التصنيفات
صحة كبار السن

الصداع عند الكبار في السن

حين تتقدم في العمر، يبدو أن الأوجاع والآلام في عضلاتك ومفاصلك تزداد. لكن العكس هو الصحيح مع الصداع الذي أزعجك طوال عدة سنوات. فصداع الشقيقة والأنواع الأخرى من الصداع الأولي التي كانت شائعة حين كنت شاباً قد تخف وتصبح أقل من مشكلة مع التقدم في العمر.
رغم ذلك، لا يمكنك التأكيد على اختفاء الصداع تماماً. فالصداع الأولي الذي كان دوماً جزءًا من حياتك قد يستمر في الحدوث بشكل معين. وفي بعض الأحيان، قد ينشأ صداع أولي جديد لم تكن تعاني منه قبلاً. لكن الصداع الثانوي هو الذي يعتبر مشكلة أكبر بالنسبة إلى الكبار في السن إذ قد يصبح أكثر شيوعاً مع تقدمك في العمر بسبب ازدياد حدوث المشاكل الطبية التي قد تسبب الألم.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للعدد المتزايد من المشاكل الصحية عند الكبار في السن أن يعقّد علاجات الصداع الموجودة. فبعض أدوية الألم التي استطعت تناولها قبلاً قد لا تتحملها الآن لأن أيض جسمك أصبح أبطأ. وثمة أدوية ألم أخرى لا يمكن تناولها فيما تستعمل عقاقير لمشاكل طبية أخرى. نتيجة ذلك، قد تضطر إلى تعديل برنامج معالجة صداعك، فتستعمل أكثر الأدوية الخفيفة أو القليلة الجرعة وتلجأ إلى العلاجات من دون عقاقير أو الأدوية المعدّة أساساً لمشاكل أخرى.

شيوع الصداع الأولي

رغم أن الصداع لا يعرف حدوداً في العمر، يصبح الصداع مبدئياً أقل تواتراً وأقل وخامة حين تتجاوز الخمسين عاماً. بالفعل، تظهر الدراسات أن نسبة النساء والرجال الذين يعانون من الصداع تتضاءل كثيراً مع تقدمهم في العمر. فقد وجد الباحثون في إحدى الدراسات مثلاً أن 92 في المئة من النساء و 74 في المئة من الرجال بين عمر 21 و 34 عاماً يعانون من الصداع. لكن هذه النسبة انخفضت إلى 66 في المئة عند النساء و 53 في المئة عند الرجال بين 55 و 74 عاماً. وانخفضت هذه النسب أكثر بعد عمر 75 عاماً.

ورغم هذا التضاؤل، لا يزال الصداع مشكلة بالنسبة إلى بعض الأفراد الذين تقدموا في العمر. فكما هي الحال في مجموعات الأعمار الأخرى، يشكل الصداع الأولي أغلبية أشكال الصداع التي تصيب الكبار في السن. وفي أغلب الأحيان، يمثل الصداع استمراراً لمشكلة موجودة. لكن في بعض الحالات، قد يحدث الصداع الأولي للمرة الأولى بعد عمر 50 عاماً أو قد تظهر علامات وأعراض أخرى بحيث تثير الشكوك حول سبب ثانوي.

صداع الشقيقة

يبدأ تواتر نوبات الصداع بالانخفاض تدريجياً عند العديد من الأشخاص المصابين بصداع الشقيقة بعد بلوغهم 40 عاماً. وإذا كان هناك شخص لم يعانِ من صداع الشقيقة قبل الخمسين عاماً، ثمة احتمال ضئيل جداً أن يعاني من هذا الصداع لاحقاً. فهناك 2 في المئة من الكبار الذين يصابون بصداع الشقيقة بعد بلوغ هذا العمر.

