى الخدمات الاجتماعية. من جهة ثانية، قلل من مشاهدة التلفاز وقم عوضا عن ذلك بتحدي أحفادك في لعبة سكرابل مثلا. وتذكر بأن التعلم مدى الحياة هو السبيل للحفاظ على النشاط الذهني.

اسأل طبيب مجاناً