يسبب صداع الشقيقة مبدئياً ألم رأس موجعاً أو نابضاً قد يدوم ساعات أو أيام، ويكون مصحوباً غالباً بأعراض مثل الغثيان والتقيؤ. وقد يكون مسبوقاً أيضاً بحس شخصي. ومع التقدم في العمر، قد تتضاءل وخامة صداع الشقيقة ويصبح الحس الشخصي أقل شيوعاً.
لكن إذا عانيت من صداع الشقيقة مع حس شخصي مسبق حين كنت شاباً، قد تستمر في المعاناة من الحس الشخصي المسبق – حتى لو اختفى ألم الرأس تقريباً. ففي هذا النوع من صداع الشقيقة، يكون ألم الرأس موجوداً فقط في 50 في المئة من الحالات ويكون خفيفاً. قد يكون صداع الشقيقة في هذه المرحلة مصحوباً أيضاً بارتجاج في الرؤية، وخدر أو وخز في الذراعين أو الساقين، ودوار وصعوبة في الكلام.

وحين لا يأتي ألم الرأس بعد الحس الشخصي المسبق، من الأفضل مراجعة الطبيب. قد لا يكون هناك أي خطب، لكن من الأفضل التأكد من عدم وجود أمراض أخرى مسؤولة عن العلامات والأعراض. فثمة مشكلة أساسية هي النوبة الغامضة السريعة الزوال (TIA)، وهو تضاؤل مؤقت في مورد الدم إلى جزء من الدماغ والعلامة المنذرة بسكتة محتملة.

تدوم معظم النوبات الغامضة السريعة الزوال بضعة دقائق فقط رغم أن العلامات والأعراض قد تستمر لغاية 24 ساعة. من جهة أخرى، تميل نوبات صداع الشقيقة في خريف العمر لأن تكون أطول وقد ينتهي واحد أو أكثر من الأعراض قبل أن تبدأ أعراض أخرى. ويمكن أن تحدث نوبات هذا الصداع بشكل منتظم. لكن يوصى في هذه الحالة بالخضوع لتقييم عند الطبيب. وإذا كانت النوبة الغامضة السريعة الزوال هي المسؤولة، تتركز المعالجة على تحسين مورد الدم إلى الدماغ للحؤول دون سكتة لاحقة. وإذا كان صداع الشقيقة هو المشكلة، قد يصف طبيبك أدوية وقائية، خصوصاً إذا حدثت النوبات بشكل متواتر.

صداع التوتر

تماماً مثل صداع الشقيقة، قد يحدث صداع التوتر على نحو أقل تواتراً مع تقدمك في العمر. لكن هذا النوع من الصداع هو ألم الرأس الأكثر شيوعاً بين كبار السن. بالفعل، يعاني 10 في المئة من الكبار في السن من صداع التوتر للمرة الأولى بعد بلوغهم الخمسين عاماً.

وبما أن صداع التوتر يرتبط عموماً بضغط العمل أو المدرسة أو الأبوّة، قد يبدو غريباً التعرض لهذا الصداع حين تظن أن وتيرة الحياة بدأت تبطأ. إلا أن التقاعد أو خسارة شخص عزيز أو المرض الطبي أو التغير الجذري في الحياة قد يولد التوتر الذي يسبب صداع التوتر.

في أغلب الأحيان، يكون صداع التوتر بمثابة حزام من الضغط حول رأسك، وقد يدوم الألم لساعات أو أيام. وإذا كان جديداً أو بدأ يحدث بتواتر أكبر، من الأفضل الاتصال بالطبيب. فالصداع الذي يحدث أكثر من بضعة مرات أسبوعياً، مثلاً، قد يعني أنك تعاني من صداع ارتدادي نتيجة الإفراط في استعمال الأدوية. وقد يسبب الاكتئاب، والتهاب المفاصل في العنق، واضطرابات الغدة الدرقية والمشاكل الطبية الأخرى ألم رأس أيضاً. وسواء كان الصداع مرتبطاً بمرض ثانوي أم لا، لا حاجة إلى تحمل الألم. فالأدوية تستطيع تخفيف النوبات أو الحؤول دونها.

الصداع العنقودي

الصداع العنقودي غير مألوف، لكن هذا المرض المؤلم يشيع كثيراً عند الراشدين بين عمر 20 و 50 عاماً. وقد تستمر في المعاناة من نوبات الصداع حين تتخطى الخمسين عاماً أو تصاب ربما بشكل مزمن من الصداع. وقد يحدث الصداع العنقودي، وإن في حالات نادرة، للمرة الأولى عند شخص كبير في السن، حتى بعد عمر السبعين عاماً.
يسبب الصداع العنقودي ألماً موجعاً وقوياً في عين واحدة أو حولها أو في مساحة الصدغ، وقد يدوم بين 45 و 90 دقيقة. ومثلما يوحي الاسم، تجتمع نوبات الصداع مع بعضها، وتحدث خلال مراحل تدوم عادة من 6 أسابيع إلى 12 أسبوعاً، تليها فترات خالية من الصداع. وتكون النوبة مصحوبة غالباً باحمرار أو دمع في العين وجريان في الأنف في الجهة نفسها المصابة بألم الرأس.

يجب لفت انتباه الطبيب إلى أي تغير حاصل في نمط المراحل العنقودية، حتى لو كان هذا التغير تحسناً. راجع أيضاً خيارات معالجتك لأن بعض العلاجات قد تستلزم المزيد من المراقبة الدقيقة مع تقدمك في العمر.

الصداع المنوّم

الصداع المنوم هو الصداع الأساسي الوحيد الذي يصيب فقط الكبار في السن. فقد تم الإبلاغ عن هذا الصداع عند نساء ورجال في عمر الأربعين. لكن معظم الأشخاص يعانون من أول نوبة من الصداع المنوم بين 65 و 85 عاماً.
يحدث الصداع المنوّم في الليل ويوقظك من النوم، ويحدث غالباً في الساعة نفسها كل مساء. يكون الألم معتدلاً إلى وخيماً وقصير المدة، إذ يدوم مبدئياً بين 15 دقيقة وساعة أو ساعتين. صحيح أن صداع الشقيقة والصداع العنقودي قد يوقظانك من النوم أيضاً، لكن نوباتهما تقتصر نادراً على الليل فقط.

هناك بعض المشاكل التي تصيب الكبار في السن قد تسبب عموماً الصداع الليلي. وهي تشمل التهاب الشريان الدماغي، وانقطاع النفس أثناء النوم، وورم الدماغ والورم الدموي تحت الأم الجافية. نتيجة ذلك، يجب التأكد من عدم وجود أسباب ثانوية لألم الرأس قبل التمكن من تشخيص الصداع المنوم. ويمكن لجرعة من الكافيين في موعد النوم أن تحول دون النوبة، علماً أن المعالجة تنطوي عموماً على أدوية مثل كربونات الليثيوم أو الإندوميثاسين.

اضطرابات الصداع الثانوية

عند الأولاد والشباب، تشكل أنواع الصداع الأولية أكثر من 90 في المئة من حالات الصداع. وعند الكبار الذين تجاوزوا 50 عاماً، تنخفض هذه النسبة إلى 66 في المئة، فيما ترتفع نسبة أشكال الصداع الثانوية. بالفعل، حين تتجاوز عمر 65 عاماً، يزداد خطر تعرضك لاضطراب ثانوي خطير مسبب لألم الرأس 10 مرات أكثر مما هو عند الشباب.
ورغم أن أشكال الصداع لا تدعو كلها إلى القلق، فإن أشكال الصداع الجديدة أو التغيرات في أنماط الصداع الاعتيادي تكون في الغالب علامات منذرة، خصوصاً للكبار في السن. فالأمراض والمشاكل التي تشيع عند الراشدين فوق عمر 50 عاماً هي المسؤولة عن معظم أشكال الصداع حين يبدو ألم الرأس خارجاً عن المألوف. ويمكن لهذه المشاكل الطبية أن تشمل:

المرض الدماغي الوعائي

حين تتقدم في العمر، تصبح أكثر عرضة للمشاكل التي تضيّق أوعيتك الدموية أو تسدها أو تسبب لها الالتهاب أو تؤذيها، ما يسدّ تدفق الدم إلى دماغك. في الواقع، إن الانقطاع الطويل لدفق الدم يمكن أن يهدد الحياة أو يسبب تلفاً في الدماغ. وحتى الانقطاعات الوجيزة في تدفق الدم قد تقلل وظيفة الدماغ وتسبب الصداع ومشاكل في الرؤية أو الكلام أو القدرات العقلية. قد يختلف الألم، حسب نوع المشكلة ووخامتها.

ضغط الدم المرتفع

يعاني 50 مليون أميركي تقريباً من ضغط الدم المرتفع، لكن العديد منهم لا يدرك ذلك. والسبب في ذلك أن معظم الأشخاص لا يكشفون عن علامات وأعراض واضحة للمرض تنذر بمشكلة. قد يحدث الصداع الكليل في الجهة الخلفية للرأس في المراحل الأولى، لكن الصداع لا يظهر في أغلب الأحيان إلا حين يصل ضغط الدم إلى مستوى مرتفع جداً ويكون قد ألحق الضرر ربما بالأوعية الدموية أو الأعضاء الحيوية. لا يعرف سبب هذه المشكلة على الدوام، لكن بعض العوامل، مثل العمر، تزيد من خطر تعرضك لها.

النوبة الغامضة السريعة الزوال والسكتة

يطلق أحياناً على النوبة الغامضة السريعة الزوال اسم السكتة الصغيرة أو إنذار السكتة لأنها تعيق مؤقتاً تدفق الدم إلى دماغك وتزيد من خطر التعرض للسكتة. أما السكتات فتعيق مبدئياً تدفق الدم لفترة أطول من الوقت وقد تؤذي دماغك.
يمكن أن تحدث النوبة الغامضة السريعة الزوال والسكتة حين تتكدس الرواسب الدهنية على جدران الشرايين وتسدّ تدفق الدم. قد يحدث الصداع قبل النوبة أو السكتة أو خلالها أو بعدها. وقد يبدأ الصداع تدريجياً أو فجأة ويكون مصحوباً ربما بضعف في الذراعين أو الساقين، وخدر أو وخز، وصعوبة في الكلام، وانخفاض أو فقدان للرؤية، وفقدان للتوزان والتنسيق. كما أن التقدم في العمر، وضغط الدم المرتفع، ومرض القلب، وداء السكر والتدخين تزيد كلها من خطر تعرضك للنوبة الغامضة والسكتة.

التهاب الشريان الدماغي

هذه المشكلة، المعروفة أيضاً بالتهاب شريان الخلية الكبيرة أو التهاب الشريان الصدغي، تصيب الكبار في السن فقط. فمتوسط العمر الذي تبدأ فيه هذه المشكلة هو 70 عاماً. تؤدي الشرايين الملتهبة إلى ألم رأس حاد وورم في فروة الرأس وألم في الفك. كما أن تضاؤل تدفق الدم إلى عينيك أو دماغك قد يسبب مضاعفات مثل العمى أو السكتة.
لا يعرف سبب التهاب الشريان الدماغي، لكنك أكثر عرضة له إذا كنت امرأة كبيرة متحدرة من شمال أوروبا. كما أن التهاب المفاصل الرثياني والتهاب مفاصل العنق والكتفين والوركين، المعروف بتعدد الأوجاع العضلية الرثوية، يزيد أيضاً من خطر تعرضك للمشكلة. وغالباً ما تنطوي المعالجة على ستيرويد قشري.

اضطرابات داخل الجمجمة

تعتبر أورام الدماغ سبباً نادراً نسبياً للصداع. لكن تكوّن هذه المجموعات من الخلايا الشاذة يصبح أكثر شيوعاً عند التقدم في العمر ويمكن أن يسبب صداعاً جديداً أو أكثر وخامة من خلال فرض ضغط على الدماغ. بالفعل، يكون ألم الرأس غالباً العلامة الأولى لنشوء ورم. وقد يبدأ صداع كليل وموجع في الصباح أو قد يعيق نومك في الليل. لكن مع الوقت، يتفاقم الألم ويصبح مترافقاً مع علامات وأعراض أخرى مثل الغثيان، والتقيؤ، وارتجاج الرؤية أو ازدواجها، ومشاكل في التوازن وصعوبات في الكلام.

وقد يكون الصداع الثابت أو المتقلب نتيجة ورم دموي تحت الأم الجافية، ما يفرض الضغط أيضاً على دماغك. وإذا كنت كبيراً في السن، قد تحدث هذه الأورام الدموية فجأة. لكن إصابات الرأس نتيجة الحوادث أو السقوط تبقى السبب الأكثر شيوعاً. ويحتمل أن تحدث هذه المشكلة خصوصاً مع الكبار في السن المصابين بضمور الدماغ المرتبط بالعمر. كما أن استعمال الأدوية المرققة للدم والشرب المزمن للكحول يزيدان أيضاً من الخطر.

آلام الأعصاب

إن ألم العصب المثلث التوائم، الذي يحدث مبدئياً بعد عمر الخمسين، ينطوي على نوبات قاسية من ألم الوجه قد تضرب على نحو غير متوقع. تنجم المشكلة عن تمزق في العصب المثلث التوائم الذي ينقل الإحساس من مساحات في وجهك إلى دماغك. وقد تدوم النوبات من بضع ثوانٍ إلى دقيقة تقريباً علماً أنها قد تنجم عن الكلام أو تنظيف الأسنان أو الحلاقة أو وضع الماكياج أو أي شكل آخر من تحفيز الوجه.

أما ألم العصب بعد الحلئي فهو ألم عصب آخر يصبح أكثر شيوعاً مع التقدم في العمر. وهذه المشكلة هي مضاعفة للقوباء المنطقية، التي تحدث حين يعاد تنشيط فيروس جديري قديم داخل خلاياك العصبية. يحدث ألم حاد أو حارق أو موجع في المساحات المصابة، مثل الوجه، بعد فترة طويلة من شفاء طفح القوباء. ورغم أن كل شخص مصاب بالقوباء لا يتعرض بالضرورة لألم العصب بعد الحلئي، لكن تعرضك لهذه المشكلة يصبح أكبر إذا كنت كبيراً في السن.

أمراض العنق والعينين والفك

يمكن للصداع الكليل والمستمر، خصوصاً في الجهة الخلفية للعنق، أن ينجم عن القسط الفقاري العنقي، وهو مشكلة ناجمة عن تلف غير طبيعي للغضروف والعظام في عنقك وانضغاط لواحد أو أكثر من جذور الأعصاب. في الواقع، إن عامل الخطر الأبرز للقسط الفقاري هو الشيخوخة. فصور الأشعة السينية تكشف عن علامات ضمور في شوكة العنق لدى 70 في المئة من النساء و 85 في المئة من الرجال في عمر الستين عاماً، ما يشير إلى أن العديد من الكبار في السن مصابين أو سوف يصابون بالقسط الفقاري العنقي.

أما استسقاء العين (الماء الأسود) فهو مرض عين يصيب 3 ملايين أميركي تقريباً، معظمهم تجاوز الخمسين عاماً. هناك عدة أنواع من استسقاء العين، لكن هذه الأنواع كلها تسبب ازدياداً في الضغط داخل مقلة العين ما يتلف العصب البصري. وفي استسقاء العين الحاد، قد يتحول الألم الوخيم والمفاجئ، خلف عين واحدة عادة، إلى صداع شامل.

من جهة أخرى، يمكن للصداع الذي يرافق ورم الفك أو الوجع الكليل في الجهة الأمامية لعينيك وصوت الطقطقة أو الصرير عند فتح فمك أن يعني وجود مشكلة في مفاصلك الصدغية الفكية. فهذه المفاصل تصل عظم فكك السفلي بجمجمتك. وقد ينتشر الألم والورم من المفاصل الصدغية الفكية نتيجة البلى الطبيعي أو التهاب المفاصل أو الإصابة أو الإجهاد أو أطقم الأسنان المركبة بصورة سيئة.

اضطرابات الأيض

يمكن لاضطرابات الأيض مثل فرط نشاط الدرقية وقصور الغدة الدرقية أن تسبب خللاً في توازن الهرمونات التي تتحكم في العديد من وظائف الجسم، ما يسبب التعب والضعف والغثيان وألم الرأس. وقد يكون الصداع أيضاً عارضاً على فرط نشاط جنيبات الدرقية، وهي مشكلة تؤثر في مستويات بعض المعادن في دمك وعظامك. والواقع أن داء السكر، وضغط الدم المرتفع وبعض أمراض الكلى قد تفضي إلى مشاكل مثل قصور الكلى المزمن أو مرض كلى المرحلة الأخيرة. وترتبط الكلى التالفة بعدد من الأعراض، منها الصداع.

التأثيرات الجانبية للأدوية واستعمالها بإفراط

إن العديد من المشاكل والأمراض الشائعة في الشيخوخة تحتاج إلى أدوية قد تسبب صداعاً خفيفاً أو معتدلاً. فالصداع هو تأثير جانبي شائع للأدوية الموصوفة لمعالجة ضغط الدم المرتفع، ومرض القلب، والانتفاخ، والقرحات، والاكتئاب، وداء باركنسون وسن اليأس. كما أن العقاقير الشائعة، مثل مسكنات الألم ومزيلات الاحتقان، قد تكون أيضاً مصدراً لألم الرأس المزمن – خصوصاً إذا أفرطت في استعمالها. يعرف هذا النوع من ألم الرأس اليومي بالصداع الارتدادي لأنه يحدث (يرتد) حين يختفي تأثير الأدوية. في الواقع، إن الكبار في السن، الذي يتناولون غالباً عدة أدوية لمعالجة الأمراض والمشاكل المزمنة، هم الأكثر عرضة لهذا النوع من الصداع.

تعديلات في المعالجة

إذا أصبت بنوع من الصداع بعد عمر 50 عاماً لم يسبق أن عانيت منه أبداً أو لاحظت تغيرات في نمط الصداع الذي تعاني منه منذ سنوات، ننصحك بمراجعة الطبيب. ورغم أنه لا يوجد داعٍ للقلق، من المهم مراجعة العلاجات الحالية لصداعك للعثور على الطريقة الأفضل والأكثر أماناً لتخفيف ألم الرأس أو الحؤول دونه.

إذا عانيت من صداع شقيقة أو صداع توتر عرضي، يكون تناول مسكنات الألم الشائعة فور ظهور أول علامة لألم الرأس أفضل طريقة عموماً لوقف الصداع أو تخفيفه. لكن إذا كان الصداع أكثر تواتراً أو أكثر صعوبة في المعالجة، يجب الحدّ من بعض الأدوية أو استبدالها ببدائل بسبب المضاعفات المحتملة المرتبطة بعمرك أو حالتك الصحية الإجمالية أو الاثنين معاً.

فالإفراط في استعمال العقاقير الشائعة، مثل الأسبيرين والإيبوبروفين والنابروكسين قد يسبب الغثيان، وألماً في المعدة، ونزفاً أو قرحة في المعدة، خصوصاً عند الكبار في السن الذين قد تكون هذه العقاقير أكثر سمية بالنسبة إليهم. كما أن مسكنات الألم التي تجمع الأسيتامينوفين مع باربيتورات أو عقار أفيون أكثر قوة ترتبط عن كثب بالصداع الارتدادي.

أما الأدوية الموصوفة المصممة خصيصاً للتخفيف من ألم صداع الشقيقة أو صداع آخر مزمن فقد تفرض مضاعفات أخرى. بالفعل، يعمل بعض هذه الأدوية على تقليص الأوعية الدموية. لكن تقليص تدفق الدم إلى الرأس والقلب قد يكون خطيراً إذا كنت تعاني من مشكلة طبية تسبب أصلاً ضيقاً في الأوعية الدموية. نتيجة ذلك، لا يوصى عموماً بهذه العقاقير إذا كنت تعاني من عدد من المشاكل الشائعة بين الكبار في السن، مثل ضغط الدم المرتفع والسكتة ومرض الشريان الإكليلي.

لذا، فإن الستيرويدات القشرية، التي تستعمل لتخفيف صداع الشقيقة والصداع العنقودي، لا تبقى خياراً صالحاً للكبار في السن. فهي قد تسبب تأثيرات جانبية خطيرة مثل القرحة أو تزيد ضغط الدم. كما أن الاستعمال الطويل الأمد لهذه العقاقير قد يسبب أمراضاً في العين مثل الاستسقاء أو إعتام عدسة العين (الماء الأزرق) ويضعف جهاز المناعة لديك، ما يجعلك أكثر عرضة للالتهابات.

ورغم ذلك، لا تعني هذه القيود أنك ستعيش مع الألم. بالفعل، يمكن دمج جرعات منخفضة من العقاقير المسكنة للألم مع علاجات خالية من العقاقير، مثل ضبط التوتر والمعالجة بالاسترخاء للمساعدة على تخفيف وخامة الصداع عند حصوله.

تجدر الإشارة إلى أن بعض الأدوية المستعملة لمعالجة مشاكل طبية أخرى، مثل ضغط الدم المرتفع والاكتئاب وداء الصرع، يمكن استعمالها للحؤول دون أنواع مختلفة من الصداع. وتشمل هذه الأدوية قامعات بيتا، ومضادات الاكتئاب الثلاثية الدورة والعقاقير المضادة للتشنج. غير أن الجرعات تبدأ بمستويات منخفضة وتزداد تدريجياً لمعرفة كيفية تفاعل جسمك. فحين تتقدم في العمر، يصبح من الأصعب على جسمك أن يهضم الأدوية ويتخلص منها. كما أن المشاكل الصحية الموجودة قبلاً، مثل داء الربو أو داء السكر أو مرض القلب، قد تحدّ من استعمالك لهذه العقاقير أو تقضي على خيار استعمالها أساساً.

أما العقاقير الجديدة للألم المصممة لتوليد تأثيرات جانبية أقل فتوفر المزيد من الخيارات للكبار في السن. فعلى سبيل المثال، قد تعفيك قامعات COX-2 مثل السيليكوكسيب (Celebrex) والروفيكوكسيب (Vioxx)، من استعمال الأسبيرين أو الإيبوبروفين مع احتمال أقل لإيذاء المعدة وبطانة المعدة. لكن تبرز الحاجة إلى أبحاث إضافية للتأكد من هذه الفائدة واختبار التأثيرات الطويلة الأمد لهذا العقار.

في السنوات الأخيرة، اكتسبت العلاجات الخالية من العقاقير، مثل التدليك والوخز بالإبر، شعبية كبيرة بصفتها مكملة لمعالجة الصداع التقليدية، خصوصاً عند الأفراد الذين يعانون من مشاكل طبية تمنع استعمال الأدوية أو تحدّ منه. لكن قبل استعمال أية معالجة، إستشر طبيبك للعثور على الخيار الملائم لعمرك وصحتك الإجمالية.

اسأل طبيب مجاناً